روايات

رواية قابل للكتمان الفصل الثاني عشر 12 بقلم خديجة السيد

موقع كتابك في سطور

رواية قابل للكتمان الفصل الثاني عشر 12 بقلم خديجة السيد

رواية قابل للكتمان الجزء الثاني عشر

رواية قابل للكتمان البارت الثاني عشر

قابل للكتمان
قابل للكتمان

رواية قابل للكتمان الحلقة الثانية عشر

= مين اللي بيخبط بالطريقه دي .
قالتها ضحي بقلق عندما فوجئت بباب المنزل يطرق بقوة، هز منذر رأسه بعدم معرفة لتنهض ضحي تركض لتفتح الباب وتفاجات به شاهين
سألته مهتمة
= خير يا عمي في حاجه؟ حد حصل له حاجه
صـاح هاتفًا بطريقة محرجة وهو يفتح الباب بقوه ليدخل بكل غضب
= و هيجي الخير منين طول ما جوزك مش عاوز يتحمل المسؤوليه ويريحني، انت هنا يا بيه وسايبني في المصيبه دي لوحدي انا مش عارفه لحد امتى هقعد افهم فيك؟
تفاجئ منذر من طريقته الفجه الذي لا يتوقف عنها ولا يمل، ثم نظر له بغضب مكتوم وهو يجيبه بصوت مغتاظ
= ايه اللي حصل لكل ده عملتلك انا ايه دلوقت
صرخ به شاهين مشيرًا بنظراته النارية
= اللي خلاك تدي عربيتك لاخوك وهو ما لوش في السواقه اهو خبط واحد وكان هيتسجن
بسببك
عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول بصدمة
= عربيه إيه اللي اديتها له؟ هو طلبها مني فعلا وانا رفضت يبقى اكيد خدها من ورايا عشان انا سايب المفاتيح تحت
هدر بعصبية جلية وقد تشنجت عضلات جسده بالكامل
= وانت طالما طلبها منك تسيبها قدامه ليه؟ ما جايز فكرك رجعت في كلامك لما سبتها تحت ما تشغل مخك وخدها معاك ما تبقاش غبي كده وحمار علي طول، كان ايه اللي هيحصل دلوقتي لو الراجل ما كانش رضي ياخد التعويض وحبس اخوك
اغتاظت ضحي من أسلوبه المستفز في التصرف بوقاحة وعدم احترامه لابنه أمامها ولا إحترام خصوصية المنزل، لكنها صمتت بحنق دون تعليق.
بينما هز رأسه رافضا حديثه بتلك الطريقه امام زوجتة وأردف بصوت ثقيل مشحون بالألم
= هو انت سامعني انا بقول لك ايه بقول لك خدها من ورايا يعني سرقها وانت برده جايب الحق عليا، ما تروح تحاسب ابنك انا مالي
ليرمقه بنظراته المحتدة وهدر بصوت مكتوم يحمل الغل
= ومين قال لك ان انا ما اديتوش كلمتين زي ما بحاسبك انت كمان يا فاشل، واتكلم على اخوك عدل اخوك مش حرامي وما تنساش ان العربيه دي اصلا جايبها بفلوسي وشغل الوكاله
كانت ضحى تتابع الموقف بقلق شديد وأرادت أن تتدخل لكن لا تعرف ماذا تقول وكلا منهم يتحدث بغضب أكبر للآخر؟؟ لكن الذي لا تفهمه ذلك الشخص الذي يدعو شاهين حماها رغم أن منذر اخبره بأنه لم يعطيه مفتاح السياره عن طيب خاطر وقد أخذها الآخر دون علمه فلماذا يصر على أنه هو المخطئ ولم يذهب ويحاسب ابنه الصغير، هل لهذه الدرجه معمي العينان ولا يرى كيف يظلم ابنه الآخر.. فماذا يقول ذلك المعتوه هل جن بالفعل، ام هناك كوابيس تدار بعقلها.
شعر منذر بأن نيرانه تآكله من داخله لمجرد سماع الحديث المهين ذلك ورفض الاعتراف بالحق وأن معاذ المخطئ الوحيد في ذلك الموضوع، وما آثار غضبه أكثر رفضه أن يقال عن ابنه لص! وانما هو طوال الوقت يهينه بابشع الألفاظ ببساطة، حاول أن يبدو صلب ولا مرة بحياته يرد بتحدٍ جريء
= لا معلش بقى العربيه بفلوسي وتعبي انا اللي في الوكاله، انا كل حاجه بجيبها بمجهودي مش زي إبنك باجي آخر الشهر أخد المرتب من غير ما اشتغل… ولا كل ما يعوز فلوس تديها له ويروح يتصرمح مع اصحابه ويصرفهم يعني انا اتعب واشتغل واكبر و ابنك ما شاء الله بيخلص على الجاهز، فبدل ما تيجي تحاسبني انا روح حاسب نفسك عشان مش عارف تربي وطلعت واحد فاشل بيعتمد علي كل حاجه تيجيله وهو قاعد من غير ما يتعب فيها بس هقول ايه ما هي تربيتك الزباله
قضت كلماته الأخيرة على أخـر شعرة من صبر أبيه فانقض عليه ممسكًا إياه من تلابيبه وهو يصرخ فيه بانفعال جامح
= أنا تربيتي زباله يا واطي يا أبن الكلب.
ثم تراجع بجسده للخلف ليسدد له صفعه بعنف قاسية في وجـــه منذر الذي تلاقها دون انتباه، شهقت ضحي بذهول بينما شعر منذر من شدة الصفعه أن توقف الزمن.. توقف الوقت.. دوران الكرة الارضية أصابه سكون و جفول اللحظة هول الموقف رغم لم تكن المرة الأولى بكل تأكيد! لكن نفس الإحساس نفس الشعور ذلك الألم تلك التفاصيل الصغيرة فكه الحاد صوت ابتلاعه لريقه عُقدة حواجبه التي تظهر بوضوح بينما يواسي تلك التفاصيل هو صوتها وهي تهتف باسمه وعينها التي تشع حزن وصدمه عليه وبعض العطف .
❈-❈-❈
في منزل معاذ بعد عودته من المخبر وانتهت قصه الحادثة وتم تعويض الرجل الذي اصطدم به بمبلغ ليس بسيط، صعدت والدته حتي تطمئن عليه وظلت جانبه تخفف عنه، غمغمت مايسة الجالسة أمام الأريكة التي ينام عليها معاذ بينما كانت بيدها طبق طعام المميز لدى طفلها بالطبع والذي لم يمسه وهي كانت تحاول معه دون فائدة.
تفتت قلب أمه وهي ترى أبنها متمدد على الأريكة بوجه ذابل و واضح عليه من اثار الخضه لتقول بصوت متحشرج وهي تمرر أناملها بحنية بين خصلات شعره
= لا حول ولا قوة إلا بالله.. يا ابني ما انت لازم تاكل لقمه مش خلاص ابوك خلص الموضوع وقال لك الراجل اتصاب يا دوبك شويه كسور بسيطه ما تشيلش نفسك الذنب بقي، هو انت كنت قاصد يعني تخبطه.
مط شفتاه بعدم شهية ثم هتف بزعل
= مش عاوز حاجه، انتٍ ما شفتش أبويا فضل يزعق فيا ازاي كنتي قوليله بقى الكلام ده و بعدين الراجل هو اللي طلع فجاه في وشي، وانا ما كنتش اقصد بيني وبينه حاجه يعني مثلا عشان اكون قاصد
قالت له أمه بحزم مشوب بحنان أمومتها وهي تمس علي شعره
= طب يا روحي خلاص يا حبيبي انا مصدقاك هو بس اتنرفز من خوفه عليك، حقك عليا انا كل بقى المعلقه دي عشان خاطري
أومأ معاذ برأسه ثم قال بلا تعبير بصوته الأجش
= حاضر يا أمي عشان خاطرك بس.
تناول منها القليل لتبتسم أمه هاتفه بسعادة
= بالهناء والشفاء يا حبيبي يا نور عيني أنا.
كانت من بعيد تراقبهم بسمة وهي تفتح فمها بعدم تصديق من طريقة حماتها في الدلال مع زوجها أمامها ثم اشماز وجهها وهي تقول لنفسها بقرف
= حاسه ان انا عاوزه أرجع من اللي بشوفه قدامي، ايه المياصه الأوفر دي والدلع المايع.
تنهدت مايسة تنهيدة طويلة وهي تحمد ربها على سلامه طفلها ثم قالت بضيق وهي تشعر بالغضب من ابنها منذر
= الله يسامحه اخوك التاني كمان عصب ابوك اكثر لما طلع يزعقله عشان ازاي يسيبلك المفتاح وهو عارف ان انت مش بتعرف تسوق
اعتدل في جلسته بعدم رضا وقال لوالدته بصوتٍ مجهد من إعياءه
= وايه اللي يخليه يعمل كده انا اصلا إللي اخذته من وراه بصراحه، و هو ما لوش دعوه.. ده حتى لما قلتله قال لي نفس الكلمتين اللي انتم قلتهملي طالما مش بتعرف تسوق ما تاخدهاش
رفضت والدته ان تعترف بأنها أخطأت وزوجها أيضاً وقالت بتبرير حازم
= برده كان لازم بعد ما طلبت منه يبعد عنك المفاتيح مش يسيبها قدامك! بس هو جري ورا السنيوره مراته ومش في دماغه حاجته.. ما انت اصلك ما تعرفش ان انا قبليها اتخانقت معاه بسببها، ربنا يصبرني على اللي بقيت اشوفه منكم ولا واحد من أحوال عيالي يسر حاله غير انت يا معاذ
لوت بسمة شفتاها ثم رفعت وجهها بإباء وغرور وهي تقول بصوت عالٍ
= معاكي حق يا حماتي.. البركه فيا بقي لأن عنده زوجة ذيي فاكيد حاله هيكون دائما بألف خير
نظرت حماتها لها بطرف عينها فكزت على أسنانها وهي تنهض قائله بامتعاض جلي
= طب يا اختي انا نازله اشوف عمك وتعالي انتٍ اكلي وما تنسيش تدي الدواء، تصبحوا على خير .
بمجرد أن أوصدت والدته الباب خلفها اقتربت منه زوجته بابتسامه عريضه وهي تقول
= سلامتك يا روحي كده برده كنت هتخبط واحد بيعدي الشارع عادي! وتوجع قلب امك وتعصب ابوك على اخوك
عقد حاجبيه من طريقتها دون فهم فمررت يدها تربت فوق كتفه تسترسل برقة وحزن
= وأنا كنت هخسر زوج محب و وفي.. ولا إبنك مالك حبيبك كان هيخسر أب بيهتم بيه وبيرعية.. هو احنا هنلاقي زيك فين بس
رفع احدى حاجبيه يتساءل بينما يرشقها بنظرات قاتمة
= هو انتٍ بتتريقي عليا يا بسمه .
رفعت يدها تخبط علي صدرها وهي تشهق بصدمة مصطنعة ثم قالت بسخرية مبطنة
= انا برده هتريق عليك؟ هو انت بتشكك في كلامي ولا ايه.. ولا ما يكونش ده الصح واللي بيحصل
نفخ بعصبية قبل أن يبعد يدها بغضب ضاغطًا على يدها بإصبعيه
= بسمه ابعدي عني انا مش طايق نفسي، وفيا اللي مكفيني مش حتي وانا تعبان هتستلميني تريقه .
لوت ثغرها للجانب على مضض ثم جلست جانبه وهي تعطيه كوب الشاي معلقة بهدوء وهي تبتسم بسخافة
= طب خد أشرب الشاي، ده انا عامله بايدي وما تنساش تقول عليه حلو وتسلم ايدك يا مراتي يا حبيبتي!
كز معاذ على أسنانه مغتاظًا منها ثم قال هاتفًا بحنق
= لأ مش حلو، و وحش من قبل ما اشربه حتي.
هزت كتفها باستفزاز ثم ردت بنبرة باردة متهكمة
= عادي يا حبيبي ولا يهمك، وحش وحش زي اليوم اللي شفتك فيه بالظبط.
نظر لها بنفاذ صبر ثم هتف متساءلًا بفتور
= يووه بقي مش هنخلص، انتٍ مالك ومالي النهارده حد مسلطك عليا
تجاهلت كلماته لكن ضاقت نظراتها نحوه وهي ترد بحدة خفيفة
= عارف يا جوزي يا حبيبي ليه ربنا خلقنا عندنا اتنين عين مش عين واحدة؟ علشان اللي بيشوف بعين واحدة مبيشوفش كل اللي حواليه
عقد حاجيبة بعدم فهم وجاءها صوته قائلًا بتأفف موجز
= الكلام ده ليا.. وإيه بقى اللي انا مش شايفه بعيني الاثنين؟
تحولت ملامح وجهها إلي الجدية وهي تردف بنبرة حادة مقصودة
= ان في ناس ما عندهاش دم ولا احساس بتعمل الغلط وغيرها يشيله، من غير حتى ما تفكر في نتائج اللي بتعمله واخرتها تضر غيرها
صوت ابوك كان مسمع البيت كله وهو بيزعق لمنذر عشانك ومهما الكل يدافع ويقول انت اللي غلطان وما اديتهوش المفتاح وابوك دماغه متربسه وعاوز يطلع الغلط كله عليه ويفش غله.. ابقى افرح بقى بعمايلك بعد ما ابوك هزقه قدام مراته
شعر بالذنب قليلاً ليرد بصوت خفيض يشوبه الارتباك
= انا اصلا قلت له ان انا خدت المفتاح من وراه وما طلبتش منه يزعقله ولا يعمل اللي عمله هو اللي عمل كده من نفسه انتٍ هتشيليني ذنب دي كمان..
ازدرد ريقه، ورغم هذا لم يظهر قلقه علي اخية من حديثه معها، فقال متسائلاً بحذر
= هو أبويا زعقله جامد؟ طب حالته عامله ازاي دلوقتي
اقتضبت زوجته في حديثها معه بعد حصولها على ما تريد، فهتفت قائله بجفاء
= أكيد حالته وحشه وبدل ما يطلعوا يطيبوا بخاطره قاعدين بياخدوا في خاطر الغلطان ويداده في زي العيال الصغيره.. يا ريته كان زعقلك انت بداله وخدت الكلمتين ممكن تتلم شويه وتفكر قبل ما تتصرف بالدفاع
أنهار جسده للأسفل أعلي الأريكة بتعب وضيق من ما حدث اليوم، ثم استمع الى صوت التلفزيون يعلوا بالداخل وصوت أغاني عيد الأم منبعثه منه اعتدل وهو يهز رأسه باستنكار
= قولي لابنك يوطي التلفزيون ده دماغي مصدعه، عرفنا خلاص ان النهارده عيد الأم و بدل ما هو عمال يسمع في الأغاني ينزل يعيد على جدته ويقول لها كل سنه وانتٍ طيبه زي ما انا عملت الصبح وشكرتها .
ضحكت بسمة متهكمة علي حديثه وهي تقول بهمس بصوت مغتاظ
= هو بيشكر أمه على ايه الرجل ده، دي معرفتش تربيك بلا خيبه .
رفع يده أمام وجهها قائلًا بعبوس
‏= بتقول ايه سمعيني انا عارفك لما بتبرطمي يبقى بتشتمي!
ردت عليه زوجته ببساطة وهي تبتسم
= بفكر يا حبيبي في هديه لامك عشان اشكرها انا كمان .
حدق فيها زوجها بعدم تصديق، ثم لوت ثغرها مرددة بنبرة تحمل السخرية
= ولله نفسي ارجعك لأمك هدية بس أخاف تفهموني غلط .
❈-❈-❈
كان مليئة بالدموع رغم ما أعتاد المشهد ولكن هناك مشاهد تقف اللغة خرساء أمامها، هناك وجع لا يُقال آه وهو ليس بعيد لأن في قلب الحدث.
شعر كأنه طائر يذبح عنقه بسكينًا بارد وهو لا حول له ولا قوة، قبضة مؤلمة من بين ثنايا قلبه الذي بدأ يثور بنيران الغضب عندما هال مقدار الضعف والحزن على حاله كم هو مؤلم أن يرى نفسه بتلك الحالة الهزيلة بسبب والده لقد سحبت روحه ولم يعد لديه القوة على الحديث، بل تمنى حينها أن تزهق روحه لربه
لا يعلم أي جرم ارتكبه حتى يحدث معه ذلك أبيه هو من طعنه بخنجر بارد، هو من أسقط قيمته وإهانة وجعله ضعيف الشخصيه قليل الحيله هكذا.. وحتى بعد أن تأكد بأنه ليس له دخل في مشكله ابنه تم عقابه بدل منه كالعاده
الآن ماذا لو أصبحت ضحي مثل غاده بعد ان صفعه والده امامها وقلل من قيمته واهانه مثل ما كان يفعل وهو متزوج من غاده بالسابق و جعلها تستقوى عليه اكثر واكثر، هل صمتها يعني تمردها عليه بعد ان كانت قبل قليل تحاول معه وتدفعه للتغير؟ تمني لو أنه يظل غامضا واستمر في إخفاء ماضيه عنها! كان يغرق في جلد ذاته على ما حدث قهراً..
حاول النهوض ولكن اقدامه لم تقوي على حمله كأن جسده انشق لنصفين، اغروقت عيناه بدموع الخذلان يتخبط ويترنح بوقوفه مرددًا
= مش عاوزه اتكلم في حاجه.
لم تعلق ضحي إنما أغمضت عينيها بألم وهي تفكر فيما حدث فكان قبل قليل فى طريقة لمد جسور الوصال إلى برها المزهر لكن تأتى الرياح بما لا تشتهي سفنه .
ثم تفاجأ بصدمة عندما ما إن شعر بها تجذبه من ذراعه إلى حضنها لتغمره بين ذراعيها الحنان والاحتواء.. وهو استنزف آخر ذرات ذخيرة صبره ليحتجزها بين ضلوعه حتى توجعت عظامها.. ليدفن نفسه في عنقها بقوة..
أبعد وجهه بعد لحظات قليلاً عنها يطالعها بصمت عيناه تخترقان عينيها اللامعتين كأنه يتخذها بوابة فيعبر منها إلى عمق روحه ثم قال بصوتٍ أجش فيه بحة
= عالجني!.
همست بصوت واهن والكلمات تعجز عن الخروج من شفتيها
= أعالجك من ايه؟ حاسس بصُداع؟ معلش تلاقي من كُتر الصريخ!
هز رأسه ببطء وأشار على قلبه بطريقة مؤلمة
= اه، صُداع فعلًا.. بس هنا.
فهمت ما قاله رغم تقطع صوته، فنظرت إليه بصمت ثقيل ثم اقتربت منه و ضمت رأسه لحضنها و هي تقول بثبات
= تعالى، ممكن حضني يهديك زي كل مره و مش هنتكلم في حاجه زي ما انت عاوز.
كان صامت يتنهد فقط، و شاعراً بوجع و منتظر شعوره بالراحه لأجل الألم يخف.. كان متعب بالغضب وفجاه تلامس كلمه حنيه منها فانفجر من البكاء .
ظلت تواسي بصمت وهي تشعر بدموعه تبلل ملابسها القطنيه وضعت يدها علي ظهره تمسد بحركات دائريه مهدئه أما هو لم يهدأ بل أصبح يبكي بقوه و يشهق بعنف وحزن وقهر لم تجد شئ لفعله فقالت بحزن
= حقك عليا انا خلاص اهدي.
هنا بدأ يشعر بالحنيه، خصوصًا لما قبلت رأسه
رفع عنيا من حُضنها ليرى ابتسامة ضحي التي نبت بإكتشاف أمر كيف تمحي حزنه، تلك الابتسامات وسط الأحزان الواسعة التي تميزها عن بنات حواء اتسعت ابتسامته وهو يزداد قربا وقد اكتفى بما نال مؤقتاً .
ترى ما الذي سيصل إليه بمشاعره تلك؟ فلا ينكر شغفه بها، شغفه الذي لم تتمكن فرقة من القضاء عليه شغف بعث بقلبه ووجد ملاذه فيه فمن يعلم متي نمى وتمكن منه .
بعد مرور وقت كان ما زال يحتضنها بقوه لكن توقف عن البكاء، تساءلت لابد أنه مجهد جدًّا..
فحاولت ان تسنده وتنهض الى الداخل به فما إن وضع رأسه على الوسادة حتى غطّ في نوم عميق وانتظمت أنفاسه.. تنهدت ببؤس وبسمة مريرة ترتسم على وجهها قبل أن تتسع تلك الإبتسامة وتزول منها غمامة المرارة..وبدات أنها تتذكر كل شيء حدث اليوم وكيف قسوتهم عليه التي لا تنتهي فيجب ان يتغير ولا يظل هكذا ضعيف؟ فاحيانا تشعر بأنها أصبحت مسؤوله عنه ولا تحب ان تراه هكذا قليل الحيله! وتمنت داخلها ان يذهب الى الطبيب بالفعل ولا يتراجع عن تلك الفكره و هي تدعو ربها بان تكون حالته ليس خطيره لأجله فذلك الموضوع ان تحسن بالتأكيد سيؤثر على نفسيته بشكل ملحوظ.
لكن لم يمنعها عقلها من التفكير في إذا لم يتعالج بعد وظل هكذا طوال الوقت حالته ميؤوس منها، فهل ينتصر شغفها بها على رغبة كل فتاه بأحلامها في إنجاب طفل و حياه زوجيه طبيعيه؟؟
ما كانت لتعترض وهى ترى نفسها حائرة على حقها منذ نعومة أظافرها، لكن عاهدت نفسها أن تمنحه فيما يأتي كل ما يصبو إليه، تعلم أنه يستحق السعادة لكن لا تعلم كيف تمنحها له !!
يكفى أنه قد قبل على تلك خطوة الذهاب للطبيب، لن تتعجل بالأمر حتي لا يصل بها لفشل جديد، فهي لا تثق أن يتجاوز هذا الفشل بسهولة أولا.
لكن لا تنكر بأن اليوم أخيراً بدأ أن يتحدث و يغضب ويدافع عن نفسه وذلك مؤشر جيد في حالته حتى وإن انتهى بالسلبي.
❈-❈-❈
كانت ديمة تمسك أحد الكتب التي استعارتها من آدم وتقرأ بها بتركيز شديد و ما ان انتهت من آخر صفحة حتي اغلقت الكتاب متنهدة و هي تحتضنه و ظهر امامها خيال ذلك الاستاذ صاحب الوسامة و الهيبة التي تغطي علي المكان المتواجد به أغمضت عينها بقوة تحاول ان تبعد صورته علي خيالها الا انها ابتسمت و هي تتذكر صوته وكلماته معها اخر مرة تتردد في اذنها لا تعلم لما يخطر ببالها لما اهتم بها و هي بتلك الحالة كانت تقنع نفسها ان لا حق لها
لا بالحب ولا بالعيش كباقى الفتيات بعد ما حدث وصار معها لكن هو جاء وجعلها تغير كل ذلك.
شردت لثواني فكانت كفيلة بالعودة بها إلى
ذكريات ذاك اليوم المشؤوم، أغمضت عيناها بقوة وتنهدت بحرارة وهي تحاول ان توعد نفسها ان لا تفكر في تلك الايام ابدا بعد الان.
لكن أصبحت تمر الأيام مملة عليها في غياب آدم عن المنزل فقد ذهب إلى ابن عمه ليطمئن عليه ويراه قبل أيام، تريد ان تراه تريد ان تنظر الي عينه التي تهيم بها و لولا خجلها منه لظلت تنظر اليه حتي توفيها المنيه و لكن لا يسمح لها ان تنظر الي الاعلي و هو في الاعلي ان نظرت ستكسر رقبتها، كانت تقف امام خزانة ملابسه تأخذ احد قمصانه تحتضنها و تستنشق رائحته المعلقة به هائمة بالتفكير به و لم يأتي النوم الي عينها تضم القميص الي صدرها بقوة… وبدأت تتذكر وتشرد بذلك اليوم الذي طلبت منه ان يعلمها العزف على البيانو
نظر آدم لها بهدوء وسألها بعذوبة
= عاوزه تتعلمي بجد العزف على البيانو ؟
اومأت برأسها بنعم بحماس كبير فقال
= تعالي اقعدي جنبي
جلست جانبه فوضع يديها فوق اصابع البيانو
ثم أحد كتفيها وجعلها تفرد ظهرها ليقول بهدوء
= غمضي عينك وافتكري اكثر لحن اغنيه عجبك مع اكثر شخص بتحبيه وحركي ايدك واحساسك هيخليكي تعزفي
ابتسمت ابتسامه بسيطه ثم وضع يده على يدها وبدأ يحرك يده مع يدها وهو يقول
= شاطره ابدئي وانا معاكي
أغمضت ديمة عينيها وبدأت في العزف وهي
تتخيل الشخص الذي تحبه ومتعلقه به واكثر
لحن تحبه وكان بالتأكيد هو ذلك الشخص، كان اللحن الخاص بالقصه الشهيره تيتانيك كل يوم أراك في أحلامي، انبهر آدم بسرعتها في التعليم علي البيانو، استوعبت تعليمها بهذه السرعه وهي مغمضه عينيها وخصلات شعرها الذهبيه الطويله تحوم من حولها، كانت كالملاك الصغير وما ان انتهت حتى اخذت نفس عميق فصفق لها آدم وهو يقول بإعجاب
= مبدعي شابو على استيعابك بسرعه
شعرت بالخجل الشديد و التفتت لترحل لكنه هتف قائلاً بصوت أجش
= استني هنا
التفتت ديمة له ووقفت أمامه وهي تنظر
الى الارض فإنحنى آدم لطولها وهو يقول مبتسماً
= مش المفروض البنات الحلوين يقولوا شكرا لما نعلمهم حاجه؟ وكمان ما فيش تصبح على خير
ديمة وهي تنظر اليه لتشير إليه لكن وجدت فرصتها للتعبير بطريقة آخري، ارتبكت كثيراً من فعلها ولكن لماذا لا حتى هي كانت تريد بشدة هذا نظرت مطولا الى عينيه بعد ذلك قررت فعلها فسارت بخفة لم يلاحظها الا وهي تتقدم منه وتقبل جبينه حتى وإن كانت قبله بريئة، اتسعت عينا بذهول وصدمه فلم يتوقع فعلتها لكن حاول ان لا يفكر كثيراً بالامر فهي بالتأكيد تعتبره مثل والدها، لذلك فعلت ذلك بحسن نيه لا أكثر.
حمحم آدم وأشار إلي الطاوله الصغيره التي عليها مذكره وقلم فقال لها
= بصي دي مفكره بتاعتي وفاضيه محدش بيفتحها أنا هعمل معاكي إتفاق حلو، كل ما تحسي انك متضايقه وفي حاجه عاوزه تقوليها بس مش عارفه ازاي؟ تكتبيلي ورقه في المذكره عن اللي مضايقك ومفرحك مني حتى لو انا؟ وأنا هفتح وهقرأ أكيد وده هيشيل عنك الإحراج تماماً.. اتفقنا.
أومأت برأسها مبتسمة باتساع فاحتضنه بقوة فقال مبتسماً بتوتر
= عدي الجمايل بقى كده علمتك حاجتين عزف البيانو وانك تكتبي مشاعرك المكبوته .. عقبال ما ارجع من السفر اصل هروح يومين عند ابن عمي في البلد
ابتعدت عنه، شملته بنظراتها و لكنها تظاهرت باللامبالاه و هي تقول بهدوء زائف
= اه تيجي بالسلامة ان شاء الله
شعر بضيقها فهو يعلم جيد كيف تخشى الوحده وتكرهه، أعاد آدم وضع خصلة شاردة خلف أذنها قبل أن يردف
= تصبحي على خير يا ديمة، خلي بالك من نفسك وانا هحاول ما اتاخرش
هزت رأسها بزعل و ردت بخفوت
= وأنت من أهله.
دخلت غرفتها ثم توجهت الي المرحاض و اغلقت الباب واستندت بظهرها عليه و هي تتماسك حتي لا تخرج الآن وتطلب منه عدم المغادرة و المكوث الي جوارها لا تريده ان يغيب عنها الآن تعلم انها تخطأ بحق نفسها فهو لا يراها إلا فتاه مثيرة للشفقة تخلي عنها الجميع لذلك يعاملها بهذا الرفق استوقفها
هذا التفكير عنه لتغمض عينها و هي تبتسم
باستهزاء علي نفسها .
لتقف امام صنبور المياه تغسل وجهها و بدأت بتجفيفه ثم استندت ظهرها علي الحائط و أعادت رأسها الي الخلف مغلقة عينها و هي تلوم نفسها بشدة انها سمحت لنفسها الضعيفة ان تميل مرة اخري و لكن هذه المرة قد فعلت خطأ فادح في حق نفسها هو شخص ليست مناسبة لها بأي شكل من الاشكال، فتحت عينها وهي تهز رأسها برفض فذلك التفكير جاء مؤخراً ولم يعد له صلاحيه ولا تستطيع البعد.
عادت من ذكرياتها بالوقت الحالي، و كتبت ما ارادت كتابته في دفترها ثم غلبها النوم كعادتها فوضعت الدفتر ونامت على ظهرها بالأرض أمام النافذه الكبيرة وشعاع الشمس الحار يخترقها، فرشت خصلاتها على الارضية ونامت مستلقية بتعب ولم تشعر بذلك الذي فتح باب المنزل و دلف الي الداخل واضعاً حقيبته علي الارض و نظر اليها وجدها في غرفة المعيشة بتلك الثبات القصيره غافلة عن وجوده ابتسم و هو يغلق الباب خلفه بهدوء وتقدم وقبل أن يتنحنحاً لكن أنصدم عندما وجدها ترتدي قميص قصير عليها بشدة وبارز منحنيات جسدها !!. استغرب من ذلك فلم يراها بتلك الهيئه من قبل وكأنه كان ينظر إليها فقط على انها طفله صغيره.
بينما كان منظرها فاتناً لدرجة لم يتحمل عدم قربه منها! اقترب فنظر لتفاصيلها المعذبة بياضها الناصع بشرتها ذات المحمرة حيث من فرط بياضها ورقتها كانت اطرافها تُحمر لا اراديا ورفعت يدها تضعها على وجهها من شعاع الشمس المحببة لروحها حيث كانت تهرب من البرد القاسي هنا فقط
بقي يراقبها عن كثف متأملاً ذلك المنظر المحبب لروحه بداية من عيناها إلى خصلات شعرها المتناثره على عيناها، يحركها الهواء تارة ويزيحها هو بأصابعه رافضاً أن يغطي شيئاً ما على تلك الجوهرتين الصغيرتين.. مرت لحظات حتى ابتسم على منظرها حيث تخدرت من الشمس الشتوية الدافئة الموصوفة بأنها تخدر الأجسام فسحبت الكتاب بجانبها وسقطت نائمة .
ابتلع ريقه بصعوبة بينما هي عقدت حاجبيها من الشمس فعلم انها تزعج نوم الصغيرة !؟ تنفس بنفس منقطع وابتسم بلا وعي بعد ان لعق شفته ورفع كف يده امام عينها مخبئاً جفونها النائمة حتى لا تنزعج من الاشعة التي تشعي من النافذه الموجوده بغرفه المعيشه ! مر الوقت فتحت عينها رافعة بصرها الحاذق
فوجدته على مقربة منها هلعت فأغلق فمها حتى لا تصرخ متحدثاً بحذر
= اهدي ده أنا هو انتٍ بتتخضي على طول كده؟!.
قالها بهمس خافت وكأنه كان يحتضن ارتعادها
منه فنظرت له نظرة اخترقته، فنهضت بسرعه ولهفه لتصطدم بجسده الذي أصبح ملاصق لها و وجهه قريب منها حتي اختلطت انفاسهم ببعض، تصنمت للحظه وهي تراه بهذا القرب وعيناه تغلف عينيها، كانت تنوي توبيخه والصراخ به حتي لا يتركها مجدداً حتي اذا كلفها ذالك روحها ولكن لا تعلم ما الذي حل بها..!! هل اشتاقت له..؟!!
وسرعان ما ابتعدت وتقدمت منه بسرعة حتي وقفت امامه و منعت نفسها بصعوبة ان تحتضنه لكنها تحدثت اليه قائلة بلهفة واضحة بصوتها لم تقدر علي إخفائها
= حمد الله علي سلامتك اتأخرت عليا أوي يا آآ يا آدم.
عقد حاجيبة بدهشة كبيرة من انها قالت إسمه دون ألقاب لكن اعتقد انها لم تنتبه ولم يعلق ويحرجها، و ابتسم مع شعوره بها ثم في غفلة منه اقتربت اليه تحتضنه و قد شعرت بتصلب جسده بين يدها كانت بالفعل صدمة له حين وجدها تحتضنه مستنشقاً رائحته و ما صدمه اكثر هو همسها له بالقرب من اذنه بصوتها المميز
= ازيك يا آدم وحشتني.
أصاب جسده الارتجاف و هو يشعر بضمها له
و شعورها بالامان و الدفئ بين يديها، ظلت لحظات متوتره من رده فعله الجامده ثم ارتجفت شفتيها تخرج شهقة خافتة و هي تشعر بيده التي تمر علي ظهرها صعوداً و هبوطاً فأخيراً بادلها العناق، ابتلعت ريقها بصعوبة و هي تهمس بأسمه بتوتر مجدداً قاصدة دون ألقاب مثل ما اخبرتها بسمه ليبتعد عنها قليلاً ينظر الي وجهها الذي يظهر عليه الارتباك بابتسامة هادئة و هو يتحدث
قائلاً بثبات زائف
= انتٍ كويسة.
هزت رأسها بالايجاب و هي تنظر الي الاسفل
ليقبل قمة رأسها بحنان و هو يتحدث ناظراً الي قميصه الذي تريديه ومفصل تفاصيل جسدها
= وانتٍ كمان وحشتيني!.
كان مندهشا بفم مفتوح ينظر لها بتعجب خلال اليومين الماضيين تتغير هكذا وبسرعة
ترتدي ملابس مثيرة فمنذ جلوسها هنا لم ترتدي ملابس مثل تلك أبدا، لكن بالتأكيد ارتدت ذلك لانها تعلم بانه ليس هنا وهو لم يخبرها بعودة.
غادرت أخيراً لغرفتها عندما شعرت بالخجل وانتبهت الى ما ترتدي، ليغادر قلبه مرافقا لها عندما انغلق باب غرفتها ليتنهد آدم بأسف وأمام عينيه بسمتها وصوتها الرقيق؛ بالفعل !! هل أصبح يفكر بها هكذا حقا ليحمد الله أنها أبتعدت من أمامه بذلك الوقت حتى لا يتضح تفكيره وينكشف امام نفسه وامامها ايضا.
فمن يعرف ما الذي يفكر به بذلك الوقت لم يصدق بانه نفسه ذلك الأستاذ الفاضل آدم .
ففكره انها هكذا أمامه و زوجته بينما محرمة عليه تجعله يجن اكثر يموت اكثر يتعذب اكثر لكن النظر لها يشفيه فما بالك بلمسها .!!!. فأذن حاله لا يفرق عنها شيء .
❈-❈-❈
استسلمت بسمة إلى إصرار صديقتها عليها حتى تخرج معها الى نزهه في احد المطاعم! ليستمتعون بالاجواء بمفردهم رغم رفضها في الأيام السابقه لكن قررت أن تتراجع عن اتفاقها و توافق أن تخرج معها.. عندما يأست من حال زوجها.
نظرت بسمة حولها الى المكان باعجاب لتقول مروه مبتسمة
= ما قلتليش عجبك المكان صح؟ عشان تعرفي بس أنك كان لازم تطوعني من زمان وتفكي عن نفسك بدل الكابه بتاعه جوزك واهله.
همهمت لها بسمة بصمت وهي تستمتع بالاجواء فلم تنكر أن أي مكان بعيد عن زوجها وأسرته و أسرتها يعجبها بالتأكيد لأنها تفعل كل شيء دون قيود ثم عادت تقول مقترحة بمكر
= عاوزه رايي! لازم تشتغلي وانتٍ خلاص كلها فترة وهتكوني معاكي شهاده كمان حاولي تقنعي انك تشتغلي و وقتها هتكوني قادره تستقلي بحياتك ومش محتاجه لي وهتعرفي تخرجي وتروحي و تيجي براحتك
عبست ملامح بسمة لتجيبها ساخرة
= فاكرك بالبساطه دي هيوافق ان اشتغل و حتى لو خلفت من معاذ مستحيل اهله يقبلوا ست مايسه هتقف فيها انا عارفاها كويس.. هم أصلا عندهم في قانون العيله الست تقعد في البيت معززه مكرمه تخدم جوزها وتخلي بالها من العيال إنما الشغل ممنوع!
زفرت بسمة أنفاسها بقله حيله ثم تابعت حديثها مستهجنة
= على اساس يعني عندهم الراجل بيشتغل أوي، خليني ساكته احسن
لوت مروه فاهها بدهشة ثم قالت لها بإصرار
= دي ايه العائلة دي وهم مالهم اصلا يتدخلوا في حياتك ليه، بس انا لو مكانك برده افضل ازن على حكايه الشغل اقعدي زهقيه ونكدي عليه في حياته لحد ما تيجي منه.. على الاقل هيكون عندك حجه تانيه تخرجي عشانها تكملي دراستك وتخرجي معايا زي كده تشمي هوا
زمّت بسمة شفتيها بيأس ثم قالت بصوت محبط
= ريحي نفسك مش هيرضى ولا هم كمان هيوافقوا انا عارفاهم كويس اكتر منك، ومش بعيد كمان يدخلوا ابويا في الموضوع عشان تكمل لان هكون انا غير.. معاذ مش بيشتغل لكن انا اشتغل هتبقى اهانه لابنهم
وصلت الصورة كاملة لمروه أخيرا فقالت لها بغضب مكتوم
= ايه العيشه اللي انتٍ عايشاها دي هو انتٍ مستحملهم ازاي ده انا لو منك كنت طفشت! يعني زوج مهمل و مش بيساعد في اي حاجه وانتٍ بتخدمي هو وامه! ويا ريت عاجب كل شكوى والثانيه يطلبوا ابوكي وابوكٍ طبعا يقفلك عشان خايف تطلقي زي اختك الثانيه.. بذمتك مش بيجي عليكي وقت و تكوني جبتي اخرك ونفسك تطفشي منهم
أغمضت عينيها وهي تهمس بصوتٍ لا يحمل شيء من روح كلماتها
= ربنا وحده اللي عالم بحالي بس بأيدي إيه اعمل اكتر من كده
تأففت مروه من ضعف صديقتها ثم هتفت بصوت ممتعض مائع
= خلاص يبقى اسمعي كلامي وارجعي فكري في موضوع الطلاق، طالما في الحالتين مقيدين حريتك ومش عارفه تاخدي راحتك
على الأقل تكسبي حريتك وتخلصي من تحكماتهم.. اذا كان على موضوع انك تكملي تعليمك خلي الطلاق بعد ما تكملي وبعدها تشتغلي ومش هتكوني محتاجه لابوكي ولا لجوزك
شيء من الضيق شعرت به بسمة فقالت على الفور باعتراض وقد تكدرت ملامحها
=سبق وقلت لك الطلاق في حالتي مش الحل
حتى لو خلصت الوقت اللي فاضل في تعليمي على خير برده مش هينفع اطلق منه! وبعدين انتٍ فاكره ممكن ابويا ولا هم يسيبوني اعيش لوحدي وانا مطلقه هو انتٍ مش عايشه في مجتمعنا ولا ايه؟
سألتها مروه باستنكار وهي تشعر بالعجب
= وده ليه ان شاء الله بنت انتٍ تكونيش بتحبيه؟! وهو ده اللي مخليكٍ مش عاوزه تطلقي منه
ضغطت على شفتيها بتوتر ملحوظ ثم أخبرتها بصوتٍ مجهد
= مش عارفه الاحساس اللي بحسه ساعات ناحيته ده ايه؟ يمكن طبيعي لأنه اول راجل في حياتي وابوه أبني؟ ولا انا فعلا بحبه .
شعرت أن بسمة صديقتها تمزح بالتاكيد فقالت لها باستخفاف
= قلتي ايه بتحبيه؟ و حبيتي فيه ايه! بعد كل العيوب اللي قلتيها في دي
هدرت بسمة بجدية وهي تضبط شعرها بأناملها داخل حجابها
= انا قلت مش متأكدة يمكن اكون مش بحبه وانا بحس كده زي ما قلت لك عشان هو اول راجل في حياتي فطبيعي غير كده هو دايما بيقول لي ان بيحبني رغم انه مش بيعمل بالكلمه وفاكر الحب مجرد كلام وبس! او ممكن انا كده عشان في حاجات حصلت فيها علي حريتي بعد جوازي مش هنكر اولهم تعليمي اللي انا متاكده في بيت بابا ما كنتش هكمله لانهم كانوا بيقطعوا عليا اي وسيله تخليني أكمل
صمتت بسمة ومشهد قديم لوالدتها قبل ان تتوفى عندما كانت هي صبيه صغيره وكانت تغلق أنور الغرفة عليها حتى لا تري شيء وهي تراجع دراستها قبل أيام الامتحانات وكيف كان يقفون امام مستقبلها ويمنعوها بشده الطرق ان تكمل دراستها بحجه انهم يريدون مصلحتها ويجب أن تتزوج قبل ان يتركوها في الحياه وحيده مع رجل يتحمل مسؤوليتها، لكن مع الأسف حدث العكس تماماً وهي من تحملت المسؤوليه بمفردها !!.
نفضت رأسها تخرج تلك المعاناة من عقلها ثم أضافت بصوت حزين وهي تعتدل في جلستها
= دول كان بيطفوا عليا النور ويسيبوني في الضلمه عشان ما ذاكرش.. انا مش ناسيه لهم اي حاجه كانوا بيعملوها معايا وانتٍ تقوليلي اطلق تخيلي بقى كده كانوا بيعملوا معايا كده وانا بنت امال بعد الطلاق هيعملوا ايه
لم تقتنع صديقتها فقالت بضيق شديد
= ما هو أكيد في حل آمال يعني هتفضلي طول حياتك كده، ممكن والدك يكون اتغير عن زمان
بدأ الإحباط جليا في نبرة صوت بسمة وهي تخبرها
= وانا مش مستعده اخاطر واخسر اكتر من كده لو اتحررت من معاذ وأهله.. انتٍ ما تعرفيش العيشه مع اهلي وانا مطلقه يعني ايه؟ ولا ابويا هيسيبني في حالي انا متاكده هيوصلني لمرحله اترحم على الأيام اللي كنت بعيشها في بيتي مع جوزي.. مش قلت لك انا عايشه بين نارين وجحيم جوزي أحسن من جحيم أبويا.
❈-❈-❈
جلس منذر أمام ذلك الطبيب مطأطأ الرأس محرجًا من اخبرة شيئا كذلك لكن في النهايه تفهم الآخر الأمر واخبره بدلا منه وهو هز راسه بالايجاب، وبعدها طلب منه اشعه يفعلها و عندما تنتهي سيخبره السبب الأساسي لتلك المشكله الذي يعاني منها منذ فتره طويله، و بسببها لا يعرف كيف يعيش حياته بشكل طبيعي.
ظل وجهه متجهمًا فهو تقريبا جاء الى هنا مجبر بسبب إصرار زوجته عليه، فبالرغم من انه أخبرها قبل سابق أنه سيذهب الا انه كان يماطل وكل يوم يتحجج انه سيذهب في يوم آخر وحتى يتخلص من إصرارها استسلم وهو الآن عند الطبيب المختص.
= اسمك استاذ منذر شاهين مش كده
افاق على صوت الطبيب وهو يساله، فانكمش في جلسته رهبةً بسبب وجوده في ذلك المكان خوفاً من ان يراه احد عندما صعد او عند خروجه من هنا ويذهب ويخبر عائلته او كل المنطقه، وحينها ستحدث فضيحه مداويه.
تنحنح منذر هاتفًا بصوت متحشرج
= آآ ايوه ما الاشاعه اللي انت طلبتني اعملها قدامك اهي، واسمي مكتوب فيها بتسالني ليه
أبتسم الطبيب وهو يرد بهدوء تام
= طب يا سيدي بالراحه بتاكد مش اكتر! على العموم دي مش الاشعه كلها وخلال خمس دقائق هتكمل وهعرفك كل حاجه بس كنت حابب أسألك كام سؤال بالأول! انت اكيد متجوز بالوقت الحالي صح
هز رأسه بالايجاب ثم تسائل الآخر بجرأة مطلوبه وهو يستفسر منه
= طب بالنسبه للعلاقه الزوجيه بينك وبين مراتك مارستها كام مره وفشلت عشان تبدا تحس أنك عندك مشكله فعلاً
ضغط علي يده بحرج ثم هتف بارتباك كبير
=هو انا كنت متجوز مرتين مع مراتي القديمه حوالي اربع مرات وكلهم ولا محاوله فيهم نفعت وبعد كده انفصلنا… وانا حاليا متجوز مراتي الثانيه
تنهد الدكتور وقال بعدم إعجاب
=طب كان الصح الاول تيجي تكشف قبل ما تتجوز الثانيه وتستنى لما تتعالج، على العموم خلينا في دلوقتي كام مره مارست مع مراتك الثانيه وحصل فشل برده
صمت لحظه طويلة وهو يتنفس بتوتر مبالغ فيه ثم رد عليه بصوت متقطع
=هاه، لا آآ مـ ما حصلش ولا مره؟ انا كنت صريح معاها من اول يوم وفهمتها ان انا عندي مشكله وبعديها بفتره.. حوالي شهرين من جوازنا هي اللي أصرت عليا اروح اكشف معتقده يعني الموضوع ده لي علاج بس انا حاول افهمها ان حالتي كده وهفضل كده وكل اللي زيي عايشين طول حياتهم كده من غير علاج .. وهي ما صدقتش!
اقترب الطبيب بجسده للامام فوق المكتب وهو يقول بصرامة
=أولا ما فيش حاجه اسمها الموضوع ده ما لوش علاج لان لي واكتر من علاج كمان وفي كتير الحمد لله ربنا بيكمل شفاهم على خير وبيمارسوا حياتهم بعد كده عادي جدآ فعاوزك تشيل الفكره دي من دماغك، ثاني حاجه كان لازم تجرب مع مراتك التانية حتى لو متاكد ان انت حالتك كانت كده مع الاولى لان الموضوع اكيد هيختلف!!.
رفع حاجيبة للاعلي بضيق وهو يقول معترضًا بشراسة
=هيختلف في ايه ما انا كنت متجوز دي ست ودي ست برده، ايه اللي هيفرق يعني لما اعمل كده واتعب نفسي على الفاضي وادي أمل للي انا متجوزها دلوقتي، مش هتفرق حاجه
سأله الطبيب مهتمًا وهو محدق به بثبات
=على اي اساس متاكد انه مش هيفرق هو حضرتك دكتور! بص يا منذر شكلك جاي مغصوب عليك او مش طايق القعده كلها و بتحاول بس تريح ضميرك عشان ترجع لمراتك وتقول أنا عملت اللي عليا، وانا بقابل ذيك كتير هنا! اسمعني كويس لازم تفهم ان علاجك هيكون لمصلحتك انت اكتر واحد من مصلحه اللي متجوزها او أي حد حواليك بيضغط عليك.. وحاول بقى تسيبك من افكار المجتمع لو حد بيضايقك بكلام مش لطيف لاننا اكيد عارفين وزهقنا منهم انهم مش بيتغيروا النوعيات دي.
وقبل ان يجيب عليه الآخر احضرت الممرضه باقي الإشاعات ثم خرجت، ساد صمت طويلاً ثم ضغط الطبيب على شفتيه وهو يقرأ الاشاعات بتركيز ثم هتف مرددًا بتفهم
= تمام بما ان الاشاعات كلها جهزت اللي طلبتها منك هقدر دلوقتي اشرحلك حالتك و هتفهم ليه انا بقول لك جرب مع مراتك الجديدة عشان الموضوع ممكن يختلف! بص يا منذر الموضوع ده أو أي مرض تاني بيكون لاما تاثيره عـ.ـضوي لاما نفسي؟؟
أرجع ظهره للخلف وتابع حديثه باهتمام مطمئناً وهو يخلع النظاره الطبيه
= وانت الاشاعات بتقول ان انت ما عندكش اي مشكله وسليم الحمد لله فمعنى كده اللي انت فيه ده تاثيره نفسي عليك.. وده بحد ذاته العلاج مش هيكون صعب زي ما انت متخيل بس هتكون محتاج دكتور نفساني هو اللي هيساعدك اكثر مني في الموضوع ده وانا اعرف حد كويس وممكن ..
نهض منذر من مكانه مزعوج ثم زادت نبرته قسوة مقاطع إياه
=بس، بس مين قال لك ان انا هرح لدكتور نفساني هو انت شايفني مجنون قدامك هو إيه اصلا اللي انا فيه ده كله ويطلع نفسي في الاخر!
وهتف قائلًا بإهانة متعمدة وهو يشير بأصابعه باسلوب وقح وغير معتاد عليه
= اسمعني كويس شكلك دكتور على قدك و مش فاهم وبتحاول تقول اي حاجه عشان بس تسحب مني فلوس وخلاص لكن انا متاكد ان انا ما ليش علاج وخليك صريح معايا وقول كده في وشي بدل لف ودوران و تفضل توديني من دكتور لدكتور عشان تعمل عليا مصلحه
خشي الآخر من حدوث نوبة انفعال، هو اختبر ذلك كثير هنا من قبل، فهتف بحذر
= طب اهدى وما لوش لازمه كل اللي بتعمله وانا عشان مقدر حالتك مش هرد على كلامك واخده بزعل لان برده قابلت من نوعيتك كثير
بيقلبوا الترابيزه على الدكتور وهو اللي مش بيفهم، على العموم يا سيدي ماشي انا واحد مش بفهم اتفضل الاشاعات ولا روح اكشف
من اول وجديد ولو ما قالكش ان الموضوع نفسي زي ما انا قلت لك يبقيلك الحق وتعالى اعمل فيا ما بدالك…
أشعل حنقه نحوه أكثر بطريقته ولم يقتنع بحديثه فهو لم يتخيل لحظه بان من الممكن يكون ما هو فيه السبب نفسي، لذا أردف قائلًا ببرود مستفز
= انا ماشي بلا عـ.ـضوي ولا نفسي سبتلك انا الفهم وانا اللي مجنون يا سيدي.. بس برده كلامك مش داخل دماغي و.. !
قاطعه الدكتور قائلًا بصوت مزعوج
= على فكره الموضوع طالما طلع نفسي حله هيكون اسرع لو استجبت للعلاج واعترفت بدل اللي انت بتعمله.. وشكلك حد عاقل وابن ناس وعارف ان اللي بيروحوا للدكاتره النفسيين مش مجانين ولا حاجه.. كل الحكايه ان عادي بتحصل لنا كلنا مشاكل في حياتنا مع اللي حوالينا وساعات بيفضل الموضوع جوانا بالذات لو استمر معانا بتاثر علينا بطريقه سلبيه.
أغمض عيناه رافضة تصديق ما سمعه، وصرخ فجــأة بعصبية
=ولله طب مشاكل زي ايه بتحصل ممكن تأثر عليا في الموضوع ده؟ وتخليني مش قادر المس مراتي!؟
هز كتفه وهو يقول مبتسماً بعملية طفيفة
= عادي ممكن تكون مشكله صغيرة حتي، بس تاثيرها كبير وبتفضل جوانا مش بننساها حتى لو حصلت لينا واحنا صغيرين، من مواقف بقى بنتعرضلها أو حوادث.. او حتى مواقف معينة مش قادر تنساها بتتكرر ليك من شخص معين صاحبك اخوك والدتك والدك او زوجتك القديمه..
لم يتركه لنفسه أي فرصة للتفكير، بل أكمل بجدية شديدة
= واكثر المواقف دي بتكون جايه من ناحيه الأهل فعلا.. المهم زي ما قلت لك المواضيع دي طبيعي وعادي جدا تاثر على حاجات تانيه
و زي موضوع انك مش قادر تلمس مراتك وتقيم عـ.ـلاقه زوجيه معاها بشكل طبيعي .
تجمد منذر مكانه بصورة جعلت جسده يجفل منه بعد سماعه ذلك، جف حلقه حتى صار ما بقي من ريقه كالعلقم المر من فرط التوتر و تسابقت نبضات قلبه كما لو كان في سبق عَدِوٍ مما زاد من تدفق الدماء في جسده ومن سرعة أنفاسه اللاهثة.. فلا يصدق ماسمعه او يقتنع به او لا يريد تصديقه؟ فاذا حاول تصديقه سيتألم اضعاف المه! أن بعد كل ذلك العذاب الذي تعرض له بذلك الموضوع كان بسببهم أيضاً .
بسبب عائلته التي دومًا تفتعل المشاكل و ينتهي الأمر بخسائر من طرفه فقط. دون أن يتدخل أحدهم ليلملم المســألة قبل أن يتفاقم الوضــع.. أو حتي يطيب بخاطره ويتركه يصارع تلك الكلمات الجارحه طول الليل! حتى أصبحت تترك بقايا ثابته داخله وبدأت أيضا أن تؤثر عليه باشكال أخرى…!!!!!!!
❈-❈-❈
استقبلت ديمه اخواتها الاثنين في مسكنها الحالي عند آدم بفتور شديد، حتى انها قدمت اليهم واجب الضيافه وجلست تنظر الى التلفزيون دون إهتمام لهما كبير عكس سابقآ ثم انتبهت لصوت أختها وهي تسألها بجدية
= اخبارك ايه يا ديمه و آدم عامل معاك ايه كله تمام
ضغطت على شفتيها بقوة وهي ترد بطريقة فظة
=عادي زي كل يوم مفيش جديد، وتلاقيكم انتم كمان متوقعين كده! عشان كده ما حدش كان بيسال عليا الفتره اللي فاتت مش كده
حدقت رانيا بغرابة في وجهها، فقد كانت مدهوشة من طريقتها الجافه لتقول بتعجب
= مين بس قال إللي احنا مش بنسال امال احنا جايين هنا نعمل ايه
جمدت نظراتها عليهم باستهزاء قائلة بحدة
=والله! جايين بعد شهر واكتر كمان تسألوا انا عامله ايه؟ ده انا على كده لو كان عمي كامل اللي زارني لوحدي موتني ما كنتوش هتعرفوا غير بالصدفه؟ ده انتم حتي سماعه التليفون ما كنتوش بترفعوها وتسالوا عليا
شهقت أختها الأخري بصدمة وهي تردد بقلق
= هو عمك كامل جي هنا وعرف انك اتجوزتي، يا نهار ابيض اكيد طبعا هد الدنيا
ومستحلفلنا
رمقتهما ديمة بضيق شديد وهي تقول
= هو ده كل اللي همك ما تقلقيش آدم عرف يحل الموضوع وخد منهم وعد انهم مش يقربوا ليا وهم وافقوا لا وكمان عم بابا قال ان هيجي بعد كده يسال عليا كل فتره، معلش ما جتش مناسبه اشوفكم عشان اقول لكم الاخبار السعيده دي ما انتم اللي مش بتسالوا
حدقت رانيا في أختها الوسطى بنظرات معاتبة، ثم هتفت بصرامة جادة
=هو انا مش الفتره اللي فاتت قلت لك تسألي على اختك هو انتٍ ما كنتيش بتتصلي بيها
زمت فمها رامقة رانيا بنظرات حادة، ثم قالت بتبرير
= انا فكرتك بتتصلي بيها عشان كده اعتمدت عليكي لان الفتره اللي فاتت كنت مشغوله مع امتحانات الولاد انتٍ عارفه الثانويه ابتدت ودي صعبه وانا عندي الاثنين ثانويه عامه..
ابتسمت ديمة بسخرية مريرة وهي تري كل منهم كان يعتمد على الآخر والآن يحملون بعضهم الخطأ ولا يريد أحد أن يعترف بأن الخطأ صادر من الإثنين! واصبحت متاكده انهم لم يعتبروها بعد أنها كانت جزءا من العائله ليهتموا بمشاكلها، لذلك افضل قرار اتخذته لم تعتمد عليهم بعد الآن في شيء ويكفيها آدم
رغم إدراكها أنها لا تشغل باله في تلك اللحظة إلا أنها لم تفقد الأمل بالفوز بمشاعره، وستظل طامعة في التفاتة منه نحوها ليقع في عشقها بعدها.
❈-❈-❈
دققت النظر محدقة فيه، فوقعت عيناها على أنظاره عليها فرأت في تعابير وجهه علامات النفور والإستنكار، فلم تحتاج للتخمين وفهمت سبب شروده العابس وكيف صارت الأمور عند الطبيب! آلمها رؤيته وهو يقبض على قلبه بكف يده بانزعاج قوي.. فزفرت بعمق هاتفه
= منذر طمني الدكتور قال لك ايه!.
رفع ذراعه في الهواء إزدراءه منها وهو يقول باستنكار شرس
= ده دكتور مجنون قال عاوزني اروح لدكتور نفساني! انا استاهل انا اللي طاوعتك و رحتله أصلا اديني عملت اللي عليا وقال إن ما فيش حاجه رغم أن انا فيا.. لكن هو مش عارف يعالجني فجابها في حاجه ثانيه
اقتربت منه قائلة بصوت هاديء رغم إنزعاجها
= منذر ممكن تهدأ على فكره كلام واقعي جدا ممكن يكون صح! وبصراحه من غير زعل كويس انها جت منه انا اصلا اول حاجه كان نفسي اطلبها منك ان انت لازم تروح لدكتور نفساني عشان اللي بيحصل لك ده من وانت صغير لحد دلوقتي! اكيد ماثر عليك باي شكل من الاشكال وادي اللي شكيت فيه طلع صح
أمسك منذر مرفقها بقسوة يقربها منه وهو يقول بنبرة شديدة وعينين مخيفتين تبرقان
= انتٍ بتقولي ايه انتٍ كمان؟؟ انتٍ مجنونه زيه هتعومي على عمه وتصدقي كلامه و تخاريفه.. تلاقيه بيقول الكلمتين دول لايه واحد بيجيله ومش بعيد الدكتور الثاني يكون قريبه وهم الاتنين مقضيينها يبعتوا الزباين لبعض عشان يسترزقوا .
صدمت من حركته المباغتة وتأوهت بآلم من أصابعه القابضة عليها، ثم هتفت قائلة بغضب
= منذر هو في ايه؟ هو أنا كل ما اكلمك كلمتين مش عاجبينك تروح مساكني بالطريقه دي انت عارف المره الكام تعملها، يا ترى المره الجايه هتضربني ولا ايه؟
ضاق نظراته للغاية وتحول وجهه للإحتقان،
حيث زاد تجهم تعابيره المنزعجة لكنه تركها وابتعد قائلاً باعتراض
= مش هضربك ولا نيله بس لازم تفهمي و تستوعبي اللي انا بقوله ليكٍ هو الصح !.
لترمقه بنظرات ذات مغزى قبل أن تحرك شفتيها لتنطق بجدية
= منذر انت كده بتصعبيها عليا وعليك ؟
صر على أسنانه بقوة حتى كاد يحطمهم من فرط غيظه المحتقن جهداً في إخفائه عنها وتمتم من بين شفتيه بسخط
= شوية وهتتعودي على كل حاجة.. زي ما انا كنت مصدوم زيك بالأول واتعودت انما مروح للدكاتره تاني مش هيحصل انا عملت لك اللي انتٍ عاوزاه وانتٍ حره بقى
رفعت ضحي أنظارها نحو زوجها لترمقه بحدة وهي ترد بسخرية طفيفة
=بالظبط كده انا حره ومش ملزمه استحمل الوضع ده تحت اي ضغط انت اصلا غصبتني عليه من غير ما تاخد رايي؟ فما تستناش مني افضل مستحمله مره ورا مره كل حاجه، لا و مطلوب مني كمان اضحي واتعود وانت مش عاوز تتنازل حتى لو شويه صغيرين وكله عشان مصلحتك.. على العموم خلاص انت حر وانت اللي اخترت وانا عملت اللي عليا وزياده
عشان انا مش مرغمه اكمل في طريق هفضل طول حياتي اخسر فيه واللي قدامي مش عاوز يجي على نفسه ويحاول يبقى خلاص
رد عليها منذر متساءلاً بنبرة قاتمة
= انتٍ تقصدي ايه ؟ هو ايه اللي خلاص
دعكت مكان إمساكه بذراعه بألم ثم صاحت ضحي فجأة بحنق لم تستطع إخفاؤه
=يعني خلاص يا منذر انا اللي خلاني مستحمله الوضع اللي فات أني اخذت عهد على نفسي ان انا هحاول حتى لو محاوله بسيطه! وفعلا حاولت ومحاوله كبيره مش بسيطه كمان، قلت لنفسي عشان لما اسيب وابعد ما حسش بالذنب، ويبقى اسمي حاولت! لكن انا والله كان نفسي فعلا تتعالج ومش شرط الموضوع اللي في دماغك كان كفايه عليا حتى تتعالج نفسيا.. بس معلش هو اختيارك وانا كمان هيكون اللي جاي اختياري
صدم مما قالته وبدأ كما لو كان قد تلقى صاعقة كهربائية للتو وردد قائلاً بلا وعي
= اللي بينا مش قاضي و جلاد و لا محکومین
عشان ورقة ما بينا فاهمة..و بالحركة دي انتٍ قليلتي مني؟ يعني اية عاوزه تسيبيني و تمشي طالما مش هعمل لك اللي انتٍ عاوزاه .
ابتلعت ريقها بمرارة وهي تردف بنبرة حازمة
= يعني بكل بساطه هتطلقني يا منذر.. هنكمل خمس شهور وكل واحد يروح لحاله بعدها .!
صفعة مهلكة تلقها منذر على وجهه بعد حديثها المفاجيء، لم يطرأ بباله أن تقدم على ذلك الطلب بهذه السرعه؟ لكن هو أخذ ذلك الوعد سابقآ منذ فتره طويله لم ينفصل عنها مهما حدث؟ لكن بنفس الوقت لا يريد الذهاب الى ذلك الطبيبه النفساني! فماذا سيفعل إذن حتى لا تتركه .
** ** **
_________________
أصرت ضحي علي حديثها وهذا جعل منه مُستاء لاستياءها، عقد حاجباه لتحدق به هي منتظره منه اي اشاره يتمسك بها ويخبرها بأنه سيفعل ما تريد لأجلهم لكن لم يحدث! لتشيح بعينيها عَنهُ بِضيق فأعتلى صدره سائِماً من تصرفها المُستفز، وداخلها شعرت إنها نقطة جيدة لها أن تتحكم بغضبها ومشاعرها أيضاً…
استقام منذر بغضب ذاهِباً نَحو حجرته صافعاً الباب خلفه ليسير ذهاباً أياباً بتوتر، إنه لشيء مستفز أن تتصرف بذلك الشكل معه وحين لا يفعل ما تريد تخبره بكل بساطه انها ستنفصل عنه! ورُغم ذلك لَم يستطع الجلوس لثانية بعيد عنها وتلف خارج الحُجرة متجهاً نَحوُها حيث توجد …
بينما هي ذهبت الى غرفه الأطفال لتنام هنا حتى تثبت له بأنها مصره على قرارها ولم تكن تمزح وبالفعل ستنفصل عنه؟ وقفت عند الفراش وهي تشعر باختناق شديد و كأن جدران الغرفة تطبق فوق صدرها فتحت نافذة الغرفة وبدأت بالتنفس بهدوء، تحركت تجاه الفراش ثم إستقامت ساحبه جسدها الخائب نحو السرير لتتابع القطه حركتها حتى إرتَمت عَلى سريرها كَجتة تُجاهِد للعودة إلى الحياة، تأملت سقف الغرفة بتركيز بينما أشباح ذهنها تحدث فوضى قاتلة وعقلها يتساءل هل ستنسحب بالفعل مبكراً ام تعطيه محاوله ثانيه، أخذت القطه مكاناً بجانبها فأخذت نفساً عميق تملئ به روحها المرهقة ثُم أدارت وجهها نحو الهره المُتكورة على نَفسُها بجانب ساقاها، وأخذتها تنام في حضنها وإبتسامة صغيرة عَلَى تَعْرَها لِتَحْتَفي حينما إستمعت إلي باب الغرفه يفتح في حين دلفت منذر إليها، إستمعت إلى صوت أنفاسه المنفعله وعيناه البارِدَة لاتزال مقبتة…
اقترب دون مقدمات وسحب تلك الهره الى بعيد عن حضنها بوجه مقتضب كأنها طفله صغيره وقد جاءت تشارك مكانه لدي حنان أمه الذي من حقه وحده.. بينما كانت ضحى تراقبه وهي لا تفهم ماذا يفعل؟ لكن مع ذلك لم تتحرك وظلت ساكنه مكانها فلم يرى نظراتها الذاهلة والغير مصدقة لما فعله.. نعم هي لم تكن تعرف كيف ستكون نهاية هذا الشجار والخصام الذي حصل بينهما..لكن أبدًا لم تتوقع أن يعود هكذا بهذه البساطة! بقت على حالها لدقائق قبل أن تعطيه ظهرها وتسترخي مكانها..
في حين قطع أفكارها وتوغل بداخل أحضانها أكثر وشعوراً قوي داهمَهُ بِأختطافها والهروب بعيدا عَن كل شيء، وفي كل لحظة يَستَعمِر أحضانُها يشعر بانه بخير وكان هناك سحراً ما يلقى عليه يُطفِئ كل نيران الغضب التي في دمه… ولكن…
حينما تأتي ذكرى أهله يسير كل شيء عكس المرغوب، في السابق كان يشعر بالدمار أما الآن فهو يشتعل غضباً مِن أفكاره التي تخلق الكثير من السوء الذي قد يلحقة بعد ما عرف نوعيه مرضه المتسبب الأول والأخير هم عائلته وفي قانون تعامله مع العوائق فهو صادم، يُلقي بحكم الإعدام عَلَى جَميع مَن يقف في وجهه وفي طريق مَن يحب.. حتى نفسه رافض الإعتراف والمواجهه بالحقيقه ليضع النقط على الحروف لتكون اول طريق في الشفاء!.
داهَم أفكاره السوداء أكثر حتي ارتمى رأسهُ في مابين عُنقها وكتفها، إحتوى جسدها بِذراعيه القويتان ثُم حاصر خصرُها قبل أن يضع رأسه فوق صدرها كعادته ليشعر بالاحتياج الى قربها والشعور بالحنان الذي افتقده وهو صغير!. ولم يجده إلا معها.
شيء ما دَفعُه لفعل ذلك، لايعرف لما اصبح يحبذ الاقتراب منها واحتضانها باستمرار
ولَم يكُن ينتظر منها الرد عليه بالمثل ، كان
يريد أن يثبت لها بأنه يحتاجها بِكُل حواسه لربما ليكون هناك ما يتمسك به حين ترنحه فيما يحويه من مشاعر لها..
مر اسبوع! منذ أن صرحت ضحي باحتياجها وغضبها له بصراحة للمرة الأولى ومنذ ذلك الوقت وهي تتجاهله، حتي أنها لم تخرج خارج غرفتها سوا للضروره فقط، لقد افتعل شجارا من أجل لا يذهب الى الطبيب النفساني يتعالج ومن أجل رد كرامته أيضاً الذي شعر بأنها تاذت بسبب ذهابه الى ذلك الطبيب و حديثها معه بحزم عن الإنفصال طالما لا يفعل ما تريد .
ومن جهة أخرى هو لن يسمح أبدا بأن تذهب ويقترب أحدهم بفتاة قد اقترن اسمها باسمه
و باتت زوجته شرعاً وقانوناً..
وليلة الأمس كانت ليلة أخرى لم يحتضنها لانها لم تسمح له عكس الأيام السابقه، و أهداب مقلتيه لم تعرف طريق للنوم من بعدها براحه بعد ان عرف طريق الأمان معها.. وهو يراها تنام بعيد تاركة إياه يتجرع جراح الوحدة و قسوة العتاب وهو يحكي على مخدته قصة هجران زوجته..
رباه كيف سيتكيف مع ألم الاشتياق له و فقدانها عندما ينفصلا! كيف تبتعد عنه وهو يشعر أنه مشدود لها و زجدانيًا موصولة بشرايينه وكيانو.. حاول منذر ان يتقرب منها من جديد لتعود العلاقه بينهما جيده لكن هذه المره كانت تصده حقا بكل الطرق باصرار.
في وقت الغداء بالمنزل وضعت ضحى امامه الطعام التي صنعته بنفسها فهذا الجزء الوحيد الذي لم تمنعه عنه وواصلت الاهتمام به من ناحيه طلباته كزوجها و هذا واجبها تجاه، أبتسم منذر قائلاً محاوله فتح اي حديث بينهما
= طاجن البامية بتاعك، بجد ما فيش زيه لا يعلى عليه تسلم ايدك يا ضحى .
عبست ملامح وجه ضحي بشدة ، واكفهرت تعابيرها للغاية وهي تقول
= بس مش انا اللي طبخه النهارده دي مرات اخوك بسمة !! لاننا قسمنا النهارده انا الترويق وهي الطبخ .
عقد حاجيبة بدهشة وهو يقول مبتسماً
= أنا برضه حسيت ان ناقصه حاجة أصل انتٍ
بصراحة البامية بتاعك أحلى من كدة بكتير ..
ما تقعدي واقفه ليه مش هتتغدي معايا زي كل مره؟
شعرت بالانزعاج قليلا، ثم توترت وهي تجيبه بصوت متردد
= شكراً سبقتك بالهناء والشفاء .
ترك منذر الطعام عند هذا الحد وشعر بالضيق الشديد، فلم يعجبه كل تصرفاتها تلك بعد ان تعلق بها وتعود على هذا… بينما الاخرى لم ترغب في ذلك حقا لكنها حاولت ان تستخدم اخر ورقة ضغط عليه ربما يستسلم لها بالنهايه وربما لا وتنفصل عنه حقا .
❈-❈-❈
كانت النافذه في غرفه ديمه مفتوحه وكان مدخل هوا بارد دفت نفسها بإيديها ثم استقامت وقفلت الباب والنافذة على نفسها وركضت نحو السرير جلست على الارضية سحبت دفترها الأحمر من اسفل السرير وبدأت بالكتابة بطريقة مجنونة غير طبيعية وكأنها تصب جام مشاعرها به، وبدات تصف مشاعرها نحوه وكيف تراه في أبسط التفاصيل؟ مثل عندما تقف امامه وتكون راسها عند صدره
وتكون مضطر ان ترفع راسها وتنظر له! وكيف شعورها عندما تنظر الى عيني السوداء الواسعة كأنها تقف أمام جنينة كبيرة واسعة دافئة ونور الغروب طافي عليها، وهي بجانبه
وعندما يتغزل او يهتم بها، قلبها لم يكن يدق مثل باقي البشر انما كان يقفز من كثر الدق! حتى احيانا تحلم به عندما تنام؟ و حديثه الحنون ودفاعه عنها.. وكيف يمسك يديها ويقترب منها عندما يعلمها العزف على البيانو!.
لدرجه عينها تتأثر وتصبح تصرفاتها تلقائيه وغير متزنه واحيانا اخرى تذهب الى غرفته وتشم ريحة برفانه المفضل له، فلديه زوق رفيع في كل شيء حتى أدق التفاصيل هو رجل هادئ وراقي ومميز وليس له مثيل ولم ترى شخص مثله، وهنا فاقت وأخذت بالها بأنها أصبحت تبالغ في الوصف؟ رمشت بعينها وهمست بتوتر
= هو انا وقعت للدرجه دي انا كنت فاكره نفسي معجبه بيه أو لسه مشاعري هتبتدي تتحرك اكثر ناحيته؟ لا مقصدتش نهائياً أتكلم عنه بالشكل ده، معرفش إيه اللى بعمله أو إيه اللى خلاني أكتب كده عنه.. أنا يعني حبيت أوضح وصف تصرفاته بطريقة سهلة.. مش أكثر!
شعرت برهبة وخوف وهي تقول لنفسها
=طب هو ايه اللي هيحصل لو رفضني او فضل شايفني على أساس ان انا بنته!.؟
اغلقت المذكرات بعصبية وهي تنهض تجاه الفراش لتنام، لكنها ظلت تتقلب على الفراش دون فائده وغصب عنها أدمعت عيناها بحزن وهي تتمنى ان يكون داخله يشعر بنفس المشاعر تلك تجاهها حتى لا تتألم مجدداً من الحب.
في الصباح فتحت عينها بقيت تنظر للسقف لفترة ثم استقامت وضعت روب النوم على جسدها ونزلت ترتدي حرير ابيض قصير وفوقه روب زهري طويل من الصوف العتيق لترفع شعرها بأهمال.. ثم دخلت بسعاده إلى المطبخ وهي تحضر الخبز المحمص والبيض اللذيذ ووضعت أيضاً مربى التوت التي أصبحت تعشقها بسببه ثم التفتت إلى الثلاجه أخرجت عصير الليمون الطازج الذي أعدته بنفسها ثم زينت طاولة الطعام وجهزت طبقها و طبق آدم فقد قررت ستحاول كسب كل جوله لصالحها وتفعل مثل ما نصحتها بسمه وتتصرف على أساس أنه زوجها بالفعل.
إستيقظ آدم ثم تأفف في تعب و قام ودخل
الحمام المرفق بالغرفة ليستحم وبدل ملابسه
ثم عدل شعره وخرج الى الخارج وعندما وصل المطبخ صدم بتلك التي كانت تخرج واصبح بوجهها تماماً !! نبض قلبها بقوة وكأنه يضرب صدرها وليس ينبض! ثم سحبت الروب وغطت به کامل جسدها رغم أنها كانت تقصد ان ترتدي تلك الثياب بالاخص أمامه لكن كل مره تشعر بالخجل والندم أيضاً بسبب جرأتها الزائده.
بينما هو اندهش من استيقظها و ملابسها أيضا، وهتف مرددًا باستفسار
= صاحيه من بدري يعني.. وراكي محاضرات بدري النهارده ولا ايه
هزت رأسها برفض وهي تبتسم باتساع
= لا خالص ما عنديش النهارده محاضرات بس قمت احضر الفطار، خلاص كل حاجه جهزت وكنت رايحه اصحيك .
صمت لحظه طويلة ثم هز رأسه مبتسماً بهدوء وساعدها في نقل الطعام للخارج، بعد فتره
كان آدم يجلس على الطاوله وهو يرتدي
ملابسه الشبابيه السوداء ويمسك بالجريده بينما تقف ديمة وتسكب عصير الليمون في كأسه و كسر الصمت صوتها المُتسائل بتردد
= هو انت وراك حاجه النهارده مهمه، اصل كنت عاوزه مساعدتك في حاجه بس لو مش عاوز خلاص براحتك
التفت آدم ناحيتها متساءلًا بجدية
=قولي يا ديمه اللي انتٍ عاوزاه لو اقدر عليه مش هتاخر
أجابت بنبرة أكثر تلهفاً وقد زاد لمعان عينيها
=كنت محتاجه لبس وجزمه جديده للجامعه وكنت عاوزاك تيجي معايا ممكن ؟!.
لاحظ أحمر الشفاء التي تضعه فوق ثغرها وهو يجيبها بإبتسامة عابثة
=تمام ما فيش مانع.. بس بشرط
عقدت حاجيبها باستغراب وهي مبتسمه أنه وافق، ثم احنى جذعه للإمام عليها وأردف قائلاً بخشونة وهو يرمقها بنظرات معترضة وبإصــرار جلي
= ما تحطيش اللون ده وانتٍ نازله تحت سامعه؟ لونه فاقع ومش مناسب ليكي وملفت للانظار كمان.
لم يدعها أن تعترض على حديثه حيث وضع أصابعه على شفتيها وهناك لاحظت تلك الصدمة التي علت وجهها عندما قام بمسح أحمر الشفاه الغامق الذي استعارته من بسمة والتي أخبرتها بأن ذلك اللون بالأخص يثير جنون الرجال! ويجعلها في نظرهم ملفته للانظار.
نهضت لغرفتها حتى تبدل ثيابها بدون ان تنظر
ورائها من الاحراج والخجل، لقد كان غريب الأطوار ولديه طريقة غير التي تعودت عليها عندما حدثها بتلك اللهجه هل كانت غيره ام نبره تحكم؟ لا تفهم! ثم قامت بالابتعاد عنه بالداخل وأغلقت الباب واسندت بظهرها خلفه وهي تتنفس الصعد بصعوبه ثم مررت لسانها على شفتيها وهي تتذكر لمسته! تبا ما كان ذلك.. هل معني أنه تدخل في زينتها انه يغار! بعد ذلك استدارت للدخل واختارت ما سترتدي
عندما يحين وقت النزول.
بعد مرور ساعات، بالشارع نظر آدم لها كان الجو بارداً وهما يمشيان في طريقهم الى المحلات، بينما كانت فاتنة بحق تحولت وجنتيها لحمراء ذات نمش متورم بينما ارنبتها زهرية مدورة تلعق شفتيها بين فترة واخرى و تفرك على كتفها من البرد! تنهد آدم بقله حيله من عادتها التي لا تتوقف عنها عندما تشعر بالبرد القارص، ليمسك يدها دون ان يتوقف عن السير ويضعها في جاكيت جيبه و هو يفركها بالدخل ليشعرها بالدفء.. ابتسمت هي بسعادة دون أن تظهر ذلك، فهي من اقترحت عليه أيضا أن يسيرون دون السياره افضل.
وصلوا الى أحد المحلات ذاته ماركه جيده و دخلت وهو خلفها ظلت تنظر حولها وتشاهد الملابس وهي حائرة فهمس آدم من خلفها
= نقي اللي يعجبك وميهمكيش، ولو محتاره اوي وكلهم عاجبينك برده مش هتفرق كده كده اي حاجه بتبقى حلوه عليكي عشان انتٍ بتحليها .
إبتسمت هي بسعادة واخذت فستان من اللون الأبيض و واحد آخر من اللون الزيتوني و عندما كانت تمر وهي تنظر جانبها لتجد صندل لونه أسود جميل وسوف يليق على الوان الفساتين التي اختارتها للتو اقتربت منه لترى المقاس وكان مظبوط.
لتترك الفساتين جانب ثم رفعت قليلاً الجيبه بعد لتخلع الصندل القديم لترتدي الآخر و عندما جاءت لتهبط لتفتح سوستة الصندل من الخلف، تفاجأت بادم خلع جاكيته و انخفض وهو يمسك رجليها رافع حاجبه بحده للبياعين بداخل المحل ليركز كلا منهم فيما يفعله! هتفت ديمة بصدمة وألم طفيف
= آدم انت بتعمل ايه؟ عنك انت مش لازم.. آه استني خد بالك عشان شكلي إتعورت من التوكه اللي محطوطه في الصندل القديم
ساعدها آدم في خلع الصندل القديم وظل يمسك قدمها يتلامس على ذلك الخدش ونظر بتناحة إلي قدمها الظاهره بسبب رفعها الى الجيبه قليلاً فإتحرجت ديمة وانزلت الجيبة وهي تقول بتوتر
= أبعد شويه عشان اقيس التاني؟
أغمض عينه وفتحها مره اخرى وقال وهو يبتلع ريقه
= تمام .. بس لحظه!
نهض بسرعه وداری على قدمها وجسدها من الخلف بالجاكيت الخاص به، وعندما اعطاها الاشاره فلبست الصندل براحتها أكثر ثم اعتدلت لتسير به في المحل أمامه وهي تنظر إلى قدمها ثم له ولفت بجسدها هاتفه بسعادة
=تحفة، لايق أوي عليا مش كده ولا ايه رايك؟
آدم ابتسامة ظهرت لسعادتها ثم هتف مرددًا
= سبق وقلتلك إنتٍ اللي بتحلي الحاجة، إحم هتاخديه أكيد خلاص عشان نحاسب؟
أسرعت تاخذ الفساتين التي تركتها جانب وهي تقول بحماس
= أكيد و دول كمان، و ميرسي ليك على مساعدتك.
هز رأسه بهدوء ثم ذهب يحاسب وخرجوا وهي ترتدي الصندل الجديد وهو حمل الحقائب، ثم مسك صندلها المقطوع ورماه في الباسكت فقالت باقتراح
= على فكره الشنط مش تقيله سيبني اشيلها
هز آدم رأسه باعتراض وهو يقول بجدية
= لا، وتعالي بالمره اجيبلك واحد كمان غير
ده ونشوف اشكال تانيه.. ونشوف الحاجات الصيفي لو نزلت بالمرة طالما موجودين هنا
قبلت ديمة كتفه بتلقائية وهي تقول بسعادة غامرة
= بجد ربنا يخليك ليا يا اونـ آآ.. آدم
ارتفع حاجباه للأعلى مندهش منها فاصبح متأكد انها لا تقول آدم فقط دون انتباه بل تقصدها لكن لا يعرف السبب، فقد كررت ذلك الأمر كثيراً وقبل فتره في بدايه زواجهم كانت تخجل ان تقول إسمه فقط وهو اخبرها ان تقول ما تريد فلما تغيرت فجاه هكذا .؟
ثم أفاق على صوتها المتحمس وهي تقول بشغف
= إيه رأيك لو فصلت فستان احسن! والمحل اهو جنبنا مكتوب عليه انهم بيفصلوا فساتين انا عمري ما جربت بس كتير من اصحابي بيقولوا ان احسن من الجاهز
أخبرها آدم باختصار شديد
= اللي انتٍ عاوزاه براحتك .
❈-❈-❈
بينما على الجانب الآخر، كانت بسمة تعيش أسعد لحظاتها وهي تخرج كل فتره مع صديقتها مروه الى أماكن لم تراها من قبل! من وراء أسرتها وزوجها، حيث كانت تتمنى ان تزورها مع زوجها وانما خيب أملها لكن وجدت هذه الآمال مع مروه كما تظن هي!
نظرت للمكان حولها باعجاب وفتحت شفتيها تقول بصوتٍ متحشرج خافت
= يخرب بيتك المكان يهوس هو انتٍ بتعرفي الأماكن دي منين؟ ده انا كنت فاكراكي خام زيي ولا بتخرجي
هزت كتفيها بعدم اكتراث وهي تقول بتهكم
جارح
= مين دي يا حبيبتي اللي مش بتخرج ليه؟ مفكراني عندي عيله زي عيلتك اللي ما تتسماش ولا عندي جوز إسمه معاذ زي قلته!
خليكي انتٍ معايا بس وانا اوديكي أماكن عمرك ما هتشوفيها في حياتك
ضغطت بسمة على شفتيها بضيق شديد ولم يعجبها تلك اللهجه التي تتحدث بها عن زوجها واسرتها رغم أنه حقيقي لكن لا تحب ان يخطا احد بهم غيرها ويكشف عيوبهم..ثم ادارت راسها للجانب على الطاوله الاخرى وقد تفاجأت بذلك المدعو محمود وهو هنا وينظر إليها بإبتسامة مشرقة، التفتت بسرعه برأسها نحو صديقتها وهي تقول بصدمة
= هو الراجل اللي اسمه محمود ده إيه اللي جابه هنا؟ هو انتٍ تعرفيه
عقدت حاجبيها باستغراب وهي تنظر الى جانبها ثم قالت بصوت ماكر
=هو طلع إسمه محمود؟ ولا اعرفه ولا عمري شفته غير صدفه في الجامعه و انتٍ عارفه اسمه منين أصلا وتعرفيه من أمتي وانا اللي فاكراكي ما لكيش في اي حاجه اتاري تحت السواهي دواهي وتعرفي ايه تاني بقى مخبيه عليا ولا بينكم ايه؟
اشمئزت من تفكيرها بها، وصاحت بإنفعال بائن مشيرة بيدها
= ما تلمي لسانك انتٍ التانيه و انا برده هعرفه منين غير في الجامعه وهو اللي عرفني على اسمه لما كان بيستلف مني الكشكول عشان ينقل المحاضرات اللي فاتته اكمنه يعني بيشتغل ومش بيجي دايما ذيي
ضاقت نظراتها بدهشة لترد بجدية وهي تبتسم باتساع
=يا حلاوتك هو انتٍ كمان تعرفي انه بيشتغل وبيجي الجامعه امتى؟ لا ده الموضوع شكله اتطور وانا ما اعرفش ما تناديه يقعد معانا احسن قلتلي اسمه ايه
انزلت يدها بسرعه بخوف قبل ان تشاور له ليأتي ويجلس معهم، و تراجعت للخلف لترمقها بنظرات مزعوجة وهي تقول بعتاب
=بس انا ناقصه فضايح تنادي على مين ده انا خارجه عماله اتلفت حواليا وانا معاكي وانتٍ بنت زيي تروحي مناديه لي راجل بس يا حبيبتي انا مش ناقصه حد يشوفني وتبقى مصيبتين؟ مصيبه ان انا خارجه من وراهم هنا ومصيبه ان انا قاعده مع راجل
بدأ وجهها صــارم الملامح وهي تشعل سيجار ثم نفخت الدخان في الهواء قائله بنفاذ صبر
=وهم هيعرفوا الأماكن دي منين ما تبطلي خوف على الفاضي وفكي عن نفسك شويه.. خدي اشربي دي هتعجبك هو انتٍ عمرك جربتي قبل كده
شهقت شهقة خافته رغم عنها، وهتفت فيها بجدية آمرة وهي تشير بعينيها
= نهار ابوكي مش فايت كمان بتدخني سجائر و عاوزاني اشرب معاكي! من امتى وانتٍ ليكٍ في القرف ده، بس كفايه لا الدخان يمسك في الهدوم ولما اروح هناك ويسالوني على الريحه ويفكروني بشرب.. انا النهارده شكل نهايتي هتكون على أيديك هو من امتى الانحراف اللي انتٍ فيه ده
ضحكت بشدة وهي ترد عليها بنبرة مستفزة
= انحراف عشان بشرب سجاير بريئه امال لو كانت حشيش كنتي عملتي ايه والله انتٍ هبله
انا بشرب من زمان بس انتٍ عارفه اخاف اعملها في الجامعه يطردوني وهم بيتلككوا.. ما تنادي الجدع ده بقى يجي يقعد معانا شويه
بدل ما هو يا حرام قاعد بعيد وعمال يبصلك من بعيد لبعيد
اتسعت مقلتاها بإستنكار منفر من إصرارها على التعرف عليه وهي في عصمه رجل اخر، و هتفت معترضة
= وانا مالي بيه ويبصلي ليه أصلا؟ إيه اللي بيني وبينه ما تتلمي يا مروه هو انتٍ مش واخده بالك ان انا متجوزه وحتى لو مش متجوزه هكلم شاب غريب ليه ولا اشرب سجاير.. مش هي دي الحريه اللي انا كنت عاوزاها ولا نفسي فيها وعماله احارب عشانها من وراهم دي كده اسمها قله أدب وانا مش كده.
إغتاظت من رفضها القاطع، وتبدلت تعابير وجهه للغلظة والحدة وهي تقول
= انتٍ مالك قلبتي عليا كده ليه انا عامله عليكي! الحق عليا كنت عاوزه اجمعك معاه بدل النطع اللي انتٍ متجوزيه ومحسوب عليكٍ راجل، طب عينك في عيني كده؟ انتٍ فعلا مش معجبه بيه زي ما هو شكله معجب بيكي وعاوز يجي يكلمك
تنفست بعمق لتسيطر على إنفعالاتها وابتلعت غصة مريرة في حلقها من ذلك الشعور بالضغط والحقيقه المره عن أسرتها وزوجها وهتفت محتجة بصوت شبه مختنق
= مروه خلي بالك من كلامك وما تغلطيش في جوزي ولا في اهلي تاني انا عمال افوت بمزاجي وانا بس اللي اغلط فيهم انما غيري لا حتى لو فيهم كل عبر الدنيا! وثاني حاجه انا عمري ما هعجب بواحد وانا على ذمه واحد تاني وصلتلك ولا لاء
شعرت بانها بالغة في الأمر معها قليلا، لذلك أوضحت لها مروه غرضها مصطنعة الاعتذار والندم
= خلاص حقك عليا ما تزعليش هو انتٍ بتتقمصي بسرعه كده ليه؟ انا مش قصدي حاجه والله وحشه بس ليه ما تفكريش طالما باباكي مصمم انك تكوني على ذمه راجل انك تطلقي من معاذ وتكوني علي ذمته واحد تاني بس المره دي اختاري اللي على مزاجك واللي يسعدك فعلا ويحبك بجد
ارتفع حاجباها للأعلى صائحة بنفور
= وده ازاي هيجي يا فالحه ولا هقابله فين ما تقولي كلام يخش العقل.. انا متجوزه هاه متجوزه .
أجابت الأخري بضجر بائن في نبرتها وهي توضح ما تقصده
= وهي الناس بتحب بعض وتتعرف إزاي ؟؟افتحي بابك شويه وانتٍ واحده واحده الكلام ده هيجي ولما تتاكدي من مشاعرك ناحيته و انه بني آدم كويس اطلقي من جوزك واتجوزيه
وساعتها ابوكي هيزعق شويه لكن بعد كده هيسكت لما يلاقيكي علي ذمه راجل ثاني! بذمتك مش حل كويس ما فكرتيش ليه في الموضوع ده من الاول..
صمتت بسمة لحظة واحدة فما قالته بتوتر رغم استشعارها بالخطر، لكن الاخرى لم تعطيها الفرصه للحديث وهي تضيف قائله بخبث
= والمره دي بقى اختاري واحد يحترمك و بيشتغل وهو اللي بيصرف واهلهم مش ناس متسلطين وبتدخلوا في حياتك وما يرفضش موضوع تعليمك.. ومين عارفه مع الوقت ممكن يخليكي تشتغلي عادي! طالما سكتي يبقى الموضوع عجبك وانا من رايي تقربي للي اسمه محمود ده وانا بفهم في الحاجات دي كويس صدقيني الواد معجب بيكي.. بس عاوزين ناخد الموضوع واحده واحده ونفكر ازاي ندخل له لازم اول حاجه ما يعرفش انك متجوزه عشان ما يطفش أو ياخد الموضوع تسليه ممكن تقوليله انك مطلقه ومعاكي عيل هتكوني مهدتي لـي
لمعت حدقتاها متأثرة مع كل كلمه اذا تحققت بالفعل بحياتها و وجدت تلك الصفات التي كانت تتمناها وفقدت الأمل ان تجدها بعد في زواجها من معاذ، وبدا ظاهراً على لون بشرتها مدى تأثير الكلمات عليها، كونها تحدثت في شيء لم تفكر به سابقآ وهي بعد انفصالها تتزوج من رجل آخر حتى تبعد عنها اي من أحاديث وشبهات من المجتمع واهلها، وسيكون من أحلامها الشبه مستحيل اذا تزوجت من شخص و وجدت فيه تلك الصفات حقا.
لكن هل ستنفصل عن معاذ والد طفلها حقا، و تذهب الى غيره؟ هل ستجد الفرصه وتستطيع فعل ذلك؟ افاقت من تلك الأحلام اليائسه بسرعه.
و رمقتها بنظرات احتقارية، فلم تكن تتخيل صديقتها هكذا، لكن مع ذلك لم يبدو عليها أي آثار من الإعتراض لتتركها وترحل رغم قناعتها الشديده بان الصديقة التي مثل تلك اذا دامت صداقتهم من المحتمل ان تصبح مثلها في يوم من الأيام! لكن حاولت التمسك بعادتها و تقاليدها وتربيتها بأنها من المستحيل ان تصبح تلك الشخصيه ابدأ مهما مر عليها من معاناه.
ثم حركت رأسها بالنفي وهي تقاطعها وترد بعناد
= امهد لايه انتٍ مجنونه بس يا مروه ما تفتحيش الموضوع ده تاني لو عاوزه فعلا صداقتنا تدوم! الواحده اللي تطلق عشان راجل ثاني أصلا حاجه حرام وربنا هيغضب عليا و هيحصل اللي كنت خايفه منه كدبي هيبدا يتطور لحد ما الغلطه تبقي كبيره..
أصرت على رأيها وهي تضيف قائله بتوجس خفيف
= و بعدين هو انتٍ مفكره الموضوع سهل كده كده اتجوز واطلق ما كانش حد غلب الأمور عمرها ما هتمشي زي ما هنخطط ليها ربنا بيبقى لي ترتيبات تانيه وهو اللي عارف الصح لينا وانا الحمد لله رضيت اهو احسن من غيري في حاجات كتير.
كزت مروه على أسنانها بغيظ، ثم أجابت بجمود
= خايبه طول عمرك، على العموم انتٍ حره
بس لو رجعتي في كلامك في اي وقت هجهز ليكٍ خطه ما تخرش الميه وهتخليه زي الخاتم في صباعك.. العريس اللي جاي .
❈-❈-❈
وبنفس التوقيت، اقترب آدم وفتح باب المحل لديمة التي تعثرت فاستندت على آدم قبل أن تقع، كان ينظر اليها عن قرب بقوة ولكنها خجلت و ركضت بإتجاه العامل واخبرته عن طلبها وهو طلب منها ان ياخذ المقاسات وهزت رأسها بالايجاب مبتسمة.
لكن آدم كان له رأي آخر عندما تخيل ذلك الشاب يقترب منها بنفس قربه ويبدا يلمسها بحجه أخذ المقاس وهو لا يعرف نواياه؟ او ربما لم يعجبه ذلك المنظر في مخيله ابدأ.. اقترب منه بعد ان ترك الحقائب جانب و أخبره بصرامة
= عندك انت وهات اللي هتقيس بيها وانا اخد ليك المقاس
هز رأسه الراجل مبتسماً بمجامله وهو يقول
= تمام ما فيش مشكله اتفضل.
تورد وجه ديمة و اندهشت أكثر وبدت في قمة خجلها منه عندما اتخذ تلك الخطوه عن ذلك العامل! وإلي هنا اصبحت متاكده بأنه يغار عليها بكل تأكيد ربما لكونه رجل شرقي و واعي لافعال بعض الشباب الطائشه هذه الأيام.. لكن في كل الأحوال كانت سعيده بذلك.
كانت أنفاسه تتسارع وهو يمد يده المرتجفة نحوها و زادت رجفته وهو يتلمس جسدها محاولًا أخذ المقاس وكان يبدو كأنه يفعل عمليه جراحيه…
انحنى آدم على ركبتيه أمام ديمة فوجد شعرها يصل إلى خصرها فأزاحه بیده برقه على جانب وجهها ثم نظر إليها واستنشق عطرها، تلك الصغيره تكاد تفقده عقله ورونقه من أفعالها اللا منتهيه والذي لا يفهمها حقا، ثم
وضع المتر على خصرها وظل ينظر إليها فقال
الرجل وهو يمسك بمفكرته الصغيره والقلم
= قياس الوسط كام ؟
تنهدت بحرارة جياشة وتهدجت أنفاسها أثر لمساته البريئة، كما الحال دومًا بينهما من احتكاكات غير متوقعة و بادر هو بالإقتراب منها هذه المره ثم همس بشرود
= منحوت زي جنية البحر.!!.
سمعت حديثه بالفعل وسعدت اكثر إنما الرجل
عقد الآخر حاجيبة باستغراب للاعلي وهو يقول
= ما سمعتش حضرتك ممكن تعلي صوتك
شويه.
زفـر بصوت مسموع وهو يفرك وجهه بضيق كبير ثم أخبره المقاس، راقبته أعين ديمة ومع كل خطوة يخطوها بقربها ويلمسها.
أخفض نظراته ليحدق بساقها بصمت. فأدركت أنه يعاني من خطبًا ما لذا سألته مهتمه عن السبب لكنه لم يرد و واصل أخذ المقاسات ثم جاء دور مقاس الظهر، تفاجئت به يحاوطها من الخلف على غير عادته بالمرة مسندًا رأسه على كتفها، فالتفتت برأسها للجانب لتنظر إليه بخجل و توتر وهو بدأ بلف المتر حولها وقد كان انتهى أخيراً من ذلك…
أخبرهم العامل وهو يقول دون قصد
= تمام خلال يومين الفستان هيكون جاهز وتقدر تستلمه و تتهنى بيه بنت حضرتك.
رفعت رأسها لتنظر ناحيته بوجه ملتهب من حمرة الغيظ المكتومه، وردت بإقتضاب عابس
= بس انا مش بنته.. و تمام متشكرين هنبقى نيجي ناخده بعد يومين.
لاحظ آدم تشنج وجهها، وحدة نظراتها لكنه لم يفهم سبب غضبها من العامل هكذا، فهو لم يعلق أو يستغرب حديث الرجل أو يشعر بالانزعاج مثلها حتي، كونه معترف بأن العمر بينهما كبير ومن يراهم هكذا بالتأكيد سيعتقد ذلك.
حدق مباشرة في عينيها قائلاً بصوت خفيض رغم جديته
= ما كانش في داعي تتكلمي مع الراجل كده، هيعرف منين انك مش بنتي وبعدين طبيعي اي حد هيقول كده
تصلبت قسمات وجهها نوعًا ما وهي تقول بإصرار
=لا مش طبيعي، و عادي جدآ اكيد بيعدي عليه ناس شبهنا وبيكونوا متجوزين هو اللي مش بيفهم ومش قادر يميز.. ان احنا مستحيل نكون اب وبنته .
أجابها بإقتضاب وهو متعجب من ردة فعلها
= يعني اخوات تمشي معاكي .. خلاص يا ستي المره الجايه نبقى نقول له كده
اغتاظت بشدة من كلماته لذلك ردت من بين شفتيها المضغوطتين بصوت شبه ثابت
= ولا ننفع نكون اخوات عشان احنا مش اخوات يا!.. يا آدم
انعقد ما بين حاجبيه بإندهاش من حديثها و افعالها الغير مفسرة بالمرة، وقبل ان يتحدث او يعلق أسرعت هي تقول باقتراح
= ممكن طلب أخير وتوافق وما تقولش عليا زنانه ولا غلسه، هو احنا مش ممكن نروح عرض حد بيعزف بيانو.. ونتفرج عليه بما اننا بقيت هواياتنا واحده في الموضوع ده! ايه رايك مش بذمتك فكره حلوه وبالمره نغير جو دي اول مره ننزل مع بعض ونستغل اليوم كله خروج.
تطلع فيها بغرابة فحقا اثارت تعجبه بالكامل من تصرفاتها وكلماتها الغير معتاد عليها اليوم على غير العادة، ارتفع حاجباها للأعلى هاتفه باستغراب زائف
= ايه ما تعرفش عروض زي كده هنا؟ طب ممكن نسال حد اول نشوف على النت
هز رأسه برفض شاردا بتصرفاتها الغير مفهومه وهو يقول بصوت هادئ اجش
=لا خالص اعرف ورحت قبل كده اكتر من مره ماشي تعالي .
سارت هي جانبه وبداخلها شعور أنها سندريلا، ولكنها لن تسمح لعقارب الساعة أن تقترب من الثانية عشر منتصف الليل وتُفسد ليلتها تقدمت منه وهي تحتضن ذراعه بكلتا يديها بالرغم من فرق الطول بينهم تحت نظراته المتعجبة من أمرها و داخله لم يستطيع إنكار سعادته كونه يحظي بلحظات افتقدها وحرم منها أيضاً بسبب حزنه علي أبنته وقد شعر بعدها أن الحياة توقفت الي هنا؟ لكن جاءت تلك الصغيرة ببساطة لتخبره بأنه مزال علي قيد الحياة!.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع، لن تستطيع بسمة الاستمتاع بوقتها مع مروه هذا الأسبوع إلا إذا لم يجلس زوجها باستمرار في المنزل هنا، ليومين على الأقل حتي تتسكع معها في أرجاء المدينة! وتكتشف أماكن لم تكن تعرف عنها شيء من قبل .
ولأنها لا ترغب في وجوده هنا بدأت تفعل عكس ما يريد؟ مثل ان ترتدي ملابس غير مناسبه من وجهه نظره بالمنزل.. دخلت لغرفتهم لتجد معاذ يحاول فك ازرار القميص الذي تعلقت مع بعضهم وهو ينفخ بضيق وتعب انتهزت الفرصه و التصقت بجانبه وأمسكت تساعده في خلعة رغم حنقه فعندما ألتفت
للخلف تطالع إلي ما ترتديه بوجه المتجهم
رغم أنه طول الوقت يمنعها من ذلك لكنها تستمر في فعل عكس ما يريد لتغضبه، ثم رسم معاذ ملامح الجدية التي لا تليق به وقال
= خلاص ابعدي مش محتاج مساعده انا هعرف اخلعه لوحدي.
ازداد عبوسها لما قاله فمالت برأسها ليستنشق عطرها المثير مغمغمًة
= وانا رحت فين بس يا حبيبي مش مهم هساعدك.
أخذ شهيقا طويلًا محملا برائحتها الممزوجة برائحة العطر، نظر رغم عنه وتطلع لجسدها وتقاسيمه التي تسلب عقله كأنه يراها لأول مرة في حياته! أو أن رغبته المحرومه زيّنت له طلتها! فرغم هذا ما يريده أي رجل لكن يحرم نفسه منها متعمد؟!.
فلم يشعر بنفسه وهو يندفع نحوها اندفاعًا كاد يُسقطها لولا دعمه لها بين ذراعيه وغاص معها قليلاً فيما يحرمه عنه.. كان في بداية زواجهما ما إن يبادر للاقتراب منها حتى تتجمد جسدًا و روحًا قبل أن تسمح له بالاعتراض او الموافقه ؟!.
لكن بعد مرور تلك السنوات ونمو الرّغبات فيه كرجل اختلفت نظرته للأمر وهي ايضا بالتأكيد بدأت تتجرأ قليلا وتتخلى عن شعور الخجل.. لكن تفاجأت به دون مقدمات أصبح يقترب منها للعلاقة الزّوجية إلا على مضض..
بالتأكيد الأمر ليس متعلقًا بمعاذ فلا يمكنها أن تحب لوح ثلج مثله.. إنما الأمر أنها بحاجة لرجل مهما في حياتها.
أيقظه معاذ من دوامة تفكيره و رغبتة على نظراته التي يطالعها بها.. عسلية عينيه تفيض بالرَّغبة والتوق الدفين لقربها.. لكن تحرك جسده عنوةً خاضع على أوامر العقل الذي يخبره أن يجب يتوقف قبل ان يسرح الى شيء ندم عليه سابق ويجعله يتذكر الماضي!!.
تشنّج جسده وعَسُر على عقله فهم ما يقوم به الآن خطأ وسرعان ما هتف بصرامة وهو يدفعها عنه بعنف
= ابعدي عني بقي يا بسمه هو انتٍ لما بتصدقي تقربي وما عندكيش غير الطريقة دي تساعديني بيها.
رشقته بسخط، و رددت له بامتعاض ملحة
= الله! هو انا قلت لك قرب انت اللي لما صدقت هتجيبها فيا؟؟ وبعدين فيها ايه مش بتحبني والمفروض انا كمان بحبك؟ وانا عاوزه نتصرف احنا الاتنين كاننا بنحب بعض
عقد حاجبيه باستياء وقال وهو يصُدها أكثر
= هو فين الحب في اللي انتٍ بتعمليه؟؟ بطلي تعملي الحركات دي وتشبهي نفسك بستات مش كويسه! وبعدين هو انتٍ مش قبل فتره كنتي قلبي عليا ومش طايقاني دلوقتي حبيتيني؟ هو انتٍ متناقضه ما تثبتي على حاجه! صحيح ما حدش يعرف كتالوجكم
ايه يا ستات وكل ساعه بحال
لوت شفتاها بضيق وهي ترد بسخرية طفيفة
= نصيبي بقى مضطر اكمل معاك؟ فهكمل وانا متنكد عليا؟ ولا وانا مبسوطه مع جوزي! اهدى بس انت علي نفسك ممكن يا لوحه التلج تذوب ونخلص
نظر لها بجمود وهو يرد قائلاً باستفسار غاضب
= مين ده اللي لوح تلج تقصديني انا؟ تشكري يا محترمه وانتٍ ما تعرفيش تسيحي لوحه الثلج ده إلا بالطريقه دي
اجتاحت العدوانية عينيها وهي ترد عليه بعبث خطير
= للاسف ما عنديش طريقه تانيه وانت بيجي منك نافعه بحاجه ولا بينفع معاك اي تغيير أصلا
دفعها بقبضته بعنف في كتفها مرددًا بشك
= هو انتٍ بتعرفي الحاجات دي منين؟ انا بقيت أشك في تصرفاتك الأيام دي، اعترفي بصراحة هو انتٍ بتتفرجي على حاجه من الحاجات إياها دي على النت؟!.
اتسعت عينا بسمة بذهول وصدمه ثم قالت من بين أسنانها المطبقة باستخفاف
= اقول لك وما تزعلش بتفرج على ايه؟ يا راجل يا مجنون أنت!.
نظر لها متهكمًا وتفهم بأنها تقصد بنعله بلفظ
سيئة بكل تأكيد لذلك لم يجاريها في الحديث هذه المره، ثم طلب منها تغير ملابسها لانها غير مناسبة علي امرأة متزوجة مثلها! وإلي هنا لم تستطيع السيطره على غضبها وشعرت أنه يسخر منها لتصيح بصوت مغتاظًا
= انا بقول تقصر في يومك النهارده يا معاذ احسن، بدل ما أحطك برأسي وأطول في السجود عليك لوحدك .
وفي نفس الوقت فتح ابنهم الباب دون أن يطرقه مناديا أمه، انتفض معاذ بسرعه يرتدي ملابسه ثم رمقه بطرف عينه بقسوة قبل أن يهدر به بعنف
= خليك عندك وما تدخلش! كام مره نبهت عليك ما تخشش اوضه النوم علينا قبل ما تستاذن!
انزعجت بسمة من قسوة مع أبنها فبالتاكيد لم يكن يقصد دخوله في ذلك الوقت والامر لا يحتاج كل ذلك الغضب، بينما التفت معاذ ناحيتها قائلاً بغلظة
= ما تعلمي ابنك انتٍ كمان الاستئذان على الأبواب قبل ما يدخل.
هتفت بسمة هي الأخرى بضجر
= هو ابني لوحدي ما تعلمه انت.
رفع كفه بتذمر ملوحاً لها وهو يرد بانفعال
= مش وقت خناق البسي حاجه بسرعه، و غيري إللي انتٍ لابساه ده! ثم إن أنا نبهت عليكي انتٍ كمان ما تلبسيش اللبس ده هنا
وابنك صاحي لسه وحتى لو كنا لوحدنا.. عاجبك أوي إبنك يشوفك بالمنظر ده
في حين تطلع مالك بوالده ببراءة معتذرا وهو يزم شفتيه بطفوله، ثم اخبرته والدته بان يذهب الى غرفته وسوف تأتي خلفه وترى ماذا يريد.
خرج أبنها بالفعل ينتظرها في غرفته، وغادر معاذ الغرفة بعيد عنها أيضا.. في حين هي تراجعت لتستند بظهرها علي الفراش بامتعاض وهي تفكر في حال زوجها لا تفهمه حقا، أليس هو رجل وكل الرجال كحال بعضهم في تلك الأشياء بالاخص؟ فلماذا لا يحبذ و لا يتقبل رؤيتها تتزين ولو كان وحيدان! ألا يحب أن يمتلك زوجة تهتم بحالها و تكون جميلة بنظره ولو له فقط؟
❈-❈-❈
صف منذر سيارته بجوار مدخل البناية القاطنة بها عائلته، وترجل بهدوء ليصعد إلى منزله ثم
ســـار إلي الداخل بعد ان فتح الباب مراقبًا حركه الهدوء التام بالمنزل وقد تعجب فهل نامت زوجته مبكراً؟ تنهد بإنزعاج واضح عليه عندما تذكر خصامهم وظن انها تفعل ذلك
متعمده حتى يتعود على فراقها لكن لم يعجبه ذلك وقرر اليوم أن ينهي ذلك ودخل الى غرفه الأطفال التي بدأت تنام فيها مؤخراً و كانت الصدمه عندما لم يجدها؟؟
جحظ عيناه بخوف كبير وبسرعه ذهب يفتح الدولاب يبحث عن ملابسها واغراضها معتقد انها قد رحلت دون علمه!. لكن ارتاح عندما وجد كل شيء بمكانه وظل يبحث عنها بباقي الغرف ولم يجدها، برزت عيناه الغاضبتين أكثر من محجريهما وصاح بصراخ مقلق
= امال هتكون راحت فين؟ لما هدومها هنا طبعاً خرجت من ورايا وبتعصاني عادي وهي هتاخد الأذن مني وتحترمني يعني؟ بعد كل اللي عرفته هتعتبرني جوزها وراجلها ماشي يا ضحى حسابك معايا لما تيجي!!.
جلس منذر مكانه ينتظرها وكل دقيقه تمر كان يغضب أكثر و مرت ساعه ولم تأتي، حتي وصلت أخيراً بعد ساعة وضعت المفتاح بالباب وتنهدت بإنهاك واضح ليرفع عيناه إليها قائلاً بصرامة حاده
= أهلاً بالهانم ما لسه بدري! ادخلي.
لم تعلق ضحي على أمره الصارم و دخلت المنزل ممتثلة بهدوء له، فلا جدوى من الإعتراض عليه فسينتهي الأمر معه بالجر قسرًا للداخل وهي تحاول ان تتفادى اي شيء حتى تمر تلك الفتره و ينفصلون او يستمرون بهدوء.
تحركت ببطء شديد وما ان وضعت حقيبتها اعلى الطاوله خرجت عنها شهقة مكتومة حينما جذبها منذر من ذراعيها وضغط عليه هاتفا بعصبية منفعله
= كنتي فين وازاي تخرجي من غير اذني هو انتٍ خلاص مفكره ان انا ماليش كلمه عليكي عشان عارفه اللي فيها؟؟ فتلوي ذراعي وأنا هحط جزمه في بقي واسيبك تخرجي و تروحي هنا وهناك براحتك؟ كان حد قال لك عليا مركب قرون !؟
تألمت من ضغطه على ذراعها وهي تطلع فيه
بغرابة و تتساءل بتعجب
= ايه الألـ.ـفاظ دي وطريقتك معايا قلت لك سيبي دراعيه وما تمسكنيش بالطريقه دي تاني!.
ضغط أكثر علي ذراعها وصاح بها مهدداً
= لا ده انا مش همسكك من دراعك وبس و اضربك بالجزمه كمان لو ما قلتليش كنتي فين وبتعملي ايه ومع مين؟؟ ما انتٍ مش هتيجي تقرطسيني انتٍ كمان
تأوهت من قبضته الغليظة عليها و لاول مره تشعر بالخوف منه ومع ذلك قالت بحده
= ما تحترم بقى نفسك و سيبني وانا افهمك كنت فين وما تقرنيش بحد تاني !. وعلى فكره انا اتصلت بيك اكتر من عشر مرات عشان استاذن منك وانت إللي مكنتش بترد.. ومش هقول لك تاني سيب دراعي واتكلم معايا باحترام .
لم يعجبه الحديث وهزها بعنف وهو يتابع بشراسة
= ضـحـي، أنا جوزك وكلامي أوامر ! و المفروض والاصول بتقول ما تعتبيش من الباب ده غير وانتٍ واخده الأذن مني
اضطرت أن تبعد يديه بنفسها بكل قوتها قبل ان يكسرها، ثم رمشت بعينيها بعصبية قليلة وهي تقول
= انت مش جايبني من الشارع عشان من اول ما اتاخر بره ولا اخرج مضطره من وراك تروح شاكك فيا بسبب الزباله اللي كنت تعرفها قبلي؟ ماما اتصلت بيا عشان بابا تعب وهي كانت لوحدها واخواتي متجوزين بعيد عنها وما لقيتش غيري تستنجد بيه.
طالعته بنظرات ثابتة وهي تكمل والآخر أصبح ينظر إليها بفضول وقد بدا مهتم بمعرفة باقي التفاصيل
= قلت لها اقفلي على طول وانا هتصل بجوزي واجي وسيادتك ما ردتش ومش عارفه اجيبك منين حتى إللي في البيت هنا ما حدش أهتم واخوك كان بيلعب على التليفون وشاورلي وقال لي هتصل بيه رغم ان انا قايله له اتصلت وما اردش وما جتش منه يقول هروح معاكي، حسيت ما فيش اهتمام منهم! كنت عاوزني اعمل ايه؟ استنى سيادتك لحد ما ابويا يجري لي حاجه بعد الشر، عشان استنى اخذ الأذن منك ولا حد من اهلك يحن عليا ويجي معايا .
شتم أخيه في سره بتقزز جلي لاعن إياه ذلك الغبي الذي لم يتعلم الاصول، ثم لوح منذر بيده مهدداً رغم معرفته بالحقيقه
= مهما حصل اول واخر مره تعملي الحركه دي اكيد الشبكه هي اللي منعتني عنك انا اكيد مش هشوف كل اتصالاتك دي واطنش بمزاجي
ولا اعرف انك محتاجه مساعده انتٍ ولا اهلك واكبر دماغي! وكان لازم حتى بعد ما رحتي المستشفى تفضلي تتصلي بيا لحد ما توصلي ليا عشان تستاذنيني، اتمنى اللي عملتيه النهارده ما يتكررش تاني عشان ما تشوفيش مني تصرف ما يعجبكيش.
ردت عليه متساءلة وهي تنظر إليه بعدم تصديق
= وايه بقى هو يا ترى التصرف اللي هتتصرفه وما يعجبنيش؟!.
هز رأسه نافياً، وأجابها قائلاً بغموض
= انا قلت لك لو عملتيها تاني وانتٍ ما ينفعش تعمليها تاني يا ضحى، يلا تفضلي روحي جهزي ليا الأكل لحد ما اروح اخد شاور، أنا قاعد من ساعه ما جيت مكاني من الشغل مستني سيادتك ومش عارف مراتي فين ولا جرى ليها ايه.
تركها بعدها وهي ما زالت مكانها تستوعب ذلك الشخص الذي تحول فجاه الى شخص آخر لا تعرفه من قبل، وكانت مذهوله من تحوله المفاجئ دون مبرر قوي يستدعي كل ذلك الغضب، لكن ربما الآن فقط أدركت بأنها ضغطت على الوتر الحساس لديه واخرجت اسوء ما فيه..! وعليها الحذر من القادم.
❈-❈-❈
مرت أيام كثيره وأصبحت الحياه بين ديمة و آدم جيده جدآ من حيث ديمة التي بدأت تهتم بكل شيء يتعلق به، وبادق التفاصيل ورغم استغراب الآخر وتعجبه من أفعالها لكن لا يعرف أي تبرير لذلك لم يعلق وتركها تفعل ما تريد طالما لا تضايقه واقتنع انها ربما قد تعودت على الحياه هنا لذلك لم يزعجها باي تعليق غير جيد عن تغيرها المفاجئ والواضح.
انتبهت على وجوده ينظر إليها بعدما عاد من العمل وهو يعلم أن اليوم كانوا يزوروها اشقائها وقد ظن بان العلاقه الوديه عادت بينهما من جديد لكن كان يحدث العكس تماما، ليبتسم لها يسألها
= مدام رانيا وزينب عاملين ايه، شكلكم اتصالحتوا من تاني مش كده
استمعت لبعض من حديثه وفور ان سمعت خصام أشقائها ارتجف جسدها و أغمضت عيناها تنفض تلك الذكرى السيئه التي تركها هيثم داخلها ولن تنساها يوماً، فعندما جاءوا اليوم قد تشاجروا بشده وفي نصف الحديث قالت أختها بطريقه غير مباشره بانها هي من أخطأت والسبب في فراقهم فلا يصح لها أن تتحدث الآن وتحاسبهم وهي السبب من البدايه، وهذه المره قد تصاعد الشجار بينهما بشكل غير مهذب عندما عايرتها أختها واهانتها
بانفعال
= هو انتٍ كل ما تشوفي وشنا هتقعدي تدينا كلمتين؟ ما تنسيش نفسك انتٍ الصغيره واحنا الكبار ويا ريتك كمان احترمتينا! لا رحتي عملتي علاقه مع واحد من ورانا في الحرام وحملتي وجايه تعاتبينا وليكي عين تتكلمي واحنا اللي سترنا عليكي في الآخر.
حاولت رسم ابتسامه بسيطه وهي تقول لتغير الموضوع
= الحمدلله كويسين وبيسلموا عليك، حتى زينب أختي حامل تاني وقالت احتمال لو جابت ولد تسميه على اسمك عشان عاجبها إسم آدم.
اتسعت ابتسامته وهو يقترب منها يجلس جانبها ليرفع كفه يُداعب وجنتيها
= طب لو بنت هيسموها ديمة .
ارتخت ملامحها تطرد خصام اشقائها من ذهنها فما ذنبه هو، و زمت شفتيها عبوساً تتذمر علي اختيارهم لاسم آخر لو كانت فتاه
=مش عجبهم اسمي شوفت، بيقولوا عليه اسم مش حلو
تجلجلت ضحكاته وهو يراها كيف تمط شفتيها مثل الأطفال، فأتسعت ابتسامته التي لم تعد تفارق ملامحه وهو يردف
= ما لهمش حق تعرفي انا لو كان عندي بنت تانيه كنت اوعدك اسميها ديمه عشان انا شايفه اسمك جميل زيك
احتدت عيناها بغيرة وتوتر وقلبها يتألم عندما أخبرها بأنه من الممكن يكون له طفل آخر و بالتأكيد سيكون من غيرها، تعجب من صمتها المفاجئ وقال باهتمام
= مالك يا ديمة… في حاجه حصلت بين اخواتك وانتٍ مخبيها عليا
طالعته بحسره واردفت بقلب ملتاع
= لا خالص قصدي يعني كويسين، بس انا كنت عاوزه اقول لك لو افترقنا في يوم هتفضل أحسن راجل مر في حياتي وعرفته
فراقً لا يعرف لما اهتز جسده من تلك الكلمه بل خشي حدوثها، نفض رأسه من أفكاره العجيبه التي بدأت تراوده هذه الأيام يبعدها عنه يتجاوز حديثهم قائلا بصعوبة
= إيه اللي خلاكي يعني تقولي كده دلوقتي و لو نفترض حصل هكون برده على اتصال بيكي هو انتٍ مش عارفه معزتك عندي بقت ازاي ما تفرقش حاجه عن رنا
أغمضت عيناها وجعاً فحتى عندما تشعر ببصيص الأمل فيه تضيع آمالها كأنها لم تكن،
دارت برأسها حولها تنظر بضياع تذرف دموعها تلطم فوق صدرها من الآلم وهي تقول بعصبية منفعله
= تقصد ان انت بتشوفني زي بنتك بس انا سابق وقلت لك انا مش بنتك؟ ومعنى كلامك برده ان انتٍ مش فارق معاك فرقنا
عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول بقلق
= ديمه انا مش فاهم حاجه منك وضحي كلامك هي في حاجه حصلت وانتٍ مخبيها عليا صارحيني
تصلب جسده وهو يراها تُلقي جسدها بين ذراعيه وبكت بحرقة وعاد القهر ينبض بقلبها من جديد ثم قالت وسط بكائها باختناق
= انا مش عاوزه أبعد عنك يا ادم؟ مش عاوزاك تطلقني ولا تسيبني.. مش عاوزه ارجع للواحده تاني اخواتي لسه زي ما هم ومش هيتغيروا مهما حصل وفي حاجات كتير حصلت الفتره اللي فاتت وانا مش عاوزه اقولها او مش عارفه اقولها ازاي لان انا مصدومه فيهم.. او حتى ما بقتش عارفه الغلط فين؟ فيا ولا فيهم بس مش عاوزه ابقى لوحدي وبالذات بعيد عنك .
ضمها إليه بقوه يسمع صوت شهقاتها الخافته ولأول مره يعرف أنها باتت غالية بشدة على قلبه وهو يواسيها قائلاً بحنان
= كنت متوقع، وهو ده اللي قالب حالك بالشكل ده طب خلاص اهدي انا قلت لك مش هبعد عنك
كانت تستمع حديثه وكأنها بعالم آخر… عالم الآلم الذي لا يُريد ان يتركها، ابعدها عنه برفق عندما وجد صوت شهقاتها تتعالى أكثر، فلم تعد لديها القدرة للتحمل وقبل ان يتحدث قاطعته وهي تصرخ باعتراف بيأس
= بس انا مش عاوزاك جنبي عشان انا زي رنا بنتك.. انا عاوزاك تفضل جنبي بصفتك آآ ؟؟ عشان بصفتك جوزي !!.
اتسعت عينا بذهول صامتاً ولكن كان مختلطاً بمشاعر لا يعرفها ولن يعترف بها يوماً، وهو يرى تلك الشابه تطلب منه ان لا يتركها ويظل جانبها بصفه زوجها وليس والدها او شقيقها الكبير.
** ** **

يتبع…

لقراْة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قابل للكتمان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى