رواية في قبضة الأقدار الفصل التاسع عشر 19 بقلم نورهان آل عشري
رواية في قبضة الأقدار الجزء التاسع عشر
رواية في قبضة الأقدار البارت التاسع عشر
رواية في قبضة الأقدار الحلقة التاسعة عشر
إن كنت تبحث عن أسباب لتبتعِد عني فلك هذا!
أنا شخص مُتبلِد الشعور لم يعد شئ في الحياة يجذب انتباهي…
مُمتلئ بالفراغ الذي يجعلني أشعر بصدى دقات قلبي يتردد داخلي فلا أبالي…
لا انتظر شئ من الحياة ولم اعُد امتلك ما اُقدمه لأحد…
لدي القدرة على التخلي عن أي شئ فلا تُراهن على قلبي
فـ قسوته تُفزِعني أحيانًا…
لا أعرف متى تسرب كل شئ من قلبي ليصبح خاويً بتلك الطريقة!
و لكني استيقظت ذات يوم علي طعنه نافذه اخترقت اعماق روحي مُحدثه ثقبًا كبيرًا عاجز للآن على إصلاحه
فهل تقبل بشخص اهترأ قلبه وثُقِبت روحه ؟؟!
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كانت ترتعب و تشعر بألم حاد يعتصر معدتها بعنف و لم تكن تشعر بشئ مما يدور حولها و لأول مرة بحياتها لا تلتفت لملابسها الغير مهندمة فقد كانت تلتقط ما تقع يدها عليه لتستطيع الذهاب باقصي سرعه الي المشفي حتى تمنع تلك الكارثة من أن تحدث!
و بلمح البرق التقطت هاتفها و مفاتيح سيارتها التي استقلتها و باقصي سرعه كانت تقود الي أن وصلت وما أن همت بالخروج منها حتي تفاجئت بـ رنين هاتفها فوجدته عدي فأسرعت بالإجابة قائله بلهفه
” عدي .”
عدي بجفاء
” قابليني في شقة المقطم كمان نص ساعه .”
ساندي بذعر
” عدي ارجوك طمني وقولي انك مقولتش حاجه لسليم الوزان ”
عدي بقسوة
” مقولتش . قابليني في الشقه بقولك ”
تنفست الصعداء قبل أن تقول
” انا في المستشفى كنت جيالك . مسافة السكة وهكون عندك ”
عدي بأمر
” انا لسه في المستشفي . هغير هدومي و هلم حاجتي و هنزلك.”
” مؤمن معاك ؟”
عدي بنفاذ صبر
” لا.. اساسا اتخانقت معاه. “
” طب انا جيالك. استناني دقيقه و هكون عندك”
” اركني العربيه عند باب المستشفي الي ورا و مش عايز مؤمن يشوفني و أنا خارج..”
أغلقت الهاتف و فعلت ما أمرها به و توجهت الي غرفته فوجدته يقوم بجمع ملابسه فتولت المهمه بدلا عنه و قد كانت تراقب ملامحه التي كانت قاسيه علي غير عادته فتابعت ما تفعله بصمت الي أن أنهت جمع كل شي فتفاجأت به ينزع حقيبته من بين يدها و هو يقول آمرا
” يالا .”
لم تتفوه بحرف بل تبعته حتي وصلا إلي السيارة و تفاجأت منه حين انتزع مفاتيحها قائلا بأمر
” انا الي هسوق !”
تسلل الخوف الي قلبها و لكنها لم تفصح عن شئ فدائما كان أكثر من اخ بالنسبة لها و كان صدرها الحنون وسط كل صدمات الحياة التي كانت تتعرض لها منذ أن أبصرت هذا العالم.
كان يقود السيارة باقصي سرعه يمتلكها و يداه تقبض بعنف فوق المقود حتي كاد أن ينتزعه و لكنه لم يكن يري أمامه سوي خزلان و قهر و عذاب و نبذ لاطالما تعرض له طوال حياته .
كانت ذكرياته السيئه تمر أمام عيناه كشريط سينمائي يعاد للمرة الألف بنفس التفاصيل و نفس الشعور. شعور مرير قاس لا يشبه أي شئ في هذه الحياة
شعور الخزلان قاس مرير لا توازي مرارته أي شعور آخر فهو يشبه طفل صغير ألقت به والدته أمام أحد الملاجئ في ليلة باردة كالصقيع المُرتسِم بعيناها و هي تنظر إلي عيناه و بكل تجبُر تُخبره أنها لم تعُد تريده!
بينما هو يواصل نحيبه و توسله عله يلامس اللين في إحدي زوايا قلبها الذي لسوء حظه لم يكن يعرف له سبيل أبدا ..
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
وصلا إلي الشقه في وقت قياسي جراء قيادته المتهورة التي لم تكن ترهبها فهي اعتادتها معه بل كانت تعشقها كثيرا لدرجه أنها افتقدتها كما افتقدته في الفترة الماضية!
” انزلي !”
أمرها بنبرة جافه قاسيه تشبه ملامحه فطاوعته دون الحديث الي أن وصلا إلي باب الشقه الذي قام بفتحه بعنف اخافها و لكنها تابعت الصمت و ظلت في مكانها تجاهد ضربات قلبها التي تتقاذف رعبا بداخلها بينما هو يقف أمام النافذة معطيا إياها ظهره حين طال الصمت قطعه صوته البارد حين قال
” ادخلي و اقفلي الباب وراكِ ! و لا خايفه؟”
اخيرا خرج صوتها مهتزا حين قالت
” لا . هخاف من ايه ؟”
أغلقت الباب خلفها و تقدمت تقف في منتصف الغرفه فقام بالإلتفات الي أحد الزوايا و التي بها خزانه كبيرة قام بفتح أحد أبوابها و اخرج منه إحدي سجائره المحشوة بمادة مخدره و قام بإشعالها فوجدها تتقدم منه غاضبه
” انت مش ناوي تبطل القرف دا ؟”
تمتم بسخريه
” لا ازاي . طبعا هبطله . انا بس بلف سيجاره عشان اعرف اركز معاكي “
تراجعت خطوة للخلف و هي تقول بتوجس
” تقصد إيه ؟”
ارتسمت ابتسامه علي ملامحه لم تصل إلي عيناه التي كانت قاسيه تشبه لهجته حين قال
” قوليلي بقي . لسه مستنيه ايه من عيلة الوزان ؟”
غمغمت بخفوت
” أبدا . انا هستني منهم ايه ؟”
” اومال ليه منعتيني اقول لسليم علي الحقيقة ؟ ماتقوليليش انك خايفه منه !”
ابتلعت ريقها بصعوبه قبل أن تقول بنبرة متحشرجه
” و هتستفيد أيه لو قولتله ؟”
عدي بسخريه
” لا مش انا الي هستفيد . علي الاقل هكشف الظلم عن الغلبانه الي احنا سلمناها تسليم أهالي دي “
ساندي بغضب دفين
” مين دي الي غلبانه ؟ دا انت الي غلبان. دي حية عرفت تلف حوالين رقبة حازم لحد ما وقعته علي جدور رقبته. و مكفهاش كدا . دي كمان بعدته عننا و لا نسيت ؟”
سحب نفسا قويا من سيجارته امتزج مع وجع كبير احتل يسار صدره بينما عيناه مازالت قاسيه حين قال
” و مكفكيش كل إلي عملتيه فيها ؟ دانتي حتي بنت زيها ! مصعبتش عليكي ؟ “
ساندي بحنق
” مصعبتش عليا !”
عدي بسخرية مريرة
” انا مستغرب ليه ؟ إذا كان حازم إلي عملتي كل دا عشانه كنتي السبب في إدمانه !’
خرج صوتها مجروحا قاسيا
” عشان كان يستاهل !”
صدمه قوة إجابتها فقال بمرارة
” قد كدا انتي وحشه ! تعرفي انا كنت مفكرك بتحبي حازم و عايزة تنتقمي لكرامتك بس انا دلوقتي متأكد انك محبتهوش .”
كانت المرارة تقطر من لهجتها الساخرة حين قالت
” لا والله و ايه الي خلاك متأكد بقي ؟”
” عشان أنا اكتر واحد عارف يعني ايه تحب حد لدرجه انك تبديه علي نفسك! تقبل تموت من الوجع لمجرد انك تشوفه فرحان! “
شعرت بأن كلماته تأتي من جرح عميق تجلي واضحا بعيناه لذا قالت بإندهاش
‘ عدي . انت في حد في حياتك ؟’
قهقه بصخب تماما كصخب وجعه الذي يملئ قلبه في تلك اللحظه مما جعل ذهولها يزداد و لكنها التزمت الصمت الي أن انتهي من نوبة ضحك كانت ابعد ما تكون عن الفرحه و أجابها بتهكم
” تخيلي اه . في حد في حياتي!”
لا تعلم لما تضاعف الغضب بداخلها للحد الذي جعلها تصرخ قائله
” لا والله . و ياتري بقي عرفت تختار انت كمان و لا دورت في الزباله و طلعت واحده تحبها “
ابتسم بسخرية تجلت في نبرته حين اجابها
” تعرفي ان دا أدق وصف ليها! ”
صرخت بغضب لا تعلم كنهه
” انتوا جرالكوا ايه ؟ بتعملوا ليه كدا. مش كفايه البلوة الي بلانا بيها حازم . لا و انت كنت بتلوم عليه ! لبست زيه . و ياتري الهانم بقي حامل هي كمان و لا لسه ربنا مكرمهاش “
كان يناظرها بذهول لم يستطيع اخفاءه و لكنه سرعان ما تحول الي اشمئزاز تجلي في نبرته حين قال
” الي يسمعك يا ساندي يقول انك مثال للشرف والأخلاق. طب والله اقنعتيني “
صاحت بغضب و كبرياء
” دا غصب عنك .انا عمر ما حد لمس مني شعرة واحدة . و أظن انت اكتر واحد عارف كدا ”
قالت جملتها الأخيرة بنبرة أقل حدة بينما هربت بنظراتها للاتجاه الآخر و لم تدري اي نارا أشعلت بصدره فانتفضت عروق يده من شدة ضغطه عليها و قد طفح به الكيل من تلك الساقطة فقال بكل ما يملك من غضب
” كنت . كنت مفكر انك كدا فعلا . بس اتضحلي بعد كدا انك اقذر واحده شفتها في حياتي . و ان حبي ليكي كان عاميني عن حقيقتك “
ارتسم الذهول علي ملامحها جراء إهانته و اعترافه الذي جعلها تقول بصدمه
” انت بتقول ايه ؟”
برقت عيناه و قست ملامحه و لكنه لم يجبها بل اتجه الي هاتفه. و قام بالعبث به قبل أن يضغط علي زر ليأتيها صوت حازم وهو يقول بسخريه
” معلش يا رجالة مش هقدر اسهر معاكوا النهاردة اصلي كنت سهران مع ساندي امبارح سهرة صباحي . بس البت دي ايه طلعت جامدة طحن يخربيتها هدت حيلي !”
اغلق عدي التسجيل الصوتي وقد برقت عروق رقبته حتى كادت أن تنفجر من شدة غضبه بينما كانت الصدمه و الذهول من نصيبها حتي أنها شعرت للحظه بأن تلك الكارثة قد اخرستها بينما هو تقدم منها بخطً سُلحفيه وهو يقول بلهجة قاسيه تشبه كثيرا ملامحه و عيناه التي كانت جاحظة فبعثت الرعب في أوصالها
” بحب حازم يا عدي . اتخرست وكمتمت وجعي في قلبي و مفتحتش بقي . حازم سابني يا عدي خدلي حقي. حاضر . جبتلك حقك تالت و متلت . جنة دي السبب في كسرة قلبي يا عدي . حاضر ورتها اسوء ايام حياتها. و دمرت حياتها و مستقبلها. عايزة اعرف أهل حازم بيعملوها ازاي يا عدي . حاضر! خدت مؤمن و رحت و عملت نفسي معرفش حاجه خالص. عايزة اشوه صورتها قدام أهل حازم يا عدي . حاضر! روحت لسليم و قولتله ان هي السبب في إدمان حازم و أنها حقيرة و شمال و ضيعت مستقبل اخوه. عايزة افضحها يا عدي . حاضر! خليت واحده تروح تصورها في المستشفي عشان تفضحها في جروب الجامعه. مفيش حاجه طلبتيها مني مقولتش عليها حاضر . بس جه الوقت بقي الي اخد حق كل حاجه عملتهالك يا ساندي . انا ليا حق فيكي. و جه الوقت عشان آخده “
انهي كلماته و اقترب منها بعينين يرتسم بهم الجنون تماما كأفعاله حين قام بشق كنزتها إلي نصفين فظهر لباسها الداخلي بينما هي و كأنها كانت فاقدة للنطق حين كان يتفوه بكلماته التي سقطت فوق رأسها كمطرقة قويه و لكن ما أن رأت جنونه و شعرت بيده القاسيه تجردها من ملابسها حتى أخذت تصرخ بقوة و تقاومه بشدة و لكن هيهات فقد كان كمن فقد آخر ذرة تعقل لديه و قام بدفعها بعنف حتي سقطت علي الأرض الصلبه و قبل أن تعي ما يحدث قام بدفع رأسها بفوة حتي فقدت الوعي و لم يلحظ الدماء التي انتشرت اسفلها منبثقه من جرح كبير يتوسط رأسها من الخلف و قد اعماه نشوه الغضب الممزوج بعشق جارف حطم حياته و حين أوشك علي التقاط شفتيها شعر بركله قويه أصابت رأسه فاطاحت به الي آخر الغرفة و صوت جهوري يقول
” بتعمل ايه يا حيوان ..”
*******************
توقفت السيارة أمام قصر الوزان و ترجلت منها جنة التي توجهت الي باب أمينة و قامت بفتحه و هي تناظرها بلطف يخفي بداخله الكثير من التعاطف علي تلك السيدة التي حتما لن تستطيع احتمال سماع ما حدث لذلك حاولت التعامل معها بحنان و تجاهلت ما حدث سابقا فقد كانت تعتبره جزء من عقابها لما فعلته بنفسها
” هاتي ايدك يا حاجه أمينه”
هكذا تحدثت جنة بلطف و هي تمد يدها الي أمينه التي كانت جميع تصرفات جنة تزيد من تأنيب ضميرها و قد ارتسم اعتذار صامت في عيناها فهمته جنة علي الفور فابتسمت بهدوء و بادلتها أمينة البسمة بآخري ممتنه و مدت يدها و استندت عليها حتي خرجت من باب السيارة
و توجهت للداخل و أثناء مرور جنه بمروان الذي كان يقف واضعا يده بجيوب بنطاله و قد بدا علي وجهه الإمتعاض الذي تحول إلي حنق حين سمع جنة تقول
” مروان استناني هنا عشان عايزة اقولك علي حاجات تجبهالي من بره و انت جاي “
كانت تتحدث بوداعه و لطف جعلوا أمينه تقول بلهفه
” وماله يا حبيبتي. هات لجنة كل الي هي عيزاه يا مروان . “
رفع إحدي حاجبيه حين رآي ابتسامه خبث تزين محياها و قال من بين أسنانه
” وماله مانا العبد الصومالي بتاعكوا.”
جنة ببراءة
” بتقول حاجه يا مروان. “
مروان بتهكم
” بقول عنيا . احنا عندنا كام جنة يعني دي هي واحدة بس و دا طبعا من حسن حظنا “
ابتسمت جنة و توجهت للداخل مع امينه بينما قام مروان بالإلتفات إلي ريتال و امساكها من مقدمه فستانها و هو يقول بحنق
” بت يا ريتال شايفه الشبر و نص الي اسمها جنة دي عايزك تطلعي عنيها النهاردة تكفري سيئاتها سامعه ولا لا ؟”
ريتال بصدمة
” ايه يا عمو الكلام النوتي الي أنت بتقوله دا ؟”
مروان بحنق
” نوتي ايه الله يرحم ابوكي . بت انتي هرزعك بالقلم علي عينك . بقولك عايزك توريها النجوم في عز الضهر . استجدعي مرة واحدة مع عمك . “
زفرت ريتال بعدم تصديق وقالت ببراءة
” انت ليه شرير كده يا عمو مروان. دي جنة دي جميلة خالص و طيبه وكمان اتفقنا أنها هتحكيلي حواديت كل يوم بالليل .”
مروان بإستنكار
” يعني عشان كام حدوتة تبعيني و بالنسبة للشيكولاته الي بدفع فيها دم قلبي دي و لا بتأثر فيكي خالص . ماشي يا ريتال خليكي فكراها.”
ريتال بملل
” ايوا ما جدو الي بيديلك فلوسها أصلا وهو قالي كدا و بعدين مانتا بتاكل نصها و قرب يطلعلك كرش “
لم يتثني له الرد حين تفاجئ بضحكات جنة التي كانت علي مقربة منهم بعد أن أوصلت أمينه إلي غرفتها و توجهت للاسفل للحديث مع مروان و الاطمئنان علي حلا فسمعت جملة ريتال الأخيرة و اقتربت تناظره بنظرات شامته فنصب عوده يناظرها بلامبالاه فقالت ساخرة
” بتحرج نفسك مع طفلة صغيرة ليه. عايزة افهم ؟”
” و تفهمي ليه خليكي في نفسك . واحد و بنت أخوه بتحشري نفسك ليه ؟’
هكذا أجابها هازئا فقالت بتهكم
” عشان ريتال صاحبتي و ادخل في كل حاجه تخصها صح يا ريتال. “
ريتال بلهفه
” صح يا جنة ”
امتدت يد مروان تعبث بشعر ريتال و هو يقول بحنق
” أصيله زي الي خلفوكي يا ريتال. “
ثم وجه أنظاره إلي جنة و هو يقول بنفاذ صبر
” انجزي قولي عايزة ايه اجبهولك ماهو انا الشوفير بتاع جنابك .”
جنة بتكبر
” انت تطول أصلا ؟”
مروان بسخرية
“اطول ايه انتي اساسا مش باينه من الأرض! خلي حد غيرك يتكلم عن الطول يا شاطرة ”
اغتاظت جنة من سخريته منها و قد عادت لها روحها القديمه في المزاح حين قالت بسخرية
” مش احسن ما ابقي طويله و بكرش ..”
ضيق مروان ما بين عينيه و نظر إلي عيناها التي يرتسم بها التحدي فمن يراها يظن أنها طفله بعمر ريتال لم يمس قلبها وجع و لم يطال جسدها أذي فتابع شجارهم المزعوم قائلا
” اااااه تقريبا دا حقد عشان أنا body building و كدا . اممم فهمت. معلش يا جنة ماهو مش سهل عالإنسان يتولد اوزعه . انا عاذرك . “
جنة بحنق
” مش هرد عليك . عشان أنا اكبر من كدا . المهم طمني علي حلا . حادثه ايه الي عملتها دي .”
برقت عين مروان و هو ينظر إلي ريتال قائلا بتوتر
” ريتا يا روحي. ما تطلعي انتي فوق احسن ما تبردي “
اطاعته ريتال علي الفور فتوجه بانظاره الحانقه الي جنة و هو يقول بغضب
” دا تحديدا الي مكنتش عايزك تقوليه قدام ريتال . ليه؟؟ عشان فتانه و خمس دقائق و هتلاقي البيت كله عرف .”
ارتبكت كثيرا و قالت بتلعثم
” والله ما كنت اقصد . بس أنا كنت عايزة اطمن عليها . ”
” متقلقيش هي كويسه و احتمال كبير بكرة نجبها انا و سليم و نيجي عالبيت . “
جنة بارتياح
” طب الحمد لله. ربنا يشفيها و يطمنكوا عليها يارب . ”
كاد أن يتحدث فالتقمت عيناه تلك التي تناظرهم بغضب كبير بينما تتوجه إليهم فقال مسرعا
” عايزك دلوقتي تدخلي علي جوا و تخلي بالك من مرات عمي و اوعي ريتال تقولها حاجه . و أنا هبقى اكلمك سلام”
قال جملته الأخيرة بنبرة اعلي حيث تصل إلي مسامع التي اقتربت منهم فلم يعطها الفرصه للحديث بل استقل سيارته و انطلق بها متجاهلا نداءاتها المتكررة و حانت منه نظرة جانبيه في المرآة التي أظهرت صورتها الغاضبه بشدة و قد اشعره غضبها هذا بالسعادة و قد كان هذا اول شئ يسعده من تلك الفتاة التي سممت حياته لسنوات .
*******************
علي نحو آخر كان سليم يهرول في المشفي حاملا تلك التي فقدت كل صلة تربطها في الحياة و كأن روحها أرادت الإستسلام و الصعود الي بارئها. فلم تكن تحرك ساكنا و قد أثار ذلك القلق بداخله فبالرغم ما عرفه عن كل خطاياها و لكن شهامته أبت عليه أن يترك أمرأة في محنه و ألا يقسم لوكانت في وعيها لاعطاها نصيبها من العقاب الذي تستحقه .
كانت الدماء تغلي في عروقه حين تذكر تلك المؤامرات التي نصبتها هي و ذلك المعتوه عدي حتي يوقعوا تلك البريئه في شراكهم و هو بكل غباء ساعدهم
عودة الي وقت سابق
خرج سليم يتبعه عدي و توجهوا إلي الحديقه الخلفيه و حين توقف سليم بادر عدي قائلا
” انا مش مصدق يا سليم بيه الي بيحصل دا ؟”
سليم بعدم فهم
” هو ايه الي بيحصل ؟”
عدي بانفعال
” البنت الي اسمها جنة دي ! معقول هتعيش هنا. ”
سليم بإختصار
” مانتا سمعت كلام سالم و عرفت السبب !”
حاول بث سمومه في عقل سليم حين قال بتخابث
” و ياتري اتأكدت من الكلام دا و أن الطفل دا إبن حازم…”
قاطعه سليم بعنف حين قال بصرامه
” عدي! مش عايز لخبطه في الكلام ! كل كلمه هتقولها هتتحاسب عليها و دي ارمله حازم ايا كانت ظروف جوازهم فهي حاليا حامل في ابنه الي هو ابننا فخلي بالك من كلامك !”
ابتلع ريقه بصعوبه و حاول حبك مؤامرته حين قال بحزن مفتعل
” اعذرني يا سليم بيه . بس حازم كان صاحبي و يعز عليه اشوف الانسانة الي ضيعته عايشه وبتتمرغ في خيره و كمان شايله اسمه “
سليم بخشونه
” تقصد ايه ؟’
لم تفصح ملامحه سليم عن شئ و لكن عدي لمس الاهتمام في نبرته لذا واصل خطته الدنيئه و قام بإخراج هاتفه و عبث به قبل أن يظهر بعض الصور الفوتوغرافية لجنه و هي تقف مع إحدي الشباب و فيديو آخر و هي تعطيه إحدي العلب المغلفة و التي تبدو كهديه و علي وجهها ابتسامه عذبه و بعد ما انتهي مقطع الفيديو تحدث عدي بحزن
” دا وليد الجلاد اكتر واحد كان بيكره حازم و كان في بينهم مشاكل دايما. الهانم كانت مزقوقه عليه و هي الي خلته يدمن و كانت معاه يوم الحادثه والله واعلم عملت ايه خلا دي تبقي نهايته ..”
عودة الي الوقت الحالي
كان يقف أمام غرفة الطوارئ ينتظر خروج الطبيب حتي يعلمه اي عقاب قد نالته تلك الأفعي التي لولا تلك الحالة التي هي بها لكان ارداها قتيلة في الحال و خاصتا حين تذكر حديث عدي قبل ساعة من الآن
قام سليم بركله في رأسه ركله قويه أطاحت به و أنقض عليه و أخذ يكيل له اللكمات و هو يسبه بشتي أنواع السباب الذي يعرفه بينما عدي كان مستسلما و لم يقاومه بل علي العكس أخذت عبراته تنهمر بقوة علي خديه و حين زمجر سليم صارخا
” قوم خليك راجل و اقف قصادي .و لا مبتعرفش غير تتشطر علي بنات الناس ..”
خرج الكلام متقطعا من بين شفتيه المتورمتين
” ج. جنة. مظ.مظلومة. كل. الي. قولتوهولك. كان. لع.لعبة.مني. انا. و.و سا.ساندي”
لكمه قويه نالها الحائط خلفه و قد كانت إحدي محاولاته للتخفيف من حدة غضبه الذي إن اطلق له العنان سيقوم بإحراقهم جميعا.
اخيرا خرج الطبيب من الغرفة و اتجه إلي حيث سقف سليم الذي تساءل بغضب
” حصلها حاجه ؟”
الطبيب
” لا الحمد لله لسه زي ما هي بس طبعا في آثار اعتداء علي جسمها . و المفروض اننا نعمل محضر . دي محاولة اغتصاب. “
سليم بالمبالاة
” اعمل الي انت شايفه صح ”
الطبيب
” و انا هخلي المستشفي تتواصل مع حد من أهلها”
سليم بإختصار
” انا هبلغهم “
و بالفعل غادر سليم المشفي و هو يمسك هاتفه محاولا الوصول إلي إحدي والديها و بعد عدة محاولات أتاه صوت والدتها فباغتها سليم قائلا بفظاظة
” بنتك موجودة في مستشفى (..) اتعرضت لمحاولة اغتصاب . لو عندك وقت ابقي روحي شوفيها .”
” انت بتقول ايه يا مجنون انت .”
تجاهل صراخها و قال بصرامة
” الي سمعتيه .”
” مين معايا ؟”
سليم بإختصار
” سليم الوزان!”
*************
للمرة الثانيه تتقابل مع تلك المرآة الصاخبة بكل شي ملامحها و جمالها و وقاحتها فقد كانت تتحدث برقه تميل الي الغنج و نظراتها قويه نافذة لا تعرف الخجل و قد اغضبها ذلك إضافة إلي رقته في التعامل معها و التي قلما تراه يتعامل بها مع أي شخص آخر و ما يزيد من وقود غضبها هي أنها مجبرة علي الصمت و إرتداء قناع اللامبالاة امامه و تحمل نيران قويه تحرق أحشاءها من الداخل ..
” مانتي عرفاني ماليش في جو الحفلات دي .’
اقتربت منه و قالت برقه
” بس مع الوقت الناس بتتغير و قناعتها بتختلف و لا انت مش مؤمن بتطوير الذات “
ابتسم سالم قائلا بنبرة ذات مغزي
” بس مبادئهم بتفضل زي ما هي.”
تجاهلت مغزي حديثه و قالت بفخر و هي تنظر حولها
” طب مش هتقولي ايه رأيك في الديكور و تنظيم الحفله . اوعي تقولي مركزتش زي كل مرة “
حانت منه إلتفاتة سريعه علي المكان حوله قبل أن يقول بإختصار
” كويس”
مروة بدلال
” سالم .”
سالم بفظاظة
” بما انك مؤمنه بالتطوير فعايزك تشتغلي اكتر علي نفسك عشان بفكر اخليكي تنظميلي حفلة مهمة اوي قريب “
برقت عيناها من حديثه الذي اغضبها في البدايه و لكن تغلب الفضول علي الغضب و قالت بلهفه
” حفله ايه ؟”
كعادته اختصر حديثه في جمله واحده باردة
” لما يجي وقتها هتعرفي “
كانت تعلم بأنها لن تصل معه الي ابعد من ذلك فابتسمت بتذمر و هي تنظر إلي فرح التي كانت من الداخل كبركان ثائر قابل للإنفجار في اي لحظه علي عكس صفاء ملامحها الخارجيه إلا من بريق خاطف في عيناها كان يوحي بالكثير فتحدثت مروة بلطف زائد
” مش هتعرفنا و لا ايه؟”
التفت يناظرها بنظرات حائرة فلأول مرة يشعر بالتشتت و الحيرة لا يعلم بما يجيب يقف أمام سؤالها و لا يدري ماذا يقول فقبل لحظات وضع كل شئ بين يديها و سلمها زمام الأمور وقبل بقلب غير راض أن يجعلها هي من تقرر مستقبلهما معا و الآن لا يريد إقحامها عنوة في علاقه قد ترفضها مستقبلا . استغرق الأمر ثوان قبل أن يقول بلهجه جامدة
” فرح..”
” خطيبته !”
هكذا خرجت الكلمه من بين شفتيها مندفعه و قد انفجر بركان غيرتها من تلك التي كان المكر يغلف نظراتها التي كستها صدمه قويه حين سمعت كلمتها و لكن الصدمه الكبري كانت من نصيبه فإعلانها هذا يعني الكثير له و لقلبه الذي كانت دقاته تضرب جوانبه بعنف. لا يستطيع تصديق أنها أعلنت انتماءها له . هل يعقل أن تفعل بها الغيرة كل هذا ؟ كان يعلم أن خلف قناع الجمود الذي ترتديه طوال الوقت انثي حقيقة مفعمه بالشغف و أن ذلك البرود الظاهري يخفي خلفه نيران متقدة تنبعث من عيناها في تلك اللحظة و التي ستظل محفورة في ذاكرته طوال حياته و قد قرر أن يجعلها ذكري لا تنسي حين امتدت يده تمسك بيدها التي كانت ترتجف من صدمتها لهول ما تفوهت به و لكن أتت كلماته لتحول صدمتها الي زهو و إنتصار
” اهي فرح حرقت المفاجأة و قالتلك حفلة ايه . “
مروة بعدم تصديق
” تقصد حفلة خطوبتك ؟ الكلام دا بجد ؟”
اغتاظت فرح من حديثها و استفهامها و كأنها لم تصدقها و قد ارتفع الأدرينالين بدمائها و أوشكت علي إعطائها رد لاذع و لكن ضغطه قويه من يده اوقفتها عن الحديث و تحدث قائلا بخشونه
” انتي شايفه ايه ؟”
تحمحمت مروة بحرج و قالت بذهول لم تستطيع اخفاءه كليا
” و دا من امتى ؟ يعني محدش قال حاجه . انا علي تواصل دايم مع …”
قاطع حديثها بصرامه انبعثت مع عيناه اولا و تجلت في نبرته حين قال
” لسه محدش يعرف حاجه. بس فرح قالتلك عشان عارفه انك قريبة من العيله “
مروة باندهاش
” ايه دا هي فرح كمان عارفه صلتي بالعيله ؟”
سالم بنبرة ذات مغزي
” مفيش حاجه فرح متعرفهاش .”
كان هناك حديث صامت يدور بين نظراتهم و قد اغضبها هذا بشدة و قد مارست أقصى درجات ضبط النفس حتي لا تنفجر بوجهيهما و لكنها اكتفت بإيماءه من رأسها لتلك الفتاة حين هنئتها بكلمه مقتضبه
” مبروك !”
لم تكلف نفسها عناء الرد بل ترفعت عن الإجابة و اعطتها إيماءة بسيطة و ابتسامة صفراء جعلت الدماء تفور في رأسها و بعد ذلك تحدث سالم قائلا بفظاظة
” متهيألي في ناس بتسأل عليكي جوا . روحي شوفيهم “
ابتلعت حرجها و قالت بتكلف
” اه. حاضر . فرحانه اني شوفتك . عن اذنكوا ”
لم يتكلف عناء الرد عليها بل اكتفي بهزة بسيطة من رأسه و حين غادرت تحدثت فرح بتوتر
” انا صدعت. هطلع اوضتي عشان ارتاح شويه قبل المؤتمر بكرة عن إذنك “
لم تنتظر لسماع إجابته و انطلقت نحو الداخل تشق طريقها بين الجموع في محاوله من الهرب من نفسها و مما تسببت به بفعل غيرة هوجاء تملكتها كمس شيطاني أطاح بكامل تعقلها و بينما هي تمر بين الراقصين وجدت يد قويه أحكمت اعتقال خصرها وأدارتها بقوة لتجد نفسها تقف في مواجهته وجها الي وجه و قد كان هناك نظرة تحدي كبيرة ترتسم بعيناه مصحوبه بإرتفاع إحدي حاجبيه و كأنه ملامحه تقول
” الي أيه تهربين ؟”
كانا يتوسطا حلبة الرقص يحيط بهما الناس من كل جانب و قد جعلها هذا تحترق خجلا فأحنت رأسها تتحاشي النظر في عيناه التي كانت تخترقها في أشد لحظاتها ضعفا و لكنه فاجئها حين وضع إصبعه أسفل ذقنها يرفع رأسها لتواجهه قائلا بخشونه
” ارفعي راسك !”
خرجت الكلمات من بين شفتيها مهتزة
” سالم احنا مفيش حاجه بتربطنا عشان نرقص مع بعض بالشكل دا ”
سالم بفظاظة
” و بالنسبه للي لسه قيلاه من شويه ؟”
فرح بتوتر
” حتي لو قولت كدا دا بردو ميديكش الحق انك ترقص معايا . الخطوبة مش رابط شرعي.”
تجاهل حديثها و خفف من قبضته حول خصرها حتي أن يديه كانت تحاوطها دون تلامس و قال بجفاء
” هربتي ليه ؟”
” مهربتش!”
تحدث ففظاظة و نفاذ صبر
” كذابه يا فرح و بلاش تلاوعيني!”
زفرت بتعب قبل أن تقول بإرهاق
“انت عايز توصل لايه؟”
” الي قولتيه من شويه دا ؟”
كانت تعلم أنه لم يمرر ما حدث لذا قاطعته تنفي عن نفسها شبهه رغبتها القوية في الاقتراب منه
” دا حديث عابر عشان يبرر وقوفنا مع بعض لوحدنا !”
تحدث بلهجه محذرة
“بلاش تختبري غضبي عشان حقيقي مش هيعجبك !”
رفعت رأسها تنظر للأعلي و هي تشعر بنفسها محاصرة من جميع الجهات فهو قد أعطاها الفرصه كي تقرر و هي كالغبيه انساقت خلف غيرة هوجاء وضعتها في هذا المأزق و لكنها أخيرا قررت الوقوف علي أرض صلبه معه لذا غمغمت بخفوت
” موافقه !”
ارتفع إحدي حاجبيه بإستفهام أغضبها لذا أخذت نفسا قويا قبل أن تقول بلهجه حانقه
” موافقه . علي جوازنا .’
ارتسم تعبير خاص علي ملامحه لم تستطع تفسيره فقد اختار الصمت بينما تولت عيناه المهمه فقد كان نظراته تطالع ملامحها بترو و كأن هناك حديث خاص بينه و بين كل إنش بها. كانت نظرات خاصة مفعمه بأشياء كثيرة لم تستطيع تفسيرها و كأنه يخبرها أي شعور يمتلك نحوها!
و لكن لسوء حظه و حظها كانت تظن أنها نظرات منتصرة فقد ظن كبرياءها الجريح بأنها رهان ربحه الأسد الذي للابد و أنه يشعر بالغرور و السطوة لكونه استطاع النيل منها و لذلك رسمت قناع الجمود فوق ملامحها و هي تقول
” بس أنا محتاجه شويه وقت . يعني أأقلم نفسي علي وجودك في حياتي . و احاول اتقبل الفكرة نفسها .”
اعاده حديثها الي نقطة الصفر مجددا فهاهي هواجسها اللعينه تفسد أجمل لحظاته معها فلو انتظرت للحظات كان سيخبرها أي شعور مميز يشعر به نحوها لكنه تجاهل غضبه و ابتلع جمرات احرقته و قال بخشونه
” قدامك لبعد ولادة جنة و بعدها هنحدد معاد الجواز “
ارتسمت الصدمه علي ملامحها و ما أن أوشكت علي الإعتراض حتي قاطعها قائلا بفظاظه
” جو الخطوبة و الكلام الفاضي دا مش بتاعي . هنتجوز علي طول . و دا شئ غير قابل للنقاش ..”
كانت هناك عينان يرتسم بهما الصدمه و الغضب في آن واحد و قد أيقنت بأن الأمر خطر للغايه لذا توجهت للخارج و قامت بإجراء مكالمه هاتفيه و ما أن أجاب الطرف الآخر حتي قالت بتحذير
” لو فعلا عايزة تلحقي الي فاتك يبقي تيجي بأقصي سرعه . الوضع هنا غاية في الخطورة . و افتكري اني حذرتك “
*************
في التاسعة صباحا و بعد طريق دام ساعتان يملؤهما الترقب و الأمل في إلا يعود خائبا هذه المرة أخيرا وصل إلي المنزل المنشود فترجل من سيارته و توجه إلي البنايه التي من المفترض يقطن بها بنات عمه و بعد دقائق كان يقف أمام باب الشقه و قام بطرق الباب عدة طرقات و انتظر للحظات و تابع الأمر مرة تلو الأخري الي أن يأس من أن يفتح له أحد و قد تيقن بأنه لا يوجد احد بالداخل فزفر بغضب و لكنه تفاجئ بذلك الصوت خلفه والذي كان لإحدي الجارات التي خرجت لدي سماعها صوت طرق قوي علي الباب فا ابتسمت إليه بود قبل أن تقول
” صباح الخير يا ابني.”
ياسين بلطف
” صباح النور . ”
السيدة
” انت مين و بتخبط عالشقة دي ليه ؟”
” مش دي شقه الحاج محمود عمران ؟”
السيدة
” اه فعلا بس الحاج محمود مات من من زمان والي عايش هنا جنة و فرح بناته ”
ياسين بلهفه
” اه طب انا كنت جايلهم . هما مش موجودين ولا ايه ؟”
ناظرته السيدة بشك قبل أن تقول بفظاظة
” اعذرني يعني و انت جاي عايز جنة و فرح ليه دول بنات و عايشين لوحدهم و”
قاطعها ياسين بحنق فقد ضاق ذرعا بأسئلتها
” انا قريبهم يا حاجه . ”
قام بوضع هويته أمام ناظريها لتشعر السيدة بالحرج و هي تقول
” أهلا بيك . اعذرني الي ما يعرفك يجهلك . بس دول زي بناتي و انت عارف يعني !”
ياسين بنفاذ صبر
” لا و لا يهمك . ياريت لو تعرفي مكانهم او هيرجعوا امتا تعرفيني .”
” الصراحه انا معرفش هما فين بالظبط بس فرح من قيمه شهرين كدا قالتلي أنهم مسافرين تبع شغلها و متعرفش هيرجعوا امتا ؟ “
زفر بحنق حين سمع إجابتها و لكنه تجاهل غضبه و قال بود مفتعل
” طب معلش حضرتك مش معاكي رقم حد فيهم ؟”
صمتت السيدة لثوان قبل أن تقول
” لا الصراحه مش معايا ..’
لا يعلم لما شعر بأنها تكذب عليه لذا قال بحنق
” متأكدة ؟’
السيدة بتأكيد
” اه متأكدة و أنا هكدب عليك ليه ؟”
أومأ برأسه قبل أن يشكرها بكلمات مقتضبه و من ثم غادر و هو يلعن حظه العاثر و خاصة حين وجد هاتفه يضئ باسم والدته فزفر بحنق قبل أن يجيب فوجدها تصرخ قائله بلوعه
” الحقني يا ياسين ابوك بيموت ..”
ما أن تأكدت السيدة من مغادرته حتي قامت بالإتصال علي هاتف فرح الذي كان مغلقا فقد اغلقته أثناء حضورها المؤتمر برفقه سالم الذي بدأ هادئا بشكل غريب منذ الصباح و طوال اليوم الذي بدأ طويلا لا ينتهي فقد انتصف النهار و اخيرا استطاع التخلص من الصحافه و اضواء الكاميرات التي رافقتهم طوال اليوم و ما أن خرجوا من إحدي القاعات حتي قامت فرح بفتح هاتفها فوجدت جنة قد هاتفتها كثيرا و ايضا رقم جارتهم فقطبت فرح جبينها باندهاش و لم تلبث حتي وجدت جنة التي كانت تعاود الاتصال بها و ما أن فتحت الهاتف حتي أتاها صوت جنة المتلهف
” ايه يا فرح فينك ؟ طول اليوم فونك مقفول”
فرح بطمأنه
” معلش يا جنة طول اليوم في شغل . طمنيني عليكي ”
” انا كويسه الحمد لله. اطمنت عالبيبي و الدكتور قالي أنه ولد .”
قالتها جنة بسعادة شاركتها إياها فرح التي قالت
” يا روحي .. فرحتيني اوي . ربنا يجيبه بالسلامه ”
” يارب يا فرح . طمنيني انتي هتيجي امتا وحشتيني اوي ”
فرح بحنان
” و انتي كمان والله . احتمال كبير بكرة أن شاء الله ”
جنة بإندهاش
” بكرة . ازاي ؟ هو سالم بيه ميعرفش الي حصل لحلا و لا ايه؟”
فرح بإستفهام
” هو ايه الي حصل لحلا ؟”
قصت جنة ما حدث علي مسامع فرح التي شهقت بصدمه و قالت بلهفه
” طب هي عامله ايه دلوقتي ؟ ”
” الحمد لله احسن . يعني مروان لما كلمته الصبح طمني و قال إنهم هيجيبوها و ييجوا و المفروض انهم مش هيقولوا حاجه قدام الحاجه أمينه عشان ميخضوهاش و لما توصل هيقولولها أنها وقعت و كسرت أيدها و رجلها “
فرح بحزن
” لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم. ربنا يشفيها يارب . طب طمنيني الحاجة امينة عاملة معاكي ايه؟”
” والله يا فرح مش هتصدقي بتعاملني احسن معامله.”
فرح باندهاش
” و دا من امتا ؟”
” لا دا موضوع طويل . لما تيجي هحكيهولك . المهم طمنيني عليكي”
أخذت الفتاتان تتبادلن أطراف الحديث و ما أن لمحته فرح قادما بهيبته و هيمنته التي تبعث شرارات قويه تجتاح سائر جسدها محدثه ذبذبات قويه بداخلها حتي أغلقت الهاتف مع جنة و ما أن وصل إليها حتي قال بخشونه
” اخيرا خلصنا .”
جاء صوتها قلقا علي غير عادتها
” سالم .. في حاجه حصلت و كنت عايزة اقولك عليها”
تبدل جموده الي قلق كبير إرتسم بعيناه و تجلي بلهجته حين قال
” حصل ايه ؟ انتِ كويسه ؟ حد ضايقك ؟”
اهتز قلبها بقوة داخلها حين لمست اهتمامه الكبير و لكنها لم تزيد من قلقه بل تابعت بخفوت
” انا كويسه . الموضوع ميخصنيش . دي حلا..”
قاطعها سالم بخشونة
مالها حلا ؟’
فرح بتمهل
” عملت حادثه… بس اطمن هي كويسه شويه كسور بسيطة .”
تجاهل حديثها و قام بجراء عدة اتصالات منها للإطمئنان عليها و منها لترتيبات عودتهم باقصي سرعه و في اقل من ساعتين كانت تستقل الطائرة بجانبه عائدين وقد كان متجهم الوجه و عيناه جاحظة يرتسم بها الجمود و قد ذكرها ذلك بيوم الحادث المشئوم فوجدت نفسها تحادثه بلهجة رقيقة مطمئنه
” اطمن . أن شاء الله هتبقي كويسه ”
التفتت عيناه تناظرها بغموض لم تعرف كنهه و لكن جملتها جعلت ملامحه ترق قليلا و بددت قتامه عيناه و بعد لحظات من الحديث الصامت بين عينيهم اومأ برأسه و تمتم بخفوت
” أن شاء الله”
*************
أن لا تجد أحد يُحارِب من أجلك في هذه الحياة لهو شعور قاس ذو نكهه مريرة يُشبه وحشة نبات صبار حزين يخشي الجميع عِناقه.
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كانت سما تدور بغرفتها كالمجنونه ترفض كل ما يحدث حولها فرؤيتها لتلك الفتاة برفقة مروان كان أكثر ما يمكن احتماله فقد كانت تتحدث معه كما لو أنهم اصدقاء قدامي و قد قضوا اليوم بأكمله سويا بينما هو يعاملها أسوأ انواع المعاملة و لا تعلم السبب تشعر بالنبذ من جانب الجميع و كانها نبات شيطاني لا يرغب أحد بالاقتراب منه.
فلازال حديثه يرن باذنيها حين هاتفته تطمئن علي حلا التي لم تعود إلي البيت حتي وقت متأخر فأجابها بفظاظة
” حلا عملت حادثه و أيدها و رجليها اتكسروا و هتبات في المستشفي النهاردة . اتمني انك تكوني فرحانه بالي عملتيه . “
شعرت بالألم يعتصر قلبها ندما علي ما فعلته في صديقتها الغالية بغبائها و خرجت الكلمات حزينة منكسرة من بين شفتيها
” مروان ارجوك بلاش اسلوبك دا انا هموت من القلق عليها . ارجوك لو بتقولي كدا عشان توجعني انا فعلا هموت من تأنيب الضمير. ”
مروان بسخرية مريرة
” ايه دا عندك ضمير زينا ؟ و دا من امتى ؟ “
صرخت بانهيار نابع من قلب محترق
” حرام عليك بكل أسلوبك دا. بقولك هتجنن عليها . اقولك انا جايه بنفسي اطمن عليها ”
صرخت بها غاضبا
” أياكِ . أياكِ يا سما تخرجي في وقت زي دا و الا هاجي اكسر دماغك فاهمه و لا لا . “
صدمها رده و لكنها كانت تريد الإطمئنان علي حلا لذا قالت بتوسل
” طب حاضر . هسمع كلامك . بس طمني علي حلا ”
مروان و قد لانت نبرته قليلا
” كويسه زي ما قولتلك. كسر في أيدها و رجلها و كدمات بسيطه. الحمد لله ربنا سترها.”
تنفست الصعداء حين سمعت حديثه و لكنها تابعت برجاء
” طب ممكن اسمع صوتها ”
مروان باختصار
” نايمه ”
لم تسنح لها الفرصة للحديث فقد تابع بسخرية
” علي فكرة مرات خالك متعرفش ابقي روحي قوليلها بقي عشان يجرالها حاجه و تبقي كملت مانا عارفك بتموتي في عمل الخير قد عنيكي ..”
شعرت بإهانه كبيرة اخترقت أعماق فؤادها من حديثه و تجلى ذلك في نبرتها التي بحها الألم حين قالت
” شكرا انك طمنتني علي حلا . و اطمن مش هقول لحد حاجه. انا مش وحشه اوي كده.”
شعر بأنه آلمها و لكن لم يكن بيده فقد تجرع بسببها شتي أن أنواع الألم و أقساها لذا خرج الكلام من فمه رغمًا عنه
” أما اشوف اذا كنت هقدر اثق فيكي ولا لا ؟”
أجابته بحنق
” انا مش واثق فيا انما الست جنة الي واقف تتساير معاها هي إلي ممكن تثق فيها مش كدا ؟”
لا يعلم لما شعر بالسعادة من حديثها لذا تابع مشددا علي كل حرف تفوه به
” جنة ياريت الناس كلها زي جنة . دي الواحد يثق فيها و هو مغمض. مانتي شوفتي حازم باع الدنيا كلها و اختارها هي . سلام ”
كانت كلماته تتراشق في قلبها كالأسهم النارية التي كانت تحفر مكانها الما لا يحتمل جعل العبرات تنساب بغزارة من مقلتيها و صار صوت نحيبها يعلو كالأطفال.
و قد كانت همت تراقب ما يحدث بقلب منفطر علي فلذة كبدها التي خسرت ثقتها بنفسها و خسرت ثقتها بالجميع و انطفأ بريق عينيها و بهت شبابها حتى ان مقلتيها لم يعودوا إلى لونها الطبيعي فدائما تلونهم حمرة الوجع الناتج عن بكائها طوال الليل و قد جعل كل هذا نيران الغضب و الحقد تملأ رئتيها و قد قررت أن تذيقهم بعضا مما أذاقوها إياه و قامت بالتوجه الي المطبخ فوجدت الخادمة تعد الفطور علي احدي الصواني فسألتها
” الفطار دا لمين ؟”
الخادمة باحترام
” دا لجنة هانم . الحاجة أمينه أمرت أننا نطلعهولها أوضتها .”
لمحت همت كوب العصير الموضوع أمامها علي الصينيه فحولت انظارها الي الخادمه و هي تقول بأمر
” طب روحي اسألي الست امينة اذا كان حد هينزل عالفطار و لا البيت هيتحول لفندق و كل واحد هيفطر في اوضته “
شعرت الفتاة بالحرج و لكنها اطاعتها و هرولت الي الاعلي بينما هي اخذت تنظر حولها تري أن كان هناك أحد يراها ام لا و حين تأكدت من أن لا أحد بالجوار قامت بإخراج شريط من الحبوب من إحدي جيوب ثوبها و أفرغت أكثر من نصفه في كوب العصير و قامت بتقليبه جيدا و وضعت باق الشريط بمكانه و لكنها فجأة تسمرت بمكانها حين سمعت ذلك الصوت الصغير يأتي من خلفها
” ايه يا نانا انتي بتحطي ايه في العصير ؟”
تجمدت همت بمكانها و سرعان ما تنفست الصعداء و قامت بالالتفات تنظر إلي ريتال بحنق أتقنت اخفاءه و أشارت لها بالإقتراب فاطاعتها الطفله و اقتربت منها فحاوطتها همت بحنان تجلي في نبرتها حين قالت
” هقولك علي سر خطير. بس توعديني انك متقوليش لحد ”
تحمست الصغيرة و هزت رأسها بقوة فقالت همت بتخابث
” مش طنط جنة كانت عند الدكتور و الدكتور قالها أنها ضعيفه و مبتاكولش و أداها فيتامينات و ادويه عشان النونو الصغير . و عشان هي متعبة و مبتسمعش الكلام و مبيعجبهاش طعم الدوا فاحنا اتفقنا نحطهولها في العصير من غير ما تعرف عشان تخف وتبقي كويسه هي و النونو . بس اوعي تجيبي سيرة لحد احسن تبطل تشرب العصير هو كمان لو عرفت “
انبهرت الفتاة بحديثها و قالت بحماس
” حاضر مش هقول حاجه خالص بس هو ينفع أن كلنا بدل ما نشرب الدوا الي طعمه وحش دا نحطه في العصير .”
” اه طبعا ينفع .”
هكذا أجابتها همت قبل أن تؤكد عليها مرة آخري بضرورة عدم اخبارها أحد فوعدتها الفتاة و هرولت للأعلي و خرجت همت من المطبخ مسرعه تتلفت حولها حتي لا يراها احد و استقرت في غرفة الجلوس لتأتي الخادمه و تحمل الصينيه الكبيرة و تتوجه إلي غرفة جنة و تقوم بطرق الباب فأذنت لها بالدخول و كانت تقوم بتنشيف خصلات شعرها بعد أن أخذت حمام منعش للتو و استأذنت الخادمه للخروج و هي في طريقها للمطبخ أوقفها نداء الفتاة الصغيرة فاقتربت منها الخادمة تقول بلطف
” أهلا يا أمورة. ”
ريتال بأدب
” أهلا بحضرتك . ينفع اطلب منك طلب ؟”
” طبعا . اتفضلي ”
قامت ريتال بإخراج علبه كبيرة تحتوي علي اقراص فيتامينات قد وصفها لها الطبيب حتي تعزز من ذاكرتها و تقوي مناعتها و لكنها كانت تكره تناول العقاقير كثيرًا لذا أعطتها للخادمة و هي تقول ببراءة
” ممكن تحطيلي الفيتامينات دي في العصير عشان أنا بكره طعمهم اوي و الدكتور قال عشان اكبر و ابقي شطورة لازم اخدهم”
الخادمة بلطف
” للاسف يا ريتا الفيتامينات دي لازم تاخديها و تشربي بعدها ميه مينفعش تتدوب في العصير .”
ريتال بعناد
” لا ينفع . جربي بس ”
” يا حبيبتي مينفعش انا عارفه بقولك ايه . ”
ريتال بحزن
” لا ينفع و نانا همت هي إلي قالتلي كدا لما شفتها بتحط الفيتامينات لجنة في العصير عشان هي زيي مابتحبش طعمهم .”
الخادمه بإندهاش
” عصير ايه و فيتامينات ايه ؟
” العصير الي انتي لسه مطلعيهولها فوق دلوقتي ..”
هنا صدح صوت قوي من خلفهم
جننننة…”
كانت علي وشك الارتشاف من عصير الفراوله المفضل لديها و ما أن أوشكت علي وضعه فوق شفتيها حتي سمعت أسمها يتردد في الإرجاء فإلتفتت لتجد سليم الذي اقتحم باب غرفتها بلمح البرق و قام بالاقتراب و الإطاحه بكوب العصير الذي كانت تمسكه مما جعلها تتراجع بقوة للخلف حتي كادت أن تقع و لكن أتت يداه و امسكتها بقوة تمنعها من السقوط .
لحظات ذعر هو يناظرها برعب حقيقي إرتسم بعيناه و تجلي في نبرته حين قال
” شربتي من العصير دا ؟”
حاولت الحديث و لكن اختفي صوتها فلم تستطع إجابته فقط هزت رأسها نافيه فخرجت منه زفرة ارتياح و لأول مرة تري عيناه تناظرها بتلك اللهفه و هذا القلق و يداه التي تمسك برسغها بقوة آلمتها و لكنها للحظه لم تجروء علي الحديث فقد كانت دقات قلبها تتقاذف بعنف جراء ما حدث و جاءت كلماته التاليه لتزيد من صدمتها حين قال
” اياك تشربي أو تاكلي حاجه من ايد الخدم تاني .”
أخيرًا إستطاعت إخراج صوتها الذي كان مهتزا بفعل الخوف و الصدمه و الألم أيضاً
” هو في ايه ؟”
لا يعلم بماذا يجيبها و لا كيف يبرر لها فعلته تلك و لكنه حين سمع حديث الصغيرة عن تلك الحبوب المزعومه و التي من المؤكد أنها ستؤذيها هي و الصغير لم يستطيع التحكم في نفسه و هرول باقصي سرعته حتي يمنع حدوث أي شئ سئ لها. و لهذا لم يفسر شي بل قال بخشونة
” اسمعي الي قولتلك عليه من غير اسئله كتير .”
تركها بغته و ألتفت يغادر دون أن يتفوه بحرف واحد و قد كانت شياطين الجميع تلاحقه و حين وقعت عيناه علي تلك التي كانت ترتجف من رؤيته بهذا الشكل و خاصة و أن عيناه كانت مسلطه عليها من بعيد كنسر جارح يوشك بالإنقضاض علي فريسته مما جعلها تتراجع إلي غرفة الجلوس تحاول التظاهر بأن شيئا لم يحدث و لكن جاء صوت الباب الذي اغلقه سليم بقوة أصدرت صرير قوي جعلها تنتفض في جلستها و التفتت لتصطدم بعينان بلون الجحيم الأحمر القاني الذي جعلها ترتجف في مكانها مع كل خطوة كان يقترب منها و صوت أنفاسه الهادرة يقطع السكون حولهم فأخذت تتراجع للخلف و دقاتها الهادرة في سباق عنيف آلمها و لكن جاء صوته العاصف ليجعلها تشهق بعنف
” ازاي جتلك الجرأة ترتكبي جريمة بشعة زي دي ؟”
شهقه قويه خرجت من جوفها جراء صراخه الذي جعل جسدها يقشعر و خاصة حين تابع بقسوة
” واحده زيك و في سنك قادرة تتحمل ذنب عظيم زي دا “
حاولت تجاوز هلعها منه و نفس تلك التهمه البشعه عنها إذ قالت بتلعثم
” ذ.ذنب ايه . ان. انت تقصد اي بكلامك دا ؟’
صرخ هادرا بها
” انتي عارفه . ايه هتستعبطيني. انا مش قادر اتخيل انك ممكن تعملي كدا . احنا يا عمتي عايزة تخلصي علينا احنا. مش كفايه إلي حصل لحازم. متوجعتيش علي قهرتنا و حرقة قلب امي عليه. دا احنا كنا بنعتبرك زيك زي أمنا. انتي الي تدبحينا بالشكل دا .”
كانت لهجته تقطر ألما و حسرة لاقت صداها بقلبها الذي كان هو الآخر متشبع بالألم و الحسرة علي فلذة كبدها فصرخت من بين قطراتها
” و بنتي الي دبحتوها كلكوا من غير ما تصعب علي حد فيكوا! من اول اخوك الي علقها بيه طول عمرها و رماها و راح دور علي غيرها . و امك الي من بعد ما الست هانم شرفت و هي مبتبصش في وشها و إلا الي رحتوا جبتوها و قعدتوها وسطنا و بتعاملوها زي البرنسيسات قدام بنتي إلي قلبها محروق عشان حامل في ابنه. عارف سما حاسه بأيه؟ سما الي طول عمرها متربيه معاكوا هي و شيرين. سما بتموت بالبطئ. بتدبل زي الوردة كل يوم . خايفه افتح عليها باب اوضتها الاقيها ماتتمن كتر القهرة. بنتي الي الي ادفنت بالحيا ولا عمر حد هيفكر يرتبط بيها بعد ما الناس كلها كانت عارفه انها خطيبة اخوك و فجأة يشرف ابنه. فكرت فيهاالناس هتبصلها ازاي ؟ و لا هتقول عليها اي؟’
كان يتابع حديثها الذي يمزقه من الداخل فقد كانت محقه في الكثير من الأشياء و بسبب كل تلك الأحداث الصاخبة تناسوا أمر تلك الفتاة البريئه التي كانت تلهو و تلعب بجانبهم و كبرت علي يديهم و الآن تموت بسببهم وبدلا من أن يكونوا بجانبها و سندها في هذه الحياة أصبحوا السكين التي تنحر عنقها دون رحمة.
تجاهل كل ما يشعر به و قال بقسوة
” كل دا ميدكيش الحق انك تقولي طفل برئ مالوش ذنب في أي حاجه حصلت ”
همت من بين دموعها
” عندك حق . بس مفيش حد عنده اغلي من ولاده في الدنيا. و خصوصا اني مبقاش عندي غيرها ما اختها الكبيرة مبقتش عارفه أشوفها. حتي دي كمان هتضيعوها مني . ما تقولي يا سليم دا مش ظلم بردو ؟ ”
تجاهل منحني الرد لتتابع هي جلده بسوط كلماتها
” انتوا ظالمين أوي يا ولاد اخويا و مش انتوا و بس انتوا و الي ربتكوا . إلي جت تعرض بنتي عليك عشان بس تبعدك عن ست الحسن و الجمال لما حست انك بس مهتم بيها و كأن سما دي رخيصه ملهاش أهل و لا ليها لازمه. استبن لولادها. سما الي كل ذنبها أنها اتولدت لقت نفسها يتيمه و أجبرتها الحياة تعيش وسط ناس معندهاش رحمه زيكوا . انا مش أسفه يا ابن اخويا انتوا نستاهلوا بتحرق قلبكوا الف مرة علي عمايلكوا في بناتي ..”
اختتمت حديثها و خرجت مهروله للأعلي تسبقها عبراتها تتركه خلفها ذلك الذي اهلكه الألم للحد الذي جعله يسقط بقوة علي المقعد خلفه و لأو بكرة بحياته يشعر بهذا الكم من القهر و العذاب و لا يوجد ماهو أصعب من قهر الرجال..
*************
استيقظت حلا من ثباتها العميق علي يد حانيه تتحرك بخفه علي وجهها و صوت كانت تحتاجه كثيرا يحادثها بحنو
” الأميرة النايمه صحيت أخيرا ؟”
فتحت عيناها علي مصرعيها و اشرق وجهها حين رأت وجه شقيقها الأكبر فهطلت العبرات من مقلتيها بقوة و امتدت يدها السليمه تعانقه بكل ما أوتيت من قوة و بادلها هو العناق باقوي منه فقد كان اخ بنكهه أب. علي قدر قسوته يأتي حنانه . علي قدر جموده و بروده و لكنه لم يكن يتحمل أن تمسها نسمة هواء كان اشقاءها الثلاثه بمثابة درع حامي لها يجعلها تشعر بالأمان من وحشة هذا العالم و حين فقدت حازم شعرت بأن عالمها اهتز وانقلب رأسا علي عقب و بعد أن تجاوزت صدمة فقدانه أصبح الآخران هما حياتها بأكملها لذا كان أقل شئ منهما قادر علي كسرها و قد لمس هذا سالم لذا تركها تخرج مكنونات صدرها على هيئة عبرات غزيرة آلمته كثيرا و لكنه لم يعلق بشئ و انتظر حين تنتهي من نوبة نحيبها و قد كان كل هذا يحدث أمام فرح التي تراجعت بخطوات بطيئه الي الخارج لتترك لهم حرية التعبير و الحديث و جلست على أحد المقاعد و ما لبثت أن ترتاح قليلا حتى وجدت رقم جارتها الثرثارة التي هاتفتها كثيرًا لذا زفرت بقوة قبل أن تقوم بإعادة الاتصال بها. و ما أن تحركت حتي جاء ياسين الذي كان استقرت حالة والده الذي يقطن إحدى الغرف في الطابق الاعلي و حين اطمأن علي استقرار حالته شعر بحاجه ملحه لرؤيتها و الاطمئنان عليها لذا توجه إلي غرفتها و ما انا أوشك علي الدخول حتي أتاه إتصال هاتفي كان ينتظره فأجاب بنفاذ صبر
” ايوا يا سعد ؟”
سعد علي الطرف الآخر
” بحاول اوصلك من الصبح يا ابني. انت فين ؟’
ياسين بحنق
” ابويا تعب جدا بالإضافه اني روحت علي العنوان الي ادتهولي لقتهم مسافرين بقالهم اكتر من شهرين. شفت الحظ”
” أوف بقي . طب و هتعمل ايه ؟”
ياسين بغضب
” مش عارف و ابويا حالته بتسوء كل يوم عن يوم و أنا عامل زي المكتف مش عارف اعمله حاجه”
صمت سعد لثوان قبل أن يقول بتفكير
” طب اديني يومين كدا في فكرة في دماغي يمكن توصلنا لحاجه .”
ياسين بإستسلام
” تمام . شوف و كلمني ”
انهي مكالمته و ما أن أوشك علي طرق الباب حتي تفاجئ بصوت أنثوي خلفه
” لو سمحت ممكن تتحرك من قدام الباب شويه عايزة ادخل ؟”
تراجع ياسين خطوتان و هو يقول بحرج
” اه معلش آسف . اتفضلي ”
فرح بلطف
” لو حضرتك كنت هتدخل اتفضل ”
ياسين بحرج
” لا خلاص انا بس كنت عايز اطمن علي آنسه حلا. ممكن آجي في أي وقت تاني عادي ”
لا تعلم لما شعرت بأن ملامحه ليست بالغربيه عليها فطال تحديقها به لثوان قبل أن تقول
” هو حضرتك تعرف حلا منين ؟”
” انا ياسين عمران. معيد في جامعه قناة السويس و حلا طالبة عندي ..”
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في قبضة الأقدار)