روايات

رواية في لهيبك احترق الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم شيماء يوسف

رواية في لهيبك احترق الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم شيماء يوسف

رواية في لهيبك احترق الجزء الرابع والعشرون

رواية في لهيبك احترق البارت الرابع والعشرون

في لهيبك احترق
في لهيبك احترق

رواية في لهيبك احترق الحلقة الرابعة والعشرون

“يا حبيباً إذا حننت إليه ، حنّ في رقتي عليه حنيني
أنت شخصان في الفؤاد ؛ فشخص ٌ، عند ظني ، وآخر في يقيني
واحد كيف شئت أنت ، وثانٍ ، كيفما شئته أنا وظنوني
لا بهذا رحمتني أو بهذا ، بل بعقلي عذبتني وجنوني !
أملي فيك كالخيال على المــرآة كذب مصور للعيون !”
-الرافعي
فى بعض الأوقات ، وخاصة العصيبة منها ، حيث تبدل الأحوال ونزول الأهوال ، وما بين إدراك الحدث وإنكاره ، ثم تلك المسافة الطويلة التي يقضيها الكائن الحى فى تقبل الصدمة ، توجد تلك المرحلة الأخيرة ، التى تلى الصراخ والغضب ، الأنغلاق العاطفى وجلد الذات ، إتهام الأخرين وإلقاء اللوم عليهم ، حيث نجد أنفسنا مستعدين لمواجهة المستقبل ، بل والبدء فى إعادة رسمه من جديد ، بكل تطلعاته وأماله ، وحتى وإن خالطت آلالام الخسارة الفرح ، ستظل هناك مساحة من الحب والثقة بالأخرين ، فغالباً تبدو الحياة بعد الأزمات أكثر سوداوية وهشاشة ، ولكنها أيضاً تصبح ذات معنى أكثر من ذي قبل ، وهذا تحديداً ما مر به خلال الثمان أشهر المنصرمة ، منذ فاجعة فقدان شقيقه ، حتى لحظته تلك ، حيث يقف هنا ، على أرضية بلد أجنبى غريب عنه ، كى يخطو أخر مراحل شفائه ، ثم العودة إلى موطنه كإنسان جديد ، أعمق وأقوى ، والأهم غارق فى العشق ، عشق تلك الرحمة التى أُرسلت إليه فى ذلك الوقت تحديداً ، لا قبله ولا بعده ، فقط فى الزمن المثالى للأخذ بيده نحو التعافِ والنجاة ، أبتسامة خفيفة ناعمة أحتلت ثغره بمجرد وصول تشتت أفكاره إلى عتبتها ، وقد أصبحت كل صحواته وغفواته ، شروده ويقظته ،ثورته وردات أفعاله توصله إليها ، كما كانت كل الطرق تؤدي إلى روما ، مثلث الحياة .
ومع حركة خفيفة قادمة من خلفه ، جعلته يلتفت برأسه متحرياً عن مصدرها ، أتسعت أبتسامته المرحبة السعيدة ، فى تحيية تقدير إلى ذلك المتفانى ، والذى لم يدخر جهداً فى الوصول إلى الحقيقة فى وقت قياسى ، هتف التحرى الخاص مرحباً بمستأجره :
-(( مرحباً بقدومك سيد طاهر .. أرجو أن تكون رحلتك مريحة وآمنة )) ..
سارع طاهر بتقديم يده فى تحيية ممتنة حارة ، مؤكداً برضا :
-(( ممتازة .. مستحيل بعد الأخبار اللى قلتهالى دي رحلتى تبقى فيها أى مشاكل )) ..
حرك ماكسيم رأسه متفهماً حماس الأخير ، بينما أستطرد طاهر حديثه يسأل بلهفة ألتهمت ملامحه قبل تغليفها نبرة صوته :
-(( ها طمني .. فى جديد ؟! )) ..
أجابه التحرى الخاص وقد تحولت نبرته للعملية فى لحظة واحدة :
-(( فى الحقيقة .. هناك خبر محبط أريد إخبارك به قبل الجيد )) ..
تنبهه طاهر بكل حواسه ، فى حين أردف المستقصى يضيف بجمود :
-(( أنه خاص بالقاتل الفعلى .. فللأسف يبدو أن هناك من أخبره ببحثنا عنه ، لذا عند وصولنا مسكنه وجدناه فارغاً منه ولكن )) .
هتف طاهر يسأل بلوعة ويحثه على الأستئناف :
-(( ولكن أيه بس !!! )) ..
أبتسم ماكسيم فى تفهم ثم قال بثقة :
-(( جميع رجالى بالتعاون مع أحد أصدقائى القدامى والذى لازال يعمل شرطياً فى أمستردام .. يتقفون أثره .. وخلال يومان أو ثلاث على أكثر تقدير سنقف أمامه لا تقلق .. كما أننى طلبت إذن تسجيل من النيابة .. فالخطة كالتالى عند الوصول إليه سنحاول أستدراجه للأعتراف بالجريمة كاملة ومن خلفها والمدبر الأساسى لها .. وفى تلك الحالة نستطيع مخاطبة الأنتربول الدولى لتسليم القاتل والمخطط إلى الشرطة حتى يلاقوا جزائهم حسب القانون )) ..
صمت ماكسيم لوهلة يتفرس ملامح طاهر الثائرة مع نظرة عينيه المتوعدة ، قبل أن يقول بأرتياب مضيفاً :
-(( سيد طاهر .. أتوسل إليك الألتزام بأقصى درجات ضبط النفس .. فبعد كل ما مررنا به .. لا أريد أن يتسبب غضبك فى إفساد كل شيء )) ..
أومأ برأسه موافقاً على مضض ، ثم قال بأرهاق مخلوط بضيق واضح :
-(( ربنا يسهل إن شاء الله .. ودلوقتى بما أن موصلناش لحاجة .. خلينى أروح الأوتيل أحط شنطتى وأغير هدومى وبعدها عايزك تحكيلى بالتفصيل الراجل التانى فى الجريمة أعترفلك بأيه )) ..
تمتم التحرى مؤكداً طلبه وهو يمد ذراعه إلى الأمام كى يتقدمه الأخر فى السير :
-(( بالطبع .. فى المساء سأطلعك على كافة التفاصيل مع تقرير مفصل بكل تحركاتنا أيضاً )) ..
**********************************
شهقة إعجاب خافتة صدرت عنها بعدما خطت بساقيها نحو الداخل تتأمل المنزل من حولها بألوان جدرانه الهادئة ، وتأثيثه المُنتقى بلمحة عصرية فاتنة ، مع تلك القطع النحاسية المُزينة أركانه هنا وهناك ، جعلته يتعجل فى وضع حقائب ملابسها الجديدة كلياً ، حتى يُفرغ كفه المشغول ويحاصر بذراعه نهاية جذعها بخيلاء وإبتسامة الفاتح المنتصر تُزين وجهه ، وهو يستمع إلى نبرتها المفتونة مع لمعة عينيها المنبهرة حيث قالت :
-(( بدر .. البيت حلو أوي أوي .. زي اللي بشوفه في الأفلام القديمة .. هو خلاص بجد بقي بيتي ؟! )) ..
أجابها مزهواً بأنجاز لم يشارك به :
-(( طب كويس أنه عجبك .. وأه من هنا ورايح بقي بيتك وكل ما فيه تحت أمرك )) ..
دارت حول نفسها حالمة بعدما فردت ذراعيها فى الهواء ، تاركة شلالها الذهبى يتطاير من خلفها متمتمة بسعادة :
-(( أنا بحبك أوي .. أوي يا بدر )) ..
تابع بعينيه تعبيرها الطفولى عن سعادتها ، ثم عقب قائلاً بحنو :
-(( وأنا كمان بحبك يا عمر بدر )) ..
صمت لوهلة شارداً فى الفراغ أمامه قبل أن يقول على مضض :
-(( بس برضة بضايق كل ما أفتكر نظرة ماما لما عرفت أننا خلاص ماشيين .. مكنش ينفع يا أفنان أعتمد عليكى تمهديلها مشايننا زى ما طلبتى .. وفى الأخير أكتشف أنك خفتى تقوليلها .. وهى تتفاجئ بأننا واخدين الشنط وطالعين كدة !! )) ..
ضغطت فوق شفتيها بعدما توقفت عن الدوران ، ثم قالت بدلال مدعية الذعر بعدما دنت منه وألتصقت بجسده تحاول تفادى الموقف :
-(( والله خفت وأتكسفت .. خفت تزعل منى وكنت كل ما أجى أتكلم لسانى يتربط زى اللى عامل عملة .. وبعدين أتكسفت تسألنى عن السبب وتعرف أننا ماشيين عشان نبقى على راحتنا .. وأنا غلطت وعارفة أنك زعلت بس وحياة أغلى حاجة عندك ما تزعل .. أعتبرنى عيلة وغلطت .. ولو عليها هروح أبوس إيديها وأراضيها )) ..
أردفت بنبرة هامسة مبحوحة بعدما تعمدت التحرك وهى لازالت ملتحمة به مما أدى إلى أحتكاك تضاريس جسدها بمثيله :
-(( وأنا مستعدة لأى عقاب .. بس أفتكر أنى يتيمة وغلبانة ومليش حد حنين عليا غيرك )) ..
تنهد مطولاً ثم سأل مستفسراً بأنفاس غير منتظمة :
-(( هى الدكتورة قالتلك هتخفى أمتى )) ..
أرتخت ملامحها وتنفست الصعداء بعدما أستطاعت تغيير دفة الحدث والحديث إلى حيث تريد ، ثم إجابته بعدما طبعت قُبلة خاطفة فوق وجنته وركضت كالطفلة المشاكسة تستكشف باقى غرف المنزل :
-(( لسة خليك متعذب شوية )) ..
********************************
خلف الطاولة الجانبية الصغيرة ، وتحديداً فوق أحد مقاعد الفندق الوثيرة ، جلس يستمع متيقظاً بكامل حواسه إلى حديث ذلك الجالس قبالته ، عارضاً عليه من خلال تقارير ورقيه وصور فوتوغرافية كل ما توصل إليه ، منذ لحظه هبوطه الأراضى الهولندية ، حتى يومهم هذا ، وبعدما أستمع إلى التفاصيل المبدئية ، رفع طاهر بأطراف أصابعه أحدى الصور الفوتوغرافية العائدة إلى مرتكب الجريمة ، متسائلاً بنبرة خفيضة محملة بالعدائية وشعور أخر غريب ، مزيج من الغضب ، الحرقة والأرتياح :
-(( يعنى ده .. اللى قتل عمرو أخويا .. وخلى رحمة تشيل القضية من أولها )) ..
كان حديثه أجابة أكثر منه بسؤال ، ورغم ذلك ، بادر ماكسيم يجيبه مستفيضاً فى الشرح :
-(( بعد أعتراف شريكه الثالث .. وتطابق شهادته مع ظنونى السابقة ودفاع السيدة رحمة .. نعم سيد طاهر .. هذا هو الرجل .. ذو الجنسية البولندية .. والذى كان يقطن على أرتفاع طابقين من طابق شقيقك الراحل .. وهو من غادر البلاد ضمن ثلاثتهم حيث أمستردام .. هنا .. ولم يغادره منذ ذلك الحين )) ..
سحب نفساً عميقاً زفره بعدها بترو وعلى مهل ، عله يساعده فى أخماد الحريق المستعر داخله ، معاكساً بذلك كافة القوانين الطبيعية ، قبل أن يقول بهدوء ، أثار ريبة وأستنكار البلجيكي ذو الدم البارد :
-(( وكدة كل اللى شرحته من فترة كان صح .. ال٣ دخلوا البلد عشان يغطوا على بعض .. وسافروا بعد ما القاتل المحترف خلص مهمته .. وطبعاً كدة الجريمة هتتوزع عليهم هما ال٣ مع المحرض الأساسى ؟! )) .
قال ماكسيم نافياً :
-(( لا سيد طاهر .. فكلاً من الشريك الثانى والثالث كانوا فقط للتمويه .. ولم يتدخلا فى عمل القاتل على الأطلاق .. هو من قام بتنفيذ كامل أركان الجريمة بنفسه .. طبقاً لأقوال الرجل الواشى بالطبع .. لذا سيتم محاكمة كلاً من القاتل والمحرض فقط على الأغلب )) ..
تمتم طاهر دون شك :
-(( قصدك رائف .. الشافعى .. زى ما قال )) ..
أومأ التحرى برأسه موافقاً ، ثم أضاف بعدما أنتصب فى وقفته مستأذناً الرحيل :
-(( تماماً .. الأن تبقى لنا الخطوة الأخيرة وهى إلقاء القبض عليه .. ثم دفعه إلى الأعتراف المسجل بطريقة تنفيذ الجريمة حتى يتنسى لنا تقديمه للعدالة وأغلاق القضية .. وحتى ذلك الوقت .. سأعود إلى مباشرة عملى وأنت يمكنك قراءة أعتراف “باولو” كامل من خلال الأوراق التى أمامك .. ثم الأستراحة من عناء السفر .. أعتنى بنفسك جيداً سيد طاهر )) ..
أعتدل طاهر هو الأخر من جلسته ، وسار خلف التحرى حتى وصل إلى باب الخروج وألقى تحيية الوداع عليه ، ثم وجد نفسه يعود تلقائياً بأدراجه إلى حيث هاتفه ، وكل ما يريد فعله تلك اللحظة هو التحدث إليها وطلب العفو ، وكأن كل حياته تتوقف على هذا الفعل ، فمنذ أستماعه إلى المخطط القذر وكيفية توريطها فى تلك القضية ، ولا تنفك صورتها وهى تخبره بحادثة أصابة كتفها ومدى الألم الذى أعتلى ملامحها وقتها ، صراخها كل ليلة عندما يراودها ذلك الكابوس المزعج عن الحادثة المشئومة ، معاناتها عندما تهاجمها تلك النوبة المرضية اللعينة تقفز أمام مخيلته ، يود لو يركع أمامها الأن طالباً السماح عن كل ما بدر منه ، متهادياً إليه بعد الجرس الثالث صوتها الناعم ، بعدما حاولت هى قدر الأمكان السيطرة على اللهفة التى غلفته :
-(( ألو طاهر )) ..
تنهد مطولاً ثم قال بحرقة :
-(( عارفة .. مستعد أدفع نص عمرى وأكون قدامك دلوقتى أو تكونى قدامى )) ..
أتسعت إبتسامتها حتى شعرت بالألم يوخز جوانب فمها ، قبل أن تسأله بتمنى :
-(( طب أيه اللى منعك ؟! )) ..
قال بعجز :
-(( أنتى )) ..
رددت من خلفه بأستنكار :
-(( أنا !! .. أزاى؟!! )) ..
قال معتذراً :
-(( لازم أجبلك حقك .. وعشان كده أنا أسف .. عن كل اللى حصلك حتى لو مكنتش سبب فيه )) ..
هتفت تسأله بقلق ، وقد أثار حديثه ريبتها وذعرها :
-(( طاهر أنت فين ومسافر ليه ؟! )) ..
أجابها بأقتضاب رغماً من نبرة الحنان التى لازالت تغلف حديثه :
-(( هتعرفى بعدين .. وعد لما أرجع هقعد معاكى ونتكلم فى حاجات كتير وهشرحلك كل حاجة )) ..
قالت معترضة :
-(( طب وفرح علياء ؟! .. هتلحق تيجى قبله .. دول كلهم ٣ أيام )) ..
أجابها مطمئناً وراجياً :
-(( إن شاء الله هاجى فى أسرع وقت عشانك قبل أى حد .. ولو ملحقتش فرح علياء ومكنتش جنبك .. أوعدينى تاخدى بالك من نفسك )) ..
همهمت مستسلمة بنعومتها المعتادة قبل أن يستطرد هو حديثه قائلاً برجاء :
-(( مش عايز أقفل .. ينفع نتكلم لحد ما أنام )) ..
رغم تفاجئها من بساطة طلبه ، ألا أنها شعرت بأجنحة الفراشات الحالمة ترفرف داخلها ، حماسة وسعادة من تجربة جديدة ، تختبرها معه هو خصيصاً دوناً عن الجميع ، ولا تملك سوى التطلع إليها كالطفلة الصغيرة ، تزور مدينة الألعاب لمرتها الأولى .
******************************
بعد مرور يومان
خطى بساقه اليمنى الفاصل الحديدى بين الجدران العفنة والهواء الطلق ، ينظر حوله يميناً ويساراً بأشمئزاز واضح من الجميع حتى من جلده وملابسه ، قبل أن يرفع رأسه على صوت مساعده يهلل مرحباً بإفكه المعتاد :
-(( الدنيا نورت يا باشا البشوات كلها .. حمدلله ع السلامه وكفارة )) ..
حدجه رائف بنظرة مزدرية ، تعكس مدى حنقه وغضبه من الجميع ، حتى من ذلك الواقف أمامه ، والذى لا يتوانى أبداً فى ارضاءه مهما كلفه الأمر ، ثم هتف متسائلاً بنفاذ صبر :
-(( خلصنى عشان معنديش وقت أضيعه .. عايز أروح البيت أستحمى من القرف ده وأغير الهدوم الملوثة دى .. قولى اللى طلبته منك جاهز ؟! )) ..
هتف مساعده يسأله ببلاهة وهو يحك مؤخرة رأسه بكفه :
-(( أى طلب يا باشا فيهم ؟! )) ..
صاح موبخاً بعصبية :
-(( أنت غبى !! .. كلهم )) ..
هنا هتف يده اليمنى مؤكداً :
-(( ااه يا باشا .. أه كل اللى أمرت بيه أتنفذ .. الشهادات إياها اللى حضرتك طلبتها جاهزة ع التسليم وقت ما تدينى الأوك .. وبالنسبة للعامل اللى شال الليلة بدالك .. الفلوس أتحطت فى البنك بأسم مراته زى ما هو طلب .. والبيت اللى أشتريناه لعياله برضة أتسلم .. والفيديو اللى سجله على نفسه ووصل الأمانة عشان لو فكر يغدر بينا معايا وكله فى الأمان )) ..
قاطعه يسأل بعدما أستمع إلى تنفيذ أوامره :
-(( والموضوع التانى ؟! )) ..
قال كريم شارحاً :
-(( أتفقت مع واحد شبح هيراقبه كام يوم لحد ما يستدرجه لحتة مقطوعة وبعدها بح .. يقطع رقبته زى ما طلبت .. بس يا بـاشــا )) ..
سأله بنفاذ صبر :
-(( بس أيه بالظبط أنطق )) ..
أجابه الخادم قلقاً :
-(( طاهر مش سهل أباشا .. وممكن يشك أو يكون واخد حذره خصوصاً لو عرف بخبر خروجك .. ما تخلينا فى الأمان ونعمله جريمة معتبرة زى أخوه .. محدش يعرف يجيب قرارها .. عشان نكون فى الأمان بس )) ..
قال رائف بغل ضاغطاً على أسنانه :
-(( عايز أخد أجله فى أسرع وقت .. مش هسيبه لتانى مرة ياخد حاجة أنا عايزها من أيدى .. موته أهونلى .. بس عمتا سبنى كدة يومين أعيد ترتيب حساباتى يكون هو كمان رجع من السفر زى ما عرفت .. وهبقى أديك الأشارة تنفذ .. والجواب .. سلمه وأنجز .. أكتب عليه يسلم ليد رحمة خصيصاً وشوف أى ساعى مضمون من بتوعنا يوديه البيت .. عايز أنتهز فرصة سفره عشان يرجع يلاقى الدنيا مقلوبة عليه .. وقتها هيتشتت ونعرف ساعتها نخلص عليه بسهولة )) ..
عاد بجسده خطوتين للخلف يستطرد بفضول :
-(( أه صحيح .. ال**** التانية لسة مرمية فى البيت ؟! )) ..
أجابه مساعده بثقة :
-(( معتبتش براه )) ..
حرك رأسه موافقاً قبل أن يقول بتوعد :
-(( طب أطلع بيا على البيت .. خلينى أشوف شغلى معاها )) ..
وبعد حوالى الساعة ونصف أخرى من التكدس المرورى ، أستمعت إلى وقع خطوات أمام باب المنزل يليها قلقة مفاتيح ، ثم ظهوره يقف بكامل هيئته وإعصاره أمامها ، بعدما أنقطعت أخباره عنها ، وظنت بالخلاص أو زهده بها ، فهمست تغمغم برعب ، خاصة بعدما رأته يهم بخلع حزام بنطاله :
-(( رائـــف !! )) ..
قال مؤكداً وهو يضغط على حروف كلماته بينما يتقدم بخطواته منها :
-(( أيوة رائف .. اللى بسببك أترمى ١٠ أيام فى زنزانة مع شوية ***** .. بس أدينى رجعتلك .. عشان نكمل الحفلة اللى سبتها فى نصها فكراها ؟؟ )) ..
صرخة مدوية صدرت عنها عند ملامسة السطح الجلدى الخشن لجسدها الغير متعافى ، يليه عدة صرخات مستنجدة راجية ، مستمتعاً هو بتلك التوسلات التي تخترق أذنه فيزيد من بطشه متلذذاً بعجزها وقلة حيلتها أمام قوته .
*******************************
-(( علمنا مكانه سيد طاهر .. لقد تم العثور عليه مختبأ فى أحدى الضواحي القريبة من مدخل العاصمة .. وهو الأن فى قبضة يدنا .. عشر دقائق وستجدنى بأنتظارك فى طابق الأستقبال .. حتى نذهب إليه سوياً )) ..
كلمات ، سقطت على روحه المنهكة كتهاويد المساء ، حيث أعتادت والدته قديماً ، دفعه إلى النوم من خلالها ، ولعدة لحظات تعقد خلالها لسانه ، وتطايرات الأحبال من حنجرته ، وجد أخيراً كلماته ، فهتف يقول بلهفة ، بينما ساقيه تسبقه إلى موعد اللقاء :
-(( ثانية وهتلاقينى مستنيك تحت )) ..
عجيب هو أمر العقل البشرى وقدرته على التحكم بكامل تصرفاتنا ، بل وسرعته فى تحويل الأنسان خلال لحظةً واحدة ، من عقلية متحضرة ، إلى كائن همجى متعطش للدماء ، كل ما يُشغل تفكيره هو ممارسة العنف ، كحاله الأن ، تظل تقفز داخل مخيلته مئات الصور والمشاهد الأنتقامية ، كمصاص دماء محترف ، كل ما يتوق إليه ، هو الفتك بضحيته ، ثم يأتى الندم لاحقاً ، جاذباً بعد فترة ليست بقليلة أستغرقها كاملة فى تخيل السيناريوهات التى سيقوم بها فور رؤيته ، صوت التحرى يطالب بتوسل للمرة الأخيرة :
-(( ها هو الكوخ سيد طاهر .. وأود أن أذكرك للمرة الثالثة بضبط النفس .. فنحن لا نريد إفساد الأمر برُمته عند تلك المرحلة )) ..
سحب نفساً عميقاً ثم عد حتى العشرة قبل أن يحرره ، ثم قام بتكرار فعلته مرات لم يُحصى عددُها ، حتى أنتظمت أنفاسه ، وسكنت ملامحه ، قبل تبخر كل ذلك بعد نظرة واحدة ، ألقاها على الغادر مكبل اليدين ، فسارع بالركض نحوه ، يسدد اللكمات فوق سائر جسده دون المساس بوجهه ، وكأنه متمرس فى فنون القتال النظيف ، صائحاً بأهتياج :
-(( اللعنة عليك .. أنت من فعلتها أليس كذلك ؟! .. أنت من أهدرت دماء أخى .. وورطت زوجتى فى تلك القضية )) ..
أبتسم القاتل المأجور عن ملئ فاه ، قبل أن يقول مثيراً أعصاب الأخير :
-(( أتقصد تلك الشرقية الفاتنة ؟! .. لازالت أتذكر ملمس جلدها الناعم أسفل يدى .. فكما تعلم أنا من قمت بخلع ثيابها عنها حتى تبدو كالعاهرة .. وأستمتعت وقتها بمطالعة مفاتنها كيفما شئت )) ..
صرخة مدوية صدرت عنه ، قبل أن ينقض بجسده عليه ، ويقبض بكفه على عنقه ، صائحاً بأهتياج :
-(( سأقتلك .. إذا تحدثت عن زوجتى ثانية سأتولى مهمة تحقيق العدالة بنفسى .. أيها اللعين )) ..
هنا تدخل ماكسيم بعدما أشار إلى إثنان من رجاله ، يركض نحو طاهر ، محاولاً بكل قوته الفصل بينهم ، وبمساعدة الرجال ، أستطاع القاتل الافلات من بين براثنه ، بينما بقى طاهر مكبلاً بين يديهم بعدما أشار لهم ماكسيم طالباً السيطرة عليه ، فى حين أستطرد القاتل يقول بأستفزاز صريح :
-(( إذاً .. أنت من فاز بها .. لقد آمنت الأن بأن للقدر تصاريف أخرى ))..
سأله ماكسيم بفراسة بعدما ضيق عينيه فوقه :
-(( أفهم من حديثك السابق أنك تعرفها بشكل شخصى ؟! .. ومن أجلها تركت عملك ناقص .. أم أنا مخطئ )) ..
أرتفعت زواية فم البولندي بأبتسامة أستخفاف ، ثم قال بخفة لا تتماشى مع الموقف :
-(( هيا ماكسيم .. يُشاع فى المدينة أنك فطين .. فهل تعتقد أن قاتل مثلى .. سيترك تلك الثغرات ألا عن عمد )) ..
بدءت ملامح طاهر الثائرة فى الأرتخاء خاصةً بعد الجملة الأخيرة ، فها قد أوشكوا على تسجيل أعترافه ، بينما هتف ماكسيم يقول بعدما تبادل نظرة خاطفة مع طاهر :
-(( لا .. بالطبع .. فعملك دائماً ما كان نظيف وكامل .. ألا تلك المرة .. حتى ظننت أنه ليس أنت من قام بها )) ..
قال الرجل بزهو مدافعاً عن عمله :
-(( لا عزيزى .. لقد تعمدت ترك ثغرات بالقضية .. فذلك المغفل المصرى من قام بالتواصل معى .. طلب منى فقط توريط الشرقية بتلك القضية .. وليس إيصالها إلى عتبة الأعدام .. وبعد عدة أيام من مراقبتها .. والأحتكاك بها مرة واحدة .. عن طريق الصدفة طبعاً .. وتجاذبت معها أطراف حديث مختصر .. قررت أخراجها من تلك الورطة .. بترك ثغرات بسيطة تُشير إلى .. فقد فتنتنى نعومتها .. ولون بشرتها المثالية .. وكم وددت لو أتاحت لى الفرصة فى العودة إليها .. وتعليمها فنون العشق ))
زمجرة قوية صدرت عن طاهر ، مع محاولة منه للتخلص من أيدى الرجال المحاصرة له ، جعلت ماكسيم يسارع فى التحدث قائلاً بأستهزاء :
-(( بحقك ألكس .. هل تود إقناعى الأن .. بأن ذلك الأحمق المصرى والمُدعى رائف الشافعى .. سمح لك بترك قضية القتل التى دفع إليك من خلالها أموال طائلة .. ناقصة .. من أجل شرقية !! )) ..
هتف القاتل مدافعاً بفخر :
-(( أنه أحمق كما قلت .. وكل ما أراده هو التخلص من المقتول وتوريطها .. أما باقى التفاصيل .. منذ لحظة أطلاق النار على المفقود بعدما قمت بتخدير الشرقية .. وحتى سفرى إلى الخارج فى صبيحة اليوم التالى .. كانت من ترتيبى وتنفيذى )) ..
تنفس ماكسيم الصعداء ، بعدما أستمع إلى الأعتراف المباشر من فم القاتل المأجور ، قبل أن تقتحم الشرطة المكان ، بعد أستماعها من خلال جهاز صغير إلى الحديث ككل ، ثم بدءت مهمة تولى القبض على القاتل وتسليمه للعدالة ، أما عن طاهر .. فقد أرتمى أرضاً ، بعدما فقدت ساقيه القدرة على الصمود أكثر ، فالتمنى وحتى الظنون شئ ، والأستماع إلى الأعتراف وبرائتها من فم المعتدى شئ أخر ، حتى أنه لم يعى لعبراته التى سقطت بعدما رفع رأسه للسماء ألا عندما شعر بحرارتها تلسع وجنته ، مغمغماً بأرتياح :
-(( لقيت اللى عمل فيك كدة .. أرتاح يا عمرو فى قبرك وأنا هرتاح فى دنيتي لحد ما نتقابل .. وعمرى ما هنساك .. دايماً مكانك هيفضل هنا )) ..
ضرب بقوة فوق موضع مضغته الهائجة المضطربة ، أملاً فى غد جديد ، يستطيع من خلاله التوقف عن لوم نفسه ، والعيش ، وتعويضها عن كل ما عايشته ، هكذا كرر تكريس حياته خلال المرحلة القادمة ، حتى أخر نفس يدخل رئتيه
**********************************
هرولت للخارج منشغلة بوضع ذراع حقيبة ظهرها فى موضعه الصحيح بعدما ألقت نظرة عابرة ممتنة على منزلها الجديد ، والذى انتقلت إليه حديثاً بعدما نجحت بصعوبة بالغة فى أقناع والديها بتلك الفكرة خصوصاً مع مشاكلها الحالية والمتسبب بها زوجها السابق ، لافتاً أنتباهها الكامل صوت ليس بغريب عنها ، يهتف أسمها بقوة وإصرار ، فألتفت تؤكد ظنونها وتطالع والدته التى تقف إمامها بكبريائها المعتاد ، وبمجرد رؤيتها لها ، أردفت تقول بعليائها :
-(( مستنياكى من بدرى .. عايزة أتكلم معاكى )) ..
رفعت غفران ذراعيها تضع كفها فوق بطنها فى حركة دفاعية تلقائية صدرت عنها ، جعلت والدته تبتسم فى سخرية ، بينما تسائلت غفران بأستنكار وتأهب واضح :
-(( أنتى عرفتى عنوانى ده أزاى ؟! )) ..
قالت الأخرى بغموض :
-(( اللى يسأل ميتوهش .. المهم خلينا نتكلم فى اللى جيالك عشانه وأمشى .. لأن واضح أنك مستعجلة )) .
هزت غفران رأسها موافقة بحيرة والفضول يطل من داخل حدقتيها ، فأردفت والدته تقول بسخط واضح :
-(( أنتى عارفة ميجمعنيش بينى وبينك غير حد واحد .. وعارفة برضة أنى مبتحركش خطوة واحدة غير لمصلحته .. تتفقى بقى تختلفى معايا بكرة تبقى أم وتجربى أحساسى وساعتها هتفهميني .. والنهاردة مصلحته أتفقت مع مصلحتك .. عشان كدة جيتلك )) ..
ضيقت غفران جفنيها فوقها ، ثم سألتها متشككة بحدة :
-(( أيه المصلحة اللى ممكن تجمعنى بيكى ممكن أفهم ؟! )) ..
قالت والدته متجاوزة أجابة السؤال :
-(( مش لازم تعرفى غير اللى يخصك .. دلوقتى أنتى بريئة من إجهاض أفنان .. الجنين كان ميت من قبلها وهى أنتهزت الفرصة عشان تطلع عليكى ونجحت .. وأكتشفت أن طلوعها ده هيخسرنى أبنى وده مش هسمح بيه .. عشان كدة عندى عرض ليكى .. هروح معاكى للدكتورة بتاعتها ونطلب تقرير وأكيد هتسلمهولى لأنها عرفانى كويس .. وقتها أرميه فى وش بدر وعرفيه حقيقتها )) ..
سألتها غفران بعدم فهم :
-(( أنتى عارفة اللى بتقوليه معناه أيه ؟! .. أنا مش هبقى مربوطة بأبنك )) ..
قالت والدته متفهمة :
-(( المكسب من وراه أهم .. هيعرف حقيقتها وأنه ظلمك .. تخيلى بقى تمسكه بيكى وأنتى أم إبنه اللى جاى .. ده عندى كفاية .. وبعدين مش هكدب طلاقك منه أحسن من وجودك معاه .. يكفى مترفعيش عليه قضية خلع .. وأنا هضمنلك طلاقك منه .. للمرة التانية )) ..
حركت الأخرى رأسها مذهولة ، ثم همست بعدم أستيعاب :
-(( أنتى أزاى كدة !! .. بتلعبى على الكل وتتحكمى فى الكل !! ))..
صاحت والدته تقول بعدائية وتملك :
-(( مخلصتش من واحدة قوية عشان تيجى التانية تاخده منى .. ها هتقبلى عرضى وتأخدي التقرير ولا أتصرف بمعرفتى )) ..
سارعت غفران تقول موافقة :
-(( تمام تمام .. موافقة )) ..
مدت والدته كفها فى مصافحة سلام قائلة بشبه أرتياح :
-(( كدة متفقين )) ..
******************************
رفع راسه يتأمل السماء بزرقتها الصافية ، دون أن يدرى ، أهى حقاً صافية ، أم أن مزاجه السعيد هو من يهيأ له ذلك ، فى الحقيقة ليست السماء فقط بديعة اليوم ، بل كل المخلوقات ، حتى ذلك الأحمق الذى يتقدم منه بأبتسامة واسعة يبدو أكثر وسامة عن المعتاد ، بينما هتف جواد بأرتياح بالغ بعدما توقف أمامه :
-(( حمدالله على السلامه .. مش هتصدقنى لو قلتلك مصر نورت .. ولا أنى مستنى رجوعك من ساعة ما كلمتنى على نار يا اخى .. ولا كأنك جوزى .. حتى منمتش لدلوقتى )) ..
بادله طاهر عناقه بأخر طويل ، بث من خلاله كل عبراته المتزاحمة ، والتى تأبى الخروج فى هيئة جمل مترابطة ، فتركها تخرج من خلال ضمة قوية ، مع ربتة ممتنة حانية ، وهو يقول مازحاً :
-(( يا راجل !! .. بقى بذمتك كل ده عشانى .. ولا فرحان عشان لحقتك قبل ما تتدبس فى تفاصيل فرح علياء بليل لوحدك ؟ )) ..
أبتعد جواد عنه مسافة بسيطة حتى تتاح له رؤية كاملة لوجهه ، قبل أن يقول بصدق حقيقى :
-(( ولا ده ولا ده .. مستنيك عشان أقولك عشت .. وكنت قد وعدك ورجعت حق أخويا وأخوك )) ..
فى تلك اللحظة تحديداً ، كانا كالشطرين ، حيث لمعت عيون كلاً منهما فخراً بالأخر ، مقرراً طاهر بعد فترة قطع الصمت حيث هتف يقول بلهفة :
-(( أنت واقف بينا ليه .. يلا ع بيت ال**** .. خلينا نشوفه وهو بيتقبض عليه )) ..
سارع جواد بإيقافه من خلال القبض على معصمه ، ثم قال معترضاً بقوة :
-(( بينا أيه وبيت أيه ؟! .. أنت مش قلت أذن الضبط والأحضار لسه هيطلع ؟! .. يعنى قدامنا لبليل وأحنا لسه الصبح .. أتفضل روح على بيتك وشوف اللى مستنياك فيه .. أكيد بعد اللى عرفته محتاج تشوفها .. وبعدها ابقى أرجع لرائف مش هيطير يعنى !! )) ..
تسارعت خفقاته تلقائياً فور سماعه سيرتها ، ولم الأنكار ؟! ، فقد جاء حديث قريبه على هوى القلب ، ورغم ذلك ظل واقف مكانه متردداً ، ولم يحثه على التنازل عن الفكرة الأولى ، سوى صوت جواد يقول وهو يدفع جسده للأمام كى يسير :
-(( يلا .. روح شوفها .. مش هقولك خدها فى حضنك عشان متضربنيش .. بس مش عايز أشوف وشك غير بليل على ميعاد الفرح )) ..
قبل أن يهتف معترضاً أوقفه جواد مضيفاً بنفاذ صبر :
-(( فاهم فاهم .. وطبعاً هتابع الكلب رائف .. لو طلعوا أمر القبض عليه هبلغك متقلقش )) ..
أما على الطرف الآخر ، وتحديداً داخل منزله وبغرفة نومهم ، جلست فوق الفراش تدّون بأحرف مرتبكة :
“مذكرتى العزيزة وأحد أركانى الخفية الركيزة :
منذ أستيقاظى فى الصباح وقد رحت أتسائل فى حيرة ، كيف يمكن لثلاثة أيام بسيطة ، أن تمر كالدهر ، حتى أننى فى حيرة من امرى ، هل العلة فى ساعة يدى أم فى قلبى الذى يقفز كلما تذكره ، وكعادتى عند التفكير به أغمضت عينى واتبهلت إلى الله فى صمت أن يتقبل دعائى وأراه عندما أفتح عينى يقف أمامى ، فكما تعلمين الليلة زفاف علياء ، وكم تتوق نفسى إلى السير بجانبه ومشاركته تلك الأمسية السعيدة ”
طرقة خفيفة فوق باب غرفتها قاطعت خلوتها ، وجعلتها تسارع بأخفاء دفترها السرى أسفل ملاءة الفراش ، أثناء أستماعها إلى صوت مديرة منزله تقول بهدوء من خلف الباب المغلق :
-(( رحمة يابنتى .. فى حد سابلك جواب من شويه ومكتوب عليه أسمك .. وبيقول ضرورى جداً جداً تستلميه )) ..
قفزت من مرقدها تسارع فى فتح الباب وأستلامه عله تذكرها وقرر مراسلتها على الطريقة الكلاسيكية القديمة ، ثم بأصابع مرتعشة متلهفة شرعت فى قرائته ، ورقة تلو ورقة ، تقرأها ، ثم تعود وتقرأها من جديد ربما يكون الخلل فى عينيها وليس الوثائق ، ولم ترفع عينيها الدامعة عن المغلف الذى بين يديها سوى على صوته يقول بأشتياق :
-(( رحمة .. أنا وصلت )) ..
مررت عينيها الدامعة فوق وجهه بحيرة ، قبل أن تهمس مسائلة بذهول ونبرة مختنقة حائرة :
-(( طاهر .. أنا بنت عمك !! ))

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في لهيبك احترق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى