رواية قاع البير الفصل الأول 1 بقلم هنا عادل
رواية قاع البير الجزء الأول
رواية قاع البير البارت الأول
رواية قاع البير الحلقة الأولى
أنا زكريا عندى ولدين وبنت، غادة الكبيرة، وكريم وضياء الصغير.
الوقت اللى ابتديت فيه احداث الحكاية كانت غادة بنتي عندها 20 سنة، حلوة غادة وبيضا و شعرها اسود ناعم ومحجبة، كريم ابني فى الوقت ده كان فى الثانوية العامة، اما ضياء كان فى 2 اعدادي.
– أنا اصلي من الصعيد، ولحد دلوقتى علاقتى قوية بأهلي وناسي اللى عايشين فى الصعيد، اه انا جيت عيشت فى اسكندرية من سنين طويلة علشان شغلي اللى اجبرني انى انقل عيشتي كلها لأسكندرية، وقتها كانت غادة بنتي لسه مكملتش سنتين، لكن الحمد لله عيشتنا كويسة ومستورة، عندى ارض فى الصعيد بيجيلى منها قرشين كويسين واهو شغال موظف فى الحكومة وامورنا ماشية الحمد لله وفي يوم وليلة كل حاجة فى حياتنا ابتديت تتغير، وبالذات بعد ما جالي خبر حريق بيت اخويا الوحيد، احنا اتنين رجاله واربع بنات اخوات، مات اخويا انور ماتت مراته ومات معاه اتنين من عياله لكن اللى اتلحقت واحدة بس منهم وهى بنته الصغيرة، شيماء.
– اليوم اللى جالي فيه خبر اخويا كنت بصرخ زى الحريم، لا استعيبت ولا قدرت استحرم البكا على الميت، ده أخويا يعنى ضهري وسندي لا عمره تعب ولا عمره اشتكى، راجل ولا كل الرجالة، خدوم وملام ماشي على الارض، كلمته كانت بتمشى على الكبير والصغير سواء فى العيلة او حتى من اهل البلد،راجل صعيدى لكن عقله يوزن بلد، لا بيحب الأذى ولا الدم، ولا يظلم، ولا يرضى بالتار او اخد الحق بالعافية والغصب…صدمة خلتنى ماشي وانا بتكعبل فى رجليا، روحت انا وعيلتي الصغيرة على الصعيد وانا كنت بتمنى انى اروح طاير مش ماشي، وحكّمت كلامى أنه ميتدفنش قبل ما اروح ابص عليه واودعه، خصوصا ان اخويا فى قنا وانا فى اسكندرية يعنى هاخد فى الطريق فوق ال8 ساعات سفر، حاولوا الناس اللى بلغوني يقنعونى ان اكرام الميت دفنه خصوصا ان طلع تصريح الدفن بعد التشريح والمعاينة، لكن لاء:
– أخويا مينزلش التراب من غير ما ابوس ايديه ورجليه، أخويا يستناني لحد ما اجيله.
كريم:
– يا بابا حرام عليك، كفايا انه اتشرح واتعذب فى موته، خليهم يكرموه ويدفنوه.
زكريا:
– أسكت انت يا كريم يابني، اللى مات ده ابويا مش اخويا، ربنا ما يكتب عليك يابني حرقة قلبي.
ام كريم بعياط:
– حريقة ايه اللى تقوم فجأة دى، لاحول ولا قوة الا بالله.
ضياء:
– قولي يا كريم، هو انا لو مت هتزعل عليا؟
ام كريم بخضة:
– بعد الشر يا ضياء، ايه لسانك السم ده، اوعى تقول كده تاني.
غادة:
– تفتكري يا ماما شيماء حالتها ايه؟ اتشوهت هى كمان ولا ربنا نجاها؟
ضياء:
– هو انا ليه محدش رد عليا؟
زكريا بأنفعال:
– ضياء، انا مش ناقص الله لا يسيئك، ربنا يباركلى في اعماركم يا حبيبي، انتم بقيتوا سندى من بعد ربنا وعمكم الله يرحمه.
كريم:
– ربنا يخلينا لبعض يا كريم، وبعدين علشان متتكلمش فى المواضيع دى مرة تانية، انا مقدرش يابني اعيش من غيرك، ده انت اخويا وصاحبي وابني كمان.
الكلام ده فرّح ضياء وحتى أنا كأب فرحت جدا ان ده رد ابني على اخوه، لكن مكنتش قادر اتكلم تاني من بعد الكلمتين دول، غمضت عيني علشان مش طايق حد يتكلم معايا نص كلمة تانية، غير ان هما مالهمش ذنب هما كمان علشان اتعصب عليهم، كملت الطريق وانا عامل نايم، خلص الطريق فى كلام كتير اوى بين مراتى والعيال، انا سامعه كله لكن دماغي مع اخويا، عمل ايه هو علشان يموت موتة زى دى؟، يتحرق ليه؟ معملش اللى يستاهل عليه عذاب زى ده، حتى عياله دول لسه ورد مفتّح، ااااه يا زكريا واتربطت فى رقبتك امانة تقيلة اوى، يارب قدّرني عليها.
كانت كل حاجة تخص اخويا بتدور فى دماغي عيشتنا فى بيت واحد زمان، لعبنا وكلامنا، حتى لما كنا بنتشاكل ونزعل بعض، عمرنا ما اتخاصمنا، بيتنا كان كله ود حتى لما ابويا وامي ماتوا كان هو ابونا، وهو اللى مجهز اخواتي البنات ومجوزهم، رفض يخليني ادفع جنيه من شغلي وشقايا فى جهازهم، كان شايف ده واجبه هو، الله يرحمك ياخويا ويصبرني على فراقك.
خلص الطريق ووصلت، محدش فى البلد مش حزين، الصوان منصوب وازواج أخواتى فى انتظارنا، والشهادة لله الناس كانوا قايمين بكل حاجة على اكمل وجه.
زكريا:
– فين اخويا يا عم صالح؟
عم صالح”شيخ الجامع ومن كبار البلد”:
– ادخل يابني اخوك جوة فى أوضة ابوك، وبناته ومراته فى اوضة تانية.
زكريا:
– كتر خيركم انكم مطلعتهومش من المستشفى على المدافن.
خيري”زوج احد خوات زكريا”:
– أحنا بعد التشريح وتصريح الدفن قولنا يطلعوا من البيت الكبير.
لقيت نفسي بجري وداخل على الاوضة واولادى دخلوا ورايا، مخدتش بالي مراتي وبنتي راحوا فين، لكن عرفت بعدين ان جوز اختى دخلهم عند الحريم، كانوا اخواتي البنات فى حالة صدمة وذهول من اللى حصل.
أخويا متكفن…يااااااه صعبة اووووى اووووى أصعب من ان البني ادم يشرحها او يتخيلها بعقله، محدش هيعرف معنى كلامي غير اللى مات غالى عنده وشافه لأخر مرة وهو ملفوف بكفنه.
– لقيت نفسى بترمي عليه وبعيط بصوت اشبه بالصراخ، ابني كريم كان جنبي بيحاول يبعدني عن جسم اخويا الملفوف بالكفن، بيحاول يخليني اهدا، مش من عوايد الرجالة عندنا انهم يعيطوا، لازم الراجل يبقى ناشف وحزنه جواه، لكن ايا كان اللى شرّع حاجة زى دى او فرضها، أنا دلوقتى مش هعمل حاجة غير انى ابكي وأنوح على اخويا.
خيري:
– خلاص يا زكريا، لما انت تعمل كده اخواتك يعملوا ايه؟
ضياء:
– يا بابا يلا نطلع من هنا انا خايف.
كريم:
– استهدى بالله يا بابا، يلا بينا نطلع للناس برة.
زكريا:
– عايز اشوفه.
خيري بذهول:
– أتقي الله يا زكريا، ايه ياجدع اللى بتقوله ده؟ خلينا بقى نكرمه وندفنه، وبعدين انت مش هتحب تشوفه بالحال اللى هو فيه.
– لقيت نفسي بعيط أكتر من الاول..ومسمعتش اى كلمة تانية من اى حد وايدي راحت لرابطة الكفن وبقيت افكها وكأنى بحل الحبل من على رقبته، كشفت عن وشه وياريتنى ما عملت كده.
– أنا مشوفتش ملامح فى وش اخويا، الحريق كان اكبر من انه يسيب فى وشه مكان على حاله، كل ملامحه اختفيت اختلطت ببعضها، اه اخويا من شدة الحريق وشه ساح، شوفته شهقت من المنظر اللى قدامي، غير ان الجلد محروق ومتأكل الا ان وش بني ادم من غير ملامح ده كانت حاجة مرعبة، الحاجة اللى خليت اولادى يخافوا لدرجة البكا، مع انهم معيطوش لما سمعوا خبره مع انهم حزانا عليه لأنه غالي عليهم وكبيرهم زى ما كان كبيري.
خيري:
– لا اله الا الله، الواد سقط من طوله.
سمعت الكلمة وقبل ما الف اشوف مين فى عيالى اللى وقع على الارض.
رن صوت اخويا فى وداني:
– شيماء يا زكريا، شيماء.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قاع البير)