روايات

رواية في قبضة الأقدار الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار الجزء الحادي والأربعون

رواية في قبضة الأقدار البارت الحادي والأربعون

في قبضة الأقدار
في قبضة الأقدار

رواية في قبضة الأقدار الحلقة الحادية والأربعون

أشعر بأن الشوق يقيم حربًا في قلبي ولم اعُد استطِع تحمُل ذلك الدمار الذي يُخلفه غيابك. لذا أتوسل اليك باسم الحُبِ أن تقهر الفراق، و تعود لسُكناك فقد سئمت روحي كل هذا العذاب ..

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

“البت دي لازمن تمووت…”

تعالت الشهقات و الصيحات من حوله و ترددت عبارات المنع من جده و 《تهاني》 ولكن بدا التصميم جليًا في عينيه مما جعلها تتأكد أنها هالكه لا محالة فاغمضت عينيها بقهر انبثق منها على هيئة عبرات تزامنًا من انطلاق الرصاصة من فوهة سلاحه تصيب رأسها و بعد أن استعدت للموت و دوي صوت الرصاص بقلبها تفاجئت بأنها مازالت علي قيد الحياة..
فتحت عينيها ترفرف برموشها الكثيفه و إذا بها تصطدم ببركه من الدماء السابحه بمقلتيه و بجانبه ياسين الذي تدخل في اللحظة الحاسمه ليرفع فوهه سلاحه إلي الاعلي فاخترقت رصاصته سقف الغرفه بدلا من رأسها ..

” ايه يا عمار انت اتجننت ولا ايه ؟”

هكذا صرخ «ياسين» ب«عمار» الذي كانت اعينه معلقه علي تلك التي كانت ترتجف بشدة و عينيها تتوسل نافيه تلك التهمة البشعه التي الصقت بها عنوة و لُطِخ بها ثوب روحها الطاهرة . فتعالت شهقاتها حين سمعته يقول بقهر غلفه الغضب
” سيبني يا ياسين. الموضوع ده انت ملكش صالح بيها..”

” صالح ايه و زفت ايه ؟ عايزني اسيبك ترتكب جريمه زي دي واسكت..”

هرولت «تهاني» الي تلك التي كانت كل خلية بها ترتجف خوفا و ألمًا و قهرًا خرج من بين طيات صوتها المعذب حين قالت
” حرام عليك .. انا معملتش حاچه عفشه. انت اللي ظالم ، و مفتري. “

لا تعلم كيف واتتها الجرأة لنطق تلك الكلمات التي جعلت عينيه تبرقان من شدة الغضب فقام بدفع «ياسين» وهو يصيح بزئير
” بعد يا ياسين هجطع لسانها ..”
لم يطعه «ياسين» و صرخ به «عبد الحميد» معنفًا
” وجف عندك. و حالًا دلوق تخبرني حوصول ايه و الا تصرفي مش هيعچبك..”

تفرقت نظراته بينها و بين جده و جميع الموجودين و من بينهم «حلا» التي كانت تناظره ببغض كبير و تشفق علي تلك الملقاة كالشاة بأرضية الغرفة تحترق قهرًا و وجعًا فإذا به يصرخ بانفعال في وجه الخدم المحيطين بهم
” بره . اخرچوا كلكم بره . مش عايز اشوف حد في الدار واصل ..”

طاوعه الخدم و هرول الجميع الى الخارج بينما طالعته الأعين بفضول كان مقيت بالنسبه له والأكثر من ذلك هو عدم قدرته علي الحديث أو اخبارهم شئ
” هنستني كتير علي ما تفكر تحكي اللي حوصول؟؟”

هكذا تحدث «عبد الحميد» موجهًا حديثه الي «عمار» الذي ضاق ذرعًا بما يحدث فقد تشكلت غصه صدئه بداخل حلقه تمنعه من الحديث فقام بالصراخ علي «مسعود» الذي اتي مهرولًا فصاح به
“هاتلي الكلب اللي اسمه مرعي اهنه حالا ..”
” أوامرك يا كبير ..”

وبالفعل ما هي إلا دقائق حتي جاء «مسعود» برفقه «مرعي» الذي ارتعب ما أن رآي تجمهر الجميع ولكن حانت منه نظرة شامته علي تلك الملقاة على أرض الغرفة ترتجف بأحضان «تهاني»
” احكي يا مسعود شفت ايه بعد الفرح امبارح..”

” كت بمر زي كل ليله و شفت مرعي خارچ من الزريبة المهچورة و لامؤاخذه يده بيد واحدة و لما دخلت الزريبة لچيت سلسلة نچمة واجعه چمب السور چبتها و جيت طوالي جولت لعمار بيه..”

شهقات متفرقة خرجت من افواههن فصرخت «نجمة» بقهر
” انت شفتني بعينك يا ضلالي ..”
«مسعود» بصدق
” لاه .. بس دي سلسلتك صح واني بعيني شايفك وأنتِ لبساها..”

هنا تحدث «عبد الحميد» بوقار
” فين السلسلة دي ؟ ”
علي مضض تقدم «عمار» وأعطاه إياها فتحدث موجهًا سؤاله الي «نجمة»
” السلسلة دي بتاعتك يا بت أنتِ ؟”

«نجمة» بخفوت
” إيوااا.. بس والله العظيم يا سعادة البيه ما كنت اني.”

صاح بها «عمار» بغضب جحيمي رج جدران المكان حولهم
” ولما مش أنتِ ايه اللي وداها هناك و وجعها ورا السور.. “

شهقات متتاليه خرجت من جوفها قبل أن تجيبه بنبرة جريحه
” اني .. اني ..خلصت كل شغلي.. و كت معاودة دارنا.. و أنى ماشيه.. چار الزريبة المهچورة .. سمعت صوت چاي من هناك . جولت ابص اشوف في ايه .. و حطيت جالبين طوب .. و وجفت عليهم اشوف ..و وووو.. “

اخفضت رأسها خجلًا غير قادرة علي إكمال حديثها فحثها «ياسين» علي الحديث
” كملي يا نجمة شوفتي ايه ؟؟”

اخفضت رأسها وهي تكمل
” شفت الغفير مرعي .. في وضع .. يعني . وضع . عفش . مع بنته .. و فچاة جوالب الطوب اتحركت من تحتي و كت هجع .. و لما حسيت بيه طالع يشوف مين چريت استخبيت . لا يشوفني .. و لما روحت البيت ملجيتش السلسلة في صدري … و معرفش وجعت مني فين… والله العظيم ده اللي حوصول . “

توقف لثوان حين التفتت تناظره وهي تقسم بأن هذا ما حدث و لدهشته وجد شعور قوي يتسلل الي داخله بأنها تقول الصدق و لكن جاء صوت «مرعي» الذي صاح ينفي حديثها بخسه
” متصدجهاش يا عمار بيه .. ده هي إلي كات معايا و بتجول الكلام دا . عشان تلبسني التهمه و تنفد هي منيها…”

” اخرس ياد انت..”
هكذا تحدث «عبد الحميد» وهو يعاود أنظاره الي «نجمة» التي صرخت بقهر
” اتجي الله يا ظالم . انت مش عنديك ولايا تخاف عليهم.”
” اخرسي يا بت .. “

صاح بها «عبد الحميد» هي الأخرى و ضمن لثوان قبل أن يضيف
” الموضوع ده مش هيعدي بالساهل ده شرف . و عشان أكده هنچيب الحكيمه تكشف عليكِ لو فعلا أنتِ شريفه زي ما بتجولي هيبان و وجتها حقك عندي .. و لو كتي خاطيه زي ما بيجول هدفنك حيه .. “

كان الأمر برمته مهين ولكن حتي لو كان طريق الحقيقة اشواكًا ستغرز بكرامتها و كبريائها ستخطو به وتتجرع مرارة الألم في سبيل أثبتت برائتها.. اومأت بقهر وهي تخفض عينيها قائلة بصوت يخلو من الحياة
” و أني موافجه…”
” كل واحد علي شغله .. يالا .. وانت يا مسعود اچري چيب الحكيمه علي اهنه.. و حسك عينك مخلوج يعرف حاچة من اللي حوصلت دي فاهم ولا لاه؟”
” فاهم يا حاچ عبد الحميد…”

بدأت جيوش الندم تغزو قلبه وهو يناظر قهرها و رجفة جسدها الذي كان ينتفض بصمت بينما انسابت عبراتها تحفر وديانًا من الوجع فوق خديها. و لأول مرة بحياته يشعر بهذا الشعور المقيت بالألم يجتاح فؤاده و الذي لم يتحمله فتوجه الي الخارج وحين مر بها سمع صوتها المبحوح من فرط الألم
” بيني و بينك ربنا هنجف جدامه يوم الجيامة و هشتكيله ظلمك و چبروتك..”

انغرست أسهم حديثها المشتعلة بمنتصف قلبه الذي ارتج من فرط الصدمة والألم معًا فالتفت يناظرها فهاله مظهرها و عينيها التي سددت إليه نظرات مشبعه بالكراهية فكان لهذا وقعًا قويًا علي قلبه مضيفه إلي ألمه ألمًا جديدًا ولكن من نوع خاص لم يتخيله أو يختبره طوال حياته …

لم يتحمل ما يحدث و خرج مهرولًا بأدام هاربة من ألم ظن أنه باستطاعته الهرب منه ولكنه أي هرب من ألم يستوطن أعماق الروح..

كان كل هذا يحدث أمام «حلا» التي تفرقت نظراتها ما بين «ياسين» و «نجمة» و كأنها تخبره أي أناس هم ؟
و من ثم تجاهلته و توجهت الي تلك المسكينة تحتضنها دون حديث و لدهشته وجد عبراتها تنهمر بغزارة علي وجنتيها بينما كانت شفتيها ترتجف بقوة و كأنها تحاول منع شهقاتها من الخروج علنًا فتحدثت «تهاني» بلطف
” خديها عندك فوج يا بتي لحد ما الحكيمة تاچي . ديه بت غلبانه و اني متوكده أنها مظلومة ..”

اومأت «حلا» بصمت و قامت بمساعدة «نجمة» في الحركة و توجهت إلى الأعلى في صمت ينافي حديث الأعين الذي تساقط علي وجنتيها..

***************

بأقدام مثقلة بالخيبات و قلب يتضرع إلي خالقه أن ينجح في مسعاه توجه إلي داخل المشفى قاصدًا غرفة تلك الفتاة التي لا يعرف من أين ألقي بها القدر في طريقهم. و ما الذي يخفيه لها و لهم؟
توقف أمام الرواق وعيناه تبحث عن رقم الغرفة المنشودة والتي كانت تجلس أمامه سيدة في العقد الرابع من عمرها و بجانبها زوجها الذي بدا كهلًا رغم أنه لم يبلغ العقد الخامس بعد و لكنها الخيبة و عواقب الخزي الذي لحق بهم ..
” السلام عليكم. “

هكذا القي السلام عليهم قبل أن يتابع بخشونة
” دي أوضة لبني محمد عبد العزيز ؟”

أومأ الرجل فتدخلت المرأة بقلق
” مين حضرتك ؟”
تشابهت عينيه و نبرته حين قال بجمود
” سالم الوزان .. اخو حازم.”

قال الأخيرة بنبرة اهدأ ملحقة بخيبة أخفاها داخل قلبه و كما توقع فقد انفعلت السيدة و صاحت بانهيار
” انت اخو الشيطان اللي ضيع حياة بنتي. ودمر مستقبلها.. “

تدخل الرجل في محاولة لتهدئة زوجته
” اهدي يا رضا.. الراجل مالوش ذنب . بعدين وطي صوتك . البنت تسمعك وهي مش متحمله ..”
تحدث «سالم» بنبرة هادئه تنافي غضبه المتقد بداخله
” سيبها تقول اللي نفسها فيه. هي عندها حق و لو قالت اكتر من كدا انا عاذرها…”

التفت إليه الرجل وهو يقول بجفاء
” حضرتك جاي لينا ليه ؟ احنا بينا و بينكوا الحكومه و أنا اشتكيت علي اخوك و هجيب حق بنتي حتى لو حصل ايه؟”

ابتلع غصة صدئه تشكلت في حلقه قبل أن يجيب بخشونة
” جيت عشان اجبلك حق بنتك بنفسي .. لأن لو عملت ايه مش هتعرف تجيبه..”

لون الغضب تقاسيم الرجل و صاحت زوجته
” انت جاي تهددنا. ليك عين يا ظالم؟”

زفر الهواء المكبوت بصدره دفعه واحده قبل أن يقول بتحذير
” انا مبهددش ولا حاجه . و مبوجهش كلامي للحريم.”

زحف الندم إلي قلبه حين احتد في حديثه فتابع بلهجة أهدأ
” و عشان ننهي جدال عقيم مالوش لازمة . انا جيلكوا النهاردة عشان حازم اخويا توفي بعد حادثة بنتكوا بيوم واحد..”

شهقه قويه شقت جوفها حين سمعت حديثه بينما ارتسمت معالم الصدمة على زوجها الذي قال
” انت بتقول ايه ؟”

لم يجيبه إنما أخرج شهادة وفاة شقيقه و أعطاها له فالتقطها الرجل بيد مرتعشة لقراءة الحروف المدونه بها و التي أثبتت أن هذا الشيطان قد رحل فسقط على الكرسي خلفه بأكتاف متهدله و ملامح لونتها الخيبة التي تساقطت من بين حروفه حين قال
” يعني البنت ضاع مستقبلها. و حتي حقها مش هنعرف نجيبه.. فوضت امري ليك يارب”

اقتربت منه زوجته تحتضنه وهي تقول بألم
” حسبي الله ونعم الوكيل. متعملش في نفسك كده احنا ملناش غيرك..”

ود لو يعتذر الف مرة علي تلك الفاجعة التي ضربت حياتهم و التي للأسف كان السبب بها هو شقيقه ..
” انا عارف يا استاذ محمد أن أي حاجه هعملها مش هتمحي أبدا الكارثه اللي حصلت. لكن أنا تحت أمرك في اي حاجه. شوف ايه اللي يرضيك وانا معاك فيه ..”

التفتت الأعين تناظره بيأس تجلي في نبرته حين قال
” هتعمل ايه ؟ هتقدر ترجع شرف بنتي الي ضاع. و لا ترفع راسنا قدام الخلق بعد اللي حصل ؟ ه تقدر تخلي المجتمع يحترمها و يتعامل معاها علي انها ضحيه مش مذنبه ؟ هتقدر تعمل ايه يا بيه ؟ العمل عمل ربنا ..”

كانت كلمات الرجل كشاحنة ثقيلة دهست علي قلبه المُشبع بمرارة الذنب الذي لم يعد يتحمله ف احتدت نبرته وهو يقول
” يولع المجتمع اللي هيعاقب طفله بريئه علي ذنب ملهاش يد فيه . انا مش هنا عشان الناس . انا هنا عشان البنت اللي جوه دي و زي ما قولتلك مستعد اعمل اي حاجه عشان خاطرها..”
” يبقي تكتب عليها..”

هكذا خرج صوت «رضا» والدة «لبني» التي كانت تناظره بغضب و حرقه . وأصابتها كلمته في الصميم فبالرغم من أنه كان يتوقع ذلك إلا أنه غضب و بشدة من عرضها الأمر بتلك الطريقة فأجابها بخشونة
” انتِ شايفه ان الحل ده في مصلحة بنتك ؟’

” طبعا.. علي الاقل هتقدر ترفع رأسها بين الناس بعد كدا..”
هكذا أجابته ف تصاعدت أبخرة النيران المندلعة بقلبه و تحدث قائلًا بفظاظة
” بردو كل تفكيرك في الناس . يا مدام اهم حاجه ابنتك . فكري فيها و في مصلحتها قبل ما تفكري في أي حد. “

” انت جاي عشان تعجزنا. نفكر في ايه ؟ هو دا الحل الوحيد للكارثه دي ..”

” الحل انك تجوزيها واحد قد ابوها. عشان تنقذ سمعتك و ترفع راسك وسط الناس ؟؟”

كان حديثه حادًا يشبه ملامحه مما جعل الزوجان ينظران الى بعضهما البعض بخجل فتابع بفظاظة
” لبني عندها سبعتاشر سنه وانا عندي أربعين بيني وبينها ٢٣ سنه. يعني لو كنت اتجوزت بدري شويه كان زمان عندي قدها.. الي انتوا بتفكروا فيه دا جريمة اكبر من جريمة اغتصابها..”

احني الرجل رأسه بقله حيلة تجلت في نبرته حين قال
“والله ما بقيت عارف افكر . ايه العمل طيب ؟”

أشفق علي مظهره كثيرًا ولكن لم يظهر ذلك بل تابع بجفاء
” انا هتبني لبنى..”

ارتفعت الرؤوس تناظره بصدمه تجاهلها و أردف بلهجه لا تقبل الجدال
” لبني من النهاردة بنتي. هتكفل بعلاجها و تعليمها و كل حاجه تخصها لحد ما اسلمها بإيدي لجوزها. “

برقت الأعين وهي تناظره فحديثه كان كالقنبلة الموقوتة التي لم يكن يتوقعها أحد فتابع بخشونة
” و مش لبني بس . لبنى و اخواتها. و لو المكان اللي انتوا فيه الناس بتضايقكوا بسبب الي حصل . اختاروا اي مكان تحبوا تكونوا موجودين فيه وانا تحت أمركوا.. “

” انت ليه بتعمل كدا؟ يعني اخوك مات و احنا مش في أيدينا حاجه نعملها .. ليه تعرض عرض زي دا و تلزم نفسك كدا”

هكذا استفهمت «رضا» التي لم تكن تتخيل عرضه ابدًا و الذي جعل الشك يتسلل إلى قلبها و قد شعر هو بذلك فقال بفظاظة
” كل راع مسئول عن رعيته وحازم الله يرحمه كان مسئول مني. حتي لو هو مبقاش موجود فأنا موجود وواجب عليا أرد الحقوق لصحابها.. “

كانت إجابة لم تتوقعها من رجل تبلورت به كل مظاهر الشهامة و الرجولة ف خرجت كلماتها صادقه حين قالت
” انت انسان محترم . و اللي زيك قليلين . انا مش عارفه اقولك ايه ؟”

تجاهل ثناءها و قال بخشونة
” مش محتاجة تقولي حاجه . و زي ما قولتلك دا واجبي.”

تحدث الرجل باعتذار
” ربنا يكتر من امثالك. و يجازيك خير ..”
أومأ برأسه و قال بعملية
” حساب المستشفي مدفوع و بزيادة . و الكارت دا في رقمي الخاص. اول ما تشد حيلها كلموني عشان ننسق مع بعض هنعمل ايه.”

أخذت منه «رضا» الكارت الصغير وهي تومئ برأسها فتابع مؤكدا على حديثه
” متشيلوش هم حاجه أبدًا. من اللحظة دي لبني بقت بنتي زيي زيكوا.. و أنا اطمنت علي حالتها الصحية من الدكتور وهو ه يعين دكتوره نفسيه تساعدها أنها تخرج من الحالة اللي هي فيها. “

كان أكثر ما يمكن فعله لإنقاذ حطام السفينة التي ضربتها صاعقة قوية مباغته فأراد لملمة شتاتها و ترميم صدوعها وقد انتوي أن يفعل ذلك كما يجب أن يكون حتي ولو كان هذا آخر ما سيقوم به طوال حياته….

**************

“سيد الحبايب يا ضنايا انت .. يا كل املي و منايا انت.. يا احلي غنوة في دنيا حلوة. يا احلي غنوة في دنيا حلوة.. غنت و قالت معايا انت.. سيد الحبايب يا ضنايا انت”

كانت تلك كلمات الاغنيه التي أخذ صوتها العذب يشدو بها وهي تحمل طفلها الجميل و تداعبه بكل ما اوتيت من حنان سُكب فوق قلبها الذي بالرغم من كل ما تعرضت له مايزال نقيًا بريئًا قادر علي الحب .. الحب الذي كان أقل وصف يمكن أن يصف به شعوره نحوها وهو يراها تحمل رضيعها بكل هذا الحنان الذي كان ينبعث من صوتها الرائع الذي يشبه كثيرًا ملامحها الجميلة التي يقع بعشقها كل مرة تقع عينيه عليها..
” يا بختك يا محمود .. “

هكذا صدح صوته الخافت من خلفها فتجمدت بمكانها فقد كان قريبًا منها لدرجه ان أنفاسه الساخنة دغدغت عنقها البض فابتلعت ريقها بصعوبة و حاولت الثبات بقدر الإمكان حين التفتت تناظره ف أسرتها عينيه العاشقه للحد الذي جعلها غير قادرة على الحديث فأردف هو بخفوت
” مكنتش اعرف ان صوتك حلو اوي كدا..”

تنبهت لحديثه و تحديقها به ف تحمحمت بخفوت قبل أن تعيد انظارها الي طفلها وهي تقول بتوتر
” ولا حلو ولا حاجه. عادي يعني “

تابع شن هجومه العاطفي علي مشاعرها حين أجابها بلهجة خطرة
” لا طبعًا مش عادي… بس تعرفي أنه لايق عليكِ اوي..”

ارتفعت نظراتها تطالعه باستفهام فأردف بخفوت
” يعني الملامح دي اكيد لازم يبقى صوتها بالرقة و الجمال دا..”

رجفة قويه ضربت جسدها من غزله الصريح فبللت حلقها قبل أن تقول بمراوغة
” مش ملاحظ انك بتبالغ شويه.. و بتجامل شويتين”

ابتسم قبل أن يجيبها مازحًا
” يكون في علمك انا اكتر حد في الدنيا مبيعرفش يجامل .. اللي في قلبي بقوله”

لونت السخرية ملامحها قبل أن تقول بتهكم
” اه طبعًا مصدقاك . انا اكتر واحده جربت. “

وصل إلي نقطة لا يريدها لكنه س يستغلها لأجل القضاء على بثور الماضي ف انتظر حتي وضعت «محمود» في مخدعه ثم تناول كفها يديرها إليه وهو يقول بخشونة
” لسه منستيش؟ ”
” اكذب لو قلت لا.. “

باغتها حين صرح قائلًا
” طب و لو قلت آسف ؟”
كان صريحًا و جريئًا لدرجه تخيفها ولهذا حاولت التملص من بين يديه التي أحكمت الطوق عليها و تابع بصوته الذي كان يحرقها من الداخل
” طب بلاش اسف . خليها بحبك…”

ارتج قلبها حين خرجت تلك الكلمة من بين شفتيه كان لها وقعا ساحرًا علي مسامعها و روحها التي بدأت بالالتئام رويدًا رويدًا ولكن الماضي و اه من الماضى و ظلمته التي كلما تسرب النور الي قلبها حاصرها ماضيها و أغرقها في ظلام الذنب أكثر. فهي في تلك اللحظة تريد أن ترتمي بين ذراعيه تنشد السلام ولكنها خائفه.. تخشى مواجهته بتلك الرسالة التي تحمل صورًا من ماضي قد يعلمه ولكن أن يراه أمام عينيه هذا ما لا تستطيع المجازفة به.

إن يرها بجانب شقيقه كان أمرا مريعًا فهي تعلم كم دماءه حارة و غيرته قاسيه تخشي أن يكرهها أو يتولد بداخله شعورًا بالرفض تجاهها ولذلك ابتلعت غصة الصمت و اخفضت رأسها تخفي صراعها المرير بين كونها لن تعد تريد اخفاء شئ بقلبها و بين خوفها من أن يرفضها قلبه فشعر هو بمعاناتها فامتدت يده تحاوطها بحنان تجلي في نبرته حين قال

“الصراع الي في عينيكِ دا آخرته ايه؟”
” مش عارفه..”
هكذا إجابته وهي تستند برأسها فوق صدره النابض بعشقها فتابع بنبرة هادئة
” كتير عليكِ تتحمليه لوحدك. خليني اشيل عنك. احنا اتفقنا أننا قبل اي حاجه أصحاب. “

رفعت رأسها تناظره علها تجد بنظراته شيئًا آخر غير الحنان .. اي شئ يمكن أن يردعها من أن تخبره ولكن كانت عينيه منبع للامان الذي تريده ف تراجعت للخلف و توجهت إلي المنضدة تمسك بهاتفها و تضيئه متوجهه إليه وهي تقول بنبرة جريحه
” في حاجه لازم تشوفها.. يمكن تغير رأيك في حاجات كتير بس.. معدش عندي استعداد اخبي حاجه تعبت من العيشة في خوف و قلق.. “

أنهت كلماتها التي كانت صادمه له و قامت بوضع الهاتف في وجهه فبرقت عينيه من شدة الصدمة حين وجدها في الصورة بجانب أخاه الراحل ..

لم تكن في وضع مشين أو يبعث على الريبة ولكن القلب و غيرته و جنون عشقه الذي أضرم النيران في نظراته و جعل لهجته تحتد قليلًا وهو يقول
” الصورة دي كانت فين و امتى؟”

بصدق قررت أن تتخذه مذهبًا طوال حياتها أخبرته
” يوم لما قرر أنه يبتدي علاج . وافقت لما قعد يترجاني عشان نوثق اللحظة دي…”

بلمح البصر وجدت الهاتف يلقي في الحائط فتحطم إلى أشلاء مما جعلها تتراجع للخلف بذعر ازداد حين وجدته يقترب منها قائلًا بلهجة خشنة
” آخر مرة هنتكلم في الموضوع دا . انسي . انسي حازم بكل الي حصل معاه. اوعي تفتكريه حتي بينك و بين نفسك. اعتبريه كابوس بشع صحيتي منه للأبد. مفهوم كلامي ؟”

كلماته كانت واضحة ولكن معانيها غامضه لاتعلم هل كان غاضبًا منها أو يغار عليها لا تعلم شئ ولم تكن تملك الجرأة لتسأله فظلت علي صمتها ولكنها تفاجئت حين وجدته يحتضنها بقوة اذابت عظامها و خاصةً حين قال بلهجة مبحوحة من فرط ما يعتمل بداخله
” أنتِ مراتي . حبيبتي .. انسي اي حاجة تانيه في الدنيا . لو في قلبك اي ذرة مشاعر تجاهي اعملي اللي بقولك عليه…”

من بين انغماسها فى روعه شعورها وهي بين أحضانه حصنها المنيع اجابته
” حاضر ..”

شدد من احتضانها قبل أن يقول بلهجة خشنة
” من بكرة هجبلك تليفون احسن من دا الف مرة. و اي حاجه تحصل زي دي تعرفيني…”
” حاضر….”

كان انسيابها هكذا بين يديه مثيرًا بحق و خاصةً أن تكون مطيعه هكذا وما أن أوشك علي الاقتراب من وجهها حتى صدح صوت بكاء «محمود» الذي أخرجهم من لجة مشاعرهم الجارفة فتلقفته «جنة» بيد متلهفة بينما هو توجه الى الخارج ملتقطًا هاتفه يجري مكالمه هاتفيه و ما أن اجابه «سالم» حتي قال حانقا
” سالم . اللي حصل في الملحق دا بفعل فاعل…”

*************

كانت تجلس على المقعد تمسك كوب الليمون بيد و بالآخرة تجفف عبراتها التي لا تتوقف عن السقوط رفضًا لهذا الظلم الواقع عليها فاقتربت منها «حلا» قائلة برفق
” ممكن تهدي شويه . كل حاجه هتتحل أن شاء الله “

لم تجيبها انما اومأت برأسها بصمت سرعان ما تبدد حين سمعت الطرق علي الباب الذي انفتح و اطلت منه «تهاني» و خلفها الطبيبة فعلت دقات قلبها الذي شعرت به يتمزق من الداخل وهي تخضع لذلك الاختبار العنيف ولكنه اقصر الطرق و اصعبها لإثبات برائتها..
” جومي يا بتي. معلش . اني خابره زين انك مظلومه بس لازمن نجطعوا الشك باليقين ..”

تسابقت العبرات في الانهمار علي وجنتيها و أخذ جسدها يرتجف بعنف و تعالت شهقاتها و بالكاد استطاعت أن تتحرك في طريقها الي السرير فلم تحتمل «حلا» ما يحدث من قهر و ظلم و هرولت الي الخارج فلن تتحمل أن تشهد واقعه كتلك و أثناء مغادرتها بتلك الطريقة اصطدمت ب«ياسين» الذي سقط قلبه رعبًا عليها حين شاهد مظهرها المبعثر و انهيارها بهذا الشكل ف حاوطها بذراعيه وهو يقول بلهفة
” حصل ايه يا حلا ؟ مالك ؟”

تعلقت نظراتها به دون أن تكون لها القدرة علي الحديث فأخذت تشهق بقوة و انهمرت عبراتها كالمطر فقام بغرسها بين أحضانه بقوة وهو يقول بحنان
” طب اهدي . اهدي و بطلي عياط متقلقنيش .. حصل ايه لكل دا ؟”

تمسكت بقميصه بقوة وهي تنتحب بعنف فقد كانت تبكي كل شيء ألمها و غضبها منه و من نفسها و من تلك الواقعه المريعه . أرادت أن تبكي حتي تجف ينابيع عينيها و قد كانت أحضانه الدافئة أكثر من مرحبة لاحتضان ثورة انهيارها..

بعد عدة دقائق استطاعت أن تتغلب علي ثورتها و بدأت تتمالك نفسها قليلًا ف تململت بين أحضانه التي كانت ترفض ابتعادها ولكنه اضطر أن يتركها علي مضض ولكن يديه ظلت ممسكه باكتافها وهو يقول بنبرة قلقة
” حصل ايه لكل ده ؟ “

خرجت الكلمات متلعثمه من بين شفاهها المرتجفه
” صعبان .. عليا . البنت .. دي اوي.. منظرها .. يقطع القلب ..”

برقت عينيه لثوان وهو يناظرها هل كل تلك العبرات لأجل فتاة لا تعرف عنها شيئا ؟ أين تلك المتعجرفة سليطة اللسان التي لا يهمها أحد ولا تهتم لمشاعر الآخرين
” كل الدموع دي عشان الخدامه؟”

تراجعت عنه بغضب تجلي في نبرتها حين قالت
” هي الخدامه دي مش بني ادمه زيها زينا ؟ “

” بني آدمه طبعا. بس أنتِ متعرفيهاش عشان تتأثري بالشكل دا ..”
هكذا أجابها بهدوء فتابعت بانفعال
” مش شرط اني اكون عارفاها عشان أتأثر بالموقف. اصعب حاجه في الدنيا هي الظلم.”

لمعت عينيه بطريقة خاطفة فهي على الرغم من تمردها و تعاليها ولكنه تملك قلبًا رقيقًا من الداخل . فقط تحتاج لأن تحجم ذلك الاندفاع الذي يتملكها في الكثير من المواقف..

” كويس انك عارفه.. الظلم وحش جدًا . بس اللي اوحش بقي أنه يكون من حد بنحبه..”

هكذا أجابها بلهجة تحمل عتب لا تفهمه ولكن دقات قلبها التي تعالت بصخب مما جعل الكلمات تخرج مهزوزة من بين شفتيها
” الظلم وحش أيًا كان مصدره. و الاوحش أننا منديش الإنسان فرصه أنه يدافع عن نفسه..”

” صح . انا بصراحه مكنتش اعرف انك حقانيه اوي كدا..”
هكذا تحدث بهدوء بينما عينيه كانت تطالعها بعبث جعل الخجل يزحف الى وجنتيها ولكنها قد قطعت عهدًا علي نفسها بألا تضعف أبدًا لذا قالت بغرور
” وانت تعرف ايه عني اصلًا عشان تحكم إذا كنت حقانيه ولا لا؟”

كان تحديها مثيرًا ك ملامحها الفاتنه التي لم تتأثر بحزنها و قد كان عاشقًا وليس علي العاشق حرج ..
اقترب منها خطوة واحدة وعينيه تبحران فوق ملامحها بشغف تجلي في نبرته وهو يقول
” يبقى نتعرف ..”

عاندته بتكبر
” تؤ . مش عايزة اعرفك ..”
” بس انا عايز ..”
هكذا تحدث أمام شفتيها همسًا جعل طبول الحرب تدق بقلبها فواصلت تحديها له إذ قالت
” مش بمزاجك..”

واصل تقدمه نحوها ف تراجعت للخلف بخوف حاولت اخفاءه بينما كانت عينيها أسيرة لنظراته المغوية و خاصة حين قال هامسًا
” بمزاجي . بمزاجك. مش هتفرق.. في الحالتين أنتِ خلاص بقيتي تحت رحمتي.. “

خربش الخوف جوانب قلبها و تجلي في نبرتها حين قالت
” تقصد ايه ؟ اوعي تفكر اني هسكتلك لو فكرت تعمل حاجه تضايقني.. “

واصل تقدمه منها و قد أظلمت عينيه وهي تناظرها بنظرات غامضه شملتها كليًا لتتوقف أخيرًا عند شفتيها التي ولدت بداخله جوعًا قاتلًا فخرج صوته أجشًا حين قال
” حلو دا . وريني هتعملي ايه؟؟”

لم تكد تستوعب حديثه تفاجئت بنفسها محموله بين ذراعيه بيد وبالاخرى قام بفتح باب الغرفة المجاورة و إغلاقه لتجد نفسها مسنوده عليه بجسدها الذي حوصر بين باب الغرفه و بين جسده وما أن رفعت رأسها تناظره حتي أسرها بين براثن عشقه الضاري لها الذي أخذ يسكبه بقوة فوق ثغرها التوتي الذي كان مذاقه رائعًا فأخذ ينهل منه بلاهوادة ..
غيبت العقول للحظات كانت أكثر من رائعه يكللها عشقًا خالصا صار ينثره برقه فوق قسمات وجهها و يديه تحتويان جسدها بحنان لم تكن تتوقعه ولكنه اخترق حدود قلبها الذي احرقه لهيب الصبوة فلم يعد يستطيع المقاومة فقضيتها خاسرة أمامه فكل شئ بها يشدو بعشقه..

كانت مشاعره جامحة علي الرغم من أنه حاول التحكم بها قدر المستطاع حتي لا يؤذيها ولكن أي إرادة قد تقف أمام طوفان العشق الضاري. فحين رفع رأسه يطالعها بعينين يغلفهما الشغف تفاجئ من قطرات الدماء التي تتساقط من بين حبات التوت خاصتها فامتدت أصابعه تزيلها برفق تجلي في نبرتها حين قال
” بتوجعك ؟”

كان صدرها يعلو و يهبط من فرط الشعور الذي لم يكن صدرها يتحمله فقد أوشك علي الخروج من بين ضلوعها تأثرًا بما حدث مما جعل الكلمات تخرج مبحوحة من بين شفتيها المرتجفه
” ليه عملت كدا؟”

فاجئها حين قال
” عشان سببين أولهم اعتذار عن كلامي ليكِ امبارح.. عارف اني زودت العيار شويه. بس أنتِ استفزتيني..”

ترقرقت العبرات في مقلتيها حين جاء على ذكر حديث البارحة فتألم قلبه لألمها و أردف بخشونة
” مكنتش أحب ان دا يحصل .. بس أنتِ وصلتيني لأقصي درجات الغضب ..”

حاولت كبح جماح عبراتها قدر الإمكان حتي لا تظهر ضعفها ولكن جاء صوتها المرتجف يعكس مدى تأثرها حين قالت
” و السبب التاني .”
امتد كفه الايمن يلامس خدها الأيسر وهو يقول بنبرة رقيقه
” انك حلوة اوي.. اول مرة اشوف حد اسم علي مسمى كدا.. “

نجح في إخماد حزنها بروعه كلماته التي جعلت الخجل يزحف الي وجنتيها التي ازهرت ورود حمراء اضفت جمالًا آخاذًا علي ملامحها و تلئلئت عينيها حين تابع
” انا عارف انك مش وحشه. عيبك الوحيد انك متسرعة. و أنتِ كمان لازم تبقي عارفه اني مش وحش. و كل اللي حصل دا له تفسيرات و تبريرات. مهم اوي انك تعرفيها..”

خطي بأنامله علي جرحًا يتوسط قلبها فخرجت كلماتها معذبه حين قالت
” مفيش اي مبررات في الدنيا ممكن تمحي بشاعة اللي حصل .. الليلة اللي عشتها هنا في بيتكوا و انا مخطوفه كانت أشبه بالموت”

كلماتها كانت سوط جلد قلبه الذي ارتج لحزنها و خرج صوته متلهفًا
” والله ما كنت اعرف.. انا اتفاجئت باللي حصل . انا حتي مكنتش عارف ان جدي علي علم بموضوع جنة..”

” بس كنت عارف بالتمثيلية الحقيرة اللي عملها جدك عليا. دا ابتزني عشان أوافق اتجوزك.. قالي لو خايفه علي اخواتك توافقي..”

انكمشت ملامحه بغضب حاول قمعه قبل أن يجيبها
” عارف أنه كان صعب عليكِ . بس الناس هنا تفكيرهم غير تفكيرنا و كانت دي الطريقة الوحيدة الي هتنقذ شكل العيلة قدام الناس و هترد كرامه جنة..”

لونت الصدمة معالمها و جاءت كلماتها مستنكرة
” و بالنسبة لكرامتى؟ مفرقتش معاكوا صح ؟ ”
” لا مش صح.. محدش جه جنب كرامتك و لو قارنتي الي حصل مع جنة واللي حصل معاكِ هتعرفي أن اللي حصلك كان ولا حاجه جمب اللي حصلها “

هكذا أجابها بحدة اخترقت جدران قلبها الذي نزف ألمًا جراء حديثه و قد ظنت بأنه يوافق على ما فعله جده فهبت مستنكرة
” انا ذنبي ايه ؟ اتقارن بيها ليه ؟ كل واحد يشيل شيلته. هي غلطت و اتجوزت عرفي انا معملتش كدا عشان اتعاقب.”
خرج صوته غاضبًا حين قال
” خلي بالك من كلامك يا حلا. و افتكري أن جنة مظلومة و الشيطان اخوكي هو السبب في كل دا ..”

كان محقًا ولكن آلمها أن يحملها ما لا ذنب لها به و ايضًا دفاعه عن ابنه عمه أمامها لامس اوتار غيرتها التي جعلتها تدفعه بقوه من صدره وهي تصيح غاضبة
” تمام اوي . خليك فاكر اني اخت الشيطان اللي اذي بنت عمك. و اوعي تفكر تقرب مني تاني..”

قالت كلماتها بقلب ممزق و روح محترقه و من ثم هرولت إلى خارج الغرفة و سرعان ما تجمدت خطواتها حين رأت «تهاني» التي كانت تقف بجانب «عبد الحميد» و تخبره شيئًا ما بجانب أذنيه جعل ملامحه تتحول إلي غضب كبير و هو يصيح بعنف
” عمااار ..”

كان بغرفة مكتبه ينهش باقدامه ارض الغرفه من كثرة الذهاب والمجئ . بداخله وحوش تنهش ببعضها البعض. وهو واقع كالفريسة بينهم . ينظر إلى ساعته بين الفينة و الأخرى و التي كانت تلدغه عقاربها بكل ثانيه تمر عليه. يتقاذفه الشعور من كل حدب و صوب يتلظى في حيرة متقدة ما بين إحساسه القوي بأنها مظلومه و خوفه الضاري من أن تكون مذنبة !

اخترق صوت جده أذنيه مرورًا بقلبه الذي كان يسبقه متلهفًا الي الخارج و بأنفاس مقطوعة وصل إلي أسفل الدرج فصاح به «عبد الحميد»
” هاتلي الكلب اللي اسمه مرعي ده و چهزلي الساحه الكبيرة. لازمن يبچي عبرة لكل إلي يفكر يظلم وليه تاني ..”

كان كمن سقط بقوة من ارتفاع شاهق يتوقع أن يصطدم بالأرض في أي وقت فيتحطم متحولًا الي أشلاء و فجأة إذا بيد خفيه تمسكه بقوة مانعه سقوطه ..

أطلق زفرة قوية من جوفه الذي هدأت نيرانه و استطاع أن يتنفس بحرية من جديد ف نيرانه الآن تحولت من مؤلمه إلى أخرى يعززها الإنتقام الذي يسري في أوردته فتوجه الى الخارج و قام بتوجيه ركله قويه إلي بطن «مرعي» الذي كان يقف مرتجفًا مما أوقع نفسه به. فإذا به يتفاجئ بذلك الذي انهال عليه ضربًا مبرحًا و كأنه يخرج كل ما بجوفه من ندم و غضب و ألم…

و بأمر من «عبد الحميد» قام الغفر بتخليص «مرعي» من يد ذلك الثور الهائج وقاموا بجره و صلبه علي إحدي الأشجار التي تتوسط ساحة المنزل الكبيرة و قد تجمهر الناس بأعين يأكلها الفضول لمعرفة ماذا حدث فوقف «عبد الحميد» في منتصف الساحة يحاوطه حفيداه بينما تولى هو مهمة الحديث إذ قال بوقار و نبرة قوية
” الكلب دا اتچرأ و رفع عينه في بت من بناتنا و عشان أكده لازمن ياخد چزاءه و يبچي عبره. و ده أجل عجاب (عقاب) بعد أكده الي هيغلط هيندفن حي..”

أنهى كلماته و القي نظرة ذات مغزى علي «عمار» الذي كان يمسك بالسوط بيده و يتوجه الي حيث «مرعي» الذي كان ينتحب مثل النساء و خاصةً حين شاهد ذلك الذي كان يعض شفتيه باستمتاع و عينيه تطلق سهام الشر الذي كان يغذيه بقوة تجلت في ضرباته المريعة التي تلقاها ظهر «مرعي» الذي تعالت صرخاته فلم يشفق عليه أحد و أخذ «عمار» يضربه حتى خارت قواه وسقط مغشيًا عليه فصرخ في أحد الغفر
” ودي الكلب دا للحكيم يعالجه. عشان ياخد باقي عجابه..”
” حاضر يا كبير..”

انهي «عمار» جملته تزامنًا مع وصول سيارة «صفوت» خلفها عدة سيارات كانت تحمل صباحية العروس التي تكفل هو بها نظرا لزواج الأخوين في نفس التوقيت وبُعد المسافة بين البلدين.

ترجل من السيارة ينظر بذهول لما يحدث فتقدم تجاه «عمار» قائلًا باستفهام
” في ايه يا عمار؟ ايه اللي بيحصل هنا ؟”

«عمار» بجفاء
” دا واد خاين و خد چزاءه .. متشغلش بالك..”
عنفه «صفوت» قائلًا
” انت هنستهبل يا عمار.. انت ناسي ان في حكومه ولا ايه ؟”

تدخل «عبد الحميد» الذي أقبل و بجانبه «ياسين» الترحيب ب«صفوت»
” لا طبعًا منجدرش ننسي يا صفوت بيه . بس اصل الموضوع حساس شويه . مينفعش نتكلمو فيه أهنه.. اتفضل چوا..”

اطاعه «صفوت» بصمت الي الداخل فوجد النساء اللائي كن يتابعن ما يحدث في الخارج من الشرفة و كان من بينهم «حلا» التي اندفعت الي أحضان «صفوت» وكأنه زورق النجاة بين هؤلاء البشر
” عمو صفوت .. ”
” صباحيه مباركه يا عروسه..”

عاتقها «صفوت» بحب بينما عينيه التقمت تلك الفتاة المبعثرة التي تقف خلفها مباشرة تحني رأسها فشعر بوخز في قلبه علي مظهرها .
” الله يبارك في حضرتك..”

” عايزين فنچانين جهوة من يد عروستنا الحلوة. علي ما نجولوا الكلمتين اني و صفوت باشا..”
هكذا تحدث «عبد الحميد» موجهًا حديثه ل«حلا » التي لم تكن تطيق النظر الي وجهه ولكنها وافقت علي مضض فتوجهت الي المطبخ ليجد نفسه وجهًا الي وجه معها
فاقترب خطوتين يقف أمامها بعقل فارغ من أي حديث يمكن أن يمحو بشاعة ما حدث بينما ضميره كان يواصل هجومه الضاري نحوه معززًا شعور الذنب الذي يقرضه من الداخل ولكنه تجاهل ذلك و قال بنبرة خشنة
” چبتلك حجك من الكلب اللي ظلمك و خليته عبره للناس كلها..”

رفعت عينيها التي كانت ك بركة من الدماء التي ما كانت الا نزيف روحها التي اهترئت بفعل اتهامه القاسي و المشين نحوها فخرج صوتها متحشرجًا يحمل رايه الاتهام
” و حجي منك ؟ مين هيچيبه؟”

اخترقت كلماتها قلبه الذي كان يخشي من هذا الاستفهام كثيرا ولا يجد له اجابه لذا حاول المراوغة حين قال
” حج ايه ؟ اني معذور . أي حد مكاني كان هيعمل أكده..”
” تجصد اي حد ظالم كان هيعمل أكده..”

احتدت نظراته و لعن تهوره حين سمع حديثها الذي كان صحيحًا . لأول مرة يعترف بذنوبه و يجابه بها عقله الذي لم يسعفه في الحديث فتابعت تطوق عنقه بحلقه من نيران الذنب
” لو انت اديت لنفسك العذر تظلمني. فاعرف أن في رب كريم فوج جادر يسلط عليك الي يعمل معاك زي ما عملت معاي.. و لازمن تعرف اني عمري ما هسامحك واصل..”

كانت تغرس أسهمها بقلبه الذي نزف ألمًا و ندمًا خالط لهجته حين قال
” خلى بالك من حديتك. اني غلطت لما اتهورت. و دا لإني شفت سلسلتك بعيني. و الكلب دا أكد علي الحديت. وبعدين اتراچعت عن غلطي..”
” بعد اي؟ بعد ما كنت هتموتنى؟ “

هكذا قالت صارخة من اعماق وجعها الذي جعلها تتناسي طريقتها في الحديث معه و الذي كان يتقبلها لا يعرف لما بل إنه تابع بلهجه لا تشبه عجرفته و غروره
” ربنا أراد أنه ينصر الحج و ياسين اتدخل والحمد لله چت سليمه.. و عرفنا الحجيجة يبجي ايه لازمته حديتك ده دلوق”

” صوح .. مالوش لزوم.. عن اذنك…”
هكذا تحدثت بشفاة مرتجفة ثم التفتت تنوي المغادرة ف خرج حديثه متلهفًا حين قال
” رايحه علي فين؟”

إجابته دون أن تلتفت إليه
” رايحه علي بيتي . معدليش شغل في الدوار اهنه. في بيت الظلمه.. “

” الظلمه دول چابولك حجك .. و ردوا كرامتك.. ”
هكذا تحدث بيأس فلم يكن يعرف أي الطرق عليه أن يسلك حتي يصحح هذا الخطأ اللعين الذي ارتكبه ب رعونه فجاءت كلماتها حتي تقضي على آخر آماله
” يردوا كرامتي بعد ما دهسوها تحت رچليهم..؟ مستني مني ايه يا كبير .. اشكرك عالي عملته معاي؟؟ حاضر . شكرًا ..”

أتقنت غرس سهامها في صدره الذي كان يتألم بشدة ولا يقدر علي مجابهة ألمه أو حديثها الذي اجهز علي قلبه حين تابعت بصوت فاقد لكل معاني الحياة
” بس خليك فاكر. اني لو بيني و بينك الچنة هرمي نفسي في النار و لا أنيش أسامحك!”

***************

بعد مرور ثلاثة أيام عاد الغائب الى موطنه و بداخله قلب اضناه الشوق و احرقه الألم الذي لا يزال ينخر بعظامه و يفتت روحه ولكنه كعادته لا يظهر أي شئ فقد كانت ملامحه جامدة كعادتها حين خطي الي داخل المنزل فكانت هي أول من وقعت عليها عينيه التي لمعت بوميض الشوق للحظة خاطفة سرعان ما عادت إلى جمودها التي زلزلته فعلتها حين هرولت إليه بقلب لهيف تردد بشوق
” سالم…”

لم تحسب خطواتها ولا تعرف كيف واتتها الجرأة لما فعلته ولكنها كانت عاجزة أمام شوق جارف يجتاحها كفيضان ضرب ثباتها الهش فوجدت نفسها تندفع إليه رغما عنها تحيطه بذراعيها و كل خلية بها مشتاقه لدفء وجوده و عذوبه رائحته التي افتقدتها كثيرًا..

كان استقبالًا حارًا لم يتوقعه حتى بأحلامه. فطوال طريق سفره كان يفكر كيف سيراها دون أن يحتجزها بين ذراعيه يبثها أشواقه العاتية ؟ من أين يأتي بتلك الصلابة التي تجعله يتجاهل وجودها ؟ وأخذ يشدد بقوة علي قلبه ويذكره ب جراحه النازفة منها حتي لا يضعف و لكنها فاجأته بحق.

احتواها بين ذراعيه للحظات هدأ بها قلبه و كأنه كان يحتاج هذا العناق لتهدأ روحه و تستكين من كل تلك الأعباء التي يحملها علي عاتقه فأخذ يسحب اكسجينها الدافئ يود لو يحتجزه بين رئتيه لتظل رائحتها عالقه بصدره للأبد
” حمد لله عالسلامه..”

هكذا تحدثت بعدما تراجعت ببطئ عن حدود ذراعيه فهي لم تكن تتخيل أن تفعل ما فعلته لتوها و لكن ما حيلتها أمام عشقها و ذنبها الذي لا تعرف كيف تكفر عنه . بغبائها القت بوجهه رفض مهين تحاول مداواته بقرب لا تستطيع التفوه بها و تخجل عن الإفصاح عنه فلم تجد حلًا سوى ان تريه كم قربه محبب إليها
” الله يسلمك…”

هكذا أجابها بينما التقمت عينيه تلك التي كانت تناظر ما يحدث بغضب مقيت لم تستطيع التحكم به إذ قالت بلهجة تقطر سمًا
” طولت الغيبة عن العروسه يا ابن اخويا لدرجة مبقتش قادرة تسيطر علي مشاعرها و لا محترمه وجود الناس حواليها..”

تعاظم الغضب بداخله لدى سماعه حديث «همت» الذي لاقى صداه على ملامحها التي بهتت و امتقعت خزيًا مما جعله يقول بفظاظة
” والله العروسه في بيتها تعمل اللي يعجبها واللي عنده دم و بيكسف يدور وشه الناحيه التانيه و يحط لسانه في بقه..”

كان ردًا عنيفا لكنها استحقته و ايدته «أمينة» التي قالت بسخرية
” بالراحة يا سالم عمتك متقصدش بس اصل المشاعر و الاحاسيس دي حاجه جديدة عليها. فتلاقيها مستغربة بس ..”

امتقع وجه «همت» من حديث «أمينة» التي كانت تتقصد به ما حدث بالماضي فالتفتت تناظرها بحنق تجلي في نبرتها حين قالت
” و مين يشهد للعروسه. و على رأيك عمته غلبانه معشتش المشاعر دي عشان فضلت ابوها و أخواتها علي سعادتها و طرمخت علي حاجات كتير اوي كانت ممكن تقلب الموازين. و قالت يا بت بلاش خراب بيوت..”

تحفزت «أمينة» و انتفخت أودجتها غضبًا من حديث «همت» المسموم و قبل أن يتيح لها الفرصة للحديث صاح «سالم» بجفاء
“مش عايز هري كتير .. كل الي عنده كلمه يخليها لنفسه.. و الي مخبي حاجه في قلبه يخليها جواه احسنله..”

أنهى كلماته و التقمت عينيه «سليم» الذي كان يهبط الدرج فوجه حديثه إليه قائلًا
” تعالي ورايا عالمكتب…”

اطاعه «سليم» و دلف الاثنان الي المكتب وكان أول من تحدث هو «سليم» الذي قال بنفاذ صبر
” الأوضاع في البيت مش مريحة. عمتك عامله حزب هي و شيرين و امك و فرح و جنة حزب. و كدا مش صح “

اجابه «سالم» بفظاظة
” سيبك من هري الحريم دا و قولي نويت تنزل القاهرة امتى؟”
” كلمت الدكتور امبارح و مفروض هنروح اخر الاسبوع عشان يحدد معاد بدايه الجلسات..”

انهى جملته بينما زاغت عينيه مما جعل الشك يتسرب إلى قلبه فقال بنفاذ صبر
” هات اللي عندك كله يا سليم ..”
تحدث «سليم» بهدوء
“بصراحه حسيت أن جنة محتاجه فرح تكون جمبها خصوصًا في الأول . مش عارف الحل بس .”

” الحل انك متحسش..! ”
هكذا قاطعه «سالم» بحنق ثم أردف بفظاظة
” عايش عمرك كله من غير احساس و كنت شغال زي الفل . كمل بقي علي كدا..”

أوشك «سليم» أن يطلق ضحكه قويه علي ملامح اخيه الذي كان الامتعاض يلون معالمه ولكنه حاول قمعها بشتي الطرق و لكنه لم يفلح خاصةً حين سمعته يتمتم بحنق
” قال عايزه فرح معاها.. انا لو سارق فلوس الجوازة دي مش هيحصل معايا كدا..”

أفلتت ضحكه قويه من بين شفتيه ف شيعه «سالم» بنظرات حانقة جعلته يقتلها في مهدها ثم أردف بجدية
” المهم .. عرفت اهل البنت اني هكون علي تواصل معاهم…”
” عرفتهم.. و مش محتاج أحذرك اوعي جنة تحس بحاجه ..”

«سليم» بلهفه
” لا طبعا. وانا اهبل ..”
ناظره «سالم» بسخط قبل أن يقول بجفاء
” مروان فين ؟”

” انجري قدامي.. بنت مين في مصر عشان يجيلك مقالم و كراريس ب تلت تلاف جنيه…”
هكذا كان يتحدث و هو يجذب «ريتال» من ملابسها فصاحت الأخيرة قائله بتصحيح
” مقالم و كراريس ايه يا عمو اسمها سابلايز..”

” ايه سا ايه يا عنيا؟” سابلايز . الله يرحم ابوكي . كان بيروح المدرسة بشنطة بلاستيك.. ”
هكذا تحدث حانقًا فقالت غاضبة
” ماتقولش علي بابي كدا..”
“بابي.. عيشي عيشة اهلك يا ريتال. عشان اللي جاي مرار يابنتي. و أنتِ مقبلة عالحياة اوي و دا مش صحيح. “

هكذا تحدث بامتعاض فأجابته بعفوية
” يعني اعمل ايه ؟ مروحش المدرسة مثلًا ؟”

” وهو يعني اللي اتعلموا خدوا ايه ؟ انا مثلًا قدامك اهوة. قعدت في ابتدائي تمن سنين و في اعدادي ستة و في ثانوي خمسه و في جامعه ييجي خمستاشر و في النهاية خدت ايه يعني ؟ حتى حتة البت الي بحبها مش عارف اعلقها.. حاجه تحزن .”

انفلتت ضحكه قويه من فم «ريتال» التي قالت باندهاش
” قعدت كل دا في التعليم يا عمو ؟ ”
” ايوا بس دا مش معناه اني كنت خايب! لا طبعًا كنت شاطر لدرجة أنهم كانوا ماسكين فيا مكنوش عايزني اخلص تعليم . كل سنه يسقطوني عشان افضل معاهم..”

” والله انك مسخرة . بتحكي للبت علي مصايبك ”
التفت «مروان» علي إثر ضحكتها الخلابة التي اثرته للحد الذي تعلقت عينيه بها للحظات قبل أن يجيب بعبث
” احلى مصايب دي ولا ايه ؟”

مازالت الابتسامه تضئ ملامحها حين قالت ساخرة
” طب راعي انك قدوتها. دي لو سمعت كلامك يبقي عليه العوض ومنه العوض في البت..”

كان يراقب تعابيرها المرتاحه و نظراتها الصافية بقلب مشتاق تصدعت جدرانه من فرط العشق الذي كان بلا أمل ولكن الآن بدأت تنقشع الغيوم رويدًا رويدًا
” لا بس البت حلوة. و ضحكتها حلوة. و دمها سكر. تعليم ايه بقي ؟ كله في الفاضي…”

كانت عينيه تنفي مزاحه و تغازلها بطريقه جعلت دقات قلبها تدق ك الطبول . كان شعورًا رائعًا بقدر ما استنكره عقلها فهي طوال حياتها كانت تراه اخيها لا أكثر . فما الذي يحدث الآن ؟
أنقذها رنين الهاتف الذي التقطه مروان و أجاب بابتسامة اتبعها قائلًا بغزل ساخر
” القمر اللي ضلم اسماعيليه و نور الصعيد. عامله ايه في غابة الوحوش يا سنو وايت. اتكعبلتي في الاقزام السبعه ولا لسه ؟”

كان معتادة على مزاحه مع «حلا» ولكن الآن كان الوضع مختلفًا فقد اغضبها للحد الذي محي الابتسامه من علي ملامحها و جعلها تلتفت مغادره وهي تتشاجر مع خطواتها مما جعل الاندهاش يلون ملامحه من انقلاب حالها الي النقيض بتلك الطريقة..

**************

جالسه تنظر إلي البعيد و داخل قلبها حرائق متقدة لا تعلم السبيل لإطفائها أرادت الانتقام و ظفرت به ولكنها لم ترتاح كما ظنت فهي منذ أن كانت جالسه أمام الشيخ الذي سألها مرارًا و تكرارًا
” يا بنتي أنتِ موافقه عالجوازة دي ؟”

التقت عيناها بعيني أباها المتوسلة في تلك اللحظة فأرادت خذلانه كما فعل معها و تحدثت بقوة
” موافقة..”

لم تريد النظر إلى عينيه في تلك اللحظة خشية ان ترى بهم نظرات انتصار تكره رؤيته فهي ما اختارته إلا ليقينها بأن والداها يكرهانه بقدر ما تكرهه هي و لكنها أرادت أذيتهما
” متأكدة. لو في حد جابرك قوليلي ؟”

هكذا أكد عليها الشيخ سؤاله ف مظهرها كان مريعًا بذلك الفستان الأسود و الملامح التي لم تتعافى كليًا من تلك الجروح بل كان أغلبها متورمًا بطريقة تؤذي النظر و قد ظن بأنها يمكن أن تكون تعرضت للإجبار علي إكمال تلك الزيجة

” قولتلك موافقه..”
” اللي انتِ شيفاه..”
تم عقد القران وسط حزن عميق من كلا والديها و خاصةً والدها الذي بعد أن غادر الشيخ حتى نظر إلي «عدى» بنظرات قاتله تشبه لهجته حين قال
” اللي فات مش زي الي جاي.و حتي لو هي كارهه وجودنا دلوقتي انا هفضل وراها لحد ما تتقبلنا و أصلح غلطنا في حقها. و لو فكرت انك عشان اتجوزتها غصب عني اني هسمحلك تمس شعره منها تبقي غلطان. “

” انت اللي غلطان لو مفكر اني ممكن اأذيها.. طريقنا واحد بس انت بتكابر عشان هي اختارتني غصب عنك. منصحكش تكمل في تفكيرك دا. لو فعلا عايز تساعدها يبقي نحط أيدينا في ايد بعض…”

هكذا اجابه «عدي» بصدق ارتسم بعينيه اولًا فبدا متحفزًا من بعيد فالتفتت تناظر والدتها وهي تقول بسخط
” هما بيقولوا ايه ؟”

«منال» بحنان
” اكيد بيوصيه عليكِ ..”
حانت منها ابتسامة ساخرة تجلت في نبرتها حين قالت
” ضحكتيني. بيوصيه عليا ! علي أساس أنه اب زي الابهات و كدا؟”

«منال» بحزن
” يمكن مكناش زي اي اب و اي ام . بس احنا لسه فيها و عرفنا غلطنا و مني عنينا انك تسامحينا و تسبينا نعوضك عن كل اللي شفتيه..”

كانت بسمتها الساخرة أكثر من مؤلمه خاصةً انها لم تعلق و كأن الأمر أقل من أن تعطيه اهتمامًا و فجأة صدح صوت رنين الباب فتوجه «عدى» لفتحه وإذا به يتفاجأ بمجموعة من رجال الشرطة فاندهش قائلًا
” أي خدمة ؟”
” انت عدي عبد الرؤوف ؟”

«عدي» باندهاش
” ايوا انا في حاجه”
التفت الضابط الي العساكر وهو يقول آمرًا
” اقبضوا عليه..”

صدمه قويه ضربته كصاعقة حين التف العساكر حوله يقيدوه فصاح بذعر
” يقبضوا عليا ليه ؟ انا عملت ايه ؟”

الضابط باحتقار
” اغتصاب بنت قاصر و الشروع في قتلها…”

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في قبضة الأقدار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى