روايات

رواية في منتصف الطريق الفصل الأول 1 بقلم قوت القلوب

رواية في منتصف الطريق الفصل الأول 1 بقلم قوت القلوب

رواية في منتصف الطريق الجزء الأول

رواية في منتصف الطريق البارت الأول

في منتصف الطريق
في منتصف الطريق

رواية في منتصف الطريق الحلقة الأولى

★« مصيبة … »★
دقات قوية تكاد تجزم أن الجميع يستطيعون سماع صوت ضربات قلبها بداخل صدرها من شدة خفقانه ، خاصة فى هذا السكون المظلم الذي لا يقطعه سوى تسلل ضعيف لضوء القمر من هذه النافذة الزجاجية المتوسطة ذلك الجدار الصلد ..
جلست بتوتر وهى تشعر بالبرودة تجتاح كل أطرافها لتضم طرفي جلبابها حول رقبتها تتنسم القليل من الدفء ، لكن برودة أطرافها لم تكن بسبب رياح شتويه أو بروده الأجواء المحيطه بها ، بل كانت من ذعرها الشديد وإرتجافها المتمكن منها ، فهى تدرك تمامًا أن هذه ليلة صيف حارة بعيدة كل البعد عن ليالي الشتاء الباردة …
تدلت بقدميها على الأرض وهى تنهض من فوق فراشها لترتفع ببطء على أطراف أصابعها تتسلل لبضع خطوات وهى تتلفت بعينيها حتى تطمئن أن لا أحد يلاحظ تحركها …
نظرت عدة مرات بإتجاه باب الغرفة المغلق وهى تبتلع ريقها الجاف قبل أن تتقدم نحو الأمام لبضع خطوات أخرى …
إصدمت رغمًا عنها بتلك الطاولة الصغيرة فى طريقها لتتسع حدقتاها العسليتان بفزع وهي تضم شفتاها حتى لا تخرج شهقاتها المفزوعة وهى تسرع باللحاق بذلك الكوب الزجاجي قبل سقوطه أرضًا ويفضح أمرها ويشعر بها أحدهم ..
لم يكن عدوًا للمرء أكثر من نفسه فإحساسها المتزايد بالقلق والخوف تفاقم مع قيامها بتلك الحركات المتسلله وإصطدامها بتلك الطاولة فى هذا الظلام فبعد إمساكها بالكوب شعرت بأن قلبها كاد يتوقف من شده التوتر …
إقتربت أخيرًا تتلمس هذا الفراش أمامها كما لو سارت للعديد من الأمتار وليس بضع خطوات فقط لتصل لوجهتها المنشودة ..
مدت أطراف أصابعها البيضاء الممتلئة بإتجاه تلك النائمة بسكون والملتحفة بغطائها فوق رأسها تهزها بتوتر وعيناها مازالتا معلقتين بباب الغرفة التى يتسلل منها ضوء خافت آتى من خارج الردهة ..
همست بخفوت بإتجاه تلك النائمة تحثها على الإستيقاظ ..
_” نهى ” .. يا ” نهى ” … إصحي بالله عليكِ ..
تمللت “نهى” من نومتها لتحكم غطائها فوق رأسها مستكملة نومها اللذيذ الذى لا تريد الإستفاقة منه ..
أعادت الكره مرة أخرى وهى تزفر بخوف ومازالت عيناها تتطلع نحو الباب ، لتلكز “نهى” بأصابعها مرة أخرى تهزها من كتفها وهي تهمس مناديه إياها بقلق …
_قومي يا “نهى” شوفي المصيبه إللى إحنا فيها …
دفعت “نهى” الغطاء من فوق وجهها بعينان مغمضتان وهى تعيد إحدى خصلات شعرها الثائرة بفوضوية بعيدًا عن وجهها الناعس لتجيب تلك المذعورة الواقفه أمامها بتملل فعيناها الناعستان مازالتا يملؤهما النوم ….
_فيه إيه يا “بشرى” بس .. بالله عليكِ أنا تعبانه أوى وعايزة أنام ..

إمتعضت بشرى فمها بخوف وهى تحث “نهى” على الإستفاقة لتساعدها بإيجاد حل لتلك المصيبة ..
_ يا بنتي قومي .. فيه مصيبة حتحل على دماغنا …
فزعت “نهى ” من ذكر ” بشرى ” لكلمة مصيبة لتعتدل جالسه وهى توسع من حدقتيها ناظرة بقلق نحو “بشرى” التى بدأت ملامحها تظهر أمام عيناها بذلك الظلام المحيط بهما …
لتظهر تلك الفتاة البيضاء هادئة الملامح ذات وجه ملائكي ممتلئ ذو حمرة طبيعية يعطيها مظهر خلاب مع شعرها الأسود الناعم وعيناها العسليتان …
لتردف “نهى” قائله…
_ مصيبة إيه بس؟؟! … أستر يا رب ..
جلست “بشرى” على طرف الفراش بتوتر وهي تنظر لـ “نهى” التى ظهرت ملامحها بعد إعتدالها بضوء القمر المتسلل خلال زجاج النافذة لتظهر فتاة جذابة خمرية ذات عينان واسعتان بلون زيتوني فريد وشعر مموج بلون العسل ثائر بعشوائية أكسبها جاذبيه ساحره …
لتعيد “نهى” سؤالها بقلق …
_ ما تتكلمي يا بنتي وقعتي قلبي .. مصيبة إيه إللي بتقولي عليها …؟!
إبتلعت “بشرى ” ريقها بتوتر وهى تجيبها بنبرة مرتعشة ..
_ إلحقي يا “نهى” قمت من النوم ملقتش الزفته “سوسو” وببص فى الساعة لقيتها واحده … لو أبله “مرفت” عدت دلوقتي وملقتهاش حنروح كلنا فى داهيه ..
زفرت “نهى” برتابة وهى تلقي بجسدها مرة أخرى فوق فراشها تستعد للنوم من جديد …
_ يا شيخة خضيتيني أنا افتكرت فيه حاجة مهمه …
نكزت “بشرى” “نهى” بتوتر لتنهض مرة أخرى …
_ إنتِ حتنامي وتسيبيني فى المصيبة دى ..؟!
إعتدلت “نهى” مرة أخرى وهى تزم شفتها بضيق..
_ وهو إيه الجديد يا “بشرى” …. ما هي “سوسو” كل يوم كدة هو النهارده أول يوم يعني … خلاص بقى … متبقيش خوافه كدة .. وبقولك إيه مش كل يوم تعمليلي الموال ده وتخضيني وتصحيني من أحلاها نومه أنا واحده صحتي على قدي وصاحبة مرض …
كتفت “بشرى” يديها أمام صدرها بتوتر متخوفة من رد فعل أبله “مرفت” إذا كشفت الأمر …
_ أنا بتكلم جد يا “نهى” … صدقيني لو أبله “مرفت” عرفت حنروح كلنا فى داهيه ..
إتسعت عينا “نهى” بغير تصديق من تلك القلقه دومًا لأتفه الأسباب ، لتنهر “بشرى” بعصبية خافضة صوتها حتى لا يسمعها أحد ..
_ إصبرى شويه يا ست انتِ … إفهميني لأجل ربنا … أبله “مرفت” لو عدت وملقتهاش هي إللي حتروح فى داهيه مش إحنا خالص .. ما إحنا متلقحين نايمين فى أمان ربنا أهو مالنا ومالها بقى ..!!!
_ إنتِ شايفه كده … !؟!
_ أيوة … وسيبيني أنام بقى …
لم تعطها “نهى” فرصة للحديث أكثر من ذلك لتلقى بنفسها فوق الفراش ساحبة غطائها فوق رأسها وهى تعتدل باحثة عن النوم مرة أخرى ..
لم تكاد تغلق “نهى” عيناها حتى سمعتا صوت طرقات خفيفة على زجاج النافذة من خلفهما لتنهض “نهى” جالسة مرة أخرى وهى تنظر بملل تجاه النافذة وهى تمتعض شفتيها مردفه بإستهجان …
_ أهى الهانم شرفت … ضاع النوم فى الليلة إللي مش فايته دى …

ثم أشارت “نهى” لـ “بشرى” بإبتسامه عريضة سمجه تصطنعها بمزاح …
_ قومي يا تحفه دخليها أحسن حتفضحنا وحتودينا فعلاً فى داهيه أهى بخبطها ده …
توسطت “بشرى” يديها فوق خصرها بضيق من مزاح “نهى” ..
_ بقى كدة … ماشى …
إتجهت نحو النافذة تفتحها وهى تمد يدها لتمسك بيد “سوسو” تساعدها فى الدخول إلى الغرفة وهى تتحامل على نفسها لتشبث “سوسو” المؤلم بذراعها لتهمس بتهكم …
_ أنا عارفه إنتِ إزاى بتتشعبطي كدة …؟؟!
لتجيبها “سوسو” بثقه وهى تُعدل من ملابسها بعد وقوفها معتدله على أرضيه الغرفة ..
_ أنا “سوسو” يا ماما … مفيش حاجة تغلبني أبدًا …
(( سوسو …”ساميه” فتاة طويلة سمراء جذابة تعشق مساحيق التجميل والتى تضعها بصورة مبالغ فيها فتخفى جمال ملامحها الأصيلة خلف قناع ملون زاهي بتلك المساحيق … لها إبتسامة رائعة وضحكة رنانه ، تتمتع بطيبة قلب وشقاوة منقطعه النظير ..))
أمالت “بشرى” رأسها بحنان وهى تحدث “سوسو” ..
_ يا بنتي والله خايفه عليكِ أحسن تتقفشي فى يوم من أبله “مرفت” …
لوحت “سوسو” بكفها فى الهواء بلا إكتراث وهى تجلس فوق فراشها قائله بلا مبالاة..
_ فكك بقى … متوجعيش دماغى .. وأنتِ عامله فيها أُمنا كدة على طول … يا بنتي انتِ لسه صغيرة … لسه صغيرة .. لسسسسسه صغييييييييرة …. إفهمي بقى وعيشي حياتك .. وإفرحي وإتبسطي بلاش شيل الهم إللي إنتِ فيه طول الوقت دة … دة إنتِ فرحك كمان يومين … فوقي بقى من دور ست الحاجة إللى انتِ عايشه فيه ده …
تمللت “بشرى” بصمت هى بالفعل تتعامل معهم وكأنها أُمهم تخشى عليهم من أى سوء يعترضهم وكيف لا وهم أيتام يعيشون بدار للرعاية لا أم لهم ولا أب ، لطالما ينقصهم هذا الإحساس بأن هناك من يخاف عليهم ويسعى لأجلهم ويحبهم بدون قيد أو شرط ….
هزت “سوسو” رأسها فى خيلاء وهى تدعو “نهى” و “بشرى” للإقتراب منها قائله ..
_ تعالي إنتِ وهى عايزاكم …
رفعت “نهى” يديها تزيد من عشوائيه شعرها المتطاير بحركه كفيها ليعطيها مظهر جذاب يليق بها …
_خير يا وش الخير … إحكي إحكي عن مغامراتك إللى زى وشك ..
رفعت “سوسو” حاجبها بتعالي وقد إرتسمت على ثغرها إبتسامة جانبيه بتهكم …
_ بس يا أختي … ولا تعرفوا تعملوا حاجة من غيرى أساسًا …
قفزت “نهى” لتلتصق بـ “سوسو” بحب ..
_ أكيد والله … إحكي طيب رحتى فين … وعملتى إيه النهاردة … ؟!
_ خلاص أنا و”ميدو” بدأنا الشغل النهاردة … وأدى أولها …
أخرجت “سوسو” من حقيبتها رزمه كبيرة من النقود تلوح بها أمام مرأى “نهى” و “بشرى” لتندهشا بصدمة ليهمسا بغير تصديق …
_ ياااااه … إيه دة كله ..؟؟؟
توجست “نهى” خيفه من ذلك العمل مع المدعو “ميدو” هذا لتشير محذره “سوسو” …
_ عملتى إيه يا بت … إنطقى … أوعى يكون اااااااا ….
ضحكت “سوسو” ضحكتها الرنانة وهي تدرك مقصد “نهى” لتدرك أن صديقتيها أبرياء أكثر من اللازم للتعامل مع البشر خارج أسوار تلك الدار …
_ لا يا أختي متخليش مخك يروح لبعيد انتِ وهي …. إيه شغل الأفلام العربي ده … ده شغل … بيزنس … أينعم الواد عاجبني .. بس أنا برضه “سوسو” … وفيه حاجات كتير أوى تجيب فلوس غير إللي فى دماغكوا دى ….
تسائلت “بشرى” بتخوف فتلك طبيعتها القلقه بحساسية زائدة …
_ مش خايفه منه يا “سوسو” .. ؟!! إنتِ إزاى بتعملي كدة …؟!
رفعت “سوسو” ساقيها لتربعهما أسفلها فوق الفراش وهي تحرر شعرها الأسود من تلك العقصة المؤلمة مردفة بجرأة …
_ لا مش خايفه طبعًا … وسيبك انتِ وهي من الكلام إللي لا بيودى ولا بيجيب ده وإسمعوا بقى المهم …
مدت “سوسو” يدها بالمال لتضعه بأكمله بيد “بشرى” قائله بحب ..
_ خدي دول هاتي بقيه الحاجات إللى كانت نقصاكِ ونفسك فيها يا أحلى عروسة فى الدنيا …
دمعت عيناه “بشرى” تأثرًا بما فعلته “سوسو” للتو فعلى الرغم من أنهن أيتام إلا أن كلاً منهن عوضت البقيه عن فقدانهم لهذا الحنان والحب ، نظرت “بشرى” بغير تصديق ..
_ كل ده … ليا أنا ؟!!
_ طبعاً …إحنا ما صدقنا واحده فينا ربنا تاب عليها من الدار والعيشه دى … أولنا كانت “أمانى” وبعدها أنتى يا “بشرى” … عقبالنا كلنا لما نطلع من هنا ونعيش حياتنا بقى …
ألقت “بشرى” بنفسها بأحضان “سوسو” بتأثر بالغ فقد جمعتهم الدار ليصبحوا أخوات مختلفات الأب والأم …
_ أنا بحبك أوى يا “سوسو” … ربنا يخليكوا ليا وميحرمناش من بعضنا أبداً…
أخفت “نهى” دمعه التأثر من عينيها لتعقب بتذمر طفولى مازح …
_ يا سلام … وأنا ماليش فى الحب جانب ولا إيه ؟؟! … ولا إكمنى فقر مبحبش الفلوس …
أسرعت “سوسو” تفتح ذراعها لتندس “نهى” و”بشرى” بأحضان “سوسو” ليكون لتجمعهم هذا كل الأمان والطمأنينة التى يحتاجونها فقط من الدنيا ….
دمعت عيناهم الساهرة تضئ بسواد الليل بأمل حب أخوى لا يربطه الدم ….
لم تكن “سوسو” بتلك الشخصيه العاطفيه ففكرها دوماً يتمتع بالعمليه البحته لتنهر نفسها لتساقط دموعها لترفع أصابعها الطويله تمسح دموعها التى إختلطت بالسواد المحيط بعينيها لتلومهما بمزاح …
_ بس بقى بوظتولى الآى لاينر …
ضحكت الفتيات بعفويه على طريقه “سوسو” لإنهاء هذا الجو المشحون بتلك العواطف المؤثرة …
إبتسمت “نهى” وهى ترى سعاده “بشرى” بتحصلها على هذا المال لشراء احتياجاتها اللازمه لزفافها أخيراً …
_ يلا يا ستى .. أهى الفلوس جتلك أهى … بكرة بقى أستأذن من أبله “مرفت” وأقولها أنى مش حقدر أدى الدرس بعد الضهر للولاد بتوع الحضانه وأجى معاكم نشترى كل إللى نفسك فيه وبالمرة نعدى على “أمانى” نتغدى معاها زى ما كنا متفقين ….
هبت “سوسو” واقفه لتمسك بشعر “نهى” الثائر بشقاوة وهى تحرك حاجبيها إثنيهما ، لتدنو من وجنتها تقبلها بمزاح ..
_عقبالك يا فقريه …
أخذت “نهى” تمسح وجهها من أثر أحمر الشفاه الذى لطخ وجنتها أثر قُبله “سوسو” …
_بس يا “سوسو” بهدلتينى بالروج بتاعك …
لتستكمل “نهى” معقبه على كلمات “سوسو” كما لو تقصد كل ما تنطق به حقاً من داخلها وليس مجرد كلمات مازحه ..
_ أديكى قلتى … فقريه … يبقى عقبالى إزاى بقى ……!!!
_ زى الناس … يجيلك أنتى كمان الفارس إللى يشيلك على حصانه الأبيض ويطير بيكى وتعيشوا فى تبات ونبات وتخلفوا صبيان وبنات ….
تلاشت إبتسامه “نهى” متحسرة من حالها لتحتل علامات الحزن والإنكسار مردفه بجديه …
_ يااااااا أختى …. قولى بس أخلص الثانويه العامه إللى بقالى فيها ثلاث سنين دى الأول … حييجى على إيه يا حسرة … أقله أخد شهاده وأدخل الجامعه … دة اللى قدى دلوقتى زمانهم داخلين ثالثه جامعه …
ربتت “بشرى” على كتف “نهى” بعاطفه أمومه قويه تخفف من وطأه حزن “نهى” قائله ..
_ يعنى هو كان بإيدك يا “نهى” … ما هو سنه إيدك إتكسرت ومعرفتيش تمتحنى كويس وراح منك ثلاث مواد والسنه الثانيه تعملى الزايده ليله الامتحان وتقعدى فى المستشفى …
سخرت “نهى” من حالها معقبه على توضيح “بشرى” ..
_ مش بقولكم فقريه ….
تعالت ضحكاتهم سخريه على أحوالهم فما يمروا به ليس من إختيارهم بل هو واقع يتعلمون التماشى معه فليس لديهم رفاهيه الرفض أو الإختيار …
هنا تمنت “بشرى” حقا لو أن كلاً منهن تحقق أمانيها وتستقر بحياتها مثلما ستفعل هى لتنظر بحنو تجاه “سوسو” وهى تدعو لها بذلك …
_ يا رب يا “سوسو” أشوفك عروسه ونفرح بيكى أنتى كمان … بس لو تسمعى كلامى وتقللى البويه( الدهان) إللى على وشك ده شويه والله حتبقى أجمل …
برفض قاطع سخرت “سوسو” من تمنى “بشرى” لها بالزواج …
_ لالالالالالاااااا …. جواااز !!!! …لا يا ستى أنا عايزة بزنس … فلوس .. أقب بقى على وش الدنيا واقف على رجلى .. هو ده الأمان بجد … لكن تقوليلى جواز وقرف … لما أقدر أبنى نفسى كويس ساعتها أبقى أتجوز ووقتها يا ياخدنى بالبويه ( الدهان) بتاعتى يا بلاش ….
_ عارفه يا “سوسو” أبله “مرفت” أول ما بتشوف وشك وعليه كل المكياج ده بتتعفرت …
مع تعالى ضحكاتهم خاصه ضحكه “سوسو” الرنانه ، حاولن إخفاء تلك الضحكات بوضع أيديهم فوق فمهم يكتمون أصوات الضحكات حين سمعوا صوت مشرفه الدار أبله “مرفت” قادم من بعيد تضئ مصباح الممر …
لتنبههم “نهى” بخفوت…
_ إششششش …شكل أبله “مرفت” جايه … قوموا أنتى وهى ناموا كل واحده على سريرها مش ناقصه نكد …
أسرعت كلتاهما تستلقى فوق فراشها متدثره بغطاء خفيف حتى لا تكتشف المشرفه إستيقاظهم بهذا الوقت المتأخر …
مرت أبله “مرفت” بغرفتهم وهى تتطلع نحو جميع النائمات لتطمئن بعد أن أقلقتها تلك الأصوات منذ قليل لتتفقد الفتيات وأحوالهن …
تعجبت من إيجادها لهن كلهن نائمات بهدوء وسكينه لتحرك كتفيها بعدم فهم لتعود مرة أخرى إلى حجرتها بعد أن اطمأنت عليهن ….
____________________________________
تقلب بفراشه متمللاً وهو يمد يده على الكومود المجاور له ينظر لهاتفه الذى صدح برنينه لعدة مرات بذلك الوقت المتأخر ليلاحظ رقما غريبًا يتصل به ، إعتدل متأففًا وهو يضغط زر ذلك المصباح الموضوع فوق الكومود لينير المحيط المجاور له قبل أن يستند بظهره إلى الوسادة متفكرًا هل يجيب هذا المتطفل الذى يتصل بذلك الوقت أم يتركه غير عابئ بإتصاله …
_اووووه … فيه حد يتصل بحد الساعة إتنين بالليل بالمنظر ده …
ليزفر بضيق مقرراً الرد على هذا الإتصال فيبدو أنه على وشك أن ينفجر به إذا لم يكن الموضوع يستحق قلقه بتلك الساعة المتأخرة …
_ ألو … أيوه .. مين ؟!!
إنتفض بذعر من جلسته المريحة ليكمل بغير تصديق لما تسمعه أذناه …
_ إيه … إزاى دة حصل …؟! أنا جاى حالاً ….
هب واقفًا بعجالة ليخرج ملابسه الرسمية ليرتدى حلته السوداء ذلك اللون المفضل له دومًا ليعود بخطوات متعجله نحو الكومود يحمل هاتفه وهو يتصل بأحدهم أثناء خروجه من غرفته الفخمة بخطوات سريعه ليهتف بحدة وصرامة أثناء تحدثه بالهاتف …
_ أيوة يا “حازم” … فوق معايا … أنا “فاروق المالكى” ….
_ ااا … ايوة يا فاروق بيه … أنا آسف والله كنت نايم …
_ بسرعه تعالالي أنا نازل حالاً …
_ حاضر يا “فاروق” بيه …
أنهى إتصاله وهو يضغط على شفتاه بقوة من شدة توتره و قلقه …
(( فاروق المالكى … شاب قوى البنية ذو عينان سوداوتين وشعر أسود حالك ولحية نابته قصيرة أعطته وقارًا وهيبة لتزيد من رهبته بتلك الطلة العابسة ، شاب لا يعرف للضحك عنوان ، الإبتسامة بحياته رفاهية مرفوضة تمامًا ، يتمتع بجدية تناسب عائلة المالكى ليسمى بفاروق تيمنًا بإسم جده حفيدًا لعائله المالكى العريقة …))
أسرع بخطاه عابرًا تلك الردهة الطويلة متجها إلى أسفل بهو هذا القصر الفخم وهو يهتف بصوته الجمهورى الذى يهز أرجاء المنزل إضطرابًا حين يسمعه العاملين بالقصر …
_”ناااادر” ….
أقبل أحد العاملين تجاه “فاروق” تلبيه لنداءه بإرتباك ملحوظ فليس من عادة “فاروق” السهر لذلك الوقت لا سيما وأن أى تأخير سيلاقى بجزاء شديد من قبله ليردف برضوخ ….
_ افندم يا “فاروق” بيه …
بوجه متجهم وحدة معتاد عليها أمر “فاروق” “نادر” قائلاً…
_ حضر لى الحرس والعربية حالاً و حد يطلع ينادي لى “عليا” هانم و”فريده” هانم بسرعة …
_ أوامرك يا “فاروق” بيه …
أسرع “نادر” يخبر “إعتماد” مدبرة المنزل بما أمر به “فاروق” لتسرع لتلبية أمره على الفور ..
أخذ “فاروق” يتحرك بتوتر بإنتظار حضور “عليا” و”فريده” غير قادر على الإنتظار بكل ذلك التأخير ليصرخ مرة أخرى بحده إهتز لها جميع من بالقصر …
_ بسرررررعه ..
ليستمع لتلك الخطوات المهرولة تجاهه دون النظر إليهم ليبقى وجهه ثابتًا بنفس إتجاهه بإنتظار إلتفافهم هم إليه وليس العكس …
إرتجاف شديد سرى بأوصال كلاً من “عليا” و”فريده” عند سماعهم صوت فاروق الغاضب لتندفع ضربات قلبهم رعباً فلابد أن هناك حدث جلل سبب كل هذا الغضب بذلك الوقت المتأخر لتهمس “عليا” بإتجاه “فريده” قبل إقترابهن من “فاروق” بقلق …
_فيه إيه يا “فريده” ؟؟ ماله “فاروق” متعصب أوى ليه دلوقتِ ..؟!
((عليا … هى زوجه أخيه “فايز” .. امرأة على مشارف عقدها الثالث طويله خمريه البشرة تهتم بالأزياء والموضة فقط ، لكنها دومًا ترتدى ملابس فاضحة لا تليق من وجهه نظر “فاروق” لما تتسم به ملابسهها من ضيق شديد أو كاشفه لمعظم جسدها النحيل لكنها فى النهاية زوجه أخيه الكبير وليس من شأنه التدخل فى فرض رأيه والتحكم بملبسها فأخيه أحق بذلك …))
زاغت عينا “فريده” بتخوف لتجيب “عليا” بهمس متوتر بلعثمه شديده …
_ ااا نا… عـ عااااارفـ…ـه … خخللـ…ييناااا …ننزل … نـ.. نشووف …. ششكله ….. متتتعصب …. عععلى … الاااااااخر …..
((فريده … الأخت الصغرى لكلاً من “فايز” و”فاروق” .. بعد وفاة والدها وإنشغال “فايز” الأخ الحنون عنها بعد زواجه ومرضه أصيبت بحالة نفسية جعلتها تتعثر فى الحديث بصورة قوية وملحوظة خاصة عندما تتوتر أو تخاف ، نصحها الأطباء بالإبتعاد تمامًا عن أى شئ يسبب لها التوتر أو الخوف ، لكن ذلك يعتبر من المستحيل بحياتهم فالتوتر شئ أساسى بذلك البيت …))
إقتربتا من “فاروق” الناهج بضيق لتزدرد “عليا” ريقها بقلق مردفه …
_ خير يا “فاروق”… إيه إللى حصل ..؟!
زفر “فاروق” بقوة ليجيب “عليا” دون النظر لكلتاهما ..
_عمى “عزيز” و”فايز” عملوا حادثة ونقلوهم المستشفى ولازم أروح لهم دلوقتِ حالاً …
حركت “فريده” رأسها رفضاً لفكرة إصابة “فايز” الحنون بأذى لترتسم نظرات مذعورة حزينه بأعينها لتهتف بخوف …
_ إيييييييه …. “ففففااااايز” …..
بغير تصديق هتفت “عليا”…
_ إزاى ده حصل؟؟؟ …. أنت بتقول إيه؟؟؟ … أنا طالعه أغير هدومى وجايه معاك على طول …
أسرعت “عليا” تتحرك بإتجاه السلم لتصعد نحو غرفتها لتبدل ملابسها لمرافقه “فاروق” إلى المستشفى …
تيبست أطراف “فريده” بغير تصديق مما أخبرها به فاروق للتو …
أدار “فاروق” وجهه تجاه “فريده” المرتجفة موجههًا حديثه لـ”عليا” ومازالت عيناه ثابتتان على أخته “فريده” المذعورة ..
_ خليكى هنا يا “عليا” مع “فريدة”… وأنتِ أهدى شوية يا “فريده” … أنا حبقى أطمنكم ..
إستدارت “عليا” لترفض أمر “فاروق” لهم بالبقاء ..
_ لأ طبعا… أنا لازم أروح أطمن على “فايز” …!!!
لتضيف “فريده” إصرارها هى الأخرى على الذهاب ليطمئن قلبها ..
_ و وو أناااااا ….
لم يكن بقاموس “فاروق” كلمه بمعنى حنان أو شفقه ليكمل أمره بحزم صارم …
_ أنا مش حستنى حد … أنا ببلغكم باللي حصل وخلاص … لو عايزين تروحوا خلى السواق يوصلكم …
لم ينتظر “فاروق” سماع رأيهم أو حتى يهتم له ليخطو بتعجل تجاه “حازم” الذى حضر للتو ليرافقه ذاهبين إلى المستشفى…
بينما تجهزت كلاً من “عليا” و”فريده” للحاق بـ”فاروق” بسيارة أخرى للذهاب إلى المستشفى والإطمئنان عليهم فلم تكن بحسبانهم تلك المصيبه التى وقعت برؤوسهم أبداً ….
__________________________________________
المستشفى…
تقدم “فاروق” بصحبه حرسه الخاص و”حازم” مدير أعماله بخطوات جاده مسرعه لداخل المستشفى متجهين إلى قسم الطوارئ حيث يوجد أخيه”فايز” وعمه”عزيز” كما تم إعلامه ..
إنتظر “فاروق” خروج الطبيب بتوتر قلق ليلاحظ قدوم عليا وفريده لينضما إليه بإنتظار أى خبر يطمئنهم عنهم ..
إلتفت “فاروق” على صوت أحدهم وهو يقترب من “عليا” متسائلاً بدهشه …
_عليا !!! …
_ خالد ..!!
تطلع “خالد” بوجوه العديد من الرجال اللذين يقفون بوجوم شديد قبل أن يتسائل مرة أخرى …
_خير يا “عليا” … فيه إيه واقفه ليه كدة .. حد تعبان بعد الشر ولا حاجة …؟!!
بقلق شديد أجابته “عليا” وهى تتابع نظرات “فاروق” الناريه نحوهم ..
_ “فايز” جوزى عمل حادثه هو وعمه “عزيز” و مستنيين نطمن عليهم …
أخذ “فاروق” يرمقهم بغضب وهو يتفحص “خالد” من رأسه لأخمص قدميه بتقزز حين باغته متسائلاً بإستحقار وهو يوزع نظراته بين “عليا” و”خالد” …
_ مين حضرتك ؟؟! مش تعرفينا يا “عليا” … ولا إيه… ؟!.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في منتصف الطريق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى