رواية قصة حنين الفصل الثلاثون 30 بقلم صباح عبدالله
رواية قصة حنين البارت الثلاثون
رواية قصة حنين الجزء الثلاثون
رواية قصة حنين الحلقة الثلاثون
في المستشفى، يقف الشباب: زياد وعلي وعاصي، الذي لا يعرف أحد من أين أتى، ومحمد الذي يستلقي أرضاً نتيجة لكمة عاصي التي أجبرته على الوقوع. يحدق محمد إلى عاصي بغيظ وهو يضع يده على خده إثر اللكمة، بينما يحدق إليه عاصي بغضب، وعيناه تشتعلان بشرارة تحرق العشب الجاف. ينهض محمد من على الأرض وهو ينوي الرد على عاصي بنفس الطريقة، وكان عاصي جاهزًا لدخول هذه المعركة، لكن علي أوقف محمد وأمسك زياد عاصي، بينما أردف علي بصوت عالٍ أشبه بالصراخ:
_ “هو في إيه؟ حد يفهمني إيه اللي بيحصل، وأنت يا أستاذ عاصي إزاي ترفع إيدك على محمد من غير سبب؟ هو أنت فاكرها سابيه ولا إيه؟”
أجاب عاصي بنفاذ صبر وصوت أشبه بالصراخ وهو يحدق في محمد بغضب:
_ “من غير سبب إزاي؟ طيب ما تسأل صاحبك المحترم أنا ليه عملت كده؟ ولو كان واحد غيره كان دفنه حي، هي فعلاً كانت سابيه بس أنا هعرف إزاي أربيه.”
ثم يبعد يد زياد عنه بنفاد صبر، ويذهب بعد أن توعد محمد. ينظر كل من علي وزياد إلى ظل عاصي الذي أوشك على الاختفاء من أمام أعينهم، ثم يوجه كل منهما نظره إلى محمد. قال علي بنفاذ صبر وهو يحدق في محمد:
_ “أنا عاوز أعرف إيه اللي بينك وبين عاصي وحنين يخلي عاصي يتعصب ويرفع إيده عليك بالشكل ده.”
ينظر إليه محمد ويقول بحزن شديد يظهر على ملامحه:
_ “طيب أنا هحكي لكم على كل حاجة بس مش عاوزكم تفهموا غلط.”
أجاب زياد وهو ينظر إلى علي، ونظر كل منهما إلى الآخر للحظات، ثم قال:
_ “طيب احكي يا محمد، إحنا بنسمعك، ومش تخاف، ما فيش حد هيفهم غلط.”
ينظر لهم محمد بتوتر وقلق للحظات، وعيناه تغلغلت بدموع تثبت شدة حزنه، ثم قال بصوت هادئ:
_ “حنين حامل مني، مش عارف إزاي أو إمتى ده حصل، مش فاكر حاجة؟ كل اللي أنا فاكره هو إنّي لما صحيت لقيتها نايمة جنبي.”
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في الغرفة التي يتواجد فيها نبيل، تجلس نوال على أطراف الفراش بجوار نبيل تبكي، ويقف كل من نوران وقاظم بجوار الفراش. يفتح نبيل عيناه لينظر إلى زوجته التي احمرت عيناها من شدة البكاء، وقال بتعب وإرهاق شديد:
_ “خير، مالك يا أم عاصي؟ بتعيطي ليه؟ حد زعلك؟”
تنظر إليه نوال وعيناها مليئتان بالدموع، بينما أمسكت كف يده ووضعت قبلة رقيقة عليه ثم قالت ببكاء:
_ “الحمد لله على سلامتك يا أبو عاصي، ينفع كده يا خويا تخوفنا عليك؟”
أردف قاظم قائلاً بنفاد صبر:
_ “يووووه بقى يا أمي، إنتي لسه مش زهقتي من جو النكد ده؟ ما بابا الحمد لله بخير وزي الحصان أهو، وإن شاء الله تجيبوا لنا أخ صغير قريب.”
ترد نوال وهي تنظر إلى زوجها بخجل:
_ “والله يا قاظم ما احترمت نفسك لأقوم عليك بالشبشب.”
أردف نبيل بتعب وصوت هادئ:
_ “ما تزعلش أمك يا قاظم، أصلاً أنت عارف هعمل إيه فيك.”
أجاب قاظم وهو ينظر إلى نوران برومانسية:
_ “خالص، ولا تزعلوا، نجيب إحنا طفل صغير.”
تتظاهر نوران بالخجل وتنظر إلى الأسفل للحظات ثم قالت:
_ “ها، روح أطمنّي على حنين.”
أجاب نبيل باستفهام قائلاً بقلق:
_ “ليه، مالها حنين؟”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الغرفة التي توجد فيها حنين…
تفتح حنين عينيها ببطء وحذر شديد وهي تجز على أسنانها من شدة الألم الذي هجم عليها عند استيقاظها مباشرة من نومها. تنظر نظرات متألمة حزينة مكسورة الخاطر إلى ذلك الذي يجلس أمامها على الفراش، تنهض بفزع كما لو كانت رأت شبحاً، صرخت قائلة وهي تتراجع إلى الخلف تحاول الابتعاد عنه قدر المستطاع:
_ “بالله عليك مش تضربني، والله مش عارفة ده حصل إزاي، والله مش فاكرة أي حاجة، والله العظيم مش بكذب عليك يا عاصي، والله ما بكذب.”
نظر إليها هو بحزن وندم على ما فعل بها، اقترب منها وعانقها بقوة وهو يربت على ظهرها بلطف قائلاً كلمات ناعمة يحاول أن يعيد لها الاطمئنان والسكينة التي فقدتها:
_ “هشششش، اهدي يا قلب عاصي وروح عاصي. أنا آسف يا قلبي، والله أنا مش عارف إزاي عملت كده.”
تشعر هي بالاطمئنان داخل هذا العنق الذي طالما اشتاقت إلى هذا الشعور وهذا الدفء الذي غمر قلبها وكيانها. تلف ذراعيها حول عنقه وتبادله العناق وهي تبكي وتشهق بصوت عالٍ قائلة ببكاء:
_ “والله يا عاصي، أنا ما خنتك في حاجة ومستحيل أفكر مجرد تفكير أعمل حاجة زي دي. أصلاً أنا مش من النوع ده، إنت أكتر واحد تعرف مين حنين صح؟”
حملها بين ذراعيه كما لو كانت طفلة صغيرة، جعلها تجلس على قدمه ورفع يده على خديها الورديين ليمسح دموعها برقة قائلاً وهو يغرق في عينيها المنتفختين:
_ “هشششش، كفاية عياط يا قلبي. أنا مصدقك وهقف جنبك، ومش هسمح لمخلوق يقرب منك بعد كده. وهعرف إزاي أجيب لك حقك من الكلب اللي عمل فيكي كده. بس اهدي إنتِ، أنا مش قادر أشوفك في الحالة دي، إنتِ ما تعرفيش دموعك دي بتعمل فيّ إيه.”
تعتنقه بقوة كما لو كانت طفلة صغيرة تائهة عن أحضان أمها ووجدتها أخيراً. وجدت الحنان والأمان، وجدت من يضمها ويشعرها بدفء يعطف عليها وعلى قلبها الصغير. وجدت سنداً قوياً لن يمل ولن يخيب ظنها به مهما حدث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقف تلك “العقرب” على باب الغرفة، تشاهد كل ما يحدث بين هذين العشيقين، مهما تفعل هي أو غيرها، لن يفترقا عن بعضهما. تحدق إليهما بغيظ، أوشك على اقتلاع عينيها من مكانهما. تجز على أسنانها وتضغط على كفيها بقوة، تغلغلت عيناها بالدموع التي تثبت شدة حزنها وغيظها مما شاهدته. لا تشعر بشيء سوى اليد التي وضعت على كتفها من الخلف، لفت نظرها قائلة ببكاء بعد أن علمت من الواقف:
_ “عمتي سلوى.”
ثم تعانقها بقوة من شدة ما شعرت بالحزن وخيبة الأمل في استعادة حبيبها وعشقها الأول والأخير. تفوهت تلك الملعونة سلوى قائلة وهي تحدق في ما يحدث بين هذين العشيقين:
_ “اهدي يا قلب عمتك. بواعدك أن العلاقة دي مش هتستمر كتير. عاصي لكي، ويفضل لكي. مش هسمح لحتة خادمة تاخذ من بنتي حبيبة قلبي حبيبها وتحرق قلبها عليها. استني بس وشوفي أنا هعمل إيه.”
تبتعد نوران عن أحضان سلوى قليلاً وتفوهت قائلة وهي تمسح دموعها:
_ “مش فاهمة، هتعملي إيه؟”
أجابت سلوى بخبث قائلة وهي تسجن وجه نوران بين راحتي يديها:
_ “اتفرجي إنتي وبس يا حبيبتي، وشوفي عمتك هتعمل إيه. صدقيني كل الحب والحنان ده هيتقلب جحيم على الكل.”
_ “نوية تعملي إيه؟”
_ “أنا مش هعمل أي حاجة، كل حاجة هتتعمل لوحدها. بس اصبري واطمني.”
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قصة حنين)