رواية قلوب حائرة الفصل الثامن والثمانون 88 بقلم روز أمين
رواية قلوب حائرة البارت الثامن والثمانون
رواية قلوب حائرة الجزء الثامن والثمانون
رواية قلوب حائرة الحلقة الثامنة والثمانون
استمع طارق إلي نداء المسؤول عن الموسيقي عن بدء رقصة الثنائيات وطلب منهما الصعود لمشاركة العروسين رقصتهما،فاستأذن من أصدقائهُ الذي كان يجاورهم الوقوف بابتسامة هادئة،
وتسابقت خطواته حتي وصل إلي حبيبته وشريكة أيامه
أغلق زر حلته الكلاسيكيه وتقدم منها طالباً يداها لرقصتهم المعتادة مردداً بابتسامة جذابة:
-ممكن حبيبة قلبي أنا تسمح لي بالرقصة دي؟
عَلت دقات قلبها وأعلنت دق طبول حرب عشقها الساكن بداخلها لذاك العاشق،الذي لم يترك فرصة ليثبت لها دوماً أنها في مكانة لم ولن تستطع أية أنثي التقرب منها
ناولته يدها وأجابته وهي ترفرف بأهدابها بشقاوة ممزوجة بسعادة:
-أرجوك
إلتقط كف يداها وسحبها إلي ساحة الرقص وهو يُسارع بخطواته حتي وصلا واستقرت بأحضانه
وبدأت هي الحديث بنبرتها الناعمة المعتادة حيثُ هتفت بعشقٍ:
-من يوم ما عرفتك وإنتَ سبب بسمتي وسعادتي يا طارق،لا عُمرك أهملت وجودي في حياتك وإتحججت بشُغلك زي ما رجالة كتير بتعمل،ولا حتي حسستني إني أخر إهتماماتك
واسترسلت وهي تنظر داخل عيناه براحة وامتنان:
-إنت حنين قوي يا حبيبي،وأنا محظوظة إني عرفت راجل في طيبة قلبك ومُخلص،في زمن الراجل المُخلص فيه بقي عُملة نادرة.
لا الدقات كفيلة كي تعبر عن مدي سعادته لكلماتها الصادقة،ولا اللسان قادراً على أن يصف حروفهُ بما يشعُر تجاهها
ضمة قوية لجسدها عبرت عما بداخلهُ ونطق وهو يشدد من احتضانها:
-وتفتكري اللي تبقي في حياته سِت برقتك وجمالك ممكن يخون أو مايبقاش حنين إزاي؟
واستطرد بابانة:
-وإن كان فينا حد محظوظ فهو أنا يا چيچي.
اجتمع قلبي العاشقان والذي لم يفرقهما الزمان يوماً مُنذُ أن تشابكت الأيدي وأعترف كُلاً منها بعشق الأخر
تاهت الأعيُن وحَكت حديث العاشقين ثم خرجت من بين شفتاه المتشوقة بضم خاصتها كلمة هزت كيانها بالكامل وهو يُردد بولهٍ حروفها المُتقطعة:
-بـ حـِ بـ ك.
وما كان منها إلا أنها شددت من ضمة ساعديه علي رقبته وهمست بنفس طريقتهُ المتقطعة:
-وأنا بـ عـ شـَ قـ ك .
أخذها بين أحضانه ومالت برأسها سانده إياها فوق كتفه،تناسيا الزمان والمكان وما حولهما، تحدث بجانب أذنها بما أذاب قلبها:
-جننتيني ياچيچي،ومش عارف هفضل لحد أمتي كل ما أسمع كلمة بحبك منك قلبي يتهز وكأنه أول مرة يسمعها من بين شفايفك؟
بهمسٍ مُماثل أجابته:
لأخر العُمر يا طروق،هفضل كدة مجنناك ومخليه عيونك الحلوين دول ما يشفوش حد غيري.
بغمزة من عيناه أردف بحديثاً ذات مغزي:
-علي قلبي زي العسل يا باشا
إبتسمت بدلال ثم نظرت حولها تترقب المكان بعناية،ضيقت عيناها باستغراب حين وجدت مليكة تجلس بجانب والدتها وهي تنظر إلي ياسين بعيناي يبدوا عليها الألم،نطقت مستفسرة:
-طروقة،هو ياسين متخانق مع مليكة؟
قطب جبينهُ وتحدث مستفسراً:
-ليه بتقولي كدة؟!
عقبت وهي توجه بصرها إلي مليكة:
-مليكة قاعدة لوحدها وياسين واقف مع الباشا،مش المفروض كان رقص معاها في رقصة الثُنائي؟
ضيق عيناه وهو يتطلع علي شقيقهُ وتحدث رافعاً منكبيه بما يعني عدم علمهِ:
-مش عارف والله يا چيچي،بس ما أظنش إن ياسين مُمكن يزعل من مليكة في يوم زي ده،وخصوصاً بعد وقفتها مع بنته في تجهيزات الفرح،دي وقفت مع البنت كأنها أمها بالظبط
عقبت بتصديق علي كلامه:
-عندك حق يا طارق،مليكة فعلاً أثبتت إنها بنت أصول
شعر بتلك الصغيرة التي تشبثت ببنطالة وباتت تجذبهُ قائلة:
-بابي بابي،ممكن تسيب مامي وترقص معايا أنا كمان،هي رقصت معاك كتير قوي،كفايه كده وارقص معايا أنا.
توقف طارق بمراقصة زوجتهُ وبات ينظر علي صغيرتهُ حين ضحكت چيچي وتحدثت وهي تُشير بكفها نحو الصغيرة:
-الهانم بتغير عليك مني يا طارق باشا
ضحك طارق ومال علي صغيرته وتحدث بنبرة حنون:
-طبعاً هرقص معاكِ يا قلب بابي،ده شرف ليا الرقص معاكِ يا ساندا هانم
إنتهي من نطق كلماته ثم أمسك يدها وبدأ يراقصها ويجعلها تدور بفستانها الأبيض المنفوش حول نفسها في سعادة بالغة تملكت من قلب الصغيرة
تركت نرمين زوجها بعد أن إنتبهت إلي طارق وابنتهُ،سحبت چيچي لكي تهللا لهما وباتتا تتمايلان وترقصان بأيادي متشابكة بفرحة حقيقية،إنضم ياسين إليهم مُمسكاً أميرة أبيها الصغيرة حيثُ حملها وثبتها داخل أحضانه وتحدث بنيرة تشعُ حناناً وهو يراقصها:
-مبسوطة يا مِسكي؟
بسعادة هائلة أجابتهُ تلك العاشقةِ لأبيها:
-مبسوطة قوي يا بابي،بس قول لعزو مش ليه دعوة بيا لأنه بيضايقني كُل شوية ومش بيخليني أرقص براحتي
بطريقة تربوية صحيحة نطق بهدوء:
-مش أنا قولت لك قبل كدة إنك تسمعي كلام أخواتك لأنهم بيحبوكي وبيخافوا عليكِ؟
مطت شفتاها للأمام بطريقتها التي تجعلهُ يذوبُ ويرضخ لتنفيذ مطالبها في الحال مهما كانت،تحدثت:
-مارو وحمزة وأنوس بيحبوني وبيخافوا عليا
واسترسلت بنبرة حزينة وعيناي مُنكسرة كي تبتز عاطفة عاشق مُدللتهُ:
-لكن عزو دايماً بيضايقني ويخليني أزعل،مش إنتَ بتقول لي أنا مش بحب أشوف مِسك ياسين زعلانة؟
بنبرة هادئة وعيناي تقطرُ حناناً أجابها مؤكداً:
-أيوة يا قلب ياسين من جوة،أنا فعلاً مش بحب أشوف مِسكي زعلانة
رفعت منكبيها وتحدثت بدلال نال استحسانه:
-خلاص،يبقي تخلي عزو الرخم ده مش يضايقني تاني
عقب علي حديثها بطاعة:
-بس كدة،من عيوني،مش هخليه يضايقك تاني
مالت بشفتها فوق جانب شِفة والدها وقامت بوضع قُبلة أذابت بها روح ذاك المتيمِ بنسخة حبيبتهُ، حيث أنها ورثت ملامح ياسين ولكنها ورثت دلال وروح والدتها مما جعلهُ يذوبُ فيها عِشقاً علاوةً علي أن لها غلاوة خاصة كونها الصغيرة والمدللة
أما ليزا والتي أكملت عامها السابع والنصف،فـ هرولت إلي مروان الواقف بصحبة حمزة وياسر وتحدثت بعيناي مترجية:
مارو،تعالي إرقص معايا
تطلع عليها فتحدثت وهي تتشبث بكفهِ وبعيناي متوسلة أردفت:
-وحياتي توافق يا مارو
بمشاكسة ورثها عن جدهِ أردف حمزة بغمزة من عيناه:
-يلا يا مارو ما تبقاش قاسي أمال،البنت حلفتك بحياتها
إبتسم لمداعبته وتحدث إلي الصغيرة بنبرة حنون:
-يلا يا حبيبتي
تهلل وجه الصغيرة وشددت من مسكتها لكفهِ وتحدث ياسر غامزاً بعيناه:
-الله يسهل له يا باشا
رمقهما بنظرات مشمئزة وتحدث بنفور من حديثيهما العجيب والمنافي لداخله:
-والله إنتوا مجانين
ضحكا الصبيان وصعد مروان بالصغيرة التي باتت ترقص معهُ بسعادة بالغة،أمسك كفها ورفعه للأعلي وباتت تتراقص بحبور وتحدثت وهي تصرخ بسعادة وجنون لكي يستمع إلي صوتها من بين الموسيقي الصاخبة:
-أنا بحبك قوي يا مارو
ضحك لسعادتها وتحدث بنبرة مرتفعة كي تستطيع إستماعه:
-وأنا كمان بحبك قوي يا ليزا
إتسعت عيناها من شدة حبورها وباتت تدورُ حول حالها بفستانها مما أسعد ذاك الراقي لسعادة تلك اليتيمة
تحدثت بطفولية:
-خليك دايماً تحبني علي طول يا مارو
إبتسم لها وتحدث لمراضاتها:
-حاضر يا ليزا
حضر عُمر وتحدث إلي صغيرتهُ:
-مين هترقص مع بابي
صاحت بابتهاج لروحها:
-ليزاااااا
أخذ عُمر يدها وبات يراقصها بدلال وانسحب مروان إلي شقيقتهُ وبات يتراقص معها ويُدللها تحت سعادتها البالغة
تحركت بجانب بُثينة التي أصرت علي حضورها معها إلي مقر البوفية لكي تطمأنتا وتُتابعتان تحضيرات الأطعمة المتنوعة من جهة الرجال القائمين علي الوليمة الخاصة بالزفاف،باتتا تتحركتا أمام الطاولة العملاقة وهما تتطلعتان إلي أصناف الطعام العديدة والعامل يرفع الغطاء عن الأطعمة بشكلٍ تدريجي ليطلعهما علي الأصناف،تطلعتا باستحسان
سألتها بُثينة بحبور:
-إيه رأيك في البوفية يا ثُريا هانم؟
أجابتها بابتسامة بشوش:
-ماشاء الله حلو جداً ويشرف
وبعد أن إنتهتا شكرت ثُريا العاملين علي جُهدهما المبذول واستأذنت وخطت بساقيها لتعود إلي الحفل تاركة بُثينة مع شقيقتها التي إنضمت إليها للتو
واثناء ما كانت تتحرك وجدت ذاك الأنيق وهو يقترب منها بمظهره المُبهرُ الجذاب،فبرغم من أنهُ قد تخطى عامهُ السبعُون،إلا أن من يراهُ للوهلةِ الأولى يعتقد أنهُ لم يبلُغ الستُون بعد ويرجع ذلك لإهتمامهُ المُبالغ به بصحتهِ وغذائهُ الصحي،بجانب ممارستهُ للألعاب الرياضية المناسبة له مما جعل لياقتهُ البدنية عالية وجذابة
إبتسم بجاذبية وبات يتطلع بانبهار لجمالها الأخاذ والذي طالما إستطاع أن يُسحرهُ ويسافر به لأبعد الحدود وهو بمكانه،أردف بنبرة رجُل عاشق حتي النُخاع:
-ثُريا هانم المغربي وجمالها اللي يسحر
واستطرد وهو يضع كفاي يداه داخل بنطاله ويتطلع بنظرات ساحرة تفادتها بهدوء:
-بالراحة يا هانم مش كدة،خليتي إيه لباقي أنسات وهوانم الفرح
ضحكت برقة أذابت بها قلب ذاك العاشق لروحها الأشبه بنقائها بلون السماء الصافية بعد هطول المطر في يوم شتاءٍ غائم،وتحدثت مشاكسة إياهْ:
-هتفضل زي ما أنتَ كدة ومش هتغير شقاوتك دي يا عز؟
واستطردت بمشاكسة:
-يا راجل ده أنتَ حفيدتك بتتجوز وكُلها كام شهر وهتبقي جدو وعجوز كمان
رفع إحدي حاجبيه مُستنكراً حديثها وأردف نافياً:
-فَشر،عز المغربي هيفضل شباب لأخر نفس فيه
ضحكت فاسترسل مادحاً إياها:
-وبعدين هنروح بعيد ليه،ما أنتِ كلها شهرين وتبقي تيتا من إبن حفيدتك ولسة شايفك زي القمر
واسترسل بعيناي تهيمُ عِشقاً في جمال عيناها وهدوء ملامحها الناعمة:
-عمري ما شُفتك بعيوني غير بنت ال 18 سنة يا ثُريا
تألم داخلها لأجله وخرجت تنهيدة ممزوجة بابتسامة هادئة ثم تحدثت بنبرة هادئة صادقة:
-ربنا يسعد قلبك ويبارك لنا فيك يا عز
واسترسلت وهي تتأهب للإنسحاب هاربة منه قبل أن يتمادي كعادتهْ:
-أنا هروح أقف مع منال وأرحب بالضيوف،بعد إذنك
أومأ بعيناي مُبتسمة ثم لف جسدهُ وضل يراقب إنصرافها بقلبٍ مُلتاع بعِشقها الدائم،الساكن داخل قلبهْ العنيد الذي ضل محتفظاً بغرامها الولهان طيلة كل تلك السنوات ويبدو أنهُ لم ولن يتخلي عنه إلا بمفارقة الروح للجسد،تنهد براحة ثم تحرك ليتابع إستقبال الضيوف بجانب ياسين الذي كان يتطلع عليه ويُتابع لقاء العشق الممنوع
جاور ياسين الوقوف فمال علي أذن أبيه وتحدث مازحاً:
-مش هنعقل بقي ونبطل شقاوة ولا إيه يا باشا
واستطرد بفُكاهة:
-السِت كبرت وقلبها ما بقاش حمل شقاوتك دي
رمقهُ بنظرات فتاكة ثم أردف بملاطفة:
-ما تلم نفسك وتتكلم عدل يا ابن منال،مين دي يَلاَ اللي كبرت
واسترسل وهو ينظر إليها بابتهاج لروحهِ:
-دي أصبي من مليكة بتاعتك مية مرة،دي من جيل السمنة البلدي ومتربية علي الغالي يا حبيبي،مش فالصو زي جيلكم الخيبان
قهقه ياسين وتحدث مشاكساً ذاك المُحب:
-طبعاً يا باشا،مين يشهد للعروسة
حبيبها يا روح أمك…نطقها ثم أطلقا كِلاهُما قهقهاتهم المرتفعة كالعادة،بصعوبة توقف عن الضَحك ثم غمز لنجلهِ وتحدث بمغزي:
-سيبك إنتِ يا ابن المحظوظة،الحظ ماشي معاك أخر حلاوة وما اكتفاش إنه قدم لك حبيبتك علي طبق من دهب
ثم استرسل بمداعبة كعادتهما معاً:
-لا، ده كمان ريحك خالص من ليالي اللي كانت عاملة لك صُداع،والجو خلاص خلي لك مع بنت سالم عُثمان
واسترسل بهزة خفيفة من رأسه وغمزة من عينه:
-طول عُمرك وإنتَ مُرزق يا أبن عز وحظك حظ عوالم
جحظت عيناه وهتف بنبرة دُعابية:
-قل أعوذ برب الفلق يا باشا،كفاية أبوس إيدك لـ الجناح اللي حاجزه يولع بيا أنا وهي النهاردة
ما تخافش مني يا حبيبي،عين الحبايب ما بتحسدش…بمجرد نُطقها إتسعت أعيُن ياسين وهتف علي عُجالة بنبرة مُرتعبة:
-أبوس إيدك بلاش الكلمة دي،أخر مرة سمعتها قالها لي كارم من خمس سنين وكانت علي العيد وليالي الله يرحمها كانت لسة عايشة،وساعتها العيد إنضرب ونمت مع ولادي بعد ما قر فيها إبن القرارة
إنتهي من سرد كلماته وأصاب كلاهما نوبات ضحك هيستيرية لفتت أنظار الجميع لكلاهما
إقتربت مليكة منهما وتحدثت مُستفسرة بعيناي متعجبة:
-نفسي أعرف إيه سر الكيميا اللي ما بينكم واللي بتخلي صوت ضحككم جايب أخر الدُنيا طول ما انتوا واقفين مع بعض
بصعوبة بالغة تحكم عز بهيستيريا الضحك التي أصابته وتحدث ساخراً إلي ولده:
-قول لها سِر الكيميا يا سيادة اللوا، وبالمرة كمان قول لها علي السبب اللي كُنا بنضحك علشانه
إبتسم لوالدهُ فانسحب عز تاركاً لهما المجال،نظرت عليه بجدية وسألته في فضول حقيقي:
-مش هتقول لي علي السبب اللي كان بيضحكك زي ما عمو وصاك؟
لف ساعده الأيمن حول خصرها بهدوء وهمس بجانب اذنها:
-أكيد هقول لك،بس مش هِنا
ضيقت عيناها باستغراب وسألته مستعلمة:
-أُمال فين؟!
ضغط بساعده على خصرها ليُقربها منه أكثر ثم ابتسم قائلاً لها وهو يغمز بطرف عينه:
-في الـ Suite اللي حجزته هنا في الأوتيل علشان نقضي فيه ليلتنا يا ليكة
إبتعدت بجسدها قليلاً وسحبت عنهُ عيناها لتسيطر علي بسمتها السعيدة بصعوبه ثم أردفت وهي تتلفت حولها علي استحياء:
-الناس يا ياسين،عيب كدة
عقب علي حديثها بنبرة صوت هادئة كي يحثها علي الهدوء والاسترخاء:
-إهدي يا حبيبي محدش واخد باله،وبعدين أنا بعيد جداً عنك وواخد بالي من تصرفاتي،إنتِ بس اللي حاسة إن الكُل مركز معانا
إقتربت عليهما شيرين حيثُ تحدثت بمشاكسة لذاك الثُنائي:
-سايبين إنتوا المعازيم والفرح وعايشين في عالم موازي لوحدكم
إبتسم كِلاهُما ثم استرسلت هي بنبرة حنون وهي تغمر شقيقها بنظرات عطوفة:
-مبروك يا حبيبي،عقبال ما تفرح بـ مِسك وتسلمها لعريسها بإيدك وتطمن عليها
سحبها من كفها ليحثها علي الإقتراب منه ثم احتواها بذراعهُ وأدخلها داخل حُضنهُ لتقابل مليكة وتحدث بحنو:
-الله يبارك فيكِ يا حبيبتي وعقبال أولادك
إبتسمت وأمنت علي حديثه هي ومليكة
❈-❈-❈
يتحرك بأناقته وطلته التي تخطف الأنظار بابتسامة تزين ثغره وتنم عن مدي سعادته إلي أن وصل إلي مكانها ودقات قلبه تسبقه حتي
مال علي أذنها هامساً بحُب:
-مُمكن قمر حياتي يسمح لي بالرقصة دي؟
أصغت إلي طلبه بدقات قلب من ما استمعت إليه من مالك قلبها وروحها وبعيناي تشعُ سعادة أجابته بمداعبة:
-في واحدة عاقلة يطلبها عمر المغربي للرقص وترفض!
واسترسلت بنبرة هائمة:
-طبعاً موافقة ياقلبي.
مد كف يدهُ والتقط كفها الصغير واحتواهُ بحنو، وبرغم مرور وقت علي زواجهما مُنذُ ما يُقارب علي الثلاثةُ أعوام،إلا أنهما بمجرد ما إن تلامست الأيادي شعر بدقات قلبه تتراقص من أثر اللمسة المولعة من تلك الساحرة الصغيرة التي اقتحمت كيانه
سحبها معه إلي ساحة الرقص بقلب ينبض فرحاً حتي وصلا،وقف بمقابلها ومد يدهُ ليحتضن خصرها ثم اقترب علي وجهها وأسند جبهته بخاصتها وتحدث وهو ينظر داخل عيناها ويتنفس أنفاسها مرددا باعتراف مُحب لحبيبه:
-عارفة يا تارا
بانصات نظرت بعيناه تنتظر بلهفة تكملة حديثهُ فاسترسل الآخر باعترافٍ مُميت لرجُل مثله:
-أنا كُنت فاكر إني أخدت نصيبي الحلو من قصتي اللي قبلك،ولما طلع كُله مجرد وهم وطلعت عايش جوة كذبة كبيرة،إنهرت وكرهت نفسي ولعنت غبائي،قفلت باب قلبي وأخدت عهد علي نفسي إني عُمري ما هسلمه لأي سِت مهما قدمت لي من مُغريات
تنهدت لأجله ثم استطرد بنبرة مُتيمُ:
-وحتي لما شُفتك وبدأت مشاعر تتولد جوايا من جديد خُوفت،خُوفت أضعف وفي كل مرة كُنت بشوفك فيها قدامي كنت بهرب وأتجاهل وجودك وأعمل نفسي مش شايفك
واسترسل بعيناي تفيضُ عِشقاً:
-بس في كل مرة كنت بحاول أمثل فيها الجمود قدامك، قلبي كان بيتمرد عليا وغصب عني ألاقيني سارح في لون عيونك وجمال سحرهم، لحد ماملكتي ده…قال كلماته الأخيرة وهو يشير إلي موضع قلبه بعيون تلمعُ تأثراً بالغرامِ.
كانت تستمع إلي كلماته بدقات قلب يكاد يقفز من بين ضلوعها من شدة حبورها،ثم أردفت بنبرة صوت متحشرجة تأثُراً بكلماته التي بعثرت كيانها بالكامل:
-وأنا عُمري ماكنت أتخيل إني أحب وأعشق وأدوب في غرامك بالسرعة دي!
وتابعت كلماتها باعتراف مماثل مرددة بإبانة:
-حياتي قبلك كانت عبارة عن دراستي وشُغلي وبس،عُمري ماصادفت الحب في حياتي قبل كدة ولا جربته،لأني ما كُنتش بسمح لأي حد يقرب مني ودايماً كُنت حاطة حدود بيني وبين الناس وكُنت بصُد أي حد يحاول يقرب مني
واسترسلت بعيناي حنون:
-بس معاك الوضع إختلف تماماً،أول ما شُفتك إتشديت لك رغم معاملتك الحادة والجافة معايا في الأول،وسُبحان الله،معاملتك الجافة وصدك ليا بدل ماكان يجبرني إني أنفر منك وأبعد، لاقتني بتسحب واتشد ليك كل يوم أكثر من اليوم اللي قبله،عقلي كان بيحذرني بس قلبي ما كانش بيسمع له وكأن نداهة الحُب ندهته وحصل اللي حصل.
تنهد وبعيناي راجية أومأ لها بأهدابه وتحدث بتساؤل:
-مش ندمانة يا تارا إنك اتجوزتي واحد ماكنتيش السِت الأولي في حياته وكمان عنده بنت؟
أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وأجابته بحبٍ صادق:
-عارف إمتي كُنت هندم بجد يا عُمر
نظر لها بترقُب شديد فاسترسلت بصوتٍ هائم في سماء الحُب:
-لو ما كنتش مشيت ورا صوت قلبي وكنت وقتها خسرت الحب الحقيقي،
كنت هخسر حُبك ياعمر .
شدد من إحتضانها وود لو يسحق عظامها ليخبأها داخلهُ خشيةً فراقها بعد أن عثر معها علي الراحة والأمن والأمان الذي فقدهما علي يد تلك الخائنة،وذاق طعم الحُب الخالص والحنان داخل أحضانها الدافئة والأمنة وهذا ما كان يبحث عنهْ ويحتاجهْ
فأخيراً وجد ضالتهُ بعد أن أصابهُ الحزن واضطربت مشاعره وحياته انقلبت رأساً علي عقب بفضل تلك المجرمة،لكنه وبالأخير عثُر علي حاله وعاد إلي عالمه بفضل تلك التي تسكن أحضانه والتي أنستهْ مُر التجربة فعشقها بجنون وأصبحت أمانه ومأمنه،سكنهُ وسكينته
دقق النظر داخل عيناها ونطق بانسجام مع تلك الهالة التي تسحبهم لعالم العشق:
-إوعديني إنك تفضلي جمبي وتبقي لحضني الدفا ولقلبي المرسي ولعمري سنينه الحلوة اللي جاية.
ماكان عليها إلا أنها لفت ساعديها وحاوطت بهما عُنقهِ بتملك شديد واقتربت من أذنيه وهمست برقة أذابته:
-أوعدك من كل قلبي إنك هتفضل ساكنه لحد آخر نفس في عمري .
ثم همست بجانب أذنيه بما أثارهُ وجعله متيم بعشقها:
-بحبك يا عُمر
بعثرت كيانهُ بكلمتها وتحدث بوله وهو ينظر بعيناها بهيام:
-علي فكرة،لا ده الوقت ولا المكان المناسب اللي تقولي لي فيه كلمة بحبك بالطعامة دي كُلها،وخلي بالك إنتِ كدة هتخليني أعمل حاجات مش هتعجبك أبداً ولا هتتناسب مع طبيعتك المُتدينة
زي إيه بقي الحاجات دي،ممكن تقولي…نطقتها بمشاكسة أشعلت قلبه،فأجابها مردداً:
-زي إني أقرب من شفافيك مثلاً وأبوسك وقدام الناس دي كلها
وتابع بغمزة من عيناه :
-وبصراحة بقي إنتِ خطيرة النهاردة وجمالك فتني ولو عملتها ما حدش هيقدر يلومني،وما علي العاشق ملامة،مش بردوا بيقولوا كدة.
ابتسمت برقة علي حديثه ومشاغبته وبحركة منها أثارته حيثُ تلفتت حولها بترقُب ثم لمست شفتاها بكفها دون ملاحظة أحداً،وقامت بطبع قُبلة بيدها ثم وضعتها عند موضع قلبه مما جعله ينتفض هياما من أفعالها التي تجن جنونه وتثيره وتجعلهُ يراها منبعاً للرقة والاحساس
وما إن استقرت يدها عند قلبه حتي باغتها بقُبلة علي كف يدها بعد أن رفعهُ إلي فمه ثم قبض علي كفها جيداً وقام بسحبها خلفه مرددا بحاجباً مرفوع بمكرٍ:
طيب ياتارا،إتحملي بقي اللي هيجري لك،وزي ما ياسين أخويا دايماً بيقول،إللي حضر العفريت يصرفه
واسترسل:
-كفايه عليكي في الفرح لحد كدة .
اتسعت مقلتيها باندهاش لأفعاله المفاجأة وتسمرت مكانها وهي تترجاه بعيناي متوسلة:
-إعقل وبطل جنانك ده يا عُمر وخلاص والله هبطل أنكُشك،بس خلينا نكمل الفرح وما تبقاش رخم.
مش هيحصل،حتي لو قعدتي تترجيني من هنا لبكرة،وياريت تخليكي قد أفعالك يا باشمهندسة….جملة اعتراضية تشبث بها ذلك العمر في مشاكسة منه لتلك الجميلة.
سحبت كف يداها بسرعة من يده وأسرعت هاربة من أمامهُ بطريقة جعلته يبتسم علي سذاجتها وبرائتها حيثُ أنها إعتقدت أنهُ بالفعل كان سينسحب معها تاركاً خلفهُ حفل زفاف إبنة شقيقهُ الغالي.
كانت تتحرك إلي أن وصلت إلي طاولة منال وجلست بجانبها وحملت صغيرها واضعة إياه علي ساقيها وبدأت بدلالهُ ونثر قُبلاتها الحنون علي وجنتيه،إبتسم متوعدا لها بعقابها بجولة عشقية شرسة،وبعيناي عاشقة حدث حالهُ بصوتٍ مسموع لأذناه:
-أوك يا تارا،إنتِ إللي بدأتي وعمر المغربي مابيسبش حقه أبداً،قابلي بقي ياقلبي اللي هيجري لك الليلة.
❈-❈-❈
علي طاولة جانبية بعيدة عن الزحام،تجلس راقية منفردة بفخدة الديك الرومي تُغرد بها بعالمها المُمتع بعد أن جعلت المشرف علي الطعام يقتطعهُ ويضعهُ لها قبل الإعلان عن فتح مأدبة الطعام للحضور كما هو المُتعارف عليه بجميع حفلات الزفاف،وذلك بعد إلحاحٍ منها وإصرار،كانت تُمسك بيدها الفخدة وتلتهم لحمها بشراسة وكأن بينهما ثأراً وحان وقت القصاص الآن
باشمئزاز وعدم رضي تتطلع عليها تلك التي تقابلها بالجلوس وهي تتلفت حولها بخجلٍ من الحضور،زفرت بضيق من تصرفات والدة زوجها الغير لائقة باسم عائلة عريقة كـ أل المغربي، حولت بصرها لذاك المجاور لها والمنشغل بمراقبة من بالحفل من الحضور متغاضياً عن تصرفات والدتهُ الهمجية،تحدثت بامتعاض وضجر:
-ما تقوم يا وليد نرقص بدل ما أحنا قاعدين زي عواجيز الفرح كدة
بعيناي متسعة نظر عليها وتحدث متهكماً:
-أهو ده اللي ناقص كمان يا سِت هالة،عاوزة ترقصيني وأقف أتنطط زي الأراجوز قدام المعازيم!
هتفت باعتراض:
-وهما ولاد عمك اللي بيرقصوا دول أراجوزات؟
واسترسلت بتذمر وملامح وجة كاشرة:
-أنا عارفة ليه مطلعتش رومانسي وحنين زيهم
أردف قائلاً بنبرة حادة:
-إحمدي ربنا إني مش زيهم يا هانم وإلا كانت تبقي مُصيبة
بغرَابَة هتفت:
-مُصيبة؟
بضجرٍ وملامح وجه حادة أجابها مُتهكماً:
-أه يا اختي مُصيبة،والمفروض تحمدي ربنا علي النعمة اللي في إيدك
واستطرد بإبانة:
-علي الأقل إتجوزتي واحد مُخلص مش نسونجي زيهم،البشوات اللي عاجباكي رومانسيتهم قوي دي، أقل واحد فيهم مِرافق له بالقُليل كدة عشرة خمستاشر واحدة علي مراته
عقبت ساخرة:
-وإنتَ بقي يا سي وليد كنت شفتهم وهما مرافقين علي مراتاتهم؟
إعتدل بجسده ليُجيبها شارحاً:
-بيبان يا أذكي إخواتك،دي قاعدة معروفة عندنا كرجالة يا بِت،الراجل من دول طالما دلع وهنن وجاب هدايا ورقص يبقي أكيد حاسس بالذنب وبيداري علي بلوة من بلاويه
واسترسل بعيناي حاسدة ورثها عن والدته:
-وبعدين الفلوس المتلتلة اللي عندهم دي هيودوها فين لو مش هيصرفوها علي النسوان؟
إمتعضت ملامحها وهي ترمقهُ باشمئزاز وتحدثت ساخرة:
-لا والله!
واسترسلت متهكمة وهي تُشير له بكفها باتجاه مأدبة الطعام:
-طب قوم هات فاخدة المسكين التانية وتعالي قابل أمك بدل ما هي قاعدة تحارب لوحدها كدة
قالت كلماتها وهبت واقفة بعد أن قررت أن تنضم إلي طاولة ثُريا وسُهير وابتسام تاركة خلفها ذاك البارد عديم المشاعر
تابع انسحابها فتحدث هاتفاً:
-رايحة فين يا هالة،خلاص يا بِت تعالي أرقصك
لم تُعير لحديثهُ إهتمام واكملت طريقها فزفر هو ثم حول بصرهُ إلي والدته التي تأكل بنهم وتحدث باستياء:
-ما خلاص يا أما،دي الفخدة لو أسيرة عند الصهاينة مش هيعاملوها معاملتك دي
أجابتهُ وهي تتناول اللحم بتلذُذ واستمتاع:
-سيبك من الهَري ده كُله وأسمع كلام الموكوسة مراتك وقوم هات الفخدة التانية وتعالي كُل،هيفوتك كتير لو ما دوقتهاش يا وَلاَ
بملامح وجه مكفهرة أجابها:
-تصدقي بالله يا راقية،إنتِ قفلتيني من الأكل شهر لقدام،والبوفيه ده ما هقرب له ولا هدوق منه حتي كاس الماية
نطقها واسترسل وهو يستعد للوقوف:
-أما أقوم أرقص الهبلة دي كمان بدل ما تنكد عليا فيها إسبوع بحاله واجيب لنفسي صُداع
روح يا موكوس روح… نطقتها متهكمة وتابعت ما تفعل،تحرك وليد إلي زوجته واصطحبها بملاطفة إلي أن وصلا للاستيدح وبدأ يراقصها تحت سعادتها البالغة
❈-❈-❈
أعلن منظم الحفل عن فقرة تقطيع قالب الحلوي الخاص بالعروسان
تحرك كارم بجانب عروسهُ السعيد ووقفا أمام كعكة الزفاف الضخم،وأمسك السكين المخصص للتقطيع وقاما بالتقطيع معاً تحت تصفيق الجميع لهما وتمنياتهم بالسعادة والتوفيق،أمسك الشوكة وغرسها بقطعة من كعكة الشيكولاتة وقربها بفم كلاهُما واقتربا الثُنائي ليلتقطاها معاً في مشهداً رومانسياً تخطاهُ كارم سريعاً لشدة غيرتهُ علي زوجته
نظر لها واردف بنبرة حنون:
-مبروك يا حبيبي
اجابتهُ بنبرة خجلة:
-ميرسي يا كارم
أعلن المُنظم أيضاً عن إفتتاح مأدبة الطعام وطلب من الجميع التحرك إليها،تحرك بالفعل الجميع وبدأوا بتناولهُ بتلذُذ وأستمتاع
بعدما إنتهي الجميع من الطعام،كانت تقف بجانب علياء وشريف يتحدثون بتسلي ويضحكون،أردفت علياء وهي تحتضن كف زوجها بحفاوة:
-مش تباركي لشريف يا مليكة
نظرت لها باستغراب فاسترسلت الاخري وهي تنظر لزوجها بافتخار:
-حبيبي جاله عرض النهاردة حلو قوي من القناة الفرنسية
إنطفأت ضحكتها واردفت بنبرة متلبكة:
-هتسافر فرنسا يا شريف؟
أجابها بتردُد:
-لسة مش عارف يا مليكة،هقعد الإسبوع الجاي مع مالك القناة وأشوف تفاصيل العرض
هزت رأسها وتحدثت بنبرة صوت مُختنقة:
-أكيد مش هتسيب بابا وماما لوحدهم وتهاجر وتسيبنا زي سيف
نظر لعيناها وجد حُزناً عميقاً فهتفت علياء لتخرجها من دائرة حُزنها التي تملكت منها:
-مالك يا بنتي قلبتيها دراما كدة ليه؟
مش كل الشغل مع القنوات دي بيتطلب السفر،ممكن تسجلي حلقات وتبعتيها وتتذاع مُسجلة،أو حتي تطلعي عبر التطبيقات الحديثة
هزت رأسها بعدم إقتناع بذاك الهزي وكادت أن تُبدي رأيها،لكنها فوجأت بوالدها الذي إنضم إليهم وأحاط كتفها ثم تحدث بابتسامة حنون وهو يُقربها منه:
-عقبال ما نفرح بأولادك يا بنتي
وكأن ظهورهُ محي حزنها وأبدلهُ بسعادة وسكون فتحدثت بابتسامة مُشرقة:
-في حياتك يا حبيبي إن شاء الله
قبل جبهتها ثم انتبه جميعهم إلي صوت ذاك المتيمِ وهو ينادي باسمها عبر الميكرفون،إلتفتت سريعاً لتفتح عيناها باندهاش وهي تراه يعتلي الاستيدج مُمسكاً بيده باقة من أروع الزهور وأندرها وينتظرها بابتسامة جذابة، ثم تحدث يستدعيها قائلاً:
-بعد إذنك تعالي
نظرت إلي أبيها بسعادة فربت علي كتفها بابتسامة وحثها علي الذهاب تحت سعادة شريف وعلياء التي أمسكت كفها بسرور لأجلها
تحركت وصعدت إلي أن وصلت إلي وقوفهُ،كان يجاورهُ الوقوف أحد العاملين مُمسكاً له بالميكريفون،إبتسم بحبور وقام بتقديم باقة الزهور لها،إقترب عليها وقَبل جبينها باحترام ثم ابتعد سريعاً وأمسك كفها باحتواء،ناولهُ العامل الميكرفون فقام بتقريبهُ من فمه وتحدث إلي الجميع:
-أنا عاوز أشكر مراتي قدامكم كُلكم وأقول لها
بتلك اللحظة لف جسدهُ وتطلع عليها بعيناي تهيمُ عِشقاً ثم استرسل بنبرة متأثرة جراء غرامة الفياض:
-إنك أحلا حاجة حصلت لي في حياتي،شكراً يا مليكة،شكراً علي إنك وقفتي مع بنتي من أول ما اتخطبت لحد ما سلمناها لإيد عريسها النهاردة
واسترسل بعيناي مُمتنة:
-شكراً علي إنك إتحملتي مزاجي الصعب وعصبيتي وظروفي وظروف شُغلي كُل الفترة اللي فاتت،شُكراً علي السعادة اللي قدمتيها لي طول سنين جوازنا
تنهد براحة ومال برأسهِ لليمين قليلاً ثم تحدث تحت سعادتها ودموعها المترقرقةِ بعيناها جراء وصولها لمنتهي الإِبْتِهاج:
-أنا بحبك يا مليكة
وبمجرد أن إنتهي من كلماته حتي خفت الأضواء واشتغلت موسيقي هادئة وبدأت أوراق الورود تتناثر فوقهما في مظهرٍ مبهر أبهج روح تلك العاشقة وجعلها تتلفت بانبهار لكُل ما حولها حتي استقرت عيناها وتعمقت بمقلتي عاشق روحها المُتيم
بنظرات هائمة به شكرتهُ عيناها بامتنان ثم وبدون إدراك لفت ساعديها حول عُنقه لتحتضنهُ متناسية العالم أجمع،سعد لتصرفها العفوي وقام بلف ساعديه حولها وبات يُشدد من إحتضانها تحت تصفيق الجميع وتأثُرهم بسعادة ذاك الثُنائي المُميز
إلا من تلك المكلومة التي شعرت بالتواء أحشائها وحسرة تملكت من قلبها،حَسْرةٌ علي صغيرها الذي إستعجل الرحيل تاركاً خلفهُ قلوباً تتلوي ألماً،حَسْرةٌ علي حبيبة أصبحت بأحضان غيرهُ بعد أن كانت لهُ الحياة،أصابتها حَسْرة،حَسْرةٌ على أحبة وماضٍ ذهب ولن يَعودَ
كان يتابعها من بعيد،يشعر بألمها الساكن بقلبها ويمزق أحشائها،ومن غيرهُ يشعُر بها،إقترب منها وجاورها الجلوس وتحدث بنبرة هادئة:
-وحدي الله يا ثُريا،كُلنا هنفارق ومسيرنا للموت مهما طالت رحلتنا
واستطرد كي يُخفف عنها وطأة ألمها ووغزتها:
-إدعي له،هو أكيد مرتاح وفي مكانة أحسن من هِنا بكتير
بتأمل من ربنا إنه يكون فعلاً في مكانة أحسن…نطقتها بعيناي لامعة تأثراً بدموعها الحبيسة فابتسم لها وتحدث:
-إن شاء الله يا ثُريا
تنهدت ومالت برأسها بهدوء
عودة إلي ذاك العاشق الذي ضم حبيبتهُ لأحضانه،إشتغلت الموسيقي علي غنوة متفق عليها من قِبل ياسين،إعتدل يُقابلها ثم إتخذا وضع الرقصة وبدأت الغنوة وتراقصت مشاعرهما وقلبيهما علي كلماتها التي لمست روحيهما من شِدة وصفها لحال كليهما،حيث تقول
ولا بنساك ولا ثانية وكل دقيقة والتانية
بفكر فيك وانا وياك حبيبي انت اللي بالدنيا
تفوت أيام وبتعدي وحبك ليا مش قدي
بحبك حب مش موجود مالوش وصف وكلام عندي
عارف ايه أحلى حاجة حاصلة ليا
إني منك وانت برضه بتجري فيا
انت آخر كل يوم باخدك في حضني
وانت أول كل يوم شيفاك عنيا
يا أجمل حلم أنا حلمته واحساس غالي صدقته
واقولك إيه يا أغلى حبيب واجمل حلم حققته
في قلبي هواك معيشني بعيش ليك وانت بتعيش لي
بقيت عشقي ولما تغيب عنيك عني بتوحشني
عارف ايه احلى حاجه حاصله ليا
إني منك وانت برضه بتجري فيا
انت آخر كل يوم باخدك في حضني
وانت اول كل يوم شيفاك عنيا
كانت تتهاوي بين يداه علي أنغام الموسيقي وشفتاه تُردد كلمات الغنوة مما أشعرها بأنها تطيرُ فوق السحاب بحالمية مُفرطة أثر عشق متيمها الجارف والذي أغرقها به وأوصل لها شعوراً بانها تسكُن الجنة لا الأرض
تحدثت بعيناي تهيمُ غراماً:
-كُل ده عملته علشاني يا ياسين
بقلبٍ ينتفضُ من شدة الهوي أجابها:
-حبيب قلب جوزه يستاهل الدُنيا كلها،ولو أطول أجيب لك نجوم السما وأفرشهم لك علشان تمشي عليهم وتتدللي مش هتأخر يا مليكة
واستطرد بعيناي حنون:
-إنتِ أجمل حلم حلمته وربنا كرمني وحققه لي
واستطرد هائماً:
-بحبك وهفضل أحبك بنفس درجة الجنون والتمني اللي حبيتك بيهم من أول ما فتنتني عيونك
بنبرة رقيقة عقبت متأثرة:
-وأنا بعشقك يا عيون قلبي
كانت عيون قسمت وداليدا تتابعهما بغلٍ وكره لا متناهي ولا ملامة عليهما،فتلك التي رحلت هي قطعة من قلبيهما،ولكن،متي توقفت الحياة علي رحيل أحدهم،فتلك هي الحياة وسبحان من لهُ الدوام
أما كارم الجالس بجوار عروسهُ الجميلة فتحدث بمشاكسة:
-أبوكِ ضرب لنا الليلة وسرق منا الأضواء والعيون كلها إتحولت عليه
بابتسامة حنون تحدثت وهي تنظر إلي والدها بتأثر:
-بابي ده أحلا وأحن راجل في الدنيا كلها
ثم حولت بصرها إليه وتحدثت وهي تُشدد من مسكتها لكف يده:
-ممكن يا كارم تحبني علي طريقة ياسين المغربي وتفضل تدلعني كدة علي طول
ياسين المغربي مين يا بنتي… نطقها بغرور وهو يعدل من ياقة قميصهُ ثم استرسل بغمزة وقحة:
-ده أنا هبهرك،بس أصبري لما نوصل شقتنا،بس إدعي إن الجيران ما يطلبولناش البوليس علشان ييجي يفُض الإشتباك
لكزته بكف يدها وهي تبتعد بنظراتها عنه خجلاً،واستمعت إلي صوت المسؤل عن الموسيقي يتحدث بعدما إنتهت غنوة أبيها:
-ياريت العروسة والعريس وكل الكابلز اللي موجودين في الفرح يتفضلوا علي الاستيدج
صعد الجميع وبدأوا يرقصون بسعادة،إلتف كُلاً من ياسين وطارق وعُمر ورؤوف وحتي وليد وجميع شباب عائلة المغربي بجانب حمزة ومروان وياسر وأنس،وقاموا بإغلاق دائرة حول أيسل وكارم وهما يتراقصان وبدأوا بالرقص والتصفيق حوليهما،إنضمت أيضاً النساء والأطفال وبات الجميع يرقصون بمرح وسعادة ظهرت علي وجوههم
إقترب حمزة من شقيقتهُ وضمها بسعادة ثم تحدث متأثراً لفراقها:
-مبروك يا قلبي
نطقت بعيناي سعيدة وهي تتحسس وجنة شقيقها بحنان:
-الله يبارك فيك يا حمزة،عقبالك يا حبيبي
إبتسم لها ممتناً ثم لف وجههُ ناظراً إلي كارم وأردف موصياً إياه علي غاليته:
-خلي بالك من أيسل وحطها في عنيك يا كارم
واستطرد وهو يضع كفهُ فوق كتف شقيقتهُ مما جعلها تتأثر بكلماته:
-إنتَ واخد أغلي جواهر عيلة المغربي
وهتبقي أغلي جواهري برده يا حمزة…نطقها كارم وهو ينظر إلي الفتي مطمأناً إياه علي شقيقته مما جعل الفتي يحتضنهُ مُربتاً علي كَتفهِ بامتنان،ثم تابع الرقص مع شقيقته الجميلة وزوجها بمرحٍ وسعادة بالغة
عدلت مليكة للفتاة طرحة زفافها وتحدثت إلي كارم بتأثر:
-خلي بالك منها يا كارم
عقب بابتسامة وهو يحتضن عروسهُ بحفاوة:
-في عيوني من جوة.
إبتسمت له بامتنان،إقترب ياسين من صغيرتهُ وقبل وجنتها وتحدث بسعادة:
-مبروك يا قلبي
بعيناي متأثرة من شدة ابتهاجها تحدثت بامتنان:
-ربنا يخليك ليا يا بابي،متشكرة علي كُل السعادة اللي أهدتها لي النهاردة،وعلي أحلا فرحة هتفضل محفورة جوة قلبي وعمري ما هنساها
ضمها بقوة ثم أخرجها وسلمها إلي كارم وتحدث وهو يربت علي كتفه:
-مبروك يا حبيبي،ألف مبروك
الله يبارك في سعادتك يا باشا…إبتعد ياسين خارج الدائرة وتحرك بجانب حبيبتهُ ووقفا بجانب بعضيهما،إحتوي كتفها برعاية وباتا ينظران بقلوب مبتهجة إلي رقص العروس التي أشارت لكلاهما بسعادة وصلت عنان السماء
كانت السعادة أقل وصفاً للمشهد حيث الجميع مسرورون يتراقصون بمرح وقلوباً مبتهجة لأجل مدللة أبيها التي وصلت لمرحلة السلام النفسي وتصالحت علي الدُنيا بفضل الحُب.
وإلي هُنا دعونا نتوقف عن سرد قصتنا ونُعلن إنتهائها
أتمني أن أكون قد استطعت الغوص داخل أرواحكم بتفاصيل وأحداث وشخصيات الرواية وأن أكون قد شاركت ولو بمجرد إبتسامة استطعت رسمها علي وجوهكم،وأتمني ايضاً أن تكون الرواية نالت استحسانكم وإعجابكم
،لكم مني جميعاً كل الشكر والعرفان والإمتنان لتشجيعكم الدائم لي طيلة نشر الرواية
وفي الختام لكم مني أرقُ سلام،وقريباً نلتقي وبعون الله القادم أروع.
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب حائرة)