رواية قلوب حائرة الفصل الحادي والستون 61 بقلم روز أمين
رواية قلوب حائرة البارت الحادي والستون
رواية قلوب حائرة الجزء الحادي والستون
رواية قلوب حائرة الحلقة الحادية والستون
🦋 الفصل العشرون 🦋
أبشعُ أنواعَ الخَيباتِ وأصعبُها هي التي نتلقَّاها غدراً علي أيـ.ـادي مَن كُنَّا نظُنُّهم لنا الدُنيا وما فِيها،عِندما يُزاحُ الستارَ عنِ الوهمِ وتُصْدَمُ رأسنا بجدارِ الواقعِ المَرِيرِ،لنبدأُ حينها بخوضِ أصعبُ معاركَنا،معركةَ العقلِ الذي صُدِمَ بالحقيقةِ المُرَّةِ، والقلبُ الذي يَأْبَى تصديقَها .
خواطر عُمر المغربي
بقلمي روز أمين
داخل أحد أشهر النوادي الليلية المتواجدة بمحافظة الأسكندرية،حيثُ الأصوات الصَاخبة والأنوار العالية بألوانها الحمراء التي تطغي علي المكان بأكملة وتُشوش علي الرؤية الواضحة به
دلف عُمر يتأبط لمار التي تتحرك بجانبهِ بكُل حيوية،ترتدي ثياباً عصرية مُتحررة،جونلة بالكاد تصل لنصف فخـ.ـديها يعتـ.ـليها
كَنزة ضيقة بدون أكمام،إقْبل عليهما مالك المكان الذي تعرف عليهما في الحال ويرجع ذلك لترددهُما الدائم علي المكان
هتف عالياً بصَخب ليسمعاه وسط عُلُوّ الأصوات وأختلاطها وتحدث مُرحباً بهما:
-أهلاً وسهلاً بالباشا الصُغير والهانم،نورتوا الـ Night Club يا عُمر بيه
إبتسامة عريضة خرجت منه بينت صفيّ أسنانه البيضاء وتحدث وهو يهز رأسهُ بإستحسان:
فاروق Thanks-
قال كلمته وتحرك هو ولمار خلف ذاك الفاروق الذي أوصلهما إلي إحدي الطاولات وتحدث بما يُرددهُ لكُل زائر:
-إتفضل يا باشا،أنا نقيت لك أحسن تربيزة عندي،التربيزة دي ما بيقعدش عليها غير البشوات
تحدث شاكراً:
-متشكر يا فاروق
العفو يا باشا،أنا هبعت لكم الويتر يشوف طلباتكم حالاً…هكذا تحدث قبل أن يُشير إلي العامل ويتحرك مُنصرفاً ليُتابع زبائن المكان المُوردين عليه
دارت بعيناها في المكان تتفقدهُ بترقُب شديد ثم وقعت عيناها علي المكان الخاص بالرقص وتحدثت بإنتشاء:
-المكان تُحفة يا موري
عَقب علي حديثها بإنتشاء:
-تُحفة علشان وجودك فيه يا حبيبتي
إبتسمت له وأمـ.ـسكت كف يـ.ـده وضغطت عليها كنوعٍ من الشُكر قابلها هو بسعادة هائلة،جلب لهما العامل مشروباً بارداً وبدأ يتناولاه وهما يتحدثان ويتطلعان علي المكان بنشـ.ـوة،كانت تُنشط المكان بعيناها وفجأة توقفت عندما رأت سيدة أربعينية تتحرك في طريقها إلي الحمام
هبت واقفة ثم تحدثت قائلة بدلال:
-هادخل الحمام أظبط الميكب وارجع لك يا بيبي
ما تتاخريش عليا يا قلبي علشان بتوحشيني…كلمات عاشقة نطق بها ذاك المُحب المخدوع
إبتسمت لهُ تلك الماكرة بوجهٍ مُبتهج وما أن أدارت لهُ ظَـ.ـهرها حتي إكفهرت ملامحها وتجمدت وتابعت تحرُكها بطريقها إلي الحمام حتي وصلت،وجدت إمرأة تقف خارج الحمام تابعة لهم،نظرت لها وأومأت وبعد دخول لمار أوصَدت باب الحمام جيداً وتحدثت بأسف إلي إحدي الفتيات التي كانت تقترب وتتأهب لدخول الحمام:
-معلش يا أنسة،الحمام عطلان والصيانة جوة،ربع ساعة بالكتير وهيشتغل
نظرت لها الفتاة بأسي وتحركت عائدة من جديد من حيثُ أتت،دلفت لمار وسارت نحو الحوض وقامت بفتح صِنبور المياة وبدأت بإغتسال يـ.ـداها ثم أخرجت من حقيبتها أدوات زينتها وبدأت بوضعها وهي تنظر في إنعكاس المرأة بترقُب شديد،خرجت تلك السيدة التي رأتها بالخارج من داخل الحمام ثم سارت حتي جاورتها وفتحت صنبور المياه وتحدثت وهي تنظر لإنعكاس وجهها في المرأة بعدما تأكدت من خِلو المكان:
-إيه الأخبار؟
نطقت بنبرة جادة وكأنها جهاز ألي مُبرمج:
-كله ماشي كويس،العيلة كُلها ما بقاش فيها حد طايق التاني،الراجل الكبير ومراته ومرات أخوه عملوا مُشكلة كبيرة النهاردة الصُبح وشكل الدُنيا وِلْعت بينهم،لأن مِراته خرجت من الجناح الخاص بيها وبجوزها،وسِكنت في جِناح جنب الوَحش
وابتسمت ساخرة واردفت بتفاخر:
-بصراحة السِت الكبيرة طلعت أتفه مما تخيلت وما تعبتنيش معاها،كلمتين مني ولعوها من ناحية مرات أخوه وشكلها راحت هددتها لدرجة إن التانية وِقعت من طولها
واردفت شارحة بعملية:
-المهم إن التفرقة اللي إحنا عاوزينها حصلت،لأن الغدا إتعمل في البيت النهاردة بعيد عن مركز تجمُع العيلة،ده غير الوَحش ومراته واخوه،تقدري تقولي إن كُلهم شِبه مقاطعين بعض
عقبت المرأة علي حديثها باستحسان:
-هايل،أهم حاجة تاخدي بالك كويس وإنتِ بتراقبيهم علشان ماحدش ياخد باله منك وتنكشفي
بسرعة عقبت شارحة:
-ما تقلقيش،أنا طول الوقت اللي بقضيه لوحدي ببقي واقفة ورا باب جناحي براقبهم من غير ما حد يحِـ.ـس،وكمان الشغالة الفلبينية اللي منال بتثق فيها لسانها فالت وتبيع أبوها علشان كَام دُولار
واستطردت بإبتسامة ساخرة:
-أنا مفهماها إني بحب منال أوي،وإني حابة أعرف كُل حاجة عنها علشان أتقرب منها وأعرف أخليها تحبني وتفضلني عن باقي مرتات ولادها التانيين،والمُغفلة مصدقة وبتمدني بكُل الأخبار اللي بتقـ.ـاتل علشان تعرفها،ده طبعاً مُقابل الفلوس اللي بتقلبني فيها كُل مرة تجيب لي خبر يستاهل،وده بيشجعها أكتر ويخليها تبذل أقصي ما عندها علشان تجيب لي الأخبار وتستفيد
أومأت المرأة باستجواد وأردفت:
-براڤوا لمار،إنتِ كدة ماشية كويس والموضوع دخل في الجد خلاص،أنا هابلغ عزيز بالأخبار الجديدة وأكيد هيبلغ القيادات وهيصرفوا لك مكافأة كبيرة علي مجهودك
تغيرت ملامح وجهها ثم زفرت بضيق وتحدثت بتَبَرُّم:
-أنا مش عاوزة مكافأت تاني،كفاية عليا اللي أخدته والمكافاة الكبيرة اللي هاخدها في نهاية العملية
واستطردت بتمني ونظرات مُترجية:
-أنا كُل اللي بتمناه هو إني أخْلص من المُهمة دي وأخرج من بيت الأفاعي من غير ما أتإذي من سِمهُم،نفسي أرجع لحياتي الطبيعية واعيش من غير خوف ولا قلق
واستطردت بإرتياب ورُعب ظهر بَيِنّ فوق ملامح وجهها:
-انا الكوابيس ما بتسبنيش ولا ليلة،كُل يوم بحلم بالوحَش وهو دايس بجزمته علي رقبتي وبيضغط عليها لحد ما روحي بتطلع تحت جزمته
واسترسلت بصوتٍ خَائِر الْقُوَى:
-بلغيهم إني خلاص مش قادرة أتحمل نظراته الغريبة ليا هو وأبوه
وأكملت بارتعاب:
-إنتِ مش مُتخيلة الكابوس اللي أنا عايشة فيه،أنا بموت في اليوم مية مرة من كُتر رُعبي منهم
ماحدش هيقدر يلمـ.ـس شعرة واحدة منك لو إنكشفتي،إنتِ ناسية ولا إيه؟…جُملة مُطمأنة نطقت بها المرأة وهي تنظر إليها بثقة عالية لتُذكرها بأمرٍ ما
تنفست لمار عالياً وتحدثت بملامح غير مُطمإنة:
-إنتِ بتقولي كدة علشان ما تعرفيش الناس دي كويس،لكن أنا عيشت معاهم وعاشرتهم،الناس دي جبارة ومالهومش ماسكة،الوَحش مش هايرحمني لو وقِعت تحت أديه
أردفت المرأة بطمأنة قوية:
-ما تخافيش قُلت لك،إحنا زرعناكِ في وسطهم فوق التلات سنين وماطلبناش منك حاجة تُثير شكوكهم من ناحيتك لحد ما خلناهم وثقوا فيكِ لدرجة كبيرة،وبالنسبة لنظرات الوَحش وأبوه فدا تصرف طبيعي جداً وراجع لطبيعة شُغلهم
واسترسلت بعملية لطمأنتها:
-إنتِ عميل مُهم ولازم تبقي واثقة إن المنظمة وشركائهم لا يمكن يضحوا بيكِ،إحنا عِنِينا عليكِ طول الوقت ورجالتنا دايماً حواليكِ،ما فيش داعي للقلق والاستعجال علشان نقدر نوصل للنتيجة اللي إحنا عاوزينها من غير ما نخسر أي شئ
ثم سألتها المرأة من جديد:
-هو لسة زارع لك جهاز التصنُت فى أوضتك ولا شاله؟
أجابتها بإبانة:
-لسة موجود،كشفت عليه بالجهاز اللي إدهولي عزيز في أخر زيارة ليا في لندن ولقيته لسة مكانه
جحظت عيناي المرأة وتحدثت بإرتياب:
-هو أنتِ لسة مُحتفظة بالجهاز ده معاكِ؟
علي عُجالة أجابتها بطمأنة:
-ما تقلقيش،أنا شيلاه فى بطانة چاكيت من بتوع عُمر،يعني ماحدش هيتوقع مكانه
واردفت ساخرة:
-كويس إن الباشا الصُغير طلع بيخجل وبيغير علي أخوه وعَرضه،وإلا كان زرع لي كاميرا في أوضة النوم ووقتها ما كنتش عرفت حتي أتنفس
زفرت بضيق وتحدثت:
-أنا لازم أخرج حالاً علشان عُمر ما يقلقش وكمان علشان ما نثيرش الشكوك في المكان
أومأت لها وخرجت كلتاهُما تحت نظرات ذاك المُراقب لهما من خلف شاشة المراقبة الموضوعة أمامهُ والموصلة بكاميرات مراقبة داخل الحمامات بناءاً علي تعليمات ياسين
فلاش باك.. قبل وقتنا الحالي بحوالي ساعتان،أثناء ما كان جالساً بصُحبة خاله وعائلتهْ جائتهُ مُكالمة هاتفية،رد عليها قائلاً:
-أيوة يا عامر
تحدث ذاك الرجُل المُكلف من ياسين بالترصُد هو وفريقهُ لسماع جُل ما يُقال بغُرفة عُمر ولمار:
-عُمر باشا إتصل بـ Night Club فاروق التابعي وحجز تربيزة ليه وللمدام جنابك
وقف ياسين وتحرك بعيداً ثم تحدث:
-خلي الرجالة تشوف شغلها يا عامر،يطلعوا حالاً علي المكان ويدخلوه بمساعدة عميلنا اللي هناك ويزرعوا لي كاميرات صوت وصورة في الحمام تجيب لي اللي واقف من كُل الزوايا،بس طبعاً ما يدخلوش التواليتات الخاصة
واستطرد شارحاً:
-أكيد يعني مش هيتكلموا جوة؟
واسترسل مؤنباً:
-بسرعة يا عامر مش عاوز اللي حصل المرة اللي فاتت يحصل المرة دي كمان
عقب بدفاع:
-يا باشا اللي حصل المرة اللي فاتت كان غصب عننا،المدام بعد ما أختارت المكان وبلغت بيه عُمر بيه،غيرت رأيها تقريباً وهي في العربية،وعلشان كدة ما لحقناش نعمل إحتياطتنا ونجهز المكان الجديد لضيق الوقت
بنبرة قلقة أردف ياسين:
-ربنا يستر وما تغيرش المكان النهاردة كمان
بجدية هتف عامر معقباً:
-ما تقلقش سعادتك،هي ما تعرفش أصلاً إننا سمعنا حاجة،هي وقتها كانت في الحمام وصاحب عمر بيه إتصل علشان يعزمه علي سهرة،فبلغه انه رايح عند فاروق التابعي وطلب منه يحصله علي هناك
واستطرد بإعلام:
-هي مؤخراً بقت تتعمد ما تقولش جوة أوضتها أي حاجة مُمكن نمـ.ـسك بيها خيط البداية اللي هيوصلنا لنهايتها إن شاء الله،زي ما جنابك توقعت،هي عارفة إنها متراقبة وعلشان كدة واخدة بالها كويس أوي ومركِزة
واكمل بإشادة:
-بس حقيقي يا باشا أنا بحسدها علي الثبات الإنفعالي وقُدرة التحمُل النفسي الرهيبة اللي عندها
إبتسم ياسين بجانب فمه وتحدث:
-أبقي خليهم ينفعوها بروح أمها وهي بتتنفخ في مخزن كُبار الزوار اللي بنستقبل فيه الناس العزيزة علي قلوبنا
عودة للحاضر
خرجت تلك المُحتالة إلي ذاك المخدوع وجلست متحدثة بإبتسامة مَرحة:
-سوري يا بيبي،إتاخرت عليك شوية.
أجابها بوجهٍ مُتهلِل:
-ولا يهمك يا قلبي،المهم تكوني مرتاحة
وضعت حقيبتها وسألته مُستفسرة:
-طلبت لنا العشا؟
أجابها بإيضاح:
-آه يا روحي وزمانه علي وصول
وقفت وتحدثت وهي تتمايل بجَـ.ـسدها مع تناغُم موسيقي الرُوك التي تصدْح بالمكان وتملؤهُ:
-طب يلا رقصني علي ما الأكل يوصل
إبتسم بموافقة وهب واقفاً خلفها مُحتضناً إياها من الخلف وبات يتحرك بها وهما يتمايلان بجَـ.ـسديهما إلي أن وصلاَ إلي المكان المُخصص للرقص وبدأ يرقصان بجنون ويرفعان أذرعتهم متماشيان مع صوت الموسيقي الصاخب
❈-❈-❈
داخل أحد المطاعم الشهيرة
كانت جالسة بصُحبة شقيقاها وزو جتيهما تشعُر بالضجر والحُزن جراء ما يحدث مؤخراً بينها وبين حبيبها،نظرت علي سارة ورؤوف وهما يتهامـ.ـسان وينظران لبعضيهما بهيام والعِشق يظهرُ بشدة بنظراتهم الولهةُ،إبتسمت لأجليهما ثم حولت بصرها تترقب المكان بتأَفُّف،وبلحظة إتسعت عيناها بذهول عندما وجدته يطلُ من بوابة المكان ويهلُ عليها بجَـ.ـسدهِ الممشوق وطولهِ الفارع الأسر لقلبها
مشَاعر مُتضاربة غَزت روحها وتخللتها بشراسة،فقد دق قلبها بوتيرة عالية وكاد أن يترُكها ويركض إليه ليحتمي به من خَيبَاتهِ والتي هي في الأصل من صُنع يـ.ـداهْ،وبذات الوقت شعرت بوخزةٍ تعتصرُ قلبها جراء حُزنها الذي أصابها من تحت أفعاله مؤخراً
إبتسم سيف وتحدث بعدما وقف بإحترام لإستقبالهْ:
-نورت المكان يا سيادة العميد
إبتسامة هادئة إرتسمت فوق ثغرهِ وتحدث وهو يُصافحهُ بحفاوة:
-المكان منور بوجودكم فيه يا دُكتور
وقف شريف هو الآخر وتحدث بإبتسامة مُصطنعة ويرجع هذا لعدم تقبُلهُ لأفعاله مؤخراً:
-أهلاً وسهلاً ياسين باشا
إبتسم لهُ وتحدث بإطراء رغم عِلمهِ لعدم تقبُلهُ له:
-إزيك يا حضرة الباشمُذيع
إستغرب شريف طريقته وتحدث بنبرة هادئة:
-أنا تمام
ألقي التحية علي نُهي بإحترام وبعدها سارة ورؤوف الذي بات يلعن حظهُ العَثر لحضور ياسين ذاك العشاء،حيثُ كان يظنهُ فرصة هائلة للتقرب من حبيبته لكنها تلاشت بحضور ذاك المُتسلط،تحدث ياسين إلي علياء بحـ.ـمِيمية:
-عاملة إيه يا عالية؟
أجابته بإبتسامة سعيدة ووجهٍ بشوش:
-كويسة الحمدلله يا أبيه
وأخيراً حول بصرهِ إلي تلك الجالسة تترقب حديثهُ الخاص بها بقلبٍ مُرتجف وأردف بعدما مال عليها وقَبـ.ـل وجنتها بنعومة جعلت القشعريرة تسري بجَـ.ـسدها:
-إزيك يا حبيبي
إبتلعت لُعابها وتحدثت بتلبُك جراء حديثهُ ونظراتهُ المُربكة لكيانها:
-الحمدلله
جاورها الجلوس تحت تلبُكها وارتجاف جـ.ـسدها،وتحدثت نِهي بتساؤل بعدما رأت نظرات وأبتسامات بين زو جها وياسين:
-إنتَ كُنت عارف إن سيادة العميد جاي وما قولتلناش يا سيف؟
إبتسم لها بحبُور وتحدث مُفسراً:
-ده كان طلب ياسين بيه يا نهي،بعت لي رسالة علي الواتس الساعة خمسة وطلب مني أبعت له اللوكيشن بتاع المكان وما أبلغش حد إنه جاي
إبتسمت مليكة وهي تنظر إلي حبيبها بإبتهاج لم تستطع مُداراته فتحدث وهو ينظُر داخل عيناها بعِشق:
-كُنت حابب أعملها لك مفاجأة
دي أحلا مفاجأة والله يا أبيه…هكذا تحدثت علياء بحُبُور
تحدث سيف إلي ياسين بنبرة جادة:
-هاخلي الويتر يجيب لنا المِنيو علشان نختار العشا
أومأ لهُ بموافقة ثم نظر إلي سارة وتحدث بإبتسامة حنون:
-منورة المكان يا سو
أجابته بنبرة خَجلة:
-ميرسي يا خالو
أتي النادل وسلمهم قائمة الطعام الخاصة بالمكان واختاروا المفضل لدي كُل شخصٍ منهُما،أشار ياسين إلي النادل ثم وشي بجانب أذنه وأومأ لهُ النادل تحت تعجُب مليكة،تحرك النادل إلي الشخص القائم علي تشغيل جهاز الموسيقي وما أن تحدث إليه حتي إشتغل نوع الموسيقي المُفضل لدي تلك العاشقة، نظرت إليه وابتسمت بخفة،وقف ياسين وقام بغلق زرار حِلتهْ ثم بسط ذراعهُ فارداً كفهُ في دعوة صريحة منه لنهوضها والتحرك معه وتحدث:
-تسمحي لي بالرقصة دي
إبتسامة هادئة خرجت من بين شـ.ـفتاها ثم أومأت بموافقة وهي تُسلمهُ كف يـ.ـدها بكُل الرضا،وقف وتحدث إلي سارة ورؤوف بوصاية تحت غضب رؤوف وعدم تقبلهُ لتنظير ياسين ووصايته عليه وسارة:
-طبعاً بالنسبة لكم مافيش رقص غير بعد الجواز
أومأت له سارة خجلاً في حين تنفس رؤوف عالياً مما يدل علي إشتعاله،تحرك ياسين وسارت مليكة بجانبه حتي وصلا إلي مكان الرقص تحت سعادة الجميع لأجليهما
وقف مُقابلاً لها ثم حاوط خصـ.ـرها بأحد ذراعيه،أمـ.ـسك بالأخري كف يـ.ـدها وبدأ بخطواتهما بالرقص معاً،تحدثت العيون وتعاتبت في صمتٍ دام لأكثر من خمسْ دقائق،كسرهُ هو حين تحدث مُعاتباً إياها بنظرات لائمة:
-بتعملي فيا كدة ليه يا مليكة؟
هو أنتِ علشان عارفة إني بحبك وما بقدرش أبعد عنك تقومي تذليني؟
ضيقت عيناها واردفت متعجبة:
-أذِلَك؟أنا إمتي ذَليتك يا ياسين؟!
مش مريحة قلبي من ناحيتك وما بقتيش تسمعي كلامي زي الأول…جُملة عاتبة نطقها بنظرات لائمة
عقبت علي حديثهُ بنبرة جادة:
-هو أنا لما أخاف علي أولادي اليتامي وأقرر أراعي حقهم بنفسي وما ابقاش تقيلة علي حد،أبقي مش بسمع الكلام ومش مريحاك؟
نظر لها مطولاً فاسترسلت هي بنظرات مُتألمة:
-وإنتِ اللي مريحني يا ياسين؟
واستطردت بملامة ونبرات صوت مُختنقة بفضل دموعها التي تكونت داخل مقلتيها:
-ده أنتَ حتي مش مقدر إني حامل وتعبانة ولا عامل لهرموناتي اللي متلغبطة حساب،طب لو مش خايف عليا خاف علي بنتك اللي في بطني.
وكأنها بتلك الكلمات البسيطة طعـ.ـنته بسِكِـ.ـينٍ حادّ في مُنتصف كَبدهْ،نظر داخل بحر عيناها وتعمقَ ثم أمال برأسهِ علي مُقدمة رأسها واستند عليها وتحدث بعيناي مُترجية بعدما شعر بخيبة أملها به:
-لو قُلت لك أنا أسف هاتسامحيني؟
أجابته بنبرة جادة:
-هاسامحك لما توعدني إنك تريح قلبي،لأني تعِبت بجد وما بقتش قادرة أتحمل أكتر من كدة
تعمق بعيناها وتحدث مُدللاً إياها بكلماتهِ التي تعشق لإستماعها منه:
-هو ياسين مزعل حبيب جوزه قوي كدة؟
بدلال مُماثل أومأت له بعيناها مع هزة رأس خفيفة،إبتسم لها بحنان وتحدث وهو يغمز بإحدي عيناه:
-وياسين ما يرضيهوش زعل حبيبه وهايصالحه لحد ما يرضي
إبتسمت وانزلت بصرها للأسفل بخجل،زفر بقوة ليُخرج ما بداخل صَـ.ـدرهِ من نـ.ـاراً إشتـ.ـعلت بفضل عشقيهما الجارف،تحدث ليُخبرها:
-علي فكرة،أنا كلمت طنط سُهير وأستأذنتها في إن الأولاد يباتوا معاها النهاردة
ثم قربها أكثر إليه ومال علي أذنها وهَـ.ـمسَ بما جعل القشعريرة تسري بكامل جَـ.ـسدها:
-وقُلت لها إني حجزت Suite في أوتيل وإني هاخـ.ـطف حبيبي علشان يقضي الليلة جوة حُـ.ـضن جوزه حبيبُه
إتسعت عيناها بذهول ممتزج بسعادة وتساءلت مُتلهفة:
-بجد يا ياسين؟
إبتسم واجابها:
-بجد يا قلب ياسين
تنفست عالياً ولفت ذراعيها حول عُنقه وأحتضـ.ـنته بشدة أسعدته وتحدث مُداعباً إياها:
-خلي بالك إحنا كدة ممكن نتمِـ.ـسك مُتلبسين
إبتسمت ودفنت حالها داخل أحضـ.ـانه فتنفس هو بإنتشاء وتابع رقصتهُما،
كان شريف يُراقص علياء بسعادة يجاورهُما أيضاً سيف ونُهي اللذان إنضما إلي الاستيدچ،تحدث رؤوف الذي ظلّ هو وحبيبته يجلسان حول الطاولة:
-أنا مش فاهم ياسين إبن عمي إيه اللي جابه
عقبت علي حديثهُ بسؤال مُتعجب:
-أنا نفسي أفهم إنتَ إيه اللي حصل بينك وبين خالو ياسين مخليك مش بتتقبله بالشكل ده؟
أجابها موضحاً:
-مين اللي قالك إني مش بتقبله؟
“بالعكس”أنا مُعجب بشخصيته جداً وحقيقي بحترمه،لكن بصراحة هو مزودها معايا أوي بخصوص علاقتي بيكِ،عاملي فيها حامي الحِما
واستطرد مُقلداً إياه بتبرُم:
-ممنوع تخرج معاها لوحدكم،ممنوع تسهر معاها في جنينة البيت لوقت متأخر
وأكمل وهو ينظر عليه بإستياء:
-وأديكِ شُفتي،ممنوع تُرقص معاها قبل ما تتجوزوا وبعدها أخد مراته وهات يا رقص وأحضـ.ـان
نظرت إليه مستغربة وتحدثت بطريقة أظهرت كَم إحترامها لذاتها وعقلها الواعي رغم صُغر سنها:
-وإنتَ بقي كُنت فاكر إني ممكن أوافق أرقص معاك لو خالو ماكنش إعترض؟
المفروض إنك بتحبِيني وبتحلمي إننا نعيش ونجرب مع بعض كُل حاجة ممكن تقربنا أكتر ونحاول نخلق بيها ذكريات جميلة نفتكرها بعد الجواز…هكذا أجابها بنظرة عاتبة لكونها دائماً تُناصر رأي ياسين علي رأيه
أجابته بإبتسامة حانية كي لا يحزن:
-إحنا فعلاً كَونا ذكريات جميلة هنفتكرها بعدين ونحكيها كمان لأولادنا،بس مش لازم علشان نعمل ذكريات حلوة نغضب ربنا يا رؤوف
سألها بنبرة لائمة:
-وهو أنا لما أرقص معاكِ بإحترام من بعيد لبعيد هابقي بغضب ربنا يا سارة؟
أردفت بنبرة واثقة:
-أي تلامُـ.ـس بين ولد وبنت أغراب عن بعض حرام،ماما فهمتني كدة من وأنا صُغيرة
نظر بداخل عيناها وسألها هائماً:
-وهو أنا بردوا غريب عنك يا حبيبتي؟
أجابتهُ موضحة ببراءة:
-أنا يمكن أكون ما أعرفش كتير في ديني وده للأسف بسبب دراستي في المدرسة الإنترناشونال واللي بيتعمَدوا فيها إنهم ما يدرسولناش مادة الدِين سواء الإسلامي أو المسيحي،ده غير الأفكار الغربية اللي بيحاولوا يغرسوها في عقولنا،لكن ماما ونانا كانوا متابعيني دايماً أنا وياسر،عرفونا الحلال من الحرام والغلط من الصح،وأنا حالياً ببحث وبحاول أتعلم أكتر
إبتسامة واسعة زينت وجههُ وهو يستمع إليها بفخر وتحدث بإعتزاز:
-بحبك،والله بحبك
إبتسامة خجولة خرجت منها وكعادتها أبعدت عيناها عن مرمي عيناه كي لا تضعف وتعترف لهُ كم أنها تعشقهُ وتتمني قُربهُ منها بكل اللحظات لكنها تخشي الله
بأحد المقاهي العتيقة والمعروفة بالأصالة،يجلس عز علي أحد الطاولات يُقابلهُ شقيقه الجالس يؤازرهُ في محنته التي شطرت قلبهُ لنصفين،جاء نادل المقهي وتحدث إلي كليهُما بتوقير بعدما أشار عز إليه ليستدعيه:
-أؤمرنني يا بهوات
أردف عز بنبرة خافته وملامح لرجُلاً بائس:
-هات لي قهوة علي الريحة يا أبني
ما كفاياك شُرب قهوة يا عز،ده تالت فنجان تشربه من ساعة ما قعدنا…جُملة نطقها عبدالرحمن ناصحاً بها شقيقهُ
تنهد عز فاسترسل عبدالرحمن حديثهُ مُشيراً إلي العامل:
-هات لنا إتنين ليمون خلاط يا علي
هوا يا باشا…هكذا أجاب العامل واسترسل بصياحٍ عال وهو يتحرك:
-وعندك أحلا إتنين ليمون خلاط لتربيزة بشوات المغربي وصلحوااا
نطق عبدالرحمن بمؤازرة:
-روق بقي يا عز،إنتَ لو فضِلت علي كدة مُمكن ضغطك يعلي
قابل حديثهُ بالصمت التام ثم قام بوضع كفهِ فوق وجنته بأسي فاسترسل أخيهِ مُستفسراً بسؤالاٍ مُترقباً خشيةً إحتدامه:
-هتعمل إيه في موضوع طلاقك لمنال يا عز؟
بغرابة نظر عليه ونطق بنبرة حازمة:
-يعني إيه هعمل إيه دي يا عبدالرحمن!
واستطرد مؤكداً:
-أنا طلقتها خلاص والموضوع بالنسبة لي إنتهي،أنا بس مستني شيرين تسافر هي واولادها زي ما وعدت ياسين،وبعدها تتفضل تسيب البيت وتروح لأهلها،أنا ما بقتش طايق أشوف وشها قدامي
واستطرد بإشمئزاز:
-فِكرِة إنها لسة موجودة في بيتي بعد كُل اللي عملته بيخنُقني،بس اللي مصبرني عليها هي شيرين،مش عاوزها تزعل وتتنكد في أجازتها
أخذ عبدالرحمن نفساً عميقاً ثم تحدث بهدوء كي لا يُثير حِنق شقيقهُ:
-طب إهدي بس وفكر بعقلك وبلاش تاخد قرار وإنتَ متعصب لأنك أكيد هتندم بعده
واسترسل في محاولة للإقناع:
-مش ده كلامك اللي بتقولهُ لي دايماً لما بكون في مشكلة يا عز؟
إحتدت ملامحهُ وهتف بامتعاض:
-بس دي مش مشكلة يا عبدالرحمن،دي واحدة تعدت الأصول وقلت أدبها وخاضت في عرض مرات أخوك
أردف عبدالرحمن بتعقُل في محاولة منه لتهدأة ثورة شقيقه:
-أنا عارف إنها غلطت وغلطة كبيرة كمان وما كانش يصح إنها تروح لثُريا،بس حاول تعذرها،دي بردو سِت وبتغير علي جوزها
كاد أن يستكمل حديثه لولا مقاطعة ذاك الغاضب الذي هتف مُتعجباً وهو يرمُقهُ بعيناي كحِدة الصقر:
-إنتَ كمان هتبرر لها قلة أدبها يا عبدالرحمن؟!
كاد أن ينطق بَاغتهُ بردٍ قاطع لا يقبل المناقشة:
-قَفِل علي السِيرة دي وإلا هسيبك وأقوم
وهُنا حضرَ العامل ووضع كأسان العصير وانصرفَ،تنهد عبدالرحمن وتحدث بهدوء:
-أديني سكِت يا سيدي،ممكن بقي تهدي وتشرب الليمون علشان يروق لك أعصابك
زفر بقوة ليُخرج ما بصدره من نارٍ مُشتعلة هاجت من مجرد ذكر سيرة تلك المنال
❈-❈-❈
عودة لياسين ومليكة
أشار سيف إلي ياسين عِندما رأي النادل قد أحضر الطعام ووضعهُ فوق الطاولة،أومأ برأسه ثم تحدث إلي تلك الواضعة رأسها علي كتفه بسلام ومازالت ترقُص بين يداه:
-حبيبي،العشا نِزل
رُغماً عنها رفعت رأسها وابتسمت له،رفع كف يـ.ـده وبسطها أمامها ومال برأسهِ رافعاً حاجبهُ بطريقة تعشقها منه ليحثها علي التحرُك بجانبه،وضعت كفها داخل كفهِ العريض وقام هو بضمهِ داخل راحتهْ ثم سار بجانبها في طريقيهما إلي الطاولة،نظرت إلي سارة وتحدثت بترحيب لطيف:
-منورة يا سو
إبتسمت لها وأردفت ببراءة:
-ميرسي يا ليكة
سحب ياسين المقعد لها وجلست هي وبدأ الجميع بتناول طعامهم مع تبادلهُم للأحاديث المُمتعة،بعد إنتهائهم من العشاء مباشرةً وقف ياسين وتحدث منسحباً بلباقة:
-إحنا مضطرين نستأذن يا شباب ونتمني لكم سهرة سعيدة
هتفت نُهي بإعتراض لطيف:
-مستعجلين ليه،لسة بدري يا سيادة العميد
أجابها برصانة عكس ما يدور بداخله من لهفة وشوق:
-معلش أصلي مانمتش كويس بالليل ومحتاج أرتاح
واسترسل شاكراً وهو يوجه حديثهُ إلي سيف:
-السهرة كانت هايلة ومميزة يا دكتور سيف،حقيقي مُتشكر جداً
وجودك هو اللي أضاف لها التميز سيادة العميد…كلمات إطرائية قالها سيف بمُلاطفة
وقف شريف وقام بإحتضان شقيقته وتحدث إليها بنبرة حنون:
-خلي بالك من نفسك يا حبيبتي
أجابته بحُبُور:
-حاضر يا شريف
نظر ياسين إلي سارة وأردف بإهتمام:
-عاوزة حاجة يا سارة؟
نطقت ببشاشة وجه:
-ميرسي يا خالو
ولا أنتَ يا رؤوف؟…كلمة نطقها ياسين يلاطفهُ بها فهز الأخير رأسهُ بنفي
فتحدث سيف كي يُطمأنهُ علي سارة:
-ما تقلقش علي سارة يا سيادة العميد،أنا هاوصلها بنفسي هي والباشمهندس رؤوف لحد البيت
شكرهُ ثم ودعا الجميع وتحركا للخارج،مال رؤوف وهـ.ـمس إلي سارة قائلاً بمداعبة:
-الباشا منعنا من الرقصة اليتيمة وكتم علي نفسنا طول السهرة وفي الأخر راح حجز Suite علشان يدلع فيه نفسه
أنزلت بصرها للأسفل مع إبتسامة خجلة فاسترسل هو بتمني هائماً بالنظر لملامحها التي يعشق هدوئها:
-عقبالنا يا سارة
زاد إحمرار وجنتيها بشدة أسعدته وجعلت من دقات قلبهِ ترتفع حتي أصبحت كدق طبول الحرب
❈-❈-❈
وصلا ياسين بإمرأة حياته إلي الأوتيل الذي حجز بهِ الـ Suite حيثُ سيقضيا ليلتهُما المميزة بداخله،كان يتأبط ذراعها بزهو وتباهي،وما أن خطي بساقيه للداخل في طريقهُ إلي الإستعلام حتي وجدهُ مزدحماً بالعملاء بقضل العيد،جلس بصحبتها بأريكة قريبة لإحتساء أحد المشروبات لحين إنتهاء النُزلاء من حجوزاتهم وبعدها سيطلب مفتاح الغُرفة ويصعدا، تفاجأ حين وجد الضابط كارم المعداوي خارجاً من مطعم الفُندق ويقترب عليه حين لمحهُ،وقف ياسين تقديراً له،نظر الأخر لهُ باحترام وهو يُبسط لهُ ذراعهُ للمصافحة مُتحدثاً بوقار:
-كل سنة ومعاليك بخير سيادة العميد،أنا حظي حلو النهاردة إني أشوف سعادتك وأعيد عليك
رفع ياسين حاجبيه بتعجب لوجودهُ ثم أردف برصانة:
-وإنتَ طيب وبخير يا كارم
نظر كارم بإستحياء علي تلك الجالسة وتحدث بترحاب دون معرفة شخصها:
-أهلاً وسهلاً يا هانم
أومأت له وردت بنبرة صوت خافتة:
-أهلاً بيك
أردف ياسين وهو يُشير إلي مليكة بكف يـ.ـده للتعريف بشخصها:
-مليكة هانم المغربي،مِراتي
شعرت بروحها تهيمُ وتتراقص بين السحاب ككُل مرةٍ تستمع إليه وهو ينسِبها إليه وكأنهُ يُريد أن يُثبت للعالم أجمع أنها تخصهُ هو بكل ما فيها حتي كُنْيتها
بتوقير وتقدير أومأ كارم برأسه حين أكمل ياسين تعريفهُ قائلاً وهو ينظر علي كارم:
-وده سياده النقيب كارم المعداوي،من أكفئ الظُباط اللي شغالين معايا في الجهاز
أمال رأسهُ شاكراً سَيدهُ علي إمتداحه،إقترب ياسين من أُذن كارم وهمـ.ـس قائلاً بمداعـ.ـبة:
-إنتَ بتعمل إيه هنا يا صايع،إوعي تكون بتتشاقي من ورايا يَلاَ؟
واستطرد بمشاكسة:
-أزعل قوي لو ما أخدتنيش معاك في جولاتك
أجابهُ بغمزة من عيناه:
-وهو إنتَ فاضي لجولات إضافية يا باشا،الله يكون في عون معاليك ويقويك علي جولاتك الأساسية
رفع حاجبهُ بإستنكار ثم تحدث بمشاكسة:
-أنا كُنت شاكِكْ إن العين اللي إترشقت وضربت لي ليلة العيد كانت عينك يا كارم،بس بعد الكلمتين دول أنا إتاكدت وبصمت بالعَشرة
أمال رأسهُ وهمـ.ـس مداعباً إياه:
-يا باشا قُلت لسعادتك قبل كدة عين الحبايب ما بتحسدش
دي رشقِت وخرمت مش بس حَسدت يا حبيبي…نطقها ياسين بغيظٍ مُفتعل
ضحك كارم وابعد وجههُ ثم تحدث بلباقة إلي مليكة بعدما إعتدل بوقفته:
-إتشرفت بمعرفة سعادتك يا هانم وكل سنة وحضرتك طيبة
أردفت ببشاشة وجه وإحترام مُماثل:
-الشرف ليا يا حضرة الظابط
ربت ياسين علي كتف كارم وسألهُ بإهتمام وهو يستعد لمجاورة زوجتهُ الجلوس مرةً آخري:
-مش عاوز حاجة يا كارم؟
أجابهُ بتَوْقِير وهو يستعد الرحيل:
-سلامت معاليك يا باشا
جلس ياسين فسألته بفضول المرأة الأصيلة التي بمكنونها:
-ممكن أعرف كُنتوا بتتوشوش في إيه إنتَ وتلميذك؟
ضحك وتحدث وهو يحتضن كف يـ.ـدها بتملُك:
-ده كلام كُبار وما ينفعش بنوتة بريئة زيك تلوث سمعها بيه
ياسين…قالتها بضيق وهي تُمط شـ.ـفتاها للأمام مما جعل قلبهُ ينتفضُ شوقاً مُطالباً إياه بقضمها،تعمق بداخل عينيها واردف بما بعثر كيانها:
-عيونه
إبتلعت لُعابها فنظر هو إلي موظف الإستعلامات وذهب إليه بعدما رأي الزحام قد إنتهي،بعد قليل تحركا إلي الطابق الأعلي بالفندق في طريقهما إلي غُرفتيهما التي سيقضيا بداخلها ليلتهما حيثُ قرر أن تكون ليلة مُميزة تُحفر داخل ذاكرة حبيبتهُ حتي تمحو أثار ما حدث بالفترة المُنصرمة التي عاشها كلاهُما،خرج العامل المسؤول عن إيصالهم للغرفة من المصعد الكهربائي،تبعهُ ذاك الذي يحاوط خصر إمرأته برعاية وكأنهُ يخشي فُقدانها
فتح العامل الباب وتحدث بوقار وهو يُنزل بصرهِ للأسفل:
-نورتوا المكان يا أفندم،أي خدمة تانية؟
أجابهُ ياسين بعدما أخرج من جيب سترته بعضاً من النقود ثم بسط زراعهُ يناولهُ إياها:
-مُتشكر
إنصرف العامل مُغلقاً الباب خلفهُ،إلتفت ذاك العاشق إلي حارمة عيناه النوم وأقترب عليها وقام بمحاوطة خصـ.ـرها بذراعاه وجذبها بقوة نالت استجوادها ثم هـ.ـمس أمام عيناها:
-إيه رأيك ننسي العالم كُله ونعيش لنفسنا وبس النهاردة
تبسمت حتي بانت صفي أسنانها ثم أردفت بنبرة عاشقة:
-أنا معاك في أي مكان وزمان يا حبيبي
واستطردت وهي تمط شـ.ـفتاها بإستياء مُفتعل:
-بس فيه مُشكلة صُغننة
ضيق عيناه مُستفهماً فاسترسلت بدلال بعدما أمـ.ـسكت رابطة عُنقهِ وبدأت بفكها بطريقة أثارت جنونهُ:
-إحنا مش معانا هدوم
قرب وجههُ منها وبدأ بمداعبتهُ لأنفها بخاصتهْ وتحدث بهـ.ـمسٍ بعثر كيان الأنثي بداخلها:
-ده هو ده المطلوب بالظبط
قال كلماته وقام بحملها برفقٍ وسار بها حتي وصلا إلي موضع التخت ثم وضعها فوقهُ بلين ثم بعد ذلك غاصا داخل بحر عِشقهُما العظيم،أذاقها من بحر عِشقهِ وبات ينهل من شهد عسلها بإستمتاع وكأنهُ ولأول مرة يتذوقهُ،لم يدركا كم من الوقت مَرّ وهما شبه غائبان عن العالم باكمله
بعد مدة لا يعلمها كلاهُما،كانت متمددة واضعة رأسها فوق الوسادة،نظرت عليه بملامح وجه مُنْتَشيةً فَرحة وقلبٍ تَملّكهُ السرورُ،همـ.ـست بعيناى تهيمُ شوقاً وحنانا:
-أنا بحبك أوي يا ياسين
إبتسامة واسعة عَلت شِفـ.ـته وهتف بمساكسة جعلتها تقطب جبينها بتصنُع:
-طب ما أنا عارف
مغرور…قالتها مداعبةً إياه وهي تهز رأسها بأنوثة
قهقه بشدة ثم جاورها التمدُد وسحب الغطاء الأبيض كي يُداري به جـ.ـسديهما،نظر عليها ثم أخذ نفساً عميقاً وتحدث بنبرة جادة:
-عارفة كلمة بحِبَك اللي بتقوليها بكُل بساطة دي
دققت النظر داخل عيناه وانتظرت باقي كلماته،فمد كفهُ وحاوط به وجنتها وتحـ.ـسسها بنعومة وهـ.ـمس بنبرة رجُل أذابهُ العِشق واتعبهْ:
-أنا ياما سهرت الليالي وأنا بحلم إني بسمعها من بين شـ.ـفايفك وعيونك باصة جوة عيوني
واسترسل وهو يهز رأسهُ بأسي وإحباط:
-بس كان دايما كاسِرني إني كُنت عارف إنها مُجرد أحلام وعمرها ما هاتتحقق،وهاقضي اللي باقي لي من حياتي مع أحلام اليقظة والتمنيّ
ثم تحولت ملامحهُ من مُحبطة إلي شديدة البهجة واسترسل:
-لكن ربنا كان رؤوف بقلبي لأبعد حد،غرقني بكرمه وطبطب علي قلبي لما قَدر لنا نكمل حياتنا مع بعض وخلاكي قدري ونصيبي الحِلو
لسة بتحبني زي الأول يا ياسين؟…سؤال نطقته بعيناي لائمة
تعجب من نظراتها اللائمة ونطق بتأكيد:
-درجة عِشقي ليكِ عُمرها ما قَلِت يا مليكة،”بالعكس”كُل يوم بتزيد عن اليوم اللي قبله،أنا حبيتك من أول ما عيني وقعت عليكِ في الأسانسير،لكن بعد ما ربنا عطف عليا وبقيتي مِراتي وعاشرتك،دوقت حُبك ولقيت عندك الحنان اللي عيشت عُمري كُله أدور عليه،حبيت روحك الحلوة وقلبك الأبيض اللي عُمره ما شال جواه كُره ولا حقد لأي حد
عقبت علي حديثهُ بنبرة مُعاتبة:
-طب وهو اللي بيحب حد أوي كدة يوجع قلبه يا ياسين؟
الموت أرحم لي قبل ما أكون السبب في وجع قلبك يا حبيبي…نطقها بتأثُر شديد مما جعلها تضع يـ.ـدها فوق فمه سريعاً وهي تهتف بذُعر:
-بعد الشر عليك
واسترسلت ناطقة بحِدة:
-قُلت لك قبل كدة ألف مرة ما تجيبش سيرة الموت علي لسانك أبداً
بيـ.ـدهِ حاوط كفها الموضوع فوق شـ.ـفتاه وقام بتقـ.ـبيلهُ برقةٍ وهو يتعمق بالنظر لمقلتيها التي تجعلهُ يغيبُ عن عالمهْ ويعيش بأخر موازي لا يتواجد به غير كلاهُما،
تنهد وتحدث بإيضاح:
-أنا عارف إنك زعلانة مني قوي،وعارف إنك فسرتي موقفي من ناحية كلام طارق غلط،بس أنا كمان معزور في زعلي منك
قطبت جبينها بإستغراب فاسترسل هو مُعاتباً:
-حُطي نفسِك مكاني،أنا كُنت فاكر إني ثقتك فيا أكبر من كدة بكتير وكنت دايماً براهن نفسي علي كدة،بس إنتِ حقيقي صدمتيني
أجابتهُ شارحة ما يؤرق روحها:
-أنا ثقتي فيك ملهاش حدود يا ياسين،بس أنا كمان من حقي أفهم اللي بيحصل حواليا،ما ينفعش إنتَ ما تكونش واثق فيا وترفض تحكي لي وفي نفس الوقت تُطلب مني إني أثق فيك من غير ما أكون فاهمة ؟
واسترسلت بإيضاح:
-زائد إن الموضوع هنا ما يخصنيش لوحدي وإلا كُنت مشيت وراك وأنا مغمضة،الموضوع داخل فيه حق أولادي اليتامى اللي ربنا سبحانه وتعالي هيسألني ويحاسبني عليه يوم القيامة لو أهملته
تنهد وتحدث ليُغلق باب المناقشة بذاك الموضوع حيث تناقشا به من قَبل ولم يصلا بهِ لحل:
-خلاص يا مليكة أرجوكِ،أنا مش عاوزه أتكلم في الموضوع ده تاني،أنا بلغت طارق يجهز لك مكتب في الشركة وبعد أجازة العيد هخصص لك عربية حراسة توديكِ وترجعك للبيت
واستطرد بجدية:
-بس أنا ليه شرط
نظرت إليه تترقب باقي حديثهُ باهتمام،فاسترسل هو قائلاً:
-مالكيش دعوة باللي إسمها لمار نهائي وأي حرف تقولهُ لك مهما كان تافه لازم تبلغيني بيه وفوراً
حاضر يا حبيبي…جُمله رقيقة نطقتها بهدوء لإرضائه
فتحدث هو من جديد لإعلامها:
-في حاجة كمان لازم تعملي حسابك عليها
نطقت مُستفسرة بحِنق وتملُل:
-إيه تاني يا ياسين
أردف شارحاً:
-أنا خليت طارق يخصص لك سكرتيرة كويسة وأمينة،شُغلك كُله هايكون معاها
واسترسل مُنبهاً بنبرة حادة وعيناي مُشتعلة أظهرت كَم غيرتهُ المجنونة عليها وايضاً خشيتهُ من أن يتسرب إليها عَميل ويتم توريطها في أية من الأعمال المشبوهة وتُدينُها:
-مش عايز مخلوق غيرها يدخل مكتبك طول ما أنتِ موجودة في الشركة،مش هاقبل يكون لك علاقة مباشرة بأي حد من العملاء أو الموظفين،السكرتيرة هتكون وسيطة بينك وبين الموظفين،عاوزة ورق عاوزة تستفسري عن حاجة هتبلغي السكرتيرة وهي هتتصرف،وطارق مفهمها علي كُل حاجة
واستطرد متسائلاً بتأكيد:
-كلامي مفهوم يا مليكة؟
بملامح وجه غير مستوعبة تحدثت بعدما أصابتها الدهشة من حديثهُ الغير منطقي:
-كلام إيه اللي إنتَ بتقوله ده يا ياسين؟
طب أنا لازمتي إيه وهروح الشركة أعمل إيه أصلاً لو مش هقابل الموظفين وهتابع الشغل بنفسي؟!
من فضلك قول كلام معقول ويتقبل
رد عليها بصرامة لا تقبل النقاش:
-هو ده الكلام اللي عندي يا مليكة،يا كدة يا إما ما لكيش خروج من البيت أصلاً
تنهدت بقلة حيلة وتحدثت مُرغمة:
-حاضر يا ياسين
أي أوامر تانية…قالتها بنبرة بائسة أظهرت كم قَهرها مما أزعجهُ وألم قلبهُ،أمـ.ـسك بعضاً من خصلات شعرها وبات يتلاعب به بنعومة وأردف أسِفاً بنبرة حنون:
-أنا أسف يا حبيبي،أنا عارف إن طريقتي الفترة الأخيرة حادة شوية بس والله غصب عني،أنا عندي مشاكل كتير أوي في الشُغل وكُل اللي بطلبه منك إنك تتحمليني شوية لحد ما أخلص منها،وأوعدك بعدها هارجع حبيبك الرايق بتاع زمان
بنظرات إمرأة عاشقة عقبت:
-أنا أتحملك العُمر كُله يا ياسين
إبتسم لها وسحب جَـ.ـسدهِ لأعلي معتدلاً بجلسته،ثم مال جانباً وبسط ذراعهُ مُلتقطاً معطَفهِ الشتوي الموضوع فوق المقعد المُجاور للتخت وأخرج من جيبه عُلبة، فتحها وقربها أمام عيناها ثم تحدث بإبتسامة رائعة:
– كل سنة وانتِ طيبة يا حبيبي،كل عيد وانتِ جوة حُضـ.ـني ومنورة حياتي ودنيتي كُلها يا أحلا حاجة حصلت لي في حياتي
تهَلَّلَ وَجْهُها فرَحاً ثم إعتدلت سريعاً وهتفت بإنشراح وهي تنظر إلي ساعة اليـ.ـد تلك المُزينة ببعضٍ من الأحجار الكريمة بلونها الأزرق الذي يخطف الأبصار:
-ياسين،دي حلوة أوى
واسترسلت خجلاً:
-بس دي شكلها غالي أوي
بنبرات ونظرات رجُلاً عاشقاً حتي النُخاع أجابها ذاك الهائم:
-الدُنيا كُلها ما تساويش حاجة قصاد لمعة سعادة من اللي شُفتها جوة عيون حبيب جوزه
ضحكت بدلال نال استحسانهُ،ثم وضعت العُلبه جانباُ فتحدث هو بإعلام:
-علي فكرة يا حبيبي،أنا جبت ساعة زيها لليالي بس الفصوص مُختلفة
أومأت له بإبتسامة رضا فانتفض هو من فوق التخت وتحرك إلي المأزر الخاص بالأوتيل وقام بإرتدائهُ ثم ناولها الخاص بها وتحدث وهو يحثها علي الإعتدال كي يُساعدها في إرتدائه:
-إلبسي البُورنس علشان ما تبرديش وتعالي نقعد في الليفنج روم نسمع فيلم مع بعض
واسترسل بوله:
-وحشاني قوي وعاوز أقعد وافضل أتكلم معاكِ لحد ما النوم يغلبنا
إنشرح قلبها ثم إعتدلت وقام هو بإلباسها البُورنس بحنو،وقفت بإعتدال ثم رمت حالها داخل أحـ.ـضانه مما أسعدهُ،إنحني وقام بحملها بين ساعديه وسار بها إلي غُرفة المعيشة وجلس هو فوق الأريكة ثم أجلسها بمكانها المخصص لها وفقط ألا وهو فوق سـ.ـاقيه حيثُ يستمتع كلاهُما بذاك الوضع،إحتضـ.ـنها بقوة وتحدث وهو يتنفسُها براحة وانتشاء:
-وحشتيني يا قلبي،اليوم في بُعدك بيعدي عليا سنة
طب وإيه اللي جابرك علي البُعد لما أنتَ مش قده؟!…جُملة نطقتها بإندهاش وهي تبتعد عن أحضـ.ـانه قليلاً لتنظر له مُتعجبة
أجابها مشاكساً:
-مراتي نكدية وما بتسمعش الكلام،فلازم كل فترة أقرص لها ودنها علشان تفوق وتعرف قيمتي وترجعي لي تايبة
رفعت حاجبها بإستنكار ثم عقبت علي حديثهُ بسؤال:
-لا والله،طب وياتري بترجع لك تايبة؟
رفع كفاه وحاوط بهما وجنتيها ثم تعمق داخل بحر عيناها العميق وهمـ.ـس بما بعثر كيانها:
-في كُل مرة أنا اللي برجع تايب وأرفع لها راية الإستسلام،ياسين المغربي اللي ما فيش سِت فيكِ يا أسكندرية قدرت تشغل باله ولا حتي تلفت نظره،ما قدرش يصمد قدام طوفان عِشقك،روضتي الشرس اللي جوايا بنعومتك ورقتك يا مليكة
كانت تُريد الصُراخ بجُل صوتِها لتُسمع العالم أجمع أنها عاشقة لذاك القويّ الوسيم،إبتسامة واسعة زينت ثغرها وجملته وتحدثت بنبرة أظهرت كَم عشقها الهائل التي تحملهُ بداخل قلبها لرجُلها الرائع:
-بموت فيك يا قلب وروح مليكة
مال علي شِـ.ـفتها الكنزة وقام بتقبيلها برقة أذابت كلاهُما ونقلتهما لعالم أخر أخرجهما منه رنين الهاتف الذي صدح بالمكان،إبتعد مُرغماً ليُجيب علي هاتفهُ بعدما نظر بشاشته ووجدها أيسل التي سألته بدلالٍ كعادتها:
-إتأخرت كدة ليه يا بابي،يلا إرجع بقي علشان وحشتني
إنتِ كمان وحشتيني قوي يا حبيبتي…نطقها بهدوء وهو ينظر لوجه ملاكهُ البرئ ويتلاعب بخُصلات شعرها ويتخللها بأصابع يـ.ـده
أجابته وهي تنظر لوالدتها الجالسة أمامها بترقُب شديد:
-طب يلا تعالي بسرعة علشان أنا عاملة لك مفاجأة ومجهزة لسهرة في البيت هاتعجبك أوي،وأنا وحمزة ومامي مجهزين لوازم السهرة ومستنيينك علشان نقضيها مع بعض
أغمض عيناه ثم أرجع رأسهُ للخلف بأسي لشعورهُ الدائم بالتقصير بحق أحدهم،إعتدل ثم نظر إلي مليكة التي بدا علي ملامحها الحُزن بعدما إستمعت لحديثها من صوت الهاتف العالي نسبياً،أمـ.ـسك خُصلة من شعرها وقربها من فمه وقام بتقـ.ـبيلها وتحدث معتذراً بنبرة هادئة:
-معلش يا سيلا،ياريت تأجلي السهرة لبُكرة لأني مش راجع البيت النهاردة
قطبت جبينها وتحدثت مستفسرة:
-يعني إيه مش هترجع البيت يا بابي،حضرتك تقصد إنك هتبات برة؟!
أجابها بإقتضاب:
-أه يا حبيبتي هبات برة
سألته بنبرة حادة أثارت حفيظة ياسين:
-هتبات مع مين؟
واسترسلت بنبرة أكثر حِدة متناسية حالها:
-أكيد طبعاً مع مليكة
بهدوء حرك بدنهِ بحصافة تفهمت سريعاً ونزلت من فوق ساقيه لتستقر بجلوسها علي الأريكة،شكرها بعيناه لتفهُمها وتحرك إلي الشُرفة ثم تحدث بنبرة صارمة:
-سيلا،ما تنسيش نفسك وإنتِ بتتكلمي معايا،وما تدخليش نفسك في حاجات ما تخصكيش علشان ما تسمعيش مني اللي ممكن يصدمك ويوجعك
كعادتها تراجعت سريعاً وتحدثت بنبرة صوت يملؤها الشجن:
-أنا أسفة يا بابي
واسترسلت بإيضاح بنبرة مُتأثرة:
-أنا جهزت كل حاجة للسهرة وكُنت متحمسة جداً علشان كدة غصب عني إنفعلت في الكلام
كظم غيظهُ من إسلوبها وشخصيتها التي حادت عن الطبيعي وأصبح بها الكثير من العُوَار والتي وجب عليه إصلاحها قبل فوات الأوان،تحدث بنبرة جاهد في إخراجها هادئة:
-خلاص،إقفلي وروحي لأخوكِ ومامتك وبكرة نسهر مع بعض
همهمت بإيجاب وأغلقت بعدما إستأذنته،نظرت لها ليالي واردفت بإبتسامة ساخرة:
-ما قدرش يبعد عنها يومين علي بعض وجري راح لها بيت بباها علشان يقدم لها فروض الولاء والطاعة،لا وكمان حجز لها Suite في أفخم فنادق إسكندرية علشان يعوضها ليلة إمبارح، وبدل ما ييجي يشوف ولاده ويقعد معاهم جري يقضي ليلته في حُضـ.ـنها
ثم استرسلت وهي تنظر لتلك المتعاطفة معها:
-مش أنا قُلت لك مافيش فايدة،إنتِ اللي أصريتي إني أدور علي حقي وأخده،وأدي النتيجة،بهدلني وأتخانق معايا بسببها، وفي الآخر راح يصالحها، وأنا، تلاقيه حتي مش فاكر إنه زعلني
تحدثت بهدوء كي تُزيل هَمّ والدتها:
-إهدي يا مامي وماتزعليش،سو قالت لي إن تقريباً دكتور سيف هو اللي عزم بابي،وهتلاقيه في الآخر تخطيط اللي إسمها مليكة
واستطردت مؤنبة:
-وبعدين يا مامي إنتِ اللي غلطانة،حضرتك مش بتعرفي تتعاملي صح مع بابي،بابي راجل عنيد ومحتاج سِت رقيقة تقوله حاضر ومش تعترض كتير وتضايقه زي ما حضرتك عملتي النهاردة في موضوع جدو أحمد،وبعدين أنا شايفة إن من ساعة ما رجعنا إسكندرية وكل أولوياتك لجدو أحمد ونانا قسمة وخالتو داليدا وخروجلتك مع صحباتك
واستطردت سائلة بجدية:
-ليه ما تبدأيش إنتِ الخطوة الأولي،فكري تحجزي في أوتيل وتعمليها مفاجأة لبابي وتروحوا تتعشوا عشا رومانسي وتباتوا هناك؟
إبتسمت ساخرة علي صغيرتها الحالمة والتي لا تُشبهها في شئ وفضلت الصَمت
عودة إلي ياسين ومليكة
كانت تجلس مُترقبة بقلبٍ ينتفض رُعباً من فكرة تركها وذهابهُ إلي إبنته التي دائماً يسعي لدلالها وأرضائها وتلبية طلباتها حتي لو كان علي حسابها هي شخصياً،طل عليها من الشُرفة ونظر مستغرباً تغير ملامحها ومدي القلق الذي بدا عليها،جاورها الجلوس فوجدها لم تتزحزح من مكانها وتنظر له بترقب كما المنتظر لنطق حُكمهِ النهائي،فهم مغزي تبدُلها وتحدث وهو يقترب عليها ويحملها ليُجلسها من جديد فوق ساقيه:
-هو حبيبي مش عاوز يقعد في حُضـ.ـن جوزه ولا إيه؟
إبتلعت لُعابها قبل أن توجه إليه سؤالاً بترقُب ونبرة سيطر عليها التلبُك:
-هاتسيبني يا ياسين؟
تألـ.ـم قلبهُ وصرخ لأجلها،ليتهُ يستطيع نزع ذاك الشعور المُميت من داخلها،ولكن كيف؟ كيف لهُ أن ينتزع كل ما يؤلـ.ـمها ويؤرق روحها دون التخلي عن أسرتهُ التي يعشقها بل ويُقدسها،حقاً إنها مُعضلة
مال علي وجهها وأسند جبينهُ بخاصتها ثم أجابها بقلبٍ عاشق وعيناي تفيضُ حناناَ:
-أسيبك إزاي وأنا روحي متعلقة بيكي
واستطرد شارحاً بهيام:
-قُلت لك قبل كدة إني ما بحِسش إني عايش غير وانا معاكِ وشايفك قدام عيوني
وكأنهُ بتلك الكلمات قد أطفئ أجيجُ نيران قلبها الشاعلة من شدة غيرتها وأنزل السَكِينةَ والسلام علي ذاك القلبُ الولهان، وكان أبلغ رد منها هو إلقاء حالها داخل أحضانهُ الحانية فتنهد هو براحة وأكملا سهرتهما
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب حائرة)