رواية قلب حرة الفصل الأول 1 بقلم سلمى سمير
رواية قلب حرة الجزء الأول
رواية قلب حرة البارت الأول
رواية قلب حرة الحلقة الأولى
في بلدة بأقصي الصعيد
بداخل بيت العمدة جبران الويشي المسجي علي فراش الموت وبجواره ابنه الكبير ممسكًا يده بحزن:
يا بوي الحكيم جال بلاش حديت كتير، بالله عليك اسمع الحديت ومتوجعش قلبي عليك
يسعل الحج جبران بشدة ويتشبث بثياب ولده قائلًا:
بدير رايد بدير لو بتحب بوك ريح جلبي وشيع لخوك نفسي اطلع فيه قبل ما اموت، واحمله امانتي
ربط بدر علي يد أبيه بحنان وحزن يمزق قلبه أشلاء:
والله يا بوي شيعت ليه بس ظروفه. صعيبه ومش هيقدر يعاود دلوك، وانا موجود كي بدير اهوه ولا قليل في عينك انا
ابتسم الاب بصعوبة وربت علي وجهه بدر بحب وحنان وقال:
لاه انت مالي عيني وقلبي يا واد عمري كله، بس كنت رايد اجوله أن المال اللي كتبته باسمك واسمه اخوك، البنات وخوكم الصغير ليه فيه، بس بالأصول ومش قبل الأوان مريدش يحصل كي اللي حصل سابق
وكمان الوصيه يتجوز وانت كمان ، رايد سلسال العيلة يكبر باولادكم وولاد خوكم طايع لما يكبر،
تنهد بدر بالم حزنًا علي حال ابيه الذي يودع الدنيا دون وداع ابنه الغائب منذ سنوات،
شعر أبيه بحزن فأكمل حديثه بصعوبة بالغة:
كنت نفسي يعاود الصعيد ويكون جاري وانا بفارق الدنيا لكنه هملنا من سنين ونسي أهله وناسه وكمان بوه اللي اتوحشه وهيموت مقهورة من وحشته ليه
صمت فجأة واخذ يسعل بشدة اكبر الي ان بدأ ينزف بغزارة جعلته لا يستطيع التنفس أو اكمال حديثه، نهض بدر من جواره وظل يصرخ علي اخواته لكي يأتي أحدهم بالطبيب،
لكن عندما نظر الي ابيه وراه يستنجد به لانقاذه خرج مسرعا كي يأتي هو به،
ما ان وصل الي اخر الدوار الا وسمع صراخ أحد اخواته ونحيبها بعويل يحطم الفؤاد:
بوي بوي متهملناش يا بوي، يا حزن الحزن عليكي
يا شوق يا مرك من بعد بوكي يا شوق يا ضهري اللي انكسر وسندى اللي راح بعدك يا بوي
لتلحق ببها اخواتها ويرددن وراءها الصراخ والعويل، عاد بدر علي أثره صراخهم اعلان بوفاة ابيه ،فاصاح فيهم بغضب:
اكتم يا بت منك ليها، بوكم مات لكن سندك وضهركم ما مات انا وبدير وطايع لستنا علي راسكم
ادعوله بالرحمه وعليكم بالدعاء ليه وقراءة القرآن، وحذاري اسمع واحدة منيكم تصوت او تلطم وتشج خلجاتها، هشجها انا نصين فاهمين حديتي ولا لاه، بيكفي وجعتي علي فراقه
اذعن الثلاث بنات لاخيهم خوفًا وطاعه فبدر أصبح الكبير رغم صغر سنه بعد موت أبيهم، وأمره نافذ عليهم غير العمودية التي ستصير له ليكون كبير البلد وليس كبيرهم فقط
******************
بعد انتهاء ايام العزاء بدأت اجراءت نقل العمودية الي بدر الويشي الشاب الثلاثيني الذي أصبح اصغر عمدة بالبلد لكن مقامه كبير عند الكل بهيبته وتعليمه العالي الذي جعله من صفوة رجال العيلة
وبعد مرور نصف العام علي رحيل الحج جبران بدأ أعمامه وزوجاتهم يحثونه علي الزواج لكي ينفذ وصية ابيه الذي طلب منه أن يمد سلساله باولاده هو وأخواته بدير وطايع الشاب المستهتر، لكنه كان يرفض لعدم إقناعه بالزواج علي هذه الطريق، دون أن يختار هو بنفسه من تشاركه حياته،
في صباح احد الايام كان يجلس مع أخته الصغيرة بدور أقربهم الي قلبهمحبة واسمًا، حينها دلفت عليه شوق مع زوجها وكذلك غادة وزوجها وسالته شوق بقلق:
صحيح يا بدر انت هتجوز زينب بت عمك فراج
طالعها بدر بعيون غائمة حد اللعنه وقال بهدوء حذر:
مالها زينب يا بت بوى ملداش عليكي هي كمان
ابتلعت شوق ريقها بصعوبة بسبب نظراته الحادة لها والتي تحمل بين طياتها الريبة وعدم الرضا:
زينب زينه وست البنته يا خوي، لكنتها صغار عليك دي بت خمستاشر سنه وانت ماشاء الله كلتها شهرين وتم الثلاثين يعني نص عمرك، كيف تناسبك وانت العمدة
ابتسم ساخر ورد عليها بثقه:
من مئتي السن بيكون مشكلة في جوازنا من بناتنا، يا شوق
لكن اطمني مش هتجوزها، لاني رايد اختار مرتي بكيفي لجل تكون اخت ليكم وتليق بمرت الكبير، اللي تقدر تكبر سلسالي ويورثو مالي ومال بوي
نهض فجأة ونظر الي ازواج اخواته وأبناء عمومته وقال :
هما يا رحمي انت وصالح نقعدو في الدوار ونهمل الحريم لحديثهم الفارغ والماسخ
خرج بدر ولحقه ازواج اخواته فنظرت إليهم بدور بغيظ وسخط:
داخلك ايه انت يا شوق في جواز الكبير مش خابره
مالك أكده زمجانه كانك مريداش يتجوز من اصله
وضعت غادة يدها علي فم اختها الصغيرة لاسكاتها وقالت:
اخرصي انت خالص واسمعي، ريداه يتجوز ويخلف ومرته تجي تاخد كل المال واحنا ما ناخد غير الوهبه منيها
لو رايد بتجوز هو حر لكن يرد لينا ورثنا اللي بوي كتبه ليه هو وخوي بدير، اللي بعت توكيل ليه ينقل كل الملكية باسمه ويتصرف فيها لكن بدر طماع خد كل حاجه وناسي أننا خواته ولينا حق في مال ابونا زينا زيه ده غير طايع الغلبان اللي واكل حقه كله،
نزعت بدور يد اختها عن فمها وصاحت فيهم بغضب:
اتقي الله في نفسك يا غادة انت وشوق، بدر مفيش حد حقانه زيه،انتو اللي طمع ملئ قلوبكم وعني عيونكم عن الحق
كل واحده منيكم اتصيغت بحقها في الأرض وزيادة رغم أكده بيعطيكم حقكم في ريعها كامل مكمل،
وكمان دهبات اماي وزعها بينا بعدل ربنا وحفظ حق طايع فيها ونسي نفسه هو وبدير
والمال كل واحده منا استلمت صيبها وزيادة وكل ده وتجولي ليكي في مال بوكي
فين مال بوكي يا بت العمدة، وانت خابرة زين البنت ما ليه حق في الأرض وبتاخده مال
ولا عينك علي مال بدير اللي أتنازل عنيه لبدر، بس اوعاكي تنسي أن بدير اتنازل لبدر مش لينا لجل نطمع فيه أو نفكر بحقنا منيه ، بدر بس هو الأحق بمال بدير
دفعتها شوق بحده في صدره فاوجعتها وصاحت فيها بغيظ:
افضلي دافعي عنيه أكده لحد ما تجي اللي تاخد كل حاجه وقتها هيزعطك برات الدار، وهتبقي ذليله للكل
وقعت بدور ارضًا اثر دفع اختها لها فبكت بحرقه حزنًا والمًا من مما فعلت شوق، وردت عليه بحدة وقناعه:
تاخد اللي تاخده مال جوزها وحقها تتمتع بيه، كي ما انت بتتمتعي بمال جوزك صالح واد عمي، لكني عمري ما هكون ذليله وخوي العمدة بدر اللي بيعلي مقامي بانتسابي ليه
مخبراش بدل ما تفرحي ليه، مش كفاية همل دراسته وعاود يعيش معانا في البلد ويحمل همنا،. وحمل بوي الثقيل وهمل بدير لحاله في الغربة لجل خاطرنا كلتنا واولهم بوكي، ،
ومن يومهم وهو شايل هما الكبير والصغير، وعايش لجل يرضي الكل علي حساب نفسه، تجي انت تستكري عليه حقه في ورث بوه اللي تعب فيه لجل يحفظه لينا عليه ويكيره،
خسارة يا شوق طمعك نساكي حنان خوكي عليكي
وانت يا غادة عايمه علي عومها بكره هتخسروه وهتندمو لما يعرف اللي في قلوبكم ليه
نهضت من عثرته وكفكفت دموعها قبل أن تغادر الغرفة حتي لا يراها بدر ويسأل عن سر بكاءها،
لكنها ما ان تخطت عتبة الباب صدمت بطايع اصغر اخواتها
الذي لاحظ دموع عيناها التي لم تجف وسأله بقلق،:
عايطه ليه يا بدور مين زعل حبيبة قلب خوها
ألقت نفسها علي صدره واجهشت بالبكاء قائلة:
عايطه علي اماي اللي منضرتهاش وماتت وهي بتولدني ، وعايطه علي بوي اللي مات قبل ما يفرح بيا كي خواتك غادة وشوق، ويزفنا لجوزي ويطمن. عليا زيهم،
ضمها طايع الي حضنه بقوة وقال :
يا مخبله بقي خوكي العمدة بدر الويشي وبتبكي، ده اقسم بيمين الله ليعملك ليكي فرح سبع ليالي ويدبح كل ليله سبع دبايح لجل الكل يبارك ويتبارك بيكي يا غالية
وكمان ما انا بوكي مات قبل ما يجوزني ويفرح بيا مبكيتش ليه، صوح الفراق صعيب لكنه قدر مفيش مفر منيه، وخوكي من يوم موته مش مقصر مع حد فينا ومعوضنا غيابه كانه موجود حصل ولا لاه
ابتسمت بدور براحه فاخيه طايع عكس اخواتها يقدر أخيها بدر ويحترمه وهذا طمئن قلبها وبعث في نفسها الراحه. والامان فقالت:
صوح والله ما كذبت يا طايع، انا ساعات بحس أن بوي ما مات من حنان بدر علينا
ربنا يفرحنا بيه وبيك ياخوي وتنفذو وصية بوي في مد سلساله باحفاد كتار منه ومنيك
ردت شوق من خلفها قاىلة:
طيب ما تهم انت واتجوز وفرح قلوبنا بيك وخليك عن بدر دلوك اصله، رايد يتجوز واحدة يختارها قلبه
ابتسم طايع بتهكم وهو يضم بدور الي صدره حتي لا تري تعبير وجهه المكفهر وهو يرد علي اخواتها:
كيف اخليني من بدر وروحي في يده، مريدش اعصيه لجل ما يحرمني من عطفه وحنانه، وانتم خابرين أكده زين
المهم انا هسافر بكرة انا وبدر ويمكن نقعد.يومسن ثلاثه في مصر خلي بالكم من بدور لحد ما نعاود يمكن اعود ليكم بفرحه كبيرة تسعد قلوبكم وتفرحكم
نظرت إليه غادة وشوق بحيرة وتراقص قلب بدور فهي تظن بأن أخيه الصغير سياتي لبدر بعروس تناسبه
تركهم طايع بعد قوله هذا وذهب الي الدور ليجالس أخيه وازواج اخواته وأبناء عمومته وحين دلف عليهم القي السلام وقال مباغتًا :
انا ججزت تذاكر القطر يا خوي وباذن الله السفر بكره
رفع بدر عيناه اليه بعبوس وقال بضيق:
نفذت كلامك يا طايع واتفقت مع صاحبك ضد رغبتي، ماشي يا ولد ابوي مش هكسفك ها المرة قدامه، لكن حذاري تكررها لاني مش هتهون فاهم
هنا سأله رحمي بحيرة:
واه معقول يا كبير خوك يكسر أمر ليك او يعمل شئ ضد رغبتك، حقك تودري الواجب عليه يكون أول من يطيع، ده حتي اسمه طايع
ضغط بدر علي فكه بغضب حتي سمع صرير ضروسه وقال رد علي زوج أخته:
طايع عمره ما رفض لي امر، لكنه انحرج يرفض عزومة صاحبه علي جوزه، وطلب مني ارافقه لجل يتشرف بيا قدام أهله فهمت،
انا كنت رافض لجل اشغالي لاني هغيب يومين ثلاثه عن البلد لكني مقدرش اقصر برقبة خوي وارد له كلمه وأحرجه قدام أصحابه فأنا هسافر لأجل خاطري واكبر بيه كي مارايد
أؤما له رحمي بتفهم واستاذن بالانصراف لشدة إخراجه ولحقه صالح فدنا طايع من اخوه وقبل يده قائلة باحترام:
ربنا ما يحرمني منك يا خويا يامشرفيي ورافع راسي
ربط بدر علي ظهره وضمه الي صدره بحنان قائلًا:
يا خايب انت مش خوي انت ولدى. ولا علشان شنبك خط ناضر نفسك كبرت وبقيت راجل عليا
يلا هما جهز العربية هنسافر الليلة بيها مصر مليش انا في سفر القطر، وهننزل بشقتي لحد ما تخلص ليلة صاحبك ونعاود سوا الصعيد مبسوط
ضمه طايع نفسه الي صدره أكثر وقال بسعادة كبيرة:
مبسوط حوي جوي يا غالي واصل
********
سافر بدر وطايع الي القاهرة وفي نفس الليلة طلب طايع من اخوه أن يتركه مع أصحابه بعد الفرح لقضاء بعض الوقت مع أصحابه في زيارة الاماكن السياحية،
وافق بدر حتي لا يحرم أخيه من شى يصبو اليه،
بعد انتهاء الفرح وانصراف اغلب المدعوين، استأذن بدر هو الآخر وغادر عائدًا الي شقته وهو في طريقه صدم أحدهم بسيارته دون قصد
ترجل مسرعا من السيارة ليطمئن علي من صدمه، ليصدم بالراقصة التي كانت بالفرح ممددة علي الارض بلا حراك، نظر يمين ويسار لعله يجد أحد ممن كانت معهم لكن الشارع كان خاويًا لا يوجد احد به غيرهم
حاول افاقتها فهو لم يصدمها بقوة لكنها لم تستجيب
فحملها بسيارته وعاد الي شقته وهو يحملها
مددها علي الأريكة وذهب الي غرفته لياتي بزجاجة العطر حتي يستطيع افاقته
وحين عاد صدم بها جالس علي الأريكة وتبكي بحرقه وتقول له……؟!!!
****
#البارت_الاول
#دفء_المشاعر
************
عاد بدر الي شقته حاملًا الراقصة التي صدمها بسيارته دون قصد
مددها علي الأريكة وذهب الي غرفته لياتي بزجاجة العطر وعند عودته اليه وجدها تجلس باكية وفي حالة انهيار تام، دنا منها وسألها بحدة:
يعني مكنتيش غميانه، ممكن افهم قصدك ايه باللي عملتيه، وليه رميتي نفسك قدام عربيتي
رفعت الفتاة عيناها الحمرويتان من أثر. البكاء وقالت بتلعثم واضطراب ملحوظ:
انا مقصدتش حاجه والله، كنت عايزه اخلص من حياتي بعد ما كل اللي ليا في الدنيا ضاعو مني في لحظة، لكن انت كنت منتبه زيادة عن اللزوم وقدرت تفرمل بالوقت المناسب من غير ما تصيبني وتخلصني من دنيتي الظالمه
لما قربت مني تفوقني افتكرتك لانك نقطتني بمبلغ كبير بالفرح، قلت اسلم امري ليك يمكن تكون احن عليا من الايام والدنيا اللي شفت فيها السواد
غامت عين بدر بشكل خطير وسألها بحذر:
كيف يعني كل اللي ليكي ضاعو في لحظة، كنت ناضرك في الفرح زينه والضحكه مزينه وشك،
حصل ايه في ساعه كسر فرحتك وخليتك تيأسي وتفكري تموتي روحك كافرة
نهضت الفتاة فتجلي عودها الممشوق في عباءتها السوداء التي زادت من فتنتها وقالت:
انا خلصت الفرح وروحت معهم وطلبت منهم يسبقوني علي ما اجيب ليهم اكله حلوة بعد نقطتك الكبيرة، هي نص ساعه وحصلتهم لكن لقيت البيت كوم تراب بعد ما انهار عليهم كلهم ومفيش امل حد يخرج منه حي
محستش بنفسي غير وانا بجري في الشارع زي المجنونه شايفه الدنيا سودة قدامه ساعتها فكرت اتخلص من حياتي ورمت نفسي قدامك عريتك علشان اخلص من حياتي
تنهد بدر بقوة شاعر بالشفقه عليها مقدرًا صدمته في موت أهلها التي جعلته تقبل علي الانتحار فسألها بهدوء ودود:
طيب يا انت اسمك ايه صوح
نهضت عن الأريكة ووقفت امامه تنظر إلي عيناه الحنونه الحازمه بنفس الوقت وقالت:
راضية يا بيه وانت اسمك يا بلدينا شكلك ابن عز
ابتسم نصف ابتسامه حذره ورد عليها:
اسمي بدر ، بدر جبران رجل اعمال ، المهم انت اتوكدتي ان كل اهلك ماتو ولا في امل يكون حد منهم عايش وانقاذوه
اخذت نفس عميق وعادت الدموع تجرب علي وجنتاها الناعمتان بغزارة وهتفت بصوت باكي حزين:
مش عارفه حالهم ايه، لكن أنا متحملش اشوفهم وهما بيخرجوهم اموات، انا مليش غير اخت وحيدة شقيقه كنت عايشه ليها ويشتغل علشانها،
أما الباقين عشرة العمر اللي اتربيت في وسطهم مليش أهل غيرهم اعرفهم بالدنيا
صمتت وهي تجول بنظرها في الشقة الفاخرة وقالت:
عارفه اني ازعجتك بماساتي لكني بترجاك تسمح ليا ايات الليلة هنا، والصبح اروح اشوف عملو ايه مليش قلب اتحمل اشوف حد فيهم ميت قدامي والله
جلس بدر أمامها وشبك يداه في بعضهم البعض وصمت فترة مفكرًا وبعدها قال وهو يخرج بعض النقود من حافظته:
خابر أن حالك صعيب لكن مجدرش اقبل اضايفك في شقتي ، انا راجل عازب وكمان خوي معايا،
ميصحش تقعدي مع اتنين رحاله لحالك، كل اللي اقدر اعمله معاكي خدي القرشنات دي دبري بيهم حالك لحد النهار ما يطلع وتصرفي امورك
حدقت فيه بقوة ودفعت يده الممدودة اليه بالمال
وقالت بعزة نفس:
تشكر يا زوق قلت رجل كريم هتعطف عليا، لكنك زيك زي الكل لو مفيش راجا مني ترميني لكلاب السكك، خلي فلوسك لنفسك متلزمتيش وانا ليا ربنا يتولاني برحمته هو احن علي عبيده من أشباه الرجال اللي زيك،
حدق فيه بدر بغضب وامسكها من ذراعها وهزها بقوة صائحًا فيها بعصبيه
بقي انا يا مره يا هامله تقولي عني أنا أشباه الرجال
انت خابرة بتحدتي مع مين
غلطت في ايه، اني بتقي الله فيكي، انا مكنتش ههملك الا لما اطمن عليكي في مكان نباتي فيه لكنك سليطة اللسان وقليلة الرباية ملكيش كبير بحكمك ويعرفك كيف تحترم نفسك وانت بتحدتي مع الغريب اللي مد يده ليكي بالخير،صوح رقاصه وشها مكشوف وقليلة الحيا
ترك يدها بعنف كالكم المهمل فصاحت بالم وهي تدلك ذراعه من عنفه الزائد منها وردت عليه بحنق واستهانه ملحوظه:
لا والله ابن اصول، بقي يا راجل ست تستنجد بيك باقولك ملهاش مكان ابات فيه الصبح ، تعرض عليها المال علشان تخلص منها
ما انت زيك زي كل الرجاله ملكش فينا غير رغبه لكني في مصيبه منفعش، لكن لو كنت بعرض عليك جسمي كنت خدتني في حضنك ونيمتني علي سريرك، صحيح خسيس
لم يستوعب بدر ما تفوهت بيه لتو فهو يخشي عليها من الغواية وبتقي الله فيها وفي نفسه وهي تظن بيه السوء لم يشعر بنفسه الا وهو يصفعها بشده
وكانت هذه اول مره في حياته يقوم بصفع امرأة لم
يصدق ما فعل وقبل أن يعتذر منه
راها تفتح الباب وتخرج مسرعا، تافف بضيق غاضبًا علي نفسه من عدم سيطرته علي انفعالاته
دلف مسرعا الي غرفته واخذ مفاتيح سيارته وخرج مسرعا كي يلحقها بها يعتذر منها علي تطاوله عليه رغم قلة احترامها له وسلاطة لسانه عليه
لكنها كانت استقلت المصعد انتظر الي ان عاد أليه واستقله، نزل منه وخرج مهرولا من العمارة باحثا عنها بعيناه لكن قد اختفي اثرها، استقل سيارته وخذ يبحث عنها في الانحاء من حوله الي ان لمحها قرب أحد الكباري وقبل أن ينزل من سيارته رآها تلقي بنفسها بالنهر، لم ينتظر كثير نزع عباءته وقفز وراها في النهر لكي ينقذها
**************
سبح اليه ووصل قبل أن تغرق سحبها الي الشاطئ وتركها كي ياخد بضع اتفاسه المتسارعه
نظر إليه رآها ترتجف بشدة وشفتاها أصبحت زرقاء
نهض من جوارها وحملها بين يداه وذهب بها الي سيارته مددها علي الأريكة الخلفية وطلب منها أن تدثر نفسها بعباءته قائلًا بحدة وحزم:
خدي العباية البسيه بس لول اخلعي خلجات الغرقانه لجل تدفي زين انا هبعد لحد ما تغيري
طالعته بأمتنان وتناولت منه العباءة وبدأت في نزع ثيابها وقد أدار له ظهره كي لا تخجل منه
ما ان انتهت قالت له بصوت خافت :
انا خلصت خلاص ممكن توصلني عند اي بنسيون
لم يرد عليها بدر في حينه واستقل سيارته وقادها الي شقته دون أن يحدثها بعد طول صمت سألته راضية بحيرة وهو يوقف سيارته أمام العمارة:
انت جايبني هنا ليه قولتلك وديني لاي بنسيون ابات فيه ليلتي السودة دي لحد ما تخلص
ترجل بدر من سيارته وفتح الباب وقال لها بنزق:
هما ادلي خلينا نخلص بدل ما يتفرج علينا الخلق، واكتمي خالص مريدش اسمع منكي كلمه تفور دمي بيكفي اللي عملتيه، لحد دلوك
عذرا راضية من نظراته الغاضبه اليه فنزلت مرغمه يحركها خوفها منه، لملمت عباءته علي جسده لتستر نفسها وصعدت ورأه رغم ارتجافها الملحوظ
دلف بدر الي شقته ولحقته راضية لكنها وافقت أمام الباب ، فنظر إليه بدر بحدة وصاح فيها قائلًا:
هما ادخلي ولا عاجبك واقفتك علي الباب أكده
ولجت بخطوات مترددة الي داخل الشقة وقالت بضجر وقلق كامن:
نعم اديني دخلت ممكن افهم جبتني هنا ليه، انت مش خايف علي روحك مني، اصلي هاكلك
تافف بدر من حديثها الساخر وقال ردًا عليه:
وبعدها لك يا بت الناس في لسانك اللي متلفحه بيه كي الحيه وحلال فيكي قاطعه
انا مخايفش علي نفسي منيكي، انا راجل بتقي الله في نفسي ويبعد عن غواية الشيطان، انا قولت اعمل معاكي الأصول لكنك نيتك شينه في حقي، ونظرتك في الرجاله ظلومه، مش كل الرجاله زي بعضيهم او بتحركهم نزواته وبس،
طالعها بريبة حين لاحظ صمتها وشبثها بعباءته وتزايد ارتجاقها فقال لها بحزم:
اسمعي ناضرة الاوضه اللي في اخر الطرقه،دي اوضة خواتي البنات بيقعدو فيها لما حدا منهم بيدلي مصر
ادخلي دعبسي فيها يمكن تلاقي خلجات تناسبك البسيها علي ما خلجاتك تجف من الميه
تنهدت راضية براحه فأفعاله معها تدل علي شهامته فطالعته بتوتر وقالت :
طيب ادخل انت كمان غير هدومك بتاخد برد
انا لها بابتسامه حانية وقال:
انا زين خليكي عني وادخلي انت لولا استري نفسك علي ما اعملك حاجه تشربيها تدفيكي
خجلت من كرمه معها وقالت علي استحياء:
طيب اوعي تنسي نفسك واعملك حاجه دافئه انت كمان
هز رأسه موافقه فتركته وذهبت الي الغرفه وذهب هو الي المطبخ لصنع كوبين من الكاكاو الساخن
عاد إلي الصاله وهو يحمل الكوبين أثناء عودته فنظر إليه وقال ضاحكًا:
واه ملقتيش غير الملث تلبسيه، في اكيد خلجات خفيفه عنيه تقدري تقعدي بيها
نكست راسه بخجل وحزن قائلة:
فعلا فيه فساتين لكن كلها حاجات خاصه مش حقي ألبسها وكمان مفيش حاجة سودة غير البتاع ده
مش مهم بقي ده لحد الصبح اهو يدفيني بالمره
غمغم بضيق وأشار إلي كوب المشروب وقال:
طيب اقعدى اشربي الكاكاو وهو سخن لجل يدفيكي علي ما تغيري خلجاتي عن اذنك
تركها بدر ودلف الي غرفته يغير ثيابه وعاد لها وهو يرتدي بنطال خفيف وتشيرتي قطني طالعتها راضية بابتسامه خجوله وقالت له بإعجاب:
ماشاء الله عليك اللي يشوفك يقول مصراوي، رغم شياكتك في البدل اللي كانت تحت العباية،
لكن لبسك ده كاجول بيلبسه شبابنا باستمرار
ضحك بدر بسماحه واستغرب نظرتها الي شباب الصعيد الذي يضاهي ثيابهم بشباب أهل مصر وقال لها بفخر وثقه:
ومين قال إننا نقل عنهم تمدن وثقافه وذوق وشياكه، بالعكس احنا زيهم في كل حاجه واحسن منهم كمان،
من ابناء الصعيد والأرياف بيخرج العالم والمخترع والعبقري والطبيب والمحامي والسفير اللي بياخدو وضعهم بذكاءهم الفطري،
انت اللي افاقكم ضيق ومتخيلين ان كل واحد اتمسك بتقاليد وزيه الرسمي تخلف أو عدم تحضر
المهم اشربي الكاكاو وبعديها ادخلي انعسي في اوضة خواتي والصباح رباح
وقفت امامه بتحدي وقالت :
اشمعني دلوقتي ايه خلاص مش خايف علي نفسك من الشيطان، ولا كلامي اثر فيك
ضحك بدر واخذ يضرب يدها كف بكف وقال بتهكم:
استغفر الله العظيم و اتوب اليك، يا بنت الناس نقي الفاظك وبلاش حديتك الناسخ ده اللي يحرق الدم،
كل الحكاية مريدش اتحمل ذنب انت واحدة مش عارفه صالحها ومتهورة
ادليتي من أهنا غضبانه من حديتي معاكي وبدل تعقليه وتفهميه زين وتوحدى الله روحتي رميتي نفسك في المي،
ثم حديتك ماثرش فيا لاني علي حق، بس انت اللي مش واخده بالك أننا قربنا علي الفجر وكلتها ساعتين والشمس تطلع وكل واحد منا يروح لحاله فهمتي
زفرت بملل وقالت :
اه فهمت تشكر يا حضرت بس غريبة انك مش خايف اني اهرب منك بعد ما اسرقك انت مامن ليا اوي كده
ولا ناسي اني رقاصه قليلة الحيا ومليش غالي
ابتسم بدر نصف ابتسامه وأخرج من جيب بنطاله
سلسلة مفاتيح وقال:
اتفضلي وريني هتهربي كيف، ايه هتكسرى الباب ولا هتنطي من التاسع بس المرادى هتتكسر رقبتك وتموتس. اخلص منك لسانك اللي زي المبرد ده
غامت عيناها بذعر ملحوظ وقالت بتوتر وقلق:
يعني انت هتحبسني معاك، اومال ايه بقي دمك حر وبتقي الله فيا وانت حبسني بدون اذني
ضغط بدر علي أسنانه بغيظ:
يا بت اتلمي احسلك، انا بس مسلم فطن صوح انت غواية لكني قتلت شيطاني بذكر الله
لكني مضمنش شيطانك يوزك تسرقيني أو تقتليتي وتهربي، فالافضل للكل احبسك لحد الصبح
اتفضلي يلا علي اوضتك انعسي يا راضية. اطمني ولو خايفه علي روحك خافي عليها من نفسك مش مني، انا راجل عمري ما اخون ثقة حدا فيا حتي لو عدوى مش حال انت حرمه ضعيفه ومكسورة الجناح
لجأت لي وطمعانه في كرمي اخذلها لا واصل مش عارف ،
لم يعجب راضية حديث بدر عن ضعفها وقالت بتحدى وعناد واضح:
هي مين ده اللي مكسورة الجناح اسمع مش معني انا طلبت مساعدتك ابقي
قطعت حديثها حين دفعها بدر الي اخر الرواق وفتح الغرفه وادخلها فيها وسلمها مفتاحها وقال:
لاه انت ملكيش حل واصل، خرمه مجنونه ربنا مسلط عليها نفسها ولسانها سمها،
ادخلي انعسي واقفلي الباب عليكي ومريدش اسمع ليكي حس للصبح تتصبحي بالخير يا راضية
ت
اغلق الباب خلفه وغادر الي غرفته بعصبيه مفرطه لا يعلم سببها، دلف. الي داخلها وتمدد علي الفراش محاول ان ينام لكنه اخذ يتقلب بضيق كثيرًا الي ان غف بعد طول عناء
*********
استيقظ بدر شاعر بجو محيط بيه غريب ومريب
مع إحساسه بثقل علي جبهته ويد علي أقدامه
تحسي جبهته بحيرة فلمس فوطه عليه مبلله، استغرب ذلك فرفع رأسه ليري ما علي أقدامه
فصدم حين راي راضيه جالسه عندها ويدها عليه من فوق فوطه مبلله اخري انتفض بذعر وسألها:
راضية انت هنا ليه، ومين سمح ليكي تدخلي اوضتي بدون اذني، انت فكرة نفسك ايه
اشرق وجهه بابتسامه جميله وتنهدت براحه قائلة:
حمدالله بالسلامه أخيرًا فوقت، انا كنت بموت من قلقي عليك وخفت تموت واشيل ذنبك، شكلي نحس عليك
نهض بدر وجلس علي طرف الفراش لكنه شعر بدوار عنيف يضرب رأسه فمال علي قائم الفراش وسأله:
أخيرًا فوقت ، قصدك ايه هو انا حصلي ايه وانت هنا في اوضتي بتعملي ايه انطقي
اخذت راضية نفس عميق وحاولت معها أن يعود علي الاستلقاء لكنه رفض وبشدة فقالت بقلة حيله:
انا بقالي اسبوع تحت رجلك بعملك كمادات وبمرضك
بس وحياة كل غالي عليك نام الدكتور محذرا من انك تتحرك قبل ما تسترد صحتك
الدور كان تقيل اوي وجسمك ضعف ومكنش هيتحمله لولا عناية الله ورعايتي ليك انقذتك من الموت ، زي ما انقذتني انت مرتين
حدق فيها بدر بذهول وردد حديثها بريبة:
سبوع انا بقالي سبوع بعيد عن خواتي والبلد كيف ده، مستحيل انا اكيد بحلم
لو حديتك صوح فين خوي طايع معقول مسالش عني ولا جه بعد.يومين كي ما متفق معايا
نظرة اليه بارتباك ونكست راسها لتهرب من نظراته
فصاح فيه سائلًا:
انطقي يا راضية فينه خوي طايع كيف هملني ليكي ترعيني بدون وجه حق
تلعثمت وقالت بصوت مهزوز ومذعور:
اصل اصل …..؟!
********
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلب حرة)