رواية قلوب منهكة الفصل السابع 7 بقلم جهاد وجيه
رواية قلوب منهكة الجزء السابع
رواية قلوب منهكة البارت السابع
رواية قلوب منهكة الحلقة السابعة
وقعتُ بكَ، ابتسمت لذكراك وعدت لكَ
جففت أحزاني بلهيب كذبكَ، َضمتُ جراحي
براحه شفتيكَ، والآن أعود إليكَ فلا ملجأ لي
سواك!…..
نزلت رزان لتناول العشاء مع والدها، تقدمت منه وقبلت مُقدمة رأسه بحب وكذلك يداه، جلست بمقعدها شاردة تعبث بطبقها ولم تنتبه للذي أتى وجلس بالمقعد المقابل لها ويراقبها باستمتاع وتشفي!….
والدها بصوتٍ عالٍ ليخرجها من شرودها : رزان مش بتأكلي ليه يا حبيبتي
رفعت رزان نظرها والتقطت عيناها الجالس يأكل بنهم قِبالتها، لصدمتها أوقعت الملعقة الخاصة بها وفاقت على أثر إصتدامها بالأرضية بعنف، حاولت إخراج صوتها ولكنه خانها وخرجت حروفها هامسه : أنا كويسه يا بابا
حاول ماجد العبث معها قليلًا واللعب معها ورفع درجة توترها ليحصل على المزيد من حمره خجلها المحبب له : بتقولي إيه يا رزان عمي مسمعكيش كويس
راقبت رزان نظراته الماكرة لها ونظرت لوالدها ورسمت بسمه هادئة على ثغرها : بابا أنا كويسه بس مش جعانة، هطلع في الجنينه شوي واتصل بمهند أطمن عليه
أومأ لها والدها برأسه دون الحديث معها، خرجت رزان هاربة من توترها المفرط الغير معلوم سببه بالنسبة لها أو الذي تحاول عدم الاعتراف به أمام نفسها !!
********************
صعدت نورسين غرفتها بسرعة ملحوظة، أغلقت الباب بعنفٍ وألقت حقيبتها بإهمال، استندت بظهرها على حافة الشرفة لتنعم ببعض التنفس الذي أفتقدته من قليل أثر موجة ألمها، وضعت يديها على وجهها وأجهشت ببكاءٍ قاسٍ لها، كان بكاؤها لكل شيء مرت به ولم يعلم به أحدًا إلى الآن، ودت لو تخبر رزان بما بجعبتها من ندبات لتحظى ببعض الراحة ولكنها لم تقدر على لفظ وسرد ما حدث مجددًا، كانت شهقاتها تعلو شيء فشيء وتزداد وتيرة أنفاسها إضطرابًا من شدة إنفعالها، جسدها يرتعش بدرجة أفقدتها الأمساك بزمام حزنها، بكت بمرارة وحسرة لماضٍ مليء بالظلمة والقسوة التي عاشتها عقب رحيل والديها، لم تساندها قدماها على الوقوف وخارت قواها وجلست بضعفٍ تفترش الأرض حسرة وألم ……
********************
صعد مهند غرفته بعد ساعتين من فرارها منه، وقف أمام غرفتها أولًا يجاهد نفسه للطرق والإطمئنان عليها ولكن نصحه عقله بضرورة تركها الآن، دلف غرفة وألقى بهاتفه أعلى المنضدة بلا اكتراث ودخل الحمام لينعم ببعض الماء الدافئ الذي يهدأ من متاهة تفكيره بها، ارتدى ثيابه وخرج وتذكر أنه لم يحادث شقيقته حتى الآن ومن المؤكد أنها غاضبة منه، كيف لمعشوقته والتفكير بها أن يحجب شقيقته من عقله!، ألقى نظرة على هاتفه فصدم بكم المكالمات الفائتة والرسائل المتوعدة له منها، وسط دهشته أنار هاتفه باسمها فأخذ نفسًا عميقًا استعدادًا لوصلة من الشتائم سيتلقاها على لسانها الغاضب …..
_ أنتَ يا استاذ إزاي متكلمنيش لحد دلوقت هاا، مين اللي واخده عقلك وخليتك تنساني، شوف كنت بتتسرمح مع مين وسايبني هنا، والله لأقول لبابا على قلة أدبك دي يا مهند الزفت، أنت مبتردش ليه ولا القطه أكلت لسانك هاااا
مهند بضحك على غضبها
: أنتِ حتى سايبه لنفسك فرصة تبلعي ريقك يا مفتريه
رزان بغضب وغيظ منه
: ملكش دعوه دلوقت وقولي مكلمتنيش تطمني عنك ليه ولا حتى نورسين أفتكرتني
مهند بتنهيدة نادمة على نسيانه لها
: والله يا حبيبتي غصب عني نسيت وأول ما فضيت كلمتك أهو
رزان بتهكم وسخرية
:لا يا شيخ ما أنت لو مهتم كنت كلمتني أول ما وصلت
مهند باستنكار منها
: يبنتي أو لو أتجوزتك وغدرت بيكِ قوليلي
رزان بغضب ولوم
:وبعدين سايبني مع صاحبك الغول دا لواحدي، دا هد حيلي منكوا للله
مهند بتساؤل وتعجب
: ماجد مالو عملتي فيه إيه
رزان بصراخ
: أنت خايف عليه
مهند بضحكٍ على عضبها
:أصلي عارفك يا زان
رزان بغيظ وجهها يكاد ينفجر غضبًا منه
: عارف لو أنت قدامي كنت عرفتك إزاي تتريق عليا، صاحبك بهدلني يا مهند
قالت أخر جملتها بصوتٍ أقرب للبكاء، فهي اشتاقت له كثيرًا ..
مهند وهو على علمٍ بما فعله ماجد بها ويعلم كل العلم أنها اشتاقت له مثلما هو أفتقدها وبشده
: بصراحه تستاهلي والواد ماجد دا طلع مفيش منه يشيخه دا قدر عليكِ، دا أنا لما هنزل هصرف ليه مكافأة خصوصي
رزان بزهول منه وغضب
: روح إلهي أشوفك أنت وهو مش لاقين قطع غيار ليكوا يا بعيد منك ليه
مهند بضحكٍ حتى أدمعت عيناه ويتمنى رؤية وجهها الآن : ماجد دا قلبي يا زان ملكيش حق وبردو أنا أخوكِ حبيبك
رزان بصراخ بالهاتف: حبك برص برأس كلبه يا مهند أنت والغول اللي جوا دا
أغلقت رزان الهاتف بغضبٍ وغيظٍ من شقيقها، كانت تأكل بخطواتها الأرض ذهبًا وإيابًا في توتر، ذهنها أصبح كثير الشرود هذه الأيام ولم تنتبه مجددًا للواقف خلفها ممسكًا بثمرة التفاح ويأكل منها بشغفٍ ونهم، وضع يده في جيب بنطاله الرمادي وتمعن بمظهرها الخالي من أية مظاهر تجميل وهي في أبسط أحوالها، كانت ترتدي بنطالًا بيتي يصل لأسفل ركبتها باللون الأزرق السماوي، وكنزة بيضاء شفافة تبرز بياض عنقها الفاتِن، وأخذ الهواء مأخذه منها ولعب بخصلاتها السوداء، ليرسموا كتلة من البساطة والفِتنة على هيئة أنثى صغيرة رائعة…..
زران متعجبه من تطلعه بها بتلك الطريقة الغريبة: أنتَ واقف بتعمل إيه هنا
ماجد وقد انتبه لها وعلم أنها فاقت من شرودها وراته: قررت اطلع أشم شوية هوا وفي نفس الوقت اسمع اللي بيتقال عني
رزان بتوتر من نظراته وصوته العميق: قصدك إيه
ماجد ببسمة تشفي منها: مش أنا الغول اللي مبهدلك ويارب ما يلاقي قطع غيار ليه
رزان بتهرب منه : أنا ..أنا
ماجد بسخرية منها: إيه بس هي القطه كلت لسانك ولا إيه
زران بشجاعة مصطنعه: ايوا أنت غول ومفتري و..
عجر لسانها عن التكلمة عند رأته يقترب منها وعلى بعد خطوة واحده منها ..
ماجد بتهكم: رجعنا للقطة تاني
رزان باستفزاز متناسيه توترها: القطة بتخربش خد بالك كويس
ماجد بمكر: بحب القطط الشرسه أووي
رزان بخجل وكست الحمرة وجنتيها: طب أبعد شوي عشان امشي
ماجد وهو قاطعًا المسافة بينهم: مش بحب المسافات يا زان وخصوصًا معاكِ
رزان ببلاهه وعدم فهم: معايا!، ومسافات إيه ؟
ماجد محاولًا كتم ضحكاته على حماقتها: مش بحب أسيب مسافات بيني وبينك يا زان
رزان بجهل : ليه
ماجد بهمس أمام شفتيها : عشان مبقدرش على قسوة المسافات دي
ابتعدت عنه هاربة منه ومن مشاعرها الثائرة أمامه، تنهد بعصبية وغيظ من نفسه، منذ متى يفقد قدرته على زمام لسانه، فبحكم عمله تدرب كثيرًا على كيفية التحكم بنفسه ولكن امامها تُفقد جميع حصونه، لا يعلم لما يظل قلبه يطالب بقربها والنظر لها، لم يمضي للقائهم سوى يومين والآن تجعل عقله مشتتًا بالكامل، عندما يراها لا يقدر على رفع بصره عنها، تأسره عيناها، تُلقي بسحرها وتتمتم بتعاويذها وتتركه ملعونًا بها وتذهب، ترجم عقله كل هذا بأنه لأول مرة يكون على مقربة من أنثى غير والدته رحمها الله !!…
صعدت رزان لغرفتها وأسرعت لفراشها تهرب من لعنة التفكير التي ستأتيها عاجلًا أم أجلًا، لكن عندما تذكرت نظراته لها وللعجب تبسمت وكانت بسمتها تتسع بالتدريج، لا تعرف ما هي مُقدمة عليه وما منعت نفسها منه وحذرت قلبها منه ولكنها سعيدة بكل ما يجمعها به !!……
*******************
أغلق مهند الهاتف ومازال يبتسم على غضب شقيقته وسهولة استفزازها، تذكر نورسين وحاول مهاتفتها عدة مرات ولكنها لم تجيب، زفر بغضب وتناول مفاتيح غرفته والمفتاح الإحتياطي الذي أحضره بصعوية من موظفة الاستقبال لمثل هذه المواقف، وقف أمام باب غرفتها يطرقه عدة مرات ولكنها لم تجيب أيضًا مما أقلقه عليها، فتح الباب بهدوء ومازالت يده تطرق لعلها تجيبه وتطمئنه عليها ولكنها لا حياة لمن تنادي، وقع بنظره عليها متكورة بجانب الشرفة نائمة كجنينًا صغير يحتمي من برد الشتاء بعدما هجرته والدته، اقترب منها بحرصٍ شديد حتى لا يوقظها، تأمل وجهها الذي افسدته دموعها الحزينة، حملها بخفة لفراشها، دثرها برقة بالفراش وكأنها قطعه من الزجاج الهش يخاف خدشه أو كسره، مد يديه ليسمح على وجهها بحبٍ وحنان يصف مشاعره المضطربة بسببها، لا يعلم ما أصابها وجعلها تبدو بتلك الهيئة المذرية، من يرها الآن لن يصدق أنها تلك الفاتنة التي كانت تتقدمه من ساعاتٍ قليلة….
_ لو تعرفي بحبك قد إيه، عمري في حياتي ما عرفت الحب غير لما شوفتك، كل حاجه بقت بلون تاني من وقت وجودك حتى لو بدون علمك، فاكر أول مرة شوفتك مع رزان كانت كل خلية منك كفيلة تنشر بهجه في دولة بحالها ولا لما قولتيلي أنت مبتعرفش تضحك وأنت شبه أبو الهول كدا، بس أبو الهول بقا بيضحك لمجرد ما صورتك بتمر في خياله ما بالك لو قدامه وفي حضنه يا نور قلبي !
أبتعد عن فراشها وابعد خصلاتها المتمردة عن عينيها، يعشق تأمل عينيها حتى وإن كانت مُغلقة، قبل جبينها قُبلة استغرقت عدة دقائق، بث بها كل مشاعره وحبه واشتياقه لها، أمسك كفها وطبع قبلة حانيه عليه وهمس لها بعشقٍ: كل حاجه هتكون بخير صدقيني يا نور قلبي، بحبك
خرج من غرفتها وأغلق الباب بهدوء حتى تنعم براحة ما بقى من الليل، نظر في ساعة وجدها الثانية بعد منتصف الليل، تأمل القمر الساطع بقرصه المستدير وأخذته مخيلته ألى شقيقته لابد وأنها تنظر إليه الآن لو كانت مستيقظه، أفاقه من تلك اللحظة إعلان هاتفه لرسالة من نفس الرقم المجهول بالنسبة له وما حملته تلك الرسالة جعلها بقمة غضبه وثورانه، إشتدت عروق يديه بصورة ظاهرة وعلت أنفاسه، عاد عقله نص الرسالة عدة مرات ليستنتج شيء واحد أن المواجهة باتت قريبة وستكون محزنة لأحد الطرفين، سيدخل معركة لا يعلم جوانب خصمه بها، سيوضع تحت عِقابٍ غير معلوم الأسباب، ضغط زر الاتصال لعله يجد ضالته ويهدأ من روعه وخوفه، أتاه الرد بعد دقيقة ومرت عليه كالدهر القاسِ …
مهند بصوتٍ حاد: هحكيلك كل حاجه يا ماجد
********************
_ يبنتي حرام عليكي قلبك، معلقه نفسك بحبال دايبه
=مش بأيدي، بحبه ومش عارفه احب غيره، تفتكري انا راضيه عن نفسي وانا متعلقه بيه وهو حتى ميعرفنيش وبيحب واحده غيري؟ شيفاني مبسوطه وأنا كل يوم اروح مكان شغله عشان بس اشوفوا أو المحه ؟ قلبي واجعني أوووي، أنا عمري ما طلبت حاجه في دنيتي قد ما طلبته من ربنا، بحبه …….
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب منهكة)