رواية قدر الفصل الأول 1 بقلم سارة مجدي
رواية قدر الجزء الأول
رواية قدر البارت الأول
رواية قدر الحلقة الأولى
فى إحدى القرى البعيده عن التمدن و التقدم عائلة كبيرة هى أكبر عائلة فى تلك البلدة و هى ما تملك الأرض و تملك المال و لكنها لا تختلف عن باقى أهل البلدة فى تفكيرها … البنت عار كبير لابد أن لا تخرج من المنزل ليس لها الحق فى أى شئ لا تذهب إلى المدرسة لا يحق لها العمل و لا يحق لها إختيار الزوج التى ستكمل معه باقى حياتها التعسه لا يوجد لها أهمية سوا داخل المنزل … خادمة تحمل لقب زوجة و أم و إبنه لكن فى النهاية هى مجرد خادمة
و كانت قدر فتاة من ضمن هؤلاء الفتايات رغم أنها من عائلة الزينى العريقة إلا أنها كباقى بنات العائلة و القرية لا حياة لها سوا خدمة الرجال و إنجاب الأطفال و يفضل الذكور و فقط … و لكنها رغم إستسلامها إلى كل ذلك إلا أن بداخلها نار مشتعلة … شمس مشرقة تضئ عتمة الخوف و الذل … داخلها فتاة قوية قادرة على تحمل كل شىء و أي شىء قاومت ذلك الجهل الذى فرضه عليها مجتمعها بقرأة الكتب … حافظت على عقلها و قوتة بأنها رسمت عالم مختلف خيالى داخل روحها و عقلها … عالم تكون فيه ما تريد و تحقق فيه كل ما تحلم به و تتمنى … حلمت أنها تخرجت من الجامعه .. و إن هناك شاب مميز وقع أسير بشرتها الخمرية و عيونها السوداء و خصلاتها التى تحاكى عيونها الكحيله سواداً خاصة مع طولهم الذى يصل إلى ركبتيها … رجل حقيقى أحبها بجنون و ساعدها فى تحقيق ذاتها … عاملها كملكه أحترمها و أحبها
خرجت من أحلامها على صوت قوى ينادى عليها لينتفض جسدها بخوف و هى تقف عن جلستها على سلم المطبخ الخلفى و تركض إلى الداخل حيث مصدر الصوت
وقفت تلهث أمام جدها الحج رضوان الزينى كبير العائلة … الحاكم و الآمر الناهى فى كل ما يخص العائلة … وأيضاً فى كل ما يخص بلدتهم
– نعم يا جدى … أأمر
لينظر إليها بغضب شديد و هو يقول
– كنتِ فين يا بنت فاطمه ؟
– كنت فى المطبخ … هكون فين يعنى .
قالتها بصوت يرتعش خوفاً … ليقول هو بأستفهام غامض بعد أن أرسل إليها نظرة صارمه
– جهزتى كل حاجه زى ما أمرتك؟
أومئت رأسها عدة مرات و هى تعد على يديها ما قامت به من أعمال .
– نظفت الأوضة و هويتها … وعملت كل الأكل إللي قولت ليا عليه … كمان بعت عم عبد الصمد يقول لكل كبرات البلد على غدا النهاردة
ظل صامت و ينظر إليها تلك النظرة القوية التي تجعل جسدها يرتعش خوفاً … فهى دائماً تشعر بالخوف فى حضرة جدها رغم أنها لا تعرف أحد غيره فوالدتها توفيت يوم مولدها و والدها تركها هنا و سافر هارباً من بطش والده و ظلمه و لم تراه و لو لمره واحده … فجدها و عمتها هم من قاما بتربيتها … و من بعد زواج عمتها هى فقط التي تعيش فى هذا المنزل الكبير مع جدها
أشار لها جدها بالأنصراف بعد تحذير قوى بأن يكون كل شيء جاهز فى معاده … و لا تحرجه أمام القادمين لتلك الوليمه الكبيره المعده من أجل عودة الحفيد الأكبر لعائلة الزينى أصلان الحفيد الأكبر و الأوحد للأبن الأكبر لهذه العائلة الحج حسنين الزينى الذى توفى منذ خمس سنوات و من وقتها سافر أصلان لإكمال دراسته فى الخارج بعد تخرجه من الجامعه و لكن رغبته فى تعلم الهندسه بالخارج هى ما جعلت الحج رضوان يوافق على سفره … وكيف يرفض للحفيد الذكر الوحيد أى طلب
عادت إلى جلستها على سلم المطبخ بعد أن تأكدت من كل شئ من جديد و إن الطعام مازال فى مرحلة النضج تتذكر كل ما حدث معها منذ صغرها … أن جميع ذكرياتها السيئة مرتبطة بأصلان … فمثلاً هو من جعل جدها يرفض أن تكمل تعليمها خاصة حين كانت نتيجتها في الصف الخامس الأبتدائي أعلى من نتيجته في الشهادة الثانوية … و من وقتها توالت الأحداث السيئة فى حياتها و كأنها قدر لها التعاسة بسبب وجود ذلك الأصلان فى الحياة … كما أنها و بسبب وجوده فى حياتها حكم عليها أن تكون زوجته هذا قرار جدها الذى أخذه بمفرده هو حفيده الوحيد و هي حفيدته الوحيدة و لن يزوجها من خارج العائلة … وكيف يحدث هذا و أصلان موجود
حلقة جديدة من حلقات عذابها و ألمها … أصلان الذى يبغضها منذ كانت صغيره من حاول ذات يوم أن يكتم أنفاسها و دفنها تحت إحدى شجرات الحديقة هى تعلم أن فى ذلك الوقت كان صغيراً و لكنها لم و لن تنسى كلماتها
((أنا بكرهك … أنا مش عايزك تعيشى معانا فى البيت … أنتِ عار ))
كلمات سمعتها من قبل و لكن على لسان جدها … و من وقتها لم تشعر يوماً أنها فى بيتها … لم تشعر بالسعادة يوماً … أو الأمان و فى كل مره تقف فيها بين يد الله تدعوه أن يرحمها مما هى فيه و لكن من الواضح أن لحياتها سبب حتى لو كان العذاب يغلفها و لله الأمر من قبل و من بعد
مر الوقت و قد أنتهت من كل شيء و الرجال تتوافد الأن كما العادة فى المواقف المشابهه و حضرت أيضاً بعض الفتيات لتساعدها فى تقديم الطعام فهي بمفردها لا تستطيع تلبيه كافة الطلابات على كل تلك الطاولات .. أخذت نفس عميق و هى تحاول تجنب عقلها التفكير فى كرهها لأصلان و أمنيتها الكبيرة فى وضع سم الفئران له بدل من الملح أو السكر … لكنها تخاف الله … و تعلم جيداً أنه لن يضيعها … لن يظلمها .. فرب الخير لا يأتى إلا بالخير
فى تلك اللحظه علت أصوات السيارات و هتاف الرجال يعلمها أن سجانها الجديد قد وصل … يخبرها أن هناك قيد جديد ألتف حول عنقها … و قيود جديدة تلتف حول قدميها و معصميها … و كم تشعر به يخنقها … و يمنع وصول الهواء إلى صدرها .. خرجت من أفكارها على صوت إحدى الفتيات و هى تقول
– أبن عمك جمر يا جدر
نظرت إليها قدر بأبتسامة جانبية ساخرة و قالت
– اااه قمر … قمر قاتل سجان وسيم … شبه حراس المقابر الفرعونية
أعتدلت فى وقفتها و قالت بصوت واضح و قوى
– شهلوا يا بنات … وجب وقت الغدا
و خلال ثلاث ساعات لم تتوقف أى منهم عن العمل من وضع الطعام ثم جمع الأطباق الفارغة و غسلهم و وضع أطباق الحلوى و الفاكهة و المشروبات الباردة و الساخنة … عشر فتيات يقومن بعمل مئة رجل … الرجال الذين يجلسون بالخارج دون شعور ولو بالشفقه على هؤلاء الفتيات .. على أقدامهم التى لم ترتاح لدقيقه .. و أيديهم و ظهورهم … على معدتهم التى لم تتناول الطعام حتى الأن
و لكن من يسمع … و من يرى … من يشعر و القلوب تحجرت
بدء الرجال فى الرحيل و فى نفس الوقت بدأت الفتايات فى التنظيف توجه أصلان إلى غرفته و أكملت قدر تنظيف المطبخ و القاعة الكبيرة و الحديقة … و ستترك باقى عمل المطبخ للغد بعد ما رحلت الفتيات
كانت تفكر … أنه لم يهتم أن ينظر إلى وجهها … هو لم يهتم أن يسأل عنها … لا تعلم كيف لجدها أن يأمر بزواجها من أصلان … الذى لا يكره أحد فى الكون كما يكرهها .. و لا تبغض هى إنسان على وجه الأرض كما تبغضة حتى والدها الذى تركها عالقه فى كل ذلك الألم بمفردها دون أن يهتم لم تكرهه يوماً … لأنها لو أستطاعت أن تفعل مثله لفعلت
توجهت إلى غرفتها تريد بعض الراحة … و لكن هل وجود أصلان في البيت سيجعل الراحة إحدى أختياراتها … حين مرت من أمام غرفته متوجهه إلى غرفتها الصغيرة فتح الباب و طل منه بطوله الفارع و جسده الضخم أثر ممارسته الرياضة و ملامحه الخشنة التي رغم وسامتها إلا أنها تبغضها و تذكرها بذلك اليوم الذى وضع يديه حول عنقها و حاول قتلها و تلك الإبتسامة المستهينة و قت قرر أن يمنعها من إكمال دراستها .. كان مازال بملابسة كاملة .. و نفس النظرة المستهينة الكريهة و زاد كل ذلك حين سمعت صوته البغيض المليئ بالتعالى و الكبر
– كنتي فين كل ده … المفروض أفضل مستنيكى قد أيه ؟
ظلت تنظر إليه بصمت ثم قالت باندهاش و خوف أعتادت عليه
– مستنينى ليه ؟
– علشان تقلعيني ؟
قالها ببرود و غرور و تعالي .. و بأمر و كأن ما يقوله شيء عادى … تراجعت خطوتان للخلف ليقول بأبتسامة أستخفاف
– الجزمة مخك راح فين ؟ و لا صحيح هتجيبى المخ ده منين ؟
و تركها على وقفتها وعاد إلى الغرفة … جلس فوق ذلك الكرسى الكبير ينظر أمامه و كأنه الحاكم بأمره أو سلطان عظيم و الجميع أسفل قدميه .
كان عقلها يحاول ترجمة ما حدث الأن لكنها لم تستطع إيجاد تفسير واحد غير أنها مجرد جارية … خلقت فتاة لتكون جارية لأبن عمها المغرور … أغمضت عينيها و بدأت فى أخذ عدة أنفاس علها لا تبكى أمامه لتنتفض على صوته و هو يقول من جديد
– هفضل مستني كتير ؟
لتفتح عيونها … و تدلف إليه بأقدام متراخيه … تتمنى لو تموت الأن .. أن يرحمها الله من كل ذلك .. لكن من الواضح أن هناك حكمه ما من بقائها فى هذا العذاب القاتل
حين وصلت إليه و وقفت أمامه مد ساقه كأشارة لها أن تقوم بما قاله
نظرت إلى حذائه .. ثم إلى وجهه و أنحنت دون أن تحنى رأسها .. أمسكت حذائه تخلعه من قدمه و عيونها ثابته فى عينيه دون إنكسار .. و رغم أن قلبها يبكى و هو متحطم من إحساسه بالذل و الهوان إلا أن عيونها قوية و هذا أكثر ما يبغضه فيها أنها مهما حاول كسرها تظل قوية ثابتة
أنتهت مما أمر به و وقفت و عيونها لم تغادر عينيه ليقول ببرود
– خدامة ممتازة .. بتعملى شغلك بدقة و أنتِ مش شيفاه .. برافو
ثم وقف ينظر إليها بتحدى و أكمل قائلاً
– أهو هو ده بقا فايدة إنك تربى العبد متشتريهوش
و تحرك من أمامها و هو يبتسم بتشفى … لكنه وقف مكانه حين سمعها تقول
– صح .. العبد إللى بيربيه سيده بيحفظ كل حاجه تخصه … مميزاته و عيوبه و كمان مواطن قوته و ضعفه
ألتفت ينظر إليها بغضب مكتوم لتبتسم إبتسامة صغيره مصتنعه و تحركت فى إتجاه الباب و هى تقول بصوت عادى لا روح فيه
– تصبح على … يا إبن عمى
و أغلقت الباب خلفها لتنحدر تلك الدمعة الحبيسة … توجهت إلى غرفتها مباشرة و أغلقت الباب و جلست خلفه أرضاً تبكى كل ما هى فيه و الشيطان يصور لها الأن أن تذهب إليه تقتله بيديها تكتم أنفاسه كما حاول هو كتم أنفاسها سابقاً لكنها أستعاذت بالله من الشيطان الرجيم .. و توجهت إلى الحمام أخذت حمام دافئ و خرجت ترتدى أسدالها الذى كان يوماً لوالدتها كملابسها فجدها يرفض شراء ملابس جديده لها .. فترتدى ملابس والدتها رحمها الله و عمتها ترسل لها من وقت لأخر بعض الملابس
وقفت بين يدى الله تصلى فرضها … و مع كل سجده تدعوا الله أن يخلصها مما هى فيه … و إذا كان ما يحدث معها لها خير فيه فليهبا القدرة على التحمل و دائماً ما تجد القدره على التحمل … و مع آخر سجده و من كثرة أرهاقها غفت على تلك الوضعيه و بعد عدة دقائق أرتخى جسدها بالكامل و تمددت أرضاً و غرقت فى نوم عميق
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قدر)