روايات

رواية في قبضة الأقدار الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار الجزء السادس والثلاثون

رواية في قبضة الأقدار البارت السادس والثلاثون

في قبضة الأقدار
في قبضة الأقدار

رواية في قبضة الأقدار الحلقة السادسة والثلاثون

احتياجي إليك قاتل كنص حُرِمت حروفه على لسان حامله! فالأمر كان أشبه بسفينة عادت إلي شطها مهزومة ، مُثقلة بـ تصدعات وشروخ خلفتها عواصف وأعاصير رحلة مُضنية مع القدر. وحين لاحت بوادر الإتيان إلي ديارها. لم تواتيها الجرأة على معانقة مرساها أو الاستكانة بين أحضان مرفأها فظلت عائمة تتقاذفها رياح الهوى غير عابئة بجراحها. يُذكرها تأرجحها بين جنبات المياه الضحلة بأن ترياق أوجاعها أمرًا بعيد المنال مهما بدا قريبًا ، و أن ما خفى كان أشد وأقسى ..
هكذا كان الأمر معك!

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

تجمدت قدماها و شعرت بتوقف النبض في أوردتها حالما وقعت عينيها على تلك الورقة اللعينة التي كانت سبب هلاكها و وقوعها في فوهة ذلك الجحيم ، ولكنها لم تكن وحدها بل كانت متبوعة برسالة أخرى أسوأ مما تحمله هذه الورقة
” الورقة دي هـ تلف على كل مواقع مصر و جرايدها لو تممتِ جوازك من سليم الوزان!!”

كانت في تلك اللحظة أشبه بطفلة عاجزة تحيطها الأعين
بـ استفهامات كثيرة وهي لا تستطيع النطق بـ كلمه واحدة تشعر بـ نبضها يحترق ألمًا بعد أن ظنت بأنه سـ يهدأ ويستكين!
كان مظهرها مبعثرًا ضائعًا فـ اقترب منها يحاوطها بذراعين صُنعت من عشق غلف نبرته و نظراته حين قال
” مالك يا جنة؟ “

كان ينطق اسمها بصورة قاتلة اخترقت اقوى دفاعاتها التي اهتزت فانبثقت دمعة غادرة من طرف عينيها تحكي مقدار وجعها الذي اهتز له قلبه فشدد علي كتفيها مضيفًا بنبرة اقوى
” ردي عليا ؟؟ في ايه؟ “

اقتربت منها «فرح» وهي تنظر إلي «سليم» نظرات ذات مغزى حتى يتركها الآن معها و لكن قلبه لم يكن يطاوعه.. فقد شعر بأنها كانت على وشك التسليم له. و بأنها كانت بصدد إعطاءه فرصة لبدء علاقة صحيحة معها ولكن الآن حدث شئ ما.. وذلك الهاتف اللعين حتمًا يحمل الجواب..

كان مايزال يقف و يناظرها بعينين يغلفهما التوسل ألا تبعده و يكن هو الكتف الذي ترتمي عليه بثقلها ولكنها كانت عاجزة حائرة تناظره بأعين تشتت بهما الشعور و ضاع بهما الأمل. خيبة قوية ارتسمت بعينيه التي اخفضها قبل أن يقوم بترك ذراعها علي إثر حديث أخاه
” سيب جنة و فرح يدخلوا يتطمنوا علي محمود. و تعالي ننزل نشوف الدكتور “

لا تعلم لما شعرت بخيبة كبيرة احتلت قلبها حين تركتها يداه ؟ هل كان صمتها اختبارًا منها علي مدى صبره و تمسكه بها؟ أم أنها كانت بحاجة إلى ما هو أقوى من يديه في تلك اللحظة ربما كانت أضلعه التي تمنت لو ارتمت بها تبكي كل ما تحمله من قهر و عذاب و ألم أثقل خطواتها المتجهة الى غرفة صغيرها وما أن همت أن تفتح الباب حتي توقفت إثر صوته الذي قال بقوة
” مستنيكِ هنا اطمني علي محمود و تعالي..”

على قدر ألمها الهائل و خوفها الكبير ولكن جملته جعلت شعورًا من الأمان يتسلل الى نيران قلبها فتهدأ قليلًا.

” متضغطش عليها اكتر من كدا يا سليم..”
هكذا تحدث «سالم» الذي كان يرى الوضع من الخارج فلم يكن يشعر بهذا البركان الثائر في صدر أخيه الذي صاح بغضب
” متقوليش متضغطش عليها.. انا هتجنن ! في حاجه حصلت وشها اتقلب فجأة لما بصت في التليفون.. ”
«سالم» بهدوء
” دا واضح . اللي اقصده انك تديها فرصتها عشان تثق فيك. حتى لو هي بدأت تميل ليك مشوار الثقة لسه طويل بينكوا..”

ابتلع جمراته الغاضبة وقال بألم
” انا بعمل اللي اقدر عليه عشان اقرب منها واطمنها.. مش عايز حاجه غير اني احميها و بس..”
«سالم» بخشونة
” عارف. بس اللي هي فيه مش سهل.. خليك جنبها من غير ما تخنقها و صدقني انت اول حد هتجري تحكيله. لما تهدي و تستوعب..”

انكمشت ملامحه بألم و تبدل غضبه الحارق الى سكون خارجي قبل أن يومئ برأسه محاولًا أن يتفهم الأمر و يرضخ للوضع حتى ولو كان مؤلمًا…

في الداخل اقتربت من فراش صغيرها بأقدام ثقيلة و خطوات سُلحفية فقد كان الألم بداخلها أقسى من أن يوصف ممزوجًا بخوف جعل يديها ترتجف حين امتدت تلامس جبهته التي هدأت قليلًا بفعل العقاقير و الأدوية فسكن جسده و هدأ نومه فأخذت تمرر يدها المرتجفه علي ملامحه و جسده وهي تناظره بأعين مشوشة اختلط مياهها بنيران ألمها الضاري لتسقط بعنف على خديها المحترق بحمرة قانية مرورًا بشفاهها التي نطقت هامسه
” سامحني…”

كانت يدها تمر بحنان علي جسده الي أن وصلت إلى كفه الصغير فمررت اصبعها داخل راحته فشعر الصغير بها وقام باحتضان اصبعها الصغير بكفه الرقيق و كأنه يعلن غفرانه وحمايته لها فارتج قلبها لفعلته و ازداد الدمع انهمارًا من عينيها فاقتربت منها شقيقتها تطوق أكتافها من الخلف وهي تشاركها تلك اللحظة المُشبعة بشتى أنواع المشاعر الصادقة فخرج صوتها مُتحشرجًا حين قالت
” شوفتِ يا فرح ماسك ايدي ازاي؟ دا مش زعلان مني اني سبته كل دا! هو كدا مسامحني صح؟”

شددت «فرح» من احتضانها وهي تقول من بين عبراتها
” طبعًا مسامحك يا حبيبتي. مين يقدر ميسامحكيش يا جنة؟”

التفتت «جنة» تناظرها بعينين هالكة من فرط الألم الي تجلى في نبرتها حين قالت
” طب و أنتِ يا فرح؟ سامحتيني؟”

كوبت «فرح» وجهها بين كفوفها الحانية وقالت بصدق
” طبعًا سامحتك.. أنتِ بنتي يا جنة مش اختي.. انا اللي قصرت مش أنتِ! مقدرتش احميكِ من الوحوش الي حوالينا . لكن أنتِ مغلطتيش .. أنتِ كنتِ إنسانه في وقت الدنيا فيه بقت غابة.. كلنا مسامحينك يا جنة. جه الوقت اللي أنتِ مفروض تسامحي نفسك بقي. وكفايه وجع و عذاب و ألم..”

«جنة» بلوعة
” مش بالسهولة دي يا فرح .. لو أنتوا سامحتوني الناس و المجتمع مش هيسامحوني..”

«فرح» بقوة
” ملناش دعوة بيهم.. ميهموناش.. احنا عارفين انك مغلطتيش. كلنا ميهمناش غيرك و أولنا سليم.. حبه ليكِ يبان للأعمى .. انسي كل اللي حصل أو سبيله نفسك و هو هينسيكِ . متخليش الدنيا تغلبك تاني أنتِ عمرك ما كنتِ ضعيفة..”

كانت كلماتها كزخات المطر التي سقطت على قلبها الذي تصدعت تربته من فرط الألم لتعيد إليه عافيته رويدًا رويدًا و قد بدأت ملامحها بالهدوء قليلًا فتابعت «فرح» بتحفيز
” أنتِ طول عمرك كنتِ اقوى و أجرأ مني. فاكرة لما كنتِ تعملي حاجه غلط و أنتِ صغيرة و كنتِ تجرى تقولي لبابا عملت قبل ما حد يروح يقوله. مكنتيش بتخافي حتى لو غلطتي كنتِ بتتعلمي من غلطك. محدش فينا مبيغلطش. الوحش بس اللي ميستاهلش فرصه تانيه و أنتِ مش وحشه افتكري الكلمة دي كويس”

أومأت «جنة» برأسها و علي وجهها ابتسامة جميلة شقت طريقها من جوف الوجع الكامن بصدرها و قامت
بـ الارتماء بين أحضان شقيقتها التي قابلتها بـ أذرع مفتوحة و قلب محب احتضن آلامها إلي أن هدأت ثورة انهيارها تدريجيًا فقامت برفع رأسها وهي تقول بصوت أجش من فرط البكاء
” شكرًا أنك موجودة في حياتي يا فرح..”

ابتسمت «فرح» بحنان وقالت
” انا اللي مفروض اشكرك يا جنة.. و بعدين تعالي هنا هنقضيها عياط بقي مش مفروض أننا عرايس نفرح شويه. ولا هنقضيها حزن وبكى كدا ؟”

كلمات شقيقتها أعادتها إلي نقطة مؤلمة و ذكرتها بمصيبة أخرى ولكنها توقفت حين سمعت توسل «فرح»

انا نفسي افرح اوي يا جنة . نفسي استطعم حاجه من اسمي دا . انا قربت انسى معناه..”

كانت كلمات علي قدر بساطتها ولكن وقعها كبير على قلب «جنة» التي قالت بثقة
” هتفرحي يا فرح باذن الله. انا مش هسيبك حاجه أبدًا تنغص عليكِ فرحتك. خليكِ واثقة في ربنا و فيا ..”

كانت كلماتها كبيرة بما تحمله من معني فاومات «فرح» بحنان وهي تقول
” واثقه في ربنا و فيكِ طبعًا..”
تحركت «جنة» من مكانها وقالت بتصميم
” خليكِ هنا مع محمود . دقائق و رجعالك..”

لم تمهلها الوقت للإستفسار فقد توجهت إلي خارج الغرفة مغلقة الباب خلفها و إذا به تجد زوج من العيون تتوجه إليها كانت إحداهما عاشقه متلهفه و الأخرى جامدة والتي كانت ل«سالم» الذي قال بخشونة
” هنزل لمروان تحت اشوفه بيعمل ايه؟”
ولكن كانت دهشته قويه حين سمع صوت «جنة» التي قالت بثبات
” لا يا سالم بيه . لو سمحت خليك..”

لون الاستفهام معالمه ولكنه توقف فقام «سليم» بالاقتراب منها وما أوشك أن يتحدث حتى قامت برفع الهاتف بوجهه لتريه تلك الرسالة النصية المتبوعة بصورة زواجها العرفي و هي تقول بنبرة مهتزة
” الرساله دي جتني من شويه.. “

برقت أعين «سليم» حين وقعت على تلك الصورة و الحروف المدونة بعدها و تحولت ملامحه بطريقه مرعبة فقام «سالم» بجذب الهاتف من يده لـ نتكمش ملامحه هو الآخر بغضب لم يفصح عنه بينما قام «سليم» بحمل أحد المقاعد و رميها في لجدار ليتحطم بقوة وهو يصيح بعنف
” مين ابن الكلب دا؟؟”

تراجعت «جنة» إثر ثورته المخيفه فنهره «سالم» بقسوة
” اهدي يا سليم عشان نعرف نفكر و نشوف هنعمل ايه..”

التفت «سليم» إلى أخيه فوجد عينيه علي «جنة» التي انكمشت رعبًا و «فرح» التي هرولت الي الخارج
لـ تعرف سبب الجلبة فأخذ «سليم» يلعن نفسه في سره و قام بإخراج ثاني أكسيد الغضب المعبأ بـ داخله و اقترب من «جنة» التي احتمت بصدر شقيقتها قائلًا بلهجة مبحوحه و انفاس هادرة
“متخافيش.. انا مش متضايق منك.. أنتِ ملكيش ذنب في حاجة..”

كان مشهدا مروعًا بقدر روعته وحشًا ثائرًا يحاول تهدئة عصفور مرتعب. و قد كان هذا المشهد اسمى ما يمكن أن يُقال في الحب فقد كان يبتلع جمرات غضبه الحارقه و يتحكم في طوفانه الأهوج فقد لأجلها فـ نظراتها المرتعبه نحوه كانت تقتله ولكن نظراته الحانية نحوها جعلت نبضها يستكين قليلًا فاومأت برأسها حين تابع

” كل حاجه هتبقى تمام. متخلقش اللي يهددك و أنا موجود.. اوعي تخافي عشان خاطرى..”

كان لـ توسله وقع مختلف على مسامعها و قلبها الذي هدأ بوجوده على الرغم من ثورته الغاضبة ولكنها كانت تعلم في قرارة نفسها بأنه لن يدع مكروهًا يمسها و قد كانت أول مرة بحياتها تشعر بهذه الثقة تجاه أحد و غافلها قلبها حين أعلن عن مكنوناته بلهجة خافته
” مش خايفه . انا واثقه فيك..”

بتلك اللحظه شعر و كأنها سلبت فؤاده من بين ضلوعه التي اهتزت لكلماتها التي لم يكن يتخيلها بأحلامه فأخذ يطالعها بعينين براقتين غير مصدقه لما سمع و بلمح البصر قام بـ جذبها لتستقر أسفل ذلك الذي جُن بعشقها و لم يعد هناك مجال لـ افلاتها من بين براثنه أبدًا..

كانت رحلة العودة هادئه فالجميع مُنهك و كلًا منهم مُنشغِل بالكثير و ما أن خطت السيارة أمام البوابة الكبيرة حتى التفت «سليم» إلى «جنة» لـ يأخذ منها الطفل حتى تستطيع أن تنزل وقام «سالم» بالترجل من خلف المقود ليقوم بفتح بابها و يساعدها علي النزول فاردًا يديه إليها فلم تستطيع ردها على الرغم من خجلها الكبير فـ حين لامست كفوفها يده الخشنة شعرت بموجة دفء كبيرة تجتاح أوردتها و قد بدا احتراقها جليًا في عينيها التي تشابكت مع عينيه بنظرة طويلة كان بها الكثير ولكنه اضطر إلى قطعها إذ قال بخشونة
” متخافيش من حاجه و قولي لجنة كمان متخفش.. مفيش حاجه هتحصل وانا بنفسي هتاكد من دا..”

اخفضت رأسها و زفرت بتعب تجلي في نبرتها حين قالت
” تفتكر الورقة دي وقعت في ايد مين؟ و ليه بيعمل كدا؟”
«سالم» بجمود
” الورقة موقعتش في ايد حد . الورقتين معايا ومحدش يقدر يوصلهم. “

«فرح» بصدمة
” أومال الصورة دي …”
قاطعها بصرامة
” متشغليش بالك.. انا هعرف اللي حصل ده حصل ازاي.. “

«فرح» بحنق
” ازاي مشغلش بالي يا سالم. و لو مشغلتش بالي بالمصيبة دي اشغل بالي بأيه ؟”
أجابها باختصار
” بيا.. في مصيبة احسن من كدا تشغلي بالك بيها؟”

رغمًا عنها غافلتها أحدي بسماتها الخجلة التي اخترقت قلبه فقال بخشونة
” متفكريش في حاجه غير انك بعد اسبوع من النهارده هتبقي مراتي. “

اخفضت رأسها هربًا من عينين كانت تلتهمان خجلها و تنفذان الي داخل أعماقها بطريقه جعلت حزمة من الوخزات الموترة تتفشى في سائر جسدها الذي اندفعت دماءه بقوة فلونت خديها بلون التفاح الشهى فقام برفع رأسها ليعيد عينيها الى خاصته قائلًا بصوت أجش
” و في خلال الأسبوع دا عايزك ترمي الكسوف دا على جنب مانا مش كل ما هقول كلمتين هلاقيكي لونتي كدا. كدا خطر عليكِ “

اتبع كلامه بغمزة جعلت دماءها تجف ب أوردتها و تسارعت انفاسها بصورة كبيرة حتى بدت تنتفض بين يديه فقد كانت أمامه كمراهقه تختبر أولي مشاعرها بجانب رفيقها و يالروعة هذا الشعور خاصةً أمام رجل مثله قادر على إخضاع جميع الحواس و المشاعر.
بأعجوبة افلتت من بين براثن نظراته وحاولت أن تبدو شجاعة حين قالت
” بطل بقى . و بعدين اي خطر دي لا ماتخافش عليا. هات آخرك..”

ارتسمت ابتسامة حلوة على ملامحه العاشقة و زينتها لهجته العابثة حين قال
” ماليش آخر.. وبعدين متستعجليش على رزقك. اسبوع واحد و هشوف الشجاعة دي أخرتها ايه.. يارب منجبش ورا بس .”

انهي كلماته و قام بـ جذبها خلفه لـ يتوجهوا الي البوابة فوجدوا تهاني بـ إنتظارهم و التي قالت بلهفه
” طمنوني المحروس عامل ايه؟ كت عايزة أصحي الحاچ و ناچيلكوا عالمستشفي فرح جالت انكوا چايين عالطريق”

اومأت «جنة» بهدوء تجلى في نبرتها حين قالت
” تسلمي يا طنط . الحمد لله بقي احسن.. كانوا شويه برد ”
” الحمد لله.. بجولك اي الواد ده محتاچ حضن أمه. مالوش غيرك يا بتي.. اوعاكِ تجسي عليه مرة تانية.. ربنا بيدينا فرص علي طبج من دهب لازمن نستغلوها صوح كده ولا اي يا سليم بيه؟”

اومأ «سليم» باحترام وقال مؤكدًا
” طبعا يا حاجه تهاني عندك حق.. محمود في عنينا انا و ممته.. ولا ايه يا جنة؟”
شددت من احتضانها للطفل و قالت بخفوت
” عندك حق ..”

دخل الجميع الى الداخل و ذهب «سالم» إلى «مروان» النائم في السيارة بينما انتظر «سليم» ليودعها و حين دخل الجميع اقترب منها قائلًا بهدوء
” حقك عليا لو خوفتك في المستشفى.. انا بس لما بتعصب بتفلت مني شويه..”

اومأت بتفهم قبل أن تقول بخجل
” عادي ولا يهمك.. ليك حق تضايق..”

شددت يده علي كفوفها قبل أن يقول بخشونة
” اوعي تخافِ من الرسالة دي. محدش هيقدر يعمل حاجه. و الخط اصلًا اتقفل بعد ما اتبعتت دا حد عايز يضايقنا و خلاص و انا هعرفه و هوريه شغله ..”

رفعت أنظارها تطالعه بقوة تجلت في نبرتها حين قالت
” بس انا عارفه مين الي بعت الرسالة دي؟”

***************

حين يكون الإنسان متألمًا يمر الوقت و كأنه على ظهر سلحفاة نشعر بأن العقارب تلدغنا بكل ثانية تمر بها. و لا نفع للدواء إن كان الداء منبعه القلب .
كانت تتسطح على مخدعها تنظر أمامها بشرود فقد استقرت حالتها الي حد ما وشفيت بعض جروحها ولكنها تركت ندبات كثيرة علي جسدها و كذلك روحها التي أصبحت كثوب مهلهل من فرط تمزقه لم يعد صالحًا لأى شئ .
حاوطت نفسها بسور الوحدة و رفضت الحديث مع أي أحد تأكل من الطعام ما يسد رمقها فقط. اختارت أن تعيش بـ صومعتها وحيدة تلعق جراحها كحيوان أليف تأذي منه كل من احتواه. فأصبح منبوذًا حتي من نفسه. رفضت وجود الجميع و اختارت نفسها فقط علي أمل أن يقتلها عذابها ذات يوم و تستريح.

جلبة قوية في الخارج افسدت وحدتها و خدش سمعها صوتًا كانت تعرفه عن ظهر قلب فحاولت أن تتحامل علي جسدها المنهك و الإنتصار علي اوجاعها الهائلة واضعه أقدامها علي الأرض تتوسل لقواها أن تحملها للخارج حتى ترى ماذا يحدث؟
أخيرًا و بعد عناء شديد استطاعت أن تصل الي باب الغرفة وحين أوشكت علي فتحه توقفت كل عضله بها عن الاستجابة حين سمعت صوته الغاضب و هو يصرخ
” أنا بحبها.. و محدش فيكوا يقدر يمنعني عنها..”

كان تصريحًا مريعًا بالحب لم تتوقعه أبدًا و خاصةً منه.. كان آخر خيط يربطها بالحياة ولكنه لم يكتفي بسحقه بل دمر الجزء المتبقي من آدميتها حين قام بفعلته النكراء بها. هو من كانت تشتكي له خذلان الجميع ليأتي هو و يعطيها ما هو أقسى و أصعب أذاقها ويلات الخزي و الذل و قضى على المتبقي منها والآن يدعي محبتها!

حين يأتيك الخذلان من أكثر مواطنك أمنًا تهتز ثوابت الكون بقلبك. كـ سماء تخلت عن ظواهرها الفيزيائيه و تحول قوس المطر الخاص بها إلي رمادي ابتلع جميع ألوان الحياة منه..

أخرجها من شرودها صوت والدها الصارخ وهو يقول معنفًا
” حب ايه يا كلب اللي يخليك تأذيها بالشكل دا؟؟ الأشكال اللي زيك متعرفش تحب..’

صاح «عُدى» بصوت مبحوح من فرط الصراخ
” انت اخر واحد تتكلم عن الحب.. طب انا كنت واطي معاها عشان كان مضحوك عليا. انما انت كنت واطي معاها ليه؟ أهملت بنتك و رمتها من حياتك و لا اكنها ليها وجود ليه؟ “

كان صوت بكاء والدتها يؤذي سمعها بينما لم يستطيع «صالح» والدها إجابة «عُدى» بل انكمشت ملامحه بألم فقد كان مُصيب في حديثه و قد كان هذا الجُرم الذي اقترفه بحق ابنته لا يغتفر و لا يعلم كيف سيصلحه أو أن كان يملك ما يجعله قادر على إخراجها من تلك القوقعة التي احتمت بها من بطشهم..
تابع «عُدى» بسخرية مريرة
” شوفت بقي أنت حتى معندكش اجابه . أنت أسوأ أب شفته في حياتي .. و أنا هاخدها منك هاخدها منكوا و هتجوزها و هعالجها و مش هخليها تعرفكوا أبدًا..”

تدخلت الأم المكلومة قائلة بغضب يمتزج به الحسرة
” حتي لو احنا كنا وحشين و منستاهلهاش فهي بنتنا انما انت مين ؟ انت غريب عننا و عنها. و لو كنت بتحبها و عايز تعالجها مين قالك اننا هنآمن نديهالك بعد اللي حصل منك ؟”

” بس أنا موافقة اتجوزه…”

كان صوتها مبحوحًا يفتقر إلى القوة كحال جسدها الذي وهن و اهتز بها فاستندت إلى باب الغرفة لـ يهرول الجميع إليها فـ قامت بوضع كفها أمام والديها قائلة بنبرة صارمة بقدر ارتجافها
” محدش فيكوا بقربلي.. خليكوا بعيد عني..”

انهالت عبراتهم ألمًا على رفضها لوجودهم وقال «صالح» بتوسل
” يا بنتِ ارجوكِ سامحينا و ادينا فرصه نعوضك عن كل اللي فات ..”

شوهت ملامحها ابتسامة ساخرة ارتسمت علي وجهها الملئ بالندبات و تجلت سخريتها بـ نبرتها حين قالت
” تعوضني!! مفيش حد بيعوض انسان ميت وكان هو السبب في موته .. ابعدوا عني.. و كفاية بقى..”

كان حديثها طربًا علي أذنيه و علي الرغم من علمه بعدم غفرانها له و بأنه وسيلة لتؤذي به أبويها إلا أنه لم يستطيع منه شعور الفرحه العارمة من التسلل إلى قلبه خاصةً حين توقف الي جانبها و قام بوضع يده أسفل ركبتها و الأخرى خلف ظهرها حاملًا إياها بسهوله متجهًا بها إلى مخدعها دون أن يعطيها الفرصة للاعتراض وسط ذهول من والديها على طريقة تقبلها له.
حين أنتهي من وضعها سألها برفق
” مرتاحه دلوقتي ؟”

إجابته بحنق و عينين تشعان كرهًا
” لما تموت هرتاح..”
كان يتوقع اجابه عنيفة منها فابتسم بخفه قبل أن يجيب
” لما اطمن عليكِ الأول. “

كان يستفزها بطريقه لا توصف فصرخت حانقه
” أنا بكرهك..”
ظاهريًا لم يتأثر علي عكس قلبه الذي ارتج بفعل كلمتها ولكنه تابع حديثه بهدوء
” لو ده هيريحك انا موافق . ”
” متفكرش اني وافقت عشان عايزة اتجوزك. انا وافقت عشان اوجعهم زي ما وجعوني..”

اقترب يجلس بجانب مخدعها وهو ينظر إلي عينيها برفق تجلي في نبرته حين قال
” عارف.. و قابل اني اكون أداة تنتقمي بيها منهم.. و زي ما طول عمري بساعدك هساعدك المرادي كمان.. “

صاحت مغلولة
” و أنا مش عايزة من وشك حاجه ”
تجاهل غضبها وقال بخفه
” مش بمزاجك. طول عمرك كنتِ بتختاريني اني اكون جمبك و مكنتش برفض المرادي انا الي اختار بقي. مرة مني قصاد ألف منك. بيتهيقلي كده فير أوي..”

كان دائمًا بجانبها رغمًا عن كل شئ كان يحيطها بسياج آمن طوال السنوات الماضية لم يخترقه سوى رغبتها بالابتعاد عنه و الآن جاء وقته وهي بأقصي درجات ضعفها لا تجرؤ على الاعتراض فقط تتألم و تحترق حين تتذكر فعلته النكراء معها ولكنها تعرف أين يكمن عقابه لذا قالت بصوت يحمل السم و الكراهية
” عارف انت احسن عقاب ليك انك تشوفني كل يوم قدامك و أنا مشوهة كدا .. تشوف جريمتك كل ما تبص في وشى. و أنا بردو مش هبطل افكرك بيها كل لحظة عيني تشوفك فيها..”

كانت كلماتها مؤلمة على قلبه الذي لا يرى بها أي تشويه علي العكس يعشق كل ندبة تزين وجهها يتمني لو أنه يستطيع لملمة جراحها أو امتصاص ألمها يريد في تلك اللحظة تقبيل كل جرح ألم بها حتى يلثمه ببلسم عشقه الجارف لها
” بس انا مش شايف أي تشويه فيكِ بالعكس.. حلو النيو لوك وجديد كمان.. فكريني لما يخف ابقي اعورك تاني . “

لم تتحمل حديثه الهادئ و الذي عكست عينيه مدى صدقه فصرخت غاضبة
” اخرج بره.. مش طايقه اشوف قدامي ..”

اطاعها بصمت فقد كان صراخها بحد ذاته تقدم ملحوظ و هو بكل الاحوال افضل من صمتها المطبق الذي كاد أن يقضي عليه طوال الأيام المنصرمة..

أطل برأسه من الباب فوجد والداها علي حالهما من الألم و الحسرة يكللهما عبارات غزيرة فـ تألم لـ حالهم ولكنه لم يظهر أي تأثر و قال بصوت قاس
” انا هتجوز ساندي.و ياريت حتى لو كارهين بعض نبقي ايد واحده عشان تقدر نساعدها تخرج من محنتها.. و أظن انتوا شفتوا بعنيكوا أنها اختارتني واني شخص مهم عندها.. بالرغم من كل شئ..”

*******************

كان الأمر على صفيح ساخن فمثلما هناك قلوب داواها العشق هناك قلوب أخرى أفسدها . فقد كانت تذهب و تجيئ بالغرفه كمن مسه الجنون لا تعلم كيف تتصرف فبعد أن علمت بخطبته لتلك الفتاة انهارت جميع أحلامها. و قد فطنت الي لعبته الحمقاء حين جعلها تلتهي بأمر إرثهم المزعوم حتي يضرب ضربته دون ان تستطيع عرقلته وقد أتم خطته بنجاح.
صرخة غاضبة خرجت من جوفها تحكي مقدار القهر الذي تشعر به في تلك اللحظة وقامت بالعبث بهاتفها تنوي الاتصال بأحدهم و قد كان رنين الهاتف بأذنيها يزيد من إشعال غضبها أكثر فبعد أن انقضت مدة الرنين دون إجابه قامت بإلقاء الهاتف بعنف فكان أن يرتطم بوجه «همت» التي دخلت إلي الغرفه للتو
” ايه يا شيرين في ايه؟ أنتِ اتجننتِ؟”

«شيرين» بقهر
” اتجننت بس . دانا هتشل.. شفتي اللي حصل البيه كان بينيمنا . فتح في موضوع الورث عشان يلهينا و يخلاله الجو مع الكلبة بتاعته . “

قالت جملتها الأخيرة صارخة فاقتربت منها «همت» تربت علي كتفها بحنان قائلة بمواساة
” اهدي شويه و متعمليش في نفسك كده.. من وقت طويل و أنتِ عارفه أنه بيحبها. و أنتِ كنتِ متجوزة و عايشه حياتك مع جوزك. كل اللي كنا عايزينه انه ميظلمناش في موضوع الورث. و اهو قال انه مش هيظلمنا يبقي ليه بقى كل دا. ما ناخد حقنا و كل واحد حر في حياته..”

انتفضت شيرين أسفل كفوف والدتها التي تربت فوق ظهرها وقالت بانفعال
” أنتِ بتقولي ايه ؟ ورث ايه اللي كنا عايزينه ؟ و جوز مين اللي كنت عايشه حياتي معاه. أنتِ اكتر واحده عارفه اني عمري ما حبيت غير سالم. انا رجعت هنا عشانه . عشان دا حقي . انا بحبه وهو كان بيحبني. “

قاطعتها «همت» بصرامة
” و أنتِ اللي ضيعتيه من ايدك بعملتك السودا و لولا أنه شال الليلة وداري عليكِ كان هيبقي شكلنا زي الزفت قدام الناس..”

صرخت «شيرين» بقهر
” غصب عني كنت صغيرة . و ملقتش حد يوجهني. و هو طول عمره صعب و قاسي. و بعدين انا معملتش جريمة. ايه يعني قابلت احمد مرة ولا مرتين مكنش حب دي كانت مراهقه..”

«همت» بتقريع
” ماهو حظك الأسود اللي خلاه يشوفك و البيه ماسك ايدك.. تفتكري اي واحد في مكان سالم كان هيعمل ايه في الموقف دا؟؟”

«شيرين» بانفعال
” ماهو عمل.. وحكم عليا بالموت يوم ما فض الخطوبة و قال لبابا وخالي أني بحب واحد تاني عايزه اتجوزه. و جوزنى ليه من غير حتي ما يسمع مني “

” كان لازم يعمل كدا اي راجل في مكانه كان هيعمل كده. متنسيش انك خليتي شكله قدامنا زي الزفت أن خطيبته تبقي بتحب واحد تانى غيره. “

«شيرين» بقهر
” أنتِ معايا ولا ضدي؟”
«همت» بحنان
” يا بنتي انا معاكِ بس مش عايزاكِ تعلقي نفسك بحبال دايبه ساعدتك بكل اللي اقدر عليه بس دا ابن اخويا و أنا عرفاه احنا جبنا آخرنا معاه.. مش هنوصل لأبعد من كدا..”

تجاهلت حديثها وقالت بغضب
” انا بقى هوصل. بس افتكري انك ادتيني ضهرك على الرغم من أنك كان عندك استعداد تقتلي ابن جنة عشان سما. لكن أنا محاولتيش تعملي اي حاجه عشاني..”

شهقت «همت» من حديث ابنتها القاسي و تجهم وجهها قائلة بنبرة مرتعشة
” اخرسي. دي كانت لحظة شيطان و ندمت عليها و كله من لسانك أنتِ اللي قعدتي تسخني فيا. “

اقتربت منها «شيرين» بغل تجلي في نبرتها حين قالت
” انا مش هسكت و استحالة الجوازة دي هتتم. حتى لو هعمل ايه؟”

«همت» باندهاش
” انا ليه حاسه ان اللي قدامي واحده معرفهاش . مش دي شيرين بنتي اللي ربتها. و كبرتها. في اي؟ مش مظبوطه و عمالة كل شوية تعملي في مكالمات سرية زي الحراميه و تحلفي و تتحلفي ! مين وراكِ ؟ مسنودة على ايه يا بنت بطني؟؟”

قالت جملتها الأخيرة بصراخ لم يردع «شيرين» التي كانت عينيها مغلفه بطبقة من الغضب الممزوج بالشر الذي تجلى في نبرتها حين قالت
” هتعرفي كل حاجه في الوقت المناسب.. بس خليكِ فاكرة انك اتخليتي عني زي ما اتخليتي عن أبويا زمان..”

****************

انقضت الثلاث أيام الماضية بسرعة فقد كانت التجهيزات في البلد على أكمل وجه بينما غادر اولاد الوزان الي مسقط رأسهم حتي يتجهز الجميع مع الوعد بالقدوم قبل الزفاف بيومين و قد كان هناك ترقبًا من نوع خاص لأي حركة قد تصدر عن ذلك الشخص المجهول الذي أرسل رسالته ولكن لم يحدث شئ و قام «سالم» باتخاذ كافة احتياطاته مستخدمًا نفوذه حتى تكن الأمور تحت سيطرته في حين قام أحدهم بفعل أي شئ قد يخرب ذلك الزفاف.

كان عليه السفر الي مقر شركته في القاهرة يبحث أمور تخص العمل حين جاءه ذلك الطرق علي الباب و الذي لم يكن سوي لـ «سليم» الذي ما أن خطى باقدامه إلي الداخل حتى قال بانفعال
” لا ساندي ولا عدى هما اللي عملوا كده زي ما قالت جنة”
«سالم» باختصار
” اتأكدت؟”
«سليم» بتأكيد
” ايوا. و انت اتأكدت أن محدش دخل مكتبك وسرق الورق؟”

«سالم» بخشونة
” الورق زي ماهو . وارد يكون حد صوره و وارد يكون حد كان معاه نسخة منه من أيام ما اتمضي..”
«سليم» باستفهام
” تقصد ايه؟”

«سالم» بفظاظة
” تليفون حازم.. ”
انكمشت ملامح «سليم» بحيرة فتابع «سالم» وهو يخرج الهاتف و يلقي به أمام المكتب
” التليفون كان عليه نسخة من الورقة. و النسخة دي اتبعتت و بعد كدا اتحذفت. خليت حد راجع عليه..”

استشاطت غضبًا حين سمع حديث أخاه وقال بانفعال
” التليفون و حاجه حازم كلها مع ماما .”
«سالم» مصححًا
” كانت مع ماما !”
” يعني ايه؟”

«سالم» بجفاء
” حلا . خدت التليفون و المحفظة و كل حاجه من ماما من حوالي عشر أيام. ”
«سليم» بصدمه
” انت بتقول ايه يا سالم؟؟ معقول حلا تكون هي اللي؟؟”

«سالم» بجفاء
” منقدرش نجزم بـ دا. ممكن تكون سما شيرين او حتى عمتك. ومع الأسف منقدرش نسأل دا اتهام خطير لحلا .”

جن جنونه وقال منفعلًا
” اومال هنعرف ازاي؟”

«سالم» بحدة
” الخاين هيكشف نفسه. هنستني اما نشوف هيعمل ايه؟ ووقتها هنقدر نتصرف..”

زفر «سليم» بغضب و قال حانقًا
” أنا واثق أن حلا متعملش كدا. الحوار دا مش هيخرج غير من سما أو شيرين “

«سالم» بتوعد
” هنعرف بس الصبر…”

أنهى كلماته تزامنًا مع مجئ رساله علي البريد الالكتروني الخاص بالشركة فتوجه «سالم» إلى حاسوبه يستطلعه فإذا به يصدم حين وقعت عينيه علي تلك الرسالة و التي كانت شكر من إحدي الشركات التي يتعاملون معهم في الخارج وأخبارهم بأن المبالغ تحول للحساب الجديد و تتمنى عقد صفقات أخرى معهم..

” معناها ايه الرساله دى؟”
هكذا قال «سليم» حين قرأ النص المدون في الرسالة فلم يجيبه «سالم» و قام بإمساك الهاتف لإجراء اتصال و ما أن أتاه الرد حتي قال بأمر
” في اي شحنه خرجت من المخازن الشهر اللي فات؟”

أتاه الصوت الآخر على الهاتف
” ايوا يا سالم بيه احنا مسلمين شحنتين للشركه الألمانية الشهر اللي فات..”
هب «سالم» من مجلسه قائلًا بغضب
” انت بتقول ايه؟ و مين امرك تعمل دا؟”

اجابه الموظف بهلع
” حضرتك احنا جالنا ايميل التسليم كالعادة من ايميل الشركة الأساسي وبناءً عليه سلمنا الشحنات في معادها.. هو في ايه يا فندم؟”

خرج غضبه عن السيطرة فقد وقعوا فريسة للعبة قائدها مجهول مما جعل «سالم» يطحن أسنانه غضبًا قبل أن يقول بأمر
” ابعتلي الايميل اللي جالك دلوقتي علي الميل الخاص بيا .. و اي تعاملات بعد كده هتكون منه ايميل الشركه محدش يتعامل معاه خالص .”

اغلق «سالم» الهاتف فصاح سليم باستنكار
” اللي انا بسمعه ده بجد؟ احنا بيتنصب علينا من شخص مجهول؟؟”

زفر «سالم» بحنق و جلس يبحث علي حاسوبه فتفاجأ حين أتته رسالة العامل والتي تفيد بخروج بضاعة تتعدى العشرون مليونًا من مخازنهم فبرقت عينيه من شدة الصدمة التي كانت من نصيب «سليم» أيضًا والذي قال بذهول
” عشرين مليون! دا خراب بيوت ..”

تغلب «سالم» علي صدمته وقال بقسوة
” هتواصل مع الشركة و اعرف الحساب اللي اتحولت عليه الفلوس باسم مين و انت جهز نفسك عشان هنسافر القاهرة “

نفذ «سليم» أوامر «سالم» دون اعتراض بينما الأخير اشتدت ملامحه غضبًا و اكفهرت تعابيره بشكل مريب و قام بجذب هاتفه و إجراء أحد الاتصالات و ما أن أجاب الطرف الآخر حتي قال «سالم» بقسوة
” عايز اعرف مكان ناجي عبد السلام الوزان؟؟”

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في قبضة الأقدار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى