رواية قلوب منهكة الفصل الخامس 5 بقلم جهاد وجيه
رواية قلوب منهكة الجزء الخامس
رواية قلوب منهكة البارت الخامس
رواية قلوب منهكة الحلقة الخامسة
فراشة مُتناغمة تطوف بين الأزهار، تبحث عن إحدى اللُقاحات ….
فراشة تتهادى بهدوئها ……
فراشة تعزف بألحانها على شرايين فؤادي ……
كانت الشمس تسترسل أشعتها بهدوءٍ وتناغم بين جزيئات شرفتها الزجاجية، غفت قليلًا مع الفجر وما إن استشعر عقلها موجات الشمس حتى نهض، نهضت بصعوبة من فراشها فهي لم تنم سوى ساعاتٍ معدودة، إرتدت ثوبها الفضي المُحتشم بعناية ولم تكلف نفسها عناء وضع أية مستحضرات تجميل، وضعت ذلك الوشاح الأبيض حلو رقبتها ليساعدها على الإحساس بالدفء قليلًا، هبطت للأسفل لتجد الجميع حول المائدة وكأنهم ينتظرون قدومها، لم تتحدث على غير العادة وجلست تتناول فطورها بهدوء، تعلم أنهم ينظرون لها ولكنها كانت تتهرب بصب كامل تركيزها بطبقها الذي لم تتناول منه مِلعقة واحدة، أنتشلها من تفكيرها دخول ماجد ليقل شقيقها للمطار، أقتربت منه وأحتضنته بشدة كما لو أنه طفلها وليس شقيقها الأكبر ….
مهند مُشيحًا وجهه بعيدًا عنها : يلا يا ماجد نور هتستنى في الطريق
رزان وهي تحارب دموعها : أنا هاجي معاكوا
مهند بتساؤل : ليه يا حبيبتي
رزان: عشان أشوف نور
لم يجادلها فلقد بدت مرهقة ووجهها شاحبًا، يعلم أنها لم تنم وهذا واضح من تلك العلامات تحت عينيها، انضمت لهم نورسين في الطريق وظلت الفتيات طوال الطريق يتحدثون بمختلف المواضيع، لم تشأ رزان إزعاج صديقتها ففضلت التصنع أنها بخير، تعلم ندى سعادة صديقتها بهذه السفرية العابرة، هبطت تودعهم مجددًا بعناقٍ حارٍ لتختزن رائحتهم داخلها لخين عودتهم فهما اغلى ما تملك!!، أنتهى الأمر على خير وها هي الآن تجلس جواره بالسيارة عائدين للعمل..
ماجد بقلقٍ عليها : مالك؟
تفاجأت رزان من سؤاله: مالي
ماجد بثقه: شكلك تعبانه أنتِ نمتي كويس!؟
رزان بتهكم: دا سؤال ولا إجابه!
ماجد بسخرية من حديثها: اللي تشوفيه بصراحه
رزان بتنهيدة: لأ منمتش كويس، بتسأل ليه!؟
ماجد بغرور لا يليق لغيره: لأني كنت عاوز كدا
تطلعت إليه بدهشة، هذا الماجد سيفقدها عقلها حتمًا ولم يمضي له سوى يومين معها!! تظنه احد الكائنات القادمة من الفضاء الخارجي، متقلب المزاج دومًا هذا الماجد الدخيل عليها !
ماجد دون النظر إليها : بعد الشغل في مكان لازم نروحوا
رزان باستنكار: مكان إيه ؟
ماجد ولم يحيد نظره عن الطريق: هتعرفي، ربع ساعه والفطار هيكون على مكتبك
رزان باستنكار : بس أنا فطرت قدامك
ماجد بثبات: لأ مفطرتين، قولت ربع ساعه
رزان بغضب : وأنت مالك بيا
ماجد محاولًا تمالك أعصابه: عشان أنا عاوز كدا، يلا على مكتبك وإياكِ متفطريش تاني كويس
قال أخر كلماته بصياحٍ إرتجفت أواصلها له، فرت هاربة من أمامه
_________________________
بمطار طوكيو وتحديدًا الساعة الخامسة مساءً هبطت الطائرة التي أقلتهم، لم يحاول أحدهم فتح حديثًا مع الأخر، أكتفت نورسين بوضع سماعاتها وأنصتت للموسيقى التي تعشقها وأغمضت عينيها وراحت في ثباتٍ، بينما ظل مهند طوال الرحلة يتطلع لها وهي نائمة، يا إلهي كم بدت ملامحها ملائكية، كم ود توقف الزمن عند تلك اللحظة ليبقى يتمعن بها كيفما يشاء، ولكن لم يشعر بالوقت إلا عندما سمع صوت المضيفة تخبرهم بأنهم على وشك الهبوط، والآن هم في طوكيو …!
نورسين بفرحةٍ تشع من مقلتيها : أنا مبسوطة جدا جدا
مهند وهو ينظر لها: إيه السر ورا الفرحة دي
نورسين وعينيها تشع فرحة: من وأنا صغيره كان بابا بيحكيلي عن طوكيو بحكم شغله فيها وأنها بلد جميلة وأنا كل يوم كنت بتعلق بيها أكتر ونفسي أشوفها وأتمنيت إني أول مرة أزورها تكون مع جوزي في شهر العسل، بس مش مشكله إنشاء الله تتعوض
لا يعلم لما أتته تلك الغصة بحلقة وذلك الألم الذي شعر به بقلبه، ماذا إن لم تكن له!!، بالطبع لن يسمح لها ولكن الجيد بالأمر أنها تزورها لأول مرة معه كما تمنت، أقسم بداخله أن يجعلها تعشقه ضعف عشقه لها، أقسم بجعلها تتمناه حتى بأحلامها وحينها سيهدأ قلبه عن إضطراباته، ما بالكم بعاشقٍ حد النخاع مثله يقسم لمعشوقته!
__________________________
عودة لذلك الخاسر…
تأوه بوهن وهو يدلك جبهته ويظن هكذا بأن الألم سينفر منه!، لا يعلم أن الألم هذه المرة بفؤاده! بخافقه! الذي ذاب جليده حتى ترغبه معشوقته ولكنها لم تلتفت له وعبرت على دقات قلبه لتمسك بيد رجلًا آخر! أبتسم بسخرية وهو يتذكر حلم أمس، عندما كانت بين يديه ناعمة كفراشة تتهادى بلُطفها وحسنها عليه، تجلت ملامحه بتهكم شديد، اصبح كمراهق، يظل يفكر بها طوال الليل ليراها بأحلامه! أجل يتمنى قربها ويتمنى ضمها ويرغب بحياته معها ولكنها ترفضه! بالطبع لن يجرح كبرياؤه أكثر من ذلك، لن يصغي لعقله الباطن وهلاوسه الليلة المتعبه، أجل يا سامح لابد من التراجع عن حافة الهاوية، لابد من إخماد حبك لها……
قلوبنا ماهي سوى سحابة متحررة، تسير حيث وجهها خالقنا، تعلم وجهتها تدلف لقلب نصفها الآخر بتمهل يثير اعصابه، سجان القلوب ليس بقاسِ وإنما هو كالسيف بحدته إما أن تقترب بحذر شديد لتنجو منه وإما أن تقترب بتهور يا عزيزي لتفقد ما هو مقدر لك خسارته، قلوبنا مُسيرة لمعشوقها يا عزيزي فلا تلم ذاتك …..!
# جهاد_وجيه
# قلوب_منهكه
_______________________________
كان يجلس على مقعده المخصص له والجميع يلتف حوله في سكون، لا يقدر أحدًا على رفع إصبعًا حتى ليستأذن بالحديث له، كان ينظر أمامه ببرود وملامحه لا تدل على شيء كما هو دومًا…
جاك بنبرة مُميتة : ماذا الآن
ماكس بتركيز: وصل اليوم بالخامسة مساءً مع سكرتيرته الخاصة، سيمكث في فندق قريب من مقرنا لحسن حظنا وسوء حظه
جاك بشبح ابتسامة: سنؤجل بعض الوقت
ماكس بطاعة: كما تأمر سيدي
نهض من مقعده لغرفته مباشرة، فتح الدرج المُقارب لفراشه وأخرج إطار صورة منه، مسح عليها برقة عكس حدته وقسوته، غاب كثيرًا يحدق بها دون حديث، يمرر أنامله عليها ببطء وكأنه يحفرها بقلبه للمرة التي لا يعرف عددها
” اشتقت إليكِ، لم يأتيني النوم منذ تركتك صغيرتي، أصبحتِ ناضجة كفاية لتعلمي كل شيء، أذكر تلك الأمواج اللعينة بعيناكِ كل مرة أنظر لهما أشعر وكأنها المرة الأولى، لو تعلمين كم أحبك لشعرتِ بالشفقة علي، أخطأت كثيرًا وعوقبت بكِ، لكن ليس بعد الآن صغيرتي، ليس بعد الآن”
ظل يردد أخر كلماته كثيرًا كما وأنه مختل عقليًا، ليس طبيعي فمن يراه الآن يرتعب لمجرد سماع صوته وترتجف أوتاره عند النظر إليه، يهتز بؤبؤ عيناه بطريقة تثير الدماء بالعروق، ذلك الشريان برقبته يكفي لوصف مدى أنفاعله ومدى ارتفاع الأدرينالين بجسده الآن!!
_______________________________
شرعت رزان بالعمل فهي الآن تتولى أعمال مهند التي كانت تظنها مجرد إمضاءٍ عابر فقط ولكنها الآن كامل جسدها يئن المًا بسبب الإنحناء لمراجعة الأوراق والحسابات والعقود والتوقيع النهائي عليها، أثناء إنغماسها بالعمل دلف ماجد بهدوء ليطمئن عليها ورغم طرقاته الثلاث لم تستمع له، وجدها طفلة مُتعثرة ضلت طريقها وتحاول العثور عليه بين كومة الأوراق ولكنها فشلت .!!
ماجد بثبات: خلصتي؟
رزان بنبرة طفولية: لأ
أقترب منها ووقف جوار الكرسي الخاص بها وظل يتطلع لها، خصلاتها تمرددت مجددًا حول وجهها الصغير، فمها تمطه للأمام كما الأطفال، مد يده بهدوء شديد وأرجع خصلاتها خلف أذنها وسحب يديها وأجلسها لجواره على الأريكة المقابلة للمكتب وسط دهشتها وتعجبها!!
لما يفعل هكذا معه ولما يقترب منها ولما لم تمنعه هي الأخرى، هذا ما دار بعقلها بتلك اللحظة ولكنه حتى لم يسمح لها بالمزيد من التفكير حيث قطع وصلة أفكارها بصوته العميق.
ماجد باهتمام : ها قوليلي إيه واقف معاكِ
رزان بتذمر: مش عارفه أفهم شغل مهند وكلها عقود مفروض هو اللي يراجعها بس
ماجد بحده: والمفروض أنتِ مكانه يبقى دا شغلك أنتِ
رزان وهي على وشك البكاء: بس دا صعب وكتير
نهض وأحضر الأوراق وعاد ثانية وأقترب منها ووضع الأوراق أمام عينيها وجلس على مقربة شديدة منها.
ماجد بثبات وبرود : يلا هساعدك عشان عندنا مشوار مهم
رزان بفضول: مشوار إيه
ماجد بابتسامه: هتعرفي بس تخلصي الأول
رزان بسخرية : دي إجابة مثلًا
ماجد بحده: يلا من غير كلام كتير
شرعوا بالعمل وبعد مدة قد تفهمت جيدًا ما عليها فعله وانغمست بتركيز بالأوراق غافله عن الذي تتفحصها عيناه وكأنها جوهرة ثمينة.
_________________________
وصل مهند عند مفترق الغرفتين ينتظرها فهي تتطلع لكل شيء حوليها بقزحيتين تفيضان بالشغف والتتيم، أقتربت منه لأخذ المفتاح ولكنه كان شاردًا بها، كيف لفتاة مثلها بوجهٍ ملائكي أن تتمتع بهذا المغناطيس الذي يجذبه إليه ويُلقي به تحت أنقاد قلبها طالبًا منه العفو والغفران .!!
نورسين ببسمة رائعة : هتفضل سرحان كتير
أقترب منها أكثر وبلمحة كان جسدها مُحاصرًا بين جسده، سلط كامل تركيزه على عينيها، يرغب رؤية حبه بهما، يرغب بتذوق تلك نعيم شفتيها الذي طالما أفقده عقله، تحكم بأنفعالاته بصعوبة شديدة وجالت عيناه على خصلاتها الملتفة على شكل جديلة راىعة تصل لمنتصف ظهرها، أمسك رباط شعرها وقام بنثره حول وجهها وأقترب من أذنها وهمس لها بصوتٍ رخيم.
مهند: بحبه مفرود على ضهرك وقولتلك قبل كدا
أبتعد عنها وأمسك يدها ووضع مفتاح الغرفة وذهب لغرفته وسط دهشتها، وضعت يديها على قلبها لتُسكن الطبول التي تقرع داخلها، شُل كامل جسدها أسفله منذ دقائق والآن تلك المضخة داخلها تزداد سرعة وكأنها بحلبة سباق وترغب بالتقدم، حاولت قدر المستطاع أن تلملم شتات نفسها وولجت لغرفتها .
” تتبخر جميع مخاوفي عند مرور طيف عبقك”
ماجد بجدية ” ها خلصتي؟
رزان بألم وهي تدلك عنقها: ايوا وعاوزه أنام
همست بوهن ثم هبطت أصابعها لتفرك عينيها بقوة تبرهن على مدى ألمها
ماجد ببرود وملامح جليديه: لأ عندنا مشوار مهم الأول
حاولت رزان الإعتراض والتذمر ولكن جميع محاولاتها باءت بالفشل .
رزان بغضب: ناوي توديني على فين يا ماجد
أنتبه أنها المرة الأولى التي تناديه باسمه وكم بدا رائعًا منها الآن .
ماجد بغموض: هتعرفي قريب
لم تُجادله كثيرًا، لم يمضي سوى يومان فقط وظهرت تحكماته السليطة، كل ما دار بخلدها هو أن تتبعهُ فقط لتتجنب صراخه الذي يوقظ أبشع مخاوفها ويُنبت شوك كوابيسها ليلا ورغم ذلك هي موقنة أنها بأمان معه ……
انضمت رزان لجوار ماجد وظل الصمت سيد الموقف طوال الطريق، لا تعرف أين تذهب ولا ماذا تقول، مهما فعلت سيأخذها لذلك المكان الذي لا تعلم عنه شيء، كانت تختلس النظر له بين الحين والآخر، لا تعلم ما ذلك الشيء الذي يجعلها مؤمنة أنها بخير معه، قلبها مُطمئِن له، أنتبهت على صوت توقف السيارة، نزلت تتطلع لما حولها بغرابة، لم تدم دهشتها كثيرًا حيث سحب يديها وسار بها خلفه، دخل بها لمخزنٍ قديم هذا أقرب مُسمى لتلك الغرفة الكبيرة، دار بصرها بها، الكثير من المعدات والآلات، تذكرت أين رأت هذه الأشياء من قبل ولكن لم يحالفها عقلها .
ماجد بنبرة ماكرة وهو يفترس ملامحها: إيه رأيك؟!
رزان بقلق واضح : إيه دا؟؟
ماجد ولم تفارق تلك البسمة عيناه : جيم !
رزان باستفهام: وأنا هنا لي؟
ماجد بنبرة سخرية: يمكن عشان هتتدربي مثلًا!
رزان بدهشة: نعم!؟
ماجد متجاهلًا إياها: يلا عندك طقم هيساعدك على الحركة في شنطه جنبك
رزان بغضب: أنا مش هعمل حاجه ولا هلبس حاجه وطلعني من هنا
ماجد مشمرًا ساعده: خمس دقايق وألاقيكِ قدامي هنا يلاااا
صرخ بها بأخر حديثه لتنصاع لأوامره دون جدال، خوفًا من ملامحه وصوته، بعد مده خرجت ترتدي ذلك الشيء الذي يجسم منحنياتها بدقة وروعة، وقف قبالتها فارغًا فاهه، لعن نفسه عدة مرات لأنه اعطاها هذا الطقم لترتديه، بالتأكيد لن يبارح نظره عنها ولن يستطيع التركيز وهي بين يديه وخصوصًا هكذا، كانت تقترب منه بخطواتٍ هادئة وكأنها هرة تتفاخر بمشيتها ولكن هرة خجولة نظرها لم يُرفع من الأرض.
ماجد وهو يجاهد لإخراج صوته: جاهزة؟
رزان بارتباك من نظراته: ايوا
________________________
وقف أمام غرفتها يهندم من ملابسه ويرتب خصلاته السوداء، لأول مرة يفعل مثل تلك الأشياء فهو دومًا مثالي بكل شيء، يشعر الآن بأنه مُراهق ينتظر حبيبته بأول موعد غرامي لهما معًا، بعدما أخبرها بالهاتف أنهم سيتناولون العشاء عند العاشرة بالفندق، من حينها وهو مُرتبك والتوتر هو سيد الموقف، طرق عدة طرقات على باب غرفتها ووقف ينتظر الإجابة، أخفض بصرة وزفر بغضبٍ عندما تأخرت بالرد عليه وعاد الطرق مرة ثانية، ولكنه ما إن رفع بصرة حتى فُتح الباب ووقفت من أسرته تتطلع عليه بخجلٍ جليٍ على ملامحها، ذلك الفستان الذي يرسم جسدها المُشِع بالأنوثة ويفصل منحنياته بدقة وتمركزٍ، وجهها الذى خلا من مستحضرات التجميل ولكن رغم ذلك تبدو في غاية الجمال، تلك الحُمرة الطاغية بوجنتيها تُفقده لُبه، كل ما دار في عقله وقلبه ترجمه لسانه بكلمة واحدة فقط ……
مهند ببلاهه: فِتنه!
كانت نورسين تموت خجلًا من تلك الأسهم المصوبة لها، لطالما أحبت عيناه منذ وقع نظرها عليها، ولكن الآن تتمنى أن تنسحب تلك القذائف التي تُلقيها بها قزحيتيه، نظراته كانت تتفحصها كاملها وهي فقط تحاول جاهدة رفع بصرها إليه ولكن جميع محاولاتها تبوء بالفشل فتعاود خفض عينيها، ولكن نطقه بتلك الكلمة جعلها تتطلع إليه ……
نورسين بخجل: قصدك إيه
مهند بعدم تركيز وتيه: جميلة يا نورسين
نورسين بخجل وتوتر: شكرًا يا مهند
مهند بغيظ : شكلي هبات في التخشيبة الليلة منك لله يشيخه
تمتم بتلك الكلمات بشفتيه بصوتٍ هامس ولكنها سمعتها وابتسمت له وذهبت معه….
__________________________
وقفت رزان تلهث بقوة وتحاول إلتقاط أنفاسها المتقطعة، وهي تنظر له بغضبٍ أصبح منذ أمس يحبه منها. !!…..
رزان بغضب شديد وهي مُنكسة رأسها لأسفل: منك لله يشيخ
ماجد بسخرية: طلعتي خيخه اووي
رزان بقرف: خيخه!، أنت منين يا ابني
ماجد بكبرياء: من نفس المكان اللي أنتِ منه
رزان بألم وهي تمسد ركبتيها : بتعمل فيا كدا ليه
ماجد بابتسامه: عشان أنا عاوز كدا
رزان بغضب: أنت مستفز ومعندكش دم، يعني إيه عاوز كدا، أنا نفسي اتقطع من الجري وأنت واقف ماسك العداد وخلاص ورجلي مبقتش قادرة أقف عليها
ماجد بتسلية وهو ينظر لشفتيها : اليوم لسه في أوله يا زان ومعملناش حاجه لسه، اهدي
رزان بحدة: أنا همشي
ماجد بثبات جليًا عليه: هنا أنا اللي أقول يحصل إيه وميحصلش إيه، يلا تعالي
رزان وهي تضرب بقدميها كالأطفال: والله لأقول لمهند يرفدك
ماجد بضحك: ومين قالك إني بشتغل عندك؟!
رزان باستعطاف: طب بص نمشي دلوقت عشان تعبت وبكرا نيجي تاني
ماجد بعند غير مكترث لغضبها: لأ ويلا قدامي في تمارين كتير النهاردة
رزان بغيظ: روح يشيخ إلهي رقبتك تتكسر وميلاقوش ليها قطع غيار
سمع ماجد كلماتها تلك وانفجر ضاحكًا عليها، تبدو كطفلًا صغير سُرقت لعبته المُفضلة منه وغضب وثار وسب ولعن، شعورًا بداخله يستمتع برؤيتها غاضبة ولو لأتفه الأسباب، رأها تنظر لكيس الملاكمة وتبتسم وشرعت في إرتداء القفازات…..
ماجد: مش بتتلبس كدا
رزان وهي تمد يديها له ببراءة : وريني
ماجد ممسكًا بيديها: الأول تحكمي إيدك عليها عشان تزيد من قبضتك على الكيس، ثانيًا تربطي اللاصق بتاعها كويس جدًا عشان يساعدك في اللكمة وميفكش منك وثالثًا تضربي بأيدك الاتنين على بعض كاختبار ليها وتعرفي هي ضاغطه على إيدك ولالا
مع كل كلمة كان نظره لا يبارح موجاتها الثائرة، ينظر لها ويتعمق أكثر، يشدد من قبضته على رسغها لدرجة ترك علاماتٍ حمراء عليها، لم يكن حالها أفضل منه فهي نسيت ألم قبضته وألم قدميها الذي إنتابها منذ قليل وكانت عيناه خير دواءٍ لها، ملمس يده الدافئة على رسغها كان كلفحة هواء وسط صيفٍ قارص، فاقت من تمعنها له بعدما أبتعد عنها ووقف خلف كيس الملاكمة، ذهبت هيا ووقفت قبالته، هكذا كانت ترى بالأفلام وبالنوادي ولكنها كانت تخشى التجربة ولكن شغفها يدفعها الآن ولكن! توضع رغمًا عنها وتنصاع لأوامره أيضًا!!..
بينما هو ظل ينظر لها وعيناه لم تتحرك إنشًا واحدًا عنها، شغفها الذي أنساها أوجاعها وجعلها تفر لحلبة الملاكمة وتحاول أرتداء القفازات بسرعة شديدة وسعادة وكأنها وجدت كنزًا ثمين لا تعرف ما هو القادم لها على يديه!! . ..
ماجد بنبرة حادة وقاسية: أضربي
رزان بتوتر وخوف من صوته: أضرب إيه
ماجد وهو يتحدث من بين أسنانه: الكيس يا رزان، ركزي معايا، تسمعي مني كويس وعينك على الكيس ومكان لكمتك، يمين تبقى يمين وشمال تبقى شمال فاهمه؟
قال آخر كلماته بصراخِ ليجعلها تنتبه له
رزان بنبرة أقرب للبكاء: حاضر
أمسك لها الكيس جيدًا حتى يساعدها فهي في بداية الأمر ولن تتحمل إرتداد الكيس على جسدها الصغير….
ماجد بثبات: جاهزة؟
رزان بتردد : على حسب
حاول كتم ضحكته على تلك الصغيرة الحانقة منه وعليه قدر المستطاع، يتوجب عليه أن يكون صارمًا معها للحدود المسموحة …..
ماجد بقوة : شمال
كانت لكمتها أشبه بحركة فراشة بين الأزهار، لم تنتبه لها الأزهار ولا حتى نسمات الرياح، كذلك كانت قبضتها لم يتحرك الكيس قيد أنملة ومع ضحكات ماجد الساخرة دفعها هذا لوصول الغضب أقصى مراحله لديها، لاحظ ماجد إرتعاش شفتيها من فرط عصبيتها وضغطها الإنفعالي فأصر على رفع الفولت الخاص بتيار أعصابها لأعلى قليلًا….
ماجد محاولًا كتم ضحكته: شمال
هذه المرة كانت لكمتها مضرة لها لدرجة ألمت رسغها وجعلتها تترنح للخلف ألمًا، ضغطت على نفسها وركزت كل قواها على تلك اللكمة حتى لا تستمع صدى ضحكاته الساخرة ولكن ضحكاته الآن صداها وصل عنان السماء سخرية ومُكر !!…..
ماجد وهو يقترب منها: قولت تركيزك مع الكيس مش في إنك تتخلصي من ضحكي عليكِ
رزان مصعوقة منه لأنه قرأ أفكارها: أنت رخم
جلس أمامها وأمسك بكفها وظل يمسح عليه برقة عكس القسوة البادية عليه، تناول كيس الثلج من أعلى المنضدة الخشبية التي كانت على مقربة منه والذي أحضره سابقًا تحسبًا لما سيحدث، وضعه بحرصٍ شديد على رسغها ليخفف من ألمها….
ماجد بمكر متجاهلًا نظراتها: جاهزة ؟
رزان بذعر وخوف: لا لالا كفايه كدا النهاردة والنبي
ماجد باستمتاع وهو يراقب خوفها الواضح وضوح القمر في ليلة قمرية: ليه بس يا زان متخافيش فاضل كام دورة كدا جري ونلعب شوي ضغط
رزان بنبرة أقرب للبكاء وهو تتحسس رسغها الذي يؤلمها: كفايه والنبي يا ماجد أنا تعبت ومش قادرة
كان غرضه إثارة رُعبها فقط ومشاكستها ولكن الآن نبرتها أصابت صميم قلبه، قهي تتألم وبسببه، راقب الدموع تتأرجح بزاوية قزحيتيها لتأخذ مجراها على وجنتيها، حاول قدر المستطاع منع نفسه من ضمها ومحو عَّباراتِها ولكنه حافظ على هدوءه المزعوم وقلبه يطالب بشيء وعقله يعنفه بشدة وفي النهاية إنصاع لعقله وأخبرها بنبرة جامدة خالية من المشاعر: يلا هنمشي
تهللت ملامح رزان بفرحة ومحت دموعها: شكرًا جدًا
تحركت من أمامه لتُبدل ثيابها بينما ابتسم بسخرية عليها، من يرى ابتسامتها عندما أخبرها بالذهاب يظن أنه كان يحتجزها لا يدربها لتواجه ما هي قادمة عليه، لو تعلم مدى خوفه من خبايا الأمور لشفعت له ما يفعله بها الآن، تذكر شقيقها منهد الذي ذهب للظلام بقدميه ظنًا منه أنه يقدر على مجابهة ما هو مُقدم عليه، ولكن أيمكن للفريسة بإمتلاك الأسد أو الهروب منه وقدمها تنزف!؟…
تنهد بخوف وأشتدت ملامحه: ربنا يكون معاك يا مهند في اللي جاي
ما هو القادم للفراشه الضالة لوجهتها !
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب منهكة)