رواية في قبضة الأقدار الفصل العشرون 20 بقلم نورهان آل عشري
رواية في قبضة الأقدار الجزء العشرون
رواية في قبضة الأقدار البارت العشرون
رواية في قبضة الأقدار الحلقة العشرون
أنت لا تعلم عدد الحروب التي أخوضها في الليلة الواحدة حتى أبدو لك صباحًا ذلك الشخص المنتصر الذي يظهر و كأن لا شئ قادر على هزيمته. فـ خلف تِلك الإبتسامة ندوب كبيرة داويتها وحدي و خيبات عظيمة تجرعتها وحدي و مرارة لاذعة تمتد من الحلق إلى القلب و لكن لا بأس فـ أنا دائمًا بخير !
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كان يراودها شعور غريب وهي تناظر ذلك الرجل بأنها قد رأته مسبقا و لكن لا تعلم الزمان و لا المكان لهذا اللقاء.
شعور بالحرج تملك منها حين مد يده ليصافحها فتحمحمت و ارتسمت ابتسامه بسيطه علي محياها و صافحته بالمقابل فتحدث بأدب
” اقدر اعرف حضرتك مين؟”
” فرح…”
لم تستطع اكمال حديثها فقد انفتح الباب علي مصرعيه و أطل منه سالم الذي تفرقت نظراته بينهم وجدها تصافحه فاكفهرت ملامحه وقال بخشونة
” بتعملي ايه هنا ؟”
فرح بهدوء
” أبدا كنت بعمل تليفون و كنت لسه …”
لم يتثني لها إكمال حديثها فوجدته يتجاهل ما تقوله و التفت إلي ياسين يناظره باستفهام و ملامح يكللها عدم الرضا فتحدث ياسين معرفا نفسه
” ياسين عمران . معيد في جامعه قناة السويس و حلا طالبه عندي ..”
تردد الاسم علي أذانها و لكنها استنكرت الأمر بقوة فعائله والدها من الصعيد تحديدا المنيا و من المؤكد أن هذا تشابه أسماء.
قطع حديثها صوت سالم الخشن حين قال
” أنت الي جبت حلا عالمستشفي ؟ “
أومأ برأسه دون حديث فتابع سالم باقتضاب
” أشكرك عالي عملته مع اختي.. ”
ياسين بتحفظ
” حلا طالبه عندي و أنا معملتش غير الواجب..”
اومأ سالم دون حديث فتابع ياسين
” حمد لله علي سلامتها. ”
ثم التفت إلي فرح قائلا بذوق
” فرصة سعيدة يا آنسة فرح . عن اذنكوا “
قال جملته الأخيرة و كأنه ألقي بقنبلة انفجرت فور أن غادر حين وجدت ذلك الذي كانت ملامحه تقطر غضبا و عيناه ترسل شرارات حارقة جعلتها رغمًا عنها تتراجع خطوة للخلف فجمدها صوته القاسي حين قال
” تعرفيه منين؟”
جفلت فرح من لهجته و قالت بذهول
” هو مين اللي اعرفه ؟ “
” دكتور ياسين ”
” لا معرفوش . و هعرفه منين ؟”
ازدادت قتامه عيناه و قال بلهجه حادة
” اومال كنتي واقفه بتتكلمي معاه ليه ؟ و ليه خرجتي من الأوضه من غير ما تقوليلي ؟”
لهجته جعلت الغضب يتصاعد بداخلها مما جعلها تقول بسخرية
” هو انا في استجواب و أنا معرفش !”
تحمحم بخفوت و أطلق زفرة قويه قبل أن يقول بنبرة أقل حدة
” هو فين الاستجواب دا ؟ مجرد سؤال ؟”
” مجرد اجابه. سيبتكوا براحتكوا و خرجت اعمل تليفون و أما رجعت لقيته هو كمان جاي عشان يطمن علي حلا “
هكا أجابته ببساطة فتابع استجوابه و لكن بنبرة أقل حدة
” و عرف اسمك منين ؟”
فرح بتهكم
” عرف اسمي قبل ما تخرج بثواني . في اسئله تانيه ؟”
قالتها بغضب تجاهله هو و قال بإختصار
” لا ”
لم تزد في الحديث بل توجهت الي الداخل لتجد حلا مستلقيه علي سريرها فتقدمت عدة خطوات حتي صارت بجانبها فتحدثت فرح بلطف
” حمد لله علي سلامتك ..”
اجابتها حلا بتحفظ
” الله يسلمك ”
شعرت فرح بالحرج فهي تعلم شعورها تجاهها و شقيقتها و لكنها تحدثت من باب الذوق قائله
” حاسه بأيه دلوقتي. لسه في ألم ؟”
حلا بتحفظ
” شويه . هو مين الي كان بره ؟”
هكذا سألتها حلا بخفوت فهي شعرت بأنها سمعت صوته في الخارج .
” دا دكتور ياسين. كان جاي يطمن عليكي و مشي ..”
ارتسمت الخيبه علي ملامحها و لكنها حاولت التظاهر بالعكس حين أومأت برأسها و تمتمت بخفوت
” تمام ..”
شعرت فرح بوجود خطب ما و لكنها لم تعلق بل اكتفت بالصمت الذي قطعه صوته الحازم حين قال
” انا اتكلمت مع الدكتور و هو قال مفيش مشكله تروحي معانا ..”
ازدادت خيبة أملها حين سمعت حديث أخاها فإن كانت ستغادر معهم فهي لن تستطيع رؤيته أبدا و خاصة في وضعها هذا مجبرة الساق و اليد فلن تقدر على الذهاب لجامعتها و ستظل مدة لا بأس بها في المنزل و طوال هذه الفترة ستكون رؤيته دربًا من دروب المستحيل.
كتمت حزنها بداخلها و أومأت برأسها دون حديث و لم يفت هذا فرح التي أيقنت بأن هناك خطب ما و لكنها لم تعلق بل ظلت بمكانها و لم تكلف نفسها عناء الإلتفات إليه حين قال
” فرح هتساعدك عشان تجهزي و أنا هعمل كام تليفون و ارجعلكوا “
كان ينتظر منها الإلتفات أو التفوه بأي شئ و لكنها حاربته بأكثر شئ يبغضه في هذا العالم و هو الصمت المطبق.
لطالما كان الجميع ينعته بالهدوء و البرود و لم يكن يكترث و لكن الآن تذوق مما كان يذيقه للآخرين فقد رأي يام عينيه كم أن هاتان الصفتان أبغض ما يكون
ما أسخف أن تكون في أمس الحاجة لحديث أحدهم فيعطيك صمت هادئ مثير للأعصاب فلا انت تستطيع الغضب عليه أو تحمله..
******************
كان يمسد ظهر الفرس بحنان كبير يتأمل ملامحها الجميلة و بياضها الناصع الذي يتنافي تماما مع سواد عيونها الرائعة تشبه كثيرا تلك التي ابتلي بعشقها و كأن جميع ابتلاءات حياته لم تكن تكفيه لتأتي آخر فتاة على وجه الأرض كان يريدها و يتوجها قلبه ملكه على عرشه!
اي حظ عاثر يمتلك ليقع في تلك المعضلة التي لا يوجد لها أي حلول سوي ان يدعس علي قلبه بقوة و ينتزع عشقها الخبيث من داخله ليستطيع التنفس براحه. و لكن السؤال هنا هل سيستطيع فعلها ؟؟
هل يستطيع أن يخرجها من عقله بعدما أصبح لا يفكر الا بها!!
حتى و إن زالت إحدي خطاياها و تبرأت منها و لكن تبقي خطيئتها الكبرى حين ألقت بنفسها بين أحضان العشق الحرام تحت مسمى الزواج العرفي فلن يستطيع عقله الشرقي تقبل ذلك الأمر حتى لو كان يهيم بها عشقا.
يعلم بأنها كانت ضحية و لكن هي من وضعت نفسها تحت طائله الاتهامات حين ارتكبت هذا الجرم العظيم بحق نفسها هي من جنت عليها أولًا هي من تسببت بكل هذا العذاب للجميع و لكن هناك شعور بداخله بأن كل تلك البراءة لا يمكن أن ترتكب هذا الجرم الكبير و حين تقع عيناه علي بطنها التي بدأت بالظهور يشعر بيد قويه تقبض صدره وتضعه أمام حقيقة يرفضها قلبه المتاع بشدة لكثرة ما بها من عذاب و ألم و غضب.
يقضي ليله المظلم يحاول طردها من أحلامه يجاهد عقله الغبي الذي يفكر بها حتى في نومه و يجسدها له حقيقة ملموسة في حلمه فيستيقظ مفزوعا على كابوس واقعه الأليم معها..
لم يعد يعرف اي الطرق يسلك لنسيانها فلأول مرة بحياته يختبر شعور قلة الحيلة والعجز فلم يستطيع سوى أغماض عينيه بقوة و داخله يردد بتوسل
” يا الله ارجوك أخرجها من قلبي و عقلي و حياتي. أريد الشفاء منها فهي لم و لن تكون لي أبدًا. لا أريد تلك الفتاة لا أريد رؤيتها أبدًا بعد اليوم…”
” العصير دا كان في ايه ؟؟”
للحظة شعر بتوقف الدماء بأوردته حين سمع ذلك الصوت المبحوح الجريح و الذي يبدو غاضبًا أيضًا!
كيف؟ و لما يحدث هذا معه ؟ هل يعانده قدره و يرسلها إليه في نفس اللحظه التي يتوسل إلى الله أن يبعدها عنه ؟ هل تلك الفتاة قدره الذي لا يمكن الفرار منه !!
أعادت سؤالها مرة أخرى بصورة اقوي فهي لن تستطيع التراجع بعد أن قضت وقتًا كبيرًا في التفكير و الذي انتهي بأن من حقها أن تعلم ما يدور حولها و ما يُحاك ضدها و هي لن تتراجع أبدًا
” رد عليا .. العصير دا كان في ايه ؟”
لفظ الهواء من رئتيه في زفرة قويه اتبعها صوته القاسي حين قال
” ملكيش فيه . الي اقولك عليه عليه يتنفذ و خلاص .”
صرخت بصوت كان نشيجًا
” مش هنفذ أوامر حد . و من حقي اعرف إيه بيحصل حواليا .”
تابع تمسيد ظهر الفرس بهدوء يتنافى مع قساوة عيناه المكفهرة غضبًا و تحدث بنبرة قاتمة
” ملكيش حقوق هنا. “
بتحدِ غير مدروس اقتربت منه و قامت بلكمه في ذراعيه بقوة نابعه من غضب اهوج كان يؤلمها كثيرًا لتتفاجئ بقبضته التي أحكمت امساك كفها الرقيق بين أصابعه القويه و قد تحول غضبها لخوف كبير حين اصطدمت بعيناه التي لونت بلون الدماء المحتقنة غضبًا. لمسته كانت كصاعقة برق أصابت سائر جسدها و ارتفع دبيب قلبي و لكنها تجاهلت ذلك كله و قالت بلهجه تقطر ألمًا
” انا كنت هموت النهاردة أنا و ابني صح ؟؟”
استقرت كلماتها في منتصف صدره الذي استنكر حديثها بشدة حين قال بلهجة قوية يشوبها القسوة والصرامه
” مفيش الكلام دا . طول مانا موجود محدش يقدر يمسك بأي سوء لا انتي ولا هو . “
تألمت عظامها من قبضته الغير رحيمة بالمرة و لكن ألم قلبها كان أكبر بكثير فرددت بغير احتراز
” انت! انت اكتر حد مخوفني اصلا. انت تقريبا لو جتلك الفرصة تخلص مني دلوقتي قبل بكرة هتعمل كدا و مش هتتردد ثانيه .”
اختارت بعناية كلماتها لتتراشق كأسهم نارية اخترقت صدره محدثة آلام عظيمة لم يستطع احتمالها فاكفهرت تعابيره بشكل مريب و لكنه جاهد حتى تخرج نبرته ثابته حين أجابها
” مفيش الكلام دا.. “
صرخت معانده
” لا فيه. من اول يوم شوفتني فيه في المستشفي و انت بتهددني أن نهايتي هتبقي علي ايدك . و فضلت تتهمني اتهامات فظيعة معرفش عنها أي حاجه و اول يوم جيت فيه هنا كنت هخسر ابني بسببك. مفيش مرة واحدة شفتني فيها من غير ما تسممني و تسمعني كلام يوجع القلب و يكرهني في نفسي. نفسي اعرف انا عملت فيك ايه؟ “
لوهلة شعر بأنه يريد اخفاءها بقوة بين ضلوعه حتى يجعلها ترى وتشعر ماذا فعلت به . يريد هزها بقوة تعنيفًا و عقابًا علي ما تفعله به هاتان العينان التي تشبه بحرًا أسود عميق غرق به ولم يعد يعرف للنجاة منه طريق . هل يخبرها بأنه واقع بين شقي الرحي ما بين عقل نعتها سابقًا بـ الساقطة وقلب أصبحت الآن تملك كل ذرة من كيانه و هو واقف بالمنتصف يحترق بين صراعهما الذي سيجهز عليه ذات يوم..
كان الأمر كمن يهرب من الموت الى الجحيم و لكنه استطاع تجاوزه بشق الأنفس حين تحدث بوجه غائم و نبرة قاتمة
” معنديش وقت اتكلم في التفاهات دي . كل المطلوب منك تحافظي علي نفسك و علي الي في بطنك. و من هنا و رايح أكلك و شربك هيكون من ايد دادا نعمه و بس.”
للحظه شعرت بنوبة جنون علي وشك أن تنفجر بداخلها فهي ترغب الآن و بشدة في تمزيق وجهه و لكنها جاهدت ذلك الشعور بقوة لم تكن تعلم بأنها تمتلكها و نزعت يدها بقوة من بين يديه القابضه بعنف علي كفها زافرة بقوة الهواء الملوث بعطره قبل أن تقول بنبرة متوعدة
” لا اسمعني انت بقي. عشان الي هقوله هو اللي هيحصل ..”
رمقها بنظرات كانت تحتوي على استخفاف مبطن تجلي في نبرته حين قال
” معنديش وقت اسمعلك .”
هتفت صائحه بصوت حاولت أن يبدو غليظًا
” انا مبقتش خايفه منك ولا مستنية منك حاجة و لو في يوم لقتني بموت اوعي تفكر تنقذني . عشان صدقني عندي الموت اهون من انك تكون السبب اني اعيش. و أنا هعرف احمي نفسي وابني من أي حد. و اللي حصل النهاردة أنا هعرف حقيقته كويس اوي بس مش منك . من الحاجه أمينة الي هحكيلها علي كل حاجه . و هي هتعرف بطريقتها..”
نجحت في إثارة جميع حواسه بتحديها السافر هذا و ملامحها التي كساها الغضب و القوة التي جعلته يتأملها لهنيهه قبل أن يقول بهسيس خافت
” انتي بتهدديني و لا انا بيتهيقلي ”
لم ترفع نبرتها عن الحد المسموح به و لكن كانت تعابيرها كسماء حالكة السواد و قالت بقلب يفيض كمدًا
” سميها زي ما تسميها بس من هنا و رايح اي حد هيفكر يأذيني مش هسكتله. حتي لو كان مين. و في يوم من الأيام كل الناس الي أذتني و أولهم انت هيندموا ندم عمرهم.. “
تلاشي قناع قوتها حين وجدته يتقدم منها و علي ملامحه يرتسم تعبير خطر كما أن عيناه كانت تناظرها بطريقة لم تعهدها مسبقًا فشعرت بخفقة وجلة تضرب بعمق فؤادها و تجمدت الدماء بأوردتها حين قال
” و أنا موافق . مش عايزك تسكتي من هنا ورايح . هاتِ آخرك يا جنة! “
لأول مرة يناديها بأسمها و يطالعها بتلك الطريقة تكاد تجزم أن قلبها توقف عن الخفقان للحظة. لا تعلم أ لوقع اسمها من بين شفتيه أم أن هيبته المطعمة بقوة بدائيه هي من جعلت الدماء تفور في أوردتها! و لكنها سرعان ما نفضت تلك الأفكار عن رأسها و حاولت المناص منه قائله
” ماليش آخر يا سليم يا وزان. و خليك فاكر كده كويس. “
فاجأته جرأتها و شخصيتها المتمردة التي ظهرت على السطح مؤخرًا و استأثرت كل حواسه في تلك اللحظة فنسي صراعاته الداخلية و انخرط معها في تحد راق له كثيرًا فتمتم بهسيس متوعد
” سليم الوزان مرة واحدة!؟ دانتي لسانك فالت بقي!”
جنة بسخريه
” تخيل! متقوليش انك كنت مخدوع فيا ؟”
كانت ملامحها الساخرة جذابة بطريقه قاتله و خاصة حركة رأسها التي كانت تحركه يمينًا و يسارًا و تتبعه خصلاتها المتمردة كصاحبتها فوجد ضحكة خفيفة تظهر على ملامحه رغمًا عنه اتبعها قائلًا بتهكم
” حظك اني ماليش في لعب العيال الصغيرة دا و إلا كنت وريتك طويلة لسانك دي هتوديكي لحد فين. فأحسنلك متخلنيش اغير رأيي عشان هتزعلي ..”
لا تعلم لما كانت تتملكها رغبة قوية في تحديه فأجابته باندفاع
” لا متخافش مش هقدر تزعلني لو عملت ايه ؟ ”
لم يتسنى له الرد حين وجد ريتال تهرول تجاههم وهي تقول لاهثة
” جنة. انتي هنا. بقالى كتير بدور عليكي”
امتدت يد جنة تحاوط وجهها وهي تقول بحنان
“اهدي و خدي نفسك الأول. انتي جايه جري المسافة دي كلها ؟”
ريتال بحماس
” ايوا . اصل انتي متعرفيش انا عايزاكي في حاجه مهمه اوي اوي ”
جنة باستفهام
” حاجه ايه دي ؟”
أدارت ريتال رأسها تنظر إلي سليم الذي كان يتابع حديثهم و حنانها مع ريتال التي اقتربت من أذن جنة تقول بخفوت
” أصل نانا أمينة قالتلي أن عمو مروان نازل البلد وهياخدنا معاه عشان تجيبي حاجات للبيبي ”
رفعت جنة إحدى حاجبيها بإندهاش و قالت باستفهام
” الكلام دا بجد ؟”
ريتال بلهفه
” اه والله . حتى اسأليها ”
جنة باستفهام
” طب هو فين دلوقتي ؟”
لم يتسنى لريتال الرد حتى تفاجئوا بسليم الذي قال بخشونة
” هو مين دا ؟”
أرادت استفزازه فنصبت عودها و قالت بسماجه
” موضوع ميخصكش..”
سليم بصدمه
” نعم!”
تدخلت ريتال قائله ببراءة
” معلش يا عمو سليم أصل دا موضوع سر بيني انا و جنة ووو”
لم تستطيع إكمال حديثها فوجدته كف جنة التي وضعته على فمها وهي تقول باستفزاز
” زي ما قالت ريتال كدا موضوع سر. عن اذنك”
نجحت وبجدارة في جذب اهتمامه و إثارة فضوله الذي جعله يتبعهم إلى أن وجدها تقف وجها لوجه مع مروان الذي كان يحادثها بطبيعته المرحه المعتادة ولكن ما أثار حنقه و جعل أوردته تغلي غضبا هو مزاجها معه و حديثها الغير متكلف فمن يراهم يظن بأنها تعرفه منذ زمن بعيد.
لفظ بقوة الهواء المكبوت داخل صدره محاولا تهدئه غضبه الذي سيجعله يقدم على أشياء قطعا سيندم عليها و لكن حديثها الصاخب مع مروان لم يكن يساعده على ذلك أبدا
” والله يا مروان أنت جدع فعلا . الواحد فعلا كان محتاج حد زيك في حياته”
قالتها جنة بصدق فابتسم مروان بحرج و قال مازحا
” أيوا و عشان كدا عمالين تمرمطوا فيا يمين و شمال انتي والست هانم”
كان يشير إلي ريتال التي ابتسمت ببراءة قائله
” مانتا بتقعد تتكلم كتير جمبي و بصدع و مبقولش حاجه كدا احنا خالصين .”
مروان بصدمه
” قصدك ان انا رغاي يا بت انتي ؟”
ريتال بعفويه
” ايه دا هو أنت مش عارف؟ دي نانا دولت و جدو كانوا بيحطوا أيدهم على ودانهم عشان ميسمعوش كلامك و انت تقولهم هتكلم بردو ..”
برقت عينا جنة من الصدمة التي تحولت لقهقهات جراء حديث ريتال الذي جعل كروان يقول غاضبا.
” بقي كده بتسيحيلي يا ريتال الكلب؟”
تحدثت جنة من بين ضحكاتها قائله
” الكلام دا بجد ؟ كانوا بيحطوا أيدهم على ودانهم عشان مش يسمعوك و كنت بتتكلم بردو .”
مروان كاذبا
” محصلش!”
شهقت ريتال وقالت مستنكرة
” اي يا عمو انت بتكذب هو انت متعرفش اللي بيكذب بيروح فين ؟”
مروان ساخرا
” هروح فين ياختي هو في مكان انيل من العيشة معاكوا..”
قاطع حديثهم صوت أمينة الآتي من الداخل فالتفتت الأنظار إليها وقد كانت تستند علي يد نعمه خادمتها متوجهه إليهم و هي تقول بقلق
” محدش فيكوا شاف حلا وهي رايحه الجامعه الصبح ؟”
نظر الجميع الي بعضهم البعض و توترت الأجواء بلحظه إلي أن آتي صوته من الخلف قائلا بخشونة
” أنا يا حاجه شوفتها و وصلتها الجامعه”
تنفست بإرتياح وهي تقول بلهفة
” صحيح يا سليم . يعني اتصالحتوا؟”
اقترب سليم منها و تناول كفها الآخر واضعا قبله فوقه فقد كان داخله يشفق عليها حين تعلم ما حدث و أراد التخفيف عنها حين قال بحنان
” متقلقيش. كل حاجة اتحلت خلاص .”
اتسعت ابتسامتها و قالت بسعادة
” ربنا يهديكوا لبعض يا حبايبي .. و يطمني عليكي يا جنة انتي و الغالي ابن الغالي..”
قالت جملتها الأخيرة وهي تنظر إلي جنة بنظرات حانية لامست قلبها و لكن كانت هناك نظرات ثاقبة يشوبها غضب كبير لم يخفي عليها ولكنها تجاهلته و ابتسمت لامينة قائله بخفوت
” أن شاء الله يا حاجه ..”
تحدثت أمينة موجهه انظارها الى مروان
” جهز نفسك بقى يا مروان هتاخد جنة و ريتال تشتروا شويه حاجات للبيبي و جنة تشوف لو ناقصها حاجه تجيبها”
اشتعل رأسه غضبا حين سمع حديث والدته و خرجت الكلمات من فمه مندفعة غاضبة
” مروان مش فاضي . وراه شغل .”
تسلطت الأنظار بصدمه فوقه حين قال جملته القاطعه تلك و قد بدا غضبه واضحا في عينيه التي جعلها الغضب حمراء قاتمة فكان أول من تحدث هو مروان الذي قال بتخابث
” شغل ايه يا سليم إلي ورايا ؟ انا مش ورايا حاجه .”
كان كمن عبث مع الأسد و هو في أقصى درجات حنقه و ٤د بدأ ذلك علي ملامحه المكفهرة و شفتيه التي أسندت كخيط رفيع فقد كان يمنع نفسه بشدة من لكمه بقوة في وجهه و محو تلك البراءة المفتعلة التي يرسمها علي ملامحه و لكن بقوة استطاع السيطرة علي ما يعتريه و قال بقسوة
” لا مانتا مش هتفضل عواطلي كدا كتير. يالا قدامي عالمكتب عشان اعرفك ايه الي وراك ؟”
تبدلت ملامح مروان فجأة حين سمع حديث سليم و قال بمراوغه
” لا مكتب ايه . أنت تقول هنا وانا هنفذ علي طول. شاور بس هتلاقيني فوريرة ”
سليم يتهكم
” لا يا شيخ .”
” اه وربنا . طب جرب كدا ؟ دانا مُره حبيبك. ”
سليم آمرا
” طب اسبقني عالمكتب”
اطاعه مروان و هرول للداخل بينما تدخلت أمينة في الحديث قائله بحزن مصطنع
” يا خسارة . طب و مين هياخد البنات يخرجهم دانا وعدتهم ”
تحدثت جنة بهدوء
” مفيش مشكله يا حاجه . انا قلتلك امبارح اني مش ناقصني حاجه . و ان كان علي حاجات البيبي في أي وقت ابقي انزل اجيبها انا لسه في الخامس لسه قدامي وقت”
أمينة برجاء
” لا طبعا مينفعش. انتي وعدتيني مش هتزعليني و هتسمعي كلامي. ”
التفتت الي سليم وهي ترسم التوسل الزائف علي ملامحها
” طب يا سليم بما أن مروان مش فاضي ممكن نشوف السواق و تجيب انت حلا من الجامعه؟”
ازداد غضبه للحد الذي جعله ينتفض قائلا باستنكار
” سواق ايه يا ماما الي هنبعتها معاه لوحدها!! قوليلي هي عايزة تروح فين و أنا أوديها!”
اشتعل المكر بعينان أمينه بينما غلفت الصدمه ملامحها و لكن تدخلت ريتال التي قالت بلهفه
” لا يا أبيه مانا هكون معاها”
شعر بالحرج و ود لو يصفع نفسه علي هفوته تلك ولكنه حاول تدارك الموقف قدر الإمكان حين قال
” مينفعش يا ريتال بردو انتوا الاتنين بنات و دا غلط .”
تحدثت أمينة قائلة بتخابث
” خلاص يبقي مقدمناش غير انك توديهم . رغم اني مكنتش عايزه اتعبك. و أنا عارفه انك شايل الشغل كله في غياب سالم .”
سليم بخشونة
” مفيش تعب ولا حاجه. قوليلهم يجهزوا وأنا في المكتب هعمل كام تليفون “
انهي كلماته و توجه للداخل بينما غلت دماءها من شدة الغضب و لكنها حاولت الثبات قدر الإمكان حسن قالت
” حاجه أمينة لو سمحتي عايزة اتكلم معاكِ”
*****************
كانت تلعب مع الفتيات في غرفة ابنة خالتها التي تسكن في فيلا كبيرة مع والديها و قد كانت الفتيات يقفزن و يمرحن بكل مكان حتى عمت الفوضى أرجاء الغرفة و قد كانت هي من بينهم إلى أن أشارت احداهن أن يختبئن و واحدة تبحث عن الجميع و كجميع الفتيات حاولت أن تختبئ في إحدي الغرف و لم تكن تدري شئ عن عينان خبيثة جائعه تنظر إلي جسدها الضعيف بشهوة مقززة تتبعتها إلى أن مكان اختباءها و الذي كان في غرفة الغسيل فتوجه إلى هناك وقام بفتح باب الغرفة و إغلاقه من الداخل فتفاجئت الصغيرة بذلك الضخم يقف أمامها مما بعث الرعب في قلبها فهي كانت تخاف منه كثيرا و ذلك لأفعاله التي لم تدرك سنوات عمرها التسع كم هي دنيئه
” عمو انت بتعمل إيه هنا ؟ هو انت بتلعب معانا ؟”
تحدث بدناءة
” لا انا بلعب معاكِ أنتِ ”
كانت نظراته مرعبة مما جعلها تقول بذعر
” بس أنا عايزة أخرج مش عايزة ألعب معاك . ”
تحرك بخط بطيئه و عيناه تلتهمان جسدها الصغير بطريقة مثيرة للإشمئزاز زادت من رعب الصغيرة و خاصة حين قال
” احنا هنلعب لعبة صغيرة أنا و أنتِ ولو سمعتي كلامي أوعدك هتنبسطي عالآخر. بس لو قلتي ادبك و لا سمعت صوتك هقطعلك لسانك فاهمه؟”
احتدت نبرته حين قال جملته الأخيرة مما جعل العبرات تقطر من عيناها بقوة و هي تقول بصوت مرتعب
” والنبي يا عمو سيبني أخرج مش عايزة ألعب معاك..”
لم يشفق علي براءتها و لا علي صغر سنها و اقترب منها محاولا النيل منها فوضع يدا فوق فمها تمنع صدور أي صوت منها و بالآخري حاول تجريدها من ملابسها ولكنها كانت تقاومه بقوة و تغرز أصابعها الصغيرة بوجهه حتى تسببت في عدة جروح في رقبته ووجهه مما زاد من حنقه فرفع يده و نزل بقوة فوق وجهها يصفعها بقوة آلمت وجنتها الصغيرة و نعتها بألفاظ نابيه لصغر سنها لم تكن حتي تعلم معناها و لكن جسدها الصغير أخذ يرتعش بقوة و هي تقول
” ابعد عني والنبي يا عمو سيبني ..”
و فجأة وجدت صوت يأتي من خلفه وهو يقول بحقاره
” هو انتي فاكراني ماشي معاكِ ليه ؟ عشان احب واتجوز لا فوقي انا مش بتاع حب وجواز. انا بتاع دلع و بس.. ”
التفتت تناظره بصدمه و أخذت تهز برأسها يمينا و يسارا لتتفاجئ بعدي الذي أن يناظرها باحتقار و هو يقول لها
” انا ليا حق فيكي و جه الوقت الي اخد تمن كل الي عملته عشانك ..”
كان الثلاثة يقتربوا منها كالذئاب الجائعة التي تنوي الفتك بها مما جعلها تصرخ قائله بحرقة
” ابعدوا عني سيبوني .. محدش يقرب لي لا. لاااااااااااا”
استيقظت من كابوسها المرعب بجسد متعرق يرتجف بقوة ووجه مرتعب تبلله عبرات غزيرة و أنفاس لاهثة من شدة ذعرها و فجأة انفتح باب الغرفة وأطلت منه والدتها التي هرولت إليها تحتضنها و خلفها مؤمن الي هاتفته والدتها و قصت عليه ما حدث فأتي في الحال
منال بذعر
” ساندي اهدي يا حبيبتي. أنا جنبك و معاكِ”
” خليهم يبعدوا عني. ابعديهم عني والنبي يا ماما .متخليهمش يقربوا مني. “
ارتعبت منال قائلة
” هما مين دول يا حبيبتي مفيش حد غيري انا و مؤمن الي في الأوضه . دا اكيد كابوس!”
هدأت للحظات و هي تنظر حولها ثم استقرت نظراتها علي والدتها و مازالت كلمتها الأخيرة ترن بأذنيها فقالت بمرارة
” كابوس! لا دا مش كابوس. دي حقيقه انا شوفتها و عشت كل لحظة مرعبة فيها”
تنبهت منال لحديثها و حانت منها التفاته لمؤمن الذي لم يكن يفهم ما يحدث هو الآخر فتابعت منال محاولة تهدئتها
” حبيبتي اهدي بس . انتي كويسه صدقيني . محصلش حاجه والله الدكتور طمنا.. و الكلب دا هياخد جزاءه “
ساندي بألم مرير
” كلب ! انهي كلب فيهم؟ الكلب الي كنتي بتسبيني في بيته عشان تروحي مؤتمراتك براحتك و تحققي كريرك و لا الكلب الي فكرته بيحبني و طلع زباله و عايز ياخد مني الي هو عايزه و بعد كدا يرميني. و لا الكلب الي فكرته صاحبي و اخويا و كان أول واحد بلجأ له و حصلي اي حاجه ؟ انهي كلب فيهم ؟”
قامت منال بجذبها من يدها و ناظرتها بصدمه من حديثها و قالت بقسوة
” انتي تقصدي ايه بكلامك دا؟ ”
دفعتها ساندي بغضب تجلي في صراخها و هي تقول
” بقول اللي حصل . جواز اختك المحترم الي كان بيتحرش بيا و اختك آخر مرة لحقتني من بين أيديه كان هيضيع مستقبلي. كام مرة قلتلك مش عايزة اروح هناك . كام مرة عيطتلك عشان متسبنيش هناك. كنتي بتعملي ايه كنتي بتاخديني من ايدي و ترميني عندهم لحد ما هي قالتلك متجبيهاش عندنا. انتي الي رخصتيني و رمتيني ليهم ينهشوا في لحمي.”
تجمدت منال في مكانها من حديث ساندي الذي وقع على مسامعها كصاعقة و شاركها صدمتها مؤمن الذي كان أول من تحدث حين قال باندهاش
” يعني . يعني انتي مكنتيش على علاقة بحازم؟”
صرخت بكل ما تحمله بقلبها من وجع و غضب و ألم
” محصلش.. و مش ندمانه عالي عملته فيه. على قد ما حبيته علي قد ما أذاني و عشان كدا يستاهل و جوز اختك كمان يستاهل الي حصله “
شهقت منال بعنف من حديثها فقبل خمسة أعوام تم الإبلاغ عن وجود جثة محروقه بأحد الشقق و مع التحريات اكتشفوا أن الجثة تعود لزوج شقيقتها و للآن لم يعرفوا الفاعل و الآن اتضح أن الفاعل لم يكن سوي ابنتها الجميلة المدللة التي كانت تظن بأنها توفر لها جميع رفاهيات الحياة و لكن اتضح أنها من سمم حياتها و أوصلها لهذه الحالة التي يرثى لها..
******************
كانت فرح تجلس على الاريكه بإنتظار قدوم مروان الذي أرسله سليم مع اغراض وملابس حلا كي تبدل ملابسها فثيابها وقت الحادث تمزقت بالكامل و هي ترتدي ثياب المشفي .
طال انتظار فرح و قد شعرت بالملل خاصة حين وجدت حلا التي تدعي النوم فقررت الخروج و احتساء قهوتها الصباحية التي للآن لم تظفر بها فنهضت مُلقية نظرة على تلك التي تتصنع النوم فآثرت عدم الحديث و خرجت و هي تزفر بملل و تتمنى ألا تقابله في الممر فقد ذهب لإنهاء حساب المشفى و إجراء عدة اتصالات هامة تخص العمل.
سحبت إحدى المقاعد و جلست علي طاولة منفردة في المقهى بعد أن طلبت فنجان من القهوة التي تفضلها مرة تشبه مزاجها في تلك اللحظة فقد كانت غاضبة بشدة من هذا المتعجرف الذي لا يعرف معنى اللباقة و التحضر أبدا. و قد كان جانبا منها يتساءل في قلق كيف ستستطيع التعامل مع طباعه الحادة تلك و هي أنثي الأسد المتمردة و التي لا تقبل الإنصياع أبدأ و تفضل أن تكون لها الكلمة الأولي و الأخيرة في أمور حياتها.
زفرت بحنق ممزوج بقلق لا تعلم كنهه فهي لا تعرف كيف ستطرح الأمر على شقيقتها و هل ستتقبله أم لا؟ و عائلته ما سيكون رد فعلهم على تلك الخطوبة السخيفة تماما كسخافة ما تشعر به مع ذلك المتغطرس. غاضبة من كل شئ و أولهم شعورها الخائن نحوه فهي لم تكن تريد لشرارة الإنجذاب التي داهمتها للحظات أن تزداد أكثر من ذلك و هاهي الآن تغرق نفسها أكثر معه حين قبلت بكل غباء بعرضه المجنون ذلك. و حين أتتها الفرصة الذهبية للخلاص منه أضاعتها بفعل غيرة هوجاء تملكت منها للحظات لتجد نفسها مقيدة به للأبد بوعد خرج من بين شفتيها و لسوء حظها لا تملك رفاهية التراجع عنه ..
وضع النادل كوب القهوة أمامها فشكرته بلطف و واصلت سرحانها غافله عن عينان صقرية كانت تتابع كل حركة تصدر عنها بل حتي أنفاسها كانت ترصدها. يعلم أنه كان فظًا معها و لكنه وقع في فخ الغيرة الحمقاء حين وجدها تقف مع ذلك الرجل و تصافحه.
لو تعلم بأنه تمالك نفسه كثيرًا و أن هذه الفظاظة كانت أقل شئ يمكن أن تراه من غيرته التي يشفق عليها منها.
تقدم حتي وقف أمامها و قام بسحب إحدى المقاعد و جلس قبالتها و عيناه مسلطه بقوة علي ملامحها التي باتت محفورة بداخله كلوحة رائعة لا يمل من تأملها
” نزلتي ليه ؟”
أتقنت ارتداء ثوب اللامبالاة والتبلد بينما تخفي بداخلها زوبعة من المشاعر أثارتها لهجته الخشنة التي بالرغم من كل شئ أصبحت تروق لها كثيرًا و قالت بجفاء
” بشرب قهوة”
لم تنظر إليه حين حادثثته بل انشغلت بارتشاف قهوتها و عينان مصوبتان نحو اللاشئ و قد كان هذا نوع من عقابها له و قد نجحت في ازعاجه و لكنه تابع بخشونة
” مطلبتيش منهم يجبولك اللي انتي عايزاه فوق ليه ؟”
فرح باختصار
” من غير ليه ؟’
” هو في حاجه اسمها من غير ليه ؟”
” اه فيه ”
هكا أجابته باختصار بينما عيناها مازالت تتجاهله مما جعله يقول بتخابث
” و دا بردو اللى هتقوليه لجنة لما تسألك عن سبب جوازنا!”
نجح في جذب اهتمامها و جعلها تلتفت إليه باندهاش مما جعل بسمه ظفر ترتسم علي محياه جعلت دقات قلبها تضرب بعنف و لكنها أتقنت تجاهل ما تشعر به و قالت ساخرة
” تصدق انا لحد دلوقتي مش عارفه هقولها اي السبب! ”
تشدق ساخرًا
” طب كويس اني لفت انتباهك. فكري بقي و شوفي هتقوليلها ايه ؟”
كانت تعلم بأنه يغيظها ليس أكثر و لكنها بالفعل لم تكن تعرف ماذا ستقول لشقيقتها حين تسألها عن السبب في هذه الزيجة الغير متكافئة بالمرة و لكنها أرادت الآن أن تقتنص الفرصة فقالت بتحد
” ما تقولي انت سبب اقولهولها ؟”
أجابها بإختصار
” دي مشكلتك حليها بمعرفتك!”
اغتاظت من حديثه و لكنها تابعت بتهكم
” يعني بما انك هتتعرض لنفس النوع من الأسئلة أحب أعرف ردك هيكون ايه ؟”
اعتدل في جلسته فاردًا ساقيه بكسل ظهر على ملامحه حين قال بلامبالاة
” معتقدش اني هقدر أفيدك . خصوصًا أن أسبابي مختلفة عن أسبابك”
رفعت إحدى حاجبيها الجميلين و قالت بنبرة هازئه
” ايه دا طب كويس انك عندك اسباب. بصراحه عندي فضول اعرفها.”
سالم بسخرية
” الفضول قتل القطة! ”
فرح بحنق
” انا قولتلك قبل كدا انك مستفز! “
سالم بتلذذ
” لا قولتي تقريبًا مغرور و بارد وووو تصدقي مش فاكر ما تقوليهم لي تاني كده عشان نستهم!”
كانت ملامحه يظهر عليها الاسترخاء علي عكس ملامحها التي كللها الغضب و لكنها لن تعطيه انتصارًا آخر عليها لذا قالت ساخرة
” لا هقول ايه و لا ايه انت صفاتك كتير بصراحه . ابقي ضيفلهم الاستفزاز.”
اتسعت ابتسامته للحد الذي ادهشها فقالت
” ايه عجبتك اوي كدا ؟”
قهقه بخفة قبل أن يقول
” تعرفي انك اول حد يتجاوز معايا في الكلام كدا.”
لمس حديثه شي ما بداخلها و تبددت السخرية إلى اهتمام حاولت اخفاء حين قالت
” تقصد ايه ؟”
كان بعينيه تعبير غامض و قال بصوت أجش
” عمري ماسمحت لحد يتكلم معايا بالطريقة دي . دايمًا في حدود بيني وبين الناس كلها حتى أقرب حد ليا .”
لا يجب علي الإنسان أن يقول أحبك كاعتراف صريح بالحب. أحياناً يوجد ما هو أروع من كلمة أحبك كأن أميزك عن الجميع في الشعور و التعامل و حتى النظرات.
تقاذفت دقات قلبها بعنف داخلها و ودت لو تسأله و لما هي و لكنها كانت تعلم بأنه لن يعطيها ما تريد سماعه لذا اكتفت بالتحديق مليًا بعينيه التي كانت تخوض حديث خاص مع عيناها دام للحظات قطعة كلماته التي جعلت فكها يسقط إلي الأسفل من فرط الصدمة
” ايه رأيك تقولي لجنة اننا حبينا بعض و قررنا نتجوز!”
******************
لا يعلم ما يحدث له و لكنه لم يستطيع الإنتظار حين شاهد شقيقها و الفتاة برفقته يجلسان في المقهى الخاص بالمشفى و فورا قادته قدماه إلي غرفتها يشعر بداخله بحاجة ملحة في الإطمئنان عليها و الحديث معها بداخله رغبة قوية في معرفة مايحدث معها فهي بكل مرة تكون حزينه استدعائه بطرق خفية ليكون حاضرا حتى شعر بأنه من حقه أن يعلم سبب حزنها بتلك الطريقة.
وصل إلي غرفتها فوجد الممرضة تخرج من عندها فسألها بحرج
” الآنسة حلا عامله ايه ؟”
” كويسه الحمد لله.. ”
تحمحم قبل أن يقول بحرج
” هي نايمه ولا صاحيه؟”
الممرضة
” لا هي صاحيه.. حضرتك تقدر تدخل تطمن عليها مش انتي إلي جبتها هنا يوم الحادثة ؟”
أومأ برأسه قبل أن يتمتم شاكرا لها وحين غادرت قام بالطرق علي باب الغرفة فأتاه صوتها الممتلئ بالخيبة و الحزن و كذلك كانت ملامحها حين أطل برأسه من باب الغرفة و لكنها سرعان ما تبدلت حين رأته و قالت بإشراق
” دكتور ياسين .”
تقدم تجاهها بعد أن وارب الباب قليلا و وقف بجانب سريرها قائلا باهتمام
” عامله ايه دلوقتي؟”
حلا برقة
” الحمد لله احسن”
ياسين بلطف
” يارب دايما..”
” ميرسي. ..”
هكذا أجابته بخجل لاق بها كثيرًا فابتسم وهو يناظرها بصمت و كأنه يحفظ ملامحها بداخله و بعد لحظات قطع ذلك الصمت قائلًا باهتمام
” انا سألت الدكتور و قالي أن الشرخ الي في رجلك بالكتير شهر و يكون خف و تقدري تمشي عليها تاني “
حلا بخيبة أمل
” شهر؟ شهر بحاله مش هقدر اتحرك ولا اروح في اي حتة. “
كان يشاركها خيبة أملها و لكن حاول إخفاء ما يعتريه حين قال مشجعًا
” الحمد لله أنه شهر مش اكتر و بعدين هيعدي هوا متقلقيش .”
ازدادت خيبة أملها و أومأت برأسها فلمس حزنها الذي آلمه فقال بمواساة
” زعلانه ليه بس دلوقتي. مش قولنا هيعدي هوا”
حلا بخجل
” اصل يعني الإمتحانات ع الأبواب و أنا مش هعرف اروح الجامعة وكدا هيفوتني كتير .”
ارتسمت ابتسامه جذابه علي ملامحه قبل أن يقول بمزاح
” ياستي الجامعة كلها تحت امرك . انا مستعد ابعتلك كل الي هيفوتك. و أذاكر لك كمان لو عايزة .”
كانت لحظة خاطفة اجتاح كليهما موجة كبيرة من المشاعر التي لا يعلموا من أين تدفقت فقد كان الخجل يكلل ملامحها و يرتسم بعيناها التي كانت تناظره بإعجاب لم تستطيع إخفاءه و قد كان يبادلها نفس المشاعر التي امتلئ بها قلبه و تجلت بوضوح في عيناه التي احتوتها للحظات قطعها صوت باب الغرفة الذي ارتطم بقوة في الحائط و أمينه التي صرخت قائلة بلهفة
” حلا …’
قبل ساعة من الآن
كانت همت تغزو الغرفة ذهابا و إيابا و كأن مسا من الحنون أصابها جعلها تخذي قائله
” انا اكتر واحده عارفاها أمينه بتحاول تقرب إلي متتسماش دي من سليم. “
سما بخيبة أمل
” طبعا مش أنقذت حياتها و بقت هي الحلوة الحنينة و احنا الوحشين .”
همت بحنق
” طب و العمل . هنسبها لحد ما تجوزهاله؟”
سما بملل
” يتجوزها ولا ميتجوزهاش مش هتفرق يا ماما . معدش حاجه فارقه ”
انتفضت همت غاضبة
” بت انتي مش عايزة اشوفك بالشكل دا تاني . مش انتي كنتي عايزة تاخدي حقك منهم. انا هجبهولك ‘
سما بألم
” حقى عند ربنا يا ماما.. انا خلاص مش عايزه حاجه منهم . انا حتي بفكر اسافر لشيرين و اقعد معاها هناك. ابتدي حياتي من جديد يمكن اعرف اعمل حياة زي الناس ‘
جن جنون همت حين سمعت حديثها و قالت بصياح
” انتي اتجننتِ؟ اكيد اتجننتِ عايزة تسبيني يا سما ؟ مش كفايه اختك الي مش عارفه أشوفها ليا سنين و قلبي بيتقطع من بعدها عايزين تسبوني انتوا الاتنين و تمشوا و أنا أموت هنا بقهرتي لوحدي ؟”
سما بألم
” ارجوكي يا ماما متحملنيش فوق طاقتي .. انا اعصابي مش متحمله حاجه كفايه إلي حصل لحلا بسببي . ارجوكي ارحميني انتي كمان .”
في تلك اللحظه كانت أمينة متوجهه إلي غرفة الجلوس و وقع حديث سما ك الصاعقه عليها فاقتحمت الغرفة وهي تقول بلهفة
” حصل ايه لحلا ؟”
تجمدت كلًا من سما و همت بمكانهم ولم تستطع أي واحدة التفوه بأي حرف مما جعل أمينة تصرخ ذعرًا
” ردوا عليا انتوا الاتنين خرستوا ليه ؟”
كان مروان يهبط الدرج حين سمع صراخ أمينة فهرول إليها يقول بلهفه
” ايه في ايه ؟”
التفتت أمينه تناظره بغضب و هي تقول
” حلا فين و جرالها ايه ؟”
لفت انتباهها تلك الحقيبة التي كان يمسكها بيده فانتزعتها منه تبحث به فوجدت ملابس حلا و بعض أغراضها فقالت بلوغه وقد صدق ظنونها بأن هناك مكروه أصاب ابنتها
” حلا فين و انت واخد الحاجات دي لمين ؟”
زفر مروان بغضب و شيع سما بنظرات الخسة قبل أن يقوم بقص ما حدث علي مسامع أمينة التي هبط قلبها من بين ضلوعها رعبا فالتف مروان حولها يسندها حين أوشكت علي الترنح و هو يقول بصدق
” والله العظيم حلا كويسه و أنا كنت عندها لحد الصبح و سالم كمان هناك هو و فرح و أنا رايح اوديلها هدوم عشان تلبسها و نجيبها و نيجي ”
” ودوني عند بنتي . عايزة اشوف بنتي ”
هكذا أخذت تردد أمينة فاطاعها مروان وجاء بها الي المشفي
عودة للوقت الحالي
انتفض كليهما لدى دخول أمينة العاصف بجانبها مروان العابس يمسك بيدها إلى أن وصلت إلي حلا تحتضنها بقوة و هي تذرف الكثير من العبرات حمدًا لله على رؤيتها سالمه فقلبها ذاق لوعة الفراق مرة و لن يحتملها مرة آخرى
” يا قلبي يا بنتي جرالك ايه ؟”
كانت تحتضن وجهها بيدها وهي تتحدث فقامت حلا بإمساك كفوفها و وضع قبلات حانية بباطن كفيها وهي تقول بطمأنة
” انا كويسه يا حبيبتي متقلقيش . دي حادثه بسيطة ..”
أمينة من بين عبراتها
” حادثه ايه دي الي بسيطه دانتي ايدك مجبسه و رجلك كمان . امال لو مش بسيطه ..”
أخذت حلا تهدئ من أمينة التي كان الرعب يملئ قلبها فتدخل مروان قائلا بملل
” يا مرات عمي ماهي زي القردة قدامك اهيه ايه لازمته كل الصياح دا”
غمرها الخجل و الحرج حين وجدت ياسين مازال يقف بجانب النافذة يشاهد ما يحدث بصمت فشعرت بالغضب من ذلك الغبي الذي ينعتها بالقردة أمامه و ارسلت له نظرات حانقة ابتسم لها ياسين و قد فطن لطبيعة العلاقة بينها وبين مروان الذي تابع قائلا بتخابث
” بقولك ايه يا مرات عمي ما تيجي اعرفك على دكتور ياسين الي جاب حلا عالمستشفي وقت الحادثة “
نجح في جذب انتباهها كليًا فالتفتت إلي ذلك الشاب الوسيم الفارع الطول الذي يقف بجانب مروان فحاولت النهوض مستنده على السرير الخاص بحلا وهي تتوجه اليه فاقترب منها و مد يده يصافح يدها الممدودة إليه بود فقالت أمينه من بين عبراتها
” انا مش عارفه اشكرك ازاي عالي عملته مع بنتي “
ياسين باحترام
” متشكرنيش. انا معملتش غير واجبي يا حاجه.. “
أمينة بحزن عميق
” انت متعرفش . انا قلبي انكوى مرة و مش حمل مره تانيه.. ربنا يباركلك يا ابني و يحميك و يفاديك. “
ياسين بإشفاق علي تلك العجوز الذي يلون الحزن ملامحها
” ربنا يباركلك فيهم يا حاجه . معلش دا ابتلاء من ربنا و انتي قدها ..”
أمينة بحرقة
” ونعم بالله .. الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه..”
هنا تدخل مروان الذي بدأ التذمر علي ملامحه
” مفيش فايدة في الستات مبيفوتوش فرصة للنكد .. بقولك يا مرات عمي مش دكتور ياسين معيد عند حلا في الجامعة. شوفتي الصدف و تدابير القدر. يبقي المعيد بتاعها هو الي ينقذها ..”
القي جملته الاخيرة بتخابث جعل حلا تشعر و كأن دلوًا من الماء المثلج يسقط فوقها وخفضت رأسها خجلًا. و لكن أمينة فرقت نظراتها بين حلا و ياسين بغموض قبل أن تقول
” والله! طب و دا حصل ازاي يا دكتور ياسين؟”
ياسين بثبات
” الحادثة حصلت جنب الجامعة و أنا كنت جاي الجامعه لما شفت الحادثة و كمان حلا طالبة عندي و أنا أكيد عارفها فجبتها علي هنا “
فاجأه سؤال أمينة المباغت
” هو انت متجوز يا دكتور يا سين ؟”
شهقت حلا بصدمه و لكنها سرعان ما كتمت شهقتها حين رأت ابتسامة ياسين الجذابة و إجابته التي أسعدتها كثيرًا
” لا مش متجوز . لسه ربنا مبعتش بنت الحلال .”
تبدلت ملامح أمينة قليلا و ارتسمت سعادة لحظية علي وجهها و تحدثت بلطف
” ربنا يبعتلك بنت الحلال الي تستاهلك يا ابني باين عليك ابن ناس و متربي..”
” تسلميلي يا حاجة . ربنا يسمع منك .”
أمينة بحبور
” بص بقى انت دلوقتي بقيت زيك زي ولادي و لازم تيجي تنورنا و تشرب معانا الشاي و تتعرف عليهم . “
أوشك ياسين علي الإعتراض و لكنها قالت بحزم
” مفيش أعذار. و لا انت بخيل بقي. “
ياسين بمزاح و قد راقت له فكرتها كثيرا حتي يتسني له رؤيتها
” لا بخيل ايه انا أساسًا صعيدي و انتي اكيد عارفه الصعايده مفيش اكرم منهم ..”
انشرح صدرها كثيرا لحديثه و قالت بإشراقه
” طبعًا عارفه دول أحسن ناس ..”
ابتسم ياسين و استأذن بالانصراف فتبعه مروان الذي قال بخفوت
” مرات عمي مبتضيعش وقتها أبدا..”
*****************
كانت فرح تناظره بصدمه لم تستطيع تخطيها بينما عيناه ترصدان ملامحها بترقب كان يريد معرفة وقع الحديث عليها و لكنها تلك المرة حقا لم تجد ما تقوله فهو قد تلقي بـ قنبله موقوتة انفجرت بقلبها الذي لوهله تخيل لو أن هذا الحديث صحيح هل حقا يمكن أن يقع بعشقها ؟ و لكن في اللحظة التالية نهرت نفسها بشدة و نجحت في إستعادة جأشها و قالت ساخرة
” اهو دا أسخف سبب في الدنيا ممكن اقولهولها.. دانا مقولهاش أسباب احسن .”
نجحت و بقوة في إثارة غضبه الذي تجلي في ذلك العرق النافر في صدغه و تفاحة آدم التي تحركت في رقبته فقد كان يبتلع غضبًا يريد إحراقها به حتى يمنعها من وضع الحواجز و العراقيل الدائمة بينهم. و لكنه في نهاية المطاف تحدث قائلًا بفظاظة
” عندك حق.. دي أسخف نكتة ممكن تقوليهالها.. عموما انتي مش صغيرة. و مش محتاجه تبرري “
تستحق تلك الإجابة كانت تعلم ذلك و لكنها تألمت بشدة و جاهدت حتى لا تظهر ذلك حين قالت بجفاء
” و ياترى انت بردو مش محتاج تبرر ؟”
تحدث بقسوة تضاهي ملامحه في تلك اللحظة
” لا. قررت و انتهى الموضوع. مبررات و غيره مش في قاموسي. و بعدين انا ورايا حاجات اهم اتشغل بيها”
وبخت نفسها للمرة التي لا تعرف عددها فهاهي ككل مرة تنجح في إخراج أسوأ ما فيه. و تجعله يتحول من رجل هادئ يعاملها بمنتهى الرفق الى رجل متعجرف فظ لا تعرف كيف تتعامل معه..
رنين هاتفه قاطع شرودها فأجاب عليه وبعد لحظات تبدلت ملامحه للغضب الذي جعله يهب من مكانه و هو يقول بقسوة
” يالا بينا..”
” حصل ايه؟”
هكذا سألته بلهفه فأجابها بفظاظة
” امشي وانتي هتعرفي..”
و بالفعل تبعته حتى وصلت إلي غرفة كلا فوجدت السيدة أمينة التي كانت تحتضن حلا برفق و بجانبها مروان الذي كان يقف بجوار النافذة وهنا علمت أن سبب غضبه مجئ والدته للمشفى.
” جيتي ليه يا حاجه ؟”
أمينه بعتاب
” عايزني اعرف ان بنتي عامله حادثه و اقعد في البيت يا سالم ؟”
زفر بغضب تجلي في نبرته حين قال
” و مين اللي قالك ؟”
أمينة بمراوغه
” عرفت و خلاص. “
التفت إلي مروان الذي جفل من مظهره فرفع كلتا كتفيه للأعلي بمعني لا دخل لي فالتفت إلي حلا قائلًا بخشونة
” جاهزة عشان نمشي ؟”
حلا بخفوت
” جاهزة ..”
التفت إلي مروان قائلًا بجفاء
” انا هاخد الحاجه معايا و انت تعالي ورانا ”
أوشك مروان علي الرد و لكنه تفاجئ بفرح التي تدخلت قائله
” خد الحاجة معاك و انا هرجع مع مروان عشان عايزة اشترى شوية حاجات في الطريق ..”
تفاجئت حين وجدته التفت يناظرها بنظرات قاتله و كأنها آتيه من الجحيم فتسمرت للحظات بمكانها ذعرًا من مظهره و أيقنت بأنها ارتكبت خطأً فادحًا لن يمرره لها و لكنه التفت متوجهًا إلى شقيقته و قام بحملها وهو يقول بقسوة
” مروان نزل الحاجة ركبها العربية ..”
ثم توجه إلي باب الغرفة و بطريقة قام بركل الكرسي المتحرك الذي وضعته الممرضة في إحدى زوايا الغرفة لنقل حلا للأسفل حتى انه اصطدم بالحائط محدثًا ضجيج قوي لم يأبه له وتوجه إلي الخارج دون أن يلقي عليها نظرة واحده بينما قام مروان بمساعدة أمينة و التي شعرت بوجود خطب ما و لكنها لم تعلق اكتفت بإبتسامه بسيطة لفرح التي كان مظهرها يوحي بمدى صدمتها مما حدث ..
**************
هبط سليم الدرج وهو ينظر إلى ساعته فقد طال انتظاره فهو قد تجهز منذ ساعه و اكثر ينتظر نزولها و لكنها لم تظهر بعد و حين رأى نعمة الخادمة سألها بلطف
” دادا نعمه ممكن تستعجلي جنة و ريتال عشان ورانا مشوار مهم ..”
ارتبكت نعمة و لم تعترف ماذا تقول وقد شعر هو بارتباكها فهبط آخر درجتان و تقدم منها و هو يقول باستفهام
” في حاجه ؟ ”
نعمه بحرج
” اصل الست جنة قالتلي اقولك أنها تعبانه و مش هتقدر تخرج!!!”
و كأنه تلقي مطرقة قوية على رأسه جعلته يقف لثوان عاجز عن الحديث. فهل تلاعبه تلك المرأة ؟ هل تريد إشعال غضبه الذي بالتأكيد لن يحرق غيرها؟
تحولت عيناه الصافية الى بركة من الدماء المحتقنة بفعل الغضب و الذي تجلى في نبرته حين قال بجفاء
” قالتلك كده امتي؟”
نعمه بخفوت
” لسه من خمس دقايق ..”
صح ظنه فهي جعلته يتجهز و ينتظرها كل هذا الوقت و بعدها تقوم بفعلتها الغبية لإغاظته.. اه لو تعلم كم يود التوجه إلي غرفتها و تلقينها درسا لن تنساه تلك ال..
لم يستطيع اكمال جملته فقد توقف عقله أمام صورتها التي تبتسم بتشفي علي ما فعلته به والتي لابد و أنها مرتسمه على ملامحها الجميلة الآن. و للحظة تغلب علي غضبه و قال بخشونة
” تمام . شكرًا..”
ما أن أنهى جملته حتى سمره في مكانه ذلك الصوت القوي الذي هز أرجاء القصر
” سليم يا وزان …”
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في قبضة الأقدار)