روايات

رواية قلوب حائرة الفصل التاسع والأربعون 49 بقلم روز أمين

موقع كتابك في سطور

رواية قلوب حائرة الفصل التاسع والأربعون 49 بقلم روز أمين

رواية قلوب حائرة البارت التاسع والأربعون

رواية قلوب حائرة الجزء التاسع والأربعون

رواية قلوب حائرة
رواية قلوب حائرة

رواية قلوب حائرة الحلقة التاسعة والأربعون

🦋 الفصل الثامن 🦋
إندهش رؤوف من تصرف ياسين العجيب،ثم أخذ نفساً عميقاً وزفرهُ في محاولة منه لتهدأة حالة الزُعر التي أصابته ونظر له مضيقاً عيناه وتسائل مستفسراً بدهشة:
-خير يا سيادة العميد،فيه حاجة؟
إبتسامة سَمجة خرجت من جانب فَمْ ياسين وأردف قائلاً بتساؤل وهو مازال قابضاً بكف يَـ.ـده بشدة علي كتف ذاك الرؤوف:
-ما هو أنا جاي لك مخصوص علشان تقول لي
وأسترسل مضيقاً إحدىّ عيناه بطريقة مُخيـ.ـفة وهو يتبادل النظر بينهُ وبين شُرفة سارة:
-هو فيه إيه بالظبط يا رؤوف؟
إرتبك رؤوف وقام بغلق الهاتف الذي كان مازال مفتوحاً وتحدث بتخَابث:
-تقصد إيه حضرتك،أنا بجد مش فاهم
قاطع حديثه بحِدة وهدر به بنظرة غاضبة:
-ولاّاااا، لؤم ولاد المغربي ده تعمله علي حد غيري
وأكمل بنظرة حَـ.ـادّة ونبرة صوت حازمة:
-عاوز إيه من سارة بنت يسرا ؟
إعتدل رؤوف بوقفتهُ وانتصـ.ـب وهو ينظر داخل عيناه،وعلم أن الإنكار لن يأتي بنتيجة مع ذاك الصَقر،فتحدث بجرأة وصِدق:
-بحبها
فَك ياسين قبضـ.ـتهُ من فوق كتفه،ثم أدخل كفاي يـ.ـداه داخل جيباي بِنطالهْ ونظر لهُ وتساءل مُستفسراً:
-وبعدين؟
قطب رؤوف جبينهُ وهز رأسهُ بعدم فهم وتسائل مُتعجباً:
-مش فاهم؟!
أجابهُ ياسين متهكماً بكلمات خرجت من بين أسنانه بحِـ.ـدة:
-يعني إيه الخطوة اللي جنَاب معاليك هتاخدها بعد الحُب والمسخرة دي؟
إستوعب رؤوف سؤاله وأردف بنبرة جادة متجنباً سخريتهُ منه:
-الجواز طبعاً
ولما سيادتك ناوي علي جواز، داخل البيت من بلكونته ليه يا حبيبي…سؤال حادّ وجههُ ياسين لرؤوف وهو ينظر إلي شُرفة تلك التي تقف مُختبأة خلف الشِيشْ تتلصص عليهُما بحَذرٍ وجَـ.ـسدها ينتفضُ رُعباً
تنهد رؤوف وتفوه بنبرة صادقة:
-أنا فعلاً فاتحت سارة في الموضوع ده وطلبت منها أجي لعمي عز وأطلبها منه،وبعدها كُنت هروح أنا وبابا لجدها وأعمامها ونطلبها منهم رسمي
واسترسل موضحاً:
-لكن هي طلبت مني أصبر السنة دي لحد ما تكون خلصت سنتها الأولي من جامعتها
وأسترسل مفسراً بإستفاضة:
-وكمان أنا كُنت قُلت لها قبل كدة إني هترقي في شُغلي على آخر السنة،فقالت لي إنها حابة تستني،وإن الوقت ساعتها هيبقي مناسب أكتر علشان شكلى قدام أهل بباها
أخرج كف يـ.ـدهُ من جيبه ووضعها فوق ذقنه وحـ.ـكها بتسلي وتحدث ساخراً:
-حلو أوي الكلام ده يا إبن المغربي،عجبني،لا ومترتب علي الشَعْرة
واستطرد بكلمات مقصودة مُؤنِباً إياه:
-بس فيه حاجة مُهمة سعادتك نسِيتها يا أبن البشمهندس حسن،إنك تخطيت الأصول ودخلت الباب من شِبَاكه بحِجة إن دى رغبة سَارة،ونسيت إن البنت لسة صُغيرة وبريئة ومش فاهمة حاجة عن الأصول واللي يصَح من اللى ما يصحِش
رفع رؤوف رأسهُ ونظر داخل عيناه بانزعاج فاسترسل ياسين حديثهُ بنبرة جَادّة:
-بص يا إبني، من الآخر كدة أنا الهري بتاعك ده كله ما ياكولش معايا ولا يدخُل ذمتى بمليمْ أحمر،آخر الكلام يُسرا لازم تعرف، علشان عيب أوي تبقي مستغفل بنت عمتك وعامل لي فيها روميو ومقضيها مكالمات نص الليل مع بنتها
مش حِلوة في حق أبوك يا هندسة… جملة مؤنبة وجهها له ياسين قبل ان يستمع إلي تلك العاشقة التي هتفت بصوتها وهي تنادي عليه من خلال شُرفتها بعدما خرجت من الحمام وتفاجأت بعدم تواجدهُ:
-فيه حاجة يا ياسين؟
إستدار برأسه ونظر عليها وتحدث بطمأنة:
-مفيش يا حبيبي،أنا كنت بدردش شوية مع رؤوف وطالع لك حالاً
نظر إلي رؤوف من جديد وربت علي كتفه بطريقة لينة فتحدث رؤوف بنظرات مطمأنه:
-إطمن يا سيادة العميد،أنا هقعد بكرة مع أبلة يُسرا وهفاتحها في الموضوع واللى تؤمر بيه كُله أنا موافق عليه
وأنا كُنت واثق إن تربية حَسن المَغربي ومدام إبتسام مش هتخرج لنا غير راجِل بجد…كانت تلك كلمات إطرائية نطق بها ياسين قبل مغادرته وصعوده لتلك العاشقة التي ما عادت تغفوى سوى بداخل أحضـ.ـانهُ
زفر رؤوف بضيق ولعَـ.ـن حالهُ علي الوضع المُهين الذي بَدا عَلَيْهِ أمام ذاك الدَاهي الذي كَشف ما بداخلهُ من أول لقاء،أمـ.ـسك هاتفه ليتحدث إلي تلك التي تنكمش علي حالها بالأعلي وتكاد تَزهقُ روحِها مُنذ أن إستمعت إلي صوت ياسين عبر الهاتف
أسرعت إلي الهاتف الموضوع فوق تختها والتقطته سريعاً وأجابت بإرتباك شديد:
-طمني يا رؤوف،أنكل ياسين كان عاوزك في إيه؟
أخذ نفساً عميقاً وتحدث بهدوء مطماناً إياها:
-إطمني يا حبيبتي،ما بقاش فيه حاجة نقلق منها خلاص
وبدأ بقص كل ما حدث عليها تحت خَجلها الشديد وشعورها بعدم إستطاعتها للنظر في عيناي ياسين مرةً آخري
إنتهى من محادثتها ثم تحرك وخَطى بساقية إلى داخل منزل عمته ثُريا حيثُ مكوثهُ هو وعائلتهُ بالطابق الأسفل
وجد والدتهُ وعمته تجلستان فوق الأريكة المتواجدة ببهو المنزل،ترتديان ثوبيهما الخاص بالصلاة وكُلٍ منهما مُمـ.ـسِكةً بكتاب الله العزيز وتقرأتان به،يجاورها حسن مُمـ.ـسكاً بمسبحته يُقلب بحباتها بين أصابـ.ـع يَـ.ـده مُستغرقاً فى الإستغفار بصوتٍ خفيض،فى إنتظارهم لأذان الفجر كى يؤدون الصلاة فى وقتها
إقترب عليهم وتحمحم كى يُلفت أنظارهم لحضوره،ثم تحدث بهدوء:
-بابا،عاوز أتكلم مع حضرتك إنتَ وماما وعمتى فى موضوع مُهم
رفع حسن بصرهِ ونظر إلى نجله الغالى وسألهُ بنبرة لائمة:
-إنتَ يا أبنى مش شايفنا قاعدين بنقرأ قرأن وبنسبح ربنا؟!
ولا هو الموضوع المُهم بتاعك ده ما ينفعش يستنى شوية لحد ما الفجر يأذن ونصلى؟!
تحرك وجلس بمقعدٍ مُقابلاً لأريكتهم،صدقت ثُريا وأغلقت المُصحف الشريف وتحدثت بإستفسار بعدما وجدت علامات القلق والتوتر تعتـ.ـلى ملامح نَجل شقيقها الغَالى:
-مالك يا حبيبي،إنتَ كويس؟
تنفس بهدوء ونظر لثلاثتهم وبدون مقدمات أردف قائلاً:
-أنا عاوز أتجوز سَارة
حالة من الدَهشة والإستغراب أصابت ثلاثتهم،أما تلك التى غـ.ـزت السعادة قلبها الطيب فتحدثت سريعاً:
-قصدك سَارة المعداوى،بنت يُسرا؟
هز رأسهُ بإيجاب ونظر بترقب لوجهى والده وعمته، فهتف حسن بنبرة مُهللة تدل على شدة إبتهاجه:
-يا زين ما أختارت يا ابنى،أصل وأدب وأخلاق
واسترسل بتمنى:
-ولو ربنا بيحبك بجد تكون سَارة من نصيبك
ثم حول بصره وتحدث إلى ثُريا التى تنظر لإبن شقيقها بمعالم وجه مُبهمة وذلك لتخبُط فِكرها:
-ولا إنتِ إيه رأيك يا أم رائف؟
إنتبهت على سؤال شقيقها فتحدثت وهى تنظر إلى رؤوف بإبتسامة حنون:
-دى تبقى أمها داعية لها اللى هتكون من نصيب الباشمهندس
سألها مُتلهفاً:
-يعنى حضرتك ماعندكيش مانع يا عمتى؟
أجابته بإبتسامة حنون:
-طبعاً يا حبيبى ماعنديش مانع،بس أنا رأيى هيفيد بإيه،الرأى المُهم فى الآول وفى الآخر رأى سَارة وأهل أبوها
واستطردت وهى تنظر إلى شقيقها وتساءلت:
-مش دى الأصول بردوا ولا إيه يا حسن؟
وافقها حسن وابتسام الرأي وإنفرجت أسَارير الشاب وتحدث بلهفة ظهرت فوق ملامحهُ:
-بعد إذن حضرتك يا بابا،أنا هفاتح أبلة يُسرا بُكرة فى الموضوع وأشوف رأيها
مش هتاخد رأى سَارة هى كمان،ولا ضامنه يا باشمهندس… جُملة مشاكسة خرجت من إبتسام لنجلها
إبتسم خجلاً وضحك الجميع حينما تيقنوا أن ذاك الرؤوف قد لحق بقطار العاشقين مصطحباً معهُ تلك البريئة لينطلقا داخل رحلتيهما معاً
❈-❈-❈
في صباح اليوم التالي
فاق رؤوف مُبكراً وتحرك من منزل ثُريا وخطي بساقيه لداخل منزل سليم المتواجد بنفس الصَف والذي يبتعد عن منزل رائف بحوالي عدة أمتار قليلة،طلب من يُسرا الجلوس معها علي إنفراد وتحدث إليها وصارحها بكل وضوح بعشقهِ لسَارة وابلغها بمعرفة ياسين بالآمر مما جعل يسرا تنظر إليه بعين الإحترام وبالطبع رحبت بالموضوع حين علمت منه بموافقة إبنتها
بعثت يُسرا بالعاملة لتقوم بإستدعاء سَارة حيثُ كانت ترتدى ثيابها بغرفتها بالأعلى إستعداداً منها للذهاب إلى جامعتها، ترجلت سَارة إليهما بخطواتٍ مُتعثرة وبصعوبة أخرجت صوتها متسائلة بنبرة متلعثمة وهي تنظر للاسفل من شدة خجلها عندما رأت رؤوف:
أفندم يا ماما
إبتسمت لها يسرا بتفهم لحالتها ووقفت قُبالة إبنتها وابتسمت وأردفت بعيناي ترقرقت بهما دموعٍ ممزوجة بالفرح والقلق:
-كِبرتي يا سارة؟
إرتبكت بوقفتها فطمأنتها يُسرا وسحـ.ـبتها لتستقر بداخل أحضَـ.ـانها،إشتدت سعادتها وهي تنظر علي حبيبها الذى أومأ لها بأهداب عيناه مطمأناً إياها
في تلك اللحظة كان ياسين يتحرك بسيارته في طريقهِ إلي العمل،توقف وترجل من سيارته عندما رأي من بوابة منزل سليم يُسرا وهي تحتـ.ـضن صغيرتها،خطي بساقيه حتي إستقر لمكانهم ونظر برضا علي ذاك الجالس الذي وقف سريعاً إحتراماً لحضوره، وتحدث بنبرة هادئة:
-صباح الخير
إنتبهتا يسرا وسَارة واستدارتا إليه وتحدثت يسرا وهي تشكرهُ بعيناها بإمتنان:
_صباح الخير يا ياسين
أما عن تلك التي شَـ.ـعرت بحالها ستختفي وتتبخر من شدة خجلها،تحرك إليها ياسين وقام بوضع كف يـ.ـده فوق غطاء رأسها وأردف بإبتسامة حنون:
-إزيك يا سارة
تبسمت له بخفوت وهزت رأسها وأردفت بنبرة خجلة متلعثمة:
-الحمدلله يا خالو
تحدثت يسرا إليه بإهتمام:
-إقعد يا ياسين واقف ليه
وضع راحة يـ.ـده علي كتف رؤوف لكن بتلك المرة ربت عليها وهو ينظر لعيناه بفَخر وقال مفسراً:
-معنديش وقت يا حبيبتي، يدوب الحق شغلي،أنا بس لقيتكم متجمعين قولت أنزل أصَبح عليكم
ثم سألها وهو يستعد للمغادرة:
-عاوزة حاجة يا يُسرا
أجابته بإمتنان:
-سلامتك يا ياسين
نظر إلي رؤوف وتحدث بملامح وجهٍ بشوش:
-سلام يا رؤوف،أشوفك لما أرجع من شغلي إن شاء الله
تهلل وجه رؤوف وابتهج من تغير إسلوب ياسين الكُلي معه وتحدث بإحترام:
-إن شاء الله يا سيادة العَميد
❈-❈-❈
داخل جناح مليكة
بعد ذهاب طفلاها إلى مدارسهم ومُغادرة ياسين المنزل مُتجهً إلي عمله،أمـ.ـسكت مليكة هاتفها وطلبت رقم هاتف طارق، أتاها ردهُ سريعاً حيثُ تحدث بمشاكسة وهو يقود سيارته في طريقهُ إلي الشركة:
-الليدي مليكة هانم عُثمان بجلالة قدرها بتتصل بيا
إبتسمت لدعابات طارق لها وتحدثت بنبرة هادئة كعادتها:
-صباح الخير يا طارق
رَد عليها الصباح فاكملت بإستعلام:
-فاضي نتكلم شوية؟
آه طبعاً إتفضلي…كلمات سريعة نطق بها طارق
أخذت نفساً مطولاً إستعداداً للحديث ثم قالت بنبرة جادة:
-كُنت حابة أنبهك من موضوع خاص بـ لمار ووليد
وبدأت تروي له جُل ما حدث،بعدما إنتهت تحدث هو بإبتسامة:
-أنا عارف كُل اللي حصل يا مليكة،وعارف كمان إن لمار قدرت تقنع ماما وعَمر وتخليهم فى صفها للأسف
وأكمل بإشادة:
-وكُنت واثق ومتأكد من إنك مش هتنخدعي بعرض لمار المُغرى وإن فلوس الدنيا كلها مش هتخليكي تفرطي في حق أولادك
أردفت مليكة بتأكيد:
-أفرط في إيه بس يا طارق،ده أنا أكتر واحدة شاهدة علي تعبك إنتَ ورائف الله يرحمه في الشركة دي
وأكملت بنبرة صوت متأثرة حينما تذكرت ذاك الطيب:
-الشركة دي رائف بناها علي أكتـ.ـافه وكانت غالية عليه جداً، وكان بيحلم إنها تبقي من أكبر شركات الإستيراد والتصدير في الشرق الأوسط كله
وأسترسلت بإصرار قوى:
-وأنا لا يمكن أضيع أو أفرط في حلمه أبداً،وبكرة مروان وأنس يكبروا ويكملوا حِلم أبوهم
تحدث بتأكيد:
-إن شاء الله،
وأستطرد بإعلام:
-علي فكرة،وليد كلمني إمبارح بالليل وقال لي إنهُ هيزوني هو ولمار النهاردة في الشركة،شكلهم لسه عندهم أمل
أجابتهُ بتعجب:
-غريب أوي إصرارها ده،إبقى خد بالك منها يا طارق
واسترسلت بنبرة حَرجة:
-ما تزعلش منى بس البنت دى أنا مش برتاح لها
وافقها الرأي وتحدث بتأكيد على شعورها:
-وأنا هزعل منك ليه إذا كُنت أنا كمان عندى نفس الشعور تجاهها
وسألها مستفسراً:
-مليكة،هو إنتِ قولتي لياسين حاجة عن الموضوع ده؟
ردت عليه بنفي:
-مجتش فرصة،بس أكيد هقول له
تحدث مطالباً إياها برجاء:
-ياريت بلاش
وأستطرد بإيضاح:
-ياسين لو عرف مش هيعدى الموضوع وأكيد هيتكلم مع لمار ويحذرها علشان تبعد عنك،وعمر هو كمان هيتدخل ويدافع عن مِـ.ـراته،وأنا مش عاوز علاقـ.ـة إخواتي تتأثر
واسترسل مؤكداً :
-وأنا لما لمار تيجي لي الشركة هاصُدَها وهقفل معاها الموضوع للأبد.
تحدثت مليكة بنبرة حاسمة:
-أنا أسفة يا طارق،مش هينفع أخبى عن ياسين حاجة مُهمة زى دى،ياسين لو عِرف الموضوع من حد غيرى وده أكيد هيحصل، مش هيعدى لى إنى خبيت عليه
واستطردت وهى تهز رأسها برفض للفكرة:
-وأنا مش قد زعل ياسين وغضبه يا طارق
ثم استرسلت بطمأنة:
-ولو على موضوع خوفك من إنه يتكلم مع لمار ماتقلقش،أنا هطلب منه ما يتكلمش مع أى حد فى الموضوع وكأنه ماعرفش من الأساس
إبتسم وتحدث بمساكسة:
-ومالك بتتكلمى بثقة قوى كدة وكأن ياسين فعلاً هيسمع كلامك وينفذه؟
واسترسل بمرح:
-قد كدة بقيتى مسيطرة على وَحـ.ـشْ المخابرات ومكلبشاه؟
إبتسمت وتحدثت بنبرة خجلة:
-وبعدين معاك يا طارق
ضحك وقرر غلق الموضوع كى لا يُزيد من خجلها،وأنهى المكالمة بعدما وافقها الرأي على أن تُخبر ياسين بما جرى
❈-❈-❈
بعد الظهيرة
إستقبلت مليكة طفلاها مروان وأنس اللذان عادا إلي المنزل بعد إنتهاء يومهما الدراسي،دلف مروان إلي حمام حُجرته واغتسل وارتدى ثياباً نظيفة،فقد أصبح فتي يافـ.ـع ويستطيع الإعتماد علي حاله،صفف شعر رأسهْ ونثر عطره الهادئ وتحرك إلى غرفة شقيقاه الصغيران
خطى للداخل واستمع إلى صوت والدتهُ يصدح من داخل الحمام وهى تتحدث إلى أنس الذي مازال بعمرٍ صغير ولا يستطيع الإعتماد على حالهِ في إغتساله لجَـ.ـسده الصغير،أخرجته مليكة مُرتدياً رداء الحمام وهي تخطو خلفهُ وتجفف لهُ شعر رأسه بالمنشفة، وبدأت بمساعدته في إرتداء ملابسهُ مع مراعاتها لتعليمه كيفية الإعتماد علي حَاله كى تُهيئهُ لمرحلة البلوغ
كان مروان يقف بشُرفة شقيقاه الصغيران يتطلع إلى السماء بتأنى،خطي بساقيه لمكان وقوف والدتهُ وهتف بنبرة بَداَ عليها الإنزعاج:
-هو أنا مش طلبت من حضرتك وقُلت لك إني عاوز أزور قبر بابا الله يرحمه؟
وأسترسل بنبرة شديدة الحِدة:
-إنتِ ليه مطنشانى ومعتبرانى ولا كأنى موجود؟
إنزعجت من رؤيتها لصغيرها بتلك الحالة الغاضـ.ـبة،أردفت بنبرة هادئة في محاولة منها لإمتصـ.ـاص غضب نجلها الغالي:
-ممكن تهدي يا حبيبي وتوطي صوتك وإنتَ بتتكلم معايا
إنتبه على حاله وأستطردت هى بإفصاح:
-أنا وعدتك إني هتكلم من نانا ونختار يوم مناسب ونزور فيه بابا
واستكملت مُعللةً:
-لكن زي ما أنتَ شايف،اليوم في شهر رمضان بيكون مُزدحم جدا وبيمر بسرعة، ده غير الزيارات والعزومات،وحضور جدو حَسن وعيلته لبيتنا
كان يستمع إليها بجَـ.ـسد كل ذرة به تنتـ.ـفض،نظرت إليه مُستغربه حالتهُ تلك،هى لا تعلم أسباب كل هذا الغضـ.ـب الذي إعتـ.ـراه دفعةً واحدة،سارت بخطوات هادئة حتي وقفت قُبالته ثم وضعت راحة يـ.ـدها فوق وجنتهُ وتلمـ.ـستها بحنان وأردفت قائلة بنبرة عطوفة أرادت بها سـ.ـحب تلك المشاعر السلبية التى تملكت منهْ:
-وعد مني هكلم نانا في الموضوع النهاردة، ويومين بالظبط وإن شاء الله هنروح نزوره
نظر إليها الفتي وسألها بترقب:
-ماما،هو حضرتك لسه فاكرة بابا؟
تفوهت سريعاً بنبرة صادقة متأثرة:
-ما أنا قُلت لك إمبارح يا حبيبى،اللي زي بباك عمره ما يتنسي،كفاية إنى عِيشت معاه أهدى أيام حياتي،وعُمره ما زعلنى ولا أهاننى في يوم
وأستطردت بمداعـ.ـبة وهى تتلمـ.ـس شعر رأسهْ في محاولة منها للخروج من تلك الحالة:
-وبعدين أنساه إزاي وإنتَ وأخوك نسخة منه
إنفرجت أسارير الفتي وبدأت ملامحه تلين قليلاً ثم سألها من جديد:
-لسه بتحبيه زى الأول؟
تفاجأت من سؤال صغيرها وأستغربته،لكنها أجابته لإشبـ.ـاع حنينهُ لذكرى أبيه ومحاولاته المستديمة مؤخراً بفـ.ـرض سيرة والدهُ أمام الجميع وهذا ما لاقى إستحسانها هى أيضاً:
-أكيد بحبه وبحترم ذِكراه جداً،ده بباكم
أنا قصدي بتحبيه زي عمو..
لم يكمل حديثهُ لدخول ياسين حاملاً صغيرهُ ولحسن حظ مليكة لم يستمع لحديثها لإنشغاله بثرثرة الصغير،تلفظ قائلاً بإبتسامة:
-أخبار الوحُـ.ـوش بتوعي إيه
إبتلعت لُعابها وحمدت الله داخل سَرِيرَتها،رفع أنس ذراعه لأعلي في الهواء وهتف بقوة:
-الوحُـ.ـوش تمام يا بابي
تحرك إليه وملـ.ـس علي شعر رأسه وتحدث بحنان أبوى حَق:
-أخدت الشاور بتاعك يا بَطل؟
أومأ الصغير له بسعادة وأردفت مليكة بحِنو:
-حمدالله علي السلامة يا ياسين،رجعت من الشغل إمتي؟
أجابها بعيناى تائهة إشتاقت للنظر لكُل إنشٍ بملامح وجهها:
-الله يسلمك،لسه واصل من شوية،عديت الأول علي بيت الباشا غيرت هدومي وإطمنت علي حمزة وجيت أشوفكم
وأسترسل من جديد وهو ينظر إلي صغيره الذي يحملهُ:
-مزعلين عز باشا الصُغير منكم ليه؟
مَـ.ـط الصغير شِـ.ـفتهُ السُفلية للأمام في حركة تعبيرية تنم عن غضـ.ـبه وتحدث بنبرة طفولية:
-أنا مخاصمهم كلهم ومش بكلمهم يا بابي،علشان قاعدين هنا وسابوا عزو تحت لوحده.
خطت مليكة إلي وقفة ياسين وتكلمت بدلال وهي تتلاعـ.ـب بأصابـ.ـعها داخل شعر رأس الصغير وتتخللهُ:
-حبيب مامي القمر
وسألته بعيناي مُستعطفة وشِـ.ـفتان ممدُودة للأمام لإستدعاء حنانهُ تجاهها:
-معقولة عزو حبيب مامى زعلان منها؟
مال ياسين علي أذنـ.ـها وهمـ.ـس بملامح جادّة كي لا يلاحظ الصغار:
-خلي بالك علشان حضرتك كدة هتجنني أبو عزو ورمضان كريم يا حرمنا المصُون
إبتسمت بخفة وتحدث الصغير وهو يرتمي داخل أحضـ.ـانها بإشتياق:
-خلاص يا مامي، عزو صالحك
كَتك خيبة طالع أهبـ.ـل زي أبوك، بإشارة منها بتيجي علي بوزك وتريـ.ـل.. جُملة ساخرة نطق بها ياسين وهو يرمق صغيرهُ بنظرات إشمئزاز مصطنعة
نظرت له بعيناي مُتسعة وهي تنبههُ بإشارات تحذيـ.ـرية من عيناها لينتبه لوجود مروان وأنس
تحمحم عندما إنتبه،حَمل عنها الصغير ووضعهُ فوق التخت كى لا يُرهقها وتحركت هى وجلست بجانب صغيرها وقامت بإحتضـ.ـانه
إستدار من جديد ثم تقدم خطوة حتي وصل لوقوف أنس وقام بحمله بساعديه وثبتهُ داخل أحضـ.ـانه،وضع كف يـ.ـده علي شعره ليمسح بها عليه بحنان وقَبـ.ـلهُ بوجنتيه ثم نظر إلي مروان المُتسمر بوقفته يشاهد بصمتٍ تام واردف متسائلاً بإهتمام:
-مروان باشا،أخبارك إيه؟
الحمد لله…كلمات نطق بها الفتي بإقتضاب وملامح وجه عابـ.ـسة تدل علي شدة غضـ.ـبه وعدم راحته.
قطب ياسين جبينهُ وتسائل مستفسراً:
-مالك يا مروان،فيه حاجة مزعلاك؟
نطق أنس سريعاً ليخبره لما أستمعهُ مُنذُ القليل:
-مارو زعلان من مامي علشان عاوز يزور بابى رائف ومامى طَنشنِتُه
نظر ياسين لذاك الذي يقبع فوق ذراعهُ وتسائل بمشاكسة وهو يضيق عيناه بطريقة مُضحكة:
-طَنشنِتُه؟
ثم حول بصره إلي مليكة وتحدث ساخراً كي يُخرج مروان من حالته تلك:
-إنتِ إزاي يا هانم يا محترمة تطنشنتيه لمروان؟!
ضحكت مليكة وأنس وحتي الصغير الذي لا يفقه شئ مما يُقال عدا ذاك المنتصـ.ـب متجمداً بوقفته، فأحال له ياسين بصره ونطق بنبرة سَاكنة:
-إن شاء الله بكرة بعد العصر هاخدك إنتَ ونانا وأنس ونروح نزور بابا
هتف الفتي سريعاً معترضاً بحِنق:
-لا،أنا عاوز أروح أنا وماما ونانا وأنس وبس
إنتبه ياسين وتيقن حينها أن الفتى أصبح يغار علي أمه منه ويشتاق أيضاً لذكري والده،
إقترب عليه ومازال حاملاً أنس وتكلمَّ بتفهم وإدراك لحالة الفتي برغم غيرته الشديدة علي مليكة من زيارتها لقبر زو جها السابق:
-حاضر يا مروان، زي ما تحب
وأستطرد مُفسراً:
-بس عاوزك تفهم حاجة مُهمة،أبوك الله يرحمه كان إبني اللى ماخلفتهوش،أنا اللي مربيه مع أبويا بعد وفاة عَمى أحمد،وماحدش في الدُنيا حبه وخاف عليه قدى
وأكمل متأثـ.ـراً بنبرة تقطِرُ صِدقاً تحت تأثر مليكة وحُزنها:
-وماحدش إتوجَـ.ـع علي موته زي ما أنا وعمك طارق ما أتوجعنا،كفاية إن أول مّرة دموعى تنزل قدام حد كانت علي أبوك يا إبني
سحـ.ـبهُ من يـ.ـده وسَار به حتي وصل إلي التخت المقابل لمليكة وجلس على حافته،ثم جَـ.ـذب كف يـ.ـده بلِين لحِثِهِ علي الجلوس،وضع أنس بجواره وأمـ.ـسك كتـ.ـف الفتي وتحدث بنبرة لينة:
-أنا عارف إنك كبرت وعاذر طريقة تفكيرك اللي بدأت تختلف عن زمان، ومقدر مشاعرك كويس،بس عاوزك تفهم حاجة،أنا يا أبنى إتجـ.ـوزت ماما علشان أحافظ عليها وعليكم
وأسترسل بصدق:
-لما رائف الله يرحمه مات،الطمع في مالك إنتَ واخوك وامك زَاد،بدون ذِكر أسماء وخوض فى تفاصيل ماتهمناش،بس للأسف فيه ناس نفوسها ضعيفة وفكرت إزاي تستغل غياب أبوك وتسـ.ـتولي علي مالكم،
ومن ناحية تانية جِدك سالم كان عاوز ياخدك إنتَ وأنس وماما علشان تعيشوا عنده، وجدتك ثُريا وقتها ما اتحملتش وحصل لها أزمة قلبية ونقلناها علي المستشفي وربنا نجاها بإعجوبة
واستطرد بزيف إحتراماً لمشاعر الفتي:
-ماكانش فيه قدامنا حل وقتها غير إني أتجـ.ـوز مليكة وأحميكم وأحمي مالكم، وأظن إني قدرت أصون الأمانة،بدليل إن املاككم وفلوسكم إنتَ وأنس وماما ما اتلمستش من ساعة وفاة رائف الله يرحمه لحد الآن
وأكمل بنبرة صادقة:
-أنا يا أبني مِراعي ربنا فيكم علي قد ما ربنا مقدرني،وعمري ما فرقت ولا هفرق بينكم وبين أولادي من ليالي،وإن كُنت ملاحظ إهتمامي الزايد بـ عز فده طبيعي لأنه الآصغر فيكم،والصُغير دايما بيحتاج رعاية وإهتمام أكتر من كل اللي حواليه
وأكمل وهو يُشير إلى عز السَاكن بأحضـ.ـان مليكة الجالسة قُبالـ.تهم قائلاً بجدية:
-وبعدين إنتَ خلاص كبرت وبقيت راجل والمفروض تساعدني في تحمل مسؤلية إخواتك،إنتَ أخوهم الكبير ومن النهاردة إنتَ مسؤل معايا عنهم
واكمل مؤكداً:
-مفهوم يا مروان؟
لانت ملامح الفتي وشعر براحة إجتاحت روحهُ من حديث ذاك الدَاهي الذي وصل لأعماق روح الفتي وتوغـ.ـل بداخلها وزرع بها الطمأنينة والسلام النفسي،فابتسم لهُ وهز رأسهُ بإيماء وأردف بنبرة صوت حماسية بعدما شعر بأهميته:
-مفهوم يا عمو
إبتسم له وتحدث بإستجواد:
-علي فكرة،أنا مبسوط منك أوي إنك بدأت تقولي يا عمو بدل بابا،
قطب الفتي جبينه بعدم فهم فهو كان يتيقن أن ياسين سيستاء،واسترسل ياسين حديثه مُتسائلاً:
-عارف ليه؟
هز الصغير رأسه بنفي فأستطرد ياسين بإعجاب:
-علشان أثبت لي إن رائف المغربي خلف راجل مُعتز بإسمه وماينطقش كلمة أبويا ولا يقولها لحد حتي لو كان الحد ده هو أنا
كانت تستمع إليه بقلبٍ هادئ وروحٍ سالمة من حديثه المثلج لصَـ.ـدر صغيرها قبل صَـ.ـدرها،وقف وخطي إلي جلوس مليكة وبسط لها ذراعيه وتناول منها صغيرهُ وتحدث مُغيراً للموضوع وهو ينظر إلي مروان:
-هات أخوك ويلا علشان ننزل،جِدك عز وجدك حسن وعبدالرحمن قاعدين تحت في الجنينة وبيلعبوا شطرنج
وأكمل وهو يغمز بإحدى عيناه:
-هلاعبك دور شطرنج
رفع الفتي كتفاه للأعلي وأردف بخيبة أمل ويأس:
-بس أنا مش بعرف ألعب شطرنج،بقعد كتير قدام جدو عز وجدوا عبدالرحمن وهما بيلعبوا ومش بفهم منهم أي حاجة
يَلاَ عيب عليك تبقى مغربي وتقول مابفهمش في الشطرنج… كانت تلك كلمات مشجعة نطقها ياسين كي يحث الفتي علي الحماس والخروج من تلك الحالة
واسترسل بترغيب:
-هو إسبوع واحد وإن شاء الله هاخليك لاعب شطرنج محترف
تهللت أسارير الفتي وهتف متسائلاً بنبرة حماسية:
-بجد يا عمو؟ هتعلمني حقيقي؟
أجابهُ بتأكيد:
-أنا عُمري وعدتك بحاجة وخلفتها؟
هز الصغير رأسة بنفي عدة مرات ممتالية دلالة علي التأكيد، وأمـ.ـسك راحة يَـ.ـد شقيقه وترجل خلف ياسين الذي نظر إلي مليكة وطمأنها بعيناه وأنطلق بالأطفال بإتجاه الدرج
نَزل الدرج بصحبة الصغار،وجد ثُريا تتوسط الأريكة بجلوسها مُمسكة بكتاب الله (القرأن الكريم) وتتلو أياته،إجتازها مُتجهً بالصغار إلى الخارج دون حديث كي لا يقطع إندماجها،أما مليكة فنزلت الدرج واتجهت إلى المطبخ لتتابع تجهيز الطعام مع نساء العائلة
وصل للحديقة وجد عز يجلس بصحبة حسن ويلعبان الشطرنج معاً يجاورهم عبدالرحمن المُمسك أيضاً بكتاب الله ويقرأ به،
أنزل الصغير الذي أسرع بصحبة أنس إلي غرفة ألعاب بحر الكور الخاصة بهما والتي أنشأها لهما ياسين خصيصاً
وأشار إلي مروان وأردف قائلاً بوجهٍ بشوش:
-روح إنده حمزة علشان أعلمكم مع بعض
أومأ له الفتي وأردف بنبرة حماسيّة:
-حالاً يا عمو
هرول مروان إلي الخارج وسار ياسين بخطوات واسعة حتي وصل إلي جلوسهم،نظر عليهما وتساءل بإستفسار مشاكس:
-يا تري مين في البشوات اللي مَـ.ـوِت المَلِك للتاني
هز عز رأسهُ بسعادة وهتف بنبرة حماسية:
-أنا ماحدش يقدر يقرب من المَلك بتاعي وإنتَ أكتر واحد عارف كدة
واسترسل بمشاكسة:
-ده أنا عز المغربي يا إسكندرانية
أردف حسن مُقللاً من قدراته:
-علي فكره بقى يا عز،إنتَ فوزت بضربة حظ مش أكتر.
قهقه عز عالياً وهتف متسائلاً بطريقة ساخرة:
-وبالنسبة للخمسة ألاف مرة اللي قبل كده، كانوا ضربة حظ بردوا؟
وأسترسل بتوجيه ساخر مُداعباً به إبن عمهْ:
-خليك جرئ وأعترف بهزيمتك يا هندسة،ده الإعتراف بالحق فضيلة
تحدث ياسين مادحاً أباه بإشادة:
-بصراحة يا عمي والحق يُقال، الباشا مافيش حد لعِب معاه وقدر يتخطاه لحد النهاردة
واسترسل بنبرة دُعابية:
-يا مؤمن ده جاب لي إحباط وخلاني إعتزلت اللعبة
قهقه حسن وعز وحتي عبدالرحمن الذي إنتهي من تلاوتهُ لكتاب الله وأنضم إليهم، فأكمل عز وهو يُشير إلي عبدالرحمن:
-وعمك عبدالرحمن إستسلم خلاص، بقا بيلعب معايا وداخل وهو واثق من خسارته،بيلعب حلاوة روح زى ما بيقولوا
أردف عبدالرحمن مادحاً شقيقه بطريقة ساخرة:
-طول عمر حظك حظ عوالم يا عز يا أخويا
قهقه الجميع بشدة وهتف عز ساخراً:
-الحظ ده بتاع النِسـ.ـوان والولاَيا يا عُبد،في الشطرنج بالذات البقاء للأذكي
واستطرد ببيت من الشعر:
-وعلي رأي أمير الشعراء، وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي. وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
وأسترسل وهو يُشير علي مقدمة رأسهُ:
-إفهموها بقا علشان ترتاحوا
إنتبه للتي تُسير في طريقها إليهم وشَـ.ـعر بفرحة عارمة إجتـ.ـاحت قلبه بدون مقدمات،وبدون وعي إبتسم تلقائياً، لكنه تلاشي النظر سريعاً وأستغفر ربه بسَريرته خشيةً إفساد صيامه
إقتربت منهم ثُريا وتحدثت بإبتسامة لوجهٍ بشوش:
-خير اللهم أجعله خير،ضحككم جايب لاخر البيت من جوة
أجابها حسن بدُعابة وهو يُشير إلى عِز:
-إبن عمك يا ستي،عامل زيطة وهوليله علشان كسبني دور شطرنج
إبتسمت وهى تنظر إلى عز،ثم أردفت بنبرة جادة:
-طب سيبكم بقى من الشطرنج وقولوا لي رأيكم في فطار النهاردة، واللي نفسه في حاجة تانية يقول علشان ازودها
وأردفت بسرد الأصناف التي أشرفت بنفسها علي تجهيزها وتتبيلها
إنسحب ياسين بعدما حضر حمزة ومروان وابتعد عن مجلس العائلة كي يستطيع التركيز هو والصَبيان،وبدأ بشرح قواعد اللُعبة مع تركيز كِلاهما الشديد
عودة للحوار
تحدث عز بدُعابة:
-أهم حاجة إنك مانستيش الحمام علشان نغذي الباشمهندس كويس
ردَ عليه حسن بمشاكسة:
-علشان الباشمهندس بردوا ولا علشان سيادة اللواء،
إنتَ هتجيبها فيا وتعمل نفسك مجاملني،ما كلنا عارفين إنك بتعشق الحمام من صُغرك
تبسم عبدالرحمن ووجه حديثهُ إلي ثُريا بتذكير:
-فاكرة يا ثُريا لما كان في الثانوية العامة،لما كان يحب ياكل حمام من إيـ.ـد جِدتك،ولأنه كان ذكي من يومه وكان عارف إن جِدى وجِدتى الله يرحمهم بيحبوا يكرموا الضيوف،كان يقول لهم إنه عازم واحد صاحبه يتيم الأم وهيجيبه معاه علي الغدا
واستطرد مُتبسماً وهو يُشير بيـ.ـده إلي عز:
-ولما الباشا يوصل من المدرسة هو وصاحبه،يلاقي الطبلية مرصوص عليها كُل ما لَذ وطاب وخصوصاً الحمام المحشي فريك وبِرام الرُز المعمر بالحمام اللي مستوي في الفُرن البلدي.
واستطرد وهو ينظر إلى شقيقه ويُطرِي عليه بثناء:
-ويبقى الباشا ضـ.ـرب تلات عصافير بحَجر واحد،أخد ثواب إطعام يتيم وكِبر فى عين جِدى وأبويا وعمى،وفى نفس الوقت أكل الحمام اللى كان نِفسه فيه
قهقة الجميع بشدة حتى ادمعت عيناهم،وتحدثت ثُريا من بين ضحكاتها وهي تنظر إليه:
-من يومك وإنت مُراوِغ يا عز
من يومى وأنا مسكين وبتفهم غلط يا ثُريا…جُملة قالها عز بمراوغة ليُدافع بها عن حَاله
نظر لهُ الجميع بعدم تصديق وأكملوا ضحكاتهم،أردف حسن أيضاً بمداعـ.ـبة:
-الباشا كان عنده حِس مُخابراتي عالى من صُغره
واسترسل مفسراً:
-بس انا بصراحة ماحضرتش سيادة اللوا غير وهو ظابط عاقل رزين ومحترم،وقت الكلام اللي بتقولوه ده أنا كُنت يادوب عندي كام سنة
عقبت ثُريا علي حديث شقيقها مادحة في ذاك العز:
-الحقيقة عز طول عمره وهو عاقل ورزين ومحترم،هو بس كان بيحب يناغش جدتى وماما وعمتي منيرة الله يرحمهم
ضحك الجميع بشدة حتي أدمعت عيناهم وتحدث هو قائلاً بحنين لماضيه:
-فكرتونا بأحلي أيام عِشناها،كانت أيام كُلها خير وبركة،الله يرحم الجميع اللي فارقونا ووحشونا،ويبارك في لمتنا
أمن الجميع علي دعائة واكملوا أحاديثهم الجميلة
❈-❈-❈
داخل مكتب طارق، كان يجلس فوق مقعده خلف مكتبهُ الخشبي ذو المظهر الفاخر،مُمـ.ـسكاً ببعض الملفات ويقوم بمراجعتها بدقة وتركيز،دخلت السكرتيرة وتحدثت بإحترام:
-طارق بيه،أستاذة لمار الخُضيري واستاذ وليد المغربي وصلوا يا أفندم وطالبين يدخلوا لحضرتك.
رفع وجههُ لها وتنهد بقوة إستعداداً للمقابلة وتحدث بنبرة خافتة:
-دخليهم يا يُمنى.
أومأت لهُ بطاعة وخرجت وبعد ثواني خطت إليه لمار بالمقدمة تلاَها ذاك التابع وليد،وقف طارق إحتراماً لهما وأشار بيـ.ـده وهو يُشير إلي المقاعد المصطفة أمام مكتبهُ:
-أهلاً وسهلاً،إتفضلوا إقعدوا
أخرجت لمار إبتسامة خفيفة من جانب فَمِـ.ـها وتحدثت:
-شكراً يا طارق
ثم جلس وليد وتحدث بلطافة:
-أخبارك إيه يا طروق؟
أجابه بإقتضاب:
-أنا تمام يا وليد
تحمحم وليد عِندما رأى ملامح طارق،وتحدثت تلك اللمار بطريقة عملية:
-أنا عارفة إن عندك شغل مهُم ووقتك محسوب بالدقيقة، فعلشان ما أضيعش وقتك أنا هادخل في الموضوع علي طول
واستطردت بترغيب ذكى:
-بص يا طارق،من الآخر كدة أنا جاية لك بعرض هايل وما يترفضش،فرصة هتنقل شركتك في حتة تانية في ظرف سنة بالكتير.
وبدأت تروي علي مسامعهُ كل ما لديها وهي تُزين لهُ العرض كي يطمع في الربح السريع
كان يجلس سانداً ظهـ.ـرهُ خلف المقعد ويُحركهُ يساراً ويميناً بإستخفاف،واضعاً كف يـ.ـده على ذقنه ويحـ.ـكها وهو يستمع لها بتمعن شديد وإنصات تام،تحدثت هي متسائلة بعدما إنتهت من سرد التفاصيل:
-إيه رأيك يا طارق؟
أجابها ببرود أشعـ.ـلها:
-في إيه؟
أخذت نفساً عميقاً كي تستدعي هدوئها حتى تستطيع تحمُل ذاك البارد الذى يتفنن دائماً بإثـ.ـارة غضـ.ـبها بأفعاله الباردة،تعلم جيداً من داخلها أن محاولة إقناعهُ صعبة إذ لم تكُن مستحيلة، لكنها مُجبـ.ـرة علي إتمام تلك الشراكة وهذا ما جعلها تُقدم علي خطوة إقناعه الصعبة تلك،وتحدثت بهدوء:
-في العرض اللي أنا قولته.
حول طارق بصرهُ علي ذاك الجالس يترقب بقلب وعقلٍ مُشتتان ومرتبكان، ثم قام بتوجيه سؤالاً له مُتجاهلاً حديث تلك الحية الرقطاء:
-وإنتَ بقي إيه دورك في القصة دي يا وليد باشا؟
إبتلع وليد لعابه بتوتر،خشيةً سخط طارق عليه وسحـ.ـب الإمتيازات التي أعطاها مؤخراً لمكتب المحاسبات التابع له في الأمور الحسابية الخاصة بالشركة فأجابت لمار نيابةً عنه بعدما وجدته مُتلبكً:
-أنا اللي طلبت من وليد ييجي معايا،لأن لما يحصل بينا إتفاق أكيد مكتبه هو اللي هيمـ.ـسك حسابات عمليـ.ـات الإستيراد اللي هاتتم
هز طارق رأسهُ بتفهم فاستطردت هي متسائلة من جديد:
-ما ردتش عليا يا طارق؟!
أخرج طارق تنهيدة طويلة ثم تحدث قائلاً:
-بصي يا لمار،الشركة دي بنيناها أنا ورائف الله يرحمه علي أكتافنا،وماعنديش أى إستعداد إني أغامر بخسـ.ـارة سهم واحد منها مهما كانت المُغـ.ـريات،
واسترسل مشككاً:
-ثم إن المكاسب اللي بتتكلمي عنها دي مهولة وبصراحة كدة تدعوا للقلق والشَك
أردفت قائلة بنبرة حماسية في محاولة منها لإقناعه:
-إفهمني يا طارق،الشركة اللي أنا جيباها لك دي من أكبر شركات التصدير والإستيراد الموجودة في أسواق أوروبا كُلها،فمن الطبيعي تكون ارباحهم بالحجم ده،زائد إن أنا ضمناهم جداً وواثقة فيهم لأبعد حَد،وياسيدى أنا اللى مسؤلة قدامك لو حصل أي حاجة
ثم حولت بصرها إلي ذاك الجالس يتابع بصمت متخذاً دور المستمع وتحدثت لتحثهُ علي مساعدتها:
-ما تتكلم يا وليد
إعتدل بجلسته وكاد أن يتحدث قاطعه طارق قائلاً برفضٍ قاطع:
-مفيش داعي لكلام وليد لأنه مش هيفرق ولا هيغير في قراري
لم تستسلم بسهولة وباتت تقنعه بشتى الطُرقْ وما وجدت منه إلا الرفض القاطع،فوقفت بإستسلام وتحدثت بملامح وجه مُبهمة:
-أنا همشي، بس عندي أمل إنك تقعد مع نفسك وتحسبها ك business man مُحترف وتفكر في حجم المكاسب اللي هتحققها شركتك من ورا العرض ده
وقف إحترامً لوقفتها وهز رأسهُ برفض وتحدث:
-صدقيني لو هتستني ردى هتبقي بتضيعي وقتك علي الفاضي
تحدث وليد إليها:
-إسبقيني إنتِ علي برة يا لمار علشان عاوز طارق في موضوع شخصي
رمقته بنظرة حَادة وتحركت سريعاً إلي الخارج ومنه إلي الجراچ لإنتظار ذاك الجبان
تحدث وليد كي ينأي بحاله من غضـ.ـب ذاك الطارق عليه أو إبلاغه عز وياسين بما جري:
-طارق،أنا ماليش دعوة بأي حاجة عن الموضوع ده،هى طلبت منى أجى معاها وجيت وانا عارف إنى غِلطت لما سمعت كلامها
واسترسل بنظرة إستعطافية:
-ياريت لو هتبلغ عمى وياسين باللى حصل ما تقولش إني جيت معاها ولا تجيب سيرتى،علشان خاطرى يا طارق
رمقهُ بنظرة إشمئزاز وتحدث بنبرة حادة وهو يُشير له نحو الباب:
-إمشي يا وليد علشان تلحق الهانم اللي سحـ.ـباك وراها وجيباك لحد هِنا
أنزل بصره أرضاً من شدة خجله وتحرك إلي الخارج ومنه إلي الجراچ،وجد تلك المُستشـ.ـاطة بإنتظاره،هتفت بنبرة مُوَبِّـ.ـخَة إياه فور رؤيتها له:
-ما كنتش أعرف إنك ضعيف بالشكل ده،ولو كنت أعرف كُنت وفرت مجهودى ووقتى اللى ضيعته معاك وأنا بحاول أقنعك تكون معايا
هتف بنبرة حادّة:
-وفري ندبك وكلامك ده لنفسك،أنا اصلاً غلطان إني سمعت كلامك من الأول، مانبنيش من المشوار ده كله غير إني خسرت ثقة طارق اللي ما صدقت إني أبنيها في سنين
واسترسل بملامح وجه غاضـ.ـبة وهو يُشير بسـ.ـبابته أمام وجهها:
-إسمعي يا بنت الناس،من النهاردة أنا في طريق وإنتِ في طريق تانى،خرجيني من حساباتك وخِطتِك الفاشلة دى،أنا مش حِمل غَضـ.ـب وغدر ياسين وطارق
وأكمل بنصح وتوعية:
-ونصيحة مني إبعدي عنهم لأنك ماتعرفيش قلبتهم ولا دُوقتي مرارة غـ.ـدرهم باللي يقرب منهم ومن اللي يخصهم،
واسترسل محذراً:
-ولو باقية علي نفسك ووجودك مع جـ.ـوزك وخايفة علي حياتك تبعدي خالص عن مليكة، لأن الدنيا كلها عند ياسين كوم،ودي لوحدها فى كوم تاني،اللي بس هيفكر يقرب منها هيشوف الوش الثاني لياسين المغربي، وما أدراكِ ما جبروت ياسين
وأكمل محذراً بسبابته:
-ياسين المغربي قرصته بتطلع بالد م ومكانها بيفضل معلِم
قال كلماته وارتدي نظارته الشمسية ثم استقل سيارته وقادها بسرعة تاركاً المكان بأكمله وتلك التي تقف وقلبها يغلىّ كفوران الحِـ.ـمم البُركـ.ـانية،ويملؤها الحِقد على الجميع
❈-❈-❈
قبل إنطلاق مدفع الإفطار بحوالي ساعة،داخل مطبخ ثريا
تقفن جميع النساء علي قدمٍ وساق لينتهوا من تجهيز طعام الإفطار قبل إنطلاق المـ.ـدفع،تقف مليكة أمام الموقد تتابع تحريك الحَساء الذي يحبذونهُ صغارها بالملعقة الخشبية
في حين تجلس ثُريا ومنال وإبتسام وراقية حول الطاولة المستديرة المتواجدة بمنتصف المطبخ تتحدثن وهُن يصنعن السلطات المتنوعة
فتحت يُسرا موقد الخبيز وأخرجت منهُ إحدي الصَوَانِي وألتفت بها بإتجاه والدتها وسألتها:
-وش المكرونة حلو كدة يا ماما ولا أسيبه شوية كمان؟
دققت ثُريا النظر به وأردفت قائلة:
-دخليها تاخد دققتين كمان يا يُسرا وشوفي الرُقاق في الفرن التاني للوش بتاعه يتلسع
نظرت راقية إلي الصَوَانِي المُتراصة فوق رخامة المطبخ وتساءلت وهي تنظر إلي الطعام بتشهي:
-البط ده أسواني يا ثُريا؟
أجابتها وهي تقرأ المعوذتين في سَريرتها:
-أه يا راقية،إبتسام جبتهُ لنا معاها من الحبيبة أسوان
حولت بصرها إلي إبتسام وتحدثت بملامح وجه كالحة وأتكأت علي نُطقها لحروف الكلمات:
-تعيشي وتهادي حبايبك يا بسمة
تحمحمت إبتسام وتحدثت شاكرة:
-تسلمي يا أبلة راقية
واسترسلت بنبرة خجلة حين علمت مغزى حديث راقية:
-معلش أنا ماعملتش حسابك في البَط إنتِ وأبلة منال المرة دي،لأني عارفة إنكم متجمعين كلكم في شهر رمضان عند أبلة ثُريا،فجبته كله هنا
واسترسلت بوعد:
-بس إن شآء الله الزيارة الجاية هجيب لكم معايا أحلا بط أسواني
اومأ لها الجميع بموافقة وشكروها علي ذوقها العالي،ثم أردفت منال متسائلة بوجهٍ بشوش:
-مش هتخطبي لرؤوف ولا إيه يا بسمة؟
الولد ماشاء الله بقى مهندس قد الدنيا وبيشتغل خلاص
حولت إبتسام بصرها إليها وأردفت بإبتسامة سعيدة دون الخوض فى تفاصيل إحتراماً لإنتظارها لرأى أهل سَارة:
-إن شاء الله قريب قوى يا أبلة منال هنسمع اخبار حلوة ونفرح كُلنا
كانت تقف تلك الرقيقة بجانب مليكة، شعرت بالد ماء تضـ.ـخ بشدة في جميع جَـ.ـسدِها جراء سعادتها المُفرطة،نظرت يسرا إليها وابتسمت لها مما أخجل تلك السَارة وجعلها تنظر أرضاً
هتفت هالة زو جة وليد بنبرة حماسيّة:
-إن شاء الله لما تيجى تجـ.ـوزي رؤوف يا طنط هجيب أولادى واجى أقعد عندك إسبوع بحالة علشان أساعدك فى تجهيزات الفرح
إبتسمت تلك الجميلة وتحدثت بنبرة ودودة نابعة من أصلها الطيب كَكُل أهل أسوان ذوات القلوب النقية:
-تيجى وتنورى أسوان كُلها يا هالة وإن ما شالتكيش الأرض أشيلك على راسى يا حبيبتى
تسلمى يا طنط ويسلم ذوقك… جُملة شاكرة أخرجتها تلك الهالة
بعد قليل صعدت مليكة إلى جناحها كى تُبدل ثيابها قبل إنطلاق مدفع الإفطار،شعرت ببعض الأرق فتسطـ.ـحت على ظهـ.ـرها فوق التخت لتستريح قليلاً،وجدت من يطرق فوق بابها ودلف بعدها،إنهُ ذاك العاشق الذى شعر بقلب حبيبته فصعد ليطمئن عليها
إقترب منها وجلس على طرف الفراش وسألها بنبرة قلقة:
-مالك يا حبيبي،إوعى تكونى تعبانة؟
هزت رأسها بنفى مع ظهور إبتسامة خفيفة فوق ثَغرها واجابته بطمأنة:
-مافيش حاجة يا حبيبي،أنا كويسة،أنا بس حسيت ضـ.ـهرى واجعنى شوية فقُلت أفرده
وضع كف يـ.ـده فوق وجنتها وتحدث بمداعـ.ـبة:
-دى بركات الأستاذة مِسك اللى هَلت علينا
إبتسمت بخفة فتحدث وهو يجـ.ـذب يَـ.ـدها برقة ليحثها على النهوض:
-طب يلا يا قلبي ننزل علشان المغرب خلاص على وَشَك
جـ.ـذبت كفه برقة وتحدثت:
-ياسين،عاوزة أقول لك على حاجة ضرورى ومش هتاخد أكتر من خمس دقايق
ضيق عيناه بإستغراب حين وجد حيرتها بعيناها فهز لها رأسهُ لتتحدث فقصت عليه ما حدث معها من لمار ووليد ووالدته
سحـ.ـبها ليُجـ.ـلسها ثم نظر لداخل عيناها وتحدث بطمأنة بنبرة شديدة الهدوء إستغربتها مليكة:
-كويس إنك رفضتى
واسترسل بإبتسامة هادئة:
-حبيبى،أنا عاوزك كدة على طول،أى حاجة تحصل معاكى حتى لو إنتِ شيفاها مش مهمة تيجي تقوليها لى
ضيقت عيناها وسألته متعجبة:
-بس كدة،هو ده ردك على اللى أنا قُلته؟!
أنا كُنت فكراك هتزعـ.ـق وتتنرفز أو على الأقل تزعل منى إن قُلت لطارق قبل ما أبلغك؟!
إبتسم لها وتحدث وهو يتحـ.ـسس وجنتها بحنان:
-أنا عارف ومقدر إن ماكانش فيه وقت كافى علشان تحكى لى على اللى حصل قبل ما تبلغى طارق
كانت تستمع أليه والحيرة والإستغراب هما سيد موقفها، فتحدثت من جديد بتنبية:
-طب ممكن علشان خاطرى ما تتكلمش مع لمار فى الموضوع ده
أجابها بهدوء تام:
-أكلمها أقول لها إيه بس يا حبيبي،هى البنت عملت إيه علشان أحاسبها عليه؟
واستطرد شارحاً:
-لمار دى مجرد واحدة بتسعى وعاوزة تطور من نفسها وتخلق فرصة تنجح بيها،هى عاوزة تثبت وجودها قدام كُل العيلة وده حق مشروع ليها وماحدش يقدر ينكره عليها
واكمل ببرود:
-هى دورت بذكاء وجابت لكم عرض كويس من وجهة نظرها وإنتوا رفضتوه،أنا مش شايف إن الحكاية كلها تستدعى أى كلام من الأساس
قال كلماته ووقف سريعاً وأوقفها معه وتحدث وهما يتحركان بإتجاه الباب كى يُغلق معها الحديث:
-يلا ننزل علشان المـ.ـدفع ضَـ.ـرب من بدري وفاضل تلات دقايق بالظبط على الآذان
بالفعل نزلا وتحركا إلى الحديقة وجدا الجميع يلتف حول تلك الطاولة المليئة بالكثير من الاطعمة اللذيذة والمتنوعة لتتناسب مع جميع الأذواق المختلفة،إنطلق الآذان وبعد قليل كان الجميع جالسون كُلٍ بمقعده
تحدث ياسين بنبرة هادئة موجهً الحديث إلي الجميع وهو يتناقل النظر بينهم:
-إعملوا حسابكم إن أنا عازمكم كلكم علي السحُور النهاردة حتى الأطفال
واستطرد:
-هوديكم خِيمة رمضانية هترجعكم عشرين سنة لورا وتشـ.ـموا فيها ريحة رمضان بتاع زمان
تبسمت إبتسام وأردفت بطيبة وحديثٍ صادق خارج من القلب:
-مافيش داعي تكلف نفسك يا سيادة العميد،صدقني الفرحة والبركة كلها في لمتنا، لقمة نعملها بسماحة نية وناكلها مع بعض تكفي وتفيض،وضحكة صافية تطلع من قلوبنا تسعدنا، وحكاوينا وكلامنا اللي بيطلع من القلب يدخل علي أرواحنا يدفيها
نظر لها عز وتحدث بإعجاب:
-ماشاء الله عليكِ يا بنت أسوان،كلامك بيمـ.ـس القلوب ومترتب وكأنه أبيات شعر متناسقة
أمسـ.ـك حسن كف يـ.ـدها ورفعها إلي مستوي فَـ.ـمه وبجراءة قام بوضع قُبـ.ـلة بباطنه وتحدث بإعتزاز:
-هي بنت النيل سحرتني وخطـ.ـفت قلبي من قُليل يا سيادة اللوا
هتف طارق مهللاً بمزاح:
-الله عليك يا هندسة،يا باشا بالراحة علينا مش كدة إحنا مش قدك،سعادتك كدة ممكن تقـ.ـلب علينا الهوانم.
قهقه الجميع علي دُعابة طارق عدا تلك “اللمار” وتلك “الراقية” وكعادتها وضعت كف يـ.ـدها فوق ذقنها وباتت تتناقل بنظرها علي وجوه الجميع بنظرات تهكمية وهي تلوي فاهـ.ـها بإمتعاض
أردف ياسين بتفاخر:
-إتكلم علي نفسك يا حبيبي،إحنا قدها وقدود
ثم حول بصره إلي مليكة وسألها بغـ.ـمزة جريـ.ـئة من عيناه:
-ولا إيه يا مدام؟
إبتسمت وانزلت عيناها تنظر بصحنها خجلاً فقهقه الجميع
أشار عز الجالس علي رأس الطاولة إلي صَحن الحمام ونقل نظره إلي ياسين الذي يجاورهُ الجلوس وأردف متحدثاً:
-ناولني الحمامية المبقلظة دي يا ياسين
إبتسم ياسين وبسط ذراعهُ والتقـ.ـط الحمامة وقام بوضعها داخل صَحن أبيه وهمـ.ـس مُداعباً إياه:
-بالراحة علي نفسك يا باشا دي تالت حمامة تاكلها،صحتك ما بقتش تتحمل الحمام ده كلهُ
أجابهُ بفُكاهة:
-إتلم يا أبن منال وإعرف إنتَ بتتكلم مع مين،ده أنا صحتي تتحمل قد اللي تتحمله سعادتك عشر مرات
واسترسل وهو ينظر إلي مليكة:
-بس هو الحظ
ثم حول بصرهُ إلي منال الملتهية بتناول الطِعام وبالحديث مع إبتسام وثُريا وهمـ.ـس بوجهٍ مُكفهر:
-ما هي الدنيا كدة، ناس ليها رقص وناس ليها فُرجة، وأنا الشهادة لله لا طولت مع أمك رقص ولا حتي الفُرجة
كظم ياسين ضحكاتهُ ومد يـ.ـده من جديد وامسـ.ـك به إحدي الحمامات وتحدث وهو يضعها بداخل صَحن أبيه:
-كُل حمام يا باشا،كُل علشان تنسى
نظرا كلاهما للأخر ثم انفجـ.ـرا ضاحكين تحت نظرات الجميع وإستغرابهم من قهقهات ذاك الثُنائي التي لم تنقطع طالما يجلسان سوياً

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب حائرة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى