روايات

رواية في قبضة الأقدار الفصل التاسع والسبعون 79 بقلم نورهان آل عشري

موقع كتابك في سطور

رواية في قبضة الأقدار الفصل التاسع والسبعون 79 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار الجزء التاسع والسبعون

رواية في قبضة الأقدار البارت التاسع والسبعون

في قبضة الأقدار
في قبضة الأقدار

رواية في قبضة الأقدار الحلقة التاسعة والسبعون

الأنشودة التاسعة و العشرون 🎼 💗

على ماذا البُكاء ؟

على عمر ضاع هباء؟

ام على أخطاء لم يعُد ينفع معها الدواء ؟
3

ام على قلوب أضناها الندم و أهلكتها كثرة الأدواء؟

يا قلب خسرنا أمام القدر و غُلِقت أمامنا ابواب السماء.

فالظُلم ظُلُمات لا تنقشِع غيمتها أبدًا و المظلوم لا ينفك عن الدُعاء .

فأي طريق للتوبة يُمكنني المُضي به؟ وهل يفلح مع من ارتكب مثل جُرمي الإغضاء ؟

فوالله لم يكُن الذنب استهانة بالوعيد ولم يكُن أبدًا هُزاء ؟

إنما كانت غفلة اجتاحت قلب كان يرتعب من فُقدان الأحِباء.

و الآن ذاق مُر الفقد و حصد ثمار طُغيانه ، و هُدِرت دِماء عينيه في شئ يُشبه البُكاء.
26

نورهان العشري ✍️
4

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
3

تنبهت «فرح» لذلك الحارس الذي كان يُشير بيده بطريقة خفية إلى أحدهم فأثار هذا الأمر ريبتها لتقترب من أحد الطاولات و تضع صينية الطعام برفق لألا تُحدث صوتًا و بخطوات سُلحفية تقدمت لتقترب من الدرج لرؤية ذلك الشخص الذي يُشير إلية و لكنها لم تجد أحدًا .
5

خربش الفضول عقلها و شعرت بأن هُناك أمرًا ما يُحاك خلف ظهورهم و قد عزمت الأمر على معرفته لذا وضعت نُصب عينيها مُراقبة ذلك الحارس جيدًا
7

توجهت مرة أخرى لتحمل الطعام و تتوجه إلى غرفة «جنة» التي كانت لتوها مُستيقظة لترى« فرح» التي دلفت إلى داخل الغرفة وهي تُناظرها بعتب لم يخلو من الشوق لتتحامل «جنة» على أوجاعها و تهب من مكانها لتحتضن شقيقتها التي افتقدتها كثيرًا و ما أن رأتها «فرح» حتى صاحت بلهفة

_ استني متتحركيش.

وضعت صينية الطعام و تقدمت لـ تتقابل الشقيقتان في منتصف الغرفة بعناق قوي دافيء مُحمل بشوق بالغ من جانب كلتاهما فتناثرت العبرات تعبيرًا عم ما يكتنفهما من مشاعر كون تلك المرة الأولى التي يفترقا فيها كل هذا الوقت و قد كان هذا أكثر من مؤلم على «فرح» التي قالت بعتب

_ كدا بردو يا جنة ؟ أهون عليكِ تعملي فيا كدا ؟
1

رفعت «جنة» رأسها تُطالع شقيقتها بأسف تجلى في نبرتها حين قالت

_ حقك عليا يا فرح . انا عارفه انك اكيد زعلانه مني بس والله ما قدرت اقولك . قلبي مطاوعنيش انكد عليكِ .

«فرح» باستنكار يخالطه العتب

_ تتكدي عليا ! على أساس أن انا غريبة عنك يا جنة ؟

«جنة» بلهفة

_ لا طبعًا مش كدا . بس بصراحة مكنتش حابة تيجي المستشفى في ظرف زي دا . فال وحش يا فرح .

«فرح» باندهاش

_ فال وحش ! من امتى بتفكري بالشكل دا ؟

«جنة» بحزن

_ بعد كل اللي مرينا بيه دا لازم طريقة تفكيري تتغير يا فرح ، و لازم اخاف على كل اللي بحبهم ، و احافظ عليهم من النسمة . انتوا نعمة من ربنا بتمنى يديمها في حياتي .
1

احتوتها «فرح» بين ذراعيها و قلبها ينتفض ألمًا على طفلتها التي كبُرت قبل الأوان . صفعات الحياة أشبعتها حد النُضج لذا شددت من احتوائها وهي تقول بحنو
4

_ ربما يفرح قلبك يا حبيبتي و لا يحرمك من حبايبك أبدًا . انا بس كنت عايزة اكون جنبك .

رفعت رأسها تطالع تلك الأم التي كافأتها بها الحياة و التي لن تجد من الكلمات الرائعة ما يُعطيها حقها لذا قالت بحب

_ أنتِ دايمًا جنبي يا فرح حتى لو بعيد . انا من غيرك ولا حاجه . أنتِ أمي و أختي و صاحبتي و حبيبتي ، و أنا كمان بحاف عليكِ زي ما بتخافي عليا و أكتر . انا قولت اخلص عشان انسى ، و فعلًا عايزة انسى ، و أنتِ كمان انسي . انا واثقة ان ربنا هيعوضني .
3

أخذت «فرح» تتلمس ملامحها بحب تناثر من بين عينيها فتابعت« جنة» بنبرة قوية

_ و من النهاردة هكون حد تاني . هكون زي ما بتتمني تشوفيني .هرجع تاني جنة اللي بتضحك و بتفرح و بتتنطط . مش هسمح للحزن يضيع مني حياتي ، ولا هسمح للماضي أنه يدمر مستقبلي .
14

رقص قلبها فرحًا من كلمات شقيقتها التي عزفت أنشودة سعيدة لطالما كانت أعظم أمنياتها في هذه الحياة لتقوم بجذبها داخل أحضانها وهي تقول بفرحة

_ ياه يا جنة. أخيرًا فرحتي قلبي . أخيرًا فهمتي .

شددت من احتواء شقيقتها وهي تُجيبها بلهفة

_ فهمت يا فرح ، و بإذن الله هرجع جنة بتاعت زمان ، و هترجع أيامنا الحلوة تاني. انا واثقة ان ربنا هيقف جنبي .

_ أن شاء الله يا حبيبتي . يالا بقى عشان أأكلك ، و اعملي حسابك من النهاردة انا اللي ههتم بأكلك و صحتك

أنتِ لونك مخطوف و خاسة و متغيرة ،و دا مينفعش يا ست هانم .

قهقهت «جنة» على كلمات «فرح» التي لطالما كانت تُمطرها بها وهي في فترة المُراهقة إلى أن وصلت إلى الجامعة فأجابتها بمُزاح

_ لا يا فرح يا حبيبتي أنتِ فهمتي غلط . انا اللي هرجع جنة القديمة مش أنتِ .

ابتسمت« فرح» على كلماتها ولكنها قالت بحزم

_ مفيش الكلام دا. اتفضلي اقعدي . عشان هأكلك بأيدي .

امتثلت «جنة» لأوامرها بمنتهى الحب فقد اشتاقت لتلك الأيام الجميلة حين كانت تمرض وتجلس شقيقتها بجانبها تطعمها و تُعطيها دوائها بكل حب إلى أن تسترد عافيتها و ها هي تفعل ذلك الآن وسط ضحكاتهم التي اخترقها صوت باب الغرفة الذي أُغلِق بقوة و صوت غاضب جاء من خلفهم

_ أهلًا . خيانة عُظمى في أوضتي و على سريري كمان .
14

التفت الفتاتين إثر كلمات «سليم» الغاضبة التي جعلت «فرح» تقول بتهكم وهي تُناظر «جنة»؟

_ مين دا معلش ؟ تعرفيه ؟

قهقهت «جنة» على كلمات «فرح» وهي تقول بمُزاح

_ ولا عمري شفته يا بنتي.
3

صاح «سليم» بصدمة

_ وحياة امك ، ولا عمرك شوفتيه ! سيبتك معاها خمس دقايق خليتك تتنكري مني !
8

«فرح» بتشفي

_ ولو سبتني نص ساعة كمان هتيجي تلاقي هدومك في أوضة عم مجاهد تحت . كل عيش بقى و ظبط امورك معايا عشان رقبتك في أيدي .

اقترب منهم ليجلس بجانب «جنة» يُبعثر خُصلات شعرها وهو يّمازحها قائلًا

_ عاجبك كدا . خلتيها تبيع و تشتري فيا . ماشي لسه الليل طويل . كله هيخلص منك .
9

«فرح» بتحذير

_ طب ابقى قرب منها كدا و شوف هعمل فيك ايه ؟

«سليم» بسخرية

_ هقول ايه بس كله عشان منصور .

رقت ملامح «فرح» و ارتسم التوسل في نظراتها ونبرتها وهي تقول

_ طب بقولك ايه انا ممكن اتبرى من جنة بس تخلعني من اسم منصور دا كل ما بسمعه بحس اني هولد من الغيظ . بيجيلي مغص والله.
17

اندلعت قهقات قوية من فم كُلًا من «جنة» و «سليم» الذي قال بتشفي

_ دا الاسم دا هو علاجك . عارفه انا اللي هروح اكتبه بنفسي .

تفاجئ من تلك التي زجرته في كتفه بعنف وهي تقول بتحذير

_ حيلك . حيلك . انت بتتكلم مع أختي على فكرة ، و بعدين يرضيك ابقى خالة عيل اسمه منصور !
3

«سليم» بتقريع

_ اتلمي عشان دا اسم أبويا ماشي .
7

«فرح» بلهفه

ـ على دماغنا ، وانا معتزة جدا بيه بعد اسم سالم في البطاقة بس يعني ابقى ام منصور دي . حرام يا سليم و الحيوان اللي اسمه مروان دا مش مبطل يفكرني في الطلعة و النازلة لدرجة اني بقيت ادعي يارب تبقى بنت.

حاول قمع ضحكاته قبل أن يقول بتشفي

_ يؤسفني اقولك يا فرح انها لو كانت بنت هيبقى الموضوع كارثي بردو عشان اكيد هنسميها على اسم الحاجه .
4

برقت عيني« فرح» من كلماته فلم تستطِع «جنة» قمع ضحكاتها التي اخترقت قلب كُلًا من «فرح»و«سليم» فقد اشتاق كُلًا منهما لسماعها تدوي من جديد وتطرب أذانهم لذا قال «سليم» بتخابُث
2

_ طب بقولك ايه اوعدك افكر في الموضوع دا و اشوفلك حل بس اخلعي أنتِ دلوقتي.
2

فهمت «فرح» ما يُريد و أرسلت إليه ابتسامة ذات مغزى قبل أن تقول بتحذير

_ الأكل دا كله يخلص ، و لو مخلصش انت المسئول قدامي . اختي جت خست ، و اتغيرت عندكوا و دا عيب في حقك على فكرة. انا قولتلك اهو .

برقت عيني «سليم» من حديثها و ما أن غادرت حتى التفت إلى «جنة» قائلاً

_ تصدقي بالله انا بحس أن سالم و فرح دول توأم . نفس الصفات و نفس الطريقة و نفس التفكير . لايقين على بعض بدرجة مش طبيعية.
7

ناظرته بأعين ألتمع بهم نظرات الإعجاب بوسامته التي ازدادت ما أن نمت خصلات شعره من جديد و ذلك التجويف في خديه الذي تعشقه لذا قالت بنبرة جذابة

_ هما بس اللي لايقين على بعض ؟
2

كلماتها دغدغت حواسه فاقترب يحتضن كتفيها يقربها منه واضعًا قبلة دافئة فوق جبهتها قبل ان يقول بنبرة شغوفة

_ أنتِ كتير عليا يا جنة . انا بحاول اكون شخص يليق بيكِ .
29

أن يتنازل شخص لأجلك و يُنحي جانبًا جميع صفاته الرائعة حتى يُعزز من مكانتك بجانبه لـ هو أجمل شعور يُمكن أن يُدركه المرء . كأن يقذف بداخلك جُرعة كبيرة من الثقة والسكينة التي تحتاجها الروح لتحيا و القلب ليعشق.
3

ارتج قلبها لكلماته التي هام بها الفؤاد و استكانت بها الروح فـ اندفعت الحروف العاشقة من بين شفتيها

_ بتقول ايه يا سليم ؟ دانا اللي محظوظة بيك . انت احلي حاجه حصلتلي.

أجابتها عينيه العاشقة بنظرة هيام شملتها كُليًا و كأنها شيء مُبهر تبتهج العين برؤيته و كذلك فعلت لهجته حين قال

_ أنتِ بقى كل الحلو اللي في حياتي . ضحكتك اللي ضحكتيها من شويه دي عاملة زي المطر روت قلبي اللي كان ميت من العطش .
6

أحيانًا يتفاقم الشعور بداخلنا فلا تُسعفه الثمان وعشرون حرفًا لوصفه لهذا خُلِق العِناق فهو حديث من القلب للقلب يحكي عن شعور لا تفيه الكلمات ولكن تستشعره الروح
13

اندفعت بين ذراعيه تُشدد من عناقه بكُل ما أوتيت من حُب كان أضعافه بقلبه الذي اهتدى أخيرًا فوق مرساه الآمن بين طيات عشقها .
5

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ♥️
18

★★★★★★★★★★

_ اخبريني ماذا لديكِ ؟

هكذا تحدث «سالم» بفظاظة فأجابته «جوهرة» بنبرة جذابة و عينين تُريد اختراق أعماقه بقوة

_ فكرت بحديثك فيما يخص هارون ، واتخذت قرارًا أردت إعلامك به .

_ ماهو هذا القرار .

«جوهرة» بهدوء

_ سأُساعدك ولكن بشرط !

ابتسامة ساخرة لاحت على زاوية فمه قبل أن يقول بتهكم خشن

_ سأتغاضى عن أمر هذا الشرط و لكني أُريد أن أعرف من اين أتيتي بأمر مُساعدتي هذا ؟ أردتك أن تُساعدي صديقك لا أن تُساعديني انا .

تشكل داخلها شعور عميق بأن هذا الرجُل ذو دهاء كبير لذا استمهلت نفسها قبل أن تقول بنبرة رفيعة

_ سيد سالم لقد مر عليا هُنا قُرابة الأسبوع و قد رأيت بعيني كيف انكم عائلة مُترابطة ، و كيف انك رجلًا قد يبذل الغالي و النفيس لأجل تلك العائلة ، وبالمُناسبة يُعجبني ذلك كثيرًا ، و لهذا أُخبرك أنني سأُساعدك لإستعادة هارون و ضمه لعائلته .

يعلم المغزى خلف كلماتها ولكنه واصل لعبته للنهاية إذ قال بخشونة

_ أُكرِر تُساعديه ، فأنا لا يعنيني كثيرًا وجود ابن عدوي تحت سقفي ، ولكني أيضًا لست رجُلّا ظالمًا لذا سأُعطيه فُرصة واحدة .

«جوهرة» باستنكار

_ مهلًا ولكن على حسب علمي ان السيد ناجي له ابنتين وهما يعيشان معكمَ

«سالم» بجفاء

_ أجل صحيح ولكن وضعهم يختلف ، فنحن من ربيناهم وهم ينتمون إلينا و هذا سيدك لا علاقة له بهم ، و هارون ليس مثلهم و لن يكون.

جعلتها إجابته تشعر بالحيرة فهي بارعة بقراءة لغة العيون و قد كانت عيناه جامدة لا تهتز تمامًا كنبرته إذن فهو يعني ما يقول و هذا من شأنه أن يُسهل من مهمتها كثيرًا ولكن على العكس فهذا الشعور لا يبعث الراحة على نفسها . لن تُطيل في الأمر أكثر لذا قالت بلهجة هادئة

_ إذن هل لي بسؤال ؟

_ تفضلي .

«جوهرة» بأعيُن مُترقبة و نبرة هادئة

_ هل صحيح أن والدة هارون لم تتخلص منه و تُلقي به إلى ذلك الرجل لـ يـربيه ؟

«سالم» بتهكم

_ ذلك الرجل ليس أهل ليُربي قطة فكيف بإنسان ؟ عمتي لم تقبل أن يقترب من واحدة من بناتها طوال هذه السنوات فلماذا ستفعل شيء مُغاير مع هارون ؟

خرجت الكلمات من فمها مُندفعة وهي تقول

_ لا . لا اقصد السيد ناجي إنما ذلك الرجل البدوي الذي كان يُربي هارون . لقد وجده سيدي بعد أن أخبرته الخادمة بأنه له طفل على قيد الحياة.
5

ألقى الصياد الطُعم و ابتلعته الفريسة بسذاجة ولكنه بقى ثابتًا لم يهتز على الرغم من ملاحظته لـ امتقاع وجهها فقام بأخذها إلى مُنعطف آخر ليصرف انتباهها عن فداحة ما تفوهت به

_ لا يُمكن أن تكون تلك التمثيلية حقيقة ؟ تُريدون اخبارنا بأن هارون لم يتربى مع والده و بالتالي لن يُصبح مثله ؟ مُحاولة جيدة جوهرة .

نطق اسمها بطريقة كانت مُثيرة على أذنيها و خاصةً و أن كلماته طمأنتها بأنه لم يُلقي بالًا لذلتها لذا تجاهلت حديثه و قالت بنبرة محرورة

_ اوه . اعجبني اسمي من بين شفتيك كثيرًا ، فأنتم العرب لكم لكنة رائعة في نُطق الحروف ، و لكن تلك اللكنة زينتها نبرتك الخشنة فبدا اسمي رائعًا .
4

تبسِط الطريق أمامه لكي يصل بها إلى نقطة الخطيئة فهو يعلم ذلك منذ اللحظة الأولى ولكنه رجل يُتقن التجاهل يُجيد التلاعُب بخصمه حتى يهلك عن طيب خاطر لذا قال بلهجة خشنة

_ نحن العرب مُميزون كوننا عرب ، و الآن هيا اخبريني قرارك هل ستُساعدي صديقك ام ستجعليه يخسر فرصته؟
6

اغضبها كثيرًا طريقته الماهرة في تجاهل ما ترمي إليه و لكن اعجبها تصرفه فهذا يُزيد كثيرًا من مُتعة الأمر لذا رققت لهجتها حين قالت

_ سأُساعِد صديقي ، و سأقف بجانبه ، و سأبدأ من الآن ولهذا أردت رؤيتك هل يُمكنني أن أتحدث معه ؟

اومأ «سالم» بصمت قبل أن يقوم بإمساك أحد هواتفه

لـ يستدعي أحدهم الذي ما أن قدم حتى أمره بفظاظة

_ خذها إلى ذلك الفتى ، و احرص على أن تُعيدها سالمه .

أومأ الحارس لـ ينتظرها حتى تتقدم أمامه ولكنها لم تستطِع الخروج قبل أن تلتفت إليه قائلة بنبرة جذابة

_ أشكرك لحرصك على سلامتي .
4

لم تتغير ملامحه ولم يُكلف نفسه عناء الرد فقط إيماءة بسيطة من رأسه نجحت في إثارة حنقها لتتقدم أمام الحارس الذي أخذها إلى حيث يُحتجز «هارون» .
1

كان المكان عبارة عن مخزن كبير مليء بالخردوات و الكثير من بقايا الخشب أرضيته مليئة بالقش موحش يبعث على الرهبة الذي ملأت قلبها و قد توقعت أن تجد «هارون» مُعلق بسقف الغرفة ولكن على العكس وجدته يستلقي فوق سرير خشبي يكاد يتحمل ثُقله واضعًا إحدى يديه فوق رأسه و يبدو أنه مُسترخي فصاحت مُستنكرة

_ لا تُخبرني انك تشعُر بالراحة في هذا المكان ؟

رفع يديه من فوق رأسه يُناظرها بصدمة خفيفة فاعتدل جالسًا دون أن يُعلق فقط عينيه كانت على الحارس الذي تركهم دون حديث فاندفعت «جوهرة» لتعانقه بقوة اجفلته لثوان فما أن كاد يدفعها حتى همست بجانب أذنه

_ عانقني فنحن أصدقاء .

لم يُعانقها فعليًا انما حاوطتها يديه بتحفظ اغضبها ولكنها لم تُعلق بل تركته ما أن سمعت صوت قفل الباب فقد صح ظنها الحارس كان يُراقبها و قد تأكد من كونهم أصدقاء كما تحاول أن تُثبت للجميع ولابد سيُخبر سيده .

_ كيف حالك في هذا المكان ؟

هكذا تحدثت بعد ما اعتدلت في جلستها ليُجيبها «هارون» بكسل

_ أشعُر بالملل هُنا .

«جوهرة» باستنكار

_ هل تسخر مني ؟

«هارون» بتهكم

_ لا بل من عقلك الغبي . ماهذا السؤال ؟ و ما الإجابة التي تتوقعينها مني ؟
4

طافت عينيها بلهفة في المكان فجاء صوته ليُعيد انتباهها إليه مرة أخرى

_ لا يوجد كاميرات مُراقبة هُنا لا تقلقي .

زفرت براحة قبل أن تقول بنبرة جادة

_ اسمعني جيدًا والدك في غيبوبة بسبب ذلك الغبي الذي ضربه بقوة في رأسه .
3

انتفض بجانبها قائلًا بغضب

_ ماذا تقولين ؟

_ إهدأ لأُخبرك ماذا حدث . لقد نجحت في التواصل مع ألبرت و هو من أخبرني بذلك ، والأطباء يقولون أن حالته لا تُبشِر بالخير .
2

زفرت بحزن نجحت في تضمينه لهجتها حين قالت

_ لقد نجحوا في مسعاهم ، و قد لا ينهض مرة أخرى.
5

هب واقفًا وهو يقول بانفعال

_ كف عن تِلك التِرهات . سينهض مرة أخرى أنه رجلًا قوي .
4

_ اضناه الألم «هارون» . إضافة إلى أن الجسد هلك من فرط ما احتمل ، والآن جاء دورك . يجب ألا تترك ما حدث يمُر هكذا ، ڤانت رأيت بعينيك اولئك الناس كيف يكرهونه ، وكيف يتعاملون معك كونك ابنه ؟!

«هارون» بغضب ساخر

_ أجل رأيت . لقد كادت الفتاة تقتُلني دون حتى أن تعلم ماذا حدث ؟ و اولئك الجرذان أرادوا الفتك بي لكي يُثبتوا رجولتهم أمام النساء ، وهذا الرجل الكبير الذي يظُن أنه يُعاقبني بتلك الطريقة . جميعهم أغبياء !

اندفعت «جوهرة» تقف خلفه وهي تُتابع بث سمومها قائلة

_ ليسوا أغبياء بل يُعميهم الحقد ، و يجعلهم يتصرفون كالهمج . لقد كان والدك مُحقًا أنهم يكرهونه و يكرهونك كونك ابنه.
3

«هارون» بنبرة جافة و ملامح مُكفهرة
1

_ أجل ، و سأحرص على إعطائهم أسباب أُخرى لكُرهي .
4

التمعت عينيها بالإنتصار و تحدثت بتخابُث بجانب أذنه

_ اعلم بأنك رجلّا بحق و ستحرص على معاقبة أولئك المجرمين ، و قد أرسلني ذلك الرجُل إلى هُنا حتى أُحاول أن أُثنيك عن ذلك . يبدو أنهم بالفعل يخشونك .

التفت يُناظرها باستفهام صامت فتابعت تقص عليه ما حدث لتختتم كلماتها حين قالت

_ كانت تلك الطريقة الوحيدة لكي اقابلك و أخبرك ما يحدُث ، وقد اقنعته بأنني سأفعل ما بوسعي لذلك .

التفت «هارون» إلى الجهة الأخرى وهو يقول بغموض

_ و أنا سأساعدك لكي تُقنعيه أكثر .

ارتفع أحد حاجبيها بعدم فهم فهالها صوته الغاضب حين صاح يُعنفها

_ اغربي عن وچهي جوهرة والآن .

في البداية صدمها رد فعله ولكنها فهمت ما يُحاول أن يرمي إليه فتابعت تمثيليته قائلة بتوسل

_ هارون اسمعني. الأمر ليس كما يبدو لك . هُناك الكثير مما لا تعرفه .

قاطعها غاضبًا

_ لا أُريد معرفة شيء ، ولا أُريد رؤيتك مرة أخرى أن كنتِ ستُكررين ذلك الحديث مرة أخرى .

«جوهرة» بتوسل زائف

_ لن أكرره حسنًا ولكن يجب أن تستمع إلى والدتك. أنها ترقد بين الحياة و الموت قد تكون فرصتك الأخيرة .

صمت لثوان قبل أن تُتابع بنبرة ذات مغزى

_ سأترُكك لتُفكر في الأمر .

_ اغربي عن وجهي . هيا اغربي ..
2

هكذا صاح «هارون» فاندفع الحراس ليجدوا «جوهرة» تُهرول إلى باب المستودع بملامح نجحت في رسم الذُعر بين ثناياها ليقوموا بإخراجها و إعادتها إلى المنزل غافلين عن نظرات الخديعة التي لونت أعيُن علمت جيدًا على أي أرض تقف .
1

حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ♥️
6

★★★★★★★★★★

كان يحتضن المصحف بقوة و شفتيه تُردد أيات الذكر الحكيم و كأنه يستأنس بها في تلك الليلة الموحشة التي يقضيها وحيدًا في صحراء قاحلة قد تبتلعه رمالها في أي لحظة فكان جسده يرتجف رغمًا عنه إلى أن توقف عند تلك الآيات الكريمة

قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56
4

صدق الله العظيم سورة الزُمر

شعر بأن تلك الآيات كالضماد التف حول قلبه المذعور أنها دعوة من رب العباد تُخبره بأن لا يقنط من رحمته نعم هو تحت رحمته و تحت حفظه وتحت سمائه . يستمع إليه إلى شكواه و خوفه و جزعه ، و هو فقط من سيؤمن خوفه فأغلق الكتاب الكريم و خرج من خيمته و توجه إلى الخارج يرتفع برأسه إلى السماء يدقق بها فوجد القمر يُنيرها و النجوم تُزينها فأخذ ينظر حوله فلم يجد تلك العتمة التي كان يظُنها فقد كانت منبع تلك العتمة قلبه الذي صرخ بتضرُع

_ يارب . انت وحدك اللي سامعني . يارب أنا كنت وحش اوي . كنت شيطان. يارب أنا عملت كل حاجه وحشة في الدنيا. بس طمعان في رحمتك . طمعان في كرمك . طمعان تسامحني .
9

تساقطت عبراته بقوة وهو لايزال يصرُخ بتضرُع

_ يارب . عشمان يارب . عشمان فيك يارب . انا تعبت وانت شايف قلبي . شايف اللي فيه . حاسس بيا و بتوبتي .

اخترقت شهقاته سكون الليل وهو يُتابع بنبرة متوسلة

_ عايز اثبتلك و اثبت للكل اني توبت . عايز اجيلك نضيف . يارب نفسي اجيلك وانا نضيف يارب. ساعدني و سامحني . سامحني يااارب .
4

خر ساقطًا على ركبتيه وهو يرتجف من فرط البُكاء و لسانه يبتهل و يتوسل

_ يارب سامحني . يارب خليهم يسامحوني .

أخذ يبكي حتى جفت مياه عينيه و هلك الجسد الذي لم يسد رمقه شيء منذ الصباح ليتوجه بأقدام واهنة إلى منبع مياه يستخدمونه دائمًا للوضوء والشرب ليتفاجأ بفراء أبيض يقف عنده فتوقفت أنفاسه لثوان قبل ان ترتسم ابتسامة هادئة على وجهه فلم ينساه خالقه و أرسل إليه رزقه بين دروب الصحراء القاحلة ليخفق قلبه بعنف و داخله يُردد عبارات الحمد قبل أن يتحين للإنقضاض على هذا الأرنب البري الذي كان نهمًا في الإرتواء من منبع المياة فغافله هذا الحجر الذي سقط فوق رأسه ليسقط في المياة وقبل أن تُتاح له الفرصة للهرب احكم «حازم» الإمساك به كوليمة رائعة سيُنهي بها يومًا كان عصيبًا و بالفعل قام بذبحه وسلخه كما علمه «جرير» و قام بإضرام النيران ليقوم بشويه وعينيه تتابعان وجبته الرائعة بقلب راضٍ قرير و قد كان ذلك أعظم شعور قد خابره طوال حياته فدائمًا كان شخص صعب الإرضاء رغمًا عن جميع مُغريات الحياة حوله و التي كان الطعام يُعد من اتفه الأشياء التي كان يستمتع بها و الآن تلك الوجبة البسيطة تُشعِره بتلك السعادة .
7

و هُنا نصل إلى حقيقة ثابته أن جمال الأشياء لا يكمُن بكمها أو مدى جودتها إنما بتلك النفس الراضية التي تُقدر عطايا خالقها ، فالرضا من نِعم الله علينا وهو المُكمل الرئيسي لجمال الأشياء في حياتنا فما أن يرضى الإنسان حتى تكتمل نواقص الأشياء حوله و يتولد شعور السعادة بداخله .
16

أنهى وجبته الرائعة و قام بغسل يديه و الوضوء ليوجه الى خيمته يُصلي و قلبه هادئًا ساكنًا يحمد الله على كل شيء و قد كانت هذه المرة الأولى في حياته التي يُصلي بها ليحمد الله فقط و بعد أن انتهى من صلاته و ختامها امسك ورقة «جرير» بين يديه وهو يقول بنبرة يملئها التصميم

_ هدافع عن حياتي و هخليها تستحق اني اعيشها ، و أن شاء الله هخلي كل الجاي صح . صح وبس .

أسئلة أخرى

ما هو دعاء سيد الاستغفار ما اسمه؟

اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ♥️
11

★★★★★★★★★★

تقدمت لتفتح باب المنزل لتتفاجيء بوالدتها التي كان الحزن يكسو ملامحها و على غير عادتها لم تكُن تضع مساحيق التجميل بل كان وجهها على طبيعته ولكنه كان شاحبًا مُرهقًا و كأنها كبرت عشر سنوات مما جعل حزنًا غريبًا يجتاحها ولكنها نفضته عنها وهي تقول بنبرة جافة

_ اهلا يا مدام منال في حاجه ؟

اوجعتها كلمات ابنتها ولكنها نتاج زرعتها طوال تلك السنوات لذا تجاهلت حزنها وقالت بلهجة مُشجبة

_ ينفع ادخل ؟

تنحت «ساندي» جانبًا بعد دقائق من التفكير لتقرر أن تُدخلها لا تعلم لما ولكن كان هناك شيء يُحركها من الداخل وقد اطاعته ولكنها كانت تحاول أن تكون بعيدة قدر الإمكان حين قالت بجفاء
2

_ تشربي ايه ؟

«منال» بحزن

_ انا مش جاية اضايف يا ساندي . انا جاية اطمن عليكِ.

لم تفلح في قمع كلماتها الساخرة المُشبعة بالمرارة حين قالت

_ غريبة . دانا كنت جنبك في بيت واحد و مكنتيش بتيجي تطمني عليا . جاية دلوقتي المسافة دي كلها عشان تطمني عليا !

اخفضت «منال» رأسها بأسى تجلى في نبرتها وهي تقول

ـ يا بنتي هتصفي امتى بقى و تبطلي تعاقبينا . انا وابوكي كبرنا عشرين سنة في الكام شهر اللي فاتوا دول .

«ساندي» بقهر

_ وانا كبرت عمري كله جنبكوا من غير ما تاخدوا بالكوا مني . كنت بموت و اصحى وانتوا ولا انتوا هنا ، و جاية تقوليلي هتصفي امتى و صعبان عليكِ حالكوا في الكام شهر اللي فاتوا ! دي فواتير سنين يا منال هانم و بتتسدد .

انفلت زمام عبراتها أمام كل هذا الأسى و الحقد بقلب طفلتها التي كبُرت على غفلة منها رباها الوجع و هذبها الأسى لتُصبِح على عرش المُعاناة ملكة جميلة من الخارج مُشوهة من الداخل و قد كان هذا أقسى ما مر عليها طوال حياتها لذا توجهت بأقدام خائبة إلى باب الشقة تنوي المغادرة بصمت فيبدو أن الطريق لايزال مُوصدًا و اقفاله ضائعة لذا يكفيها أن تراها بخير فقط

_ استني يا طنط منال . راحة فين ؟

هكذا تحدث« عُدي» الذي كان يأخذ حمامه و خرج ليتفاجأ بوجود« منال» التي التفتت تناظره بأسى تجلى في نبرتها حين قالت

_ ماشية . كنت جاية اطمن عليكوا و خلاص همشي .

«عُدي» باستنكار وعينيه تتفرق بين «منال» التي تُنكث رأسها بحُزن و بين «ساندي» التي تُحاول الظهور بمظهر اللامُبالاة ولكن يتبلور الحُزن بعينيها

_ تمشي فين ؟ حد قالك أننا ناس بخييلة ولا ايه ؟ وبعدين دا أنتِ حماتك بتحبك دانا عامل مكرونة بشاميل النهاردة. لازم تدوقيها

ارتفعت عيني «منال» تُتابع« ساندي» التي ناظرت« عُدي» بغضب تجاهله الأخير وقال بمُزاح

_ متخافيش كل حاجه مستويه . يعني مش هيجيلك تلبوك معوي . ممكن شويه إسهال خفيف كدا بس .

ابتسمت «منال» قبل أن تقول بتلعثُم

_ مش عايزة . اضايقكوا يا ابني .

«عُدي» باستنكار

_ تضايقي مين بس ؟ بقولك عامل مكرونة بشاميل ، و جتلي ضحية من السما . تقوليلي اضايقكوا. يلا تعالي اقعدي وأنا و ساندي هنجيب الأكل .
6

وصلت إلى المطبخ وداخلها تريد إحراقه حيًا لذا ما أن دلف خلفها حتى التفتت باندفاع وهي تقول من بين أسنانها

_ انت قاصد ايه من اللي بتعمله دا ؟

اندفاعها جعلها قريبة منه حد الخطر الذي لون حدقتيه فقد انتشى قلبه بقربها هكذا و خاصةً حين دغدغت أنفه رائحتها العطرة التي اشتاقها كثيرًا فجاء صوته مُتحشرجًا حين قال

_ انا مكنتش قاصد . بس دلوقتي أنا هبقى قاصد و احتمال مُتحرش كمان .

كلماته جعلتها تتنبه إلى موقعها القريب جدًا منه لتتراجع بلهفة ولكن هيهات فقد كانت يديه خلف ظهرها بالمرصاد لتُعيدها مرة أخرى إلى مكانها فقالت بتلعثُم

_ اوعى ايدك دي .

«عُدي» بعناد

_ مش هوعى .
1

ـ شيل ايدك احسنلك ، و سيبني امشي.

هكذا تحدثت من بين أسنانها فقد بلغ التوتر مبلغه منها و تقاذفت دقات قلبها بجنون لم تستطِع تحمله وقد شعر هو. بذلك فلم يمنع نفسه من مُبادلتها الجنون على طريقته حين قال بنبرة شغوفة

_ هتعملي ايه لو مشيلتش أيدي ؟

ضاعت أمام نظراته و نبرته و لم تعلم بماذا تجيبه وهي غارقه بتلك الطريقة في بحر عينيه الأسود الذي يُغريها بالغوص به حتى الغرق الذي بدا يلوح أمامها وهو يقترب كالمغيب منها وهي عاجزة بل مستسلمة كُليًا لمشاعر دافئة قوية تكتنفها لتتحول بعدها إلى أخرى عاصفة وهي خاضعة بين ذراعيه و هو يرتشف من نبيذ ريقها الذي كان كينبوع مياة عذب وسط صحراء قاحلة فأخذ ينهل منه على استحياء كي لا يُخيفها وقد كان هذا يتطلب منه إرادة من حديد حتى لا يلتهمها بضراوة فقد كان يشتاقها حد الجحيم ولكنه بشق الأنفس استطاع أن يتراجع بعد أن شعر بحاجتها للهواء ليبتعد بعض إنشات عنها فلم يكُن بُعدًا بالمعنى الحقيقي فلا يزالوا يتبادلوا الأنفاس المُلتهبة التي تُشبه لهجته حين قال

_ انا لو مت دلوقتي هموت و انا مش عايز حاجه من الدنيا تاني.
7

حديثه عن الموت خفف من هول الكارثة التي حدثت قليلاً لتقول بلهفة

_ ايه اللي انت بتقوله دا ؟ موت ايه و زفت ايه ؟ انت بتستهبل !

«عُدي» بصوتًا أجش من فرط ما يحمله من مشاعر جياشة

_ بستهبل ! دانا قلبي هيقف من فرحته .
3

تعاظمت دقات قلبها حتى آلمتها واحترقت أنفاسها بفعل كلماته و ما أضرمته من نيران هوجاء بداخلها و خاصةً حين تابع بنبرة موقدة

_ أنتِ كنتِ بين ايديا دلوقتي . من غير خوف .
1

وضع يديه فوق موضع قلبها النابض بجنون وهو يُتابع

_ قلبك اطمن في حضني . بيدق اوي بس مش من الخوف . انا مش نفس الوحش اللي كنتِ شيفاه قبل كدا صح ؟
3

كان استفهامًا يحوي توسل قاتل بألا تُطفيء شُعاع الأمل بداخله لم تستطِع إلا أن تلبي ندائه قائلة بصدق

_ صح .

كانت كلمة بسيطة مردودها قوي للحد الذي جعل عينيها تبرقان حين شاهدت تلك العبرات التي غافلته لتجري فوق خديه تخبرانها أي شعور عارم بالسعادة جعلته يختبره فقام بجذب رأسها يلصق جبهتها بخاصته وهو يقول بنبرة محرورة

_ يااااااه . دانا كنت بقول اني هموت قبل ما اسمع الاعتراف دا منك .

همست بحرقة

_ بعد الشر عنك .

رفع رأسه قائلًا بنبرة موقدة بلهيب الصبوة

_ بحبك . بحبك لدرجة اني عايز أشيلك و الف بيكِ و اصرخ واقول للناس كلها خلاص نولت الرضا .
6

اخفضت رأسها خجلًا فقام بتزيين جبينها بقبلة دافئة وهو يُتابع بنبرة يشوبها المُزاح

_ امك سرها باتع . هطلع ابوسها دلوقتي.
2

عند ذكرها رفعت رأسها و قد عاد غضبها يطفو على السطح

_ ممكن اعرف ايه اللي عملته من شويه دا؟ ازاي تعزمها عالغدا وانت عارف اني هتضايق

«عُدي» بتعقُل

_ عشان عارف انك هتتضايقي اكتر بعد ما تمشيها بالطريقة دي .

اندهشت كونه يرى داخلها بتلك الطريقة ولكنها حاولت المِناص منه قائلة بغضب

_ أبدًا مكنتش هتضايق ولا حاجه…

قاطعها بوضع إصبعه فوق شفاهها وهو يقول بهدوء

_ ساندي . مش محتاجه تكذبي عليا عشان أنا اكتر واحد في الدنيا فاهمك . جه الوقت اللي تحاولي فيه تتصالحي مع الماضي ، ودا عشانك . حتى لو مش هتسامحي ادي لنفسك فرصة تهدى و ترتاح .

توقفت أمام كلماته بعجز فتابع بتعقُل

_ خدي هدنة . اللي في قلبك بيوجعك يبقى بلاش تزوديه . حاولي تتعاملي بهدوء مع المواقف بلاش تاخديها على أعصابك . اتعاملي معاها عادي . انسي حتى أنها أمك . اتعاملي معاها كأنها ام واحدة صاحبتك . جارتك . شوفي الدنيا هتبقى فيها ايه ، وانا معاكِ في أي حاجه .
6

راق لها اقتراحه فهُناك شيء في أعماق القلب يُناديها لتهدأ هذا أكثر ما تحتاجه الهدوء والسكينة لذا اومأت بصمت فابتسم بحب و قال بمُزاح

_ و بعدين لازم تكوني ممتنة ليها أنها هتشاركك في الجريمة بتاعتي يعني مش هتشيلي الليلة لوحدك .
1

ابتسمت على مزاحه ولم تُعلق و شرع الثُنائي في تحضير الطعام و ماهي الا دقائق حتى كان الثلاثة حول المائدة يتناولون الطعام بصمت لم يخلو من نظرات الشوق من «منال» لابنتها و الامتنان منها ل«عُدي» الذي أخذ يتحدث في أمور عديدة حتى انتهي الغداء و قد شعرت «منال» بأنها لا تُريد أن تُطيل الأمر أكثر حتى لا يأتي بنتائج عكسية لذا قالت بامتنان

_ شكرًا يا ولاد عالغدا الجميل دا . بقالي كتير مكلتش كدا .

«عُدي» بمُزاح

_ الهي يعمر بيتك يا شيخة. فتحتي نفسي. انفع شيف .
5

«منال» بابتسامة هادئة

_ تنفع احسن شيف . تسلم ايدك الأكل جميل .

_ تسلمي يا طنط. حضرتك نورتينا النهاردة. ياريت كل فترة نتغدى سوى كلنا.

اغتاظت من اقتراحه ولكنها لم تُعلِق بل اكتفت بابتسامه صامته لتقول «منال» بحبور

_ ياريت والله ،و بالمرة اجيب رؤوف هو كمان دا هيتجنن عليكِ يا ساندي .

اومأت «ساندي» بهدوء قبل أن تقول بجمود

_ اه أن شاء الله.

شعرت« منال» بأنه آن أوان الرحيل لذا قالت بامتنان

_ شكرًا مرة تانيه. انا همشي بقى عشان متأخرش على رؤوف .

«عدي» باحترام

_ العفو يا طنط على ايه ؟ زي ما قولتلك حضرتك نورتينا .

اومأت بابتسامة و رفعت رأسها ل«ساندي» قائلة بنبرة يشوبها الرجاء

_ انا همشي . مش عايزة اي حاجه ؟

صمتت لثوان وهي تناظرها بعينين خلت من الغضب لأول مرة و نبرة كانت صافية

_ شكرًا .

كان الأمر رائعًا كونها لم تنهرها لذا اكتفت بهذا القدر وغادرت كالفراشة تهرول إلى زوجها الذي وجدته في غرفة مكتبه يجلس بوهن فوق مقعده و من شدة فرحتها لم تُلاحظ حالته فقالت بسعادة بالغة

_ رؤوف . مش هتصدق حصل ايه النهارده ؟ انا كنت مع ساندي واتغديت معاها واتكلمنا عادي و اتقبلت كمان اني اروح لها تاني.

لم تظهر السعادة على ملامحه التي لاح عليها التعب مما جعلها تهرول إليه قائلة بلهفة

_ مالك يا رؤوف فيك ايه ؟

لم يتمالك نفسه وهو يضع يديه على قلبه بألم تجلى في نبرته حين قال

_ تعبان . تعبان اوي يا منال .

أنهى جملته ليسقط من فوق كرسيه فاقدًا للوعي وسط صرخاتها المُرتعبة
1

_ رؤؤؤؤووف

اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يعقب الحسرة، ويورث الندامة ويحبس الرزق ويرد الدعاء، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت منه ثم عدت إليه، واستغفرك من النعم التي أنعمت بها علي فاستعنت بها على معاصيك، واستغفرك من الذنوب التي لا يطلع عليها.. أحد سواك ولا ينجيني منها أحد غيرك، ولا يسعها إلا حلمك وكرمك ولا ينجيني منها إلا عفوك ♥️
22

★★★★★★★★★★

_ قال يا قاعدين يكفيكوا شر الجايين . اوبا اوعى الصاروخ المصري .
6

هكذا تحدث «مروان» ما أن رأى «فرح« تُطِل عليهم بتلك الهيئة الرائعة التي اعجبت جميع الموجودين فتحدثت «أمينة» بإعجاب

_ اللهم صل على النبي . ايه الجمال دا يا فرح ؟ ربنا يحميكِ يا حبيبتي.

تدخل «مروان» ساخرًا

_ أنتِ يا ست أنتِ حالفة لا تعرينا وسط الحموات ؟ ايه الكلام دا ؟ بدل ما تقوليلها ادخلي سيقي المطبخ .
13

«أمينة» باستنكار

_ هي مين دي اللي تسيق المطبخ يا واد انت ؟ مرات سيادة النائب سالم الوزان على سن ورمح تسيق مطابخ !
5

«مروان» بصياح

_ يا ستي نفسي اشوفلك اي موقف حمواتي قبل ما اموت . لا . دا انتِ لازملك كورسات كيف تُصبحين حما تنغص عيشة زوجة ابنها ؟ انما كدا محدش هيعرف يكلمها بعد كدا .
3

تحدثت «فرح» بعد ما ذهبت إلى مقعدها بجانب «سالم» الذي كان الإعجاب يطل من عينيه لتقول «فرح» بثقة

_ والله يا مروان اللي عايز كورسات فعلا هو انت . في كيف تتعامل مع الهزيمة ؟ يعني تتقبل كدا انك رقم عشرة مثلًا

«مروان» بتفكير

_ رقم عشرة ! ليه ؟ اه على أساس انك بالكرش دا تسعة في بعض يعني ؟
7

تدخلت «ريتال» بصدمة
1

_ ايه دا يا انطي «فرح» هو يقصد انك تخينة اوي يعني قد تسعة ؟

«مروان» بسخرية

_ بتفهم البت دي طالعه لعمها.

لم تكُن «فرح» أن تركت المعركة في منتصفها لذا قالت بنبرة ذات مغزى وهي ترى تلك الفتاة تدلف إلى داخل الغرفة

_ I am a woman who is valued by ten women, not just nine
8

( انا إمرأة تُقدر بعشر نساء و ليس فقط تسعة)

هنا صاح مروان مُهللًا

_ اللهم صلِ عالنبي أم منصور بتتكلم لغات .
5

ثم رفع نظراته قائلًا لـ «سالم» الذي كانت جميع خلاياه مع تلك المرأة الرائعة التي زعزعت كيانه و جعلت من قلبه عرشًا لها

_ الثقة دي مش مريحاني . حاسس انها هتطردنا من البيت قريب . احتمال اقوم الاقي نفسي نايم في حضن عم مجاهد.
9

تعالت الضحكات على كلماته فأجابه «سالم» بنبرة رخيمة و عينيه تطالعها بأعجاب يحتوي على عشق كبير

_ حقها . ست الحسن و الجمال لو مكنتش تبقى واثقة في نفسها مين يبقى واثق !
15

يا الهي شعرت في تلك اللحظة بأن قلبها تضخم من فرط عشق ذلك الرجُل فكم كانت تتمنى لو تُترجم جملته لتصل لعقل تلك الحية ولكن يكفيها نظراته التي توحي بمدى العشق الذي يحمله لها في قلبه

_ هل لي أن أعلم عن ماذا تتحدثون ؟

هكذا تحدثت «جوهرة» فتدخل «مروان» قائلًا عن قصد

_ أنه يقول بأنها سيدة الحسن و الجمال لما لا تثق في نفسها ؟ يغازل زوجته يا جوهرة . يا حلوة انتِ يا مسكرة .
9

قال جملته الأخيرة باللغة المصرية ولكنها لم تلق بالًا لها فقد اعماها الغضب من كلمات ذلك العاشق الذي تُريد أن تنتزع نظراته العاشقة تلك لهذه المرأة التي أصبحت غريمتها منذ هذه اللحظة وسوف تُنحيها من طريقها بشتى الطرق و لو تطلب الأمر اقذرها.
6

_ سيد سالم عُذرًا هل لي بحديث قصير معك قبل العشاء ؟

«سالم» بفظاظة

_ اقترح أن نجعل الحديث ينتظر فموعد العشاء قد حان.

كانت جملته كالوقود على نيران غضبها و بدأت بالتأكد من أن أمر «هارون» لا يعني هذا الرجُل مثلما يدعي أو أنه بارع في التلاعب لذا اكتفت بابتسامة هادئة لم تنمحي طوال فترة العشاء على الرغم من مُزاح «مروان» الذي اقترب على إذن «فرح» قائلًا بخفوت

_ اي خدمة ترجمتلك الجملة اللي كنتِ هتسمعيها للبت الصفرا. عدي الجمايل بقى .
9

تعمدت« فرح» تصنُع عدم الفهم حين قالت

_ جملة ايه وبت صفرة مين ؟

«مروان» بسخط

_ بقولك ايه متعيشيش الدور . انا فاقسك عشان الكبير دا يخصني انا كمان . يعني احنا في الهوى سوى ، و بالبت الصفرا دا النيك نيم لجوهرة قلبي .
5

اندهشت« فرح» من حديثه قائلة بخفوت

_ واد انت حيرتني ! انت بتحبها ولا بتكرهها ؟

«مروان» باندفاع

_ اكره مين حد يكره النعمة ؟ دا اللي يكرهها يعمى . انا بس شايفها بتحوم حوالين الكبير و دا راجُل منضبط . إنما أنا راجل صايع ، و بحب الهلس قد عنيا .
8

«فرح» بتحذير

_

مروان اتلم. سما لو حطت الموضوع في دماغها مش هيحصل كويس .

«مروان» بسخرية

_ ياريت نفسي تحطه في دماغها بدل فردة الجزمه دي .
4

اسكتي ياختي اسكتي. دي على بال ما تخرج من بؤسها و تاخد بالها اني بخونها احتمال تكون جوهرة حامل .
12

لم تفلح «فرح» في قمع ضحكاتها مما أثار غضبه فهي منذ بداية العشاء تتحدث بخفوت لذلك الوغد قاطع لحظاتهم الجميلة ليقول بجفاء

_ انا بقول لو مش جعان تقول عشان نعرف ناكل .

«مروان» بمُزاح

ـ و هتقدر تاكل بردو من غير ما تشوف وشي السمح يا كبير !
7

قهقه الجميع ولكن ضحكة واحدة اخترقت قلبه كانت لتلك الجميلة التي مُنذ بداية الليلة وكأنها أقسمت أن تستأثر جميع حواسه و تترك قلبه يغلي في مراجل الشوق لحين ينفرد بها في عش الغرام خاصتهم

_ اضحكي حلو يافرح هانم هخليكِ تضحكِ انا لما نطلع فوق .
5

هكذا تحدث بخفوت بجانب أذنها بعد أن استغل انشغال الجميع في الطعام لتقترب منه قائلة بدلال

_ اضحك براحتي مش انا ست الحسن و الجمال ولا ايه؟

طافت عينيه فوق ملامحها بعشق جارف تجلى في نبرته الخشنة حين قال

_ تعرفي أن اللقب دا لايق عليكِ اوي . أنتِ فعلًا ست الحسن و الجمال .
22

شعرت بلسعه العبرات في عينيها فقد كانت كلماته رائعة ذو وقع ساحق على قلبها و روحها و غرورها فكل شيء برفقة هذا الرجل رائع حد الأحلام ، فهي حتى في أحلامها لم تتوقع أن تجد رجلًا مثله تجتمع له جميع الصفات الرائعة التي تِشعِر المرأة بأنها ملكة على عرش النساء

_ سيد سالم لقد انهيت طعامي سأنتظرك في الخارج.

اخترق صوتها البارد تلك اللحظة الرائعة بينهم وقد اغضب «فرح» ذلك كثيرًا فهي تعلم أنها تعمدت ذلك وقد اشتعلت غابات الزيتون خاصتها للحظة قبل أن تلتفت تُناظرها باستخفاف شملها كُليًا ، و كأنها تُخبرها بأنها ضئيلة أمامها و أمام سطوتها عليه ،و قد نجحت في تحريك زُرقتها الباردة لتموج بنظرة غاضبة كانت مُرضية ل«فرح» كثيرًا

_ انا أيضًا انهيت طعامي . هيا بنا .

توجها معًا الى غرفة المكتب لتقص عليه «جوهرة» ماحدث بينها وبين «هارون» و تختتم كلماتها قائلة بأسى مُفتعل

_ اخشى أن عليك اعطائه فرصة أخرى ، فأنت رجُلًا عادلًا كما قلت من قبل لذا لن تكُن قاسيًا معه.

أومأ «سالم» برأسه قبل أن يقول بخشونة

_ لن اكون قاسيًا أن عاقبته على ما اقترفه . أما بخصوص تلك الفرصة فلن تطول ما أن تستفيق عمتي و تخبرنا بما حدث حتى اُقرر ماذا سأفعل به ؟

«جوهرة» بنبرة جذابة

_ يُعجبني كثيرًا ذلك الغموض الذي يُحيط بك ، ولا تقُل لي أنه يُميز جميع العرب ؟

«سالم» بفظاظة

ـ لا لن اقول ذلك . بل سأتمنى لكِ ليلة سعيدة .
6

شعرت و كان دلوًا من الماء قد سقط فوق رأسها حين قال جملته فـ بللت حلقها الذي جف من فرط الإحراج الذي جعلها تتحمحم قبل أن تومأ برأسها تستعد للمغادرة

فاوقفتها كلماته الجافة حين قال

_ و أتمنى أيضًا أن تُفكري في طريقة لأنقاذ صديقك قبل أن يفُت الأوان .

اومأت بصمت بينما كل خلية في جسدها ترتجف حنقًا من هول الموقف .

يا كريم، اللهم ياذا الرحمة الواسعة يا مطلعا على السرائر والضمائر والهواجس والخواطر لا يغرب عنك شيء. أسالك فيضًا من فيضان فضلك، وقبضة من نور سلطانك وأنسًا وفرجا من بحر كرمك ♥️
8

★★★★★★★★★★

كان يتمشى في غرفته يشعر بأن هُناك الكثير مما يُحاك خلف ظهورهم و من الضروري كشفه قبل أن يقع أحدهم في فخ ما يحدُث ولكنه في الحقيقة أيضًا كان يُجاهد لمنع شعور عارم بالرغبة في رؤية ذلك الفتى الي من المُفترض أنه ابن شقيقه !

كلمة شقيقة حين مرت على مسامعه جعلت ابتسامة ساخرة ترتسم على محياه فأي شقيق الذي يضع المواد المُخدرة لشقيقه في حقيبة الملابس الخاصة به وهو ذاهب الى كلية الشُرطة ؟ لولا أن ربه عادل لم يرضى بضياع حلمه فقد وقعت الحقيبة منه في الطريق و تناثرت محتوياتها التي تجمدت الدماء في أوردته حين رأى ما بها ليلهمه الله التصرف بسرعه و قام بلملمة تلك القاذورات و إلقائها بعيدًا قدر ماسمحت قوته وأخذ يتفقد الحقيبة حتى تأكد من أنها خالية تمامًا من كل شيء ليعلم بعدها صدفةً بأنه هو من وضع ذلك السُم بها ليتخلص منه.
3

سؤال طرأ على باله لم يستطِع الفرار منه تُرى هل ذلك الفتى يُشبه «ناجي» ؟ تلك الصورة التي رآها على هاتف «سليم» جعلت قلبه يدُق بقوة فقد كان يُشبه والده رفعت الوزان. ملامحه تشبهه إلى حد كبير ولكن بها شبه أيضًا من والدته ،ولكن ما يؤرق لياليه كيف هي طباعه ؟

يخشى أن يكُن يحمل طباع الشيطان تجري بين أوردته ؟ ولكن هناك شعور قوي بداخله بأن هذا ليس صحيحًا لذا عزم على التحدُث مع «سالم» في الأمر

امسك هاتفه و توجه إلى الحديقة ليتحدث في الهواء الطلق فأجاب «سالم» بعد لحظات

_ ايوا يا صفوت

_ صاحي ؟

«سالم» بخشونة

_ ايوا . في حاجه ولا ايه ؟

«صفوت» بحيرة

_ مش عارف يا سالم . مش مرتاح . موضوع هارون دا مش مريحني .

«سالم» باستفهام

ـ ايه بالظبط اللي مش مريحك ؟

_ عايز اعرف رأيك فيه ايه ؟ يعني حاسس أنه زي أبوه ولا ؟

«سالم» بجفاء

_ مفيش ولا يا صفوت ؟ مش هنحط احتمالات . بالنسبالي هو ابن ناجي . ناجي اللي ضيع اخويا من بين أيدينا و بسببه اتجبرت انفيه بعيد عننا العمر كله.
2

«صفوت» بصدمة

_ تقصد ايه يا سالم ؟ انت ناوي تاخد هارون بذنب أبوه ؟

«سالم» بقسوة

_ هارون هيشيل شيلة أبوه ، وزي ما هو وجعنا في اغلى حاجه عندنا انا هوجعه في اعز حاجه عنده ، و هارون هو اعز حاجه عنده .
5

«صفوت» بغضب

_ بس دا ظلم يا سالم .هارون ممكن ميكونش زي أبوه .حرام تنتقم منه و تدفعه تمن ذنوب معملهاش.

«سالم» بجفاء

_ نصيبه ، و نهايته هتكون على ايد أبوه متقلقش.

صاح «صفوت» غاضبًا

_ انت كدا ظالم يا سالم . انا عمري ما سمعتك بتتكلم بالحقد دا . انت فعلا ناوي تأذيه ؟

«سالم» باختصار

_ ناوي .

«صفوت» بحنق

_ اقفل يا سالم .

اندفع «صفوت» إلى الداخل كالإعصار يرغي و يزبد غافلًا عن تلك التي سمعت كل شيء و هرولت إلى أحد الغُرف تُمسِك بهاتفها تجري مُكالمة هاتفيه و ماأن أجاب الطرف الآخر حتى هتفت بنحيب
6

_ الحج . ابنك اللي ربيته و جولت عوضك من الدنيا هيموتوه ولاد الوزان ، و هيشيلوه ذنب أبوه.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في قبضة الأقدار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى