روايات

رواية في قبضة الأقدار الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار الجزء الثامن والثلاثون

رواية في قبضة الأقدار البارت الثامن والثلاثون

في قبضة الأقدار
في قبضة الأقدار

رواية في قبضة الأقدار الحلقة الثامنة والثلاثون

تحيا القلوب و تهلك بيد ساكنيها.. ذلك الشخص الذي تضعه في المنتصف بينك و بين روحك هو وحده القادر على ترميم تصدعات وشروخ عمرًا مضى و إعادة بناء عمرًا جديدًا تغلفه السعادة التي ظننتها يومًا مستحيلة. ولكن ماذا لو أصبح هذا الشخص هو قاتلك؟! فـ علي قدر قربه جاءت طعنته الي قلبك نافذه فـ صرت كـ روح مذبوحه ترفرف بين يدي قاتلها تستجدي انقاذًا لدماء بريئة أزهقت على يد حارسها!! حينها يتخطى الألم حدود العقل و يصبح الغفران دربًا من دروب المستحيل …

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

ترجلت من السيارة تنوي العبور للجهة الأخرى فلحق بها «مروان» الذي قال بصراخ

” استني يا بت .. خدي يا هبلة. تتخطفي هنا. هـ يؤدوكي الله يخربيتك ..”

و لكن فجأة تسمر الاثنان بـ مكانهما حين شاهدا 《شيرين》 التي كانت تستقل سيارة يقودها رجلاً ملثماً و بجانبها رجلاً لم يكن يخفي وجهه جيدًا مما جعل الصدمة تغلف ملامح كليهما فتحدثت 《سما 》قائلة باندهاش
” هي مش دي شيرين ؟؟”

” أيوا هي …”
هكذا أجابها 《مروان 》فـ أردفت باستفهام
” مين اللي هي راكبه معاهم دول ؟؟”

التفت《 مروان 》يناظرها و قد تبدلت صدمته إلى شفقة كبيرة على تلك الطفلة البريئة التي لا تتذكر ملامح والدها و إن كان لا يستحق هذا اللقب ولكن مهما حدث ففي النهاية صلته بِها لا يمكن تجاوزها
” معرفش .. بقولك ايه تعالى انا افتكرت طريق مختصر هنروح نجيب لريتال الفستان و نروح ..”

التفتت تناظر ملامحه الجامدة والتي تختلف مع طبيعته المرحه فخرجت الكلمات منها متألمه
” 《شيرين 》أختي بقت تعمل حاجات غريبة أوي أنا حاسه إني مبقتش عرفاها..”

زفر 《مروان》 بتعب قبل أن يجيب
” كلنا حاسين نفس الإحساس 《ياسما.》. معرفش ليه بقت كدا؟”

تباطئت الكلمات على شفتيها و رفرفت بـ رموشها قبل أن تقول بلهجة متوترة
” يمكن .. عشان لسه بتحب أبيه 《سالم》 و عيزاه..”

” اللي بيحب حد مش بيأذيه و هي أذته و لا يمكن 《سالم》 هـ يسامحها .. موضوعهم خلص خلاص .. وهي عماله تعك و للأسف بتأذينا كلنا من غير ما تحس ..”

هكذا أجابها بتمهل فلاقت كلماته صدًى كبيراً بداخلها و أشعلت نيران الذنب بقلبها فقالت بـشفاه مرتعشة
” 《مروان》 .. كنت . كنت عايزة أقولك على حاجه بس.. توعدني . يعني . إنك تفكر كويس . قبل أي حاجه “

لوّن الترقب معالمه و تنبهت جميع حواسه وهو يقول
” سامعك.. “

أخفضت رأسها بخزي و انبثقت عبرات الندم من مقلتيها قبل أن تقول بلهجة تقطر حزنًا
” انا غلطت غلطة كبيرة اوي و ضميري مأنبني عشانها و مش قادرة أسامح نفسي …”

*****************

في احد المشافي كانت ترقد روح بريئة تجاهد الموت و تقاتل لاسترداد أنفاس.ٍسرقت منها رغما عنها . عوقبت بأقصى ما يمكن أن يحدث لبشر دون أن تعرف ما ذنبها ؟
ما الذي اقترفته حتى تنال هذا المصير على يد من لا يعرف الرحمة ..
كانت الأجهزة تحيط بهذا الجسد الضئيل الذي تخترقه الأنابيب لتمده بما جعله قادراً على الحياة لمدة تسعة أشهر كانت بهما في غيبوبة تامة لا يتحرك إنشاً واحداً من جسدها . حتى الهواء كان يصلها من خلال جهاز التنفس و بعد أن كانت صيحاتها تملئ المكان بهجة و فرحه انطفأت فرحتها و اندثر بريق الحياة من حولها و خيم الذبول على ملامحها ..
و لأن الشر لا يكتفي و لا يستطيع أن يوقف طوفانه أحد فقد أرادت يد الغدر أن تطال منها تلك المرة أيضا فاقترب هذا الوحش الضخم من أحد الأنابيب التي تغذيها و قام بفصلها واحدة تلو الأخرى حتى يجهز على أنفاسها القليلة المتبقية فما هي إلا ثوانٍ و صدح صوتاً قوياً في أنحاء الغرفة يعطي إنذاراً بأن هناك روحاً توشك على المغادرة إلى خالقها و بعد أن أتم فعلته قام بالتسلل خفية كما جاء دون أن يدري بأن لكل شر نهاية و أن المجرم لا بد من أن يترك خلفه دليلاً مهما احتاط فرب العباد ينزل غشاوة على اعين الظالمين و يمدهم في طغيانهم فيسعون في الأرض فساداً و لكن عدل الله نافذٌ لا محالة

” الحقونا بنتي بتموووت …’
هرول الجميع إلى غرفة تلك الطفلة التي لم تتعدى سنوات عمرها السابعة عشرة و حاول الأطباء القيام باللازم لإنقاذها و إذا بها بعد ظلام دام تسعه أشهر تفتح عيناها من جديد …

*****************

جاء اليوم الموعود لـ عقد قران أرواحاً شابت خيوطها من فرط الوجع و اندثرت معالمها بين طيات الألم و بالرغم من ذلك بقيت صامدة تنتظر ربما معجزة لـ تخرج من بئر الحرمان الذي ابتلعها لسنوات إلى جنة أعدت للصابرين..

كانت كل دقة بقلبه تهمس باسمها ، تتغني بعشقها علي الرغم من أنه كان دوما رجلاً صبوراً إلا أنه اليوم نفذ مخزون الصبر لديه يريد اجتياز كل تلك الساعات التي تفصله عنها و يختطفها من بين براثن العالم أجمع لـ يتنعم بعشق جارف نبت من بين ضلوعه الصلبة و فؤاده القاسي الذي لم يعرف اللين إلا لأجلها.

طرق قوي على باب الغرفه أوقفه عن إكمال ربطة لرأّبطة العنق أعطى الإذن بالدخول فإذا به يتفاجأ برؤية 《شيرين》التي كانت تشبه الأموات في خطواتها وهي تناظر حبيبها الوحيد يتجهز للزفاف على أنثى غيرها..

” قالولي احنا مانعينه عنك بالعافيه ابعدي عن طريقه .. بس أنا مقدرتش أبعد و جيتلك بـ رجليا..”

هكذا تحدثت بنبرة تخلو من الروح كـ ملامحها الباهتة فـ أجابها بـ فظاظته المعهودة
” عشان غبية .. كل دا و متعلمتِش تسمعي كلام اللي أكبر منك..”

انبثقت عبرات هادئة من عينيها وهي تقول بألم
” مقدرتش.. كان نفسي اشوفك و انت عريس…”

” معنديش وقت أضيعه معاكِ. يالا عشان تجهزي قدامنا نص ساعه بالكتير و نتحرك..”

هكذا تحدث بجفاء فاحتدت ملامحها و شابهت نبرتها حين قالت
” مستعجل أوي عشان تروحلها ؟”

أجابها باختصار
” بصراحه اه…”

نجح في إشعال ثورتها بجموده و استفزازه فنفضت ثوب الضعف جانباً و قالت بانفعال
” كفايه بقي . انا عارفه إنك بتستفزني و عايز تعاقبني .. طيب أنا بعترف إني غلطت . بس لحد إمتى هفضل أدفع التمن “

أعاد أنظاره إلى المرآة أمامه و أتقن تعديل ربطة عنقه وهو يقول بجفاء
” الحياة اختيارات و أنتِ اختارتي يبقى تتحملي العواقب..”

” و انت هـ تتحمل عواقب اختياراتك ؟ هتتحمل تعيش مع واحدة زي دي ؟؟ لو فاكر إنك هتبقى مبسوط فـ أنا كنت زيك كدا و جايه دلوقتي بقولك إنك هتعيش تعيس معاها عمرك كله .. عارف ليه ؟؟ عشان إنت اتجوزتها عند و كيد فيا بس. صح ولا أنا غلطانه ؟؟”

لونت السخرية معالمه و بدا الضجر يقطر من لهجته حين أجابها بفظاظة
” مش هناقشك عشان معنديش وقت بس لو اعتقادك ده هيريحك فاثبتي عليه .. “

كانت تلعب على صبره الذي لم يعد يثق بوجوده فـ اقتربت خطوتين منه وهي تقول بلهجة بها توسل خفي
” قلبك مدقش غير ليا متكذبش على نفسك. إنت طول عمرك بتقول الحقيقية..”

زفر الهواء المكبوت بصدره دفعة واحدة قبل أن يتحدث بخشونة
” إنتِ بتعملي ليه كدا ؟؟”

تسابقت عبراتها فوق وجنتيها قبل أن تجيبه بنبرة متألمة
” مش قادرة .. حاولت و مش قادرة .. مش هشوفك بتكون لغيري و هسكت!”

تشابهت لهجته مع ملامحه الجامدة حين قال
” دي مشكلتك حليها لوحدك.. انا مش فاضي “

لم يكن أمامها حلاً آخر فـ اخرجت تلك الشفرة الحادة من بين ثنايا قميصها و قالت بنبرة خالية من الحياة
” يبقي زي ما كنت أول حد فتحت عيني عليه أول ما وعيت على الدنيا هتكون آخر حد عيني تشوفه و أنا بفارقها..”

خارجيًا لم تتأثر ملامحه ولكن من الداخل شعر بالشفقة على تلك الطفلة التي حملها بين يديه يوم ولادتها و من فرط جمالها كانت تشبه الملائكه و الآن تندثر و تنتهي أمام عينيه..
” ارمي اللعبة دي من إيدك.. و بطلي جنان.”

هكذا تحدث بهدوء أثار جنونها فـ صرخت بقهر
” مش هرمي حاجة .. وهموت عشان ست 《فرح》 تعيش. مش دا اللي انت عايزه؟؟”

احتدت ملامحه و شابهتها نبرته لدى سماعه اسمها
” خرجي 《فرح》 من موضوعنا.. مشكلتك مش معاها..”

” خرجها إنت من بينا. أنا عارفه إنك كنت قاصد تغيظني بيها. و عارفه أن الموضوع قلب جد وإنت مكنش في نيتك أي حاجه من ناحيتها.. كفايه بقى . كسرتني و وجعتني و خدت حقك كدة احنا خالصين .”

هكذا تحدثت بتوسل ولكن ملامحه ظلت على حالها حين قال بفظاظة
” باقي ساعتين على كتب الكتاب و معنديش وقت للجدال في الفاضي. “

أوشك ع الالتفات فـ صرخت بقهر
” مفيش كتب كتاب.. على جثتي يحصل الكلام دا..”

كان مظهرها مريعًا و عينيها توحي بالجنون و أردفت بصراخ وصل إلى آذان جميع من في المنزل
” مش هتتجوزها يا 《سالم 》.. مش هـ تتكتب على اسمك واحدة غيري ..”

رقت نبرتها حين تابعت
” انا 《شيرين》 حبيبتك.. فاكر وانا صغيرة لما جتلي حمى مين سهر جمبي لحد ما خفيت غيرك ؟؟ مكنتش مطمن عليا غير و انت جنبي .. عاقبتني و انت عارف انت عاقبتني ازاي .. بلاش اقول اللي كان بيحصل قدام الناس دي كلها.. خليه بينا ..”

تعاظم الغضب بداخله و تحفزت جميع خلايا جسده لدى سماعه حديثها الذي سوف يصل إلى مناطق محظورة ولكنه لن يسمح لها أن تأخذه إلى هذا المنحنى فقال بقسوة
” إنتِ هاينه عليكِ نفسك ازاي كدا ؟؟ كل اللي بتقوليه دا مالوش طلب عندي و مش هيأثر عليا و موضوعك بالنسبالي انتهى من سنين ..”

تدخلت «همت» التي كانت ترتعب من مظهر ابنتها فصرخت بذعر
” أبوس إيدك متعمليش كده يا بنتي .. استني يا 《سالم》 ورحمة أبوك.. مش هتحمل تضيع مني..”

تدخلت 《أمينة》 هي الأخرى قائلة بخوف
” 《شيرين 》يا حبيبتي. كل شيء قسمة و نصيب و لو كنتِ عايزة تطلقي من الصبح 《سالم 》يطلقك منه و إنتِ ألف مين يتمناكِ دانتِ زينة البنات .. بس إرمي القرف اللي في ايدك دا.. قولها يا《 سالم》”

غرزت الشفرة أكثر في عروق يدها وهي تنظر إلى عينيه بتحدٍ أرهقه كثيرًا فقال بخشونة
” عايزة ايه عشان توقفي الجنان اللي بتعمليه دا ؟؟”

خرجت الكلمات من شفتيها تزامنًا مع نزول بعض قطرات من دمائها إثر ملامسة الشفرة الحادة ل جلدها الرقيق
” تقولي إنك بتحبني و إنك عمرك ما هتتجوز 《فرح》 دي …”

ران صمتاً طويلاً على المكان كانت العيون كلها مُعلقةً عليه بينما كان يطحن ضروسه بغيظ ولكنه أجاب بصرامة على الرغم من أنّ صوته لم يرتفع

” أنا بحب 《فرح 》ومش هتجوز حد غيرها.. لو إنتِ حياتك رخيصة عليكِ تبقى دي مشكلتك..”

تعالت الشهقات حوله فـ احتدت عينيه مُرسلة نظرات تحذيرية أخرست الجميع قبل أن يلتفت متوجهًا إلى الخارج و فجأة تجمد حين سمع تلك الصرخات التي تعالت حوله فالتفت بلهفة وتجمدت عيناه حين رأى الدماء التي تناثرت بكل مكان من يديها التي لم تشفق عليها وقامت بقطع أوتارها بلا رحمة وهي تقول بصوت معذب

” مش عايزة أعيش حياة إنت مش فيها..”

جن جنونه حين رأى ما فعلته و تقدم تجاهها يتشاجر مع خطواته ولكنها أوقفته وهي تضع الشفرة علي عرقها النابض بيدها السليمة وتقول من بين انهيارها
” لا . خليك .. ارجع مكانك .. روح فرحك .. و خلي الفرح فرحين موتي و جوازك .. “

لأول مرة ترق نبرته حين سمع حديثها الذي لامس شيئًا ما داخله فقال بلين
” 《شيرين》 كفايه بقى .. بطلي اللي بتعمليه دا .. فكري في أمك و أختك . بلاش أنانية . “

تعالت أصوات البكاء حولها و وقعت《 همت》 أرضًا وهي تصيح بقهر
” حرام عليكِ يا بنتي.. حرام عليكِ اللي بتعمليه فيا دا .. ابوس إيدك كفاية .. متموتنيش بحسرتي ..”

انتبهت 《شيرين 》لحالة والدتها و تشتت انتباهها للحظات استغلها هو و قام بالانقضاض عليها و انتزع تلك الشفرة من بين يديها و قام بإخراج منديله و جذب يدها الجريحة و ربطها بإحكام محاولاً التحكم في الدماء المنسابة منها فإذا به يشعر بها تتهاوى أمام عينيه فـ تلقفتها ذراعيه بقوة حالت دون سقوطها و التفت إلي 《مروان》 صارخًا
” جهزلي العربية بسرعه ..”

أطاعه 《مروان》 بلهفة فخرج حاملًا إياها على كتفه كالعروس فتفاجأ 《سليم 》بما يحدث وقال بصدمة
” في ايه يا 《سالم》 ؟”

لم يجبه بل تابع هبوطه للأسفل فوجد 《صفوت》 الذي قال بصدمة
” ايه الدم دا ؟؟ حصل ايه ؟”
” 《شيرين 》حاولت تموت نفسها .. “

هكذا أجابه 《مروان》 فتحدث《 صفوت》 بعملية
” استنى يا 《سالم》 .. هوديها المستشفى أنا و 《مروان》 و إنت و 《سليم》 اسبقونا على الجماعة مينفعش نتأخر عليهم و لا حتى نعتذر..”

اقترب 《سالم》 من السيارة و قام بوضعها في الكرسي الخارجي فإذا بها تتعلق بعنقه أكثر وهي تقول بهمس
” متسبنيش…”

لم يلتفت نحوها إنما التفت فوجد الجميع يقف مشدوهاً بما يحدث فصرخ بأحد الحراس
” تاخدها توديها عالمستشفى . عمتي هتيجي معاك . و هسيب معاك عربية حراسة طمني اوي ما توصلوا….”

اومأ الحارس برأسه دون حديث و كذلك 《همت》 التي استقلت السيارة بجانب ابنتها و انطلقوا بأقصى سرعة في حين التفت ناظراً إلى 《صفوت》 وهو يقول
” انت بالذات مينفعش متجيش معانا..”

أوشكت 《أمينه》على الحديث فنهرها قائلًا بصرامة
” و إنتِ كمان يا ماما مينفعش تسيبي 《حلا 》في يوم زي دا.. هي هتبقي كويسه .. يلا معدش في وقت..”

انتهى من إلقاء أوامره و بأقدام تحمل غضبًا مقيتًا توجه إلى الداخل و ما كادت قدماه تخطو خطوتين حتى سمع أصوات السيارات الآتية لأخذ《حلا》 فزفر بقوة فوجد يد《صفوت》 تربت على كتفه بمواساة وهو يقول بصوت خافت
” عملت الصح يا 《سالم》 . و دايمًا الطريق الصح بيبقي متعب .. ربنا يعينك..”

أيده 《سليم》 الذي أردف مشجعاً
” اوعى ضميرك يأنبك و لو للحظة . إنت عملت الصح زي ما قالك عمي 《صفوت》 .. وبعدين إنت عريس متسبش حاجة تعكنن عليك ..”

أنهى 《سليم》 جملته و اتبعها بغمزة عابثة نجحت في رسم ابتسامة خافتة على ملامحه و التفت الثلاثي إلى استقبال السيارات التي جاءت لأخذ العروس

كانت نظراتهم تحمل الكثير مما جعل الارتياب يغزو قلب «أمينة» ولكنها لم تعلق بل تابعت صعودها إلى غرفة ابنتها التي كانت اللهفة والترقب تغلفان ملامحها الجميلة فقد بدت متألقة في هذا الثوب الرائع الذي كان يلف قوامها بانسيابية ساحرة و نجحت خبيرة التجميل في رسم ملامحها الجميلة بطريقه هادئة دون أي تكلف مما زاد من جمالها ولكن ما فائدة الوجه الجميل حين يكون القلب حزيناً !!
” بسم الله ما شاء الله إيه القمر دا يا 《حلا 》؟؟”

التفتت إلى والدتها وهي تقول بلهفة
” ماما كان في إيه برة و إيه صوت الخناق و الزعيق دا ؟؟”
《أمينه 》 بهدوء
” ولا حاجة .. العادي كانوا بيجهزوا العربيات .. متشغليش بالك إنتِ. “

تدخلت 《سما 》التي قالت باستفهام
” طب هما . ماما و《 شيرين》 جهزوا يعني اقصد هييجوا معانا ؟؟”

التفتت 《أمينة》 إلى 《سما》 التي بدت قمرًا في هذا الثوب الجميل فقالت باستهلال
” الله اكبر . إيه العروسة الحلوة دي .. بت يا سمسم كنتِ مخبية الحلاوة دي كلها فين ؟؟ ياخوفي لا تتخطفي هنا “

ابتسمت 《سماا》 وتنحى توترها جانباً و كذلك 《حلا》 التي احتضنتها بقوة وهي تقول بشجن
” مش عارفه هعيش من غيرها ازاي ؟؟”

《أمينه 》بمزاح
” هتعيشي ياختي . وهي كمان هتعيش عايزة اطمن عليكوا و اخلص منكوا بقى .. مش هعيشلكوا العمر كله..”

” ربنا يطولنا في عمر حضرتك .. ”
” ربنا يخليكِ لينا يا ماما يارب ..”

التفت الفتيات تحاوطها بحب كان هناك أضعافه بقلبها
فـ عانقتهن وهي تقول من بين عبراتها
” ربنا يسعدكوا يارب .. يالا عشان العربيات جت تحت مش عايزين نأخرهم..”

تراجعت 《سما》 تنظر إليها فلم تعطها《أمينة》 الوقت للحديث بل قالت بحزم
” متشغليش بالك بأمك و بشيرين هجبهم و هنيجي وراكوا إنتِ تخليكِ مع صاحبتك .. لحد ما اليوم ينتهي .. وسيبك من أي حاجة ..”

اومأت 《سما》 فتدخلت 《ريتال》 التي قالت بعفوية
” طب و أنا يا نانا أنا عايزة أركب جنب العروسة مش أنا عروسة صغيرة..”

احتضنتها 《أمينه 》 بحب وهي تقول بحنان
” دانتِ أحلى عروسة في الدنيا ياقلب نانا . طبعًا تركبي جنب العروسة “

ما أن احتضنتها 《أمينه 》 حتى اقتربت 《ريتال》 من أذنها وقالت بخفوت
” هقولك علي سر يا نانا عشان إنتِ حبيبتي.. انطي «شيرين» كانت بتكلم حد في التليفون وبتقوله إن أحسن حل إنهم يلعبوا مع 《جنة》 بمحمود الصغنن شويه.. خليهم يلعبوني معاهم بقى عشان انا حبيبتك و قولتلك ..”

جحظت عيني 《أمينة》 من حديث《 ريتال》 العفوي و رفعت رأسها تطالعها بصدمة و اجتاح قلبها شعوراً قوياً بالخوف على حفيدها ولكنها رسمت الابتسامة على وجهها وهي تقول بلطف
” تعالي يا 《ريتا》 معايا عيزاكِ .. يلا اجهزوا عشان هتنزلوا دلوقتي..”

صعد 《سالم》 درجات السلم متوجهاً إلى غرفة شقيقته حتى يأخذها و يسلمها إلى عريسها فتوقف لثوان وهو يناظر طفلتهم الجميلة و مدللتهم التي كبرت وأصبحت امرأة فاتنة و اليوم هو يوم زفافها. انتابه شعوراً غريباً للحظات لا يعرف كنهه وعلى الرغم من تأكده بأن 《ياسين》 شخصاً صالحاً ولكنه وجد شعوراً قوياً من الغيرة يتسلل إلى قلبه يود لو يأخذها بين أحضانه و يخبئها حتى لا يراها في تلك الطلة الرائعة . كان الأمر جديدًا كليًا عليه حتى أنه كلفه بضع دقائق ليتغلب على ما يعتريه و يتقدم من شقيقته يحاوطها بذراعيه بقوة واضعًا قبلة حانيه فوق جبينها و عينيه ترسلان نظرات عميقة جعلت العبرات تتسابق للهطول من عينيها الجميلة فتحدث بنبرة متحشرجة
” طالعه زي القمر .. “

لم تستطع التحكم في عبراتها و قالت بلهجة خافتة
” لسه زعلان مني ؟”

أجابها بخشونة
” مفيش أب بيزعل من بنته.. و إنتِ بنتي .. كدا ولا إيه ؟”

أومأت برأسها وهي تردد بابتسامة خجولة و امتنان
” كدا طبعًا.. إنت ابويا و اخويا و كل حاجه ليا يا أبيه .. ربنا ما يحرمني منك أبدًا..”

طوقها بقوة يحاول إخفاء دمعة خائنه تحاول الفرار من بين مقلتيه ولكنه نجح في التحكم بها و قال بلهجة خشنة
” مهما يحصل أنا جنبك. اوعي في يوم تخافي من أي حاجة أو أي حد و أنا موجود.. خليكِ فاكرة إنك بنت الوزان . و إن العيلة دي كلها تحت أمرك .. سمعاني ؟”

اومأت و عينيها تعده بأن تنفذ وصاياه و شفتيها تؤكدان ذلك الحديث
” سمعاك..”

فتابع بقلب حنون
” و بردو عايزك تبقي زوجة صالحة.. مش عايزه يشوف منك غير كل خير. عشان إنتِ بنت أصول و اتربيتي صح ..”

أومأت برأسها فتنهد بقوة قبل أن يتأبط ذراعها و يتوجه للأسفل فإذا به يجد《 ياسين》 الذي كان وسيماً بشكل خارق جعل جميع حواسها تتنبه إلى ذلك البطل الذي أتى ليختطفها على حصانه الأبيض ولكن الحقيقة أنها من خطفت قلبه في تلك اللحظة .. فقد كانت أشبه بالحوريات من فرط رقتها و روعتها. التي جعلت ضربات قلبه تقرع كالطبول حتى وصل طنينها أذنيه فلولا وجود 《سالم》 لكان اختطفها إلى أبعد مكان في هذا العالم حتى يستطيع التنعم معها بكل تلك المشاعر الضاريه التي اجتاحته كإعصار ..

مد يده يصافح 《سالم》 الذي صافحه برسمية و تقدم 《سليم》 هو الآخر يتأبط ذراع «حلا» من الناحيه الأخرى و توجه الثلاثة إلى الخارج تاركين 《ياسين 》خلفهم يقف مذهولًا فلم يتسنى له حتى أن يصافحها فالتفت ينظر إلى «صفوت» الذي ابتسم رغماً عنه و اقترب يربت بخفة على ظهره وهو يقول بمواساة
” معلش هانت .. كلها ساعة و نكتب الكتاب و وقتها محدش هيقدر يتكلم..”

و أردف 《مروان》 بسخرية
” حلقولك حلقة انما إيه كابوريا ..”

اغتاظ من حديث 《مروان》 ولكنه تجاهله و قال بذهول
” هما خدوها و رايحين فين ؟؟ هو مش أنا العريس ؟ هي الناس دي فاهمة غلط ولا إيه ؟”

قهقه 《صفوت》 على مظهره وقال بمزاح
” إنت اللي فاهم غلط .. إنت مفكر أنهم هيسبوهالك كدا ؟ تبقى عبيط ..”

و أردف 《مروان》 بمزاح
” كل عيش عشان تعدي يومك احسن ممكن نرجع في كلامنا و ناخدها تاني معانا واحنا مروحين.. “

صاح 《ياسين》 بغضب
” تاخدوا مين دي مراتي؟”

《مروان》 بتهكم
” لسه يا وحش .. إنت بصمت وريني إيدك كدا ؟ عليها حبر أزرق لا يبقي لسه. و لحد ما تتكلبش و تبصم إنت تحت رحمة جوز الوحوش دول .. يعني تمشي جنب الحيط و تسمع الكلام..”

أنهى 《مروان》 حديثه تزامناً مع علو أصوات السيارات و التي تحركت في طريقها فهرول 《ياسين 》إلى الخارج فتفاجأ بأنهم أخذوا عروسه معهم وذهبوا دون أن ينتظروه..

فقهقه 《مروان》 قائلًا بشماتة
” دول نسيوك باين ؟؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. أول مرة أشوف عريس بيتنسي يوم فرحه .. انا لو منك أجري ورا العربية احدفهم بالطوب “

أنهى كلماته و انخرط في نوبة ضحك أثارت حنق 《ياسين 》الذي قال بغضب
” عارف أول حاجه هعملها بعد كتب الكتاب إيه ؟”

《مروان》 بسماجة
” إيه ؟؟”
《ياسين》 بتوعد
” هديك حتة علقة ..”

قهقه كلًا من 《صفوت》 و 《مروان 》و توجه الجميع إلى السيارات في طريقهم للذهاب إلى الحفل..

***************

كانت مظاهر الفرح في كل مكان تبعث البهجة في النفوس وقد أتقن «عبد الحميد» الاحتفال بذلك العرس على أكمل وجه على النحو الذي يليق بعائلته واستطاع أن يرفع رأس حفيدتاه أمام عائلة «الوزان» التي لاقت استقبال مشرفاً من جانبهم حتى أنه أعطى الأوامر إلى 《عمار》 بالتزام الهدوء و عدم افتعال أي مواجهات مع أحدهم ولكن هيهات فبعد أن تم عقد القران تناول عصاه و قام بالرقص على أنغام الموسيقى الصعيدي و هو يناظر 《سالم》 بتحد تجاهله الأخير فلم يتنحى 《عمار》 بل قام بإلقاء العصا أمامه في دعوة صريحة للنزال .. فلم يجد 《سالم》 مفراً من قبول دعوته و قام بإمساك العصا محاولا أن يجاريه مستخدما قوته البدنية و فطنته فأخذ الأخير يرسل ضربات قوية ردها 《سالم 》إليه بأقوى منها فتعالت الأصوات في مجلس النساء الذي ضم الثلاث عرائس في تجمع جديد من نوعه عليهم ولكنهم تأقلموا مع تلك العادات التي كانت لها رونقاً مختلفاً حتى أنهم اندمجوا بالرقص و الغناء و لكن فجأة صاحت إحدى الخادمات بأن هناك مبارزة في حلبة الرقص بين كل من 《سالم》 الوزان و 《عمار》 فدب الذعر بقلب 《فرح》 التي تذكرت حديثاً دار في الصباح بينها وبين 《عمار》

عودة لوقت سابق …

” مبروك يا فرح.. ”
أجابته بتحفظ
” شكرًا يا 《عمار》 الله يبارك فيك…”

كانت ملامحه لا تفسر ولكن لهجته كان يشوبها السخرية حين قال
” يمكن يكون الحديت ده چاي متأخر بس لازمن يتجال.. فكرتي زين يا بت عمي ؟ حاسه إنك اختارتي صوح ؟”

أجابته بقوة انبعثت من عينيها أولا
” انا مش حاسه أنا متأكدة إني اخترت صح ..”

لونت السخرية ملامحه قبل أن يقول بتهكم
” كنت متوكد إنك هتجولي أكده. بس لازمن انبهك أن 《سالم》 ده مش سهل واصل. و لا هو البطل اللي في خيالك .. ده جلبته شينه و جسوته ملهاش آخر.. ”
قاطعته بغضب
” مالوش لازمه الكلام دا يا 《عمار》..”
” له لازمه يا 《فرح》 .. و لازمن تسمعيه عشان ابجي خليت مسئوليتي جدام ربنا .. اللي أنتِ مفكراه عادل و مفيش منه رمى بت عمته لواحد أجل كلمة تتجال عليه أنه مش راچل .. دوجها المر .. اني عارف انك معتحبيش 《شيرين》 دي ولا اني كمان بس الحج لازمن يتجال.. أنه يعچل بفرحه منك ده مالوش معنى بالنسبالي غير أنه بيأدبها عشان اللي عملته زمان . هتجوليلي ايه اللي عملته هجولك أنهم كانوا مخطوبين و هيتچوزوا وهي اتعلجت بصاحبه و حبته “

قاطعته بحدة
” تبقى خاينه ..”
عمار بتأكيد
” مجولناش حاچه .. عنديكِ حج . بس هو كان چبان و مهموش بت عمته و اللي هيحصلها من الچوازة دي و كل اللي كان في باله أنه يرد كرامته حتي لو هيدهوس على حريمه! “

انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها حين قالت
” انا مش فاهمه إنت تقصد إيه ؟ و يعني إيه رماها مش هي حبت واحد و اتجوزته هو ماله؟”

اومأ برأسه فقد شعر بأن الحديث لا طائلة منه فقال باختصار
” الحكاية دي تبچي هي تحكيهالك انا نبهتك .. الراچل ده مش زي الصورة اللي رسمهاله في خيالك .. الف مبروك يا عروسه..”

عودة للوقت الحالي ..

كانت ترتعب وهي ترى العصا تدور هنا و هناك تخشى من حدوث أي شيء قد يعكر صفو هذه الأجواء ولكن فجأة وجدت ضحكة قويه شقت جوفها حين رأت 《مروان》 الذي جذب حمارا و أخذ يدور به في حلبة الرقص يمسك بيد لجامه وباليد الأخرى عصا وأخذ يدور بها حولهم فتعالت القهقهات من كل حدب و صوب فقد كانت حركاته مضحكة كثيراً و بعد أن انتهت تلك الرقصة اقترب 《عمار 》من أذن 《سالم》 قائلا بوعيد
” متخافش أكده احنا بنكرمو ضيوفنا في دارنا لكن تارنا بناخده في دارهم ..”

لم يهتز 《سالم》 إنشاً واحدًا إنما قال بفظاظته المعهودة
” مابحبش الرجالة لما ترغي كتير الرغي دا للحريم. وريني آخرك..”

《عمار 》بتوعد و نظرات حانقة
” جريب .. هتشوفه جريب ..”
” يبقى مترغيش كتير.. اعمل وانت ساكت. وانا مستنيك..”

أنهى كلماته و توجه يجلس بين أقاربه لحين انتهاء الحفل الذي دام لساعات بدت دهرا عليه فلم يعد يحتمل و توجه إلى 《عبدالحميد》 قائلا بخشونة
” حاج 《عبد الحميد》 كفايه بقي احنا ورانا سفر .. و معاد الطيارة فاضل عليه ساعتين يدوب نلحق نجهز ..”

” مانت اللي مراضيش تسمع الكلام. جولتلك خليكوا اهنه الليلة انت الي راكب دماغك ..”
《سالم》 بصرامة
” الموضوع دا منتهي . الجدال فيه مضيعه للوقت. وزي مانت اتمسكت بالأصول و العادات احنا كمان لينا اصولنا و عاداتنا .. “

《عبد الحميد》 باستسلام
” اللي تشوفه.. اتفضل معايا انت و 《سليم》 عـ المندرة علي ما العرايس يچهزوا .”

أشار 《سالم》 الي 《سليم》 الذي تبعه إلى الداخل و ما هي إلا لحظات حتي جاءته 《أمينة》 تحمل محمود الذي لم تتركه يداها طوال الحفل تخشى عليه مما أخبرتها به 《ريتال》 و للحظة أرادت إخبار 《سالم》 بما حدث ولكنها لم ترِد تخريب اليوم أكثر فيكفي ما حدث قبل أن يأتوا إلى هنا فاقتربت منه تحتضنه بقوة وهي تقول بجانب أذنه
” ربنا يسعد قلبك يا ابني .. عروستك زي القمر ..”
احتضنها 《سالم》 بقوة قبل أن يقول بحنان
” ربنا يحفظك لينا يا ست الكل ..”
قبل كفها باحترام و كذلك فعل 《سليم》 الذي قال بمرح
” إنتِ نستيني يا حاجة ولا إيه ؟ مانا بردو عريس ولا 《سالم》 واكل الجو ..”

ابتسمت 《أمينة》 بحب انبعث من نظراتها أولا قبل أن تترجمه شفتيها حين قالت
” انا اقدر انساك دا انت حتة من قلبي .. ربنا يسعدك يا حبيبي .. و يحفظك إنت و عروستك . خطفت قلبي بجمالها و رقتها. الله يعينك عليها ..”

ابتسم 《سليم》 و داخل ضلوعه رفرف قلبه من كلمات والدته التي التفتت إلى 《تهاني》 و أخبرتها شيئًا بجانب أذنها فتفهمت الأخرى و انصرفت بعد أن قدمت التبريكات فالتفتت 《أمينة》 إليهم قائلة
” هنسبقكوا احنا و انتوا اتعشوا و هاتوا عرايسكوا و تعالوا ورانا ..”
تحدث 《سالم 》بصرامة
” هنمشي كلنا سوى . عشا إيه و كلام فارغ إيه ؟ ”
《أمينة 》بهدوء
” معلش عشان خاطري و خاطر 《فرح》 . الناس جهزوا عشا بناتهم .. لسه شويه علي معاد الطيارة. احنا هنروح عشان عمتك وصلت المزرعة هي و 《شيرين》 خليني أروح اطمن عليها مينفعش أسيبها كدا . “

زفر 《سالم 》بحنق فتدخل 《سليم 》قائلا
” ماما عندها حق يا 《سالم》 .. خليهم هما يسبقونا..”
” تمام زي ما تحبي ..”

وصلت 《تهاني》 قائلة بسعادة
” 《سالم》 بيه .. اتفضل على الجاعه العشا جاهز و العروسه كمان مستنياك هناك ..”
اومأ 《سالم》 و كل ذرة من كيانه تنتفض ترقبا و لهفة و شوقا لرؤيتها ولكنه حافظ علي ثباته كالعادة و توجه بخطى وقورة إلى حيث ارشدته 《تهاني》 و حين دلف إلى الغرفة تسمر بمكانه وهو ينظر إلى تلك التي كانت تقف بآخر الغرفة تخفض رأسها في خجل غير قادرة على رفع عينيها أمامه فخرج اسمها همساً من بين شفتيه
” 《فرح 》..”

لم تستطع إلا أن ترفع رأسها إثر همسه الذي استقر بمنتصف قلبها الذي ارتج حين طالعته بهيئته المهلكة و وسامته الفذة المطعمه بقوة بدائيه أضفت هالة من السحر الذي جعلها كالمنومة مغناطيسيا حين وجدته يفتح ذراعيه على مصراعيها في دعوة صريحه لتستقر بداخل أحضانه فما كان منها إلا أن حملت فستانها و بأقدام تحمل اللهفة و العشق معا هرولت إليه ليتلقفها بذراعيه القويتين اللتين حملتها برفق و ضمتها إليه بقوة وهو يدور بها في الغرفة في لحظة بدت خاطفة و رائعة للحد الذي جعل القلوب تحلق في صدريهما وهي تشدو بعشق جارف أثر في كليهما

فأغرقهما في لجة من المشاعر العاتية التي جعلت صدربهما يعلوان ويهبطان بسرعة من فرط التأثر.
فقد كان عناقا كاسحا يفيض بأحاسيس فريدة لا تستطيع الأحرف وصفها أو التعبير عنها.
أخيرا استطاع إخراجها من بين أحضانه و قام بوضع قبلة قوية على مقدمة رأسها بثّ فيها عشقه الجارف و شوقه الضاري هامساً بصوته الأجش
” أخيرًا…”

كانت كلمة بسيطة تعبر عن مرارة انتظاره حتى تأتي تلك اللحظة التي تصبح بها ملكه على الرغم من أن قلبه أعلن ملكيته لها منذ زمن ولكن أن يصبح الأمر واقعا كان هذا شعوراً رائعاً لم يستطع وصفه ..

رددت كلماته هامسة بقلب يطرق كالطبول و أنفاساً لاهثةً
” أخيرًا ..”
رفع رأسه يحتوي وجهها بين يديه بحنان لا يعرف إلى أي جهة تسرب إلى قلبه و سددته نظراته كسهام مشتعله بنيران من عشق استقرت في أعماق فؤادها و جاءت كلماته لتطيح بكامل ثباتها حين قال
” الحاجة قالتلي عروستك حلوة أوي يا 《سالم》 بس طلعت بتضحك عليا..”

ارتعب قلبها و انكمشت ملامحها من كلماته وقالت بلهفه
” ليه ؟ مش حلوة ؟”
ارتسمت على ثغره ابتسامة عاشقة وهو يقول بخشونة
” حلوة بس ؟؟”

ارتخت ملامحها و تدللت قائلة
” حلوة لأي درجة ؟؟”
أجابها بهمسه القاتل و عيناه اللتان كانتا تلتهمان تفاصيل وجهها التهاما
” حلوة لدرجة تخطف العين والقلب..”

لم تستطع الصمود أمام عينيه و كلماته العاشقة أكثر من ذلك فأخفضت رأسها تستند على صدره وهي تهمس باسمه بخفوت جعل جميع حواسه تتنبه و أطاح بثباته فقام بوضع قبلة شغوفه فوق رأسها متبوعه بزفرة قوية تعبر عن صعوبة تحكمه بنفسه ثم قال بجانب أذنيها بصوته الأجش
” يالا عشان نروح على بيتنا… “

كانت الكلمة وقعها مميزا خاصة حين قالها بتلك الطريقة فلونّ الخجل ملامحها و نبت محصول الطماطم الطازج فوق وجنتيها فتحدثت هامسة
” هروح أغير هدومي و أجيلك على طول..”

” تؤ تؤ .. أنا عايزك تيجي زي مانتِ كدا . عايزك تدخلي البيت بالفستان..”

هكذا تحدث بنبرة آمرة فرفعت رأسها باندهاش فأردف بخفوت
” فرحتي هتكمل لما تدخلي البيت و أنتِ عروسه .. عايزك تمليه 《فرح》 زي ما مليتي حياتي.. “

شعرت بما تحمله كلماته من معاني رائعة انشرح لها قلبها و شعرت بالسعادة و كأنه نبت لها جناحان فأومأت برأسها وهي تقول بخفوت
” أوعدك هعمل كل اللي أقدر عليه عشان أفرحك…”

ابتسم بحنان قبل أن يقول بوقاحة
” طب مش يالا بقى .. أنا مش ضامن نفسي أكتر من كدا.. و عايز الفستان يوصل سليم .. “

أخفضت رأسها خجلاً قبل أن تقول بخفوت
” بطل بقى .. “

كان خجلها لا يقاوم فقام بجذبها إليه بغتة دون أن يعطيها الفرصة لاستيعاب ما يحدث لتجد نفسها خاضعة بين براثنه يبثها عشقاً جارفاً فاض به القلب فأخذ ينهل من حلاوة ريقها و شهد برائتها بلا هوادة حتى شعرت بنفسها كأنها محمولة على أجنحة السحاب تطوف بها في سماء الحب الذي كان يسكبه على ثغرها و ملامح وجهها بروية و كأنه يرسم بشفاهه لوحة شغوفة لامرأة احتلت عالمه و اخترقت حصونه التي كانت أكثر من مرحبة بسطوتها التي فرضتها علي روحه أولًا ثم تغلغلت لتعلن امتلاكها لكيانه العاصي الذي أعلن توبته أمام قدسية عشقها ..

*****************

في الجهة الأخرى كان 《سليم》 يجلس بانتظارها و كل خلية في جسده ترتجف ترقبًا و لهفة و قد كان يحضر نفسه لكل رد فعل قد يصدر منها و بداخله يتضرع إلى الله لِئَلا يحدث أي شيء قد يعكر صفو هذا اليوم ولكنه تفاجأ بتلك التي دخلت إلى الغرفة عابسة تناظره بغضب ثم توجهت تجلس على الأريكه المقابلة له وهي تقول بسخط

” أنا مش جعانة اتعشى إنت بس في الانجاز عشان عايزة أروح لمحمود ..”

كانت تريد إغضابه ولكنها لا تدرك بأنه اتخذ عشقها مذهبا لحياته و لأجلها قرر أن يتعلم الصبر و يسلك دربه المليء بالأشواك حتى لو كان مستقرها قلبه و ذلك لأجل أن يظفر بها في النهاية لهذا ابتسم وهو يقول بمزاح
” وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. “

انكمشت ملامحها بامتعاض فتابع بسخرية
” أنا عريس النهاردة لو مش واخده بالك “

اغتاظت من حديثه فقالت بتهكم
” عريس .. اه . خدت بالي ابقي اعدل البيبيون عشان معووج..’
《سليم》 بسخرية
” هو بردو اللي معووج !”

” تقصد إيه ؟؟”
” لا ولا الحاجه .. نعدله .. نقلعه خالص لو مضايقك ..”

قال جملته و قام بجذب الربطة المحيطة بعنقه و شرع في فك أزرار قميصه فهبت من مكانها قائلة بصدمة
” إنت مجنون بتعمل إيه ؟”

حاول قمع ابتسامه كبيرة من الظهور على شفتيه وقال ببراءة
” حسيت إن البدلة مضيقاكِ فقولت أقلعها. أنا أساسًا اتخنقت منها..”

اغتاظت من حديثه فهبت غاضبة
” إنت بتهزر صح .. دمك تقيل على فكرة . و أنا مش في المود فأحسنلك متضايقنيش ..”

نصب عوده وتقدم منها و عينيه ترسلان سهاماً مشتعلة استقرت في قلبها الذي أخذ يطرق بعنف خاصة حين سمعته وهو يقول بخشونة
” مين مزعل حبيبي ؟”

أجابته بغباء
” حبيبك مين ؟”

لونت ملامحه ابتسامة عابثة و أجابها بخفوت
” عايز أقول كلمتين مهمين ..”

” اللي هما ؟”
هكذا أجابته بأنفاس لاهثة بعد أن وصلت إلى آخر الغرفة فأصبحت سجينة بينه و بين الحائط فأجابها بلهجة خافتة ولكن عميقة
” شكلك زي القمر .. أحلى عروسة شافتها عيني .. “

كانت تريد افتعال أي شجار معه تريد الصراخ بأنها خائفة ولكنه لا يعطيها الفرصة لذا ابتلعت ريقها بصعوبة قبل أن تقول بتلعثم
” أنا مش عروسة..”

” أومال الفستان اللي دافع فيه دم قلبي و المهر اللي جدك مخيطني فيه و الشبكة اللي بقد كدا كل دول لمين؟ لأمي ؟؟ دانا فلست من ورا الجوازة دي ..”

رغمًا عنها ارتسمت ابتسامة علي شفتيها جراء حديثه فقام بمد يديه لتحيط بخصرها في حركة مباغتة و قال بلهجة قوية شغوفة اخترقت دفاعاتها

” إنتِ أغلى و أحلى حاجة في الدنيا.. جنتي اللي مهما حاولتي تطرديني منها هفضل أعاندك و أحاول لحد ما تبقي بيتي.. “

كانت كلماته مخيفة بقدر روعتها تشعل بداخل قلبها نيراناً لا تقوى على تحملها فصارت تتململ بين أحضانه تحاول الإفلات من بين براثنه فقام باستخدام قوته البدنية ليلصقها بصدره وهو ينظر إلى داخل عينيها مباشرة و أنفه يلامس أنفها الذي خرج تنفسه حارا يشبه حرارة كلماته حين قال بهمس أجش

” كل اللي عايزة تعمليه اعمليه. عبري عن غضبك و خوفك و وجعك بالطريقه اللي تريحك بس اوعي تقللي من نفسك أبدًا؟ دي الحاجة الوحيدة اللي مش هسمحلك بيها..”

أومأت برأسها دون أن تكون لها القدرة على الحديث ولكن كانت عيناها تحكي له حكايات عن روعة ما جعلها تشعر به في تلك اللحظة لذلك اكتفى بهذا و قام بجذب كفها واضعا قبلة قوية في راحته أراد بها تمجيدها و تدليلها و اخبارها بأنها شيئًا يخصه فقط..

*************

بعد مرور قرابة الساعتين احتل كلًا منهما مقعده في الطائرة التي ستقلهم إلى الديار بعد هذا اليوم الطويل فما أن تربعت على مقعدها حتى زفرت بتعب و سرعان ما توقف التنفس بحلقها حين وجدته قريبا منها بتلك الدرجة التي جعلت دماءها تفور بعنف داخل أوردتها لتصب فوق خديها الشهيين فابتسم بهدوء على مظهرها و مدى شفافيتها قبل أن يقول بخشونة
” نامي الكام ساعه دول أكيد تعبتي النهاردة. “

أنهى جملته ثم تراجع بهدوء بعد أن أنهى مهمته في ربط حزام الأمان الخاص بها مما جعلها تطلق تلك الأنفاس المحبوسه بصدرها فقد كانت تخشى أن يقوم بتلك الفعلة المروعه حين أعطاها تلك القبلة الساحقة التي اجتاحت جميع حواسها كإعصار قوي للآن لم تنجو من عواقبه. فأي نوم يمكن أن يزورها وهي تُحيي تلك العواطف الجياشة التي فاض بها القلب
” مش حاسه إني جايلي نوم .. لما نوصل أبقى أنام براحتي ..”

التفت يناظرها بملامح جادة أدهشتها و خاصةً حين أجابها بفظاظة
” لا نامي دلوقتي أحسن .”

أجابته باندهاش
” بس أنا مش جايلي نوم.. اعمل إيه ؟”
” هاتيه يا 《فرح》 غمضي عنيكِ و هاتي النوم بأي طريقه عشان لما نوصل آخر حاجة ممكن تعمليها هي إنك تنامي..”

أنهى كلماته و نظر إلى الجهة الأخرى ليعطيها الفرصة كي تستوعب كلماته التي ما أن وصل معناها إلى رأسها حتى شعرت أنها تذوب في مكانها كقطعه ثلج من فرط خجلها الذي تجلى بوضوح على معالمها و التقمته عيناه الخبيرة فمال برأسه إلى جانب عنقها ممررًا أنفه بطريقه خاطفة علي شحمه أذنها قبل أن يقول هامسًا
” شفتي بقى إن أنا قلبي عليكِ.. “

لم تجبه فقد انتفضت خلايا جسدها تأثرًا بهمسه القاتل و اقترابه منها بأنفاسه الساخنة التي لفحت بشرتها الرقيقة لترسل حزمة من الوخزات الموترة التي داهمت جسدها دفعة واحدة فاطاحت بثباتها فحاولت إغماض عينيها تستجدي النوم علها تهدئ من روعها قليلا …

علي الجانب الآخر كانت 《جنة》 تنظر من النافذة تحاول تجنب ذلك الذي كانت عيناه تتلقفان كل حركة تصدر منها و كأنه شعر بمدي خوفها من ركوب الطائرة فقام باحتضان كفها حين أوشكت الطائرة على الإقلاع مقربا رأسه من أذنها ليلقي عليها سؤالاً كان كارثيا بالنسبة لها
” قوليلي يا 《جنة》 هو الروچ دا بيتمسح على طول و لا بيسيب أثر ؟”

التفتت تناظره بصدمة لونت ملامحها بطريقه مضحكة و خرج صوتها جافًا حين قالت
” و انت مالك ؟؟”

اجابها ببراءة مزيفة
“لا اوعي تكوني فهمتيني غلط أنا اقصد عشان ميتعبكيش و إنتِ بتمسحيه..”

ناظرته باستنكار و قالت بتهكم
” لا متشغلش بالك انت .. انا بعرف امسحه كويس..”
” طب كويس .. انا بطمن بس ..”

” لا اطمن ..”
أردف بنفس اللهجة العفوية
” طب قوليلي الدبابيس اللي في شعرك دي بتاخد وقت بقى في فكها ولا بتتفك علي طول ؟”

اغتاظت من أسئلته التي تعلم أن وراءها غاية غير شريفة فقالت بحنق
” و انت مالك بردو ؟”

أجابها بملامح بريئة تتنافى كليًا مع عينيه اللتان كانت تشاكسها
” أبدًا والله أنا بس عايز اطمن إنك متتعبيش في فكها . طبعا لو احتاجتي مساعدتي أكيد مش هتأخر ..’
” لا شكرا . انا هعرف اتصرف..”

تبدلت ملامحه و ارتسمت ابتسامة عاشقة على ثغره و قال بهدوء و هو يشير إلى النافذة
” طب على فكرة احنا طايرين … بصي كدا ..”

تفاجئت بأن الطائرة أقلعت دون أن تشعر و قد نجح في أن يشتت انتباهها عن هذا الخوف العظيم الذي كان يغزو قلبها فلم تستطع منع ضحكتها الجميلة التي أضاءت ملامحها في تلك اللحظة فكانت أروع هدية له في هذا اليوم …

************

بعد مرور بضعة ساعات اصطفت السيارات أمام مزرعة عائلة الوزان فتنفس الجميع الصعداء و قام 《سليم》 بحمل جنة النائمة بين ذراعيه متوجها للأعلى بعد أن أعطى غمزة إلى 《سالم》 الذي ابتسم بشماته على أخيه الذي يعلم كم سيعاني مع تلك الجنة و التفت ناظرا إلى 《فرح 》التي كانت تحاول الترجل من السيارة بفستان زفافها الثقيل فتوجه إليها لمساعدتها و بالفعل قام بإنزالها من السيارة ممسكا بكفها إلى أن وصل إلى باب المنزل و ما كادت أن تخطو خطوة إلى الداخل حتى قام بحملها بخفة بين يديه فشهقت بخفوت وقالت بصدمة
” 《سالم》 بتعمل ايه ؟”
أجابها باختصار و هو يتوجه إلى الأعلى
” شايل عروستي . متفرجتيش على أفلام عربي قبل كدا ؟”

《فرح》 بخجل
” حد يشوفنا ؟”
” إيه المشكله . خليهم يتعودوا ..”

أجابها بسلاسة جعلت خجلها يزداد أكثر فتحدثت بخفوت
” انت مجنون بجد..”
أجابها بتخابث وعينين يطل منهما العبث
” اتقلي ع الجنان لسه هتشوفيه على أصوله..”

خبأت رأسها في كتفه إلى أن وصل بها إلى غرفته و ما أن أنزلها و هم بإغلاق الباب تفاجئ ب«همت» التي وقفت أمامه وهي تقول بنبرة جامدة
” أنا عارفه إنه مش وقته بس لازم اتكلم معاك ضروري ..”

للحظة كاد أن تخرج من فمه مسبة بذيئة و لكنه تحكم بها في آخر لحظة و قال بجفاء
” شايفه الوقت مناسب يا عمتي ؟؟”
” لو يتأجل الكلام مكنتش جيتلك يا ابن اخويا..”

” الصبح نتكلم .”
هكذا تحدث من بين أسنانه فعاندته قائله
” مينفعش .. استأذن من عروستك الحلوة عشر دقايق بس .”

تدخلت 《فرح》 التي قالت بذوق
” خلاص يا 《سالم 》مفيش مشكلة شوف الحاجه همت عايزة إيه ..”

اغتاظ من تدخلها في الحديث فحدجها بنظرة قاتلة قابلتها بتوسل أغضبه أكثر و قام بالالتفات صافقا الباب خلفه وهو. يقول بجفاء
” تعالي ورايا عالمكتب ..”
تبعته همت إلى الأسفل فتوجهت 《فرح 》إلى غرفة الملابس لرؤية أشياءها و ما أن خطت خطوة إلى الداخل حتى تفاجئت بالباب الذي فُتح بقوة و تلك العينين اللتان تناظرها بقهر و شراسة تجلت في نبرتها حين قالت
” مبروك يا عروسه ..”

*******************

في الأسفل وقف 《سالم 》ينتظر همت بغضب دفين لم يرهبها بل انفجرت في وجهه وهي تصرخ
” ليه عملت كدا في بنتي ؟”
” عملت إيه في بنتك ؟”
أجابها بهدوء جعل غضبها يتزايد فصرخت بانفعال
” قبلت تجوزها الحيوان دا ليه ؟”
تشابهت ملامحه مع نبرته الجامدة حين قال
” بنتك كانت عيزاه و كانت بتحبه أنا ذنبي إيه ؟”
” بنتي كانت عيله صغيرة متعرفش حاجة . بس إنت دا صاحبك و كنت تعرف عنه كل حاجة .. ليه قبلت عليها كدا ووافقت ترميها في النار بايديك؟”

تعاظم الغضب بداخله و احتدت نبرته حين قال
” أولا محدش كان هيقبل يتجوزها غيره . عشان الهانم كانت دايرة معاه في كل مكان .و كانت بتفتخر بعلاقتها بيه .. ثانيا أنا مكنتش أعرف عنه حاجة أكيدة كله كان كلام يحتمل الصدق و الكذب “

صرخت بقهر
” بس طلع حقيقة ..’
” وليه مطلقتش منه و صبرت كل الوقت دا معاه ؟”
هكذا سألها بجمود فاحتارت للحظات كيف تجيبه ولكنها اهتدت الي الخداع فقالت بغضب
” عشان كان جابرها..”
لونت السخرية معالمه و شابت لهجته حين قال
” منطق بردو .. طيب تمام اهي اتخلصت من إجباره من الصبح هطلقها منه في حاجة تاني؟”
” بالسهولة دي ؟”

أجابها بفظاظة
” أسهل مما تتخيلي . لسه عندك حاجه تقوليها ؟”
تجمدت للحظات قبل أن تقول بتوتر
” 《شيرين》 محتاجة لدكتور نفسي ..”
أجابها بنفاذ صبر
” البلد مليانه .. الدكتور اللي ترتاح معاه تروحله .. ها إيه تاني ؟؟”

شعر بأنها تريد المماطلة فحسب و خاصة حين قالت
” إنت الموضوع بالنسبالك هين عشان هي متهمكش يا خسارة كنت فاكراك هتقدر تبقى كبير زي أبوك ..”

قاطعها بعنف قلما يظهر عليه
” ولا كلمه زيادة.. خلي بالك من كلامك واعرفي إنى لحد دلوقتي صابر على كل العك اللي حصل بس انا قلبتى وحشة.. وصبري نفد يعني اللي جاي كله بحساب .. كلامنا انتهي ..”

أنهى كلماته و توجه إلى الأعلى و هو يزفر بحنق فقد سأم كل ما يحدث و كل تلك الألاعيب و المؤامرات يريد هدوء و راحة لن يجدهما سوي بقربها. فسار ينهب درجات السلم بقلب يحمل اللهفة و الشوق معا إلي أن وصل إلي غرفته فدخل مباشرة دون أن يطرق الباب فوجدها جالسة على مخدعهما بعينين ناظرة إلى البعيد فاقترب منها بلهفة وامتدت يديه تقبض على خاصتها جاذبا إياها لتسكن بين ذراعيه ولكنه تجمد بمكانه حين شعر بها تدفعه و عيناها ترسلان سهاما حادة تشبه حدة كلماتها حين قالت
” ابعد عني.. “

صدمة قوية خيمت عليه حين تفاجئ برد فعلها فهمس باسمها بنبرة لأول مرة تبدو ضائعة
” 《فرح 》..”
نفضت توسله و قالت بلهجه قاسيه و ملامح جامدة
” اوعى تقرب مني أو تفكر تلمسني …”

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في قبضة الأقدار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى