روايات

رواية قلوب حائرة الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم روز أمين

رواية قلوب حائرة الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم روز أمين

رواية قلوب حائرة البارت الرابع والأربعون

رواية قلوب حائرة الجزء الرابع والأربعون

رواية قلوب حائرة
رواية قلوب حائرة

رواية قلوب حائرة الحلقة الرابعة والأربعون

🦋الفصل الثالث🦋
داخل حُجرتهُ الخاصة، كان يجلس فوق مقعدهُ الموضوع أمام تخته مباشرةً، يرتدي نظارتهُ الطبية التي تزيدهُ وقاراً ورُقي، ينظر بتمعُن علي شاشة التلفاز المُعلقة بالحائط ، يُشاهد من خلالها ويستمع إلي إحد البرامج السياسية المُفضلة لديه، وهو يحتسي قدحاً من القهوة التي أحضرتهُ له العاملة بعد أن طلبهُ منها ، فُتح باب الغُرفة وظهرت من ورائه تلك التي خطت للداخل تتحرك بخطوات إمرأة أرستقراطية راقية
وتحدثت قائلة وهي تتجه إليه بهدوء:
-قاعد لوحدك ليه يا سيادة اللواء ؟
تنفس بهدوء وأجابها وهو ينظر علي شاشة التلفاز بتمعُن وتدقيق دون النظر إلي وجهها:
-بشوف الأخبار والدنيا موديانا علي فين.
إبتسمت وجلست بالمقعد المُجاور له وأراحت ظهـ.ـرها للوراء ثم وضعت ساقً فوق الآخري بإرتقاء وتعالي، وتحدثت بنبرة مترقبة:
-عز، كُنت عاوزة أتكلم معاك في موضوع مُهم
حول بصرهِ إليها ونظر لها بتمعن وأردف متسائلاً بإستفسار:
-خير يا منال؟
موضوع إيه ده الي عوزاني فيه؟
أجابته بنبرة حماسية ظناً منها بأن ما ستقصهُ علي مسامعه سينول إستجواده:
-عُمر ولمار عاوزين يشاركوا مليكة في الأسهم بتاعتها، جايبين عروض حلوة أوي هتكَسِب الشركة ملايين في وقت قصير جداً
وبدأت تروي لهُ كُل ما أخبرتها به تلك اللمار اللئيمة،بعدما إنتهت من سردها نظر لها وأردف بنبرة حادّة:
-قولي لإبنك والحيزبونة اللي ماشي وراها يتلموا ويبعدوا عن مليكة وأولادها، بدل ما ياسين يحطهم في دماغه ويكرهـ.ـهم في عيشتهم
أردفت متسائلة بإستغراب وهي تنظر إليه متعجبة ردة فعلهِ العنيـ.ـفة:
– وياسين إيه اللي هيزعله من الخير اللي هيدخل لمليكة وأولادها من ورا الموضوع ده يا عز؟!
هتف بنبرة حادة شارحاً لها رؤيتهُ من خلال منظورهُ:
– اللي إسمها لمار دي مابيجيش من وراها خير يا منال، دي بنت طماعة والمكسب أهم حاجة عندها ومش مهم المبدأ ولا الطريقة اللي هييجي منها
وأكمل متأثراً بنبرة يملؤها الشَجن علي حال صغيرهُ الذي تحول دُمية في يـ.ـد تلك الحية الرقطاء :
-قولي لعُمر عيب يبص لمال اليتامي ويطمع فيه،
مش إبن عز المغربي اللي يعمل كدة
أجابتهُ مُعترضة علي رأيه والتي تراهُ ليس صائباً:
-طمع إيه اللي بتتكلم عنه ده يا عز؟!
وأستطردت بتفسير:
– الأولاد بيجتهدوا وبيدوروا علي فرصة يحاولوا يبنوا بيها مستقبلهم، وبالصدفة جالهم عرض هيكسبوا من وراه دهب،بس شرطهم إن الشركة اللي هيوردوا لها تكون شغالة في السوق من فترة كبيرة
واسترسلت بتعلُل:
-لأن حجم الإستثمارات بتاعهم كبير ومحتاجين ينزلوا بتقلُهم في السوق المصري، وده طبعاً مش هيحصل إلا عن طريق شركة موثوق فيها زي ما قُلت لك
وأكملت متعجبة:
-أنا الحقيقة مش فاهمة إنتِ معترض علي إيه يا عز؟
هتف مقاطعاً إياها بنبرة صارمة لا تقبل النقاش:
– منال، قفلي علي الموضوع ده ومش عاوز أسمع أي كلام فيه تاني نهائي
وأستطرد بنبرة تحذيرية:
-بلغي مرات إبنك الحـ.ـرباية وقولي لها تتلم وتشيل الموضوع ده من دماغها علشان ما أحطهاش أنا شخصياً في دماغي
واسترسل بنبرة ساخرة:
-وياريت بدل ما هي دايرة تخطط وتكتك إزاي تستولي علي ورث اليتامي، تروح تشوف موضوع الخِلفة وتجيب لها حتة عيل بدل ما هي قاعدة لنا زي البيت الوقف، لا منها ولا كفاية شـ.ـرها
واستطرد لائماً زو جته:
-من ساعة البنت اللي خلفتها لنا ونزلت ميته وهي ولا حـ.ـس ولا خبر
وسيادتك بدل ما تهتمي بنفسك بالموضوع وتتابعي معاها عند دكتور موثوق فيه، سيباها بمزاجها وعايمة علي عومها، لحد ما بقت بتحركك إنتِ وإبنك زي ما بتحرك قطع الشَطرنج
قال كلماته الحادّة وانتفض واقفً من جلسته وتحرك خارج الغُرفة تحت غضب منال وإستشاطتها من ردة فعله المبالغ بها من خلال وجهة نظرها الضئيلة للأحداث
نظرت علي أثره وتحدثت مُتعجبة بنبرة صوت مسموعة:
-إتجنن ده ولا إيه؟!
❈-❈-❈
داخل منزل يُسرا المجاور لوالدتها
هتفت يُسرا مستفهمة بإنـ.ـزعاج ظهر فوق ملامحها جراء إستماعِها لحديث شقيقتها التي تجاورها الجلوس :
-إيه الكلام الفارغ اللي بتقوليه ده يا نرمين؟
أطلقت نرمين تنهيدة حارة تنم عن مّدي إحباطها، ثم أعادت بما تفوهت به علي مسامع شقيقتها بنبرة يملؤها الإحباط والألـ.ـم :
-اللي سمعتيه يا يسرا، أنا مش قادرة أتأقلم علي وجود سراج في حياتي، ولا عارفة أحبه وأعيش معاه المشاعر اللي كُنت بعيشها وأحـ.ـسها مع محمد
جحظت عيناى يسرا بذهول مما إستمعت وهتفت بإمتعاض:
-إنتِ شكلك إتجننتي يا نرمين؟
محمد مين الواطـ.ـي ده كمان اللي بتقارنيه براجل محترم وإبن ناس زي سِراج
هزت رأسها بيأس وأسترسلت بملامح وجه متأثرة:
– المشكلة مش في محمد ولا القصة في إني بقارن بينهم، المشكلة في سراج نفسه
وأكملت بغصة مرة:
– سراج راجل عملي أوي والرومانسية ملهاش أي وجود في حياته، مش قادر يِشبع غريـ.ـزتي العاطـ.ـفية يا يُسرا
واستطردت بإبانة:
-أنا ما انكرش إن سراج راجل طيب ومحترم وبيعاملني كويس، بس أنا مُشكلتي معاه أني عمري ما حـ.ـسيت ناحيته إحـ.ـساس الحبيب، أوقات بحِـ.ـسُه زي ما يكون أبويا في عَطفه عليا وعلي علي، وساعات أخويا في حنيته وخوفه علينا
وأكملت وهي تنظر لشقيقتها:
-أنا محتاجة أحِـ.ـس إني سِت، آُنثي، فهماني يا يُسرا؟
أطلقت يسرا تنهيدة حَارة لأجل تألـ.ـم شقيقتها الظاهر بصوتها وفوق ملامحها وتحدثت كي تواسيها وتخفف عنها شعورها بالحِرمـ.ـان العاطفي التي تشعر به من زو جها سيادة العقيد:
-لازم تعرفي إن معظم الرجالة مش رومانسيين بطبعهم، وفيه رجالة بتحب ستاتهم بس مبيعرفوش يعبروا عن مشاعرهم بالكلام، لكن بيبان حبهم ده في أفعالهم
وأكملت مستشهدة:
– زي سراج جـ.ـوزك مثلاً، يمكن مابيعرفش يعبر لك عن حبه ليكي ومدي غلاوتك عنده، لكن حبه ليكي بيظهر من خلال أفعاله، واللي كلنا شايفينه ومتأكدين منه هو إن سراج بيحبك جداً وبيحب علي وبيعامله زيه زي أحمد إبنه بالظبط وبيتقي الله فيه وفيكي
وأسترسلت بإقناع:
-عاوزة إيه تاني أكتر من كده يا حبيبتي
نزلت دمعة من عيناها وأردفت قائلة بإستياء:
-عاوزة أحس إني ست ومرغـ.ـوبة من جـ.ـوزي يا يسرا، مش قادرة أتأقلم مع الحياة الروتينية اللي أنا عيشاها مع سراج، حياتي معاه باردة ومن غير روح
ضيقت يسرا عيناها وهي تنظر إلي شقيقتها بترصد وسألتها مُستفسرة:
-إوعي يكون اللي إسمه محمد رجع يضايقك تاني وهو اللي ورا كلامك ده ؟
هزت رأسها بإعتراض وهتفت سريعً بنفي:
– والله العظيم ما كلمني من وقت ما حاول يتقرب مني في الواتس وأنا هـ.ـددته وقُلت له إني هقول لياسين، من وقتها وهو ما حاولش حتي يطلب مني يشوف الولد في المناسبات زي ما كان بيعمل، وبيكتفي يشوفه في الرؤية
إرتخي جـ.ـسد يسرا وأطمأنت بجلستها بعدما تأهبت أعضاء جـ.ـسدها بالكامل،وتحدثت بنبرة هادئة:
– إهدي وحاولي تفكري بعقلك يا نرمين، بصي للجانب الحلو اللي موجود في سراج
صاحت بنبرة مُعترضة علي وضعها:
-وليه ما يبقاش كويس ومحترم وفي نفس الوقت رومانسي معايا
أجابتها يُسرا بتفسير:
-علشان ماحدش بياخد كل حاجة
صاحت بنبرة غاضـ.ـبة:
-مين اللي قال لك كده، ما عندك مليكة واخدة كُل حاجة، ومع ذلك ياسين بيحبها ومافيش مناسبة إلا لما بيعبر لها قدامنا كُلنا عن حبه شِدة ليها،
واستطردت:
-وبرغم إنشغاله بين شغله وبين سفرة لبنته إلا إنه من ساعة ما أتجـ.ـوزها لحد النهاردة ما فيش شهر بيعدي غير لما يحجز لها في أفخم فنادق في إسكندرية كُلها وياخدها ويقضي معاها يوم يغرقها فيه بحبه بعيد عن الروتين والولاد والبيت، ده غير الهدايا اللي بتتصنع لها مخصوص
ليه ما أبقاش زيها يا يُسرا… جُملة حزينة خرجت من تلك المـ.ـتألمة التائهة من حالها
كانت تستمع إلي شقيقتها بحُزنٍ عميق علي ما وصلت إليه:
-تاني يا نرمين، إنتِ هترجعي للمقارنة بينك وبين مليكة تاني،ما أخدتيش عبرة من اللي حصل لك قبل كدة
واستطردت مفسرة:
-ثم مين اللي قال لك وفهمك إن مليكة واخدة كُل حاجة؟
إذا كانت مش واخدة حقها كامل في ياسين نفسه، عمرك حطيتي نفسك مكان مليكة واللي بتحسه وهي عارفة ومتأكدة إنها نص زو جة؟
ده كفاية عليها إنها محـ.ـرومة من أبسط حقوقها كزو جة، وهي إن جـ.ـوزها ينام في سريرها كل يوم وتحـ.ـس بالأمان وهو جنبها كأي ست عادية
تنهدت نرمين بأسي واكملت يُسرا حديثها العاقل وتحدثت:
-إحمدي ربنا يا حبيبتي علي اللي إنتِ فيه وبطلي تبصي علي حياة غيرك وتقارنيها بحياتك وإنتِ ترتاحي
قطع حديثهما دخول سليم وسراج اللذان كان يُقضيان سهرتهما بأحد المقاهي القريبة من مسكنهما،
ألقي سراج التحية عليهما بنبرة جادة:
– مساء الخير
ردوا تحيته ثم تحدث سليم بنبرة دعابية موجهً حديثهُ لكلتاهُما:
-طبعاً إنتم ما صدقتوا خلصتم مننا علشان تاخدوا راحتكم في الكلام بعيد عن رخامة الرجالة ودمهم الثقيل وطلباتهم اللي ما بتخلصش
إبتسمت بسرا لزو جها ببشاشة وجه وتحدثت بنبرة حنون:
-وقلبك طاوعك تقولها يا سيادة القُبطان، معقولة إحنا هننبسط في حاجة إنتم مش معانا فيها
وأكملت وهي تُشير إلي سراج بالجلوس:
-ما تقعد يا سراج واقف ليه؟
أجابها بنبرة هادئة رزينة:
– إحنا هنروح بيتنا بقا علشان نسيبكم ترتاحوا
وأكمل وهو ينظر إلي نرمين بحنو:
-يلا يا نرمين إندهي علي الأولاد علشان نتحرك
هتف سليم معترضاً وتحدث بإصرار وهو يجذب سراج من كف يـ.ـده ويحسهُ علي الجلوس :
– تروحوا ده إيه، إحنا هنكمل سهرتنا مع بعض النهاردة ونتسحر ومش هتمشوا من هنا غير بعد ما نصلي الفجر مع بعض
نظر إلي نرمين يستشف رأيها فوجد منها القبول حيث أردفت قائلة بنبرة خافتة بموافقة:
-خلاص يا سراج، إقعد نتسحر معاهم ونروح علي النوم إن شاءالله
أومأ لها بإيجاب وإبتسامة هادئة فتحدث سليم بنبرة حماسية:
-قومي يا يسرا بقا هاتي لنا الكنافة والقطايف علشان نتسلي والسهرة تحلي
أومأت بطاعة وتحدثت وهي تتحرك بإتجاه المطبخ:
-حالاً يا حبيبي كل حاجة هتكون جاهزة
أتت بعد قليل هي والعاملة تحملتان بين سواعدهم صُوانئ مرصوص عليها كُل ما لذ وطاب من مأكولات ومشروبات يشتهر بها شهر رمضان الكريم، رصت ما بيـ.ـداهم فوق المنضدة وجلست من جديد وبدأ الجميع بتبادل أحاديثهم المثمرة مع تناولهم للمأكولات بتلذذ وشهية عالية بفضل التجمع
❈-❈-❈
خرج عز من داخل حُجرته بعدما تَملل بشدة من حديث تلك المنال التي لا تهتم سّوي بالمادة وكيفية الإستفادة وفقط، سار بخطواته متجهً إلي الحديقة، وجد طارق يدخل من البوابة الحديدية بعدما ترك السيارة إلي الحارس كي يصَفها بالجراچ الخاص بالعائلة،
كان يتجه عليه وهو يتأَبّط ذراع حبيبته چيچي ويتحركان بإنسجام تام يظهر فوق ملامح كِلاهُما
تنهد عز براحة بعدما لاحظ سعادة نجلهُ المرسومة فوق ملامحهْ وسلامهُ النفسي السَكن بعيناه،إقتربا عليه وتحدث طارق بنبرة صوت يُغلفُها الإحترام ويملؤها التقدير:
-مساء الخير سعادتك
أومأ لهُ عز بملامح وجه هادئة وأردف قائلاً بهدوء:
-مساء النور يا طارق
تلتهُ بالحديث تلك الجميلة التي تتأَبّط ذر اع زو جها الحبيب بإفتخار وتباهي:
-إزي صحة حضرتك يا أنكل
الحمدلله يا بنتي… هكذا أجابها سيادة اللواء بمنتهي الحِنان الأبوي لتلك الجميله التي يعتبرها كأبنة له
نظر طارق بتمعُن علي ملامح وجه أبيه وجد حزناً عميقً يسكُن عيناه ويتأصل داخلُها فتوجه لزو جتهْ بالحديث قائلاً بنبرة هادئة:
-إطلعي إنتِ يا حبيبتي علشان البنت لوحدها مع الناني بقي لها كتير، وأكيد إشتاقت لماما
واسترسل وهو ينظر بإبتسامة حانية لأبيه:
-أنا هقعد شوية مع الباشا وأبقي أحصلك كمان شوية
أومأت له بإبتسامة وتحدثت إلي والد زو جها بإحترام:
-بعد إذن حضرتك يا انكل.
ٱومأ لها بإبتسامة حنون وأردف بهدوء:
– إتفضلي يا بنتي
بالفعل تحركت تلك الخلوقة إلي الداخل وسار هو بجانب والدهُ وجلس كلاهما حول الطاولة، سأل والدهُ علي إستحياء:
-خير يا باشا، فيه حاجة مضايقة جنابك؟
تنهد عز وتحدث لنجلهِ بنبرة مطمأنة:
-أنا كويس يا أبني
ثم استرسل حديثهُ بطريقة ناصحة رشيدة:
-خلي بالك كويس علي شركتك يا طارق
إستنبط طارق من نبرات ونظرات والدهُ انهُ وبدهائه إستطاع إدراك ما يجري داخل عقل تلك اللمار وشقيقهُ الابلهْ عديم الخبرة، فنطق بحديث هادئ ذات مغزي ليُطمأن غاليه:
-إطمن يا باشا وريح بالك من الناحية دي، ده أنا تربية سيادة اللواء عز المغربي
هز ذاك الذئـ.ـب رأسهُ بإستحسان لولده الفَطِن والذي ورث عنه الذكاء والدهاء والحكمة والهدوء
في تلك الأثناء إستمعا كلاهُما إلي صوت بوق سيارة ذاك العُمر الذي تركها بمقدمة البوابة الحديدية، وبمرحهْ المُعتاد ألقي بالمفتاح الخاص بها عالياً في الهواء ليلتقطهُ الحارس المبتسم علي مداعبات ذاك الشاب الأرعَن الذي يختلف بطباعهُ كُلياً عن رجال العائلة والذين تتسم شخوصهم جميعاً بالعقل والرزانةِ والإتزان
خطي بساقيه إلي الداخل وهو يبتسم ويصفق بيداه متفاخراً بحاله كالأبلهْ،لحظة لم تدُم طويلاً بعدما إكتشف وجود أباه الناظر عليه بحِـ.ـدة حيث كان عز يرمقهُ بنظرات حـ.ـادّة غير راضية عن ذاك المستهتر ، تحمحم والتقط أنفاسهُ بإرتياب عِندما رأي نظرات عز الثاقبة والموجهة إليه بسخط
سار بإتجاههم وتحدث بنبرة صوت جادة لملامح متصنعة الخجل:
-مساء الخير يا باشا
كُنت فين …كان هذا سؤال خرج بطريقة حادّة من فَـ.ـم عز متجاهلاً تحيتهُ
تحمحم وتحدث بنبرة مترقبة:
– كُنت سهران مع أصحابي يا بابا
هتف عز بنبرة حادّة موبخاً إياه:
– يا ابني هو إنتَ مش ناوي تعقل وتبطل السرمحة بتاعتك دي؟
مش المفروض إنك كبرت وعقلت،
ثم استرسل وهو يتعمق بداخل عيناه بترقبْ شديد:
-ثم الهانم مراتك وضعها إيه من السرمحة بتاعتك دي
واستطرد متهكماً علي كلاهما:
-هو مش المفروض إنكم متجوزين عن قصة حُب ولا قصة روميو وچوليت، إزاي بتسيبك تخرج لوحدك وتتأخر بالشكل ده ؟!
تحدث بنبرة مَرحة وهو يهتز بجـ.ـسدهِ بطريقة لا تليق بوقوفهُ أمام والده، متناسياً حاله:
.- Dad, Lamar is easy.
واسترسل بنبرة ساخرة:
-دي بنت إتربت واتعلمت في إنجلترا، يعني معندهاش العُقد والكلاكيع بتاعت بنات الشَرق دي
إستـ.ـشاط داخل عز وهتف بنبرة غاضـ.ـبة:
-ما تقف علي بعضك يلاّ وتسترجل كدة، ولا أنتَ هرمونات أَمَك منال طفحت عليك وأنا معرفش
تحمحم ووضع كفاه فوق بعضهما ثم أنزل بصرهِ لأسفل قدماه خجلاً وتحدث بنبرة أشـ.ـعلت عز أكثر:
-I’m sorry, dad
قطب عز جبينهُ وهتف بنبرة صارمة:
-يا إبني إعدل لسانك وإتكلم بلغة بلدك، أنا مش قُلت لك قبل كدة مش عاوز اسمعك بتتكلم إنجليزي قدامي تاني ؟
هو إنتَ يا أبني عاوز تجلطني؟
هُنا قرر طارق التدخُل بعدما رأي إحتدام وجه أبيه، فتحدث بنبرة هادئة:
-إهدي يا باشا من فضلك، عُمر بيتكلم كدة غصب عنه، ده راجل عاش في لندن عشر سنين بيدرس هناك، فطبيعي لسانه ياخد علي اللغة الإنجليزية
نظر إلي شقيقهُ وهتف بنبرة حماسية:
-برافوا عليك يا طارق، هو ده بالظبط الكلام المعقول
زفر عز بإستسلام من ذاك الغريب الطباع وتحدث إليه من جديد في إشـ.ـارة منه بيـ.ـدة يدعوهُ فيها للجلوس:
-طب إقعد علشان عاوز اتكلم معاك في موضوع مهم قدام أخوك
واسترسل سريعاً قبل ان ينطق ذاك الذي سيُصيبهُ بنوبة قلبية ذات يومٍ لا محال:
-بس قبل ما تقعد مش عاوز أسمع منك ولا كلمة إنجليزي طول ما إحنا قاعدين بنتكلم
وأكمل بتأكيد عليه:
-مفهوم ؟
أومأ لهُ عمر عدة مرات متتالية دلالة علي التأكيد وسـ.ـحب مقعداً وجلس مترقباً حديث والدهُ، أخذ عز نفساً عميقاً لضبط إنفعالاته وتحدث متسائلاً:
-هي الهانم مراتك مش ناوية تخلف لك حتة عيل يشيل إسمك ولا إيه؟
تنهد عُمر حينما تذكر ذاك الموضوع الذي يؤرقهُ وزو جتهْ ثم تحدث بنبرة متأثرة:
-لمار لسة متأثرة من اللي حصل معاها في البيبي الأول يا باشا
واسترسل وهو يهز رأسهُ بتأثُر:
-اللي حصل معاها مش قليل، دي واحدة فقدت بنتها أثناء الولادة وملحقتش حتي تشيلها وتضُـ.ـمها في حُـ.ـضنها
هتف عز بنبرة حـ.ـادّة تَنّمُ عن مّدي غضـ.ـبه من تلك اللمار وعدم تقبلهُ لأفعالها:
-وهو كان مين السبب في اللي حصل لها يا حبيبي، مش غبـ.ـائها وتهـ.ـورها وتصرفها الأرعن الغير مسؤل ؟
واسترسل بنبرة حادّة وهو ينظر إلي طارق موجهً إليه الحديث:
-فيه عقل في الدنيا يقول إن ست حامل في شهرها التاسع تسافر لوحدها من إسكندرية للقاهرة وهي سايقة عربيتها بنفسها؟!
أجابهُ عُمر مدافعاً عن زو جتهْ:
-وهي كانت هتعرف منين يا بابا إن اللي إسمه إيه ده الطُلق هيجي لها في الطريق، دي لولا الست وجوزها اللي شافوا عربيتها راكنة ونزلوا يشوفوها بعد ما لاحظوا إنها فاقدة الوعي،ونقلوها بعربيتهم وأخدوها علي المستشفي كانت ماتت هي كمان ومحدش حـ.ـس ببها
تأثر طارق بمظهر شقيقهُ الذي يروي تفاصيل تلك الليلة المشؤمة التي مّر عليها أكثر من عام ومازال أثرها غـ.ـارزاً داخل نفسه كأب حُرم من صغيرته حتي من قبل أن يراها ويحتـ.ـضنها
فقد فارقت الصغيرة الحياة بعد خروجها من رحَم والدتها بعدة دقائق وذلك ما قيل له بعدما حضر إلي المشفي هو وطارق ووليد بعد ولادة الصغيرة بحوالي خمسة ساعات، فلم يخطرهُ أحداً مبكراً لشدة خطورة حالة لمار والطِفلة كما أكد لهم الطبيب
وكان الطبيب قد قص علي مسامعهم ان الرجل وزو جتهُ قد وجدا لمار تقطن بداخل سيارتها بالطريق الصحراوي بالقرب من القاهرة،ولما نزلا ليستكشفا الأمر ،وجدا تلك اللمار جالسة بسيارتها وهي فاقدة للوعي تماماً وبحالة يُرثي لها ويبدوا من حالتها أنها في حالة المُخاض
تحركا سريعاً ونقلاها إلي سيارتهما وتوجها بها إلي أقرب مَشفي بالقاهرة وأضطر الطبيب أن يُجري لها عملية قيصرية سريعة حتي يُخرج الصغيرة كي يستطيع إنقاذ حالة الأم الحرجة،
وهذا ما قصهُ عليهم الطبيب وأيضاً الرجُل وزو جته وتأكد منه ياسين الذي عاد من ألمانيا وقام بمعاينة سيارة لمار ووجد بها الأثار التي تدل علي الولادة، وقد قام بهذا لشدة حذرة والشك الدائم الذي بات يلازمهُ فيمن يحيطون به، وليس هذا شكاً بشخص لمار بذاتها ولكنها أصبحت عادته بعدما إرتفع إسمهُ في سماء المخابرات المصرية بفضل العمليات الإستخباراتية الذي قام بها بأواخر السِت أعوام المنصرمة وجعلت من نجمهِ يعلو ويعلو وهذا جعله مستهدفاً أكثر من جهات عِدة ولهذا فقد بات يُشدد من وضع الحراسة علي كل أفراد عائلتهُ
تحدث طارق بنبرة حنون وهو يُربت علي كـ.ـتف شقيقهُ بمؤازرة:
-هون علي نفسك يا عُمر، وماتخليش تجربة عدت تعلم في نفسك إنتَ ومراتك وتوقفوا حياتكم بسببها
تحدث بنبرة حنون تدل علي مدي تعاطفهُ مع زو جته:
-لمار حـ.ـساسة جداً من ناحية الموضوع ده يا طارق، هي مش قادرة تتخطي اللي حصل لها لحد الآن ولسة موجـ.ـوعة
واستطرد معللاً:
-دي حتي الجلسات النفسية اللي كانت بتروحها علشان تقدر تتخطي الأزمة النفسية اللي حصلت لها بعد الحـ.ـادثة ، ماقدرتش تفيدها وتخليها تنسي كل اللي حصل لها وهي لوحدها
هتف عز بنبرة حادّة مقللاً من تضخيم نجلهُ لحالة زو جته:
-اللي مـِ.ـراتك فيه ده إسمه دلع ستات ماسخ،
واسترسل مستشهداً:
-ما عندك مِرات ياسين أكبر مثال قدامك أهي، حملت وفقدت الجنين واتـ.ـوجعت وزعلت عليه، ومع ذلك ما كملتش خمس شهور وحِملت تاني وأهي في شهرها الرابع وزي الفُل
أردف عُمر موضحاً لوالده الفرق:
-يا بابا شخصية مليكة غير لمار مراتي خالص،مليكة حد مُسالم وراضية بحالها وعايشة علشان تحقق رغبات جوزها واللي حواليها بدون إعتراض
واكمل مقللاً من شخصية مليكة:
– ويمكن حتي بدون تفكير
واسترسل بقوة وإعجاب:
– لكن لمار شخصيتها قوية ومحدش بيقدر يجبـ.ـرها علي حاجه هي مش عاوزة تعملها، وهي من جواها لسة مش حاسة إنها عاوزة تخوض التجربة مرة تانية
واسترسل وهو يرفع كتفاه:
-أنا ما اقدرش اجبـ.ـرها علي حاجة هتكون مرهقة نفسياً ليها يا بابا
تنهد عز بأسي على حال نجله الذي لا يرتقي لما كان يتمناه، أما طارق، فتحدث بنبرة جادة مدافعاً عن مليكة فهو أكثر الناس بمعرفة شخصيتها:
-مليكة عمرها ما كانت ضعيفة ولا شخصية هشة منقادة يا عُمر علشان تتكلم عنها بالإستخفاف ده، كُون إن مليكة بنت أصول وعاقلة وبتحترم كل اللي حواليها، فده ما يقللش منها ولا يدينا الحق إننا نتهمها بالخضوع والهوان والذُل
أجابهُ بهدوء:
-أنا ما قصدتش من كلامي عن مليكة إني أقلل منها يا طارق، أنا مجرد وصفت شخصيتها واللي أنا شايفها كدة علي الأقل من وجهة نظري
رد عليه عز بنبرة حادّة ساخراً منه:
-وجهة نظرك دي تروح تبلها وتشرب ميتها إنتَ ولمار بتاعتك،
واكمل:
-لما تبقي دي وجهة نظرك في شخصية محترمة زي مليكة، يبقي تروح تكشف نظر يا إبن سيادة اللواء
واسترسل بتهكم:
-مع إن المفروض كنت كشفت من زمان، من وقت ما حبيت البرنسيسة بتاعتك وجبتها لنا هنا علي البيت
كظم عُمر غيظه من حديث والدهُ دائم التقليل من شأنه، فتحدث عز من جديد بنبرة جادة:
-إستـ.ـرجل يا أبني وإنشف شوية مع مـ.ـراتك، أنا عاوزك أشوف لك إبن في أقرب وقت ممكن
واسترسل بنبرة تهديدية:
-يا إما تركن إنتَ علي جنب طالما خايف علي مشاعر الهانم أوي كدة وخليني مني ليها، وأنا بقي هعرف أقنعها بطريقتي الخاصة
واستطرد بنبرة حادّة أخافت عُمر:
– مفهوم يا أبو قلب حنين
إبتلع لعابهُ وتحدث بطاعة:
-مفهوم يا باشا
وقف وتحدث وهو ينتوي الذهاب:
-أنا طالع أخد شاور سريع وأنزل علشان ألحق السُحور
أشار لهُ عز بالإنصراف فتحرك سريعاً بهرولة وكأنهُ طيراً حبيساً أطلق سراحهُ
تنهد عز وهو ينظر علي أثره بتدقيق وتحدث بنبرة صوت مهمومة:
-ما حدش واجع قلبي ومعكر صفو حياتي قد عُمر يا طارق، دايماً قلقان عليه وشايل همه
أجابهُ طارق بنبرة هادئة كي يهون علي والدهُ:
-ليه بتقول كدة يا باشا، ما هو حاله إنصلح أهو وبقي ملتزم في شغله وكمان بيترقي فيه،وساب الشلة البايظة اللي كان ماشي معاهم، وربنا هداه وإستقر وإتجوز
نطق عز بنبرة تنم عن مّدي عدم تقبلهُ وإنزعاجهُ من تلك الزيجة:
-جوازة الشوم والندامة، البِت دي عُمري ما أرتحت لها ولا قِبـ.ـلتها ،عزائي الوحيد إن أخوك بيحبها ومبسوط معاها
أردف طارق بنبرة هادئة:
-هون علي نفسك يا باشا، وزي ما سعادتك لسة قايل،هي قدرت تخليه يحبها وهو مبسوط فعلاً معاها وده كلنا شايفينه بعيونا
وتحدث بدُعابة كي يُخرجهُ من حالة الأسي تلك:
-بس سعادتك خـ.ـدتني في الكلام وما قولتليش مالك،
واسترسل مُداعباً إياه:
-هي منال هانم منكدة عليك ولا إيه؟
أجابهُ بطريقة ساخرة:
-وهي أمك بتعمل إيه في حياتها غير إنها بتنكد عليا حياتي، دي لو لا سمح الله نامت يوم من غير ما تنكد عليا فيه، بصعب عليها وتاني يوم بتديني الجُرعة مضاعفة
قهقه طارق علي دعابة والدهُ الذي وبرغم منصبه العظيم إلا أنه لن يتخلي يوماً عن روح الدُعابة الذي إتسمت بها شخصيتهُ المرحة وعشقهُ الجميع بها
❈-❈-❈
في اليوم التالي، وفي تمام الساعة الواحدة مساءً بتوقيت ألمانيا
داخل الساحة الخاصة بجامعة هايدلبرغ الألمانية المتواجدة داخل دولة ألمانيا، كانت تجاور زميلاتها من العرب والمصريات الوقوف، تتبادلن الأحاديث الشيقة بينهُن ، قطع حديثهم ذاك الدخيل الذي تحدث قائلاً بنبرة رخيمة :
-شلونكم صبايا
ردت عليه جميع الموجودات بلهفة وإهتمام وهُن تسلطن عليه أبصارهُن بإهتمامٍ شديد وإعجاب، عدا تلك الأيسل التي لم تكلف حالها عناء النظر لوجههِ وضلت علي حالها وهي تتحدث إلي إحدي صديقتها غير مبالية بذاك المتعالي الذي أردف بتعالي مكملاً ليُخبرهم وكأن قراراتهُ تنفذ بطاعة عمياء، ولا مجال حتي لمناقشتها بينهم:
– شباب، بكرة كِلّكُم معزومين على الفطور في أفخم مطعم في ألمانيا
إنبهرت جميع الموجودات ونظرن عليه وبدأن بالتعبير له عن مّدي سعادتهن ونثرهِ بعبارات الشُكر والعِرفان عدا تلك التي لا تُعير لحديثهُ إهتمام وكأنهُ هو والعدم سواء مما جعل داخلهُ يستشيط من تلك التي يصفها بالغرور والتعالي عليه، لكنهُ وبرغم غضبهِ الهائل منها إستطاع أن يتمالك من حاله وسألها بترقب شديد:
-ما قِلتي شي أيسل،
وأكمل بغرور وثقة زائدة عن الحَد:
– راح تيچين عزومتي أكيد
بمنتهي البرود حولت بصرها إليه ثم رفعت نظارتها الشمسية لتُكشف عن فيروزتيها الساحرتان والتي رمقته بهما بإستغراب ثم إبتسمت بجانب شِـ.ـفتها وتحدثت بنبرة ساخرة مقللة من شأنه أمام الجَمع:
-وهو أنا أعرفك أصلاً علشان أقبل عزومتك؟
رفع قامته لأعلي بكبرياء وتعاليِ ثم هتف بنبرة متعجرفة مختالاً بحاله:
– ماكو أحد في الكلية كِلها ما يعرف نواف العبدالله
واسترسل بغرور:
– أنا مثل الشمس، واضح ونوري وخيري مغطي علي الچميع وفايض
ضحكت ساخرة وهزت رأسها وهي تنظر إليه بطريقة توحي بمّدي إشمئزازها من طريقته التي تتسم بالغرور والكبرياء، وتحركت من أمامهُ متجاهلة إياه، تاركة المجلس بأكمله كي لا تفتعل معه المشاكل، نظر عليها بغيظ وتحدث إلي صديقتها بيسان بطريقة حادة تؤكد مّدى وصوله للإحتدام من تلك الأيسل:
– مين تِحسِبْ نَفِسْها علشان تكلمني بهالطريقة، لو على الچمال نواف قابل اللي أچمل منها آلاف المَرات
تحدثت إليه إحدي الفتيات وتُدعي بيسان بنبرة صادقة:
-الحكاية مش حكاية جمال وبس يا نواف، أيسل بنت عيلة كبيرة جداً في مصر، بباها عميد في الجيش المصري تقريباً، وجدها كمان لواء وليه وضعة هناك، زائد إنهم عيلة غنية جداً
ضحك ساخراً حد القهقهة وتحدث بنبرة مُقللة من شأن عائلة أبسل:
-عميد إيش ولواء إيش اللي تتكلمين عليهم،
وأكمل متجبراً رافعً وجههُ لأعلي بشموخ وتعالي وإفتخار بحاله:
-أنا نواف العبدالله اللي لو أشاور بصُبعي الصغير لچدها اللوا هاذا راح ييچيني ركض وهو يلهث من كُثر الإهتمام، ومو بعيد ينزل يحِب على يدّي.
نظرت إليه بيسان وتحدثت بتوضيح:
– أهو إسلوبك في الكلام بالطريقة دي هو اللي مخليها تعاملك كده، بصراحة يا نواف ومن غير زعل،طريقتك دي تنفع مع أي بنت تانية إلا أيسل
وشنو الاسلوب اللي ينفع مع بنت سيادة العميد ؟، كان هذا سؤالً طرحهُ ذاك المغرور علي بيسان وهو ينظر إليها بتدقيق مترصداً إجابتها بإهتمام
وأكمل وهو يزفر بضيق:
-أنا جربت معاها كُل الطرق، الهدايا اللي تجيب راس البنات من الأخر مثل ما تجولون عِندكم في مَصِرْ ، چِبت لها أغلي الهدايا ورفضتها كلها
ورفع كتفاه بإستسلام سائلاً إياها بترقب:
-إيش أسوي معاها هالحين لحتي ترضى تصادقني وتمشي وياي
أجابته بيسان بنبرة جادة صادقة:
– مش دي السكة اللي هتجيب مع أيسل وتشدها ليك يا نواف، أيسل لا محتاجة هدايا من حد ولا حتي فلوس، دي بمجرد ما بتفكر في الحاجة بتكون عندها في لحظتها، بباها وجدها مش مخلينها محتاجة لأي حاجة
قطب جبينهُ وسألها مستفسراً بإكتراث:
– و الحين إيش الطريقة اللي تنفع وياها ؟
وأسترسل حديثهُ بعناد وشراسة:
-أنا أريدها تكون معي، ما في بنت عاندتني مثل ما إهي سوّت فيني.
وأكمل بتكبر وغرور :
– طول عُمري أأشّر للي أريدها بصُبُع يدّي وبلحظة تكون تحت شوري
ردت عليه نور التي كانت تتسمع علي حديثهما بإهتمام وترقُب وذلك لإعجابها الشديد به وبماله الوفير :
– عاوز نصيحتي يا نواف، خرج البنت دي من دماغك لأنها مش من النوع اللي هترتاح معاها ويقدر يبسطك
وأكملت بملامح وجه مشمئزة:
– دي بنت متخلفة ومتعرفش أي حاجة عن التحضر والعلاقات المتحررة
واسترسلت:
-من الآخر كدة عمرها ما هتوافق تصاحبك
نظر لها وتحدث بإصرار ظهر داخل مقلتيه:
_وأنا ماتعودت استسلم، وللحين ما انخلقت اللي تقول لا لنواف العبدالله،
وأكمل بتحدي وهو ينظر لكلتاهما بإبتسامة واثقة:
_ وبكرة تشوفون
قال كلماته وتحرك مبتعداً عنهما تاركً كلتاهما تنظر إليه بإستغراب لكّم الإصرار والتحدي الذي ظهر بعيناها
إنتهي الفصل
لايك و كومنت ليصلك الفصل الرابع🦋الفصل الثالث🦋
داخل حُجرتهُ الخاصة، كان يجلس فوق مقعدهُ الموضوع أمام تخته مباشرةً، يرتدي نظارتهُ الطبية التي تزيدهُ وقاراً ورُقي، ينظر بتمعُن علي شاشة التلفاز المُعلقة بالحائط ، يُشاهد من خلالها ويستمع إلي إحد البرامج السياسية المُفضلة لديه، وهو يحتسي قدحاً من القهوة التي أحضرتهُ له العاملة بعد أن طلبهُ منها ، فُتح باب الغُرفة وظهرت من ورائه تلك التي خطت للداخل تتحرك بخطوات إمرأة أرستقراطية راقية
وتحدثت قائلة وهي تتجه إليه بهدوء:
-قاعد لوحدك ليه يا سيادة اللواء ؟
تنفس بهدوء وأجابها وهو ينظر علي شاشة التلفاز بتمعُن وتدقيق دون النظر إلي وجهها:
-بشوف الأخبار والدنيا موديانا علي فين.
إبتسمت وجلست بالمقعد المُجاور له وأراحت ظهـ.ـرها للوراء ثم وضعت ساقً فوق الآخري بإرتقاء وتعالي، وتحدثت بنبرة مترقبة:
-عز، كُنت عاوزة أتكلم معاك في موضوع مُهم
حول بصرهِ إليها ونظر لها بتمعن وأردف متسائلاً بإستفسار:
-خير يا منال؟
موضوع إيه ده الي عوزاني فيه؟
أجابته بنبرة حماسية ظناً منها بأن ما ستقصهُ علي مسامعه سينول إستجواده:
-عُمر ولمار عاوزين يشاركوا مليكة في الأسهم بتاعتها، جايبين عروض حلوة أوي هتكَسِب الشركة ملايين في وقت قصير جداً
وبدأت تروي لهُ كُل ما أخبرتها به تلك اللمار اللئيمة،بعدما إنتهت من سردها نظر لها وأردف بنبرة حادّة:
-قولي لإبنك والحيزبونة اللي ماشي وراها يتلموا ويبعدوا عن مليكة وأولادها، بدل ما ياسين يحطهم في دماغه ويكرهـ.ـهم في عيشتهم
أردفت متسائلة بإستغراب وهي تنظر إليه متعجبة ردة فعلهِ العنيـ.ـفة:
– وياسين إيه اللي هيزعله من الخير اللي هيدخل لمليكة وأولادها من ورا الموضوع ده يا عز؟!
هتف بنبرة حادة شارحاً لها رؤيتهُ من خلال منظورهُ:
– اللي إسمها لمار دي مابيجيش من وراها خير يا منال، دي بنت طماعة والمكسب أهم حاجة عندها ومش مهم المبدأ ولا الطريقة اللي هييجي منها
وأكمل متأثراً بنبرة يملؤها الشَجن علي حال صغيرهُ الذي تحول دُمية في يـ.ـد تلك الحية الرقطاء :
-قولي لعُمر عيب يبص لمال اليتامي ويطمع فيه،
مش إبن عز المغربي اللي يعمل كدة
أجابتهُ مُعترضة علي رأيه والتي تراهُ ليس صائباً:
-طمع إيه اللي بتتكلم عنه ده يا عز؟!
وأستطردت بتفسير:
– الأولاد بيجتهدوا وبيدوروا علي فرصة يحاولوا يبنوا بيها مستقبلهم، وبالصدفة جالهم عرض هيكسبوا من وراه دهب،بس شرطهم إن الشركة اللي هيوردوا لها تكون شغالة في السوق من فترة كبيرة
واسترسلت بتعلُل:
-لأن حجم الإستثمارات بتاعهم كبير ومحتاجين ينزلوا بتقلُهم في السوق المصري، وده طبعاً مش هيحصل إلا عن طريق شركة موثوق فيها زي ما قُلت لك
وأكملت متعجبة:
-أنا الحقيقة مش فاهمة إنتِ معترض علي إيه يا عز؟
هتف مقاطعاً إياها بنبرة صارمة لا تقبل النقاش:
– منال، قفلي علي الموضوع ده ومش عاوز أسمع أي كلام فيه تاني نهائي
وأستطرد بنبرة تحذيرية:
-بلغي مرات إبنك الحـ.ـرباية وقولي لها تتلم وتشيل الموضوع ده من دماغها علشان ما أحطهاش أنا شخصياً في دماغي
واسترسل بنبرة ساخرة:
-وياريت بدل ما هي دايرة تخطط وتكتك إزاي تستولي علي ورث اليتامي، تروح تشوف موضوع الخِلفة وتجيب لها حتة عيل بدل ما هي قاعدة لنا زي البيت الوقف، لا منها ولا كفاية شـ.ـرها
واستطرد لائماً زو جته:
-من ساعة البنت اللي خلفتها لنا ونزلت ميته وهي ولا حـ.ـس ولا خبر
وسيادتك بدل ما تهتمي بنفسك بالموضوع وتتابعي معاها عند دكتور موثوق فيه، سيباها بمزاجها وعايمة علي عومها، لحد ما بقت بتحركك إنتِ وإبنك زي ما بتحرك قطع الشَطرنج
قال كلماته الحادّة وانتفض واقفً من جلسته وتحرك خارج الغُرفة تحت غضب منال وإستشاطتها من ردة فعله المبالغ بها من خلال وجهة نظرها الضئيلة للأحداث
نظرت علي أثره وتحدثت مُتعجبة بنبرة صوت مسموعة:
-إتجنن ده ولا إيه؟!
❈-❈-❈
داخل منزل يُسرا المجاور لوالدتها
هتفت يُسرا مستفهمة بإنـ.ـزعاج ظهر فوق ملامحها جراء إستماعِها لحديث شقيقتها التي تجاورها الجلوس :
-إيه الكلام الفارغ اللي بتقوليه ده يا نرمين؟
أطلقت نرمين تنهيدة حارة تنم عن مّدي إحباطها، ثم أعادت بما تفوهت به علي مسامع شقيقتها بنبرة يملؤها الإحباط والألـ.ـم :
-اللي سمعتيه يا يسرا، أنا مش قادرة أتأقلم علي وجود سراج في حياتي، ولا عارفة أحبه وأعيش معاه المشاعر اللي كُنت بعيشها وأحـ.ـسها مع محمد
جحظت عيناى يسرا بذهول مما إستمعت وهتفت بإمتعاض:
-إنتِ شكلك إتجننتي يا نرمين؟
محمد مين الواطـ.ـي ده كمان اللي بتقارنيه براجل محترم وإبن ناس زي سِراج
هزت رأسها بيأس وأسترسلت بملامح وجه متأثرة:
– المشكلة مش في محمد ولا القصة في إني بقارن بينهم، المشكلة في سراج نفسه
وأكملت بغصة مرة:
– سراج راجل عملي أوي والرومانسية ملهاش أي وجود في حياته، مش قادر يِشبع غريـ.ـزتي العاطـ.ـفية يا يُسرا
واستطردت بإبانة:
-أنا ما انكرش إن سراج راجل طيب ومحترم وبيعاملني كويس، بس أنا مُشكلتي معاه أني عمري ما حـ.ـسيت ناحيته إحـ.ـساس الحبيب، أوقات بحِـ.ـسُه زي ما يكون أبويا في عَطفه عليا وعلي علي، وساعات أخويا في حنيته وخوفه علينا
وأكملت وهي تنظر لشقيقتها:
-أنا محتاجة أحِـ.ـس إني سِت، آُنثي، فهماني يا يُسرا؟
أطلقت يسرا تنهيدة حَارة لأجل تألـ.ـم شقيقتها الظاهر بصوتها وفوق ملامحها وتحدثت كي تواسيها وتخفف عنها شعورها بالحِرمـ.ـان العاطفي التي تشعر به من زو جها سيادة العقيد:
-لازم تعرفي إن معظم الرجالة مش رومانسيين بطبعهم، وفيه رجالة بتحب ستاتهم بس مبيعرفوش يعبروا عن مشاعرهم بالكلام، لكن بيبان حبهم ده في أفعالهم
وأكملت مستشهدة:
– زي سراج جـ.ـوزك مثلاً، يمكن مابيعرفش يعبر لك عن حبه ليكي ومدي غلاوتك عنده، لكن حبه ليكي بيظهر من خلال أفعاله، واللي كلنا شايفينه ومتأكدين منه هو إن سراج بيحبك جداً وبيحب علي وبيعامله زيه زي أحمد إبنه بالظبط وبيتقي الله فيه وفيكي
وأسترسلت بإقناع:
-عاوزة إيه تاني أكتر من كده يا حبيبتي
نزلت دمعة من عيناها وأردفت قائلة بإستياء:
-عاوزة أحس إني ست ومرغـ.ـوبة من جـ.ـوزي يا يسرا، مش قادرة أتأقلم مع الحياة الروتينية اللي أنا عيشاها مع سراج، حياتي معاه باردة ومن غير روح
ضيقت يسرا عيناها وهي تنظر إلي شقيقتها بترصد وسألتها مُستفسرة:
-إوعي يكون اللي إسمه محمد رجع يضايقك تاني وهو اللي ورا كلامك ده ؟
هزت رأسها بإعتراض وهتفت سريعً بنفي:
– والله العظيم ما كلمني من وقت ما حاول يتقرب مني في الواتس وأنا هـ.ـددته وقُلت له إني هقول لياسين، من وقتها وهو ما حاولش حتي يطلب مني يشوف الولد في المناسبات زي ما كان بيعمل، وبيكتفي يشوفه في الرؤية
إرتخي جـ.ـسد يسرا وأطمأنت بجلستها بعدما تأهبت أعضاء جـ.ـسدها بالكامل،وتحدثت بنبرة هادئة:
– إهدي وحاولي تفكري بعقلك يا نرمين، بصي للجانب الحلو اللي موجود في سراج
صاحت بنبرة مُعترضة علي وضعها:
-وليه ما يبقاش كويس ومحترم وفي نفس الوقت رومانسي معايا
أجابتها يُسرا بتفسير:
-علشان ماحدش بياخد كل حاجة
صاحت بنبرة غاضـ.ـبة:
-مين اللي قال لك كده، ما عندك مليكة واخدة كُل حاجة، ومع ذلك ياسين بيحبها ومافيش مناسبة إلا لما بيعبر لها قدامنا كُلنا عن حبه شِدة ليها،
واستطردت:
-وبرغم إنشغاله بين شغله وبين سفرة لبنته إلا إنه من ساعة ما أتجـ.ـوزها لحد النهاردة ما فيش شهر بيعدي غير لما يحجز لها في أفخم فنادق في إسكندرية كُلها وياخدها ويقضي معاها يوم يغرقها فيه بحبه بعيد عن الروتين والولاد والبيت، ده غير الهدايا اللي بتتصنع لها مخصوص
ليه ما أبقاش زيها يا يُسرا… جُملة حزينة خرجت من تلك المـ.ـتألمة التائهة من حالها
كانت تستمع إلي شقيقتها بحُزنٍ عميق علي ما وصلت إليه:
-تاني يا نرمين، إنتِ هترجعي للمقارنة بينك وبين مليكة تاني،ما أخدتيش عبرة من اللي حصل لك قبل كدة
واستطردت مفسرة:
-ثم مين اللي قال لك وفهمك إن مليكة واخدة كُل حاجة؟
إذا كانت مش واخدة حقها كامل في ياسين نفسه، عمرك حطيتي نفسك مكان مليكة واللي بتحسه وهي عارفة ومتأكدة إنها نص زو جة؟
ده كفاية عليها إنها محـ.ـرومة من أبسط حقوقها كزو جة، وهي إن جـ.ـوزها ينام في سريرها كل يوم وتحـ.ـس بالأمان وهو جنبها كأي ست عادية
تنهدت نرمين بأسي واكملت يُسرا حديثها العاقل وتحدثت:
-إحمدي ربنا يا حبيبتي علي اللي إنتِ فيه وبطلي تبصي علي حياة غيرك وتقارنيها بحياتك وإنتِ ترتاحي
قطع حديثهما دخول سليم وسراج اللذان كان يُقضيان سهرتهما بأحد المقاهي القريبة من مسكنهما،
ألقي سراج التحية عليهما بنبرة جادة:
– مساء الخير
ردوا تحيته ثم تحدث سليم بنبرة دعابية موجهً حديثهُ لكلتاهُما:
-طبعاً إنتم ما صدقتوا خلصتم مننا علشان تاخدوا راحتكم في الكلام بعيد عن رخامة الرجالة ودمهم الثقيل وطلباتهم اللي ما بتخلصش
إبتسمت بسرا لزو جها ببشاشة وجه وتحدثت بنبرة حنون:
-وقلبك طاوعك تقولها يا سيادة القُبطان، معقولة إحنا هننبسط في حاجة إنتم مش معانا فيها
وأكملت وهي تُشير إلي سراج بالجلوس:
-ما تقعد يا سراج واقف ليه؟
أجابها بنبرة هادئة رزينة:
– إحنا هنروح بيتنا بقا علشان نسيبكم ترتاحوا
وأكمل وهو ينظر إلي نرمين بحنو:
-يلا يا نرمين إندهي علي الأولاد علشان نتحرك
هتف سليم معترضاً وتحدث بإصرار وهو يجذب سراج من كف يـ.ـده ويحسهُ علي الجلوس :
– تروحوا ده إيه، إحنا هنكمل سهرتنا مع بعض النهاردة ونتسحر ومش هتمشوا من هنا غير بعد ما نصلي الفجر مع بعض
نظر إلي نرمين يستشف رأيها فوجد منها القبول حيث أردفت قائلة بنبرة خافتة بموافقة:
-خلاص يا سراج، إقعد نتسحر معاهم ونروح علي النوم إن شاءالله
أومأ لها بإيجاب وإبتسامة هادئة فتحدث سليم بنبرة حماسية:
-قومي يا يسرا بقا هاتي لنا الكنافة والقطايف علشان نتسلي والسهرة تحلي
أومأت بطاعة وتحدثت وهي تتحرك بإتجاه المطبخ:
-حالاً يا حبيبي كل حاجة هتكون جاهزة
أتت بعد قليل هي والعاملة تحملتان بين سواعدهم صُوانئ مرصوص عليها كُل ما لذ وطاب من مأكولات ومشروبات يشتهر بها شهر رمضان الكريم، رصت ما بيـ.ـداهم فوق المنضدة وجلست من جديد وبدأ الجميع بتبادل أحاديثهم المثمرة مع تناولهم للمأكولات بتلذذ وشهية عالية بفضل التجمع
❈-❈-❈
خرج عز من داخل حُجرته بعدما تَملل بشدة من حديث تلك المنال التي لا تهتم سّوي بالمادة وكيفية الإستفادة وفقط، سار بخطواته متجهً إلي الحديقة، وجد طارق يدخل من البوابة الحديدية بعدما ترك السيارة إلي الحارس كي يصَفها بالجراچ الخاص بالعائلة،
كان يتجه عليه وهو يتأَبّط ذراع حبيبته چيچي ويتحركان بإنسجام تام يظهر فوق ملامح كِلاهُما
تنهد عز براحة بعدما لاحظ سعادة نجلهُ المرسومة فوق ملامحهْ وسلامهُ النفسي السَكن بعيناه،إقتربا عليه وتحدث طارق بنبرة صوت يُغلفُها الإحترام ويملؤها التقدير:
-مساء الخير سعادتك
أومأ لهُ عز بملامح وجه هادئة وأردف قائلاً بهدوء:
-مساء النور يا طارق
تلتهُ بالحديث تلك الجميلة التي تتأَبّط ذر اع زو جها الحبيب بإفتخار وتباهي:
-إزي صحة حضرتك يا أنكل
الحمدلله يا بنتي… هكذا أجابها سيادة اللواء بمنتهي الحِنان الأبوي لتلك الجميله التي يعتبرها كأبنة له
نظر طارق بتمعُن علي ملامح وجه أبيه وجد حزناً عميقً يسكُن عيناه ويتأصل داخلُها فتوجه لزو جتهْ بالحديث قائلاً بنبرة هادئة:
-إطلعي إنتِ يا حبيبتي علشان البنت لوحدها مع الناني بقي لها كتير، وأكيد إشتاقت لماما
واسترسل وهو ينظر بإبتسامة حانية لأبيه:
-أنا هقعد شوية مع الباشا وأبقي أحصلك كمان شوية
أومأت له بإبتسامة وتحدثت إلي والد زو جها بإحترام:
-بعد إذن حضرتك يا انكل.
ٱومأ لها بإبتسامة حنون وأردف بهدوء:
– إتفضلي يا بنتي
بالفعل تحركت تلك الخلوقة إلي الداخل وسار هو بجانب والدهُ وجلس كلاهما حول الطاولة، سأل والدهُ علي إستحياء:
-خير يا باشا، فيه حاجة مضايقة جنابك؟
تنهد عز وتحدث لنجلهِ بنبرة مطمأنة:
-أنا كويس يا أبني
ثم استرسل حديثهُ بطريقة ناصحة رشيدة:
-خلي بالك كويس علي شركتك يا طارق
إستنبط طارق من نبرات ونظرات والدهُ انهُ وبدهائه إستطاع إدراك ما يجري داخل عقل تلك اللمار وشقيقهُ الابلهْ عديم الخبرة، فنطق بحديث هادئ ذات مغزي ليُطمأن غاليه:
-إطمن يا باشا وريح بالك من الناحية دي، ده أنا تربية سيادة اللواء عز المغربي
هز ذاك الذئـ.ـب رأسهُ بإستحسان لولده الفَطِن والذي ورث عنه الذكاء والدهاء والحكمة والهدوء
في تلك الأثناء إستمعا كلاهُما إلي صوت بوق سيارة ذاك العُمر الذي تركها بمقدمة البوابة الحديدية، وبمرحهْ المُعتاد ألقي بالمفتاح الخاص بها عالياً في الهواء ليلتقطهُ الحارس المبتسم علي مداعبات ذاك الشاب الأرعَن الذي يختلف بطباعهُ كُلياً عن رجال العائلة والذين تتسم شخوصهم جميعاً بالعقل والرزانةِ والإتزان
خطي بساقيه إلي الداخل وهو يبتسم ويصفق بيداه متفاخراً بحاله كالأبلهْ،لحظة لم تدُم طويلاً بعدما إكتشف وجود أباه الناظر عليه بحِـ.ـدة حيث كان عز يرمقهُ بنظرات حـ.ـادّة غير راضية عن ذاك المستهتر ، تحمحم والتقط أنفاسهُ بإرتياب عِندما رأي نظرات عز الثاقبة والموجهة إليه بسخط
سار بإتجاههم وتحدث بنبرة صوت جادة لملامح متصنعة الخجل:
-مساء الخير يا باشا
كُنت فين …كان هذا سؤال خرج بطريقة حادّة من فَـ.ـم عز متجاهلاً تحيتهُ
تحمحم وتحدث بنبرة مترقبة:
– كُنت سهران مع أصحابي يا بابا
هتف عز بنبرة حادّة موبخاً إياه:
– يا ابني هو إنتَ مش ناوي تعقل وتبطل السرمحة بتاعتك دي؟
مش المفروض إنك كبرت وعقلت،
ثم استرسل وهو يتعمق بداخل عيناه بترقبْ شديد:
-ثم الهانم مراتك وضعها إيه من السرمحة بتاعتك دي
واستطرد متهكماً علي كلاهما:
-هو مش المفروض إنكم متجوزين عن قصة حُب ولا قصة روميو وچوليت، إزاي بتسيبك تخرج لوحدك وتتأخر بالشكل ده ؟!
تحدث بنبرة مَرحة وهو يهتز بجـ.ـسدهِ بطريقة لا تليق بوقوفهُ أمام والده، متناسياً حاله:
.- Dad, Lamar is easy.
واسترسل بنبرة ساخرة:
-دي بنت إتربت واتعلمت في إنجلترا، يعني معندهاش العُقد والكلاكيع بتاعت بنات الشَرق دي
إستـ.ـشاط داخل عز وهتف بنبرة غاضـ.ـبة:
-ما تقف علي بعضك يلاّ وتسترجل كدة، ولا أنتَ هرمونات أَمَك منال طفحت عليك وأنا معرفش
تحمحم ووضع كفاه فوق بعضهما ثم أنزل بصرهِ لأسفل قدماه خجلاً وتحدث بنبرة أشـ.ـعلت عز أكثر:
-I’m sorry, dad
قطب عز جبينهُ وهتف بنبرة صارمة:
-يا إبني إعدل لسانك وإتكلم بلغة بلدك، أنا مش قُلت لك قبل كدة مش عاوز اسمعك بتتكلم إنجليزي قدامي تاني ؟
هو إنتَ يا أبني عاوز تجلطني؟
هُنا قرر طارق التدخُل بعدما رأي إحتدام وجه أبيه، فتحدث بنبرة هادئة:
-إهدي يا باشا من فضلك، عُمر بيتكلم كدة غصب عنه، ده راجل عاش في لندن عشر سنين بيدرس هناك، فطبيعي لسانه ياخد علي اللغة الإنجليزية
نظر إلي شقيقهُ وهتف بنبرة حماسية:
-برافوا عليك يا طارق، هو ده بالظبط الكلام المعقول
زفر عز بإستسلام من ذاك الغريب الطباع وتحدث إليه من جديد في إشـ.ـارة منه بيـ.ـدة يدعوهُ فيها للجلوس:
-طب إقعد علشان عاوز اتكلم معاك في موضوع مهم قدام أخوك
واسترسل سريعاً قبل ان ينطق ذاك الذي سيُصيبهُ بنوبة قلبية ذات يومٍ لا محال:
-بس قبل ما تقعد مش عاوز أسمع منك ولا كلمة إنجليزي طول ما إحنا قاعدين بنتكلم
وأكمل بتأكيد عليه:
-مفهوم ؟
أومأ لهُ عمر عدة مرات متتالية دلالة علي التأكيد وسـ.ـحب مقعداً وجلس مترقباً حديث والدهُ، أخذ عز نفساً عميقاً لضبط إنفعالاته وتحدث متسائلاً:
-هي الهانم مراتك مش ناوية تخلف لك حتة عيل يشيل إسمك ولا إيه؟
تنهد عُمر حينما تذكر ذاك الموضوع الذي يؤرقهُ وزو جتهْ ثم تحدث بنبرة متأثرة:
-لمار لسة متأثرة من اللي حصل معاها في البيبي الأول يا باشا
واسترسل وهو يهز رأسهُ بتأثُر:
-اللي حصل معاها مش قليل، دي واحدة فقدت بنتها أثناء الولادة وملحقتش حتي تشيلها وتضُـ.ـمها في حُـ.ـضنها
هتف عز بنبرة حـ.ـادّة تَنّمُ عن مّدي غضـ.ـبه من تلك اللمار وعدم تقبلهُ لأفعالها:
-وهو كان مين السبب في اللي حصل لها يا حبيبي، مش غبـ.ـائها وتهـ.ـورها وتصرفها الأرعن الغير مسؤل ؟
واسترسل بنبرة حادّة وهو ينظر إلي طارق موجهً إليه الحديث:
-فيه عقل في الدنيا يقول إن ست حامل في شهرها التاسع تسافر لوحدها من إسكندرية للقاهرة وهي سايقة عربيتها بنفسها؟!
أجابهُ عُمر مدافعاً عن زو جتهْ:
-وهي كانت هتعرف منين يا بابا إن اللي إسمه إيه ده الطُلق هيجي لها في الطريق، دي لولا الست وجوزها اللي شافوا عربيتها راكنة ونزلوا يشوفوها بعد ما لاحظوا إنها فاقدة الوعي،ونقلوها بعربيتهم وأخدوها علي المستشفي كانت ماتت هي كمان ومحدش حـ.ـس ببها
تأثر طارق بمظهر شقيقهُ الذي يروي تفاصيل تلك الليلة المشؤمة التي مّر عليها أكثر من عام ومازال أثرها غـ.ـارزاً داخل نفسه كأب حُرم من صغيرته حتي من قبل أن يراها ويحتـ.ـضنها
فقد فارقت الصغيرة الحياة بعد خروجها من رحَم والدتها بعدة دقائق وذلك ما قيل له بعدما حضر إلي المشفي هو وطارق ووليد بعد ولادة الصغيرة بحوالي خمسة ساعات، فلم يخطرهُ أحداً مبكراً لشدة خطورة حالة لمار والطِفلة كما أكد لهم الطبيب
وكان الطبيب قد قص علي مسامعهم ان الرجل وزو جتهُ قد وجدا لمار تقطن بداخل سيارتها بالطريق الصحراوي بالقرب من القاهرة،ولما نزلا ليستكشفا الأمر ،وجدا تلك اللمار جالسة بسيارتها وهي فاقدة للوعي تماماً وبحالة يُرثي لها ويبدوا من حالتها أنها في حالة المُخاض
تحركا سريعاً ونقلاها إلي سيارتهما وتوجها بها إلي أقرب مَشفي بالقاهرة وأضطر الطبيب أن يُجري لها عملية قيصرية سريعة حتي يُخرج الصغيرة كي يستطيع إنقاذ حالة الأم الحرجة،
وهذا ما قصهُ عليهم الطبيب وأيضاً الرجُل وزو جته وتأكد منه ياسين الذي عاد من ألمانيا وقام بمعاينة سيارة لمار ووجد بها الأثار التي تدل علي الولادة، وقد قام بهذا لشدة حذرة والشك الدائم الذي بات يلازمهُ فيمن يحيطون به، وليس هذا شكاً بشخص لمار بذاتها ولكنها أصبحت عادته بعدما إرتفع إسمهُ في سماء المخابرات المصرية بفضل العمليات الإستخباراتية الذي قام بها بأواخر السِت أعوام المنصرمة وجعلت من نجمهِ يعلو ويعلو وهذا جعله مستهدفاً أكثر من جهات عِدة ولهذا فقد بات يُشدد من وضع الحراسة علي كل أفراد عائلتهُ
تحدث طارق بنبرة حنون وهو يُربت علي كـ.ـتف شقيقهُ بمؤازرة:
-هون علي نفسك يا عُمر، وماتخليش تجربة عدت تعلم في نفسك إنتَ ومراتك وتوقفوا حياتكم بسببها
تحدث بنبرة حنون تدل علي مدي تعاطفهُ مع زو جته:
-لمار حـ.ـساسة جداً من ناحية الموضوع ده يا طارق، هي مش قادرة تتخطي اللي حصل لها لحد الآن ولسة موجـ.ـوعة
واستطرد معللاً:
-دي حتي الجلسات النفسية اللي كانت بتروحها علشان تقدر تتخطي الأزمة النفسية اللي حصلت لها بعد الحـ.ـادثة ، ماقدرتش تفيدها وتخليها تنسي كل اللي حصل لها وهي لوحدها
هتف عز بنبرة حادّة مقللاً من تضخيم نجلهُ لحالة زو جته:
-اللي مـِ.ـراتك فيه ده إسمه دلع ستات ماسخ،
واسترسل مستشهداً:
-ما عندك مِرات ياسين أكبر مثال قدامك أهي، حملت وفقدت الجنين واتـ.ـوجعت وزعلت عليه، ومع ذلك ما كملتش خمس شهور وحِملت تاني وأهي في شهرها الرابع وزي الفُل
أردف عُمر موضحاً لوالده الفرق:
-يا بابا شخصية مليكة غير لمار مراتي خالص،مليكة حد مُسالم وراضية بحالها وعايشة علشان تحقق رغبات جوزها واللي حواليها بدون إعتراض
واكمل مقللاً من شخصية مليكة:
– ويمكن حتي بدون تفكير
واسترسل بقوة وإعجاب:
– لكن لمار شخصيتها قوية ومحدش بيقدر يجبـ.ـرها علي حاجه هي مش عاوزة تعملها، وهي من جواها لسة مش حاسة إنها عاوزة تخوض التجربة مرة تانية
واسترسل وهو يرفع كتفاه:
-أنا ما اقدرش اجبـ.ـرها علي حاجة هتكون مرهقة نفسياً ليها يا بابا
تنهد عز بأسي على حال نجله الذي لا يرتقي لما كان يتمناه، أما طارق، فتحدث بنبرة جادة مدافعاً عن مليكة فهو أكثر الناس بمعرفة شخصيتها:
-مليكة عمرها ما كانت ضعيفة ولا شخصية هشة منقادة يا عُمر علشان تتكلم عنها بالإستخفاف ده، كُون إن مليكة بنت أصول وعاقلة وبتحترم كل اللي حواليها، فده ما يقللش منها ولا يدينا الحق إننا نتهمها بالخضوع والهوان والذُل
أجابهُ بهدوء:
-أنا ما قصدتش من كلامي عن مليكة إني أقلل منها يا طارق، أنا مجرد وصفت شخصيتها واللي أنا شايفها كدة علي الأقل من وجهة نظري
رد عليه عز بنبرة حادّة ساخراً منه:
-وجهة نظرك دي تروح تبلها وتشرب ميتها إنتَ ولمار بتاعتك،
واكمل:
-لما تبقي دي وجهة نظرك في شخصية محترمة زي مليكة، يبقي تروح تكشف نظر يا إبن سيادة اللواء
واسترسل بتهكم:
-مع إن المفروض كنت كشفت من زمان، من وقت ما حبيت البرنسيسة بتاعتك وجبتها لنا هنا علي البيت
كظم عُمر غيظه من حديث والدهُ دائم التقليل من شأنه، فتحدث عز من جديد بنبرة جادة:
-إستـ.ـرجل يا أبني وإنشف شوية مع مـ.ـراتك، أنا عاوزك أشوف لك إبن في أقرب وقت ممكن
واسترسل بنبرة تهديدية:
-يا إما تركن إنتَ علي جنب طالما خايف علي مشاعر الهانم أوي كدة وخليني مني ليها، وأنا بقي هعرف أقنعها بطريقتي الخاصة
واستطرد بنبرة حادّة أخافت عُمر:
– مفهوم يا أبو قلب حنين
إبتلع لعابهُ وتحدث بطاعة:
-مفهوم يا باشا
وقف وتحدث وهو ينتوي الذهاب:
-أنا طالع أخد شاور سريع وأنزل علشان ألحق السُحور
أشار لهُ عز بالإنصراف فتحرك سريعاً بهرولة وكأنهُ طيراً حبيساً أطلق سراحهُ
تنهد عز وهو ينظر علي أثره بتدقيق وتحدث بنبرة صوت مهمومة:
-ما حدش واجع قلبي ومعكر صفو حياتي قد عُمر يا طارق، دايماً قلقان عليه وشايل همه
أجابهُ طارق بنبرة هادئة كي يهون علي والدهُ:
-ليه بتقول كدة يا باشا، ما هو حاله إنصلح أهو وبقي ملتزم في شغله وكمان بيترقي فيه،وساب الشلة البايظة اللي كان ماشي معاهم، وربنا هداه وإستقر وإتجوز
نطق عز بنبرة تنم عن مّدي عدم تقبلهُ وإنزعاجهُ من تلك الزيجة:
-جوازة الشوم والندامة، البِت دي عُمري ما أرتحت لها ولا قِبـ.ـلتها ،عزائي الوحيد إن أخوك بيحبها ومبسوط معاها
أردف طارق بنبرة هادئة:
-هون علي نفسك يا باشا، وزي ما سعادتك لسة قايل،هي قدرت تخليه يحبها وهو مبسوط فعلاً معاها وده كلنا شايفينه بعيونا
وتحدث بدُعابة كي يُخرجهُ من حالة الأسي تلك:
-بس سعادتك خـ.ـدتني في الكلام وما قولتليش مالك،
واسترسل مُداعباً إياه:
-هي منال هانم منكدة عليك ولا إيه؟
أجابهُ بطريقة ساخرة:
-وهي أمك بتعمل إيه في حياتها غير إنها بتنكد عليا حياتي، دي لو لا سمح الله نامت يوم من غير ما تنكد عليا فيه، بصعب عليها وتاني يوم بتديني الجُرعة مضاعفة
قهقه طارق علي دعابة والدهُ الذي وبرغم منصبه العظيم إلا أنه لن يتخلي يوماً عن روح الدُعابة الذي إتسمت بها شخصيتهُ المرحة وعشقهُ الجميع بها
❈-❈-❈
في اليوم التالي، وفي تمام الساعة الواحدة مساءً بتوقيت ألمانيا
داخل الساحة الخاصة بجامعة هايدلبرغ الألمانية المتواجدة داخل دولة ألمانيا، كانت تجاور زميلاتها من العرب والمصريات الوقوف، تتبادلن الأحاديث الشيقة بينهُن ، قطع حديثهم ذاك الدخيل الذي تحدث قائلاً بنبرة رخيمة :
-شلونكم صبايا
ردت عليه جميع الموجودات بلهفة وإهتمام وهُن تسلطن عليه أبصارهُن بإهتمامٍ شديد وإعجاب، عدا تلك الأيسل التي لم تكلف حالها عناء النظر لوجههِ وضلت علي حالها وهي تتحدث إلي إحدي صديقتها غير مبالية بذاك المتعالي الذي أردف بتعالي مكملاً ليُخبرهم وكأن قراراتهُ تنفذ بطاعة عمياء، ولا مجال حتي لمناقشتها بينهم:
– شباب، بكرة كِلّكُم معزومين على الفطور في أفخم مطعم في ألمانيا
إنبهرت جميع الموجودات ونظرن عليه وبدأن بالتعبير له عن مّدي سعادتهن ونثرهِ بعبارات الشُكر والعِرفان عدا تلك التي لا تُعير لحديثهُ إهتمام وكأنهُ هو والعدم سواء مما جعل داخلهُ يستشيط من تلك التي يصفها بالغرور والتعالي عليه، لكنهُ وبرغم غضبهِ الهائل منها إستطاع أن يتمالك من حاله وسألها بترقب شديد:
-ما قِلتي شي أيسل،
وأكمل بغرور وثقة زائدة عن الحَد:
– راح تيچين عزومتي أكيد
بمنتهي البرود حولت بصرها إليه ثم رفعت نظارتها الشمسية لتُكشف عن فيروزتيها الساحرتان والتي رمقته بهما بإستغراب ثم إبتسمت بجانب شِـ.ـفتها وتحدثت بنبرة ساخرة مقللة من شأنه أمام الجَمع:
-وهو أنا أعرفك أصلاً علشان أقبل عزومتك؟
رفع قامته لأعلي بكبرياء وتعاليِ ثم هتف بنبرة متعجرفة مختالاً بحاله:
– ماكو أحد في الكلية كِلها ما يعرف نواف العبدالله
واسترسل بغرور:
– أنا مثل الشمس، واضح ونوري وخيري مغطي علي الچميع وفايض
ضحكت ساخرة وهزت رأسها وهي تنظر إليه بطريقة توحي بمّدي إشمئزازها من طريقته التي تتسم بالغرور والكبرياء، وتحركت من أمامهُ متجاهلة إياه، تاركة المجلس بأكمله كي لا تفتعل معه المشاكل، نظر عليها بغيظ وتحدث إلي صديقتها بيسان بطريقة حادة تؤكد مّدى وصوله للإحتدام من تلك الأيسل:
– مين تِحسِبْ نَفِسْها علشان تكلمني بهالطريقة، لو على الچمال نواف قابل اللي أچمل منها آلاف المَرات
تحدثت إليه إحدي الفتيات وتُدعي بيسان بنبرة صادقة:
-الحكاية مش حكاية جمال وبس يا نواف، أيسل بنت عيلة كبيرة جداً في مصر، بباها عميد في الجيش المصري تقريباً، وجدها كمان لواء وليه وضعة هناك، زائد إنهم عيلة غنية جداً
ضحك ساخراً حد القهقهة وتحدث بنبرة مُقللة من شأن عائلة أبسل:
-عميد إيش ولواء إيش اللي تتكلمين عليهم،
وأكمل متجبراً رافعً وجههُ لأعلي بشموخ وتعالي وإفتخار بحاله:
-أنا نواف العبدالله اللي لو أشاور بصُبعي الصغير لچدها اللوا هاذا راح ييچيني ركض وهو يلهث من كُثر الإهتمام، ومو بعيد ينزل يحِب على يدّي.
نظرت إليه بيسان وتحدثت بتوضيح:
– أهو إسلوبك في الكلام بالطريقة دي هو اللي مخليها تعاملك كده، بصراحة يا نواف ومن غير زعل،طريقتك دي تنفع مع أي بنت تانية إلا أيسل
وشنو الاسلوب اللي ينفع مع بنت سيادة العميد ؟، كان هذا سؤالً طرحهُ ذاك المغرور علي بيسان وهو ينظر إليها بتدقيق مترصداً إجابتها بإهتمام
وأكمل وهو يزفر بضيق:
-أنا جربت معاها كُل الطرق، الهدايا اللي تجيب راس البنات من الأخر مثل ما تجولون عِندكم في مَصِرْ ، چِبت لها أغلي الهدايا ورفضتها كلها
ورفع كتفاه بإستسلام سائلاً إياها بترقب:
-إيش أسوي معاها هالحين لحتي ترضى تصادقني وتمشي وياي
أجابته بيسان بنبرة جادة صادقة:
– مش دي السكة اللي هتجيب مع أيسل وتشدها ليك يا نواف، أيسل لا محتاجة هدايا من حد ولا حتي فلوس، دي بمجرد ما بتفكر في الحاجة بتكون عندها في لحظتها، بباها وجدها مش مخلينها محتاجة لأي حاجة
قطب جبينهُ وسألها مستفسراً بإكتراث:
– و الحين إيش الطريقة اللي تنفع وياها ؟
وأسترسل حديثهُ بعناد وشراسة:
-أنا أريدها تكون معي، ما في بنت عاندتني مثل ما إهي سوّت فيني.
وأكمل بتكبر وغرور :
– طول عُمري أأشّر للي أريدها بصُبُع يدّي وبلحظة تكون تحت شوري
ردت عليه نور التي كانت تتسمع علي حديثهما بإهتمام وترقُب وذلك لإعجابها الشديد به وبماله الوفير :
– عاوز نصيحتي يا نواف، خرج البنت دي من دماغك لأنها مش من النوع اللي هترتاح معاها ويقدر يبسطك
وأكملت بملامح وجه مشمئزة:
– دي بنت متخلفة ومتعرفش أي حاجة عن التحضر والعلاقات المتحررة
واسترسلت:
-من الآخر كدة عمرها ما هتوافق تصاحبك
نظر لها وتحدث بإصرار ظهر داخل مقلتيه:
_وأنا ماتعودت استسلم، وللحين ما انخلقت اللي تقول لا لنواف العبدالله،
وأكمل بتحدي وهو ينظر لكلتاهما بإبتسامة واثقة:
_ وبكرة تشوفون
قال كلماته وتحرك مبتعداً عنهما تاركً كلتاهما تنظر إليه بإستغراب لكّم الإصرار والتحدي الذي ظهر بعيناها

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب حائرة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى