روايات

رواية في منتصف الطريق الفصل الرابع 4 بقلم قوت القلوب

رواية في منتصف الطريق الفصل الرابع 4 بقلم قوت القلوب

رواية في منتصف الطريق الجزء الرابع

رواية في منتصف الطريق البارت الرابع

في منتصف الطريق
في منتصف الطريق

رواية في منتصف الطريق الحلقة الرابعة

★« ليله فرح »★
صباح اليوم التالي …
يوم الزفاف ..
بحماس شديد بدأت الفتيات تتجهز فى إنتظار حلول المساء لحضور حفل زفاف “بشرى” الذى سيقام بمنزل العريس( محمد) بعد إنتهاء متخصصه التجميل من تجهيز العروس …
تعاملت أبله “مرفت” كما لو كانت أما للعروس تزف إبنتها لعريسها بيومها الخاص عوضاً عن حرمان “بشرى” من والديها …
ربما لم ترتدين الفتيات الباهظ من الملابس لكنهن كانوا بمنتهى السعاده لحضور هذا الزفاف ومباركه العروسين …

__________________________________________
فاروق…
إنغمس “فاروق” بالعمل بالمصنع حتى لا يترك مجالاً للحزن يتسلل بداخل نفسه فكل ما عليه الآن هو العمل فقط ليتناسى تلك الفجيعه بموت “فايز” ..
ربما تمتلك عائلته مالاً كثيراً يرثه الأبناء أبا عن جد ، ونفوذ كبير يصاحب هذا المال ، لكن “فاروق” لم يشعر بسعاده لإمتلاكه هذا المال ، بل على العكس كان دوماً يشعر بأنه فقير ، فقير لحد لا يعلمه إلا هو فقط ، إكتسب طبعاً قاسياً سقاه إليه عمه “عزيز” جعله يبتعد ويبتعد حتى أصبح وحيداً معزولاً بنفسه حتى وسط الجميع ، كان يفضل “فاروق” صنع تلك الهاله الصلبه من حوله حتى لا يكرر أخطاء وقع بها غيره ، لا يسمح لأحد بالإقتراب منه وإقتحام حصونه ليبادر الجميع بالقسوة وسوء الظن بالبدايه حتى يتضح له عكس ذلك …
دوماً متوجساً مرتاباً بمن يحيط به ، لا يعطى الأمان لأى شخص مهما كان قربه ، لم تخلو دائرة الشك إلا من أربعه فقط عمه “عزيز” وأخيه “فايز” وأخته “فريده” وصديقه المقرب “حمزة” ، والبقيه هم منغمسون بتلك الدائرة حتى يتبين عكس ذلك بالعديد من الإختبارات والمواقف لإثبات حسن نيتهم وصدقهم معه …

__________________________________________
فى المساء..
حضر “محمد” لإصطحاب “بشرى” بينما إستقلت الفتيات إحدى السيارات مع أبله “مرفت” لحضور حفل الزفاف ببيت “محمد” …
مرت السيارات بالطرق ببهجه سائقيها حتى إقتربت من ذلك الحى البسيط الذى يقطن به محمد إلى أن توقفت السيارات أمام ذلك البيت البسيط وقد تدلت المصابيح الملونه من أعلى البيت لتضيء ببهجه لإستقبال العروسين …
ترجلت “بشرى” من السيارة بمساعده “سوسو” وهى تعدل من فستانها البسيط الغير متكلف ليقترب “محمد” من “بشرى” وقد إرتسمت على وجهه إبتسامه سعيده وهو يمسك بكفها الرقيق واضعاً إياه فوق ذراعه استعداداً لبدء حفل الزفاف …
دقت طبول الفرح بقدوم العروسين وتعالت مظاهر البهجه بوجوه الجميع خاصه بشرى بروحها الملائكيه التى لاقت لها كثيراً ببساطتها الغير متكلفه …

توهجت عيناها ببريق السعاده وهى تنظر إلى “محمد” بخجل الذى بادلها بنظرة فوز عظيمه لبدايه حياته مع حبه الوحيد “بشرى” …
تحركت “بشرى” إلى جوار “محمد” ليصعدوا نحو سطح المنزل المقام به حفل الزفاف ومن خلفها “سوسو” و “نهى” و “أمانى” و أبله “مرفت” …
أمالت “أمانى” هامسه بإذن “نهى” بتخوف …
_ البيت ماله قديم كدة … أنا خايفه السطح يقع بينا شكله مش مستحمل …
لتهمس “نهى” مطمئنة “أمانى” ..
_ “بشرى” بتقول أنه جدد البيت وبقى تمام … متقلقيش …
ثم جالت “نهى” ببصرها بكافه الإتجاهات قبل أن تردف بتعجب ساخر …
_ بس هو كدة متجدد …!! أمال كان عامل إزاى قبل كدة .. من الحفريات …
غطت “أمانى” فمها من سخريه “نهى” وهى تلكزها من ذراعها …
_ بس .. بطلى تريقه .. يا رب بس يستحملنا النهارده وخلاص ..
_ على رأيك …
إلتفتت “سوسو” نحوهم وهى تتابعهم بنظرة مرتابه قائله ..
_ مالك أنتى وهيا … عاملين زى عواجيز الفرح كدة … إمشى قدامى خلينا نعدل فستان “بشرى” ونقعد شويه …
_ حاضر …
جلسا “بشرى” و”محمد” بتلك (الكوشه) التى وضعت خصيصاً لهما لتحيط بهما الورود المتناثرة والمصابيح المضيئه وسط تطلع المدعويين لهما بتفحص مربك ما بين نظرات إعجاب وأخرى مستنكرة فتلك عاده أصيله بالناس لن تترك أحدهم بحاله ولن تصل أبداً لرضى الجميع …
حول إحدى الطاولات جلست “إنصاف” والده محمد وإلى جوارها إبنتها “وسام” وأبنائها و”زينب” خاله “محمد” وإبنتيها ….
أمالت “زينب” نحو أختها “إنصاف” وهى تمتعض شفتيها بإزدراء بعد أن رمقت “بشرى” بنظرة دونيه لتحدث أختها بعتاب …
_ يعنى يا “إنصاف” هو “محمد” ملاقاش غير البت دى تربيه الملاجئ عشان يتجوزها … ؟!
بضيق شديد رفعت “إنصاف” يدها تستوقف عتاب أختها لها وهى تتحسر على إختيار إبنها وتشبثه بـ “بشرى” …
_ سيبينى يا أختى فى حالى … أحسن الواحد على آخره … دى زى ما تكون عملاله عمل … من ساعه ما شافها فى الشغل وهو إتجنن ومش عايز غير دى …
حركت “زينب” فمها بحركه مائله وهى تردف بتهكم محذره “إنصاف” …
_ وأنتى تستبعدى يا أختى … دى بنت شوارع .. ممكن عادى تعملها .. ربنا يكون فى عونكم يا أختى …
_ خلاص بقى يا “زينب” … إللى حصل حصل …
تابعت “وسام” الحوار بين أمها وخالتها لتضيف بضيق …
_ بس أنتى غلطانه يا ماما … وافقتيه ليه بس … ده نسب ده …!!!
حاولت “إنصاف” إنهاء هذا الجدال الذى لن يفيد بشئ الآن …
_ خلاص بقى … أنا إللى فيا مكفينى … متزودهاش عليا …

_ خلاص يا ماما … خلاص يا خالتى … إللى حصل حصل و”محمد” إتجوز خلاص …
وقفت “همت” إبنه “زينب” مبتعده عنهم لتتابعها والدتها بحزن وهى تردف …
_ حقوم أشوفها مالها .. دى حتموت نفسها من الزعل …
تململت “إنصاف” بحسرة على خسارة ولدها …
_ كان على عيني يا أختى … “همت” دى جوهرة و”محمد” إللى خسران عشان مخدهاش …
_ يلا …. كل شيء قسمه ونصيب ..
أنهت “زينب” جملتها بضيق لتلحق بإبنتها لتخفف عنها ضيقتها …
_________________________________________
أمانى …
دنا “شمس” من “أمانى” المتأمله بملامح “بشرى” السعيده ليجلس إلى المقعد المجاور لها بإبتسامه قائلاً …
_ هو أنا لو قلت لك إنك أحلى واحده فى الفرح حتصدقينى …؟!
إلتفت “أمانى” بوجهها تجاه “شمس” وهى توارى إبتسامتها لتغزل “شمس” بها وهى تحرك كتفها بثقه ..
_ عارفه … بس مين يقدر …؟!
ليردف “شمس” بحب عميق …
_ والله مقدر … هو أنا تاعبنى إلا أنى عارف ومقدر …
تنهدت “أمانى” بقوه قبل أن تستكمل حديثها مع “شمس” بتمنى ذلك بالفعل من قلبها حقاً ..
_ عارف يا “شمس” لو تفضل كدة .. هادى وحنين على طول .. حتبقى حاجه تانيه … مش طول الوقت تحكم وأوامر …
_ “أمانى” … بلاش عتاب النهارده فى فرح “بشرى” … بس أوعدك بكرة نخرج سوا ونصفى كل إللى بينا ده … تمام …
_ ماشى … لما نشوف …
_ طب ما يلا نسلم على العرايس ونتكل إحنا على الله ولا إيه …؟!
وافقته “أمانى” على الفور فهى بالفعل تحتاج للراحه بعد عناء يوم طويل ..
_ اه يا ريت … عايزة أروح أرتاح .. أنا منمتش إمبارح كويس وتعبانه فعلاً …
_ يلا بينا …
إنتهى حفل الزفاف بإنصراف المدعويين لعوده الجميع لحياته الروتينيه بينما دلف العروسان لشقتهما بالأسفل بعد توديع الفتيات لعودتهم إلى الدار بصحبه أبله “مرفت” …

_________________________________________

خالد …
بعد عودته المتأخرة للمنزل وتناول طعامه مع والديه اللذين سهرا بإنتظار عودته ، دلف “خالد” لغرفته متأملاً بأن تتحقق أحلامه التى حكم عليها بالموت منذ أربعه سنوات …
كان حديث العهد بالتخرج والعمل بالمستشفى منذ بضعه شهور ، تذكر ذلك الحوار بينه وبين والدته ذات يوم …
_ماما … أنا عايز أتجوز ….
_ ده يوم المنى يا نور عيني… مين ؟!
_ “عليا” أخت “صفاء” مرات “هيثم” أخويا ..
_ والله يا أبنى البنت حلوة … بس شايفه نفسها حبتين مش زى “صفاء” خالص …
_ زى “صفاء” مش زى “صفاء” أنا عاوزها …
_ خلاص ناخد معاد ونكلم أمها …
لكن ما لبث وتبخرت كل آماله عندما علم باليوم التالى بخبر خطبه “عليا” لـ “فايز المالكي” ، إحباط شديد تملكه فكيف سيقارن نفسه بهذا الثرى فكل أوجه المقارنه به ستبوأ بالفشل ليتراجع “خالد” عن إخبارها بطلبه ..
والآن بعد أن أتيحت له تلك الفرصه مرة ثانيه لن يضيعها هدراً وسيحاول الفوز بها هذه المرة بالتأكيد …
_______________________________________

شقه العروسان ..
_ مبروك عليا وجودك فى حياتى أخيراً يا حبيبتي …
_ حقيقى يا “محمد” أنا مش مصدقه نفسى …
_ لأ صدقى .. خلاص من النهارده لا يمكن نبعد عن بعض من النهارده طريقنا واحد وسكتنا واحده …
تنفست “بشرى” ببطء ، هى مازالت غير مصدقه أنها أصبحت زوجه لـ “محمد” وهذه شقتها بمفردها ولها حياتها الخاصه المستقرة ليشرق طريقها المظلم وتبدأ حياه جديده لطالما حلمت بها …

________________________________________
دار الرعايه …
تهدجت أنفاس “نهى” وهى تجلس فوق فراشها ناظرة نحو سرير “بشرى” الخاو بحزن …
_ تصدقى المكان وحش من غيرها … مكنتش متخيله إن الدنيا وحشه كدة من غيرها …
إلتفتت “سوسو” وقد إتسعت عيناها بدهشه ..
_ نكدوووو …. البت مبسوطه وفرحانه بتنكدى علينا ليه … ما تنامى وأنتى ساكته .. روحنا الفرح وإتبسطنا وهى مبسوطه لازمته إيه النكد على المسا ..
لتردف “نهى” بحالميه …
_ اه … روحنا الفرح … وأكلنا جاتوووووه …
_ جاتوه يا طفسه ….
ضحكت “نهى” لتتبعها ضحكه “سوسو” الرنانه لتبتلعن ضحكتهما حين سمعا صوت أبله “مرفت” …
_ وطوا الصوت شويه وناموا البنات نايمه …
_ حاضر يا أبله …
_ شفتى بقى جبتى لنا الكلام .. يلا نامى وإحلمى بحاجه حلوة …
_ أنام … يا ريت أنام … دة بكرة نتيجه الثانويه يا أختى … يا رب أجيب مجموع حلو المرة دى بقى وأنجح …
دنت “سوسو” من “نهى” وهى تزيد من عشوائيه شعرها بحنو ..
_ أنتى شطورة وحتنجى وتدخلى الطب كمان وبكرة تقولى “سوسو” قالت …
_يااارب …
أشارت “سوسو” لـ”نهى” بالصمت والخلود للنوم …
_ يلا نامى بقى أحسن أبله مرفت تيجى تانى .. تصبحى على خير …
_ وأنتى من أهله …

أخذت “نهى” تدعو الله بصمت أن يحقق أملها بالنجاح وتخطو خطوه جديده بطريق مستقبلها ….
_________________________________________
بعد مرور شهر كامل …
بعد زواج “بشرى” إفتقدت الفتيات وجود “بشرى” كما إفتقدن “أمانى” من قبل لكن إنشغال “سوسو” بأعمالها الغريبه مع “ميدو” ليلاً وحصول “نهى” على الثانويه العامه كانا يشغلانهما كثيراً …
إستطاعت “نهى” التقديم بالجامعة بكليه الصيدله نظراً لتفوقها وحصولها على درجات عاليه بالثانويه أهلتها لذلك لكن إفتقادها لـ “بشرى” و”أمانى” أثر كثيراً بها خاصه وأن زيارتهما لـ “بشرى” و”أمانى” كانت محدودة جداً خلال الشهر الماضي …

– هدأت الأجواء بعض الشئ بين “أمانى” و”شمس” لكن من وقت لآخر يتجادلان بسبب طلب “شمس” المتكرر لترك “أمانى” للعمل مع رفضها التام لتحكمه وفرض رأيه عليها …

– لم تتغير حاله “عزيز” وظل يعانى بغيبوبته طوال الفترة الماضيه ، لم يترك بها “فاروق” يوماً واحداً دون زيارته آملاً بإفاقته بأى وقت ..

– توترت “فريده” وزاد تأثرها النفسى ووحدتها بعد رحيل “فايز” وإنشغال الجميع عنها فـ”فاروق” مشغول بمصنعهم وشركتهم وعمه “عزيز” ، و”عليا” دوماً إما خارج البيت أو بغرفتها ، لتبقى هى وحيده بهذا القصر الكبير لا تتحدث مع أحد ولا تذهب لاى مكان ، فـ”فريده” لتلعثمها الشديد ليس لها أصدقاء بالمرة فالجميع يسخرون منها ويتنمرون عليها …

__________________________________________

ذات صباح ….
قبل توجه “فاروق” إلى المصنع مر أولاً بالمستشفى وقابل الطبيب المختص بحاله عمه “عزيز” …
_ مفيش جديد يا دكتور …؟!!
_ للأسف يا “فاروق” بيه الوضع مش مطمئن خالص … خصوصاً إن الغيبوبه لو طولت عن كدة ممكن تأثر بالسلب على “عزيز” بيه … لكن مفيش بأيدينا حاجه …
_ فهمت … عموماً لو حصل أى جديد يا ريت تبلغونى فوراً …
_ أكيد طبعاً يا “فاروق” بيه …
خرج “فاروق” من المستشفى ليستقل سيارته ، جلس خلف مقود السيارة ماسحاً وجهه بكفه بضيق محاولاً التماسك فبكل زيارة يتمنى لو أن هناك أى جديد بحاله عمه لكن شيء لا يتغير …
إنتبه “فاروق” لرنين هاتفه مضيئاً بإسم “حمزة” ….
مالت شفتاه بشبح إبتسامه ضعيفه وهو يمسك بهاتفه للرد عليه …
_ “حمزة” … إزيك …؟!
_ أنا كويس … أنت كويس …؟!
_ أكيد طبعاً … بتسأل ليه كدة …؟!
_ كلمت “حازم” وعرفت منه بحادثه “فايز” وعمك “عزيز” … البقاء لله يا “فاروق” ..
_ الدنيا والدوام لله …
_طب مش كنت تقولى كنت رجعت …؟!
_ ترجع إزاى بس … الأمر لله حادثه … و إللى حصل حصل حتعمل إيه أنت ..؟!
أكمل “حمزة” بعتاب شديد …
_ أعمل إيه … أقله أبقى جنبك يا أخى … هو إحنا أصحاب على الفاضى ولا إيه …؟؟؟
_ أنا فاهم كويس … ومقدر سفرك متعملش حكايه بقى …
_ “فاروق” … أنا مش حقولك خليك جامد والدنيا كدة ….. عشان عارف إنك جامد .. أنا بقولك يا فاروق طلع إللى جواك و إحزن زى الناس بلاش إللى أنت عامله فى نفسك ده …
إبتسم “فاروق” ساخراً وهو ينظر تجاه اليسار بنظرات فارغه …
_ أنت حتعملى فيها دكتور نفسى … خلص جاى إمتى ؟!
_ أنا فى المطار أهو لسه حركب الطيارة … لازم أشوفك لما أرجع ….
_ خلاص لما توصل كلمنى … سلام …
أنهى “فاروق” إتصاله مع صديقه الوحيد وشريكه “حمزة” ليعود إلى الواقع ليشغل محرك السيارة منطلقاً بها نحو المصنع ….

__________________________________________
دار الرعايه …
تمددت “نهى” فوق سريرها بصورة عرضيه لتسقط رأسها من جانبه وهى تحرك رأسها يميناً ويساراً فيهتز شعرها الثائر ، زمت شفتيها بملل قائله …
_ “سوسو” … يا “سوسووووووو” … أنى زهجت … انجزى بقى حنتأخر كدة …
وضعت “سوسو” أحمر الشفاه من يدها لتلتف تجاه “نهى” المقلوبه رأساً على عقب فوق سريرها بدهشه …
_ حنتأخر على إيه يا بلياتشو أنتى … هو درس حنتأخر عليه … ثوانى أهو حنخلص ونمشى …
إعتدلت “نهى” وهى تلف رأسها بحركه دائريه ليتطاير شعرها حولها قبل أن تنهض واقفه فوق ركبتيها واضعه كفيها حول خصرها بتذمر طفولى …
_ أنا إللى بلياتشو … مش شايفه روحك فى المرايه… دة أنتى مش ناقص غير تحطى كورة حمراء وتنزلى تتشقلبى …
عادت “سوسو” بوجهها ناظره بالمرآه ساخرة من “نهى” …
_ وأنتى إيش فهمك فى الميكب يا أوزعه أنتى أخرك يودوكى الحضانه … أنا عارفه كليه صيدله إيه إللى حتدخليها دى … أنتى دكتورة أنتى …!!
_ طبعا … هم يطولوا …!!
ضحكت “سوسو” ضحكتها الرنانه مازحه من قصر “نهى” فهى على الرغم من أنها متوسطه الطول إلا أن “سوسو” أطول منها كثيراً …
_ من ناحيه يطولوا .. هم يطولوا … أنتى مش باينه من الأرض يا أوزعه …
كتفت “نهى” يديها بتذمر طفولى أكثر وهى تمد بشفتيها بضيق مصطنع …
_ “سوسو”…. !!!
خطت “سوسو” بخطوات سريعه تجاه تلك المتذمرة وهى تمسك بوجه “نهى” بأصابعها الطويله لتقبل خدها ملطخه إياها بأحمر الشفاه خاصتها …
_ يا روحى على الزعلانين يا ناااااس …
أخذت “نهى” تمسح أثر تلك الحمرة من فوق خدها بشده وهى تنهر “سوسو” بحده …
_ يوووه … يا بت بطلى بقى عادتك السخيفه دى .. بهدلتينى …
أقبلت أبله “مرفت” نحوهم وهى وتتطلع نحوهم قائله بحنان …
_ بتعملوا إيه يا بنات …؟!
إعتدلت كلاً منهما لترد “سوسو” أولاً …
_ مفيش يا أبله … بنجهز عايزين نزور “بشرى” بقالنا كتير أوى مشفنهاش ….
صدمت أبله “مرفت” عند إستداره “سوسو” تجاهها بكم مساحيق التجميل الذى تضعه فوق وجهها لتردف بإشمئزاز …
_ إيه إللى أنتى مهبباه فى وشك ده … ؟!!
لتجيبها “سوسو” متصنعه البراءه …
_ مش رايحين نزور عروسه يا أبله …
ضربتها أبله “مرفت” بخفه فوق كتفها قائله …
_ على فكرة أنتى أحلى بكتير من غير دة كله …
لتجيبها “سوسو” بغرور …
_ أكيد طبعاً …
_ عارفين يا بنات أنا نفسى أطمن عليكم أنتوا كمان …
أردفت “نهى” برفض لمجرد الفكرة فهى تريد إنهاء دراستها أولاً …
_ لسه بدرى أوى يا أبله … ولا أنتى نفسك تخلصى مننا .. ؟!
_ أيوة يا ستى … عايزة أطمن عليكم وأخلص منكم قبل ما أسيب الدار …

شهقت الفتاتان بصدمه فهى لم تكن بالنسبه إليهن مجرد مشرفه للدار لكنها كانت بمثابه أماً بديله لهن …
_ تسيبى الدار …. !!! تسيبينا وتروحى فين يا أبله ….؟!!
أردفت “مرفت” بحنو وهى تربت على كتفيهما …
_ أرتاح بقى … أنا تعبت وآن الأوان أرتاح ولا إيه …؟! بس مش حمشى إلا لما أتطمن عليكم أنتوا الاتنين …. دة أنتوا بناتى الكبار …
أسرعت “نهى” بالقاء نفسها بأحضان أبله “مرفت” فإشتياقها لأسرة وعائله تمثل بتلك الإنسانه فقط ، فكيف تتخيل مفارقتها هى أيضاً …
_ متسيبيناش يا أبله … أنا بحبك أوى …
_ أنا لسه معاكم أهو … وبعدين متضحكيش عليا وتفوتى درس النهارده كمان بتاع الولاد …
_ متقلقيش يا أبله حنروح ونيجى قبل معاد الدرس بتاع الولاد إن شاء الله … أنا بحب الولاد الصغننين دول أوى …
_ أيوة كدة عرفت أربى بناتى حنينين على إخواتهم الصغيرين …
قطعت “سوسو” حديث “نهى” وأبله “مرفت” بتعجل …
_ يلا يا “نهى” عشان نلحق نروح ونيجى …
_ اوكيه …
خرجت الفتيات لزيارة “بشرى” لتتابعهم مرفت متمنيه لهن بالإستقرار والزوج الصالح مثل “بشرى” و”أمانى” ….

_________________________________________
فاروق ….
توقف بسيارته امام بوابه المصنع الرئيسيه لتلفت نظره تلك اللوحه الإعلانيه الجديده بإسم المصنع ( المالكي للصناعات الغذائيه والألبان) ..
فتحت الأبواب بسرعه ليصف “فاروق” سيارته دالفاً إلى داخل المصنع …
مجرد حضوره سبب إرتباكاً ملحوظاً بالعاملين بداخل المصنع فـ “فاروق” سريع الغضب لأقل الأسباب وصعب ارضاءه بشتى السبل …
تقدم نحو مكتبه ليقف الموظفين تحيه له لتتقدم إحداهن نحوه بتغنج محاول إستمالته والإيقاع به فهو صيد مثير للإهتمام لها ولغيرها لتحظى بالفوز بشاب وسيم غنى ذو نفوذ وثروة …
إبتسمت نحوه بميوعه وهى تلقى إليه بتحيه الصباح بدلال شديد …
_ صباح الخير يا “فاروق” بيه …
بنظرة جانبيه متقززة إستطاع فهم ما ترمى إليه تلك الفتاه ليقف للحظه منادياً أحد الموظفين بحده …
_ “ماجد” …
إقترب منه “ماجد” بتوتر فى إنتظار ما يطلبه منه …
_ أوامرك يا “فاروق” بيه …
أشار “فاروق” بإصبعه تجاه تلك الفتاه دون النظر إليها …
_ مين دى وبتعمل إيه هنا …؟!
_ دى … دى السكرتيرة الجديده يا فندم …
_ اه … تمشى … حالاً …. أنا مبحبش المرقعه هنا … فاهم …
_ فاهم يا “فاروق” بيه … تمشى حالاً …
دلف إلى مكتبه وسط ذهول تلك الفتاه فهى لم تستوعب بعد إنها طردت حقاً للتو فاليوم أول يوم عمل لها هنا ….
أكمل “فاروق” طريقه نحو مكتبه محذراً ماجد بلهجه تحذير شديدة الصرامة ..
_ إللى حصل دة ميتكررش تانى … الناس إللى تشتغل معايا يا يكونوا محترمين يا بلاش منهم …. الأشكال دى متدخلش هنا تانى …
_أوامرك يا “فاروق” بيه …
__________________________________________
مكتب بهجت …
دلفت “أمانى” للمكتب وهى تحمل أحد الملفات بيدها لتردف برسميتها المعتاده …
_ ده إيميل من شركه “حسين شرف” فيه تفاصيل شحنه المعلبات إللى حتوصل ميناء السويس كمان إسبوع …
_ كويس أوى … طب وظبطى لى معاد النهارده معاه نناقش التفاصيل دى …؟!!
_أيوة يا أستاذ “بهجت” … على الغدا زى ما إنت طلبت …
_ جميل … أنتى برضه ممكن تيجى تحضرى الغدا ده عشان ترتبى معايا الشغل …
إرتبكت “أمانى” من طلب “بهجت” المفاجئ فهى لن تستطيع حضور هذا الغداء فقد وعدها “شمس” بإصطحابها للتنزه قليلاً …
_ مش … مش حقدر فعلا يا أستاذ “بهجت” لأنى ورايا إرتباطات فعلاً النهارده …
تعجب “بهجت” من رفض “أمانى” لأول مرة بالحضور بغير مواعيد العمل المتفق عليها ليتسائل بإبتسامته المعهوده …
_ إرتباطات …!!!! ليه وراكى إيه النهارده …؟!.
أُحرجت “أمانى” من سؤال “بهجت” المباغت لها ، هى لا تريد لغريب أن يقتحم خصوصياتها لكنها فى نفس الوقت يجب أن تعطى “بهجت” مبرراً مقنعاً لرفضها حضور ذلك الموعد الهام …
_ أصلى أنا وجوزى خارجين النهارده ومش حكون فاضيه …
لم تتغير إبتسامة “بهجت” بل ظل ثابتاً عليها وهو يبث فى نفس “أمانى” الشعور بالتراخى فى العمل و التكاسل فى تحقيق الذات …
_ جميل … كان نفسى تحضرى معانا المعاد دة كنتى حتفهمى حاجات كتير فى الشغل وأكيد كانت حتفيدك فى المستقبل بخبرة صعب تلاقيها اليومين دول … لكن ..هاه .. جوزك أولى … بس نصيحه منى خلى دايماً أولوياتك للى حيخليكى تحققى ذاتك وكيانك مش مجرد غدا عائلى …

__________________________________________

شقه محمد …
مر شهر على زواجهما لكنه لم يشعر بتلك الأيام السريعه فكلها حلوه برفقه محبوبته التى فاز بها من دون الفتيات بالعالم ، بعد إنتهاء تلك الإجازة التى تحصل عليها بعد الزفاف وعودته إلى عمله مرة أخرى كان “محمد” يدلل “بشرى” قدر إستطاعته حتى أنه طلب منها أن تبقى بشقتها أثناء غيابه فهى مازالت عروس وعليها أن تتدلل بشهر العسل …
أحست “بشرى” بالألفه بينها وبين “محمد” وكأنه لم يكن غريباً عنها بيوم من الأيام لتشعر بأن وجودها ببيتها وبرفقه “محمد” هى أسمى غايه وأغلى الأمانى التى تحققت لها …
إقترحت “بشرى” على “محمد” أن تبدأ بالنزول إلى والدته فيكفيها هذا الدلال وعليها أن تؤنسها وترى طلباتها فطالما تمنت أن يصبح لديها أماً وقد آتتها تلك الفرصة الآن بمعيشتها مع والده “محمد” ببيت واحد …
نظر “محمد” بوجه “بشرى” البشوش بسعاده حقيقية …
_ إيه الجمال ده على الصبح … هو الواحد كل يوم حيفوق على القمر ولا إيه. … لا أنا مش قد كدة ….
نحت “بشرى” وجهها الذى إكتسى بحمرته الطبيعيه خجلا قائله …
_ متكسفنيش بقى يا “محمد” أنا مش متعوده على كدة ….
دنا منها “محمد” ليحاوط وجهها الممتلئ بكفيه بحنان بالغ مردفاً …
_ أنتى لازم تتعودى على كدة …. لازم تعيشى حياه جديده لا فيها روتين ولا قوانين … إللى تحبى تعمليه إعمليه على طول ….
تنهدت “بشرى” بأسى وهى تتذكر أيامها بالدار لتردف بنبره حزينه …
_ ما أنت عارف يا “محمد” حياتنا كانت ماشيه إزاى قبل كدة فى الدار … كل حاجه بوقت وقانون ومعاد …. مش حعرف أتغير كدة مرة واحده ….
_ عايزك تنسى بقى كل إللى فات وكل حياتك فى الدار دى … إبدأى حياتك من يوم ما دخلتى بيتنا هنا … تبقى حياتك من أول ما إتجمعنا سوا هنا و بس … عايزك تنسى خالص كل إللى فات ….
إتسعت إبتسامه “بشرى” بحب فأخيراً أرسل لها الله من يعوضها عن حرمان تلك السنوات الطويله القاسيه ….
_ يلا بقى حبيبتى جهزى نفسك ننزل نصبح على ماما وبعدين نطلع سوا زى ما إتفقنا ولما أروح الشغل بكرة أبقى إنزلى لها وقت ما تحبى أنتى زى ما أنتى عايزة …
_ ثوانى أغير هدومى وأنزل معاك على طول …
قطع حديثهم دق جرس الباب ليتسائل “محمد” بإندهاش …
_ يا ترى مين …؟! معقول ماما هى إللى طلعت لنا …؟!!
حركت “بشرى” كتفها للأعلى وهى تقلب شفتها السفلى قائله …
_ يمكن …!!!
تقدم “محمد” نحو باب الشقه لرؤيه من الزائر بهذا الصباح ليتجهم بضيق عندما فتح الباب فلم يكن يتوقع تلك الزيارة …

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في منتصف الطريق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى