رواية قصة حنين الفصل التاسع عشر 19 بقلم صباح عبدالله
رواية قصة حنين الجزء التاسع عشر
رواية قصة حنين البارت التاسع عشر
رواية قصة حنين الحلقة التاسعة عشر
**في فيلا خالد:**
تجلس حنين في غرفتها الخاصة وهي تضع الهاتف على أذنها، وتردف بدهشة: “الدكتور عاصي؟”
**في الجانب الآخر:**
يرد عاصي بصوت متوتر بعد سعاله خفيف: “أحم… عارف إن الوقت متأخر يا حنين، وإن أنا آخر واحد ممكن تتوقعي إنه يكلمك دلوقتي، بس بجد في حاجة مهمة عاوز أقولك عليها.”
حنين بفضول: “إيه هي؟”
**في الجانب الآخر:**
عاصي بتوتر: “أتمنى متفهمنيش غلط يا حنين، وتعرفي إني بحترمك ومحترم قرارك مهما كان، وأنا بعتذر منك أولًا على أفعال كاظم المتهورة.”
حنين بلهجة مطمئنة: “حصل خير يا دكتور، وبلاش نفتح الماضي علشان نقدر نتابع المستقبل. خير، إيه الموضوع المهم اللي حضرتك عاوزني فيه؟”
عاصي، بدون مقدمة وبصوت متردد: “أنا معجب بيكي يا حنين. تقبلي تكوني مراتي وشريكة حياتي؟ تقبلي تجوزيني يا حنين؟”
حنين بدهشة وخجل: “انت بتقول إيه يا دكتور؟”
عاصي: “والله كل حرف قولته أنا صادق فيه. بجد، انتي الحاجة الوحيدة اللي بتمناها من ربنا. اقبلي اتجوزني يا حنين، وأنا بإذن الله هخليكي أسعد إنسانة في الدنيا.”
حنين بخجل: “أنا مش عارفة أقول إيه، بس ربنا سبحانه وتعالى قال: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} (الآية 235 من سورة البقرة).”
**في الجانب الآخر:**
يرد عاصي بحب وفرحة: “ونِعم بالله العلي العظيم، وأتوب إليه. بس أفهم من كده إنه لو اتقدمت لك وطلبت إيدك من عمي خالد هتوافقي؟”
ترد حنين بخجل وقد نسيت كل ما بداخلها من أحزان وهموم: “وأرفض ليه يعني… قصدي ربنا يقدم اللي فيه الخير.”
تستيقظ حنين من ذكرياتها، وقد اكتشفت أنها كانت تحلم حلمًا جميلًا، لكن في النهاية الحلم يظل حلمًا. تذهب حنين من أمام عاصي، وهي تحاول أن تظل قوية لتكمل كما لو لم يحدث شيء من الأساس.
بينما ركض عاصي خلف حنين وهو يقول: “حنين، لو سمحتي استني! حنين!”
نوران بدهشة: “عاصي، انت رايح فين؟”
لكن عاصي كان يركض خلف حنين ولم يهتم لأمر نوران، بينما تقول فتاة وهي تنظر إلى نوران بسخرية: “خطيبك وبيحبك، وسبك ويجري ورا حتة خدامة! إزاي؟”
نوران تمسك على غضبها وتعض على شفتيها وهي تنظر إلى حنين بحقد شديد، بينما تقول فتاة أخرى وهي تضحك: “هههههه، لا بجد يعني، يمكن الدكتور عاصي عاوز الهانم والخدامة مع بعض، علشان مش يتعب نفسه ويجيب خدامة تانية. وعلى رأي المثل اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفهوش!”
تشعر نوران بالغضب يحترق داخلها من شدة ما تسمعه، ولكن فجأة تدق ساعة الجامعة بصوت عالٍ، لتعلم الجميع بأن وقت المحاضرة قد حان.
**في الصف مع عاصي وحنين:**
عاصي، بصوت عالٍ وهو يمسك بذراع حنين: “استني، أنا مش بنادي عليكي؟”
حنين، تنظر إليه ببرود وكأن شيئًا لم يحدث: “آسفة يا دكتور، ما أخدتش بالي. بس حضرتك مش مسموح لك بلمسي بالشكل ده.”
**عاصي يحدق فيها بذهول من هدوئها، غير مصدق أنها لا تظهر أي رد فعل:** “أنا آسف.”
حنين، ببرود مستفز: “حصل خير، بعد إذن حضرتك.”
**عاصي، بدهشة:** “انتي ناوية تجنيني؟ استني، رايحة فين؟ أنا عارف إنك بتفكري في إيه دلوقتي، بس والله العظيم إني كنت صادق في كل حاجة قولتها لكِ امبارح، والله ما كنت أعرف أي حاجة بخصوص موضوع نوران ده.”
**تأخذ حنين نفسًا عميقًا وترد:** “دكتور عاصي، أنا مش يهمني أي حاجة حصلت أو هتحصل. حتى كلام حضرتك امبارح ودلوقتي ما يهمنيش. فلو سمحت، شيلني من دماغك وانتبه لتصرفاتك وكلامك معايا، لأني مش من نوع البنات اللي من مجرد شاب يقول لها ‘أنا معجب بيكي’ أو ‘تقبلي تتجوزيني’ من على التلفون تتعلق بيه. بالعكس، الأشخاص من النوع ده أنا بعتبرهم ناس كذابة ومخادعين، وللأسف انت في نظري واحد من الناس دي. فالأفضل لحضرتك عدم الاقتراب مني مرة تانية، والكلام معايا مش هيكون أكتر من أستاذ وطالبة.”
**كانت حنين تقول هذا وهي تنظر للأسفل، بينما يبتسم عاصي ويقول بثبات:** “تصدقي إنك أكبر مخادعة في العالم كله.”
**حنين تقبض حواجبها وتستفهم:** “أفندم؟”
**يرد عاصي بثبات قائلاً:** “أنتِ لي أنا وبس يا حنين، وأنا لكِ أنتِ وبس. ولا أنا هكون لغيرك ولا أنتِ هتكوني لغيري بإذن الله. الأيام جاية وهثبت لكِ إني مش من الأشخاص اللي بيكلموا البنات علشان يتسلوا وخلاص. لا، أنا لما كلمتك، كلمتك علشان أنتِ أول بنت تسيطر على تفكيري. أنا عاوزك في الحلال، وهآخدك يا حنين. ومش تفكري إني هجبرك على حاجة، لأن اللمعة اللي أنا شايفها في عيونك والفرحة اللي بتحاولي تقتليها بتثبت لي مية مرة إنك بتتمنيني زي ما أنا بتمنّاك. وبإذن الله هانكون لبعض.”
ثم يتجه عاصي إلى مكتبه قبل أن يصل أحد الطلاب، بينما تبقى حنين واقفة مثل التمثال، غير مدركة لماذا كلمات عاصي لامست قلبها بهذا الشكل. هذا أكبر دليل على أن عاصي كان صادقًا في كل ما قاله لها.
——
في منزل الشباب، لا يزال الجميع نائمين، باستثناء شخص يجلس في الظلام، وهو يمسك بسيجارة بين أصابعه ويبدو أنه يفكر في شخص معين. يبتسم هذا الشخص وهو ينظر إلى صورة في يده الأخرى، ويهمس لنفسه: “بحبك أوي يا حنين. نفسي أخدك في حضني لو مرة واحدة بس وتكوني مراتي بالحلال. أتمنى تحسي بالنار اللي جواتي وتشوفي قد إيه أنا بحبك يا حنين. أتمنى من ربنا إنك مش تكوني لغيري.”
يشعر هذا الشاب بأن أحدهم يتقلب في نومه، فيخفي الصورة بسرعة قبل أن يفتح الآخر عينيه.
**تسارع الأحداث:**
استيقظ جميع الشباب، ويبدأ علي بالقول بمرح: “قوم يا أستاذ زياد، اعمل لنا كوباية شاي.”
يرد زياد بضيق: “آه، ما أنا الخدام اللي إنت شاري بفلوس أبوك.”
يضحك عماد وهو يقول: “هههههه تستاهل يا علي. ما تقوم تعمل لنفسك يا خويا اللي انت عاوزه، واعمل حسابي معك ينوبك ألف ثواب.”
يرد علي بغيظ: “بقى كده يا زياد؟ طيب أنا كنت هقبض النهاردة والله، وكنت ناوي أجيب لك موتوسيكل بدل العجلة الخربانة بتاعتك دي، بس خسارة فيك.”
يركض زياد نحو علي ويجلس عند قدميه، قائلاً وهو يدلك قدمه بيده: “قول يا علي يا نور عيني، عاوز الشاي بالجنزبيل ولا القرنفل ولا أحط الاتنين مع النعناع؟”
يرد علي وهو يضع قدمه فوق الأخرى: “مين قال إني عاوز شاي؟”
يرد زياد بحنق: “مش إنت اللي لسه بتقول قوم يا زياد اعمل لي كوباية شاي؟”
يرد علي بغرور ممزوج بالكبرياء: “بس أنا غيرت رأيي.”
يرد زياد بغضب مكبوت، مبتسمًا بغصب ليظهر أسنانه البيضاء: “الصبر أيوب يا رب. قول يا أستاذ علي، عاوز إيه؟”
يرد علي ببرود وهو لا يزال يستغل ضعف زياد وتشوقه لرؤية الدراجة الجديدة: “كنت بفكر أشرب فنجان قهوة بالقرفة والزنجبيل.”
يرد زياد ببرود: “بس إحنا ما عندناش قهوة ولا قرفة يا بيه.”
يرد علي بمزاح وهو يمسك زياد من خده كأنه يمسك طفلة صغيرة: “انزل هاتها وتعالى، يا قمري. أنا لسه نص ساعة على ما أنزل شغلي.”
وهنا يفقد زياد أعصابه ويقف غاضبًا، ثم يرمي المنشفة التي كانت حول عنقه في وجه علي بعنف، قائلاً: “هو أنا يا خويا كان ناقصني الموتوسيكل المعفن اللي إنت هاتجيبه علشان فقعت المرارة دي على الصبح؟ غور، مش عاوز أشوف من وشك حاجة.”
يضحك عماد ومحمد بصوت عالٍ على منظر علي الذي رجع برأسه إلى الخلف خوفًا من انفجار زياد في وجهه. بينما قال محمد وهو يقهقه: “والله جدع يا زياد. أيوا كده، خليك راجل وما تذلش نفسك علشان أي حاجة في الدنيا.”
في هذه اللحظة، يخرج رياض من غرفته ويتقدم نحو الشباب بخطوات مترددة، والخجل لا يفارق وجهه، قائلاً بصوت رخيم: “صباح الخير يا رجالة.”
ينظر إليه الجميع بضيق ولم يرد أحد عليهم تحية الصباح، بل تجاهلوه كأنه لم يكن موجودًا. يشعر رياض بالحزن وتتساقط دموعه، فيقول بصوت مكتوم: “بقى كده؟ ما فيش حد عاوز يقول لي صباح الخير؟ طيب أنا نازل، ومين عارف ممكن ما أرجعش تاني. قولوا حتى صباح الخير، ده أنا من امبارح وأنا حاسس إن ما فيش حد طايق يشوف وشي. لو مش عاوزيني أفضل معاكم في البيت، أنا هاخد حاجاتي وأمشي من هنا.”
يستمر الجميع في تجاهله، ولا يستطيع رياض كتم دموعه أكثر من ذلك. يبكي وهو يقول: “أنا عارف إن غلطت، والله ندمان.”
ثم يركض خارج المنزل ويغلق الباب بقوة خلفه. يشعر زياد بالحزن ويسأل: “في رأيكم، إحنا مش زاودناها شوية؟”
يرد محمد بضيق: “لا، علشان يتربى ويعرف إن بنات الناس مش للعب اللي يجيب فلوس.”
علي: “بس هو ندم يا محمد، وإحنا كلنا شايفين ده كويس.”
عماد: “أنا في رأيي نديه فرصة تانية.”
وفجأة، يسمعون صوتًا عاليًا من خارج المنزل، يشبه صوت ازدحام وصراخ نساء. يركض الشباب إلى شرفة المنزل لرؤية ما يحدث في الخارج. يجدون حشدًا من الناس على الطريق، وسيارة وشاب مستلقٍ على الأرض يغرق في دمائه، ويبدو أنه حدث حادث.
ينظر الشباب إلى بعضهم البعض بفزع ويقولون بصوت واحد: “رياض!”
يركض الشباب الأربعة إلى الخارج مثل المجانين، والخوف والقلق ينهشان قلوبهم على أخيهم الذي خرج حزينًا من المنزل ولم يراعِ أحد حزنه. يندفعون نحو الشاب الذي يستلقي في بحر من الدماء ليتأكدوا إذا كان هو رياض حقًا أم لا. ولكن للأسف، خاب أملهم، فهذا الشاب المغرق في دمائه هو رياض بالفعل. يصرخ الشباب الأربعة بفزع وصوت عالٍ: “رياض!”
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قصة حنين)