روايات

رواية قلوب منهكة الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم جهاد وجيه

رواية قلوب منهكة الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم جهاد وجيه

رواية قلوب منهكة الجزء الثالث والعشرون

رواية قلوب منهكة البارت الثالث والعشرون

قلوب منهكة
قلوب منهكة

رواية قلوب منهكة الحلقة الثالثة والعشرون

جَمرة قاسية وُضعت بأريحى بين أضلعي عندما تمنيت رؤياك وهجرني طيفك مُفارقًا روحي
تنهدت بخوف وعينيها تدور بالمكان حولها فهي بصعوبة بحثت بين أغراض ماجد لتصل لعنوان شقيقته لعلها تعرف سبب غيابه وهل يسافر دومًا قبل سنوية والدته أم هناك أمرًا آخر !! عضت على شفتيها بقلق ورفعت قبضتها تطرق بهدوء على الباب، انتظرت دقيقة وأتاها الرد من طفلٍ صغير لم يتجاوز السادسة ممسكًا بيد شقيقته الصغرى بقوة وكأنه يخشى فراقها، ابتسمت بحب وهبطت لتصل لطولهم، مسحت بحنان فوق خصلات الصغير متسائلة: ماما فين يا حبيبي ؟
ظهر التفكير على وجه الصغير ورمق الصغيرة وكأنه يتفاوض معها للإجابة وتمتم بأدب: ماما راحت تشوف تيتا
علا ثغرها بسمة حزينة فمن الواضح أن ذكرى حماتها العزيزة قد اقتربت، اقتربت من الصغيرة طابعة قبلة صغيرة فوق وجنتيها وهمست بضعف موجهه حديثها للصغير: طب متعرفش هترجع امتى؟
مرة أخرى نظر لشقيقته التي هزت رأسها كموافقة له وحول بصره لرزان المنتظرة وتمتم ببراءة طفولية: ماما مش هترجع النهاردة ولما بترجع بتكون تعبانه وتفضل تعيط وتنام وبابا اللي بيفضل معانا
فرت دمعة حزينة من مقلتيها عندما استمعت لتصريح الصغير الذي حزنت عيناه هو الآخر، تركت تلك الدمعة لتأخذ مجراها ورفعت يديها مجددًا لمنابت شعر الصغيرة هامسة بخفوت : طب أنتَ متعرفش تيتا مشيت امتى؟!
ظهر التفكير العميق على محياه وسرعان ما ابتسم بانتصار وهتف: ماما ديما تقول تيتا مشيت يوم
١٥/٢/٢٠١٨ عشان كدا هي هتفضل عند تيتا لحد اليوم دا وقالت لينا مش هرجع غير بعد تلت أيام
اقتربت مجددًا طابعة قبلة خفيفة على وجنتي كلًا منهما وأزالت دموعها المفرطة وتمتمت بحنان : طب يا حبيبي أنتَ اسمك إيه؟
حينها نطقت الصغيرة بصوتها الشجي هامسة ببراءة طفولية خالصة: اسمه ماجد يا طنط على اسم خالو ماجد
تهلل وجهها فرحًا من تصريح تلك الجنية الصغيرة وهطلت دموعها بكثرة من تلك المفاجأة فيبدو أن شقيقة زوجها تحبه كثيرًا ولكن غضبها منه يمنعها من ذلك، ابتسمت من بين دموعها وهتفت بتساؤل: طب أنتو بتحبوا خالو ماجد؟
هتف كلاهما فرحًا عند ذكر اسم زوجها الغائب: ايوا يا طنط جدًا وهو كمان بيحبنا
غصة مريرة أنزلقت لفؤادها على زوجها الحنون، من قال أن فاقد الشيء لا يعطيه؟ بل فاقد الشيء يعطيه وبإفراطٍ ورضى تام منه لأنه عايش مرارة فقده فلن يطاوعه قلبه على ارتكاب ذلك الجرم بحق غيره، زوجها فقط حنان والدته الذي أغدقته به ولكنه لم يبخل عليها أو على طفلي شقيقته به بل أغرقهم به
ابتسمت بهدوء مزيلة دموعها عندما لاحظت تأثر الصغيرين بها وهتفت بحب: طب ادخلوا واقفلوا على نفسكوا ومتفتحوش الباب لحد عشان ماما ترجع وتلاقيكوا شاطرين
استحسن الصغيرين الفكرة وهزا رأسيهما دلالة على موافقتهم التامة لحديثها والتفوا للداخل ولكن عاد الصغير أدراجه وهمس لها بحنانٍ: طنط ممكن متعيطيش عشان ماما قالت اللي بيعيط دا قلبه بيوجعه وأنتِ جميلة زي ماما وقلبك مش هيوجعك
يا الله على تلك البراءة الفطرية التي خُلقوا بها، هل حقًا سُلبت حقها بهم!؟ هل لن تُطرب أذنيها بكلمة من أربع أحرف مكررة تقبل قلبها ؟! ألن تحمل بأحشائها نطفة تعوض زوجها الغائب؟ ألن تستيقظ ليلًا بسبب صعوبة نومها بسبب كِبر بطنها وركلات طفلها؟ ألن تبكي ألمًا وتبتسم فرحة عند رؤية طفلها بين يديها؟ ألن تُعايش كل تلك المشاعر؟ هزت رأسها بعنف وأغتصبت على رسم بسمة حزينة للصغيرين وتمتمت بخفوت: حاضر يا ماجد
ضغطت على حروف اسمه وكأنها تتذكر زوجها الغائب منذ أمس، انقبض قلبها بقوة بسببِ جهلته ولكن كل ما دار بخلده أنه ليس بخير، ليس بخيرٍ بلمرة فقلبها يؤلمها بشدة وتشعر بنزيفه يغرق روحها الحزينة، هبطت الدرج بخطواتٍ مترنحة حتى وصلت بصعوبة لأسفل البناية، رفعت بصرها للسماء مناجية ربها وراجية منه العون، كانت أشعة الشمس الحارقة تضرب رأسها بقوة مما جعلها تترنح بوقفتها وتتمسك بحقيبتها لتستمد منها القوة التي أفتقدتها بغيابة، هي مخطأة فلم تتناول منذ أمس أي طعام واكتفت بشراب عدد لا بأس به من أكواب القهوة لتجبر عقلها على الاستيقاظ واليوم استيقظت وأتت لهنا مباشرة متناسية ضعف جسدها وذبلان وجهها وتلك الهالات السوداء اللعينة التي خطت أسفل عينيها، خانتها قدميها تلك المرة كحالها دومًا وسقطت مفترشة الأرضية الرخامية كجثة هامدة لا حول لها ولا قوة !!!
__________________________________________
صرخة قوية خرجت من جوفه خادشة حلقه الجاف، لم تعد مقاومته تسانده أمام تفنن ذلك المريض بتعذيبه بأبشع الطرق وأقذرها على الإطلاق، كل خليه بجده تئن وجعًا وتنزف دمًا، تخدرت أعصابه من كثرة جلده له بمختلف الأسواط والعُصي وعندما رغب جسده بالراحه وسقط فاقدًا للوعي أيقظه ولكنه ليس بماء أو صعقة كهربائية وإنما صب موادٍ حارقة ومالحة فوق جِراحه لتؤلمه وتتورم أكثر وتترك ندوبًا بشعة بكافة جسده فهو جلده بكامل جسده، ظهره، ذراعيه، صدره، قدماه وأيضًا قص خصلاته ولكن بعدما اقتلع نصفها بشده الدائم والعنيف له، لقد تدرب جسده مُسبقًا على التعذيب ولكن بمثل هذه البشاعة لم يحدث، يعلم أن زعماء المافيا منزوعين القلوب وتم اختيارهم حسب قوتهم على جلد وسحق وحرق ضحاياهم، ولكن ما بدأه به الآن جعله يناجي ربه بسبب الألم الذي يعانيه، لقد أزال أظافر إحدى قدميه وأحرقها أمام عيناه، يالله على هذه القوة التي يمتلكها ليتحمل كل تلك البشاعة والحقارة
بينما الآخر كان يتابع تعابيره المتألمة بإنتشاءٍ شديد؛ هذا جم ما يريده أن يجعله يتألم حد الموت، هو لا يرغب بالانتقام منه ولكنه يرغب إزهاق روحه حتى وصولها للجحيم، يرغب قطع يداه التي تلمستها وعيناه التي ناظرتها، لن يتوانى عن جعله يعايش الجحيم بمحياه وسيُقلي به بعد مماته، مسح الدماء التي تقطر من كفه وألقى آله قطع الأظافر وانتشل أداة حادة من الحائط جواره ونهض بغرور مقتربًا من ماجد المنكس رأسه !!
اقترب منه حتى أصبح أمامه مباشرة وهمس من بين أسنانه بغلٍ : فوق كدا التسليه لسه جايه في الطريق يا حضرة الظابط
أغمض ماجد عيناه بعنف نافضًا صوت ذلك القذر من أذناه وهتف بغضب : هات أخرك
ابتسم يونس بشر وعيناه تلمع بوميض الغضب يوازيه لمعان السكين الصغير الحاد الممسك به وتمتم بخبث: أخري هيكون بموتك بس لازم أخليك تتمنى الموت ومش هتطوله ياابن الأنصاري
ابتسم ماجد بضعف وهز رأسه بقلة حيلة وقطرات العرق الممزوجة بالدماء تسير من جبهته النازفة وتمتم بقسوة: ابن الأنصاري هيخليك تشوف الجحيم في حياتك الباقيه لحد ما تعيشه في الأخره
_____________________________________________
أصرت بشدة على الذهاب للعمل ثاني يوم زواجهم وأمام رغبتها لبىَّ طلبها وهاهي الآن ترمقه بحدة بسبب تلك المرأة المطلقة التي تحاول إغاؤه بشتى الطرق غافلة عن زوجته التي تطلق شرارات الغضب من عينيها الزيتونية، يشعر أنها كتنين مجنح سينقض عليه ويطرح أرضًا، تنفس بهدوء حينما انتهوا من عقد الاجتماع و سحب أنفاسه، أغمض عينيه وبداخله يستعد لعريضة من الغضب والغيرة!!
أحس بأصابع ناعمة تتلمس كفه الموضوع فوق الطاولة فسارع بفتح عيناه وما إن علم هوية صاحبة الأصابع حتى انتفض كمن لدغته أفعى فلم تكن سوى تلك الشقراء التي تجاهد بأنوثتها لإغراؤه، ابتعد عنها مقتربًا من زوجته التي تفرك يديها بغضب ونيران الغيرة تحرقها وعقلها يرسم مؤامراتٍ عظيمة للفتك بتلك الفتاة الإصطناعية وهاهي تزيحه بعيدًا عن طريقها مقتربة من الفتاة الممسكة بخصلاتها المصبوغة وتتلاعب بها ولا تعلم ما القادم لها !!
ثانية وكانت تنقض عليها ممسكة بخصلاتها التي تتفاخر بها ويديها تقبض بشده فوق منابت شعرها ساحبة إياه بين أصابعها !! كانت الأخرى تجاهد لكي تفلت من بين براثين هذه اللبؤة الشرسة التي تنوي افتراسها ولكن هي أمام أنثى حاولت أخرى سلب زوجها بطرقها الرخيصة فهل ستنجح في إقصائها عنها والنهوض للهرب !! كان الرد على هيئة عضه قاضية فعلتها نورسين الغاضبة وقضمت إحدى وجنتيها الملونة بشتى ألوان الطيف مغرسة أسنانها بعنفٍ بها، حاول مهند أن يبعد زوجته التي صُدم بشراستها وقوتها ولكنه نال ركلة برجولته عندما التفتت له بحدة وكأنها تحذره من الاقتراب !! ابتعد متألما من ركلتها له وهاهي تنظر بفخر لصنع يداها تلك البغيضة ملقاه كفئرٍ نتن تبكي على خصلاتها التي أقتلعتها ووجها الذي تلون وأصبحت لا تفرق كثيرًا عن لاعب البلياتشو بأحد ألعاب السيرك!!
اختصرت نورسين ورفعت رأسها بشموخ وهتفت: بقالي ساعة سيباكِ تحسسي وتلمسي وتتمايعي وساكته وأقول يبت أصلها ضيفة وهتمشي بس البعيدة رخيصه ومفكرة نفسها حاجه وهي عامله شبه العروسه اللعبة
صرخت المرأة والتي تدعى لميس وهي تبكي بدموعٍ مزيفة : أنتِ واحده حيوانه وهمجيه واللي عملتيه دا بيبن إنك بيئة ومعرفش مستر مهند سايبك هنا تعملي إيه
هتف مهند بحده عندما رأى تعرض زوجته وحبيبته للإهانه على لسان تلك الحقيرة : أنتِ واحده
كاد أن يكمل لولا أصابع نورسين التي أشارت له بالصمت واقتربت منه بدلال محيطة خصره بقوة دافنة وجهها بصدره وعينيها تطلق نظرات التحدي لتلك المصدومة وهمست بدلال: البيئة دي تبقى أنتِ يا جربانه ياللي فرحانه بنفسك، أما أنا بعمل إيه ولي مهند سايبني فلأني أبقى حرم المهندس مهند شهاب الدين يعني اسمي مدام نورسين مهند شهاب الدين فهمتي ولا أفهمك اكتر ؟
كانت الصدمة كفيلة بجعل لميس تلملم شتات كرامتها التي أهدرتها على صيدٍ زائف، خطت للخارج بصعوبة بسبب ألم قدميها أثر دفع نورسين لها والإنقضاض عليها !!
____________________________________________
دلف لشقته بهدوء وعيناه تجول بكل شبرٍ بها بحثًا عن معذبته التي يرفض قلبه الإعتراف بها بعد! مسح على وجهه بعنف عندما لم تلتقطها عيناه، ألقى جسده بصعوبة على أقرب مقعد طالته قدماه فمنذ الصباح يشعر بألم بحلقه ولابد أنه أصيب بنزلة برد!! فرك عيناه بضعف ونهض بوهنٍ يجر قدماه لغرفته بحثًا عن أي أدوية تهدأ من حرارته التي استشعر ارتفاعها الملحوظ!!
فتحت باب غرفتها بصمتٍ كعادتها منذ فترة تنوي صنع بعض الشاي لها، كادت أن تتوجه للمطبخ لكنها لمحته وهو يتقدم من غرفته بضعف ووجهه تكسوه حمرة غريبة عليه!! اقتربت منه بقلقٍ وكادت أن تسأله عن حاله ولكنها صرخت باسمه بدلا من سؤالهم عندما سقط فاقدًا لوعيه بين ذراعيها الذان ألتقطاه!! حينها فقط صرخت باسمه بخوفٍ وهلع : سااامح فوووق
حاولت إسناده على كتفيها وحاوطت خصره بإحدى يديها والأخرى تمسك بيده التي لفتها حول كتفيها وأحكمت إمساكه وسارت به بخطوات مستعصية نحو غرفتها !!
وضعته برفقٍ على الفراش وخلعت عنه حذاؤه وبذلته؛ تبين لها من مظهره ارتفاع شديد بحرارته فوضعت يديها على جبهته تستشعر حرارته وسرعان ما سحبتها عندما تبينت الارتفاع الشديد الذي كان يحرقها!!
كادت أن تقوم لتأتي بعلاجٍ مناسب كانت تعطيه لوالدها عندما ترتفع حرارته ولكنه يده التي تعلقت بكفها وهمسه باسمها جعلها تنحني وتحتضن رأسه بين ثنايا صدرها وتهمس باسمه بخوفٍ شديد!!
بعد عدة دقائق ابتعدت عنه وأسرعت للمرحاض محضرة الدواء الخافض للحرارة وبعض اللاصقات أيضًا وبعض المياه الباردة وقطعٍ من القطن، جلست جانبه ومسحت عرقه الغزير بحنان ووضعت لاصقة طبية فوق جبهته ونهضت تنوي صنع بعض الشوربة الساخنة له قبل أخذه للدواء!!
__________________________________________
صرخت به غاضبة وخصلاتها الثائرة تعوق حركتها فجمعتها بعنفٍ وعصكتهم لأعلى وهو مستمتع بغضبها !!
هتفت نورسين من بين أسنانها: يعني إيه اروح الأرشيف؟!
اراح ظهره للخلف واغمض عينيه بانتشاء وهمس : يعني اللي سمعتيه صفا السكرتيرة الجديدة يا آنسه نورسين وأنتِ هتنزلي الأرشيف!
جحظت عيناها من كلماته وبروده وهتفت بغضب وتعجب : آنسه ؟؟؟؟؟؟
كتم ضحكاته عن مظهرها وغيظها الذي سيفتك به وتمتم بجدية مزيفة: معلش يا آنسه نورسين صفا السكرتيرة الجديدة وحضرتك هتنزلي الأرشيف يا آنسه
يكاد يصيبها بالجنون كيف وهو ينعتها بالآنسه !! صكت على أسنانها بعنف والتقطت حقيبتها وخرجت صافعة الباب وهي تتمتم بكلماتٍ لاذعة ومسبة إياه!!
بينما هو أفرج عن ضحكاته المكنونة لتلك الثائرة على قلبه ويحذر نفسه من ثورتها القادمة وسرعان ما تناول مفاتيحه وذهب خلفها !!
__________________________________________
حربٌ قاسية من النظرات بينهم، هو بضعفه وألمه وجسده النازف وروحه المشروخة وكيانها المجروح وعشقه لها !! والآخر بقسوته وحقارته ودنائته!! جلس أمامه مباشرة بين دماؤه رامقًا عيناه بنظرة متحدية وكأنه يخبرها أنها له ! ولكن هل صمت ماجد الذي طال دلالة عل ضعفه !! هل فكرة أن يأتي له ليذيقه ألوان العذاب كانت سديدة وسينتهي به المطاف هنا!؟
_ واضح أنك كنت عارف كل حاجه يا حضرة الظابط
تمتم بها يونس الممسك بُثقلٍ حديدي يتلاعب به بين قبضتيه تحت أنظار ماجد الضعيفة !
همس ماجد بضعف وجسده يطالب ببعض المياه ولكنه وإن صعدت روحه لن يطلبها منه!! : ديما كنت سابقك بخطوة!
ضحك يونس ضحكة صفراء وهتف بخبث: لا نمس يا ميجو عشان كدا متصدمتش لما عرفت باللي حكيته وكنت هادي؟!
علا ثغر ماجد ضحكة أليمة؛ ايظنه حتى وإن كان يعلم لن يتألم ولن تُرجح روحه! أيظنه مثله بشرًا بل حيوانًا نُزعت رحمته وتبعها قلبه! هز رأسه بتعب وهمس بخفوتٍ: خاف من الهدوء عشان عاصفته بتكون قاضيه وأنا مبسكتش عن حقي ولا حق اللي يخصني حتى لو على موتي !
ضحك يونس بشر ونهض مقتربًا من قبضتي ماجد النازفين والمُعلقين بتلك القيود المدببة!! وشرع في غرس خنجره بأحدهم محدثًا ثقبًا لا بأس به تحت ألم ماجد وصرخاته المكتومة وأنينه المستمر، وضع أحد العلقات الحديدة القوية بالثقب وابتسم بهدوء ووضع بها الثقل الحديدي الذي جعل قبضة ماجد ترتخي للأسفل بسبب حجم الثُقل وتنغرس المزيد من الأحرف المدببة بكفه !!
ابتعد عنه هاتفًا بسرور : ما هو هيبقى بموتك بردو
دمعة حزينة فرت من عيناه، لا يعلم كم مر من الوقت على وجوده هنا فهذه الغرفة تحجب ضوء القمر والشمس عنه، اشتاق لضم صغيرته التي أصبح موقنًا من ذهابه الوشيك قبل رؤيتها !! رفع رأسه لأعلى وهتف بدموعٍ حارقة وأنفاسٍ مريرة: ياااارب
__________________________________________
فتحت عينيها بضعف لتتعجب من المكان من حولها فيبدو أنها بمشفى!! ضربت ذكرى صباح اليوم عقلها فقد وقعت فاقدة للوعي وهاهي الشمس تغرب من نافذة غرفتها معلنة عن نهاية يومًا أرواه بكاؤها المرير لتكشف السُحب عن ليلة ستعايش ألم اشتياقها لزوجها بها!! نهضت بصعوبة ودوارٍ خفيفٍ يضرب رأسها جعلها تترنح للخلف مجددًا، تنهدت بضعف وجلست أعلى الفراش تنتظر قدوم أحد الأطباء المشرفين على حالتها، عقلها يقرر نيابة عنها، تريد تذوق هذا الشعور معه! ومعه فقط!! ولكن أين هو!؟ أين بسمته!؟ أين طيفه الذي يحاوطها بقوته! أين حنانه وحبه وعشقه الجارف لها؟ أين قبلاته التي كانت تدغدغ أنوثتها؟ فُتح باب الغرفة ودخلت الطبيبة ببسمة طيبة وتمتمت بأدب: حمد الله على سلامتك
خرج صوتها الضعيف : حصل إيه
فحصتها الطبيبة بعناية وتمتمت بعملية: كنتِ جايه فاقده للوعي والسكر والضغط منخفضين وفي شوية تحاليل مستنين نتيجتها وهتبين أكتر
هتفت بتساؤل : تحاليل إيه ؟
أجابت الطبيبة ببسمة خفيفة: تحاليل خاصه بالحمل !
_________________________________________
ألقط بربطة شعرها بعنفٍ وحدة شديدة، تتذكر نظرات غريمتها الماكره، نظرات البارد الخاص!!
_ ماشي يا مهند انا هعرفك أنت والعقربة بتاعتك… معلش يا آنسه نورسين صفا السكرتيره الجديدة بتاعتي وحضرتك هتروحي الأرشيف… الأرشيف!!
كانت تتحدث بغيظٍ وغضب شديد غافله عن من يجلس خلفها يتابع تحركاتها وتقليدها الساخر له!،فهو قد وصل قبلها !! تقدم منها حتى أصبحت أنفاسه المتقطعة تتلاعب ببشرة عنقها، رأى اضطراب جسدها عندما أحست به وهذا ما دفع يداه لإبعاد خصلاتها التي أخفت الكثير من عنقها عن مرمى بصره! ببراعة وسلاسة انتهى وسط دهشتها وما كادت أن تلتف لتبعده أو تتهرب من حِصاره التي باتت تعرف نهايته حتى شعرت بشفتيه تسير برقة وحنان على جيدها الناعم، تلتقط شفتاه كل إنشٍ ظهر أمام ناظريه، امتدت أصابعه لتقربها أكثر لتصتدم بصدره المتخشب!، شعرت بتراخي أعصابها بين يديه وأفتقادها الشديد للتنفس رغم أنفاسها السريعة والسطحية!
_بحبك يا نورسين
أخرج حروفه بتأنٍ وبطءٍ بث القشعريرة بكامل جسدها أسفل يداه، ولم تكف شفتاه عن رسم طلاسمها بنحرها!، بل يكتفي بذلك فقط أدارها لتصبح بمواجهته لترى صفاء عينيه وتعاويذ عشقها المنحوتة بهم!، كادت أن تتحدث وتمنعه عن ما ينوي فعله إلا أنه أسرع بالإقتراب من شفتيها وهم بالإنقضاض عليها ولكن! وقفت أناملها حائلًا بينه وبين شفتيها
= مش هكرر الغلط مرتين، كانت غلطه ومتحلمش تتكرر تاني، كانت لحظة ضعف مني وأنت استغلتها
ألقت سهمها الحاد وأصاب هدفه بإحترافية شديدة، طعنته وأدمت قلبه وسارت بكبريائها عليه، رأت منه نظرة أخيرة لن تنكر أنها شعرت بنهايتهم بعد تلك النظرة، رأت افتراق طرقهم بيها، ولكن هي فعلت ذلك لتثأر لكرامتها وأنوثتها! ولكن نبرته حملت لها الكثير وتعبيرات جسدها المتحفزة أخبرتها بما يجول بخاطره ولكنه نطق بكلمتين فقط كلمتين!!
_ عندك حق
_____________________________________________
اعتدلت بجلستها جانبه وأزالت اللاصقة الطبية عن جبهته ووضعت أخرى جديدة وحاولت إفاقته بهدوء
_ سامح فوق عشان تاخد الدواء
تمتمت بها بينما يديها تعمل على رفعه جسده!!
خرج صوته هامسًا : سلمى!
ذابت من نبرته الضعيفة التي نادها بها وحروف اسمها التي خرجت كترنيمة من فمه، مسحت جبهته بحنان وأجابت : يا قلب ونن عين سلمى
ابتسم بضعف وحاول فتح عيناه ولكن خانته قواه وهمس بعاطفة شديدة : متسبنيش يا سلمى
وأين سلمى؟ ضائعة بينه وبين عشقها لها! ضائعة بين قلبه ! تائهة به !
طبعت قبلة صغيرة على جبهته باستحياء وهمست بخجل : مقدرش أسيبك يا ضي عيون سلمى وروحها
فتح عينيه بضعف والدموع تلمع بمقلتيه وهمس بلوعة قاسية: بحبك يا سلمى

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب منهكة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى