روايات

رواية قابل للكتمان الفصل الثالث عشر 13 بقلم خديجة السيد

موقع كتابك في سطور

رواية قابل للكتمان الفصل الثالث عشر 13 بقلم خديجة السيد

رواية قابل للكتمان الجزء الثالث عشر

رواية قابل للكتمان البارت الثالث عشر

قابل للكتمان
قابل للكتمان

رواية قابل للكتمان الحلقة الثالثة عشر

بكائها العالي يصدح بالغرفة كلها و هي تجلس علي الأرض بجوار الفراش تضم نفسها بيديها وتدفن رأسها بين ركبتيها و تبكي بقوة و شهقاتها تتعالي، كيف له ان يرفضها ينتهي القسوه هكذا كيف له ان يفعل بها ذلك؟ و هي الغبية التي كانت تصدقه كانت تعتقد ان قد ضحكت لها الدنيا من جديد ضحكت بسخرية من بين بكائها و هي تطرق بيدها علي الارض بقوة تكبح صراخها بصدرها ثم رفعت رأسها تسندها علي الفراش و صرخت ببكاء و شهقات
متقطعة .
لم تكن تتخيل انها ستسقط من سابع سماء
هب تحلق باجنحتها الي سابع ارض وتكسر
اجنحتها التي كانت تتباهي باداءهم في التحليق الي الاعلي والدوران بالعالم و كأنها قد امتلكت الدنيا، وقفت عن الارض تمسح دموعها بظهر یدها و توقفت امام المراه تنظر الي نفسها بحزن و هي تفكر ما السيئ بها ليحدث معها كل ذلك.. وبدأت تتذكر قبل لحظات ما حدث معها عندما طلبت منه ان يكون جانبها بصفه زوجها وليست بصفه أخيها أو أبيها .
قاطعته وهي تصرخ باعتراف بيأس
= بس انا مش عاوزاك جنبي عشان انا زي رنا بنتك.. انا عاوزاك تفضل جنبي بصفتك آآ ؟؟ عشان بصفتك جوزي !!.
اتسعت عينا بذهول صامتاً ولكن كان مختلطاً بمشاعر لا يعرفها ولن يعترف بها يوماً، وهو يرى تلك الشابه تطلب منه ان لا يتركها ويظل جانبها بصفه زوجها وليس والدها او شقيقها الكبير.
نظر آدم لها بغرابة وهو يتسائل بحذر
= ديمه انا مش فاهم قصدك كويس؟ صدقيني انا مش هبعد عنك حتى لو انفصلنا بصفتي اخوكي بقى ولا والدك ولا جوازنا اللي على الورق ده.. انا هكون جنبك .
ضغطت على شفتيها بخجل من اعترافها المتسرع لكن لم تتراجع وهي تتحدث اليه بلهفة
= لا انا بحبك بجد، يمكن اكثر انسان حسیت معاه بالامان و الراحة و الحب اكثر انسان اداني قيمة و حسسني اني بني ادمة انت اكثر انسان كان حنين عليا بعد بابا الله يرحمه، آدم انا مش عايزة ابعد عنك ابداً
أنصدم بشدة هو يعقد حاجبيه باستغراب قائلاً بذهول
= كل ده امتى حصل؟ ده انتٍ من اول ما جيتي هنا وبتحاولي تبعدي عني
ابتلعت ريقها بتوتر و هي تردد عليه حقيقة ما كانت تشعر به ذلك الوقت
= لاني مكنتش عايزاك تغصب نفسك علي
العيشة معايا و تظلم نفسك لمجرد انك تحميني أو تستر عليا من اهلي مكنتش عايزة تضايق مني او في يوم تندم انك فكرت تحميني مكنتش عايزة ده يحصل يا آدم.. غير كنت خايفه من نظرتك ليا اللي مش عارفه بتبصلي على أي أساس؟ واحده مش كويسه ضعفت وسلمت نفسها لواحد ما يستاهلش ولا شايفني مظلومه فعلا وندمانه .
كان واضحاً جداً صوت نَبضها الذي كان مُطرِباً
مسامعه حينها رفع عيناه القاتمة المشعة تقابل
عينيها التي تسيطر عليها نظرة البرائة التي
تشعل براكيناً داخله وبذات النبره إستأنف بعيناه الشغوفة… لدرجة رمش عدة مرات دون إستيعاب لما قالته للتو!.
عضت على شفتها جاعِلتاً من عيناه المشتعلة تلمع وهمست بهدوء و هي تنظر اليه قائلة بحب
= انت احن انسان انا شوفته في حياتي يا آدم
ابتسم لحديثها بتهكم وقد فهم السبب الآن ولما طول الوقت كانت تقول إسمه دون القاب ليرد قائلاً بحزن شديد
= وانتٍ جميلة اوي يا ديمة بس ما ينفعش؟
وفي اكتر من سبب يمنع ده.
جف حلقها نوعًا ما متساءلة بجدية
= هو ايه اللي ما ينفعش بالظبط؟ واسباب ايه بعد ما قلت لك بحبك هي في حاجه ممكن تمنع حبنا !.
تابعهما آدم بصمت، لكن عقله لم يتوقف للحظة عن التفكير بحكمة فيما ستؤول إليه الأمور و كيف سيرد على اعترافها بالحب؟ فديمة
ليست بإمرأة منكسرة الجناح، لكن سهلة الترويض وبنفس الوقت هي في لحظة يمكن أن تقلب الطاولة وتنفر من علاقتهم وتطلب الطلاق؟ وستكون علمت وقتها انها تسرعت بهذا القرار وحينها سيتألم من فكره ان يتعلق بشخص اخر ويدخل حياته ويرحل ويعود وحيد من جديد، لذا عليه أن يضمن سلامة قلبه وقلبها كون يكبرها في العمر واكثر خبره عنها، أومأ لها بعينيه قائلاً بجدية أكبر
= ديمه ركزي كويس معايا! اولا انا بكبرك بـ 18 سنه فاهمه العمر الكبير ده معناه ايه؟ بصي لقدام وانتٍ هتفهمي قصدي.. غير ان انتٍ عندي هنا امانه واخواتك قريب هيجي ياخدوكٍ مني ومش هينفع محافظش عليكي
واطاوعك على الكلام ده .
مطت فمها بارتباك قائله بثقة أكبر
= انا فاهمه كويس كل اللي بتقوله ومش فارق معايا موضوع العمر وبالنسبه لاخواتي فهما اصلا طلعوا من حياتي فما يجوش دلوقتي يتحكموا فيها وما لهمش حق اصلا انا مش هفضل تحت رحمتهم واعمل اللي هم عاوزينه وانا ما بقتش صغيره.. أصل الأهم من الإختيار إنك تعرف تلاقي سعادتك فاللي إختارتيه.. وانا متاكده ان سعادتي معاك ومش فارق معايا أي حاجه
مسح على وجهه بعنف و التوى ثغره للجانب قائلاً بعصبية مفرطة
= بلاش هبل الامور دي ما تتاخدش كده انا لو وافقتك على الكلام ده هظلمك معايا؟ وانتٍ بنفسك بعد كده هتندمي وهتحسي انك اتسرعتي لما تضيعي حياتك و عمرك مع واحد بيكبر قبلك بسرعه وانتٍ لسه بتشوفي الحياه قدامك.. في حاجات دلوقتي مش هتيجي في دماغك بس بعدين هتعرفيها
شعرت بالحزن من استخفافه بمشاعرها وعدم تصديقها، وهزت رأسها باعتراض هاتفه بتأكيد مغتر
= هو احنا هنكون اول ناس يتجوزوا والفرق بينهم كده ما في ناس كتير وبتنجح على فكره وانا قلت لك فاهمه كل حاجه وعارفه وموافقه وبعدين هو انت مش بتحبني زي ما بحبك انا ساعات كنت بحس ان في مشاعر ناحيتك ليا .
على عكس ما كانت تتوقع شرد يفكر في اعترافها بالحب الذي قابله علي نظير صامتاً.
فإن قبل بها سيضحي بمصير شبابها وخاصة عمرها الصغير للأبد، لذلك يجب أن يرفض قبل أن تتطور الأوضاع للأسوأ. أخذ يختلق لنفسه الأعذار ولنفسها مرددًا بتوتر و ارتباك
= اكيد غلطانه وحسيتي كده من معاملتي ليكي لان انا اتحرمت اكون اب حنين مع بنتي رغم أنها موجوده وكل الاحاسيس والمشاعر دي ظهرت ولما لقيتك قدامي طلعتها غصب عني ولاني لقيتك محتاجه ده برده.. وانتٍ اللي جواكي صدقيني مش هيطلع حب ده عشان انتٍ برده افتقدتي تلاقي حد يهتم بيكي ويكون جنبك وكل اهلك سابوكٍ لوحدك واللي جواكي ده هتكون مشاعر ابوه كنتي محرومه منها زيي .. انسي بقى الكلام ده وانا هعتبر ما قلتش حاجه
شعرت بقلبها يضيق ليؤلمها أكثر وكأنه يعتصرها، فرفعت عيناها لتنظر إلى وجهه فرأت في قسماته ما أخافها من المستقبل وهو الرفض التام… كتمت آلمها وتحاملت على نفسها ثم ازدردت ريقها وركضت له ليتوقف و عاودت التحديق فيه وهي تحاول التحدث والشرح بصعوبة بالغة
= استنى هنا يا ادم! انا فاهمه مشاعري كويس ومصممه اللي جوايا حب وقلت لك اكتر من مره انا مش بنتك وعمري ما هكون كده و المعامله اللي انت عملتها لي برده مش موضوع حنيه اب لبنته! ما تحاولش تشككني في نفسي وخليك صريح معايا او يا اخي على الاقل خليني اعترف ان انا في حاجه جوايا ناحيتك.. ولو لسه بتتكلم كده عشان موضوع السن فانا قلت لك مش فارق معايا وراضيه .
ربما هو احيانا يفكر بذلك، فلم يستطع منع نفسه من الإنجذاب إليها، ولما لا؟ فهو دومًا يثبت لها أنه العنوان الأمثل للرجولة.. لكن لأ مستحيل سيكون ظالم ولم يسامح نفسه اذا فعل ذلك وجعل ارتباطهم حقيقي! بالإضافة إلى الوعد الذي اخذوا اشقائها منه ومن ناحيه العمر الكبير بينهما.. حدق فيها مطولًا لكنه نظر لها بفتور صارخًا بها بعصبية منفعله غير مبررة
= راضيه بايه هو اي هبل وخلاص بطلي غباء نفترض ان انا مشيت ورا كلامك وخليت جوازنا حقيقي ايه اللي هيحصل بعد كده؟ انتٍ شابه صغيره واكيد ليكي احلام كتير تخرجي وتتفسحي وتروحي وتيجي ويتقال لك كلام حلو وحب.. وكمان يبقيلك طفل كل ده بقى لو قدرت اعمل لك نصه فمش هقدر اعمل قصاده حاجات كثير! ومع الوقت هتزهقي وتملي وهتندمي انك طلبتي مني الطلب ده.. ده انا حتى مش ضامن نفسي هكون قادر اشيل مسؤوليه الاطفال اللي هتجيبيهم ولا لاء .
صرت على شفتيها بحسره، وواصلت مقاومتها رغم لم تستطيع وهي تقول بصوت مؤلم
= الإعمار بايد ربنا مش ممكن يا سيدي انا اللي اموت قبلك وبعدين انت بتفكر في حاجه لسه في المستقبل ومش عارفين هنقدر نحققها ولا لا؟ وبعدين بعد ما عشيرتك بقيت اكتر واحده متاكده ان انت مهما يكون سنك.. عمرك ما هتتخلى عن اي مسؤوليه تخصك، ادم انت راجل بجد ومعاك عرفت ده؟ يعني ايه الرجوله مش مجرد اسم في البطاقه لا افعال واتحمل المسؤوليه واكون قد كلمتي وتصرفاتي وابقى حنين مع اللي قدامي واقدر ظروفه وابقى متسامح.. كل ده انا اتعلمته منك واتمنيت اقابلك من زمان عشان اعرف يعني ايه راجل
اقترب منها حتى وقف قبالتها ثم قبض على عضدها فجأة قائلاً بجمود ساخراً
=ايوه هنا المشكله الأمور اختلطت معاكي و البيه اللي انتٍ كنتي تعرفيه زمان وما كانش معاك راجل بجد خلاكي اول واحد تقابلي في حياتك يبقى حنين معاكي تحبيه على طول وتبقي عاوزه تكملي حياتك معاه، من غير ما تفكري اذا كان ده مناسب ليكي ولا لأ.. ديمه صدقيني المشاعر اللي جواكي دي عمرها ما هتكون حب وافهمي .
بدت ديمة غير مقتنعة بحديثه ثم لكزه في كتفه بحده فواصلت حديثها وهي تصيح بغضب
=انت اللي افهمني بقي انا بحبك بجد ومش كل شويه تطلعلي سبب عشان تشككني في مشاعري! وبعدين عايزه افهمك حاجه لما واحده تقابل حد كويس بعد علاقه فاشله في حياتها ده الطبيعي اصلا ان انا اعجب و احب الشخص ده! عشان معاه بعرف فعلا معنى الحب الحقيقي واللي فات ده كان هبل! او اللي فات ده انا تعلقت بيه عشان كنت لوحدي وقتها واي حد كان قصادي كنت بجري عليه لكن مش حب.. ومعاك عرفت افرق بين الاثنين
نظر لها من طرف عينه مستنكر كلماتها ، لكنه أشاح بوجهه للجانب بإقتضاب ليجيب بنفاذ صبر
=اقول لها ايه دي برده ما فيش فايده؟ ديمه انتٍ محتاجه واحد من سنك يا حبيبتي وحتى لو في حاجه جوايا برده مش هينفع.. انا مستحيل اظلمك معايا بالشكل ده
برقت حدقتاها بخيبة أمل كبيرة وهي تردد برجاء
= ما اتنيلت خدت اللي من سني كان عمل ايه انت كل مشكلتك السن؟ وانا بنفسي بقول لك اهو مش فارق معايا .
أفلتها وسار بخطى بطيئة نحو طاولة الطعام
ساحباً إحدى الكراسي ليجلس عليها ويُريح
ظهرة زافِراً الهواء بعنف وسط مراقبتها وتَرقُبها وهو يردف بإصرار قوي
= عشان انتٍ مش بصه للامور بمنظور كويس ودي اكبر مشكله فعلا هنواجهها
تقدمت إليه و رفعت عينيها وأجابته بجمود وصوت متحجرش
= طب تمام! خلينا نجرب ولو انا رجعت في كلامي يبقى ساعتها تنفصل عني لكن ما تحكمش على حاجه احنا لسه ما جربناهاش
واحنا في الحالتين متجوزين مش هنخسر حاجه لو جربنا .
نهض ليرحل لكنها منعته وجذبت يده ثم استندت بكتفيها على صدره بنعومه، وطالعته بنظرات ثابتة وللحظه فكر بحديثها بالفعل وكاد أن يضعف ويستسلم لها للأمر باكمله.. لكنه فاق بآخر لحظة وأبعدها عنه بعنف وهو يقول بنبرة هائجة
= لأ لأ لأ، انا مش بحبك وانتٍ مستحيل تكوني غير بنتي!! انتٍ بنتي وبس يا ديمه و لو في اي حاجه تانيه هتكون جواكي انتٍ وبــس .
عادت بذاكرتها الى الوقت الحالي، حيث ظلت مستيقظة طول الليل تبكي بحرقة وهي تقول لنفسها لا للحب و لا بالعيش كباقي الفتيات حتي تصدم ؟ يكفي ما بها من ألم يكفي ما تعانيه منذ سنوات والآن أيضا! يكفي شعورها بالعجز وأن أسرتها غير قادرة علي مساعدتها لتبتسم بحزن و هي تمد يدها اليمني الي كتفها الأيسر و تربت عليه و كأنها تواسي نفسها بنفسها، أغمضت عينها تهمس الي نفسها بكلمات بمواساه.
سحبت نفسها ونهضت لتتسطح علي ظهرها و نظرت الي السقف و هي تهمس الي نفسها انها بخير حتي لو انه بعيد عنها الي الأبد ولن يستطيع الاقتراب منها ويبادلها نفس الشعور و هي بهذا الوضع و لكنها لم تتحمل اي تفكير آخر انما انفجرت بالبكاء واضعة يدها علي فمها حتي لا يستمع إليها لتكتفي بنفسها في لحظات حزنها العميق المعلم لقلبها.
لا تعرف لما كل ذلك يحدث: أليس الحب شكلاً من أشكال الحرية.. فلما هي أصبحت تشعر
بالتشرد .
❈-❈-❈
بينما في غرفة آدم، تنهد من جديد للمره التي لا يعرف عددها وهو يدلك جبينه برفق، ويفكر في كل تفصيله حدثت من قبل؟ لقد أصبحت ترافقه أفكاره كثيراً مؤخرا، تقلب علي جانبه الأيمن.. وهو لا يصدق حتى الآن هل اعترفت بحبها له وانها ترغب في ان يكون زواجهم حقيقي ولا ينفصل عنها ؟!.
ديمة شيء مميز ولا يستطيع إنكار ذلك، لَم يشعر بذلك الشعور سوى معها ولم يفكر يوماً بحساب أفعاله وأقواله معها، إنها بريئة ورقيقة تُحرك مشاعر غريبة ولذيذة بداخله، يشعر بالأندفاع نحوها في كل ثانية وهذا لم يحدث قط مع غيرها… وكأن كل ما عاشه سابقاً مُجرد وهم ، شعور سخيف لم يكن حُباً ، الحُب يُشعل فتيل الرغبة والجنون، يصبح كل شيء يتعلق بمن نحب جميل كالنعيم وبأبسط لمسة منه تنقل لك شعور غريب ، تُحرك الغريزة التي بداخلك وهذا تماماً ما يحدث معه…
التعطش لها في كل ثانية تَنقَضي، بِالرُغم مِن
وجودها بجانبه إلا إنه يرغب بالكثير منها مَعهُ
ولَكِنه مُتردِداً مِن مشاعرها ليس واثقاً بأنها
تصدق ولم تنفر منه في يوم لأنه بعمر والدها وتشعر بالاشمئزاز من علاقتهم ، وهَذا يجعله غير متزن في قراراته بخصوصها…
تنهد مجددا قبل أن يهمس بخفوت محاولاً إنهاء سيل مشاعره الذي تدفق عند تذكرها
= انت عملت الصح كده احسن! ما ينفعش ده مستحيل وعندك اكتر من سبب لكده كفايه العمر الكبير اللي بينكم؟ انهي الموضوع قبل ما يبدأ قبل ما هي تسيبك بعد كده وتسمعك كلام ما تحبش تسمعه وانها اتجوزت راجل عجوز زيك وضيعت معاه شبابها وعمرها .
❈-❈-❈
في الصباح الباكر بحث منذر عن زوجته في المنزل بضجر وهو يزفر بصوت مسموع، و عندما وجدها أمامه هتف مرددًا باستفسار
= هو فين الفطار اللي هفطره قبل ما امشي؟
قطبت ضحي جبينها قليلاً ثم هزت رأسها باستغراب مرددة
= هو انت من امتى بتفطر قبل ما تروح الشغل ما انا قبل كده اقترحت عليك وحضرتلك الفطار في اول جوازنا وانت رفضته وقلت لي مش متعود
جلس فوق السفره بجمود وهو ينظر إليها بثبات ثم رد عليها بتهكم
= وغيرت رايي هو انا لازم اقول لك كل حاجه بنفسي يعني اتفضلي الحقي بسرعه اعملي الفطار قبل ما امشي.. ما تيلا انتٍ هتفضلي تتفرجي عليا
رغم حديثه بلهجه غير مريحه لكنها تحركت بكل هدوء حتى تصنع له الفطور محاوله ان تتفادى أي غضب منه، لكن لا تعرف بأن بعد اليوم سوف يشتعل الغضب وليس يهدئ! و عندما تناول أول لقمه تجهمت ملامحه بضيق وقال بغضب دون مبرر
= مين قال لك ان انا بحب على البيض فلفل وكمان الملح كتير فيه؟ هو انتٍ اول مره تطبخي دي حاجه بسيطه ومش مستاهله
هتفت ضحي بجدية خفيفة وهي تشير بيدها
=هي فعلا مش مستاهله مالك على الصبح قاعد بتتلكك ليا على كل حاجه ليه ؟. كنت وفرت على نفسك وقلت لي انك مش عاوز البيض إزاي لان المعروف ان انا اكيد هحط عليه فلفل وبالنسبه للملح فانا ما حطيتش أصلا والملاحه اهي جنبك .
نظر لها شزراً و تمتم منذر من بين شفتيه بصوت قاسي
= إيه اتلككلك دي؟ ليه شايفاني مجنون بشد في شعري يا هانم.. ضحى حاسبي على كلامك واي حاجه اقولها لك في البيت ده لازم تمشي كلمتي انا .. عشان انا الراجل هنا.
هزت رأسها بيأس وهي لا تفهم ماذا حل به ولا تفسير لتصرفاته، وهتفت متساءلة بتوجس وهي تنظر إليه
=وانا ما قلتش غير كده يا منذر فبلاش تخلق حاجات انا ما عملتهاش ولا قلتها ولا اقصد حاجه غير كده، هروح اعمل لك بيض غير اللي مش عاجبك
رد عليها ببرود وهو يرمقها بنظرات شبه مستخفة
= وانا لسه هستنى سيادتك لما تعملي غيره مش عاوز سددي نفسي، ورايا شغل كتير تحت ومش هيستنوني العمال اديني هنزل من غير فطار عشان يعجب.. ابقي اتعليمي المره الجايه بقى انا عاوز ايه ومش بحب ايه ؟ ولا انتٍ وراكي حد غير تهتمي بيه هنا
فغرت شفتيها مشدوهة من قسوة كلماته ، لكن
احتجت على حديثه رافضة بشدة وهي ترد بحده
=لا ما عنديش للاسف وقاعده فاضيه ليك وبس طول اليوم! حاضر اي اوامر تانيه
شعرت بنوع من الإهانة في جملتها الضمنية ، فصاح معترضة
= هو انتٍ بتلمحي لايه بقى ان انتٍ ما وراكيش حاجه طول اليوم غيري وللاسف كمان، آه قصدك اكمنك قاعده من غير عيل وان انا مش قادر احققلك ده.. بتعايرني بقى بطريقه غير مباشره مش كده
جحظت عيناها بدهشة كبير وحاولت التبرير والدفاع عن نفسها وهي لا تفهم بالظبط لما أصبحت حالته هكذا معها ينتظر اي كلمه منها حتى ينقلب عليها
=انا ما قلتش كده ولا عمري هعايرك وقلت لك بطل كل حاجه تاخدها وتفسرها بمنظورك انت هو انت مش وراك شغل اتفضل عشان تلحقه وما تتاخرش وترجع تقول لي انتٍ السبب زي الفطار اللي ما لحقتوش
كز على أسنانه بقوة ، ونظر إليها بحدة
= اه عاوزه تطرقيني بقى عشان زهقتي مني؟ مش قادره تستحمليني خلاص دقيقتين قبل ما انزل! هو انا بقيت تقيل على قلبك كده.. طب مش نازل عندك اعتراض؟ ويولعوا العمال بقى
حاولت السيطرة على أعصابها بصعوبة وهي تتحرك للرحيل لكنه حاوطها بجمود قاسي وهو يسحبها له جبراً قائلاً بنبرة آمرة
= استني هنا انتٍ ازاي تسيبيني وانا بكلمك؟ خلاص ما بقتيش عامله لي اعتبر لاي حاجه ولا عاوزه تحترمي جوزك وراجل البيت هنا
اغتاظت من أسلوبه المثير لحنقها، ومن عدم ثقته بنفسه وتحكمه المفرط وكأنه يفرغ طاقته في اي شيء امامه ومن ضمنهم هي! لذلك
صاحت فيه بحنق كبير
= طب يا راجل البيت نعم اؤمرني عاوز ايه قبل ما ادخل انام
شعرت ضحي بيده تضيق على رسغها لتوجعها أكثر وكأنه يعتصرها فحركتها بحذر محاولة تنبيهه لكنه لم يكن واعياً بدرجة كافية، ثم مال عليها برأسه وظن انها تستهزئ به! احتدت نظراته نحوها وبدت كجمرتين متقدتين لكن لم يمنعه هذا من التحدث بقسوة شديدة
= بتتريقي تاني ايه مش عاجبك ولا مش شايفاني راجل في عينك، ما تجيبي اخرك وتقولي اللي جواكي وشايلاه و ان انتٍ ما بقيتيش طايقاني
حاولت التملص منه وتحرير ذراعها بقبضتها الأخرى لكنه لم يتركها بل تشبث أكثر بها وهو يبتسم لها ببرود، زاد إحساسها بالحنق نحوه ، ولم تكف عن حدجه بنظراتها المشتعلة من عينيها الحمراوتين وتوسلته راجية بغضب مكتوم
= آآآآآه، منذر كده كتير ما هو مش معقول كده.. طول الوقت تلاكيك و كل كلمه اقولها تفسرها بشكل تاني، وكل ده عشان ايه عشان خرجت من غير اذنك واتاسفت ولا في حاجه ثانيه عاوز توصلها من اللي انت بتعمله .
لم تهتز عضلة واحدة من وجه منذر وهو يرد بصلابة متجاهلاً آلمها
= هكون عاوز اوصل لإيه انتٍ اللي مش عاوزه تكوني صريحه معايا وعماله تحدفي كلام من تحت لتحت.. قلت لك انتٍ زيك زي غيرك هيجيلك اليوم وهتعملي زيهم معايا بس على الاقل هم كانوا صريحين انما انتٍ لا
استشعرت ضحي القوة في نبرته و ألمه الخفي، لترد عليه محذراً بغلظة
= هو اي كلام وخلاص اسمعني كويس انا لو عاوزه ابعد عنك ولا اقول لك حاجه هقولها في وشك! مش محتاجه الف وادور زيك واتلكك على قله فايده.. يا ريت انت اللي تكون صريح معايا وتقول لي بتعمل كل ده ليه
أخفض نظراته بعينيه القاسيتين المحدقتين بها وضغط على شفتيه أكثر، ليحافظ على هدوئه كاتم الألم المتأججة في قلبه كما إعتاد أن يفعل، ثم هتف بعصبية منفعله
= انا نازل الشغل عشان طهقت مش مستحمل اقعد هنا، اه يا ريت ما تنسيش بالمره تيجي على نفسك وتعمليلي الغدا لما ارجع.
راقبت رحيله أخيراً عنها وهمست له بنبرة مغلولة
= الصبر من عندك يا رب!.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين.
امسك آدم بالقدح يرتشف المتبقي منها و هو يقف ثم وضعه حين انتهي منه و ما كاد ان يتوجه نحو غرفه ديمة لتوديعها لانه سيغيب عنها أسبوعاً كاملاً ذاهب أو هارب إلي إبن عمه لكن تراجع في آخر لحظات وفكر ان من الجيد يذهب دون أن يودعها حتى تقطع كل الآمال لكن شعر انه هكذا يقسى عليها جدآ وهي لا تستحق ذلك!
ادار المقبض ليفتح باب الغرفة اطل برأسه من
خلف الباب و نظر إليها و هو تجلس علي
الفراش وسط الظلام الدامس ليمد يده ببطئ
الي الحائط ليكبس زر الإضاءة لينتشر الضوء
بالغرفة، وضعت هي يدها علي عينها بانزعاج من الضوء ليتقدم هو من الداخل يزيح ستائر
النافذة ويفتحها حتي يدخل الهواء الي الغرفة
تأففت هي بضيق وقالت بحده
= انت بتعمل اية
نظر إليها يتحدث بهدوء
= حضرتك بقالك يومين في الاوضة مش بتخرجي للأكل وكمان الاوضه محتاجه تهويه ليه قاعده كده في الضلمه.. غير الجامعه اللي بطلتي تروحيها .
خرجت من الفراش بحده تتقدم منه بعصبية وهي تقول بغضب
= إيه؟ صعبانه عليك اعتقد ان انا ما افرقش معاك في حاجه يبقى ما تشغلش نفسك بيا، ثم دخلك فيا اية عشان تدخل وتعمل كده وعامل فيها داخل تطمن عليا وتهمك حالتي خلاص انا بقيت عارفه ومتاكده ان انت زيك زيهم.. زي عيلتي واخواتي بتعمل اللي تعمله عشان تريح ضميرك مش اكتر
نظر إليها بهدوء ثم نفي برأسه و هو يقول بجدية
= ديمه سيبك من الكلام ده و لازم تهتمي بصحتك حتى لو اللي حواليك فعلا مش مهتمين بيكي زي ما انتٍ فاكره.. بلاش تحطي مستقبلك قصاد معامله اللي حواليك
نظرت له بحزن ويأس فهل يمزح معها وهو لا يفهم لما حالتها هكذا، تحركت للإمام لكن لحق هو بها قبل ان تخرج الي الخارج و تحدث
قائلاً بتردد
= على فكره انا مسافر أسبوع!. اتمنى تخلي بالك من نفسك عقبال ما ارجع
تطلعت فيه بجمود كبير و همت مرة اخري للخارج الا انها توقفت عن الحركة بل توقفت خلاياها عن الإحساس و بدأت تنفسها يتعالي و صدرها يعلو و يهبط بجنون وهي لا تفهم لما يفعل معها هكذا؟ ثم أضاف بصوت متوتر
= اشوفك علي خير يا ديمة .
تساقطت عبراتها علي وجنتيها و هي تشعر بحنو و دفئ جملته رغم قسوته معها، لتغمض عينها بارهاق و تحدثت بصوت يكاد ان يسمع خوفاً ان تخرج نبرتها المتحشرجة أثر البكاء
= و انت دايما بخير یا آدم.. اقصد يا اونكل ادم
قالت هذا ثم ابتعدت عن طريقة وتوجهت نحو
الخارج تاركة إياه خلفها ينظر لاختفاء ظلها
الصغير !
بينما هو شعر قولها من جديد الى ان تناديه بألقاب كأنها تريد ان تصل له بانه يخسرها بالفعل؟ أن ظل الوضع هكذا بينهم.. كان بأمكانه أن يظل ليلتها و مساعدتها ولكن حدث ما حدث وها هي هذه الصغيرة تحتمي به..
انه لمن الغريب أن تصبح هارب ممن كنا تحبهم غريباً كيف تصبح الذكرى مُؤلِمة وغير مرغوب بها، غريب كيف تندفع إلى أبعد نقاط الابتعاد هروباً إلى اللامكان وإلى أي مجهول تصادفة.. أحياناً الصدف الصغيرة تغير بنا عُمراً كاملاً، حتى المبادئ تتغير تتبدد وتتلاشى ، حتى تدرك تماماً بأن المبادئ في الحب مشطوبة… الحب غريب كثيراً ، يغرِبُنا ونحن في أوطاننا يحزِننا في أوج سعادتنا ويشعِلُنا ونحن في أشد عتمتنا.
بعد خروجه عادت وجلست ديمة مكانها وهي تشعر أنها تتلاطم امواج داخلها باحتجاج كأحتجاج قلبها الثائر عليها وعقلها الذي يبوخها كلما دق قلبها بطريقة غريبة نحو آدم ! تعلم أن هذا غير مسموح لها تعلم أنها تخطئ بحق نفسها، فماذا تريد اكثر من ذلك اخبرها بنفسه بانه يعتبرها مثل ابنته و لن ينظر لها بذات النظرة التي تنظر اليه بها و خصيصاً بعد ما عرفه عن حياتها ابتسمت بسخرية على سذاجتها بالنسبة له هي لا تهمه ابداً من هي له سوا انسانة مثيرة للشفقة يعطف عليها من باب الرحمة الانسانية حتى زواجه منها بهدف ان يستر عليها من شخص حقير ضعفت له، تساقطت دموعها علي وجنتيها حتي هذا الشعور أصبح محرماً عليها، بكائها الآن ليس شئ بما تشعر به .
❈-❈-❈
وكالعادة في نهاية كل شهر تستجوب مايسة أبنها الكبير عن أمر زوجته هل هي حامل أم لا
وعندما تعلم بأنها ليست حامل؟ هذا الشهر أيضا تستفسر بشك وتخبره: لما هـل زوجته عقيمه ولم تجلب لهم طـفـل ابدأ؟ وكالعاده الـوم يقع على عاتق المرأه حتى ولو لم تكن مذنبة الآن أمه اتهمتها بالعقيمة! .
ضيق منذر نظراته إليها وأجابها بجمود صارم
= يا أمي ارحميني مش كل ما تشوفي وشي تساليني ضحى حامل ولا لاء لو حاجه حصلت زي كده هعرفك أكيد وانا هخبي ليه؟ بس مش كل شويه تسألي .
استنكرت مايسة عبارته وهتفت بعناد
=لا كل شويه هو انت مش واخد بالك كملت الثلاث شهور واديك ماشي في الرابع والهانم لحد دلوقتي ما حملتش! البنت دي لازم تكشف صدقني هتلاقي عندها عيب بسبب سنها الكبير
حدجها بقوة وهو ينظر إلى وجهها ثم رد عليها بنبرة مقتضبة
=هو انتٍ لازم تحطي اللوم عليها وأنها هي السبب والعيب فيها وخلاص وبعدين سن ايه اللي بتتكلمي عليه كل مره انتٍ محسساني متجوز واحده عندها 50 سنه؟ ضحى لسه في ال 30 أصلا وما كملتش ال 40 حتى لو مش واخده بالك .
ردت عليه بصوت يحمل التهكم وهي ترفع حاجبها للأعلى مستنكرة سذاجته
=عندها 35 يا عين امك والست كل ما بتكبر فرص الخلفه بتقل اسالني انا، مصمم عليها تكشف وابقي ما بفهمش حاجه لو ما طلعتش فيها عيب ومداريه علينا..و لو فتحت بقها و رفضت يبقي فيها حاجه وهي مخبيه، واقول لها ان اكيد العيب فيها لانك سبق وخلفت انما هي لسه.. ولا انت مش عاوز عيل تاني .
أبتسم بألم داخله وهو يتمنى أن يخبرها بأنه بالتأكيد يريد ان يكون أب بالاول لان الطفل الآخر ليس طفله، وايضا العيب لديه هو وليس بضحى .
بعد فتره ترك والدته وذهب الى الأسفل يذهب الى عمله بعد ان مل من اخبرها تكرار بأن ضحى ليس بها عيب، وعندما هبط أمام البنايه تفاجأ بشقيقه في نفس الوقت يدلف من الخارج .
رفع معاذ يده عاليًا على رأسه ليمررها في خصلات شعره بتوتر وهو يبرر
= منذر كويس اني شفتك انا كنت عاوزه اتاسفلك على إللي ابوك عمله فيك والعربيه اللي خدتها من وراك ولله انا قلت له ان انت ما لكش ذنب و انا اللي خدتها من وراك
نظر له بغضب مكتوم ثم لوى فمه قائلا بإزدراء
= سيبك من موضوع العربيه إياك ثاني مره تعرف أن مراتي محتاجه مساعده وانا مش موجود وتطنش! سبق قبل كده ابنك تعب وما كنتش موجود وسهران مع اصحابك وانا نزلت لفيت به بالليل على الدكاتره لحد ما لقيت حد فاتح! وما عملتش زيك وقلت لها هتصل بيه وقت ما يرد وهقول له يروحلك.
عـاود معاذ التحديق به مبتلعاً ريقه باحراج ثم همس بقلق كبير بادٍ عليه موجهًا حديثه لأخيه
= انا والله كنت هروح بس كنت مشغول مع واحد صاحبي فيه آآ..
قاطعه منذر هاتفا بصرامة حاده مفرطة
= مش عاوز كلام كتير اتمنى إللي حصل ما يتكررش تاني واتعلم الأصول بقى مره واحده في حياتك سواء مراتي ولا اي حد محتاج مساعده، ما تعملش فيها عبيط ومش واخد بالك خصوصا لو حد تعبان ومحتاج يتنقل المستشفى على طول.. سامعني.
أومــأ معاذ برأسه بالإيجاب بخوف وهو لاول مره يشاهد غضب أخيه عليه، ثم نفض منذر كتفه بقسوة يبعده عن طريقه ويغادر المكان بعصبية.
❈-❈-❈
بعد مرور يومين! أتصلت ديمة على بسمه حتى تقابلها في الجامعه وتحكي لها ماذا حدث معها وكيف رفض آدم ان تتطور علاقتهم و يصبحون زوج وزوجه طبيعيين! واخبرها اكثر من مره بأنها مثل أبنته ومن المستحيل أن يحمل مشاعر لها، وذلك بالطبع أحزانها بشده
لذلك اتصلت على بسمة حتى تراها وتخبيرها ماذا تفعل.
وانتظرت ديمة حتى تنتهي من محاضراتها و تقابلها في كافتيريا الجامعة وعندما جاءت طلبت بسمه من صديقتها مروه أن ترحل حتي تأخذ ديمه راحتها في الحديث معها، لوت مروه شفتاها بغيظ وهتفت مرددة قبل ان ترحل
= طب اوعي الكلام ياخدك وتنسي ميعادنا للسيما النهارده، انا خلاص قطعت التذاكر سلام.
جزت بسمة علي شفتيها بضيق شديد منها وأشارت لها أن ترحل بصمت، بينما تطلعت إليها ديمة بغرابة وهي تقول بعدم إعجاب
= مش عارفه ليه مش بستريح للبنت دي؟ الغريب ان بحس أنها مش شبهك خالص ورغم كده صاحبتك الوحيده اللي بشوفك على طول قاعده معاها اشمعنا هي يعني؟!
توترت بسمة بشدة فلم تستطيع الإنكار بالفعل مروه عكسها تماماً في كل شيء؟ بالاضافه الى العادات والتقاليد التي تربت عليها صديقتها غيرها بالمره، فهناك أشياء جريئه تفعلها من المستحيل تتخيل فعلها وتحاول ان تقنع نفسها بانها ستحافظ على تلك العادات والتقاليد ولم تفعل مثلها ابدا، حتى أنها بدت تشعر بالندم لأنها كانت صريحه معها في يوم من الأيام و كشفت عن أسرارها، لكن مع كل ذلك لن تستطيع الإبتعاد عنها لأنها الوحيد التي أمامها تساعدها في الحصول على حريتها في الخفاء.. حتى ولو كانت غير مناسبه مطلقاً أن تكون صديقتها .
حاولت بسمه أن تغير الموضوع وطلبت منها تجلس وتتحدث وتخبرها ما حدث معها و بالفعل بدأت ديمة تتحدث عن تفاصيل ما حدث بينهما، و أثناء ذلك لم تغفل بسمة عن نظرات محمود المهتمة نحوها حيث انها بدات ان تتجاهله دون مقدمات حتى لا تنجرف وراء شيء تندم بعد ذلك عنه! فهي لا تفهم ذلك الشعور الذي يراودها أحيانا نحوه او نحو غيره عندما تفعل مقارنه بسيطة بينه وبين زوجها في الصفات وطريقه التفكير، وبالطبع يكون الخاسر في هذه المقارنه زوجها الذي لا يسعى لينجح بأي شيء حتى يكون في نظرها رجلا بحق تفتخر به أمام الآخرين او امام نفسها…. لكن مع الأسف قد تعود على كل شيء يأتي إليه دون أن يبذل مجهود.
لذلك تغافلت عن ذلك الشخص أو ذلك الشعور المريب. مؤقتا!
فهي لا تعرف بأن الزوجة التي تتعرض الى الإهمال من طرف زوجها، يحاول شيطانها استغلال اي فرصه متاحه أمامها.. والعكس صحيح يحدث عند الزوج أيضا! لكن بسمة حتى الوقت الحالي تعرف كيف أن تتغاضى عن ذلك الشعور! حتي الآن.. الآن فقط !!.
ومعاذ ليس الزوج المهمل لزوجته فقط، بل أيضاً زوج غير مسئول وعاطل عن العمل! صحيح زوج ظروفه المادية فوق الروعة لكنه مجرد اسم في حياة زوجته.. حتي طفلها الذي دائما تطلب منه الاهتمام به لكن معاذ في عالمه الخاص اصدقائه وسهراته معهم
و رغم ذلك تحاول دائما بكل الطرق ان تصلح منه وتجعله شخص جيد في نظرها ونظر طفلها حتى. لذلك تلك الشابة الجميلة التي مثلها تكون مطمع لأي شخص ولأي كلمة جميلة….
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع، في منزل منذر علي طاوله الطعام قــام هو بابعاد طبق الطعام فجأة بقوة لدرجه انه انسكب فوق الطاوله، لتشهق ضحي بهلع رافضة فعلته وهو يقول بتوبيخ
= اللحمه مش مستويه والصلصه بتاعه البسله تحسي كلها ميه وما فيهاش توابل، هو انتٍ عامله الاكل من غير نفس مش كفايه الفطار اللي برده ما اخذتوش بسببك
ابتسمت ضحي قائلة بإيجاز وهذه المره لم تغضب مثله
= الاكل كويس وبالنسبه للفطار انت برده اللي اتلككت كالعادة وحلفت هتنزل كده انا ايه ذنبي بقى ان سيادتك كل يوم تقولي على عاده معينة بتحبها وتكراها في الاكل
حك طرف ذقنه باعصاب منفلته و رد عليها بغضب شديد
= يعني انا كداب بذمتك الاكل ده يتاكل! ثم انا حذرتك تاني مره تقوليلي انا بتلكك على حاجه
وبعدين حاجه زي كده لازم تعرفيها من نفسك مش لازم اقول لك؟ ما عندك امي اساليها
هزت رأسها باستخفاف غير مصدقة حديثة
وهتفت بنبرة حادة نسبياً
=اسالها علي ايه يا منذر؟ ما انت بنفسك قلت لي قبل كده انهم ما يعرفوش بتحب وبتكره ايه وانا بعرف بالصدفه منك لاما من بسمه اللي برده بتكون عارفه بالصدفه
وكانت هنا الشعله التي اشتعلت وشعر بالضيق رغم صدق حديثها، وبدأ ينظر حوله يبحث عن اي شيء ليثور عليه! ثم لوي ثغره مرددًا
بتبرم
= هي الشقه دي اخر مره روقتيها امتى كلها زباله وتراب! مش قعدتي تتريق المره اللي فاتت وتقولي ما وراكيش غيري في البيت يبقى تهتمي بيها وبيا
ثم عاود التحديق فيها ونظر إليها بعبوس وهو يقول و يزفر بضجر على اي شيء غير مهم
= وكمان انتٍ بطلتي ليه تبعتيلي اكل على الوكاله؟ زي ما كنتي بتعملي اول الجواز طبعا هتقوليلي انا اللي منعتك مع اني ما فتحتش بقي .. وانتٍ اللي بتكسلي وتزهقي تهتمي بيا
تابعت ضحي تناول طعامها بكل هدوء وهي تسمع إليه دون رد؟ ورده هذه الفعل لا يريدها ابدأ بكل تاكيد؟ لذلك نهض يجذبها من ذراعيها بقوه كبيره لدرجه انها نهضت مثله واصبحت بين يداه، وهو يعنفها قائلاً
= هو انا مش بكلمك ما تردي عليا؟ مجنون انا وبكلم نفسي في البيت دي، ولا مش راجل البيت قدامك وكلمتي لازم تمشي غصب عنك عليكي
تلك هي المشكله دائما يردد بأنه رجل المنزل! وهي لم تقول عكس ذلك أبدا، ردت عليه بأنين واضح وهي تتلوى بمعصمها
= آه سيب ايدي! منذر وبعدين؟ مش لازم طول الوقت توصل لي بطريقه مباشره اللي انت راجل انا عارفه كويس ده لاما ما كنتش اتجوزتك ولسه معاك لحد دلوقتي
اعتصر أصابعه رسغها الذي بات مقيدًا منه ، و رغم تأوهاتها المتكررة وتوسلاتها الملحة له بتركها إلا أنه رفض الإنصات إليها، مستغلاً قوته وبالطبع لم تكن مقاومتها له بشيء يذكر.. فاضطرت أن تصمت معه قسراً بالاخص عندما صرخ بكل انفعال شديد
= تقصدي ايه بقى؟ ان انا ما بقيتش راجل في نظرك دلوقتي عشان كده هتسيبيني؟ لما نكمل خمس شهور زي ما قلتي المره اللي فاتت ؟؟.
هزت رأسها بهدوء ثم ردت عليه متحدثة بغموض
= لا خالص انا هسيبك عشان انت مصمم تعيش دور المظلوم من غير ما تحاول تتغير عشان نفسك وتشوف مصلحتك فين بعيد عن اهلك؟ حتى مصمم تعيش دور المظلوم و الضحيه وانت عمال تزعق وتشخط فيا..
أخذت نفساً عميقاً و لفظته دفعة واحدة قبل أن تكمل حديثها بجدية
= اه على فكره انت بالطريقه دي مش هتوصل لي انك راجل لما تزعق وصوتك يوصل للناس وتبدا تؤمر وتتامر عليا.. الراجل اللي بجد يا منذر اللي بيحسس مراته بالامان مش بالخوف من انها تغلط ويبدا يهين فيها.. وانا تقريبا بقيت فاهمه انت بتعمل كده ليه؟
أرخى منذر قبضته قليلاً عن ذراع ضحي اخيرا
عندما شعر بالقلق من هذه المواجهه والتعرف على حقيقته وكشفه امامها؟ وامام نفسه أيضاً
حرك عنقه للجانبين، وفرك أصابع كفيه قائلاً
بصرامة زائفة
= وايه هو بقى يا فيلسوفه! ما انتٍ خلاص من ساعه ما اتجوزتيني وبقيتي تديني في نصايح وتنظري عليا كانك دكتوره نفسيه
نظرت إليه بجمود وهي تتابع بصوت مختنق
= اولا عشان ابطل افتح معاك موضوع انك تروح للدكتور وتتعالج؟ ويمكن شويه كمان عشان همشي واسيبك قريب؟ ونيجي للسبب الأساسي اللي من بعده بقيت كده اني خرجت مره من غير اذنك وانت من ساعتها حاططها على كرامتك ان انا اهنتك! بالطريقه دي و عملت كده قاصده عشان شايفاك مش راجل في نظري.. وانا بعيدها لك تاني انا شايفك راجل كويس في نظري يا منذر بس شكلك هتبدا تخليني اغير ده قريب ؟!.
شعر بنغزة خفيفة في قلبه لحديثها الموجع ، وأخــرج تنهيدة عميقة من صدره. بدا متأثراً لكلماتها لكنه سيطر على إحساسه وأنصت لها وهي تتابع بكل هدوءا
= هاه، هتاكل اللي قدامك ولا اروح اعمل لك حاجه ثانيه؟ وبالمره عشان تلاقي حاجه وتبدا تزعق وتشخط براحتك .
❈-❈-❈
كان يجلس آدم بغرفته بالظلام منذ يومين لا يريد أن يري احد منذ عودته من السفر فقد ذهب إلى ابن عمه ليطمئن عليه أو بمعني أوضح يشكي إليه لعله يدله على الطريقه الصحيح، استند رأسه بالفراش و اغمض عينه و بقي ساكناً يستغفر الله مراراً وتكراراً دون توقف حتي صدح صوت هاتفه بالغرفة و لكنه لا يرد و كأنه لا يستمع اليه هو بالفعل حزين علي ما يحدث معه؟
فاذا استسلم الى هواجسه والى طلب ديمه سيكون في نظر نفسه خائن! وقد خلف الوعد الذي وعده الى اشقاء ديمه بأنها ستكون هنا لدي ضيفه ومثل ما دخلت من المنزل ستخرج من المنزل.
الخيانة هي ابشع شئ ممكن ان يحدث من وجه نظره ولا بعدها اي غفران ابدأ تنهد بضيق يعبث بخصلات شعره يريد ان يهدئ النار بداخله يندم اشد الندم علي الشعور بتلك المشاعر والاحاسيس تجاهها والتي يرفض الاعتراف بها حتى امام نفسه! و يندم اكثر بكثير علي عدم انفصاله عنها بالوقت الحالي حتى لا يسمح الى شيطانه بالضعف تجاهها في لحظه ما؟
ثم يعود و يستغفر ربه علي هذا التفكير، استمرت جلسته دون ملل منه فقط كان يريد الهدوء والسكون إلا أن استمر الهاتف يرن مجدداً برقم إبن عمه افسد خليته، ليزفر بضيق و يرد ليقول الآخر بعتاب شديد
= ما بتردش من اول مره ليه ولا مش عاوز تواجهني بعد اللي عرفته عنك؟ ازاي تتجوز من غير ما تقول لي وكمان متجوز عيله قد بنتك.. و لما احاول افهم منك ما ترضاش تشرح الموضوع كله وخايف اقول سرك لحد.. و اختصرت ان انت هتطلقها بعد فتره طب انا افهم من كده ايه
تنهد بضيق ثم رد عليه آدم بصوت متشنج
= حسنين بالله عليك سيبني في حالي كفايه اللي انا فيه! وقلت لك مش هقدر اقول لك اكتر من كده واعتبر الجواز ده مجرد خدمه بعملها لحد او رد جميل..و لو لسه بتعتبرني اخوك فعلا حاول تساعدني اتخلص من الشعور اللي انا حاسه تجاه البنت دي عشان انا خايف في مره اغلط معاها وبعد كده أندم.
ظهر علي ملامح إبن عمه نفور واضح على محياه من التفكير في ذلك الأمر فهو لا يفهم كيف وقع آدم امام تلك الفتاه واستسلم لرغبه شقيقتها، بالاضافه الى انه اخبره في زيارته الأخيرة أحيانا يشعر بالضعف وانه يحمل مشاعر لها نمت رغم عنه وتلك ستكون مصيبه إذا وافق على طلبها واصبحت زوجته بالفعل، جز علي أسنانه مغتاظًا من ضعفه ثم صــــاح بنزق
= اسمعني كويس وبلاش تعترض على طول من غير ما تفكر كويس، الحل الوحيد انك لازم تتجوز طالما البنت دي اعترفتلك بحبها و عاوزه تخلي جوازكم حقيقي! وشكلها مش سهله وهتوقعك فعلا وهتبقى عيبه في حقك وحقنا لو استمريت في جوازك من البنت دي! وهي في السن ده.. فالافضل تسمع كلامي واشوفلك واحده تتجوزها مناسبه ليك ومن سنك
وفي ذلك الأثناء، استيقظت ديمة واعتدلت فوق الفراش و التفتت الي وحدة الإدراج جوارها لتأتي بكوب من الماء ولكنها وجدت زجاج المياه فارغة و قد نست تماماً تغيرها بأخري قبل الخلود الي النوم لتخرج بهدوء من الفراش تمسك بالزجاجة الفارغة وهي تتقدم من المطبخ الا انها توقفت فجاه تنظر الي ملابسها المنزلية الخفيفة و ذراعيها العـ.ـاريان وفتحت صـ.ـدر ثوبها المنخفضة .
ثم نظرت الي بنطالها الخفيف و تأففت و هي تسير نحو وحدة الادراج من جديد تضع عليها الزجاج و تمسك بالمأزر الموجود علي طرف الفراش و ترتديه سريعاً قبل أن تأخذ الزجاجه مرة اخري وترحل من الغرفة متجهة نحو المطبخ وهي تضم المأزر عليها بيدها الأخري.
فتحت البراد تخرج منه زجاجة من الماء البارد و وضعتها علي الطاولة الفارغة واثناء عودتها الى طريقها الى الغرفه توقفت امام غرفه آدم وقد استمعت صوته وهو يتحدث مع احد عبر الهاتف تطلعت نحو باب الغرفة بتفكير فلقد ساورها الشك مؤخرًا من تبدل طريقته المهتمة إلى أخرى باردة بشكلٍ مباشر، لذلك قررت ان تتنصت عليه لمعرفة ما الذي أصابه ليبتعد عنها بهذه الصورة المريبة وقد كان؟ اكتشفت حقيقته الصادمة، عندما أخبره ابن عمه الحل أن يتزوج مجدداً، حتى تفقد الامل فيه وتبتعد عنه! وكانت اجابت آدم بصوته المتردد
= هو حل كويس مش هنكر بس مش هينفع دلوقتي خليها بعد ما انفصل عنها، وبعدين انا اصلا صدقني قبل ما اختها تعرض عليا فكره الجواز منها، كنت هتصل بيك واقول لك خلي مراتك تشوف لي حد مناسب اتجوزه لاني فكرت في كلامك فعلا وحسيت ان انا عاوز أكون أسره من جديد بعد ما فقدت الامل في رنا ترجع ليا .
هز الآخر رأسه نافياً وهو يتحدث بجدية حاده
= لا الأفضل تتجوزها والبنت دي لسه على ذمتك! عشان توصل لها بطريقه مباشره انك عمرك ما هتفكر فيها بالطريقه دي وهي هتفضل في مقام بنتك او اختك الصغيره بس.
استمع الى أنفاسه الحاره تدل على حيرته، و ذلك جعل الآخر يغضب من ضعفه أمام تلك الفتاه المدلله وسوف تحدث فضيحه مداويه إذا علمت باقي العائله بأنه تزوج من فتاه صغيره و الفرق بينهما كبير ومع الوقت من المحتمل ان يضعف تجاهها وينجب منها أطفال وهنا من المستحيل ان ينفصل عنها، لذلك شعر بالمسؤوليه تجاهه و يجب أن يتصرف الآخر بسرعه ونطق بصلابة قوية
= آدم انا مش فاهم بتفكر في ايه المفروض توافق على طول! طالما الموضوع كان في دماغك اصلا والبنت دي مش مناسبه ليك باي شكل من الأشكال وصدقني اللي انت حاسه ناحيتها مجرد رغبه ومستحيل يكون حب! و اي حد مكانك هيحس بنفس الاحساس ده انت من زمان قافل على نفسك وعمرك ما فكرت تتعرف ولا تقرب من ست من بعد موت مراتك وانشغلت في حكايه بنتك غير انك لازم قبل ما عمرك يكبر اكتر من كده تخلف ويكون عندك بدل العيل ثلاثه كمان.. بس اكيد مش هيكون من بنت في عمر بنتك! بس طول ما البنت دي قدامي وما فيش ست غيرها في حياتك هتضعف وتلمسها، و انت اكيد مش عاوز الأمور توصل لكده؟ ولا إيه ؟!.
اتسعت حدقتيها بخوف بائن، وتسارعت دقات قلبها لمجرد أن يوافق آدم على أمر كذلك و يتزوج، فهي قد فهمت بانه يتحدث مع ابن عمه وكانت تنتظر اجابته بفارغ الصبر وهي تدعي داخلها ان يرفض حتى اذا لم يتمسك بها. لكن مع الأسف أجاب قائلاً بضعف وقله حيلة
= خلاص يا حسنين تمام كلم مراتك تشوفلي حد مناسب، واول ما تلاقي كلمني على طول عشان اكتب عليها .
تجمدت عيناها بعدما ارتكزت على جسدها… والغريب في الأمر أنه قد رآها وهي تقف عند عتبه باب غرفته ونظر داخل عينيها ولمح تلك الآلام الناتجه عن أمر زواجه بغيرها لكن مع ذلك لم يتراجع! لانه يعلم جيد بأنه يفعل ذلك لأجلها حتى لا تتعلق به اكثر وهو غير مناسب بالمره لها بسبب فارق العمر بينهما الكبير..
وقد اتخذ القرار حتى لو اكتشف بعد ذلك بأنه يحمل مشاعر تجاهها يجب ان يتجاهلها وذلك لمصلحتها لانها بالتاكيد ستندم انها ستضيع عمرها مع رجل مثله يكبرها بفارق 18 عام.
ابتلع لعابه يحاول أن يتجاوز خفقان قلبه عندما انسابت دموعها بقهر غير مصدقه قسوته الشديده تجاهها حتى لو كان يفعل ذلك لمصلحتها حقا، كيف تجرأ واحزنها بتلك الطريقه. أغمضت عيناها متألمة وهي تستند بها على الحائط جانبها، ولمعت حدقتاها متأثرة من شدة الآلم وقد شحب لون بشرتها من مدى تأثير الأمر عليها .
حيث بدأت تفكر هل ستكون في حياته امراه غيرها حقا؟ هل سيداعب غيرها بنفس الطريقه التي كان يفعلها معها؟ ويقترب منها بنفس الطريقة القريبة الدافئة، تلك الطريقة المغرية التي اعتاد أن يفعل مثلها معها، ليبث لها أنه سيكون قريب منها ويمنحها الامان و الطمأنينة ولم يقترب منها احد وياذيها ابدأ.. ونظراته الحنونه ولمعت عيونه وحرارة مشاعره وكل شيء كان يفعله معها؟ حينها فقط أدركت أنها كانت حمقاء لتصدق إخلاصه ووفائه لها.
❈-❈-❈
طلب زكريا والد بسمة منها أن تأتي وتزوره هي وطفلها الذي لم يراه أكثر من شهر حيث انشغلت بسمه في خروجتها مع مروه صديقتها وقد نست أن تزور والدها وشقيقتها حتى لو مره كل شهر؟ لأنها إذا لم تذهب سوف تلفت الأنظار حولها لأنها عندما تخرج لزيارتها مع مروه تخبر الجميع بأنها تذهب لترى أسرتها و بالطبع ذلك غير صحيح، لذلك جاءت اليوم بالمساء لتراه خوفاً من أن يأتي بنفسه ويسألها امامهم على عدم زياراتها له.
وتركت مالك طفلها مع جده يطمئن عليه وكان الحفيد الآخر إبن غاده جانبه، وقد ذهبت لتجلس مع اختها فقد لاحظت تهجم وجهها الشديد ولم تفهم ماذا بها؟ وعندما سألتها لم تتوقف الأخرى عن شتم وسب منذر وزوجته وقد أخبرتها بزيارتها لهم بعد زواجهما بفتره، وبالطبع لم تذكر كل تفاصيل مقابلتها لهم.
اقتضبت بسمة من حديثها قائلة بجدية
= بصراحه انتٍ اللي غلطانه بقي رايحه تزوري طلقيك بعد ما اتجوز؟؟ يا هبله كده بتثبتي ليهم انك غيرانه ومتكادة منها.
صرخت فيها بعصبية مستنكرة كل شيء وهي تلوح بذراعيها في الهواء
= طب ما ده الصح! أيوة متـغاظة ومتكادة ومفـروسة كمان وعايزة أجيب البنت اللي اتجوزها دي تحت رجليا وافعصهـا كده برجـلي، فيها ايه زياده عني عشان يتجوزها ويسيبني انا وابنه! دي سرقـت منذر مني.. حتى لو مش بحبه؟ ولا لا يمكن بحبه ده أول حد فتحت عيني عليه وانا لسه عيله صغيره لاقيته، وبقي أول راجل في حياتي واول كل حاجه.. وحتى لو كنت بقابل بالصدفه راجل هنا ولا هناك برده هيفضل اللي عمر عيني ما شافت غيره!
اتسعت عينا بسمة بصدمة فلاول مره تراها بتلك الحاله وشعرت بالعطف نحوها حتي أنها دنت منها وأمسكت بكفها ثم احتضنته بين راحتيها ناظره لها بإستفهام، لتتابع الأخري بحزن وندم حقيقي
= ماتستغربيش وتقوليلي ما كان قدامك و ضيعتي ليه طالما بتحبيه كده؟ أيوة شكلي بحبه وبدعي ربنا ليل ونهار إنه يشيل حبه من قلبي بس هيشيله إزاي؟! وانا مش عارفه اصلا امتى حبيته؟ لا واللي غيظني اكتر طول عمري بقول عليه مش راجل وما فيهوش ميزه
لكن فجاه بقيت بفكر في كل حاجه كان بيعملها معايا لما كنا متجوزين ولقيت انه راجل بجد واي ست عشيرته حتى لو اسبوع واحد غصب عنها لازم تحبه بسبب تصرفاته.. حتى في عز كل حاجه وحشه كنت بعملها معاه كان بيقف جنبي ويساعدني !. ويا ريتني شفت ده بدري عن كده ما كنتش ضيعته من ايدي؟!. بس لأ أنا مش هينفع أفضل ضعيفة.. طبعا إنتٍ لا فهماني ولا حاسة بيا !
نكست بسمة رأسها بحزن علي أختها ثم قالت بصوتٍ مجهد وهي تربت على كتفها وتواسيها
= مين قال كده ؟! طب والله العظيم حاسة بيكي، وبوجـعك والنـار اللي في قلبك.. ليكي حق تزعلي خصوصا انك في مجتمع قافل على الست من كل ناحيه وهي مطلقه او وهي آنسه وأكيد غصب عنك هتتكادي وانتٍ شايفاه بيشوف حياته وانتٍ قاعده بتربي إبنه، بس عارفة انتٍ حلك إيه؟ لما تلاقي راجل فعلا يقدرك ويستاهلك و المره دي بقى تحاولي تحافظي عليه وتشوفي اللي كنتي بتعمليه في علاقتك مع منذر غلط وهو سبب الطلاق وما تعملهوش ثاني
رمقتها غاده بنظرات متحدية بعناد شديد و اعترضت قائله بإصرار أكبر
= وادور على غيره ليه وهو موجود؟ ايه يعني يتجوز تاني ربنا محلل لي بدل الواحده اثنين وثلاثه بس انا هكون الزوجه الثانيه وبس ولو في واحده قربت تاني هاكلها باسناني كفايه عليا الثانيه اللي اسمها ضحى وهحاول استحملها وامري لله بس انا لازم ارجعله .. حتى لو عشان ابنه ما يترباش مع راجل تاني ايه رايك؟ مش لو قلنا كده لابوه وضغط عليه غصب عنه هيوافق ومش هيقدر يتكلم زي عادته وهيرجعني ؟.
انصدمت بسمة من كلماتها لكن هزت رأسها قائلة بنبرة أكثر جدية
= غاده بطلي هبل وما تخربيش على نفسك ولا على غيرك؟ منذر خلاص مش هيرجعك ومبسوط مع مراته وساعات بحس اصلا انه بيحبها وهي كمان! انتٍ لو شفتيه دلوقتي هتستغربي صحيح ما تغيرش بنسبه كبيره بس في حاجات كتير بقت باينه أوي؟ زي انه بقى يرد علي أمه وابوه لما بيضايقوها ويقف قصادهم كمان.. وكانه مش حابب يشوفها زعلانه ولا حد بيدوس لها على طرف .
تحول وجهها للإظلام، ونظراتها للقتامة أثر كلماتها ومن فكره أن يحب منذر غيرها، كتمت حقدها في قلبها مجبرة مؤقتا، لكن وعيدها بالانتقام وتعكير الصفو بينهما لن يخبو أبدًا عندما هتفت معترضة بعزيمة
= اكتمي خالص هو انتٍ بتغيظيني اكتر اسمعي كويس انتٍ لازم تساعديني عشان يرجع لي! وبأي ثمن؟
هزت رأسها برفض تام وهي تقول بصوت متحشرج خافت
= انا مش هساعد حد وما ليش دعوه! و خليكي انتٍ عايشه في الأحلام اللي عمرها ما هتحصل.. ونصيحه مني سيبك من منذر وشوفيلك راجل ثاني يصونك
اشتدت تعابير وجهها صلابة ، وهتفت من بين شفتيها بنبرتها القاتمة
= قلت لك مش عاوزه حد غيره وهيرجع لي وانتٍ هتساعديني غصب عنك انا مش باخد رأيك اصلا؟ لا إلا يا حلوه هعرف جوزك وابويا وحماكي وحماتك! حقيقتك اللي مخبياها بقيلك سنين عليهم.. وشوفي انتٍ رد فعلهم هيكون إيه ساعتها
انكمش قلب بسمة لما سمعته من أختها رغم يقينها أنها لا تقصد ذلك الأمر الذي تخفيه هي عن الجميع.. ولكن مجرد سماعها تهددها بشيء يجعلها تظن بأنها تقصد عن السر الذي تخبأه.. نفضت عنها تلك الخواطر السلبية التي تنهش روحها بمجرد أن تفكر بأنها قد ستكشف يوماً ما جميع أسرارها فلم تصبح تخفي سر واحد بعد! وذلك ليس جيد وضد مصلحتها لكن بالنهايه هي السبب في ذلك عندما بدأت تكثر اكاذيبها فبدأ يكثر بئر الأسرار لديها، ثم ادعت عدم الفهم وهي تقول بقلق
=قصدك إيه ؟!!
لمعت عيناها بوميض غريب وهي تهتف بتحمس بائن في نبرتها
= قصدي موضوع تعليمك؟ وموضوع خروجاتك مع صاحبتك؟ وموضوع الشاب اللي بيحوم عليكي وعينه منك وتقريبا انتٍ كمان عينك منه؟؟. ايه رايك في كل ده لو اتعرف؟ الموضوع مش هيخلص على طلاقك وبس ده هتكون فيها موتك وهتتحرمي من ابنك كمان
تفاجئت بل انصدمت من كلماتها الغير متوقعه بالمره فكيف عرفت هذه كل الاسرار، فهتفت مصدومة بصوتها المذعور
= أنتٍ اتجننتي! بتهدديني؟ بتهددي اختك و هتخربي عليها لو ما ساعدتكيش في شرك و انك تخربي بيت واحده ثانيه؟ ثم انك عرفتي كل الكلام ده منين ومعظمه اصلا غلط و انا عمري ما هفكر في واحد وأنا على ذمه واحد ثاني
ضحكت غاده عاليًا لتزيد من حنقها، ثم تمايلت بميوعة بجسدها وهي ترد بصوت متهكمًا
= ما خلاص بقى وش البراء ده ما بقاش ياكل معايا ممكن يمشي مع جوزك الاهبل اللي سايبك تخرجي وتروحي وتيجي براحتك، انما انا لا بعد اللي شفته؟ انا اصلا شكه فيكي من زمان بما انك ما كنتيش راضيه تقوليلي و تكشفي سرك لاختك حبيبتك الوحيده.. مشيت وراكي في مره وعرفت كل حاجه و واحده واحده بقيت افهم؟ زي دخولك لجامعتك القديمه هرشتها على طول ان انتٍ بتكملي تعليمك في السر وكل فتره بتسيبي ابنك عندنا هنا ليه؟ وبالنسبه لخروجاتك اللي كترت دي كانت بالصدفه عرفتها وما كنتش قصدها والله رحت سالت عليكي هناك قالوا لي ان انتٍ رحتلنا وانتٍ لو كنتي رحتلنا كنت هشوفك بالصدفه في الطريق وانا جايه
احتقنت نظرات غاده للغاية وأظلمت بصورة مخيفة، لتضيف بانتصار وهي تبتسم بتشفٍ عظيم
= بس انا فعلا شفتك بالصدفه وانتٍ ماشيه ومشيت وراكي ثاني! والمره دي شفتك بتخرجي في كافيهات مع واحده صاحبتك حتى بالاماره كانت بتشرب سجاير.. وفي مره ثانيه شفتك في الجامعه وانتٍ بتكلمي الواد إياه اللي نفسه كان قاعد جنبك على الترابيزه قال يعني كده مش هفهم ان انتوا ليكم علاقه ببعض.. واخدي الكبير صورتكم سواء قاعده مع صاحبتك اللي بتشرب سجاير وهو في الترابيزه اللي جنبك ولا وانتٍ قاعده معاه في الجامعه
تجمعت الدموع في عيني بسمة بألم وقهر عارم وفتحت شفتيها لتقول صارخة برعب شديد بصوتٍ مرتعش
= صورتي اختك يا غاده؟؟ والله العظيم ما ليا علاقه بيه وهو اللي بيحاول يتقرب مني لكن انا مستحيل أعمل كده هو انتٍ مش عارفاني
دفعتها أختها للخلف بقسوة بيديها وهي تكركر ضاحكة لتثير أعصابها بطريقة مستفزة، التي كان تتابع الموقف بريبة ثم قالت بوقاحة فجه
= ما ليش فيه يا روح امك ان شاء الله بتناموا مع بعض! ما يخصنيش.. اللي يخصني انك تساعديني ارجع تاني لجوزي من تاني وبعد كده هتساعديني تاني اغور اللي اسمها ضحي دي من حياته.. لا إلا ورحمه امك لهفضحك ومش هتفرقي معايا يعملوا اللي يعملوه فيكي ان شاء الله يموتوكي.. هاه هتساعديني ولا لاء
** ** **
_________________
عاد معاذ من الخارج ليأخذ حماماً ينزع عنه إرهاق اليوم.. وما إن خرج وهو يرتدي قميصه حتى تفاجأ بجسد زوجته مكوم على السرير وقد دفنت وجهها في الوسادة تصدر شهقات مكتومة..لا بد أنها تبكي لكن لا يعرف لما؟ ليفكر أنها من الممكن تبكي بسببه بالتأكيد!.
تنهد مخرجًا بعضا من حرارة صدره واضطرب قلبه في صدره متألما على هيئتها قبل أن يكمل ارتداء ملابسه ثم يقترب بخطوات صامتة لم تشعر بها بسمة لأنها في دوامة حزنها، مد راحة يده متردداً نحو كتفها الرقيق يتلمسها فانتفضت ورفعت وجهها المتورم نحوه بذعر..
لاحظ انتفاخ عينيها الحمراء وذبول وجهها وذلك التشتت والضياع الساكن في عينها..
اقترب بتريث وأخذها إلي صدره وهي لم تمنع حضنه كأنها كانت تنتظر ذلك.. أسندت رأسها لتريحها فوق صدره الصلب وهي تنتحب بصوت خفيض متألم، ظل يربت على ظهرها بيد حانية حتى أنهكها النحيب والحزن.. فتراخت عيناها وسكنت تماما..
أغمضت عينها وهي تفكر بما مرت به لا شيء مقارنه بالقادم.. إذ أن أختها الوحيدة التي لطالما كانت تساندها متى ما احتاجتها.. رغم قسوتها معها أحيانا.. ولؤم أختها في أحيانٍ أخرى لانها لا تساعدها في عودتها الى طلقها إلا أنها تعرف لن تتخلي عنها وقت الحاجة والضيق.. لكن بالنهايه هي من تخلت عنها بالاضافه إلي تهددها ان لم تساعدها ستدمرها .
ستخبر الجميع بأسرارها و تدعي انها خائنه حتى تنفصل عن زوجها وتخرب حياتها و ياخذوا منها طفلها الوحيد!؟ وحينها سيرفض والدها قبولها في بيته وستكون متشرده وحيده بالشوارع وكل ذلك سيحدث إذا لم تساعدها لتعود لمنذر .
افاقت على صوت زوجها وهو يتسائل بقلق
= هو انا عملت حاجه زعلتك ؟!.
تنهدت تنهيدة طويلة بيأس وهي تقول باقتضاب
= لا ما فيش افتكرت ماما الله يرحمها بس، و وحشتني أوي وحسيت أني نفسي تكون جنبي دلوقتي واترمي في حضنها
زفر أنفاسا محتدة كانت تجيش في صدره وقد شعر بألم يتضاعف من أجلها، وفهم أنها رغم ادعائها تجاوز موت أمها بعد مرور سنوات على وفاتها إلا أنها ما زالت تتذكرها.. اكتفى أنه حاوطها برقة بين ذراعيه وأخذ يمسح على شعرها وهو يهدهدها بهمس خفيف قرب أذنها
= خلاص اهدي وبعدين ما انا جنبك اهو يا
ياسو.. ادعيلها ربنا يرحمها وبلاش تبكي عليها
أخذت تتشبث بملابسه بكفيها بقوة وهي تنوح بالألم والبكاء هامسة
= مسيرك تسيبني انت كمان! انا اصلا حاسه اني على طول لوحدي من وانا صغيره… كبروني فجاه وخلوني اتحمل مسؤوليه انا مش عاوزها.. وما فيش حاجه بعملها وانا راضيه عليها 100%.. كل حاجه كنت بطلبها كان بيتعمل عكسها وكل ده عشان خايفين الموت يسبقهم وما يلحقوش يحققوا الحياه اللي هم اتحرموا منها من بدري وجات لهم بعد 15 سنه لما خلفونا طب انا ايه ذنبي انهم خلفوني بعد 15 سنه وعمرهم كبر بسرعه وبقوا ذي اللي داخلين سباق مع الزمن..
شُل لسان معاذ للحظات عاجزا عن الإتيان بأي كلمة وهو لا يفهم حالتها لكن صدمه من تشبثها به هكذا وقد قررت أخيراً أن تشاركه أحزانها!
تحشرج صوت بسمة لتسترسل قائلة ببؤس
= يلا بسرعه لازم تتجوزي وتخلفي ومش مهم عمرك قد ايه المهم احنا نفرح بيكي قبل ما نموت عشان سننا كبر ودي سنه الحياه..
انا والله كل حاجه كنت بعملها كانت نيتي ان احقك احلامي من غير ما اؤذي حد.. بس طلعت باذي نفسي كتير
عمّ الصمت بينهما لدقائق و معاذ لا يزال جانبها يسمعها لتقول وتكسر الصمت مجدداً بصوتٍ غريب عنها
= تعرف انا مش فاكره اي ذكرى سعيده كانت بينا ولا انهم فهموني يعني ايه جواز و مسؤوليه وبقيت اتعلم لوحدي واخبط في الحياه زي ما تيجي معايا تيجي! بدل ما كانوا بيحضنوني ويطمنوني كانوا بيعلموني الاكل والشرب والغسيل والمكواه عشان لما اتجوز .. كانوا بيجهزني عروسه من وانا عندي 13 سنه بدل ما يمسكوني ورقه وقلم ويقوليلي اتعلمي
هذه كانت حياتها بالفعل بدلاً من تعملها كيف تتهجَّأ الحروف وتكمل درستها؟ بل أجادوا تعلمها الأمور المنزليه، انهارت ملامحها وهي تضيف بنبرة محبطة
= حتى لحد دلوقتي بدل ما يجي يطمن عليا ويحضني ويشوفني، اول حاجه بيسالها ليا اوعي تكوني مضايقه حد هنا احسن تطلقي زي اختك وتقعدي جنبها، صعب اوي اللي عمله فيا وهم اكثر ناس بحبهم في حياتي! و بتربطني بيهم صله دم يهجروني و يقتلوني وأنا على قيد الحياة.. حتى أختي بقيت بعيده عني هي كمان بسببهم واتغيرت او انا اللي ما كنتش واخدي بالي من الاول أنها كده.
بعدما أنهت بسمة كلامها ألقت برأسها على كتفه مسترخية مجدداً تلفح عنقه بأنفاسها الحارة المتسارعة تزيد من تسارع نبضات قلبه مما جعل معاذ يزدرد ريقه بشعور مؤلم و… لذيذ! فتمتم بصوتٍ أجش ثقيل قبل أن تنحسر هذه الابتسامة ويتنهد بعمق
= حاولي ما تفكريش في كل ده لانك مش هتعرفي تغيري حاجه، وبعدين الحمد لله ان وقع حظك في واحد ذيي بيحبك أوي.
صمتت بينما شعرت بدغدغة تسري في وجدانها، مشاعر غريبة ولكن محببة تطفو بها تجاه معاذ.. ظلت صامته حتي نامت بين أحضانه بعد آخر شهقات صغيرة مازالت تتدافع من فمها في غمرة سكونها بفعل الإرهاق.. وعندما ثقل جسدها بأكمله عليه و تراخى مؤكدًا نومها التام رفع الغطاء بتروي عليها ومدد جانبها بفراشهما ببطء ثم دثرها جيدًا قبل اغلاق الإنارة.
وفي الصباح فتحت بسمة جفنيها بتثاقل تأخذ نفسًا عميقًا سرعان ما شعرت بجسد دافئ يحتضنها بحنان وأنفاسه الساخنة تلفح عنقها وخدها المقابل له، انتفض جسدها بعنف وهي تلف خلفها بصدمة وعقلها يتساءل هل معاذ زوجها هو نفسه من أمضى وقت أمس يواسيها و يمرر كفة برقة شديدة عليها يرسم نعومته قبل أن يغفوا الاثنين ويغرقون في النوم .
دبت القشعريرة في أطرافها وهي تعض على شفتها ما إن تذكرت بكائها ليلة الأمس فوق صدره فحاولت أن تنسلَّ بقوة من أحضانه قائلة بتوتر
= معاذ.
فتح عينه ثم شدَّد على احتضانها وهو يمرر يده عليها قائلًا بنعاس
= مالك يا ياسو، إيه اللي صحاكي ارجعي نامي.
نكست بسمة رأسها حرجاً وهي تهمس بإعياء
= مش هينفع لازم أقوم اجهز مالك للمدرسه!.
❈-❈-❈
نظرت ديمة الي سقف الغرفة بأعين حزينة ثم أغمضت عينها وهي تبكي و تمنت لو أن تذهب إلى مكان خالي تماماً وتصرخ باستنجاد وتسلم أمرها الي الله وتستعد لاستقبال الموت
بصدر رحب.. لكنها لم تستطع وعندما لاحظت نور الصباح الواضح من النافذة علمت أنها قضت الليل كله تبكي بحرقة بعد سماعها بأن آدم يبحث عن عروسه مناسبة له غيرها.. وهذا ما جعلها تسرع بالخروج من الفراش رغم شعورها بالدوار ما ان وضعت قدميها علي الأرض لتتأوة بألم ساحق يغزو قلبها من جرحها .
لكنها هبت واقفة سريعاً علي قدمها الاخري تريد الخروج و لكنها وقفت محلها تشعر بالدوار يزداد أغمضت عينها تتأوة بصوت خافت واضعة يدها علي رأسها حاولت تجاهل الأم رأسها بسبب قله الطعام والبكاء المتواصل واکملت سيرها متوجهة للحمام، دخلت واغلقت الباب ثم نظرت لنفسها في المرآة شاردة !!
ملامحها متعبة لم تنم كالبشر منذ ايام..ترتعد
عظامها لسبب تتجاهله حاولت ابعاد تلك الفكرة الراسخة في عقلها لكنها فشلت غسلت وجهها متجاهلة احساسها.. وهي تحزم نفسها ان لا تذهب وتتحدث معه حتى لا تهدر كرامتها
أكثر من ذلك.
حيث مرت أيام بنفس الحال، كلا منهم يحاول الهروب من الآخر، لكن لا احد استطاع الفوز بمشاعره والسيطره عليها.. قبض آدم علي كف يده و ضرب الفراش جواره عدة مرات بغضب ليقفز عن الفراش يرتدي نعله المنزلي و يتوجه نحو غرفتها حتي يعتذر منها عما بدر منه ليس له الحق بفعلته و ليس لها الذنب ان تتحمل هذا الجنون في التعامل.. في النهايه هي ما زالت شابة صغيره ولا تعرف كيفيه السيطره على مشاعرها ويجب ان يتحدث معها كاخ او اب ويفهمها ذلك .
ساعات كان يقنع نفسه بذلك حيث تحجج
بأنه سيذهب لسؤالها عن سبب خروجها بذلك الوقت و وقوفها امام غرفته قبل أيام! لكن كذب يود رؤيتها، يحترق داخلياً لرؤيتها كم ان منظرها يريح داخله وبنفس الوقت يبعثر هذا الشئ يموت لأجله حقاً كيف لنظرة منها فعل هذا به؟ ما بالك ان اقتربت منه؟ هل يموت من جنون التفكير؟ أم يموت من جمود اللحظة؟
هذا آخر من خطر على عقله قبل ان يسمع صوت هاتفه يرن برقم ابن عمه ليخبره بأنه قد وجد العروسه المناسبه وسوف تأتي بنفسها له لتري المنزل.! ويتحدثون فهي امرأه بسيطه الحال وكانت متزوجه من رجل خليجي لكن مع الاسف أخذ أطفالها الى الخارج ولم تعرف عنهم شيء حتى الآن وكل ما تريده في الحياه ان تعيش حياه هادئة مستقرة.. شعر آدم بانها بالفعل مناسبه ولم يستطيع الاعتراض.. ومنع نفسه من الذهاب الى ديمه والاعتذار كما كان يستعد.
بعد مرور وقت، لم يجد شيئا يخرج به غضبه وحزنه غير العزف على البيانو! وكانت مقطوعه عن الآلام الذي يشعر به.
وبنفس الوقت كانت ديمة في غرفتها الارق سيطر عليها كعادتها كلما تذكرت وضعها و زواجه القريب! فتحت عينها بعد محاولات فاشلة لكي لا تتسلسل تلك المقطوعة الحزينة التي يعزفها لاذنها واللعنة وكأنها مدمنة لكن ليس على المخدرات بل على تلك المقطوعة! حاولت كثيراً النوم لكن لا فائدة اذنها تعزف تلك المقطوعة باستمرار! عرفت بأن لا سبيل للنوم سوا سماع تلك المقطوعة المريرة!
فخرجت تمشي على اطرافها متسللة الى الخارج.. ترددت كثيراً من الخروج وحاولت تذكر نفسها ما فعله بها وكيف تركها وسيذهب لغيرها لكن لم تستطع ! كانت عاجزة بحق ستجن كلما اقتربت منه سمعت صوت المقطوعة وكأنه يعزف البيانو داخل رأسها !!
وعندما وصلت بدأت ان تراقبه مثل العاده عندما كانت في بدايه زواجهم تختلس النظرات عن بعد فكانها تسرق لحظات الشوك لتراه وهو من حقها أساسا، غريب ذلك الحب حقا .
❈-❈-❈
وصلت بسمه الى الجامعه وهذه المره اسرعت الى صديقتها مروه وأخبرتها بملخص سريع لما دار بينها وبين شقيقتها وتهديدها بالاضافه الى تصويرها لها الغير متوقع، لوت الأخري ثغرها للجانب قائلة بغرور مفرط
=طب وايه يعني!.
راقبتها بسمة بنظرات متنوعة ما بين الخوف والتوتر وهي تردف بحذر متردد
= بقول لك صورتني وانا معاكي وانتٍ بتشربي سجاير وصورتني وانا قاعده مع زفت اللي اسمه محمود ده في الجامعه وبتهددني وانتٍ تقوليلي ايه يعني
هزت رأسها باعتراضاً وردت عليها بعبوس
=انا مش عارفه قلقانه وخايفه على ايه ما ده برده مش دليل! الصوره هتبان انا اللي بشرب سجائر مش انتٍ و ثاني حاجه صورك مع اللي اسمه محمود ده في الجامعه ما فيهاش برده حاجه عادي زميلك وقاعده معاه.. فين بقى التهديد والدليل انك بتعملي حاجه غلط مش فاهمه
ازدردت ريقها بقلق وهي تقول بمرارة
= يا ريت الموضوع بالبساطه دي وبعدين خليني صريحه مع نفسي انا غلطت والغلط هيكون بالنسبه لهم ان انا عملت حاجه من وراهم كملت تعليمي وبخرج اتفسح وبقابل ناس مش كويسه في نظرهم ويا عالم بعمل ايه تاني.. انا من ساعتها مش عارفه اتلايم على اعصابي وخايفه اختي تعملها بجد وتبعت لهم الصور
نظرت لها بنظرات ثابتة وهي تقول بغلظة
=خلاص طالما الموضوع بالنسبه لكم كده فضيحه مجرد صوره عاديه مع واحد قاعدة معاه، يبقى انتٍ كمان صوريها مع واحد ماشيه معاه في الشارع عادي و وقفها يسألها على عنوان ده انتم عالم غريبه بجد
قطبت جبينها متعجبة من حديثها، ورددت بصدمة قليلة
= مش عارفه بتتريق ولا بتتكلمي بجد بس انا مستحيل اعمل كده في اختي، مهما حصل مش توصل معايا للشر ده واذيها ذي ما بتعمل معايا ومش اي اذيه ده ممكن توصل معايا لطريقه انهم فعلا يمنعوني أشوف مالك أبني وياخدوا مني
نظرت لها وهي تحك رأسها بحيرة ثم مطت فمها للأمام بتفكير مرددة بتعجب
=طب ما ممكن هي كمان بتهددك ومش هتعملها يعني هي ممكن اختك فعلا تفضحك فضيحه زي دي؟ هي بتكرهك للدرجه دي يعني
إحتقن وجهها الذابل بحمرة غاضبة ثم التفتت ناحيتها وهي تهز رأسها بانكسار
=لو كنتي شفتي الشر اللي في عينيها وهي بتهددني كنتي خوفتي زيي واكتر انا مش عارفه ايه اللي حصل لها خلاها كده؟ ده مش فارق معاها تخرب بيتي وتوديني في داهيه عادي والله اعلم في دماغها إيه عاوزه تعمله مع منذر ومراته اما انا اختها عملت معايا كده.
نظرت إليها صديقتها بغيظ من سذاجتها ثم
ردت عليها بتبرم ملوحة بيدها
=عشان انتٍ يا اختي طيبه وعلى نياتك طب ايه رايك بقى ان انا شاكه في أختك دي أصلا وشكلها وراها مصايب كثير مخبياها عنكم وهي دي حقيقتها من الأساس وانتم إللي واخدين بالكم منها وظهرت متأخر ليكم.. ما هو محدش بيتغير من يوم وليله في ثانيه ويكون كل الشر ده جواه.. دوري وراها وانتٍ هتلاقي إللي تمسكي عليها
هزت رأسها متساءلة بتوجس بعد أن ظهر الحزن الذي يكسو تعابيرها
= هو انا خلاص همشيها كده انا واختي نمسك حاجات على بعض.. انا مش عارفه اعمل ايه وحاولت ما اردش عليها ومشيت وسبتها لكن هي مش هتسكت اكيد! وفي نفس الوقت مش عاوزه اخرب بيت ضحى هي ما عملتليش حاجه وحشه بالعكس دي ساعدتني على قد ما قدرت بطريقه غير مباشره وشكلها طيبه و غلبانه.. وانا متاكده حتى لو منذر طلق ضحى لا قدر الله عمره ما هيرجعها ده كفايه بس بيسمع إسمها من هنا وشه بيتقلب 180 درجه ومش عارفه عملت له ايه يخلي كرهها بالشكل ده
مطت شفتاها بضيق قائلة بإصرار وهي تشير بسبابتها
=جالك كلامي البنت دي وراها مصيبه!! اسمعيني كويس حاولي ما تظهريش انك خايفه من تهددها تاني وخذيها على قد عقلها.. لو عرفت انك خايفه هتسوق فيها انما لو كبرتي دماغك وعرفتيها أن الموضوع مش فارق معاكي وان ده مش دليل كفايه.. اخرهم يعني هيعرفوا ويتاكدوا انك بتكملي تعليمك من وراها مش قصه برده توصل انهم يحرموكٍ من ابنك .
صمتت لحظة تفكر بالأمر بخوف ثم هتفت متساءلة بقلق وهي تنظر إليها
=طب افردي يا فالحه راحت على طول فضحتني ووريتهم الصور انا هعمل ايه؟؟ برده لا انا قلقانه وخايفه ولازم كمان ابطل حكايه خروجي معاكي و مرواحي للجامعه كمان
تلك المرة ردت عليها مروه بصوتها الجـــاد والصارم بثقة كبيرة
= مش هتعمل حاجه هي صورتك عشان تمسك عليكي ذله وتخليكي تعملي اللي هي عاوزاه و هتفضل برده مستمره في كده؟ تخوفك انما مش قضيتها ولا في دماغها في الوقت الحالي انها تفضحك بس برده لازم تحذري منها لانها شكلها مش سهله وبطلي بقى حكايه اختي ومش اختي لان ما فيش اختي بتهدد اختها بالشر ده.
❈-❈-❈
علمت ديمه بان زوجه آدم المستقبليه ستأتي لترى المنزل قبل عقد القرآن، بالطبع شعرت بالحزن والألم لكن قد وعدت نفسها بانها لم تستسلم بعد! فهي امرأة تغار وبشدة..وإن لم يستطع أن يراها امرأته الوحيدة فلن تستطيع أن تتشاركه مع امرأة أخرى تحمل هذه المكانة عنده.. لن تستطيع.. وقلبها لن يتحمل أن تشاركها امرأة في قلب زوجها ويكون لها ما لها هي فيه..
استيقظت منذ الصباح وبدأت بتصفيف شعرها و تجفيفه بمجفف الشعر الكهربائي ثم بدات بتجهيز نفسها باروع شكل وفي ذلك الأثناء سمعت جرس الباب، لتتحرك بسرعه تنظر الى نفسها مره اخيره ثم خرجت الى الخارج بهدوء تنفست وتقدمت من آدم تنحنحت و همست بهدوء
= اونكل آدم لحظه.
التفت اليها آدم بعد ان كان موالي اليها ظهره
و هز رأسه بالايجاب وكاد أن يخطيها متوجهاً
الي الباب الا انها اسرعت بالنداء عليه مرة أخري، اضطر ان ينظر اليها بالكامل متأملة جمال ملامحها؟ كانت ديمة أمامه كتحفة فنية أو كلوحة لفنان رسم الذي يعشقه، كان يتأملها بعينان راغبة وشغوفة يداه كانت باردة تُرسل رجفه لأنحاء جسده، فكيف يفكر الهروب من تلك الفتاه و البحث عن غيرها لكن قد فات الأوان وأخذ القرار بالنهايه. حمحم وهتف بصوته الاجش هاتفاً
= نعم يا ديمة
ابتلعت ريقها بأحراج و هي تضم كفي يدها
امامها متحدثة بصوت رقيق
= عنك انت انا اللي هفتح! دي مهما كانت ضيفه في بيتنا ولازم نستقبلها ولا ايه؟
يا اونكل ادم .
كم أصبح يكره ذلك الأسم حين نُطقها له اونكل كم كرِه ذاته لانه من جعلها تعود وتتعامل كالغرباء وتأثيره على حياتها وشخصيتها، گم کرِه نفسه وگم كره العمره الذي يقف عارض بين علاقتهم..
ذهبت تفتح الباب وكان خلفها آدم الذي استقبل تلك الضيفة بترحيب مصطنع ثم تحدث بابتسامه زائفه
= أهلاً وسهلا نورتينا، اعرفكم ببعض دي هدى
ودي اميرتي الصغيره ديمه
طرب قلبها لمجرد قوله أميرتى لكن ذلك لم يمنعها للنظر الى تلك المراه التي تكبرها في العمر بغيظ وغيرة.. وتريد ان تفهم لما فضلها عليها وليس هناك أي وجه مقارنه بينهما لكن آدم بالتأكيد لم ينظر لتلك الأمور بهذا المنظور بانها جميله او قبيحة لكن حاول الهروب من مشاعره بتلك الطريقه حتى لا يربطها جانبه وهي ما زالت صغيره.. ويجعلها تقطع كل الآمال به.
بعد مرور وقت اجتمعوا على سفره الطعام، وبدأت ديمة في وضع الطعام على الطاولة لتجلس أخيراً، وكانت تريد ان ترسل الى تلك المراه بانها صاحبه المنزل وليس هي.. ثم بدأت تضع الطعام لتلك الضيافه وادم بعدها وهي حريصة على عدم تغيير معاملتها الجافة له. عليها أن تفيق من اوهامها أى كانت هذه الأوهام عليه أن يخلصها منها .
أفاقت من أفكارها علي صوت تلك السيدة قائلة بحنان
= ما شاء الله عليكي شكلك ست بيت شاطره
عقبالك يا حبيبتي لما تلاقي اللي يصونك، بنت اخوك جميله أوي يا آدم ربنا يخليها لكم
فهمت ديمة بأنه قد اخبرها بانها ليست زوجته وانما تقربه وهذا جعلها تغضب وتحزن بنفس الوقت، ثم ردت عليها من بين شفتيها بإيماءة خفيفة من رأسها
= المهم يكون بيعرف يطمني عشان أنا علي طول خايفة من الوحده و الانسحاب المفاجئ
قالتها وهي تمد طبق الخضار لتعطيها له و عينها لم تفارق عينه لحظة رغم ارتباكها رغم خوفها رغم كل شئ الذي عاد لها لكنها بقيت صامدة حيث تخبئ تنفسها الغير منتظم بصعوبة ودقات قلبها وفراشات محتملا سينما عظامها..
بينما الآخر لم يختلف الوضع عليه؟ ويفكر بها وبحاله معها والذي تجاهلة منذ اعترفها بالحب وقد جاء بتلك المراه بالاخص حتى يقطع كل الاوساط بينها وبينه! لكن رغم انها تجلس معه والاخرى جانبه، يفكر بها.. شعر بالضيق والمرار عندما تمنت تلك السيدة لها زوج صالح وهو بالأساس زوجها ويحرمها على نفسه .
فرغم كل ما يفعله إلا أنه لا يشعر بالسعاده ابدأ بالاخص عندما يراها حزيناً هكذا وهو أيضاً، لكن الأمر صعب حقا صعب ان يتقبل كل ذلك ويتجاهل مبادئه وشعوره بالذنب وعاداته و تقاليده ويوافقها على ماذا تريد.. ويظلمها جانبه.
كانت السهره تسير بشكل هادئ حتى ديمه لم تستطيع التعليق على تلك السيده بطريقه غليظه او تتحاور معها بطريقه غير مهذبه و تجرجها كما كانت ترتب من قبل، فعندما عرفت بحالها قد اشفقت عليها وفضلت الصمت.
ذهب آدم ليضع أطباق الطعام بالداخل ويحضر القهوه لان ديمة لا تجد صنعها لذلك هو من تولى الأمر وترك الاثنين بالخارج! وكان مطمئن لأنه قد علم أن ديمه اشفقت على حالها ولم تضايقها وذلك جعله يفتخر بتلك الصغيره ويعجب بها اكثر واكثر..
و في اثناء انشغله بعمل القهوة كان مغمض العينين يمسح على وجه الارهاق وفجأة بدأ العزف على البيانو بالخارج فعلم بأنها هي علي الفور، فتح عينه وبلا وعي منه خرج وهو يستمع لمقطوعتها التي كانت سهماً حزيناً كئيباً غرس بعمق داخل صدره! وتلك السيدة هدي الزوجه المستقبليه كانت تقف جانب وهي تشاهدها بابتسامه هادئه .
بينما ديمة كانت مغمضة العينين لكنها كانت تعلم بأنه خلفها.. كانت تعلم بأنه قريب منها شعرت بصوت انفاسه تختلط مع أنفاسها
في الرواق! حيث كان الجو بارداً هادئاً لم يقطع هدوء المفرط سوا صوت المقطوعة الحزينة.. فهي لم تتحدث معه طوال هذه الفترة مر اسبوع او أكثر لم يتحدثون بأي لغة فقط اختصروا عتاب بعضهم البعض عن بعد.
مرت ربع ساعة واستأذنت تلك الضيفة للرحيل بهدوء مثل ما جاءت، اقترب آدم بتلك اللحظة من ديمة ووضع اصابعه على خدها وراح يمسح دموعها بكل عناية وكأنه شخص آخر غير الجلاد الذي قلب حياتها رأسها على عقب وتساءل
= هي دي دموع ولا انا بتهيا لي ؟!. انتٍ بتعيطي
نظرت ديمة الى وجهه وراحت تطالع عينيه
بخيبة وقالت باعتراض كاذب
= ده بس عشان عيني حساسه مش اكتر لكن هعيط ليه مثلا عشان هتتجوز وتجيب لي دره
اكيد لا عن اذنك .
قالت تلك الكلمات بعد ذلك استدارت هاربة منه ولم تشعر إلا عندما وضع يده على يدها وجذبها حتى ارتطمت بقوة بصدره العريض وهناك تبادلا نظرات كثيرة، لو رآهما شخص ما لظن انهما عاشقين لا محالة، ثم همس بشرود
= المرأة العقلة ما ينفعش تغير، لأن الغيرة اعتراف أن هناك امرأة أجمل منها.؟!. و انتٍ ما ينفعش تعترفي بكده يا ديمه عشان انتٍ ما فيش اجمل منك
لامست ديمة خدها برقة تسمح دموعها وتساءلت بذهول
= هو انت عاوز تجنني مش كده؟ ولما انت شايفني حلو كده ليه عاوز تتجوز تاني وتكمل حياتك مع غيري.. إيه اللي فيها مش هقدر اعمله ليك؟ على الاقل انا بحبك لكن انا متاكده انها لا
أبتعد عنها بصعوبة بالغة وهــز رأسه بيأس وإحباط وهو يقول بقله حيله
= كده احسن يا ديمة صدقيني، يا ريت كان بايدي كنت غيرت حاجات كتير.. لكن سبق و قلت لك ما ينفعش احنا في فروق بينا كتير وده الافضل لينا
أدمعت عينها بانزعاج من جديد وقالت بتحشرج
= لا بايدك ومش ده الكويس لينا كمان لكن انت اللي جبان ومش قادر !. تاخد قرار رغم مشاعرك اللي جواك ولو قلت غير كده هتبقى كداب؟
اشمئز من نفسه لأنها علمت بمقدار سيطرتها على حواسه، تحركت الاخري مسرعة وتوجهت نحو البيانو وبدأت بالعزف عليه بألم من جديد وكأنها جسدت ما شعرت به من قرف روحها بهذه المقطوعة الحزينة! حيث لم تشعر بنفسها إلا وهي ترفع رأسها للاعلى مغمضة عينها ودموعها تجري حافرة خديها ومالئة لاذنها بينما اصابعها تخدش مفاتيح البيانو من شده الوجع.. فهي لم تتعلم منه سوا القهر والألم.
❈-❈-❈
جلست بسمة فوق المقعد الخاص بالجامعة، وضعت الكتب امامها وتوترت قليلاً عندما لاحظت ذلك الشخص يقترب منها وبدات تشغل نفسها وهي تعبث بدفترها الذي أمامها
و عندما اقترب تنحنح محمود متساءلاً بخشونة
= ازيك يا بسمه اخبارك ايه يا رب تكوني بخير كنت محتاج استلف منك الكشكول زي كل مره ممكن اقعد ولا هتقلبي عليا وهتقومي تمشي؟
همهمت له بسمة بصوتٍ أبح وسبابتها مازالت تعبث بدفترها بتوتر
= هاه، لا اتفضل أقعد.
أبتسم بعدم تصديق وجلس بالفعل! فاعتقد انها ستفعل مثل المرات السابقه مره تجلس معه ومره اخري ترفض؟ فكانت الفتره السابقه مشوشه بالفعل وعندما كان يطلب منها الدفتر الخاص بها تعطيه إياه وتجلس معه بينما هو يظل يتحدث باي حديث وهي تسمعه فقط! لكن للصراحة الحديث لم يخرج عن إطار دراستهم وعمله.
شردت بحديث شقيقتها عندما وجهتها غاده بالحقيقه وانها من الواضح بدأ أن يعجبها شخصيه محمود زميلها ذلك الشخص الذي تعرفت عليه في الجامعة وهي تشعر بالخوف والقلق من أن يرى احد آخر ما بدأت تشعر به نحوه! فالأمر أحيانا لا يتوقف عن الاعجاب فقط بل أيضاً قد اعجبت بتفكيره واهتمامه عن التعليم!
لم تعد تفهم حقا هل تعجب بافكاره وشخصيته ام تعجب به ذاته! وفي الحالتين هذا الشعور خطأ وربما يتطور مع الوقت وستصبح في نظر الآخرين حينها خائنه بالطبع .
فاقت من شرودها عندما هتف الآخر مرددًا باقتراح
= بسمه اي رأيك لو نخرج بره الجامعه ونروح اي كافتيريا نتكلم مش أفضل.
نظرت له مطولاً وسرعان ما نهضت وهي تقول بتوتر وارتباك
= هاه، لا ما ينفعش طبعا انا لازم امشي عن اذنك .
❈-❈-❈
قرب المساء، بعد الإنتهاء من دوام الوكاله رحل الجميع ما عدا بعض العمال الذي كان يجلسون كلهم بصحبه بالقرب من الوكاله، في حين عاد منذر وقد نسى شيء بالداخل ليتفاجا بهم يجلسون وهم ينفثون دُخان الشيشه و ذلك الصبي يضع لهم حجرين أخرين ليحرقهما بتلذذ وسط قطعة الحشيش الصغيره التي وضعها… لتتعالا أصواتهم بقلق عندما وجدوا منذر امامهم فقد انكشف امرهم، بينما هتف مرددًا باستفسار غاضب
= يا نهار مش فايت هو انتم بتعملوا ايه بدل ما تروحوا بيوتكم قاعدين بتحششوا ؟!.
ليُنفث احد أنفاسه من ذلك الدُخان بارتباك قائلاً بتبرير
= ما احنا هنروح يا معلم منذر أكيد، بس بنعمر الدماغ قبل ما نروح للجماعه (زوجته) اللي في البيت عشان نظبط الليله معاهم وانت فاهم بقى.
كان بعضهم ليس في حاله جيده فيُناوله صديقه سيجارته ليتلذذ في مذاق تلك السيجاره قبل ان ينهض وهو لا يرى جيد أثر حاله السكر الذي بها ثم قال بتفاخر
= ما تقلقش يا معلم منذر احنا مروحين على طول بيوتنا اول ما نخلص حجرين الشيشه دول، عشان دول هم اللي هيظبطونا الليله مع مراتتنا
عقد منذر حاجيبة باستغراب وهو يقول بانفعال
= هو ايه اللي انتم بتقولوا ده؟ ايه علاقه اللي انتم بتشربوا باللي انتم متجوزينهم في البيت
وضع ذلك الرجل ساقاً فوق الاخري وهو يتطوح من فوق كُرسيه وتابع حديثه يتفاخر أكبر أمام أصدقائه برجولته ومايفعله بزوجته
دون حياء
= ازاي بس يا باشا ما دي اصل الليله كلها
ومن غيرها ما نعرفش نمشي يومنا مع اللي مستنينا في البيت بعد التعب اللي بنتعبه في الشغل.. وهتخليك ذي عنتر ابن شداد في نظر المدام و ما تنساش الليله دي طول عمرها وتحلف بيها
نظر منذر لهم بدهشة كبيرة وبدأ يشعر بالتوتر نوعا ما وهو يفكر بحديثه هل بالفعل تلك الممنوعات يمكن ان تغير وضعه مثلهما، هو لم يجرب شيء كذلك ابدأ في حياته! ليسمع صوت احد رفقائه بينما سيطرت رائحة الحشيش عليه
= ما تقعد تشرب معانا يا معلم منذر ؟!.
اتسعت عينا بذهول وغضب عارم وقبل ان يتحدث ويعترض، وقف نفس الشخص الاول بترنح وهو لا يقوي علي الوقوف ويقترب من منذر وهتف ببطء شديد
= ده انت تنورنا يا منذر بيه والقعده هتحلو! وحظك كمان حته الحشيش اللي معانا ايه اخر حلاوه وما فيش زيها جرب بس وانت هتدعي لنا .
❈-❈-❈
كانت ديمة تكمل في خطه بسمه لكن هذه المرة كان الأمر خطير لكن مع ذلك لم تستسلم
وتترك آدم يذهب لغيرها وبدأت في الخطوه التاليه وهي عندما أخبرتها بسمة قائلة بمكر
= ما يحركش الراجل اللى الراجل اللي زيه!. و هو لو شافك مع غيره او حس ان انتٍ وقت ما تطلقي هتروحي لواحد غيره هيشعلل وانتٍ لازم توصلي للنقطه دي عشان يندم ويرجعلك.
صفت سيارة أمام بنايه آدم وهبطت منها ديمة وخلفها شاب وسيم يسلم عليها وهو مبتسماً لها وهي كانت تشكره بلطف، بينما أحدهم كان يراقب ما يحدث من نافذة غرفة المعيشة وكان يحترق في المنزل.
حيث كان ذلك المنظر رومانسي لافتاً لادم الواقف امام النافذة والذي اسودت الدنيا بعينه برزت عروقه من الغضب والجنون سيطر عليه ولم تبقى ذرة منطق انسانية تعمل بروحه! ضغط على قبضته بقوة مجنونة وصر علي اسنانه متحدثاً بضيق
= اتحركي… اتحركي، من مكانك قبل ما انزل واطربقها فوق دماغك ودماغه!!
قال عبارته الأخيرة بغضب مجنون ثم ضرب
الجدار أمامه فتوترت ديمة عندما رفعت
بصرها فوجدت ذلك المظلم ينظر لها من النافذة فسحبت نفسها لترحل متحدثة
= شكراً على التوصيله مع السلامه.. مع السلامه انتٍ كمان يا منى اشوفك بكره في الجامعه .
قالتها وذهبت فوراً مرتعدة خائفة لم تكن نظراته طبيعية كان غاضباً و دمار قد يلحق
بأي شئ امامه! صحيح كانت تريد الوصول الى ذلك وتخرج الوحش لكن لم تفكر في رده الفعل بعد ذلك؟ صعدت للاعلى همت بالدخول لغرفتها فلم تشعر به إلا ويسحبها من ساعدها لغرفته مغلقاً فمها دافعاً جسدها على بابه من الداخل وجثته تلتصق بذاته، ابتلعت ريقها بتوتر وخوف ثم أبعدت يده عن فكها وهي تهمس
= في ايه! انت ماسكني كده ليه من فضلك ابعد عني؟!.
= ده في احلامك أن ابعد عنك.
قالها بسواد مرير مظلم مجنون وعينه تحولت
لاخرى داكنة كان يتحدث بقرب من وجهها زفيره ملئ وجهها اختلط مع تنفسها المضطرب، وصاح بصرامة حاده
=انطقي من اللي كان بيوصلك بعربيته هنا لحد البيت؟ ونزلت تسلمي عليه وسبتي يمسك ايدك .. هي وصلت بيكي الجراه كمان جايبه واحد هنا يوصلك عادي
انتفضت عده مرات أثر الصراخ وحاولت رسم ملامح الشجاعة وهي ترد عليه بحده
=اولا ملكش دعوه بيا.. وده كان اخوه واحده صاحبتي في الجامعه ولو بصيت كويس كنت هتلاقيها في العربيه يعني ما كنتش لوحدي معاه ولا حاجه.. وهو خاف عليا امشي لوحدي في وقت زي ده وتحصل لي حاجه فااصر يوصلني وما عرفتش اقول له لأ .
انعقد حاجباه ولم يستطع منع نفسه من أن يظهر الضيق والاستياء وهو يقول بانفعال
= وهو مين هو عشان يخاف عليكي وباماره إيه أصلا.
حاولت ابعاد يده عنها و هي تتحدث بضيق زائف
= اظن انك قولتي ان كل واحد فينا حر يا اونكل آدم وانا معملتش حاجة غلط مجرد اخو زميله ليا ووصلني فيها ايه
صرخ بها بجنون و قد احمر وجهه من شدة
الغضب قائلاً
= انتٍ مش حرة يا ديمة انتٍ مراتي؟ وحتى لو على الورق بس! لازم تحترمي اسمي اللي شايلاه .
وضعت يدها الحرة بخصرها و هي تتحدث
بأنزعاج
= يا سلام يعني يتحكم عليا اني ابقي مراتك و
تتحكم في كل تحركاتي و انت تبقي براحتك
و متبقاش عاملي اعتبار صح.. ما انت رحت كلمت غيري واتفقت على الجواز ولا نسيت؟ يبقى انا كمان بقى اشوف نفسي بعد ما اتطلق منك ولا فاكرني هفضل كده من غير راجل جنبي ويحميني طالما انت عاوز تنسحب من حياتي.
نظر الي وجهها و الي تعابير الجدية التي
تتحدث بها، بدأ يتنفس بعنف مع كل كلمه تهتف بها كانت جارحه وقاسية على قلبه، ليقرب نفسه منها اكثر و هو يتحدث بتهديد عنيف
= عارفه لو شفتك مع راجل تاني ! حتى لو بيوصلك سوا زميلك بقى ولا سواق حتي هقتلك وهقتله كمان، بلاش تلعبي معايا عشان انتٍ ما تعرفنيش كويس.. لو فضلتي تضغطي على الحته دي بالذات يبقى اترحمي على اللي هتمشي معاه المره الجايه وعلى نفسك .
انصدمت من كلماته بقلق ثم مررت ابهامها علي يده و هي تتحدث إليه برجاء
= ممكن بلاش تعملها تهدید و تخوفني منك.
نفي آدم برأسه و هو يردف بإصرار قوي
= مش تهديد انا بنفذ كلامي يا ديمة.. ما ينفعش حد يقرب منك غيري
وضع يده علي وجهها يتحسس نعومة بشرتها مقربا نفسه إليها اكثر حتي يلتصق بها قائلاً بهدوء غريب
= اللي حصل ميتكررش تاني؟!. بلاش تعملي حاجه تضايقني.. فاهمه.
تحركت بلحظات معدودة ابتعدت بجسدها
الناعم عنه فقابلت عيناه بحده مع تنفسها المضطربة, فقاطع ذلك هو قدومه مجدداً لكنها
بصمتها المفرط و حدقتها الأكثر افراطاً! مشت بسرعة لدرجة تركت كل شئ سقط منها علي الأرض! كتبها الخاصه بالدراسه وحقيبتها، هاربة ليس منه بل منها ومن شعورها ومن احساسها ومن نحیب روحها تجاهه!
بقي يمشي خلفها بخطوات متباعدة بينما اسرعت هي واغلقت باب غرفتها وقف ببرود عند بابها لم يدعس روحه بالصبر سوا سيجارة رفيعة اخرجها من جيبه، نفث دخانه الثقيل امام بابها وبقي علي نفس تصنمه لولا تلك السيجارة بيده تغلغلت لروحه لكان فقد نفسه ودخل لها! لا يعلم لما؟ أليس هو من ابعادها وذهب يستعد ليتزوج بغيرها فلماذا يسر على ان يتبعها إذن .
لكنها تثير جنونه اجل انها تذيب الصخر الذي
بداخله وتكسر الرخام المتحجر داخل صدره
شعرها وعينها الزرقاء يذيب ثلجة القاسي!
رفع كف يده وامسك قلب الباب متوسطأ له
ثم اقترب واتكأ بجبينه على الباب ولا زال يدخن بأفراط! وهمس بعد مدة
= طلع قربك وبعدك صعب عليا.. ومش قادر اخذ قرار بين الإثنين.. ليه توصليني لكده ليه.
في الداخل دمعت عين ديمة وهي تستمع اليه كانت تتمني لو أنه تراجع عن فكرة الزواج واخبرها بذلك أفضل من أن يتحكم بها ويكون بذلك الجبن! فهي تري نفسها شجاعه عنه على الأقل أخبرته بمشاعرها بينما هو يحاول الهروب.
وهو من أسمعها كلاما جارحا ليس من السهل أن تنساه! عليه هو أن يعتذر أولا أو يصالحها.. بالإضافة إلى زواجه بغيرها الذي سيحدث باي لحظه قريبه! تنهدت ببؤس ولوعة.. هي مشتاقة له والحنين الكبير والشوق العارم بداخلها ينقضان عليها!
وفي ذلك الأثناء رمي آدم عقب السيجارة ثم
دق باب غرفة ديمة ولم ينتظر إذنا بالدخول وانما دخل عنوة استمعت إليه لتستدير هامة بالتحدث لكنها وجدته شارداً بالنظر اليها ولأيمائاتها الفاتنة، خاطبه بِنبره مُرتبكة مُحاولاً رفع رأسها نَحوه
= في حاجه يا اونكل آدم ؟!.
أخذ نفساً عميق قبل أَن يمد كَفَهُ لِيُلامس
خصلات شعرها المتحررة وفي حين كاد أن
يُزيحَهُ للجانب ابتعدت عنه ليهمس بتعب وضعف
= بلاش اونكل دي تاني.. آدم!.. آدم وبس يا ديمة
خجلت ديمة من طريقته من النطق والنظر
كأنه ينظر اليها وكأنها معجزة! ولم تعد تفهم ما به .
لذلك فضلت الإنسحاب من هنا أيضا وهمت بفتح الباب والخروج في ذلك الوقت وبينما هي تهم بالخروج لم تشعر إلا جذبها من يدها بكل قوة و أرجعها الى حضنه.. أصداء جسديهما بقوة مع بعض مشكلين شرارة كانت تلك هي إشارة الانطلاق بالنسبة اليه.. الضوء الاخضر كما يقال.. وبدون ان يفكر مرتين وضع يديه الكبيرتين على وجهها وانقض عليها بقبلة
ملحمية بعثرتها يمينا وشمالا.. في تلك الاثناء
كان يلتهم شفتيها بقوة كبيرة وكأنه يقوم باستخلاص الرحيق منهما..رحيق عذب حلو المذاق ولكن ذلك كان يسمى الشوق ..
نمت ابتسامتها الرقيقة تذيبه تجعله يقع بعشقها للمرة التي لا يعلم عددها ربما تخطي الكثير من المرات وبدأت بخجل تبادله ما يفعله فيها.. وسرعان ما بدأت أن تغوص معه فى أمواج عشقه، تدعه يبث لها اشواقه التى تعصف بكيانه في العلن بدلاً من الهروب….
أبتعد بأنفاس لاهثاً ثم هتف آدم باشتياق نبرة مكتومة فاقدة للسيطرة دون أن يتمالك مشاعره بحضرة وجدها
= أزاي تكوني أنتِ اكتر واحده بحس معاها بالأمان، وأكتر واحده بحس معاها بالعجز؟
أخفضت رأسها بخجل وسعادة وهي تشعر به علي حافة الهاوية، مد ذراعيه على الحائط خلفها يحاصرها قبل أن يضمها ويدفن رأسه في عنقها بينما يلامس بأنامله تلك الخصلة الشاردة.. و بصلابة وثبات ظل مكانه يدفن رأسه في عنقها يستنشق نعيم عطرها الذي أخذ بالتغلغل داخل ثنايا قلبه.. كاد أن يشعر بضلوع صدره تتمزق من شدة خفقان فؤاده الملهوف على هذه الرائحة الجميلة.. وكل ذلك يرسل له أشارت استسلام وضعف نحوها.
وقـــد كـــان.! بخفة ألقى ظهرها فوق السرير قبل أن يميل برأسه نحوها ويجتاح شفتيها بعنف مره أخري.. ولمساته تمتد بكل إنش فيها يستحضر كل فنون الإغراء التي يتقنها أي رجل محروم بالفطرة… وفي النهاية نال استجابتها لكن بطريقه لم ترضيه.. ومع ذلك خضع فيما يفعله بإخضاع تام وأمر من قلبه قبل جسده.
❈-❈-❈
اجتمعوا عائلة شاهين بغرفة المعيشة كلها ماعدا منذر وجلسوا وهنا قامت ضحي وبسمة كالعادة يحضروا أواني الطعام ليبدأوا في تناول العشاء، ثم قالت ضحي باهتمام
= هو منذر اتاخر ليه يا عمي؟ مش حضرتك رجعت من الشغل وخلصته ما جاش معاك ليه.
شاهين نظر لها ولم يرد في البداية، ثم أردف وسمعت صوته الهادئ يقول
= كان المفروض يحصلني كمان دقيقتين مش عارف ايه اللي اخره شويه وهيجي .
هزت رأسها بالايجاب وحاولت اشغال نفسها بتناول الطعام لكن لم يكن لها شهيه وهو غير موجود ولم تطمئن عليه! وتعرف اذا طلبت من احد يذهب ويتفقده لم يتحركون بالأخص معاذ التي بدات متاكده بانه لا يذهب الى العمل و طول الوقت يظل يلهي بالهاتف.. وذلك جعلها تضيق لان كل الحمل على زوجها فقط و المحزن بذلك يحدث بأمر والده! لذلك هي لا تمتلك حق الاعتراض.. بالاضافه الى ان الأوضاع ما زالت متوتره بينهما.
وفي ذلك الأثناء تعالي دقات باب المنزل ولم ينهض أحد بعد جلوس الجميع حول مائدة الطعام، لتنهض ضحي فلم يكن الغائب غير زوجها وبالتأكيد هو من يدق الباب لذلك تقدمت لتفتح الباب وانما تفاجات بدخول منذر عنوة بهجميه، فوقفت مندهشة بفم مفتوح تنظر له بتعجب وهي تتسائل بغرابة
= مالك عامل كده ليه وعرقان زي اللي بيجري وهربان من حد.. في حاجه حصلت؟!.
اقترب يأخذ خُطواتاً صغيرة نحوها حتى وقف أمامها حيث تقف، حرك عيناه مُتفحصاً جسدها من الأعلى إلى أسفل و العكس، فرك عينيه يبعثِر النعاس الطاغ عليه فجاه أثر الشرب مع اصدقائه.. وابتلع ريقه بصعوبة عندما تذكر امره ولما جاء هنا وما الذي يجب ان يفعله؟؟ اسرع يغلق الباب ويستند عليه بظهره وكأنه يحكم اغلاقه بجسده بينما وقف أمامها يرمش بعينيه بطريقة عصبية كأنه يخبرها لم تجد مفرا من أمامه..
لم يتوقف عن الحركة بغرابة، واغلاق عينيه الحمراء بقوة أثر الشرب وكأن هنالك شيء يؤلِمُه فتمسكت به تسنده جاعلتاً قلبه يرتجف قلقاً شددت إمساكه عليها عاقده حاجباها والقلق كان يتراقص بداخل عيناها
= منذر طمني عليك انت مالك ايه اللي حصل لك؟؟ وعيونك حمراء كده ليه
قم بملء الهواء داخله بأخذ الأنفاس بصعوبة بالغة علها تهدأ من لوعة قلبه الذي يهواها.. ثم
ضحك بشدة دون مقدمات و هتف مرددًا
وهو يتمايل بحركات غير متزنه
= مالي يعني ما انا كويس اهو وعمري ما كنت
كويس زي دلوقتي! حتى شوفي
اقترب منها وقام فجاه بقرصها بخفة من خصرها لتنتفض بصدمة صائحة بخجل وغضب
= منذر انت بتعمل ايه؟ هو انت مالك بالظبط
تمتم منذر من بين شفتيه بصوت بطيئة متعصب
= يووه ما قلت لك كويس! حتى حاسس ان انا آآ ولا لأ انا مش حاسس بحاجه وابويا هيفرح أوي لما يعرف هو فين صحيح؟؟ روحي ناديه خليه يفرح ان ابنه ما بقاش بيحس! ولا بيسأل ولا بيفرح عشان يعمل فيا ما مبادله..
رفعت حاجيبها للاعلي قليلاً بضيق شديد من تصرفاته ثم أطلق صافرة خافتة متعمداً استفزازها وهو ما زال في حاله السكر وغير واعي لما يفعله ثم تساءل بخشونة وهو يضحك مجدداً دون مبرر
= ابويا انت فين.. يا حج شاهين تعالي شوف ابنك اللي مشرفك وبالمره تعرف كل اللي مخبيه عنك؟ عشان نخلص كلنا
شهقت بذهول وصدمه وتوجست خيفة أن يكون قد أصابه مكروه ما فركزت حواسـها كلياً معه واسرعت تحاول اسكاته بملامح حائرة
= هششش بس وطي صوتك ابوك لو شافك بالمنظر ده هتبقى مصيبه! انت شارب حاجه صح ؟!. انت مستحيل تكون طبيعي هو انت كنت فين قبل ما تيجي أصلا
أعاد رأسه للخلف ثم أمسك رأسها بكلتا يداه مُقترباً منها أكثر تحت استغرابها، انتقلت يداه نحو خصرها الممتلئ حركته تلك زادتها ربكة وتوتر وقربها أكثر حتى أصبحت به فتمسکت بقميصه بعفوية، حاوط وجهها بكفاه مُقترباً من وجهها بأنفاس هائجة وضع جبينه على جبينها مُطبقاً جُفناه وهو يجيبها بصوتاً أجش هامساً
= مالك بس ده انا عملت كل ده عشانك انتٍ بالذات.. عشان اعرف آآ
كانت ضحي تقف قبالته بوجه شبه شاحب و وزعت أنظارها القلقة بالخلف خوفا من ان يأتي احد ويراه هكذا؟ وهي بدت تعرف جيد بأن ستنقلب الأوضاع الى صالحهم ضده لتهتف بتساؤل متوتر وهي تضع يدها على وجهه ماسحة بشرته الباردة بنعومة
= منذر بس بقى بطل إللي بتعمله ده! اهلك جوه انت عاوز تفضحنا هو انت فيك ايه بالظبط.. لأ لأ انت مش طبيعي انت فيك حاجه عمرك ما كنت كده ايه اللي حصل لك؟؟.
حاصرها بين الحائط و وضع رأسه على صدرها الذي كان نبضه صاخب كما لم يسبق له أن يكون بذلك الصخب يوماً، وهو يجيبها بصوتاً بالكاد يُسمع
= يمكن الحشيش اللي شربته مع العيال دول اللي مش فاكر اسمهم! بس قالوا لي مفعوله كويس، وهيخليك طاير ولا حاسس بحاجه وكمان هتعرف تعمل كل اللي في نفسك واللي مش قادر عليه .
لتنظر اليه بذهول و هي تضع يدها علي فمها ليبتسم هو أكثر دون تركيز فيما يفعله.. حينها دفعته مبتعدة عنه و هي تشير اليه بصدمة
= انت بتقول ايه حشيش ايه اللي شربته يا نهار ابيض ؟!.
قوس فمه لتظهر إبتسامة مغترة على محياه مشيراً بعينيه وهو غير واعية بالمره من أثر السكر وتحمل ذلك الآلم الرهيب قائلا بنفاذ صبر
= ما تنادي ابويا بقى عشان اقول له أنه عمره ما كان لي احفاد من ناحيتي؟ وأن إبنه الكبير ما اعرفش يبقى راجل ويفرحه بحته عيل زي إبنه الصغير الحيله اللي على الحجر على رايه .
لمعت حدقتاها متأثرة لكن بسرعه فاقت وجرجرت ساقيه بتريث شديد نحوه الباب و فتحته بحذر وهي تقول بسرعه بقلق شديد
= بس اسكت خالص وتعالى معايا فوق وبطل جنان! انت لو شافوك بالمنظر ده هتكبر الموضوع ولازم حاجه زي كده لو عاوز تعرفها ليهم وانت فايق مش وانت بالمنظر ده!. بقى دي اخرتها يا منذر من امتى وانت بتشرب ده انت حتى السجاير عمرك ما شفتك بتشربها .
أبعدها عنه فبدا يتحرك كالعرجاء وهو يسير إلى طريقه بالداخل لهم، لكنها لحقت به بسرعه بخوف وهو صاح هاتفا بعصبية منفعله
= يعني اعمل لكم ايه؟ ولا عاجب كده ولا كده ما انا بعمل كل ده عشان مين مش عشان ابويا وعشانك.. عشان اخلص من ذنكم.. مش كده بقيت راجل زي ما انتم عاوزين.. يا حاج شاهين تعالى بقى و…
شعرت هي بخطورة وجوده هنا وهو هكذا، تلفتت حولها بريبة هي شبه محاصرة معه و إن استمر في اقترابه منهم لن تتمكن من الفرار وربما يرتكب شيء سيء سيندم عليه بعد ان يفيق من حالته السيئه تلك لذا تحركت سريعاً نحوه تكتم فمه بقوه ليصمت.. وهتفت بصوت منخفض بعصبية مكتومه
= اسكت بقى انت ما فيش فايده فيك تعالى.. تعالى بدل ما نتفضح بسببك.. يا اخي قدامي اتحرك .
كان على وشك الصراخ بها لينفس اعتراضاً محبوس بصدره، لكنه لم يفعل، فقد اعترضت طريقه مجدداً و جذبته هذه المره بكل قوتها الى منزلهم قبل ان يراه أحد بتلك الحاله، و عندما اغلقت الباب جاءت بسمة وهي تبحث عنها هاتفه بتعجب
= ضحى انتٍ فين اتاخرتي ليه كل ده.. ايه ده؟ هي راحت فين ؟؟.
❈-❈-❈
في منزلهم، تثبت عليها فاقترب منها بخطوات بطيئة جاعِلاً منها تعود للخلف مع كل خطوة نحوها حتى إصتدمت بطاولة السفرة الصغيره… لم تجد مهرباً منه لأنه لَم يعطيها مجالاً لذلك فأقترب حتى أصبح مواجهاً لها عن قرب شديد، إمتدت يده نحو وجنتها يُمرر أنامله عليها بخفة وكأنه خائفاً من تشويهها..
ابتلعت ريقها بصعوبة و هي تحاول الاستناد
علي حافة السفرة و تتنفس بعمق و صدرها يعلو ويهبط بقوة ليلف يده حول خصرها ويده تتحسس لتنظر الي حركته بصدمة وقد اتسعت عينها لكن صدمتها قد ازدادت حين مال علي أذنها يهمس لها بشئ اخر منافي لتوقعتها عن شخصيته تماماً
= ايه رايك نخش جوه اوضه النوم؟!. عشان اشوف كلامهم وكلام الدكتور ده صح ولا لأ
كانت ليس لديها أدنى فكرة عن ما يطلبه منها أو حتى عن ما يفعله بها من تصرفاته التلقائية والعفوية..أبعدها عَن أحضانه ثم رفع رأسها نحوه ليسافر بداخل عينيها اللتان تخطف الأنفاس يبريقُها وتلك النظرة الذي كان يحملها تعبر عن الفجوة والدمار الذي يسكن دواخله، إحتضن وجهها بكلتا كفيه مُقترِباً مِن عينيها يقبلها بخفه جاعِلاً منها تعْلقهما ثم إبتعد يحدق في عينيها بعمق كما تفعل ثم أردف بنبرته الرجولية التقلية
=أنا مش عارف ليه بيحصل معايا كده.. أنا عمري ما طلبت حاجات كتير من الدنيا دي!
غير يبقيلي اب يحس بيا ويبطل يقل مني قدام الناس وام تطبطب عليا! وزوجه كويسه تخلي بالها مني وعيال اربيهم كويس عكس ما انا اتربيت، بس ما فيش حاجه اتحققت من كل ده ولا حاجه فيهم حققتها تصوري.. هي الأحلام صعبه اوي كده عليا .
رغم بساطة أمنيته إلا أنها أحرقتها من الداخل، لانه بالفعل يتمنى شيء بسيط من حقه لكن لا يحصل عليه، وفجأه توقف حين كان يشعر ان الظلام يأكله و من بين مشاعره السيء التي اجتاحت قلبه وهو يقول بصوت متعباً مرير
= تعرفي أنا عمري ما إرتاحت غير في حضنك أو عمر ما حد حضني غيرك، و غلاوتي في قلبك ما تسيبيني أبداً والله ما ليا غيرك.. یاریت تفضلي کده يا ضحي وننسي كل حاجه… عايز اعيش في هدوء تعبت من الصراع والتفكير
أضاف لها بصوت مخنوق وهو يسكن الألم ملامحه
= انا ما كانش ليا حد بيدافع عني ولا يهتم بيا في حياتي دي كلها الا انتٍ، بس للاسف بقيتي زيهم وعاوزه تسيبيني أرجوكي بلاش تبعدي عني.. مش عاوزه ابقى لوحدي تاني معاهم.
تطلعت فيه بحيرة وحزن وهي لا تعرف ما الذي بيديها تقدمه له؟ طلبت منه سابقآ ان يتعالج وهي ستكون سنده بالحياه طوال الوقت لكنه لا يريد ان ياخذ تلك الخطوه خوفاً من معرفه الجميع بامره!؟. ولم تستطيع ان تكون معه بتلك الحاله دون ان يجرب حظه ويفشل حتي.
بينما هو كانت عيناه عليها وبدأ بجرأة غير معتاد عليها يقبل كتفها وعِنقها أسفل الحجاب قبلات متواصلة كالضمئان، شعرت بأنه يخبِرها مِن خلال قبلته تلك بيانه يتنفسها عِشقَاً.. شدد على إحتضانها وهي تغلق عينيها المُتعبتان، إبتعد عنها قليلاً يُحدق في عينيها الناعسة بعيناه المثقلة يخاطبها بهمس لاهثاً
= هو أنا ليه ماقبلتكيش من زمان؟!.
رمشت عينيها بتوتر مبالغ بينما همهم لها منذر بصوتٍ أبح وسبابته تمر بعبث على ملامحها الناعمة
= اية رأيك نكشف نفسنا قدام بعض و نقول
الحقيقة احسن
دارت عينها بالمنزل و هي تحاول ان تخفي
توترها هل كشف عن ما تكنه له من مشاعر أو عن ماذا يتحدث؟ ارتجفت شفتيها و هي تتحدث اليه باضطراب
= وهي آية الحقيقة اللي بتقول عليها دي
وضع يده علي قلبها الذي يطرق بقوة اسفل يده و ينبض بسرعة شديدة ثم نظر اليها و هو يمسك بيدها يضعها فوق صدره موضع قلبه تنفست بقوة و هي تجد قلبه يدق بقوة مثل قلبها تماماً، نظرت الي عينه مباشرة و قد ادمعت عينها لتبتلع ريقها بتوتر وهي تبعد يدها عن صدره قائلة بارتباك و تلعثم
= منذر انا .. انا وأنت لازم ننزل تحت حالا
أمسك بخصرها يثبتها حتي لا تهرب من بين يده و قد لاحت ابتسامة علي شفتيه وهمس لها بصوتٍ أجش من الرغبة وقد اسند جبهته اعلي جبهتها
= مافيش هروب الليلة يا ضحي خليكي معايا
عندما احاط بيديه خصرها الضامر وقربها منه اكثر واكثر كتفها لامس صدره، ولم يتحكم بنفسه أكثر فقبل راسها ثم اقترب منها طبع قبله على وجنتيها ارتبكت واخذت ترتجف… رغم سعادتها البالغة لفعل ذلك منه لكنه بقوته و حضوره وخوفها منعها من الحركة لم تعد قدماها قادره على الحركة، لكن فما هو التالي؟
أخذ عقله يحيى الاستجماع كيف يستمتع و يمتع التي بين ذراعيه حقيقة وليست خيال او عقله الذي صور وجودها.. لكن يبدو بدلاً من إصلاح العلاقة وتجديد مشاعرهم .. ستنقطع الرابطة في تلك الليلة .
شعرت انه اليوم لَشخصاً مندفع ولم يكن كذلك دوماً لم يترك مجالاً لها إقترب من شفتيها الفاغرة وأخذها بين التي كانت ساخنه وكأن الجو المحيط به حاراً أكثر من أي وقتاً مضى، عامل شفتيها وكأنهما في ساحة رقص مندمجان تماماً بتحركاتهما… فتلك الأخرى إستسلمت له بكامل إرادتها.. ربما سابقاً قد منع من فعل ذلك حتى مع غاده بسبب فتورة من العلاقه ولكن الأن لا وجود لـ غاده في حياته.
فضحى غير؟ رغم أنها إنتزعته تماماً كما إنتزع منها كل شيء!.. تعمق في قبلته وتجاوبها معه جعله يريد بالمزيد والمزيد وذلك شعور جديد عليه.. لكن دوماً هناك شيئا يجعله يتوقف ويمنعه ولا يعرف ما هو؟؟.
** ** **

يتبع…

لقراْة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قابل للكتمان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى