روايات

رواية قلوب منهكة الفصل السادس 6 بقلم جهاد وجيه

رواية قلوب منهكة الفصل السادس 6 بقلم جهاد وجيه

رواية قلوب منهكة الجزء السادس

رواية قلوب منهكة البارت السادس

قلوب منهكة
قلوب منهكة

رواية قلوب منهكة الحلقة السادسة

بهدوءٍ نقع بين طيات القلوب، لوهلة نندم لإستسلامنا ونحاول الرجوع ولكن الوقت لا يداهمنا ولا يسعنا للهروب، لكن تلك اللذة التي نشعر بها بقلب من وقعنا به كفيلة لتفقدنا الوعي الداخلي، نرى فقط الأمور المُزهرة والأحلام الوردية وهذا بفضل الحب ……
بمجرد دخولها لغرفة تبديل الثياب أطلقت تنهيدة طويلة وكأنها لم تحصل على انفاسها لعامٍ كامل، وقفت مُستندة بظهرها على الباب وهي ممسكة بثيابها، كان خجلها من نفسها هو سيد تلك اللحظة، تتمنى الآن صفع ذاتها عدة صفعات على ضعفها، منذ متى وهي بهذا الضعف!، لمجرد أنه جعلها تجري لدقائق أو لكم هذا الكيس البغيض كادت تذرف الدموع!!، كيف تبدو طفلة أمامه الآن!!، شعرت بنفسها بعد فوات الآوان، علمت أنها كانت تبدو كطفلة تُعنفها والدتها، يالا سذاجتها، أنتهت من تبديلها لثيابها وخرجت، وقفت أمامه تفرك يديها محاولة للتخلص من خجلها، تتمنى الآن أن تبتلعها الأرض حتى لا تسمع صوت ضحكاته الساخرة منها، لم تنتبه أنه أصبح على مقربة أكبر منها بل وأمامها مباشرة لا يفرقه عنها سوى بعض إنشات، رفعت عينيها بعد تأنيب دام لدقائق تفاجأت بإنعدام المسافة بينهما فحاولت الإبتعاد ولكنه مقررًا رفع الإشارات لعقلها لدفعها للخجل أكثر وأكثر ….
ماجد بهمسٍ أمام أذنها : خدودك بقت شبه التوت البري
لم يعطيها ثانية للإبتعاد وجذب خصلة من شعرها ولفها برفقٍ على إحدى أصابعه وعاود همسه من جديد بنبرة يغلفها الشجن : وأنا بصراحه بعشق التوت البري وبأكله بطريقه خاصه بيا وبس
فرت من أمامه هاربة فور علمها بمقصده، وجوده بالقرب منها لن يفيدها بل سيودي بها لحفرة تمنت طيلة عامين الخروج منها، لما ينبض قلبها الآن بقوة عكس أول مرة!، لم يمضي سوى يومان فقط وأصبحت مُخدرة للذهاب خلفه لأي مكانٍ يريده!! ، لما الآن يحثها عقلها وقلبها معًا على المواصلة معه وهي حتى لا تعلم لأي طريقًا هي ذاهبة!! …….
********************
بطوكيو وتحديدًا بالعاشرة مساءً، بزاويةٍ مظلمة بالمطعم ولكن كل ما بها يدل على أنه عشاءً لعاشقين!!، فضل الإنعزال بها بالظلام حتى لا ترى نظراته التي تفترسها، من قرارة نفسه سيفرض حبه عليها، سيجعلها تعشقه وتتمناه حتى بوقت منامها، سيتوجب عليها البقاء معه لأجلًا غير مسمى، الظلام أفاده كثيرًا حتى لا ترى عينيه عندما يتحول لونهما للأسود القاتم من فرط تفكيره ورغبته بها…..
بالطرف الآخر كان الملل يأخذ مجراه منها، ظنت أنه سيتحدث في شتى المواضيع ولكنه منذ وطأت قدماهم المطعم لم تنفصل شفتاه بحرفٍ واحد، ولم يكتفي بذلك فقط بل وضعهم بركنٍ مُظلم وهادئ بعيدًا عن الجميع، لا تنكر إعجابها بهذا الجو الرومانسي اللطيف ولكن هي لم تعتاد الملل والصمت، قررت كسر حاجز الصمت عندما رأته يحكم قبضته بقوة حتى أبيضت انامله من شدة الضغط عليها، أنعكس الضوء على عيناه فرأتها تتحول تدريجيًا كالظلام حولهم وهذا دفعها للإطمئنان عليه.!..
نورسين بنبرة قلقة : أنت كويس !؟
مهند محاولًا إخراج صوته: ايوا وأنتِ !؟
نورسين بابتسامه: ايوا
مهند بغموض : نورسين عرفيني عنك أكتر وعن حياتك
لا تنكر أنها صُدمت من طلبه ولكنه جيد لينسحب الملل من جلستهم، وهي لا تدري أيضًا ماذا ستحكي فمن المفترض أنه يعرف عنها الكثير..
نورسين بهدوء والبسمة لا تفارق شفتيها: مفيش أي حاجه مثيرة في حياتي، يمكن لو كان حد في حياتي فاهمني وجنبي كانت هتكون كويسه إلا حدًا ما، بعد وفاة ماما وبابا وجدتي بعدهم صفيت لواحدي، الروتين اليومي مُرهق بطريقة مؤذية، بحب السفر وكان أول أحلام سفري هي طوكيو والحمد لله أتحققت، مش بحب الهدوء ولا الصمت على العكس تمامًا بس رغم كدا بحب الجو الهادي، حياتي عادية
مهند ببسمة: والشخص اللي مستنياه يفهمك وجنبك دا يبقى مين !؟
نورسين بتنهيدة: شخص شبه بابا في حبه لماما وليا
مهند متشجعًا: وإيه مواصفاته بالنسبة ليكِ؟
نورسين مستندة بأريحة على المقعد خلفها: مش حكاية مواصفات ولا حاجه، يكفيني أنه يكون بيحبني، يخاف عليا حتى من غضبه، حتى لو قولت ليه امشي يبقى عارف إن قصدي خليك جنبي، يفهم كوني متقلبة المزاج بس سهل تكسبني بكلمة، مرة بابا وماما اتخانقوا وسمعت صوتهم لأول مرة عالي فجريت على الأوضه لقيت ماما قاعده على الأرض وبابا حاضنها وبيقول ليها مينفعش ننام في ليلة وأنتِ زعلانه، لأني لو قدرت أسيبك يوم حتى لو كنتِ أنتِ الغلطانه يبقى هقدر أسيبك سنه، قالها كمان كل البيوت فيها مشاكل بس المشكله الأكبر أنهم يسمحوا للمشاكل دي تهد حبهم وعيلتهم وتفرقهم، بعدها باس رأسها وشالها حطها على السرير وقال لها حقك عليا مهما عملتِ فيا وزعقتي مش هتقل مكانتك أبدًا عندي لأنك عمود البيت دا، كنت كبيرة وقتها كفايه لأفهم كلام بابا ومن وقتها وأنا بدعي ربنا في كل دعوة بزوج زي بابا
كان يراقب كلماتها ببسمة تتسع ببطء، كيف لأمرأة ناضجة أن تمتلك عقل صغيرة ملائكية وقلب أنثى عميق، تحمل من النضج ما يكفي ومن الطفولة ما يكفي، لاشك أنها طفرة خاصة!!، حينها قرر الجزم بأنها فقط ستكون له مهما كلفه الأمر ! حتى وأن كانت لا تعرف بحبه للآن !….
مهند بنبرة تحمل الحب والعشق فقط: مش يمكن قريب منك وأنتِ مش شيفاه
نورسين ببسمة: لو قريب مني يبقى لازم يعرفني لأني من غير ما أحس هحبه وأقع فيه لو هو مقدر ليا
مهند بهدوء عكس المشاعر التي تتضارب داخله: ليه متقدميش أنتِ فرصة تبرهني ليه أنك محتاجاه
نورسين بتساؤل: مش فاهمه كلامك
________________________
وصلت رزان للمنزل وصعدت غرفتها بسرعة دون الإلتفات له، بدلت ثيابها وجلست بدفترها أعلى الفراش تسرد له ما مرت به اليوم، لا تعرف ما هذا الشيء بداخلها الذي يجذبها نحوه، لا تنكر أنها عاشت مثل تلك المشاعر من قبل ولكنها الآن أقوى من ذي قبل، تحاول صرف تركيزها عن لمساته لها، كل شيء به يتسرب لها بسلاسة وحبور، سرحت بتفاصيله، بداية من شعره الأسود اللامع، حدقتيه التي موقنة أنها تتسع عندما ينظر إليها، شفتيه التي لا تتحرك كثيرًا ورغم ذلك تشعر أنها تُرسل لها حديثًا خاص بها، تشعر بشيء يؤلمها ولكن هذا الألم بمتعة خاصة ورائعة، على ثغرها بسمة تحسستها بأناملها وتمنت دوامها من كل قلبها، هل أحبته!؟ …..
********************
دلف ماجد للمنزل الخشبي بعدما أوصلها للبيت، بدل هو الآخر ثيابه لسروال قطني أسود وكنزة بيضاء ترسم عضلات صدرة السداسية التي رغم توقفه عن الرياضة لمدة ولكنها مازالت بقوتها وصلابتها، ألقى بجسده أعلى الفراش وذهب مع عقله بدوامة جعلته يبتسم بعشقٍ، يتذكر الذبذبات الزرقاء بعينيها، تورد وجنتيها عند الغضب والخجل والتوتر والإبتسام، تذكر سنفونية العزف بصوتها الرائع، وبالنهاية قادته مُخيلته لخصلاتها الفحمية التي تسقط مسترسلة لأسفل ظهرها، ابتسم بهدوءٍ لأول مرة منذ مدة طويلة يبتسم قبل نومه لأنثى غير والدته!، هل يا ترى أحبها؟!…..
*******************
حاول مهند تجميع أفاكره ليأخذ موضعه بقلبها منذ اليوم، سيبدأ بالتسلل لأفكارها ببطء كمخدرًا يمنعها من النوم دون الحصول على جرعتها ألا وهي التفكير به وبدأ خطته بسؤالها: يعني لو كنت الشخص دا أنا هتقدري تحبيني ؟!
عقدت نورسين حاجبيها بعدم فهم : مش فاهمه بردو
مهند موضحًا لها: يعني لو أنا اللي كنت بحبك بالطريقة دي هتحبيني؟!
لم تقدر نورسين على تغليف صدمتها من حديثه ولا صدمتها من إعترافه لها ولكنها حاولت مجاراته في حديثه : وليه محبكش طالما بتحبيني بالطريقة دي بس توضيح صغير ليك، مفيش حد هيقدر يحبني بدرجة حب بابا لماما
مهند بعند وغيظًا منها: هنشوف يا نورسين
نورسين بتحدي: ومالو يا مهند بس يا ترى أنت بتتحداني ولا بتسلي وقتك ولا تكونش فعلًا
مهند بشبح ابتسامه: يمكن !
نورسين بعدم فهم لغموضه: يمكن !
قضوا ما بقى من الأمسية بصمتٍ تام ولكن كلًا منهما داخله زوبعة من المشاعر والتخبط، كانت نورسين تتذكر حديثه وتُعيده بعقلها مرارًا وتكرارًا، لا تعرف ما الذي يقصده، هل يمكن أن يحبها !؟، إلى الآن لم تنسى ما مرت به ولم يعرف به أحدًا، عادت بذاكرتها لهذا اليوم المشئوم يوم وفاة والديها، غاص عقلها بماضٍ حاربت لمحوه والتظاهر بنسيانه ولكن كيف لها وكل ما حولها يُعيدها إليه، لن تنكر إعجابها بمهند وخاصة بمعاملته لشقيقتها، لطالما تمنت شقيقًا مثله بحياتها ولكن هل سيمحو حبه الزاعم لماضيها الكارثي!!!….
” طفلة بالحادية عشر من عمرها، صوت صراخاتها يشق صميم القلب ويثقب الاذان الصاغية، جلست تحتمي بدميتها التي تركها لها والديها، تزيل دموعها بظهر يديها بعنف، لم تختبر تجربة الصوت المرتفع ولا البكاء من كلا والديها من قبل ولكن بنفس يوم ذهابهما عاشته وتألمت منه، تجرعت كأسًا لا بأس به من الخذلان في هذا اليوم، تحسست رسغها والدماء التي تقطر منه بغزارة وابتسمت وسط عَّباراتها، لا تعلم لما الجميع تركها فجأة ولما أيضًا داهمتها مرارة الأيام بنفس الوقت، ذهب من كانت تحتمي بهم وتهرول عليهم ليسقطوها بوابلٍ من القُبلات والأحضان، تركها من سهر على راحتها دومًا، تخلى عنها أحب البشر لقلبها وصُفت بالأخير تبتسم لدمائها، دارت الأسئلة المؤذية بعقلها ولكن تصدرهم سؤالٍ واحد وعُلِقت إجابته إلى الآن داخلها ولم تجد لها طريق، لما فعلوا بها هذا الفعل الشنيع ؟!!”
_ أنتِ كويسه ؟!
كان القلق يسيطر عليه ويحرقه، رؤيتها هكذا تشعل فتيل روحه، عينيها كانت تغوص وتتعمق ببئرٍ يبدلها إلي الأسود، كانت حدقتيها تضيق وتتسع بغرابة وألم!، حاول معرفة ما بها ولكنها لم تستمع لنداؤه، فمد كفه ليعرف طريقه لأصابعه، شعر برفرفة أجنحة فؤاده وانتشاء وجدانه من ملمسها، حاول كبح رغبته في القبض على أصابعه وتقبيلها واحدًا تلو الأخر بصعوبة، لاحظ أنها لازالت شاردة فتشجع وأمسك بكفها بين راحتيه وحينها فقط أدرك أنها وعت لتواجده ..
= ايوا، عن إذنك
لم تعطيه الكثير ليستوعب ردة فعلها، حملت حقيبتها وخطت خطواتٍ أشبه بالركض، تعجب من تحولها المفاجئ وشعر بغصة تتكون بحلقة نتيجة رؤيتها متألمة هكذا وهو لا يعرف السبب وراء هيئتها تلك، فضل تركها لتستعيد نفسها وهكذا سيكون أفضل لهما …….
___________________________________________________________________
في منزلٍ أو بالأصح مملكة هذا أقرب وصفًا لهذا المكان، مملكته هو، صعد جناحه بخطواتٍ واثقه، كان الجناح أقل ما يُقال عنه أنه مُرعب ومُفزع، غرفة تملك منها اللون الأسود، الجدران، الستائر، الأرضية، الفراش، النوافذ، كل ما هو بها أسود فقط، رغم فخامة أثاثها القليل إلا أنها قاعًا مخيف، بدل ثيابها بوقتٍ قليل وتمدد على الأريكة السوداء المقابلة للفراش، دار بعقله لما حدث منذ عامين وفرض عليه التواجد هنا ومع هؤلاء البشر ولكن أليس للبشر بقلوبٍ!، ولكن هؤلاء منزوعين القلوب والرأفة والرحمه، وهو أصبح نسخة منهم وبل سيدهم والأمر الناهي عليهم….
” كانت ممسكة بكتابها بعد خروجها من المحاضرة، تسير في الرواق المؤدي للخارج، لم ينتبه لوجودها إلا عندما أصدمت به ووقع كتابها ولم تنحني لأخذه بسبب ألم جبهتها أثر إصتدامها به، تأمل هذا الملاك البادي أمامه بتعجبٍ وشغف، ركز نظره على شفتيها ولم يعطي لنفسه فرصة للتفكير كثيرًا، أقترب منها وسط غضبها وبثانية كان أسير حبتي الكرز خاصتها، وسط مقاومتها الشرسة التي راقت له!، مد يديه ليحيط بوجهها ليصبح هو المسيطر على حركتها وأسندها بقوة على الجدار خلفها، كانت شفتيه تلعب بنغمات مدروسة على خاصتها، تعمق بقبلته ولم يأبه لرفضها ولا محاولاتها المستميتة لردعه، تعمق أكثر وأخذ شفتيها بين خاصته بقبلة بنوعٍ خاص ومذاقٍ خاص، كان يقبلها بقوة تصف إلتهاب مشاعره واحتراق رغبته بها، قربها له أكثر بالضغط على عنقها الظاهر من بين خصلاتها، شعر بهروب أنفاسه من داخله ولكنه لم يبتعد بقى محاصرًا شفتيها لدقائق مرت عليه كالدهر، ولكن عندما شعر بقواها تضعف أبتعد عنها بصعوبة ومسح على شفتيها برقة عكس قبلته الوحشية التي انتهى منها، كان يشعر بالنعيم لا بل بالانتشاء الكامل وكأن شفتيه لم تخطو لأنثى من قبل، لم تعطيه فرصة ليستوعب كما لم يفعل معها وأحس بأصابعه تُرسم على كلتا وجنتيه بصفعتين لم يسبق له تجربتهما من قِبل أحد، دفعته عنها وأمطرته بوابلٍ من الشتائم والقذائف ومرت من أمامه بسرعة ولهفة للبكاء”
تحسس وجنتيه ببسمة عذبة عكس حقيقته وغابت عيناه لفترة ببن جفنيه، عاود فتح جفنيه وقد اختفت بسمته وأحل محلها رعشه طفيفة بشفتيه توضح مدى غضبه وتوتره، همس جاك بصوتٍ يكاد يسمع: هاتان الشفتان لي وستعلمين كيف سأستردهم من جديد رُغمًا عن الجميع ……

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب منهكة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى