رواية قلوب حائرة الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم روز أمين
رواية قلوب حائرة البارت الخامس والأربعون
رواية قلوب حائرة الجزء الخامس والأربعون
رواية قلوب حائرة الحلقة الخامسة والأربعون
🦋 الفصل الرابع 🦋
يا مَنْ هواهُ أضْحَي ليَ الهواءَ
وبدونِ عيناهِ أنا والخَوَاءُ سَوَاءُ
لو غِبتُ عنكَ مُجرَّدُ لحظاتِ
عُدتُ إليكَ ذائبً بألفِ إشتياقِ
رُحماك يا قدريَ السعيدَ بعاشقٍ
ما عادَ يهوي العيشَ إلا في هَناكِ
خواطر ياسين المغربي
بقلمي روز آمين
في الصباح
تملل ياسين بنومته وبدأ يتمطي بتكاسُل ، بسط ذراعهُ بشدة لكنه توقف في الحال عِندما أدركْ وجود تلك الغافية بجواره، إستفاقت من غفوتها جراء حركتهُ، وبلحظة كانت تـ.ـدفن حالها داخل أحضـ.ـانه وتحدثت بنبرة متحشرجة:
-خليك نايم النهاردة في حُضـ.ـني
مَلـ.ـس علي شعرها بكف يـ.ـداه وهمـ.ـس بصوتٍ ضعيف مصحوب بتنهيدة:
-مش هينفع يا حبيبي، عندي شغل مهم في الجهاز ولازم أروح بدري
وضـ.ـمها مُشدداً من إحتـ.ـضانه لها ثم وضع قُـ.ـبلة بين ثنايا عُـ.ـنقها وتحدث قائلاً :
-نامي إنتِ وحاولي ترتاحي علي قد ما تقدري، علشان هنخرج نسهر برة النهاردة في المكان اللي هتختاريه وتشاوري عليه
رفعت وجهها بحماس وهتفت بنبرة مُبتهجة:
– بجد يا ياسين؟
إبتسم عندما رأي شدة إبتهاجها، وضع كف يـ.ـده فوق وجنتها يتحـ.ـسسهُ بحنان قائلاً بتأكيد :
-بجد يا قلب ياسين
وأردف قائلاً بإستسماح وعيناي راجية:
-أنا أسف يا قلبي، أنا عارف إني قصرت في حقك الفترة اللي فاتت بسبب ظروف سفري المستمر لألمانيا
وأسترسل قائلاً بإستحسان:
– بس أنا عارف إن عقلك كبير ومستوعبة الظروف اللي كلنا بنمر بيها ومقدرها، أنا وإنتِ وليالي وحتي أيسل نفسها
أردفت قائلة بصدق ظهر بَين داخل عيناها:
– أنا مقدرة الظروف كويس يا ياسين، وفاهمة إن ده مستقبل سيلا وإنك لازم تقف جنبها وتساندها وهي بتحقق حلمها
وأكملت بإبتسامة حنون:
-وصدقني يا حبيبي مش زعلانة منك في أي حاجة، ” بالعكس ” أنا مشفقة عليك إنتَ وليالي جداً من معاناتكم مع سيلا
وضع قُـ.ـبلة حماسية بجانب شِـ.ـفتها وتحدث وهو يُداعـ.ـب أرنبة أنفها بأنـ.ـفه:
– يسلم لي حبيبي وقلبه الكبير
سحب جسـ..ـدهُ واعتدل واقفً من فوق فراشه ثم دثرها بالغطاء جيداً مُدللاً إياها ووضع قُـ.ـبلة فوق جبهتها، وتحرك متجهً إلي الحمام ليغتسل وتوضأ وخرج من جديد مُرتدياً الثوب الخاص بالحمام ( البُرنس ) تحرك مُتجهً إلي غرفة الملابس المُلحقة لغرفة النوم
كان يتسحب علي أطراف قدماه بحرصٍ شديد كي لا يُزعجها بغفوتِها، إرتدي ثيابهُ وقام بأداء صلاة الضَحي وبعد الإنتهاء جلس يُناجي ربهُ ويطلب منه أن يحمي لهُ أحبته ويصلح لهُ الحال
وقف وتحرك إلي حبيبته قبل التحرك إلي الخارج،ألقي بصرهُ عليها وجدها غافية بسَباتٍ عميق، شعور بالراحة تخللهُ عندما نظر إلي ملامحها السَاكنة التي يعشق النظر إليها، وتحرك للخارج ليذهب إلي عمله
بعد قليل
وصل إلي مقر عمله، صف سيارته داخل الجراچ الخاص بالجهاز وترجل منها وتحرك متجهً في طريقهُ للداخل ، خطي بساقيه ودلف إلى مبني الجهاز، وجد بطريقهُ الضابط كارم المعداوي والذي يعمل كضابطً مساعدً لياسين
توقف كارم بخشوع فور رؤيته لقدوم ياسين بإتجاهه ونطق بإحترام ونبرة رجولية:
-صباح الخير ياسين باشا
إبتسم لهُ ياسين ورد عليه تحيتهُ قائلاً بنبرة جادة:
-صباح النور يا سيادة الرائد.
تحرك كلاهُما داخل رواق المبني بجـ.ـسدٍ ممشوق رياضي يرتقي بمنصبيهما الرفيع، نطق ياسين مُتسائلاً بإستغراب وهو ينظر إلي كارم مترقباً إجابته:
– إيه الزحمة اللي في الجهاز النهاردة دي يا كارم؟
وأسترسل بنبرة دُعابية:
-هما نقلوا الجمعية الإستهلاكية هنا وبيفرقوا فيها رُز علي البطايق ولا إيه؟
إبتسم كارم بخشوع وعَقبَ علي سؤال سَيدهُ بدُعابة:
– اللي حاصل في الجهاز أهم وأعظم من الرُز والفراخ كمان يا سيادة العميد.
قطب ياسين جبينهُ بإستغراب، في حين أكمل ذاك الساخر شارحً مقصده من حديثهُ:
– النهاردة ميعاد تسليم وظايف الأخصائيات النفسيات اللي هيشتغلوا معانا في الجهاز يا أفندم.
واسترسل ساخراً:
-والحضور النهار دة من رجالة الجهاز حقق رقم قياسي، في مبادرة إنسانية منهم للترحاب بالأخوات الزميلات الجُدد
أردف ياسين قائلاً بنبرة دُعابية جعلت ذاك الكارم يدخل في نوبة من الضحك لا إرادياً:
-عمار يا مَصر، طول عُمر رجَالتِك بيفهموا في الواجب والأصول وسدادين وقت الأزمات يا بلادي
وصلاَ لباب المَصعد الكهربائي وأستقلاه معاً، ضغط كارم فوق زر الصعود وبالفعل تحرك المَصعد، تحَمحَم ياسين ثم عاود النظر إلي ذاك الذي يجاورهُ الوقوف وسألهُ مستفسراً بتعجُب:
-إنتِ يا أبني مش كُنت خاطب وكان المفروض هتتجوز من شهر فات ؟!
أجابهُ كارم بلامبالاة:
– سعادتك لسة فاكر يا باشا، أنا فسَخت من شهرين حضرتك
ضيق ياسين عيناه وهتف متسائلاً :
-وفسخت ليه يا عم الفقري؟
أجابهُ بوجهٍ عابس مداعبً إياه:
-فضلت تزن عليا علشان أخرجها واتهمتني إني مش شخص رومانسي ومابهتمش بيها ولا بصحتها النفسية
واسترسل بحماسة مصطنعة وهو يرفع قامتهُ بتفاخُر:
-فقولت أثبت لها العكس واوريها رومانسية رجالة المُخابرات علي أصولها
وهُنا توقف المصعد وخرج منه كلاهُما ثم نظر لهُ ياسين وسألهُ بإستفهام :
-وخرجتها؟
أجابهُ ذاك الكارم وهو يتحرك بجانب سيدهُ:
-خرجتها سعادتك، أخدتها جولة في المتحف المصري
عَقبَ ياسين علي حديثهُ بلطافة وهو يتحرك بخطوات واثقة:
-عدَاكْ العِيب وأزَحْ
عاود كارم تكملة حديثهُ بتعابير وجه بائسة مُفتعلة:
– قعدنا نتناقش في كيفية تحنيط المُوميَاء، وأنا قعدت أشرح لها وأبين لها عظمة أجدادنا الفراعنة وإزاي أبدعوا في عِلم التَحنيِط وبعدها إتكَلوا وخدوا سّرهُم معاهم وسابونا لحد النهاردة متسوحِين
واستطرد قائلاً بطُرْفَة:
-إختلفنا علي كيفية إدارة الحديث بينا، كلمة مني علي كلمة منها إتنرفزت وغلطت فيا وفي مُومياء المَلكة تِي اللي كُنا واقفين قدامها
كانا قد وصلا إلي باب مكتب ياسين الخاص به، وقف ياسين ونظر له بإتساع حدقة عيناه بذهول مُفتعل وتحدث بنبرة جادة في ظاهرها، ومن باطنها تحمل الكثير من السخرية:
– نهار أبوها مش فايت، طب تغلط فيك إنتَ عادي مش مشكلة ،لكن يوصل بيها القُدر والفسوق إنها تغلط في المَلكة تِي ؟
وأكمل ساخراً:
– دي البِت دي علي كدة قلبها ميت ومستبيعة لدرجة إنها ماعملتش حساب للعنة الفراعنة، اللي إن شآء الله هتصيبها وهتحول خلفيتها لكيم كارداشين
إلتمعت عيناي كارم وأردف بنبرة متلهفة مُفتعلة :
-دي لو إتحولت فعلا للأخت الفاضلة كارداشين أنا مستعد أنسي إهانتها لتِي ونتجوز فوري
أجابه ياسين ساخراً :
_تتجوز مين يا باشا، ده ساعتها هيطلع قرار جمهوري بوضعها في المتحف ومش بعيد يكون في مكان المَلكة تي بذات نفسها
أطلق كلاهُما ضحكاتهما الرجولية والتي صَدحت في المكان، ودلف ياسين وتابعهُ كارم الذي فتح الباب بإحترام وانتظر دخول ياسين الذي تحدث بجدية وهو يخلع عنه حِلة بدلته بعدما فك زرائرها واتجه بها وعلقها في المكان المُخصص لها:
– قولي بقي يا سيادة الرائد، سِيبت خطيبتك ليه؟
أجابهُ كارم بنبرة جادة لشَاب رصّين لا يقبل المهَانة علي حاله مُطلقاً:
-كانت عاوز تمشيني علي مزاجها وأبقي تابع للهانم بنت الأكابر
واستطرد شارحاً:
– وأنا أبويا تِعب عليا ورباني علي إني أبقا راجل بجد، مش معقول أخَذِلهْ وييجي اليوم اللي يلاقيني فيه تابع السِت.
نظر لهُ ياسين بإفتخار وتحدث بإشادة بعدما جلس وأشار إلي كارم في دعوة منه للجلوس :
-جدع يَلاَ ، راجل من ضهر أبوك بجد، علشان كده أنا بعزك
إبتسم كارم برزانة ثم أكمل ياسين بنبرة جادة:
-عملت إيه إنتَ والرجالة في موضوع العِيال بتوع خَلية الدخِيلة؟
نطق كَارم بمهَارة وحرفية عالية :
-كُل حاجة ماشية زي ما أمرت سعادتك بالظبط، حطـ.ـينا كل تليفونات المنطقة بالكامل تحت المُراقبة، وكلها أيام وهبلغ حضرتك بالخبر اليقين
أومأ له ياسين وتحدث بجدية:
-إنجز يا كارم، رجالة الدَاخلية مستنيين المعلومات علشان يتحركوا علي أساسها
أردف قائلاً بإمتثال:
-أمر جنابك يا باشا، يومين بالكتير وكل المعلومات اللي طلبتها هتكون قدام ساعادتك
واكملا حديثهما
❈-❈-❈
بعد إنتهاء محاضراتها
كادت أن تتحرك في طريقها إلي خارج البوابة الخارجية للجامعة كي تستقل سيارة الحراسة التي تُلازمها بناءً علي تعليمات ياسين المغربي، وجدت من يقتـ.ـحم طريقها ويتحدث إليها بملامح وجه مطصنعة الهيام في محاولة منه كي يستحوذ علي مشاعرها :
-وين رايحة يا أيسل، إنتِ نسيتي إنك معزومة علي الفطور اليوم ولا شنو؟
وأكمل امراً بثقة عالية لا تعلم هي من أين أتي بها ذاك الأرعَن:
-إمشي وياي لحتي نروح المطعم بسيارتي لأني مسوّي لك مُفاجأة ورايد تشوفينها وإنتِ ويَاي
عقدت حَاجبيها مُندهشة بغرابة لأمره ولثقتهِ العَجِيبة التي يتحدث بها، خلعت عنها نظارتها الشمسية ورمقته بنظرة تحقير وأردفت قائلة بإستخفاف:
– أنا حقيقي مش فاهمة إنتَ جايب منين الثقة اللي بتتكلم بيها دي، بتتكلم وكأن موافقتي بقت أمر مفروغ منه برغم إنك عارف ومتأكد إني لا يُمكن أقبل عزومتك إنتَ بالذات
ضيق عيناه ونظر لها بتدقيق وأجابها بنبرة صارمة تحمل بين طياتها تحذير:
-نوّاف العَبدالله ماكو بنت قالت له لا من قَبِل
وأكمل مؤكداً بتبجح:
– وأنا أريد أفطر اليوم وياكِ ، وما راح يصِير إلا اللي أنا أبيه يا أيسِل
قال كلماتهُ ومّد يـ.ـده مُتماديً في إنتهاك صَريح منه لحُرمـ.ـتها وأمـ.ـسك كف يـ.ـدها وتحدث ليحـ.ـسَها علي التحرك معهُ في تصرف أرعَن منهْ:
– مَشي معي ولا تضيعِين الوقت، آذان المَغرب قرب والبنات والشباب واقفين برة منتظرين
جـ.ـذبت يـ.ـدها بـ.ـحِدة بالغة وهتفت بنبرة ساخطة:
– إبعد إيـ.ـدك عني يا حيوان يا همجي
إستشـ.ـاط غَضباً عِندما إستمع إلي سَـ.ـبها لهْ، كاد أن يتطاول عليها من جديد لولا تدخُل إيهاب، أحد رجال الأمن المكلف بحراستها،والذي تحرك بسُرعة بديهة عِندما شاهد الموقف من بعيد، حيثُ هرول وقاطعهُ بقِوة وأمـ.ـسَك ذراعاه ولفهما خلفهُ بمهَارة عَالية تدرب عليها سابقًا، ثم قام بسـ.ـحبهِ خارج بوابة الجامعة كي لا تقع عليهم قوانين صّـ.ـارمة من إدارة الجامعة
هرول الحارسان الآخران اللذان كانا يقفان بجانب السيارة وأخرج كلاهُما مُسـ.ـدسهُ المُرخص ووجهاه إلي رأس ذاك النوَّاف الذي هتف بحِنق وغضـ.ـبٍ عارم وهو يتلوي بجـ.ـسدِه في محاولة منه للتملُص ولتخليص جَـ.ـسده من قبضة ذاك القوي:
-إتركني يا غبي، والله إلا تدفعون ثمن اللي سَويتوه غالي يا رِعَاع
وأكمل بغطرسة وهو يتناقل النظر بين الرجُلان الذان يُشهران سِـ.ـلاحيهما بوجهه:
-كِيف تتچرئون وتحطون يـ.ـدكُم القَذرة علي أسّيادكم، الظاهر إنكم ما تعرفون من هو نوَّاف العَبدالله
وأكمل بسُـ.ـباب لاذع:
-والله إلا أوديكم ورا الشَمس يا عِيال الحَرامْ
إلتف جميع أصدقائِهم ينظرون بذهول لذُل ذاك المتغطرس الذي دائماً ما ينظر إلي الجميع بدونية وتعالي، وقد ساعدهُ علي ذلك بعض المُنافقين المُلتفون حولهُ بصورة دائمة ويمجدون من شأنِه كي ينالوا الرضا منه ويغدِقهمْ هو بأمواله التي لا حَصّر لها ولا عدد،ولكنهم الآن يرونهُ ولأول مرة صَاغرٍ يُهَان
هتف إيهاب الذي يُقيـ.ـدهُ من الخَلف ناظراً إلي الحارسان بنبرة أمّرهْ:
-عَاطف،مجدي، خدوا الدكتورة ووصلوها للعربية وخليكم معاها ما تسيبوهاش
بالفعل تحركت تلك التي تقف بجَـ.ـسَدٍ مُرتعب بصُحبة حارسيها بإتجاه السيارة، في حين هَتف ذاك الثائر من جديد بإحتِدام شّديد وهو يحاول تخليص حاله:
_ إتركني يا غبي، إتركني
دفعهُ إيهاب بحِدة كَادت أن تُسقطهُ أرضً لولاَ صديقهُ الذي هرول إليهْ سريعاً وأسندهُ، وتحدث إيهاب وهو يُشير بسَبابتهُ إليه بنبرة تحذيرية:
– لو عاوز تحفظ كرامتك وتصونها من الإهانة يبقي تبعد عن الدكتورة وماتحاولش تضايقها تاني
وأكمل مُهدداً بلهجة صَارمة:
-ولازم تعرف إن اللي حصل النهاردة ده مش هيعدي علي خير، وسيادة العَميد هيدفعك تمن تهورك ده غالي أوي
إهتز جَـ.ـسد نوَّاف من شدة هَيـ.ـاجهْ الذي أصابهُ جراء ما حدث، وأكثر ما أوصلهُ لتلك الحالة الجنونية هو إلتفاف جميع الأصدقاء الذي دائماً ما يتباهي بحاله عليهم وبأموالهُ وبالآخير شاهدوا إهانتهُ اليوم علي يـ.ـد تلك الأيسل وحراستها الخاصة
هتف بسُـ.ـباب غير لائق قائلاً بنبرة مُحتدمة:
-إنت مِنْ تِكون يا إبن ال…. لحتي توقف قدامي بكل چراءة وبعدْ تهددني
وأكمل بوعيدٍ ساخط:
-ورب الكعبة لخلي العميد مالَك يچي لحد عِندي ويترچاني ويحب على رچولي ، لين أسامحه وأعفو عنه من اللي راح يصير فيه،
واسترسل وهو يلوح بكف يـ.ـده بنبرة تهديدية:
-وراح يتعاقب من سلطات بلده شخصياً اللي يحسبها راح تحميه
إعتَـ.ـلت إبتسامة ساخرة ثَغر إيهاب ورمقهُ بنظرة إستهزائية قبل أن يستدير ويعطي ظـ.ـهرهُ لذاك المستـ.ـشاط غضباً والذي ضل يتوعد لهم جميعاً بالرد علي ما حدث وبالأخص أيسل حيت تفوه قائلاً بنبرة حادة بصياحٍ عال:
-ما راح اتركك تتهنين بعد اللي عِملتيه يا أيسل وبكرة راح أذكرك، مُو نوَّاف العبدالله بجلالة قدره اللي يصير فيه كدة من مصرية شَحاتة ما تِسوى فِلسْ أحمر
تركهُ إيهاب يثرثر بفظَاظة ووصل إلي السيارة وأستقلها جالساً فوق مقعد القيادة، وتحرك بالسيارة متجهً إلي محل إقامتهم بالمنزل القاطنين به، والذي اختاره ياسين خصيصاً ليكون قريبً من مقر جامعة صغيرتهْ
نظر إيهاب علي إنعكاس صورة وجهها بالمرأة الخاصة بالسيارة وسألها بإهتمام بعدما رأي علامات الزُعر تعتلي ملامح وجهها:
– إنتِ كويسة يا دكتورة؟
أومات له بإيجاب وتحدثت بنبرة راجية:
– أنا كويسة، بس ممكن من فضلك ما تقولش لبابي علي اللي حصل
قطب جبينهُ وتحدث بنبرة مُستائة رافضة:
– اللي بتطلبيه حضرتك ده مستحيل، لأنه ضد طبيعة شغلي
وأسترسل موضحاً:
-سيادة العميد سايبك أمانة بين إديـ.ـنا ومن واجبنا نبلغه بكل تفصيلة بتحصل حتي لو كانت تافهه وصغيرة من وجهة نظرك، واللي حصل من المجنون ده مش قليل علشان نتغاضي عنه
تنهدت بيأس ومـ.ـطت شـ.ـفتاها بأسي وفضلت الصَمت حتي توقفت السيارة داخل حديقة المنزل وترجلت منها علي عُجالة،
وجدت ليالي تقف بإنتظارها أعلي الدرج المؤدي للداخل وهتفت متسائلة بنبرة قلقة:
-إتأخرتي كدة ليه يا أيسل، وليه مابترديش علي فونك؟!
وأكملت وهي تنظر إلي ساعة يـ.ـدها:
-أذان المغرب فاضل عليه أقل من خمس دقايق
أردفت بنبرة جادة وهي تتحرك سريعاً إلي الداخل بوجهٍ عابس:
-هحكي لك وإحنا علي الفطار يا مامي
تنهدت ليالي وهي تنظر إلي طيفها بإستسلام ثم حولت بصرها من جديد إلي رجال الحراسة وتحدثت إليهم بنبرة هادئة وابتسامة خفيفة علي ملامح وجهها :
– علي ما تغسلوا أديـ.ـكم هتكون مَادي رصت لكم الفطار علي التربيزة
أومأ لها الرجال بإحترام وخطت هي بساقيها إلي الداخل كي تتناول طعام إفطارها مع إبنتها التي اصبحت مؤخراً متمردة علي كُل ما يحيط بها ومُثيرة للمشاكل
في تمام الساعة التاسعة مساءً
صعد ياسين إلي جناحهُ المشترك مع مليكة، دق بابها فاستمع إلي صوتها الرقيق وهي تطلب من الطارق الدخول، وضع كفهُ حول مقبض الباب وأدارهُ وخطي بساقيه إلي الداخل بخطوات واثقة، توقف عن الحركة في الحال وإلتمعت عيناه ببريق الإنبهار الممزوج بالعشق عندما رأي تلك الساحرة التي تقف وتنظر إليه بنظرات مُولـ.ـعة بعِشق حبيبها
كانت ترتدي ثوباً رقيق مزركشً بأرضية بيضاء وبهِ نقشات لزهرة رقيقة باللون الأزرق،وحجابً من اللون الأزرق
نظر إلي وجهها الذي يشع نضارة وسحراً عجيب، جذب إنتباههُ الكُحل العربي التي خطت بهِ عيناها بمهارة فأصبحت جاذبة لأبصار كل من يراها،أما شـ.ـفتاها المُهلكة فزينتها بملمع شـ.ـفاه باللون الوردي مما زاد إشتهاه هذا العاشق لإلتهـ.ـامها علي الفور
إبتلع لُعابهُ وبدأ صـ.ـدرهُ يعلو ويهبط من شدة الإحتياج، تحرك إليها مسحوراً وبدون أن ينطق بكلمة واحدة مال علي كريـ.ـزتيها وألتهـ.ـمهُما وبات يتذوق من شهد حلاوتهُما، إندمجت معهُ وأغمضت عيناها بإستمتاع
لف ساعديه حول خصـ.ـرها وجـ.ـذبها بشدة إليه حتي إلتـ.ـصق جـ.ـسديهما ببعضهما بطريقة مُثيـ.ـرة
إبتعد عن شـ.ـفتاها وتحدث لاهثاً وهو ينظر لداخل عيناها برغـ.ـبة مُلحة ظهرت بيانً داخل عيناه :
-وبعدين معاكِ في اللي بتعمليه فيا ده، هتفضلي لحد أمتي مخلياني غرقان في بحُور عشقك الغريقة اللي مش باين لها أخر دي
وأكمل برغـ.ـبة وهو يُسلط بصرهِ علي كريـ.ـزتيها:
– تقدري تقولي لي هنخرج إزاي بحالتنا دي، إزاي هيجي لي قلب أتجاهل قنبـ.ـلة الجمال والسحر اللي أنا شايفه ده وأخدك وأخرج كده عادي؟
ورفع منكبيه بإستكانة ثم أسند بجبهته علي جبهتها وهمـ.ـس أمام شـ.ـفتاها بطريقة أذابتها وحولتها كفراشة تتطاير في الهواء:
– مش هقدر يا مليكة، مش هقدر أتحكم في عواطفي ورغـ.ـبتي فيكي قدام الناس
همـ.ـست بتبرم مُفتعل وهي تحاول أن تتـ.ـملص بجـ.ـسدها منه:
-ياسين
أجابها وهو يعتـ.ـصر جـ.ـسدها بين ساعديه بطريقة أثارت داخلها:
– يا قلب ياسين من جوة
قال كلماته ثم أنقض علي شـ.ـفتاها كالوحـ.ـش الجائع، فك سحاب الثوب الخلفي وبلحظات كانت تتمدد فوق تختها عارية تماماً بعدما نزع عنها ذاك العاشق جميع ثيابها بتسرع وإستعجال وذلك لشدة إشتياقهُ لها وعدم تماسكهُ أمام سحرها العظيم
بعد مدة ليست بالقصيرة، كانت تقف أمام مرأة زينتها تضع اللمسات الأخيرة من إرتداء حجابها حتي زينة وجهها الخفيفة ،يقف بجانبها رجُـ.ـلها، يعقد رابطة عنقة بحرفية وثقة عالية، نظر علي إنعكاس صورتها في المرأة وغمز لها بعيناه وتحدث بوقاحة اخجلتها:
-كُنت هايل وجامد النهاردة يا وَحش
لكزته بخفة بذراعه وتحدثت بنبرة خجلة:
– بَطل كلامك ده
قهقه برجولة وأسترسلت هي بنبرة متعجلة:
– وياريت تستعجل شوية يا حضرة المتـ.ـهور، الوقت أخدنا والساعة داخلة علي عشرة،
وأكملت بتبرم:
– تقدر تقولي هنلحق نخرج أمتي ونرجع أمتي يا ياسين؟
إنتهي من رابطة عنقة وألتف بجـ.ـسده إليها ثم لف ساعديه حول خصـ.ـرها وتحدث بنبرة مطمأنة:
– مش عاوزك تقلقي ولا تتوتري ، هنخرج وهننبسط وهنعمل كُل اللي إحنا عاوزينه
وأضاف قائلاً بتفسير:
– وبعدين قلقانة ليه، أنا قايل لعمتي إننا هنتسحر برة وإنها تخلي بالها من الأولاد لحد ما نيجي، يعني اليوم كُله بتاعنا
ثم جـ.، ذبها إليه ونطق وهو يغمز لها بإحدي عيناه:
– هو إنتِ إحلويتي أوي كده ليه بعد الشاور ؟
تنصلت منه حتي أفلتت حالها وتحدثت وهي تلتقط حقيبة يـ.ـدها وتتحرك سريعاً نحو الباب في طريقها إلي الخارج :
– شكلك كدة إتجننت يا ياسين، أنا مستنياك تحت لأني لو فضلت هنا دقيقة كمان يبقا مش هنخرج النهاردة من الأوضة دي.
تحرك سريعاً خلفها وإلتحق بها وتحركا معاً داخل الممر المؤدي إلي الدرج ونزلا معاً،وجدا ثريا تجلس بصحبة يُسرا ونرمين وزو جيهما وأطفال المنزل جميعاً ، ألقيا عليهم التحية
نظرت نرمين إلي كليهما وتحدثت مستفسرة:
-هو إنتم خارجين ولا إيه يا مليكة؟
أجابتها مليكة بوجهٍ بشوش:
– ياسين عازمني علي السُحور يا نيرو
إنطفأت لمعة عيناها وشعرت بالإحباط من زو جها الذي لا يهتم سوي بعملهِ وفقط، فأردفت مليكة علي إستحياء بعدما لاحظت حُزن نيرمين الذي ظـ.ـهر فوق معالم وجهها:
– ما تيجي تسهروا معانا إنتِ وسيادة العقيد؟
كظم ياسين غيـ.ـظهُ من تلك المتسرعة التي لا تُبالي بكّم إشتياقه للخروج معها وجلوسهُما لحالهما دون عزول، في حين أشار سراج بكف يده وأردف قائلاً بإعتراض هادئ:
-لا يا سيتي بالسلامة إنتم،أنا راجل بيتوتي من الدرجة الأولى وبحب أقعد وأتأنس بوجودي مع حماتي، وبتمزج وأنا بشرب قهوتي ومعاها حتة الكُنافة العظمة
إبتسم له ياسين وتحدث بتأكيد :
-عين العقل والله يا سيادة العقيد
نظرت مليكة إلي ثريا وأردفت قائلة بتوصية:
– خلي بالك من عز يا ماما ليخرج في الجنينة عند البسين
تحدثت ثُريا بنبرة مُطمأنة:
-أخرجي مع جـ.ـوزك وماتشليش هم الأولاد يا بنتي،
وأكملت بحنو وهي تحتضن الصغير الذي يلتهي بلعبته المُمسك بها :
– عز ده في عيون نَانَا من جوة
إبتسم لها الصغير بحب، وشكرتها هي بإمتنان وتحركت بجوار حبيبها وأستقلت بجانبة السيارة التي شغل محركها وقادها بحذر حفاظً علي جنينهُ السَاكن أحشائها
إستدارت بجـ.ـسدِها لتنظر إليه وبدون مقدمات تغنت بصوتها العَذِب مما جعلهُ يحول وجههُ بإتجاهها وينظر إليها بولهْ وعِشق وهي تتغني لوردة الجزائرية وتقول
مالي طب وأنا مالي وأنا مالي، بالأحزان أنا مالي
عايشة في أحلى ليالي ويّا حبيبي الغالي
وأكملت بنظرات مولعة بعِشقهِ الهائل
بحبك أوي يا عيوني، بحبك مهما لاموني
ما يلوموا طب وأنا مالي
طب وأنا مالي، وأنا مالي وأنا مالي، مااااالي
فاجأها ذاك العاشق مُكملاً كلمات الاغنية قائلاً بصوتٍ ونظرات تهيمُ عِشقً
الحُب ومدفينا، الورد ومغطينا، الشمس وطالعة لينا
من فرح الدنيا بينا، من شهدها بتسقينا، وبكرة مستنينا
أكملت بتغني بإبتسامة رقيقة وعيناي هائمة
ناسية هنا ناسية أيام كانت قاسية
ناسياها معاك يا عيوني، وفاكرني هخاف يلوموني
ما يلوموا طب وأنا مالي وأنا مالي وأنا مالي ماااالي
أنهيا غنوتهما وهتفت بصوتٍ مرتفع مجنون عَكس طبيعتها الهادئة :
-بحبك يا ياسين، بحببببببك
ضحك برجولة وأشار لها بيـ.ـده في دعوى صريحة منه لدلوفها داخل أحضـ.ـانه الحانية، إستجابت لدعوته علي الفور وفكت وثاق حزام الأمان وسحـ.ـبت جـ.ـسدها وأقتربت منه ورمت حالها بأحـ.ـضانه، وبدوره لف ذراعهُ حولها برعاية، رفعت عيناها تنظر إليه بنظرات هائمة،فنظر هو أمامهُ يترقب الطريق بعناية وحينما تأكد خلوه من زحمة السيارات، لف حالهُ بإتجاهها وألتقـ.ـط كريزتـ.ـيها وذابَ داخلهُما في قُبـ.ـلةً سريعة، واعتدل وعاد مباشرةً لمراقبة الطريق من جديد
تحدث بنبرة مُتأثرة من شدة سعادته التي غمرته من غنائها له، وأيضاً عِشقها الهائل الذي أصبح يزدادُ يومً بعد الآخر:
– هتعملي فيا إيه أكتر من كده، سحرتيني بحُبك يا جِنية
شعرت بسعادة الدُنيا تقتـ.ـحمُ روحها وتُزلـ.ـزل كيانها أثر تغزُلات رجُلها وتغنيهِ بعِشقها،وضعت كف يـ.ـدها فوق صـ.ـدرهِ وتحـ.ـسسته بإثـ.ـارة أشعـ.ـلت روحهُ مما جعلهُ يتحدث بتوعد مُفتعَل:
-وبعدين معاكِ، شكلك كدة عوزاني أغير الإتجاه، وبدل ما أخدك علي المطعم، نطلع علي أقرب أوتيل وأحجز لك Suite ونقضي فيه ليلة تقعدي عُمرك كُله تحلفي بيها
ضحكت بإنـ.ـوثة ثم سحبت كف يـ.ـدها وأبعدت حالها عنه وتحدثت بتراجع:
-لا وعلي إيه، الطيب أحسن يا سيادة العميد
قهقه برجولة علي تراجعها السريع وهتف مُداعباً إياها:
– أحبِكْ وإنتِ جبانة وبتجيبي ورا
ضحكت بدلال، وبعد قليل صف سيارته، وتحركت تجاورهُ الدخول إلي إحدي الخيام الرمضانية
بعد مدة كانت تجلس بالمقعد المقابل له تتناول كأس المُثلجات الموضوع أمامها بإستمتاع وتلذُذ، كان يشملها بنظراته المغرمة لمتيمة قلبهِ العاشق الذي وبرغم مرور السنين علي زوا جهما إلا أنهُ مازال ينبُض بعشقها العظيم وبقوة جبارة
نظرت إليه بإستغراب لتوقفهُ عن تناول الحلوي خاصته والنظر عليها بترقب شديد ثم سألته بإهتمام :
– مابتاكلش ليه يا حبيبي؟
أجابها بنبرة صوت هائمة أثر عشقها الهائل الذي تملك من قلبه:
– بحب أتفرج عليكِ وإنتِ بتاكلي، وخصوصاً لما يكون الأكل علي مزاجك وبتتمزجي بيه بالطريقة دي
وأسترسل بعيناي عاشقة:
-بتجننيني وتشـ.ـعللي نـ.ـاري بيكي في أي حاجة بتعمليها يا ليكة
ضحكت بإنوثة نالت بها إستحسانهْ وهمـ.ـست بدلال بالكاد وصل لمسامعه:
-طب وإيه يعني لما أجننك، ما أنتَ كمان جننتني وخليت عيوني مابقتش بتشوف غيرك في كل الدُنيا،
وأكملت بنظرات إمرأة عاشقة:
-يا ياسين أنا بقيت بعشق حتي النَفَس اللي بيخرج منك
يا عيني عليك يا ياسين وعلي اللي حصل له من كلام حبيبة جـ.ـوزها: جُمله نطق بها ذاك العاشق الولهان
ضحكت وجلسا يتسامران بأحاديثهم المُنعشة للقلب والروح وهما يتناولان الحلوي والمشروبات الخاصة بذاك الشهر الكريم ، بعد مرور بعض الوقت، أتي إليهما النادل بطعام السحُور، وما أن أنزل ما بيـ.ـداه ورصهُ فوق طاولة الطعام حتي صَدحَ هاتف ياسين الموضوع فوق الطاولة
أمسكهُ ونظر به وجدهُ إيهاب،الحارس الشخصي لإبنته المرافق لها، حول بصرهِ إلي مليكة وتحدث مُعتذراً:
– معلش يا حبيبي، ده إيهاب عبدالسلام بيتصل ولازم أرد لأنه مابيتصلش غير للضرورة
أومأت لهُ بتفهم وضغط هو سريعاً علي زر الإجابة وتحدث بنبرة جادة :
-أيوة يا إيهاب
نطق إيهاب الواقف داخل حديقة المنزل في الخلاء بنبرة حائرة وهو يتحرك بهدوء:
-ياسين باشا، فيه حاجة مهمة حصلت النهاردة ولازم حضرتك تعرفها
تسائل ياسين بإستفسار قلق بعدما إستمع لنبرات صوته المترددة:
-خير يا إيهاب، إيه اللي حصل ؟
تحدث إيهاب بنبرة صوت مترددة:
– الموضوع خاص بالدكتورة أيسل،
واسترسل سريعاً مُفسراً:
-بس عاوز حضرتك تِطمِن، إحنا إتدخلنا بسرعة ولحقنا الموقف قبل ما يتطور
صاح به ياسين بنبرة حازمة مُفعمة بالغضـ.ـب جراء ما أصابهُ من قلق شديد علي غاليتهُ وزو جته :
– ماتنطق يا بني آدم وتقول لي فيه إيه؟
واسترسل بنبرة حادة مُحذرة:
– إنتِ عارف إن أكتر حاجة بتوترني وتحـ.ـرق دَمي هي المُقدمات دي،إنجز
إبتلعت مليكة سائل لُعابها وأنتفض جَـ.ـسدِها رُعبً من هيئة ياسين التي تحولت بلحظة، ونظرت إليه بترقُب شديد
عبر الهاتف، تحدث إيهاب سريعاً بإرتباك خشية صَب ياسين غضـ.ـبه عليه قائلاً بتروي :
– فيه واحد خليجي زميل الدكتورة في الكلية إتهجم عليها النهاردة ومِـ.ـسك إيـ.ـدها غَصب عنها
جحظت عيناي ياسين وبلحظة تحول بياضها إلي أحمر قَاتم وأشتـ.ـعلت النـ.ـار بصـ.ـدره ونطق بغل وهو يجز علي نواجذهِ مما يدُل علي ما أصابهُ من غضـ.ـبٍ شديد:
-إنتِ بتقول إيه يا إيهاب، إحكي لي كُل اللي حصل بالتفصيل المُمل وقول لي مين ده اللي أمه داعية عليه ووقف في وش بنت ياسين المغربي
إرتعـ.ـبت أوصال مليكة وتسائلت بإرتياب وتلعثم:
– هو فيه إيه يا ياسين؟
نظر لها بعيناي مُشتـ.ـعلة وأشار لها بيده مطالباً إياها بالصَمت الفوري مما زاد من رُعـ.ـبها وارتجـ.ـاف جـ.ـسدها وتابعت النظر له بترقب وهو يستمع إلي إيهاب بإصغاء شديد
بعد مرور حوالي العشر دقائق كان ياسين قد إنتهي من إستماعه لسرد إيهاب لما جري عليه، تحدث إليه متهكمً بنبرة لا تُبشر بخير:
– ولما هو الكلام ده حصل من الساعة ستة المغرب،جاي تقولهُ لي الوقت ليه يا إيهاب بيه
تلعثم إيهاب بالرد قائلاً:
-يا باشا أنا قولت طالما سيطرنا علي الوضع والدكتورة بخير، أسيب حضرتك تفطر وتصلي التراويح وبعدها أبلغ جنابك
صاح بحدة أرعـ.ـبت أوصال إيهاب:
– لا يا راجل ! فيك الخير والله
وأكمل بنبرة تهديدية:
-حسابي معاك لما أجي لك
نطق جُملتهُ وأغلق الهاتف دون كلام، ونظر إلي تلك المُنكمشة علي حالها وتحدث وهو يُخرج من حافظة نقودهُ بعض العُملات وأشار بكف يـ.ـده إلي العامل المختص بإحضار الفاتورة وتحدث إليه بنبرة جادة:
-الشِيك لو سمحت
حضر إليه العامل وبيـ.ـدهِ الفاتورة وتحدث بسؤال مُهذب عندما وجد الطعام لم يُمـ.ـس:
– خير يا أفندم، الأكل فيه مشكلة ولا حاجة؟
هز ياسين رأسهُ بنفي وتحدث بهدوء إصطنعهُ بإعجوبة :
– الأكل والخدمة زي الفل وتسلم أديـ.ـكم، بس إحنا إفتكرنا مشوار مهم ولازم نتحرك حالاً
قام بوضع المال داخل الدفتر ونظر إلي تلك التي تنظر إليه بعيناي مُتسعة مذهولة، لا تفقه شئ مما يفعله وتحدث إليها بهدوء وهو يهم بالوقوف:
-يلا بينا
هبت واقفة من مقعدها وتحركت سابقة خطواته، وصل إليها عِند باب الخروج، أمسك كف يدها وشدد عليه، ومال علي أذنها وهمـ.ـس بنبرة صَارمة:
-إهدي وماتنسيش إن إحنا في وسط ناس
أخرجت تنهيدة حَارة من صـَ.ـدرها تدل علي إشتـ.ـعالها وتحركت بجانبه حتي وصلت إلي مقر إصطفاف السيارة، ضغط زر جهاز التحكم وقبل أن يتجه إليها ليفتح لها باب السيارة كانت هي تفتحهُ وتُلقي بحالها بإهمال فوق المقعد متناسية حملها بجنينها، إستـ.ـشاط غـ.ـضباً من تصرفها وتحرك للجهة الآخري وصعد إلي جانبها وأمسك مقود السيارة وأدارهُ مُتحركاً في طريقهُ للعودة إلي المنزل
تحدث إليها كاظماً غيظهُ الذي أصابهُ من تصرفها الأرعَن دون حتي أن تسألهُ عن ما جري لإبنته ومن ليالي تلك المستهترة التي لم تُكلف حالها عناء الإتصال به وإخبارهُ بما حدث لإبنتها
تجنب غضـ.ـبهُ وأردف بهدوء إصطنعهُ بإعجوبة في محاولة منه لتهدأتها :
-أنا عارف إنك زعلانة علشان قمنا من غير ما نتسَحر وبوظت لك السَهرة، بس فيه مُشكلة خاصة بأيسل حصلت ومكنتش هقدر أكمل السهرة وأنا جوايا بيغلي بالشكل ده
كانت تستمع إليه وهي تنظر أمامها بملامح وجه مُكفهرة،حولت بصرها بإتجاهه بعدما إستمعت إلي إعتذاره وهتفت بنبرة حادة لم تستطع التحكُم بها:
– أنا مش زعلانة علشان مكملناش سهرتنا يا سيادة العميد، أنا اللي قهرني إنك قومتني من المكان من غير ما تفهمني حاجة وسحـ.ـبتني وراك زي الهبلة
زفر بقوة وصف سيارته جانبً، ثم نظر إليها وتحدث بهدوء:
-اللي حصل نرفزني ومكنش ينفع أحكي لك عليه وإحنا وسط الناس وزحمة المكان يا مليكة
تنهدت بقلبٍ مُحملً بأثقال الهموم، وبدأ هو يقص علي مسامعها ما أخبرهُ به إيهاب حتي تُدرك وتلتمـ.ـس لهُ العُذر فيما بدر منه ، ربتت علي يـ.ـده وتحدثت بمؤازرة بعدما رأت كّم السَـ.ـخط والإنفعال اللذان كان يتحدث بهما كُلما تخيل ما حدث مع عزيزة عينه:
-إهدي من فضلك يا ياسين وإن شاء الله كُل حاجة هتبقا كويسة
أومأ لها بملامح وجه مُبهمة وأخرج هاتفهُ وبدأ بالنقر عليه وضغـ.ـط علي زِر الإتصال، سألته بإستفهام:
-هتكلم مين تاني؟
أجابها سريعً:
-هكلم ليالي هانم اللي عايشة حياتها ولا عاملة لوجودي أي إعتبار
بالكاد أنهي جُملتهُ وهتف سريعاً بنبرات ساخطة بعدما أتاه صوت تلك سيئة الحظ:
-إنتِ إزاي يا هانم ما تكلمنيش وتبلغيني باللي حصل لأيسل في وقتها،
وأكمل بنبرة أكثر حِدة:
– أمَال أنا باعتك معاها تهببي إيه عندك ؟
إرتعب داخل ليالي التي ردت مُتلعثمة:
-ممكن تهدي شوية يا ياسين، صدقني اللي حصل مايستحقش غضـ.ـبك ده كله.
هتف بصياحٍ عالِ قائلاً بتهكم :
-ده إنتِ كمان بقيتي تحددي إيه هو اللي يستحق غضـ.ـبي من اللي ما يستحقش
وأكمل متوعداً للشاب بسُـ.ـبابٍ لاذع :
-وحياة أمه لأخليه يتمني إن أبوه مكنش شاف أمه من الأساس ولا كانوا جابوا خلفته ال….
أردفت قائلة بتفسير وصل لفهم ياسين علي أنهُ تهاون منها وتقليل من شأن ما حدث:
-يا ياسين إفهم، الولد كان عازم البنت هي وزمايلها علي الفطار، ولما رفضت عزومته مـ.ـسِكها من إيـ.ـدها علشان يحاول يقنعها توافق تروح معاهم ، والحرس لما شافوه هجـ.ـموا عليه وعرفوه غلطه والموضوع إنتهي،
وأكملت ببرود في محاولة منها لتهدأة ذاك الثـ.ـائر:
– وبعدين الولد شكله معجب بيها، لأن دي مش أول مرة يحاول يتقرب منها، أرجوك يا حبيبي، مافيش داعي تكبر الموضوع وتدي له أكبر من حجمه لأنه فعلاً عادي
جحظت عيناه من إعترافها الصَادم بالنسبة له وصاح بها مُعـ.ـنفاً إياها بغضـ.ـبٍ شديد :
– وإنتِ كُنتي عاوزة يحصل إيه تاني أكتر من كدة يا هانم؟!
واسترسل بتعجُب:
-إنتِ شكلك إتجننتي خلاص يا ليالي، عوزاني أتعامل مع الموضوع وكأن اللي حصل ده شئ عادي علشان الحيـ.ـوان ده يتمادي أكتر مع بنتي؟!
وأكمل بتـ.ـرويع :
-علي العموم أنا جاي في أول رحلة مسافرة لألمانيا، وحسابك معايا لما أجي لك هيكون شديد ، قسماً بربي ما هعدي لك اللي حصل ده بالساهل يا ليالي
إنتفـ.، ض جـ.ـسدها رُعـ.ـباً أثر إستماعها لنبراته الغاضـ.ـبة وكلماته المتوعدة لها وكادت أن تتحدث أخرسها صوتهِ الهادر حين نطق أمراً:
– إخرسي خالص مش عاوز أسمع صوت ، إديني أيسل أكلمها
ناولت التي تجاورها الجلوس بغرفة المعيشة وتترقب ما يدور بإرتياب، تحدثت بنبرة مُزعـ.ـورة خشيةً غضـ.ـب والدها وإنفعالهِ عليها مثلما فعل مع والدتها:
– أيوة يا بابي
سألها متلهفً بنبرة حنون عكس توقعها:
-إنتِ كويسة يا قلبي ؟
الولد ده أذاكي أو عمل لك أي حاجة؟
إطمأنت لصوت أبيها وأجابتها بطمأنة:
– إطمن يا بابي أنا كويسة ماتقلقش
أكمل هو بطمأنة :
_ أنا جاي لك بكرة أو بعده بالكتير وهوقف لك الحـ.ـيوان ده عند حده
وأكمل بتوعد حادّ:
-قسماً بالله لأكمل له وأعلمه الأدب اللي أبوه وأمه قصروا معاه فيه،وهخليه لو شافك بعد كدة ماشية في شارع يلف من الناحية التانية علشان مايضايقكيش بشوفة خلقته ال…..
أنهي مكالمته ونظر علي تلك التي تستند بكفها علي فكها ويبدوا علي ملامحها الحُزن والألـ.ـم
سألها مُستفسراً بترقب:
-فيه إيه يا مليكة، مالك قلباها غم كدة ليه؟
نظرت إليه وتساءلت بنبرة متألـ.ـمة:
– إنتَ فعلاً هتسافر ألمانيا ؟
أجابها متهكمً بتعجُب:
-أمَال عوزاني أسيب بنتي في الموقف ده وأخليها تحـ.ـس إن ملهاش ضهر تتسند عليه وقت الشِدة؟!
أجابته بهدوء:
-أنا ماقولتش إنك تسيبها يا ياسين، بس إنتَ ممكن تحل الموضوع وإنتَ قاعد في مكانك هنا من غير ما تضطر تسافر
وأضافت مفسرة:
– وده طبعاً بحكم مركزك الكبير في المخابرات
واسترسلت بتذكير:
– وبعدين إنتَ لسه راجع من ألمانيا ماكملتش يومين
إتسعت عيناه بذهول وهو يستمع لكلماتها الصَادمة له وسألها مّترصداً ردة فعلها بدقة:
-لو كان اللي حصل لأيسل ده كان حصل لحد من أولادك كان ده بردوا هيكون رد فعلك ؟
زفرت بضيق وتحدثت مفسرة :
– لتاني مرة بقول لك إني مابطلبش منك تتخلي عنها
هتف بها قائلاً بحِـ.ـدة وذهول :
-إنتِ مش ملاحظة إنك بقيتي أنانية أوي؟
هتفت بنبرة حَـ.ـادّة :
-وإنتَ مش ملاحظ إن كُل خناقتنا بقي سببها الرئيسي هو سيلا ودلعها المبالغ فيه ؟
وكادت أن تُكمل أوقفها بأشارة حَـ.ـادّة من كف يـ.ـده وأردف قائلاً بنبرة صَارمة مصدومة:
-كفاية يا مليكة، مش عاوز أسمع كلام يصدمني فيكي أكتر
نزلت دموعها وتحدثت بنبرة حَـ.ـادّة لعدم تقديرهُ لموقفها وشعورها بل وصل به الآمر بإتهامهُ لها بالأنانية وعدم تقديرها له:
-رجعني البيت حالاً يا ياسين
زفر بضيق لرؤيتهُ لدموعها التي وبرغم إستيائهُ منها، إلا أنها كانت تنزل علي قلبه العاشق وكأنها سَوط ينزل بقوتهِ علي كل إنشٍ به فتكـ.ـويه بجـ.ـلداته المُوجـ.ـعة، لكنه مازال غاضباً من حديثها ولذلك قاد سيارته وتحرك بها إلي منزلهما في صمتٍ تام
❈-❈-❈
في حُجرة سارة الخاصة بها داخل المنزل الذي إشتراهُ سليم لعائلته، كانت منكبة علي مكتبها تُراجع دروسها، أخرجها من تركيزها صوت رنين هاتفها، أمسكته ونظرت بشاشته ثم وبلحظة إنفرجت أساريرها حتي ظهرت نواجذها عندما رأت نقش إسم حبيبها، ضغطت علي زر الإجابة سريعاً وأردفت قائلة بنعومة:
– ألو
رد عليها ذاك المُحب الولهان:
– وحشني صوتك من إمبارح للنهاردة
إبتسمت خجلاً وشعرت بقشعريرة تسري بجـ.ـسدها بالكامل، قررت الخروج من تلك الحالة بتغييرها لمجري الحوار وسألته بنبرة جادة:
– هتيجوا تنوروا إسكندرية أمتي يا باشمهندس؟
إبتسم عندما فهم بفطانته أنها تريد تغيير الموضوع وأجابها موضحاً:
-أبويا كان بيبلغ ماما النهاردة علي الفطار ويقول لها تجهز نفسها علشان هنسافر إسكندرية بعد يومين بالظبط،
وأكمل بنبرة سعيدة ظهرت عبر الهاتف:
-ما تتخيليش فرحتي قد إيه إني أخيراً هشوفك
وأكمل بتساؤل:
-ماقولتليش، عوزاني أجيب لك إيه معايا من أسوان؟
إبتسمت وأجابته علي إستحياء:
– عاوزة سلامتك، عوزاكم تيجوا بالسلامة وتنوروا إسكندرية كُلها
ثم استرسلت قائلة بصدق:
-أقول لك علي حاجة يا رؤوف
إنتعش قلبهُ ككُل مرة يستمع فيها إلي إسمهُ يُنطق من بين شـ.ـفتيها، وما شعر بحاله إلا وهو يجيبها بحنان :
– قولي يا حبيبتي
شعرت بالخجل الشديد من نطقهِ لكلمة حبيبتي، لكنها تحاملت علي حالها وأردفت قائلة إستكمالاً لحديثها:
-أنا من وقت ما رجعت من أسوان وأنا بدور علي نفسي ومش لقياها ، هناك كُنت مبسوطة وكُل حاجة حواليا حتي ولو بسيطة كانت بتسعدني
وأكملت بنبرة صادقة :
– كُل حاجة عندكم في أسوان بتدي للإنسان positive energy وده كان بيساعدني علي إني أقدر أخَرج أفضل ما عندي، سواء في مهاراتي الحياتية أو حتي في تحصيلي العِلمي
وأكملت بإستحياء:
– ده غير إني كُنت حاسة إني في وسط ناس قلوبها صافية وبتحبني بجد
تنهد بحرارة وأردف بنبرة صوت واثقة :
– إحسـ.ـاسك ده ماوصلكيش من فراغ يا سارة، إنتِ حـ.ـسيتي بالشعور ده لأن أسوان هتبقا بلد جـ.ـوزك وأولادك
وأكمل بنبرة عاشقة أخجلتها:
– أما بالنسبة لروحك اللي لقتيها هنا، فدي هي أنا يا حبيبتي، لأن أنا روحك اللي كانت تايهة منك وكُنتي بتدوري عليها
تراقص قلبها علي نغمات كلماته الساحرة وأكملا حديثهما المُثـ.ـير لمشاعر كلاهُما
❈-❈-❈
وصل ياسين بسيارته داخل جراچ العائلة، وقبل أن يصفها كانت تلك الغاضـ.ـبة مُترجلة منها وتحركت بخطوات سريعة داخل منزلها ومنهُ إلي صعود الدرج لتصل إلي جناحها، ألقت بحالها فوق التخت بإهمال ثم دخلت في نوبة من البكاء شديدة
أما ياسين الذي عاد إلي منزل والده، وتحرك معه ودلفا إلي المكتب الخاص بأبيه بعدما طلب منه التحدُث علي إنفراد، جلس عز فوق الأريكة الجانبية وتلاهُ ياسين بالجلوس
تحدث عز بفطانة بعدما رأي تجهُم ملامح وجه نجلهُ التي تُنذر بحدوث شئً ما:
– هات اللي عندك يا ياسين، ويارب يكون خير يا أبني
تشجع ياسين وبدأ بقص ما حدث علي مسامع والده، وبعد مُدة تحدث عز بنبرة عاقلة بعدما رأي غضـ.ـب ولدهُ الشديد وهو يتوعد لهذا الشاب:
– حاول تتحكم في أعصابك أكتر من كدة يا سيادة العميد، الموضوع حـ.ـساس ومحتاج يتعالج ويتحل بحكمة، لأن واضح من الكلام اللي بلغهولك الحارس عن الولد إنه من عيلة كبيرة
واسترسل بإرتياب:
-ده إذا مكانش من العيلة المَكِلية نفسها
إشتعـ.ـلت عيناي ياسين جراء غضـ.ـبه وهتف سريعً بنبرة إعتراض:
– إن شاله يكون ولي العهد بذات نفسه، دي بنتي يا باشا واللي يقرب لها أكله بأسناني
وأكمل معتزاً بحاله وبدولته :
-وحتي لو طلع من العيلة الملكية زي ما حضرتك بتقول، فأنا إبن جهاز المخابرات المصرية اللي الكل عارف قيمتنا كويس
وضع عز كف يـ.ـدهُ علي كتف نجلهُ وتحدث بموافقة وطمأنة:
-أنا ماقولتش إننا قُليلين قدام أي حد يا أبني، أنا كُل اللي أقصده إننا نتعامل مع الموضوع بحِكمة لعدم إثارت الفتنة بينا وبين إخواتنا العَرب
واسترسل بتأكيد:
-فاهمني يا ياسين؟
أومأ لهُ بتفهم قائلاً بإحترام:
-فاهم سعادتك يا باشا
إنتهي من حديثهُ مع والده وتحرك إلي الخارج، إتصلت به إحدي مسؤلي شركة الطيران لتؤكد له أنه تم حجز تذكرة ذهاب وعودة إلي ألمانيا غداً
❈-❈-❈
كانت تجلس فوق الفراش مُتكأة علي ظـ.ـهر التخت تستند عليه ومازالت دموعها تجري فوق وجنتيها بغزارة وألـ.ـم
وجدت من يفتح باب الجناح بإحدي ساقيه ويتحرك إلي الداخل، حاملاً بين ساعديه صَنيّة محملة بعدة أصناف من الأطعمة الخفيفة المناسبة لوجبة السُحور، وضعها فوق الطاولة
وتحرك إلي تلك الباكية وجلس بجانبها، أمسك مؤخرة رأسها بكف يـ.ـده وقام بوضع قُـ.ـبلة علي جبينها كـ بادرة إعتذار منه ، وبدون سابق إنذار سـ.ـحبها وأدخلها إلي أحضـ.ـانه ولف ذراعيه حولها بإحتواء، شعرت بغصَة مـ.ـؤلمة وأجهشت ببكاء شديد خرج بشهقاتٍ عالية
وتحدث هو لمراضاتها بنبرة حنون متأثرة:
– علشان خاطري كفاية عياط، ماتوجعيش قلبي عليكِ
أردفت قائلة بنبرة معاتبة أخرجتها بصعوبة بالغة من بين شهقاتها المتقطعة :
-أهمك أوي وبتخاف عليا؟!
أبعدها عن أحـ.ـضانه ونظر داخل عيناها رافعاً حاجبيه بتعجُب وسألها معاتباً إياها بملامة:
– إنتِ عندك شك في غلاوتك في قلبي يا مليكة؟
زادت شهقاتها التي أدمَـ.ـت قلبهُ وهي تنظر إليه بنظرات مؤنبة، أخرج تنهيدة حارة من أعماق صـ.ـدرهُ وتحدث إليها بنبرات تقطرُ صِدقاً:
– ده أنا بخاف عليكِ من نسمة الهوا الطايرة، أنا ماقدرتش أسيبك تنامي وإنتِ زعلانة مع إن المفروض إنتِ اللي مزعلاني
وأكمل بعيناي تشعُ حنانً وهو يحتـ.ـضن وجنتيها بكفاي يـ.ـداه:
– وجيت لك علشان أصالحك ونتسحر سوا وأنيمك في حُضـ.ـني
واسترسل بعيناي مُلامة:
-وبعد كل ده تقولي لي أهمك أوي؟!
لانت ملامحها بعض الشئ ، مال هو علي وجنتها وقام بوضع قُبـ.ـلة حنون فوقها مما جعلها تشعر ببعضٍ من الراحة والإطمئنان فور شعورها بصدق كلماته الحنون ، وقف منتـ.ـصب الظـ.ـهر،ثم أمـ.ـسك بكف يـ.ـدها وجـ.ـذبها ليحـ.ـسها علي النهوض والتحرك إلي موضع الطاولة قائلاً بنبرة حنون:
-يلا يا حبيبي علشان نلحق نتسحر قبل الفجر ما يأذن
هزت رأسها برفض وتحدثت بخفوت :
-كُل إنتَ، أنا مليش نفس
رد عليها بإصرار ومازال ممـ.ـسكً بيـ.ـدها بإحتواء :
-لو ما أكلتيش معايا مش هاكل وذنبي لما أجوع بكرة هيبقا في رقبتك، ده غير بنتي اللي هتجوعيها هي كمان
مالت برأسها تتوسلهُ بعيناها أن يتركها لكنهُ أصر قائلاً:
– ماتحاوليش، هتاكلي يعني هتاكلي.
ثم نظر لها واسترسل مترجياً بعيناه:
-وحياة ياسين لتقومي تاكلي
لم تستطع الصمود أمام عيناه ورجائهْ، وقفت وتحركت معهُ وجلست بالمقعد المجاور له وبدأ بوضع الطعام بفمها بإهتمام شديد تحت إبتسامتها الخافتة، بعد إنتهائهما من تناولهما وجبة السحور، دلفا للحمام وتوضأ كلاهما وقاما بأداء صلاة الفجر
بعد الصلاة توجها إلي التخت وتمدد براحة وأخـ.ـذها داخل أحـ.ـضانه وقام بتقـ.ـبيل جبهتها وتحدث بنبرة حنون:
– تصبحي علي خير يا حبيبي
أطلقت تنهيدة حارة وأردفت قائلة بتوصية بنبرة مُتأثرة :
– ممكن يا ياسين تخلي بالك عليا أكتر من كدة، بلاش تخلينا نخسر حُبنا أرجوك
رفع رأسهُ سريعً من فوق وسادته ونظر لها بعيناي متسعة من شدة ذهولهما، وسألها متعجبً بعتاب :
– هو إيه اللي كان حصل علشان تقولي كلامك دة يا مليكة ؟
وأكمل مصدومً:
-كل ده علشان هسافر لبنتي وأقف جنبها ؟
حركت رأسها عدة مرات متتالية دلالة علي نفيها وتحدثت بتوضيح:
– أنا مش تافهه يا ياسين علشان أفكر بالسطحية دي لمجرد موقف حصل، أنا بتكلم عن مواقف كتير حصلت علي مدار السنتين اللي فاتوا وعملت جوايا تراكمات
وأكملت بنبرة متأثرة تُظهر كّم التألُـ.ـم الذي بات يُسيطر علي قلبها :
-ياسين أنا حامل وفي شهوري الأولي، هرموناتي كلها متلغبطة بسبب الحَملْ ودي أكتر فترة أنا محتاجة لك تكون فيها جنبي، محتاجة أحِـ.ـس بإهتمامك وإنك محتويني ومحتوي التغيرات النفسية والجـ.ـسدية اللي بتحصل لي
نظر لها بإستغراب وتسائل مستفسراً :
– وهو أنا مش مهتم بيكِ ولا مراعي نفسيتك يا مليكة؟
هزت رأسها بأسي وأجابته:
-إنتَ ليه مش قادر تفهمني ، يا ياسين أنا وصلت معاك لدرجة عشق جنونية وبقا عندي هوس وخوف ملازمني من إني أخسرك أو ييجي يوم وتسيبني لأي سَبب كان
إبتسم بشدة بينت صَفي أسنانه البض وتحدث بحنان:
-إطمني يا قلب ياسين من جوة، اليوم اللي هسيبك فيه تأكدي إنه هيبقا يوم رحيلي من الدُنيا كُلها
واكمل علي عجالة:
-وحتي في الحالة دي هبقي بسيبك بجـ.ـسدي بس، لأن روحي ساكنة جواكِ ومش هتطلع منك غير بفراق الجـ.ـسد عن الروح
وضعت يدها علي وجنته النابتة وتلمـ.ـستها بحنان وتحدثت بعيون تقطر صِدقً:
-ربنا يجعل يومي قبل يومك، لأني ماليش حياة بعدك يا حبيبي
إبتسم وأردف قائلاً بنبرة حنون خارجة من أعماق قلبهُ العاشق:
-لازم تكوني مُتأكدة من جواكِ إنك سَبب سعادتي في الدُنيا دي وإنك أغلي ما أملك، إنتِ الوحيدة اللي قلبي بينبض وبيصـ.ـرخ بعشقها،
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب حائرة)