رواية في رحالها قلبي الفصل السابع عشر 17 بقلم آية العربي
رواية في رحالها قلبي البارت السابع عشر
رواية في رحالها قلبي الجزء السابع عشر
رواية في رحالها قلبي الحلقة السابعة عشر
بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِكَ وكُن مِنَ السَاجِدِينْ واِعْبُد رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينْ .
اللهم إنا نستودعك أهل غزة وكل فلسطين ، اللهم
كن لهم عونا اللهم إنا لا نملك لغزة وفلسطين إلا الدعاء
الفصل السابع عشر من رواية في رحالها قلبي
بقلم آية العربي
❈-❈-❈
تحركت خارج مركز الشرطة مع والدتها ونورا ولكنها توقفت تطالعهما بعيون مرهقة وجسدٍ على وشك الانهيار قائلة :
– أمي خذي نورا وعودا أنتما إلى المنزل .
نظرت لها سعاد بحزن وتساءلت بترقب :
– كيف نعود بدونك ؟ ، أين تودين الذهاب ؟
تنفست ببطء وإجهاد ثم تحدثت وهي تحاول الاستناد على طرف سيارتها :
– سأذهب إلى منزل علي ، يجب أن أفعل شيئًا ، لا يمكنني الجلوس هكذا مكتوفة اليدين .
تحدثت سعاد برفضٍ قاطع :
– لا يمكن يا سارة ، لا يمكنكِ الذهاب إلى هناك أبدًا ، من المؤكد أنه ليس في منزله ولن تصلي لشيء ، دعي سيف والشرطة يحلان الأمر يا ابنتي فضلًا عن إصابتك بأي أذى .
انهال عليها البكاء والألم والخوف على الصغير لذا تحدثت مترجية وهي لم تعد تشعر بقدميها :
– أرجوكي أمي دعيني أذهب ، أعلم أنه ليس في منزله ولكن دعيني أتحدث مع والدته من المؤكد لديها أي معلومة أو يمكنها الحصول على أي شيء ، صدقيني لا أستطيع الجلوس هكذا وابني في قبضة مختل ، أشعر أن روحي تغادر جسدي .
لا تعلم سعاد ماذا تفعل وهي ترى حالة ابنتها هكذا وبالأساس هي تتخبط في حزنها وتصارع البقاء ثابتة لذا نظرت إلى نورا وتحدثت بهدوء :
– نورا خذي أنتِ سيارة أجرة وعودي إلى المنزل وأنا سأذهب مع سارة .
أومأت نورا ببكاء وتحركت تغادر بينما تحدثت سعاد بنبرة ثابتة من وسط حزنها ودموعها :
– هيا ابنتي اركبي أنتِ هنا وأنا من ستقود .
أطاعتها سارة باستسلام تام واستقلت السيارة بطواعية حزينة والتفتت سعاد لتتولى هي القيادة متجهة إلى منزل علي .
❈-❈-❈
كان سيف قد سبقهما إلى هناك وها هو يترجل مندفعًا إلى الأعلى يطرق الباب بعنف فأسرعت والدة علي تفتح الباب وتطالعه بانزعاج وتعجب للحظات ثم تحدثت مستفهمة :
– ماذا هناك ؟ ، ولم تطرق بابي هكذا ؟
هكذا سألته بعد أن تذكرته ليتحدث من بين أسنانه متسائلًا بانتفاضة تدل على غضبه :
– أين ابنكِ ، أين ذهب وأخذ طفلي ؟
تجهمت ملامح السيدة وسألته بتوجس وقلق :
– ماذا تقصد ؟ ، أي طفل ؟
زفر بنفاذ صبر ثم تعمق فيها وتحدث بشراسة :
– ابنك خطف ابني وإن لم يعده في أقرب وقت أو مسه بسوء سأقتله ولن يوقفني عن قتله مخلوقًا ، والآن أخبريني أين ذهب ابنك وأخذ صغيري معه .
وقفت متجمدة لثوانٍ تحاول استعياب كلمات سيف ثم شهقت تضع يدها على فمها حينما أدركت أن علي خطف ذلك الصغير وبرغم ذلك حاولت الإنكار قائلة :
– لا من المؤكد هناك خطأ ، ابني علي لن يفعلها .
– فعلها .
نطق بها سيف صارخًا لتشهق السيدة بفزغ ثم حاولت التحدث بقلب أمٍ ملتاع :
– من قال لك ذلك ؟ ، أخبرني أرجوك هل أنت متأكد أم أنك تقذف ابني بالباطل ؟.
زفر يستغفر ويحاول أن يهدأ وهو يلتفت ويمسح وجهه ثم عاد يطالعها وتحدث بنبرة أقل حدة :
– اسمعيني جيدًا ، ابنكِ خطف ابني وهذا ما وضحته الكاميرات واعترف به أحد رجاله للشرطة .
صفعت صدرها بكفها حينما ذكر اسم الشرطة وما فعله ابنها ، سيسجن ؟ ، خطف طفل صغير ؟ ، عاد لتناول المخدرات ؟
كل هذه الأسئلة جعلتها تترنح ليسرع سيف يسندها تلقائيًا فحاولت الاستناد ثم ابتعدت عنه تنظر له بتشتت وتحدثت وهي تستند على باب منزلها :
– ضاع مستقبله ، ماذا أفعل يا ربي .
ضاق صدرها بشعورٍ منقبض وهذا جعل سيف يرأف لحالتها وهو يطالعها ويتابع حسرتها وللحظة تمنى لو كان يمتلك أمًا تخاف عليه هكذا لكان فعل كل ما بوسعه حتى لا يرى انكسارها هذا ، لم يكن ليخذلها أبدًا .
عاد حنينه لصغيره وقلقه عليه يلتهمانه لذا تحدث بتريث ولم تخلُ نبرته من الجدية :
– اسمعيني ، يجب أن أصل لطفلي قبل أن يؤذيه ابنكِ وهذا جيدٌ لي وله صدقيني ، وأنتِ يجب أن تساعديني ، من المؤكد يمكنكِ توقع الأماكن التي سيحاول الذهاب إليها .
وقفت تطالع سيف وتفكر ، تعصر عقلها أين يمكن أن يكون ذهب بالصغير ، تذكرت العزبة لتنفض على الفور رأسها فمن رابع المستحيلات أخذه هناك .
تحدثت بنبرة مشتتة حزينة :
– حسنًا أدخل ودعنا نهاتفه؟
كأنها تترجاه ، تريده أن يعامل ابنها كأخٍ ويتفهم موقفه ولكن كيف يحدث ذلك وصغيره في قبضته ولا يمكن لأحدٍ توقع ماقد يفعله ذلك العلي .
حدق بها سيف لثوانٍ ثم تحدث وهو يشير برأسه للداخل :
– أحضري هاتفكِ ودعيني أحدثه بنفسي .
أومأت له وأسرعت للداخل وتبعها هو يعبر حتى يتحدث معه بأريحية داخل المنزل وليس خارجه .
❈-❈-❈
وصلت سعاد إلى البناية وتوقفت تطالع سارة التي لم تتمهل بل فتحت الباب وترجلت بخطى مترنحة وبرغم ذلك تسرع نحو الداخل ولم تلحظ سيارة سيف هنا .
بل لاحظتها سعاد لذا هدأت قليلًا وصفت السيارة وقررت أن تتبعها .
وصلت سارة أولًا ووجدت الباب مواربًا لتستمع إلى صوت سيف لذا دفعت الباب فرآها وهي تندفع نحو السيدة تردف بنبرة قاسية وعيون تطلق شرارًا :
– أين ذهب ابنكِ وأخذ ابني ؟ أين هو هذا المجنون لص الأطفال ؟ أنا أريد ابنـــي ، أريـــــده حـــــــــــالًا .
تحرك سيف نحوها يحاول أن يهدأها قائلًا من بين أسنانه :
– لمَ جئتِ؟ اهدئي وانتظريني في الأسفل .
نظرت له بتشتت وتيه والصداع يضرب جانبي عقلها بضراوة وتحدثت بترجٍ ووهن :
– أرجوكم أريد نوح ، الآن هو يبكي وخائف أرجوكم أريد أن أعانقه حتى يطمئن .
شعر بغصة متحجرة تتملك من حنجرته لذا عاد يلتفت إلى السيدة ومد يده يتحدث بعجالة :
– ناوليني هاتفكِ .
أومأت السيدة وهي في حالة تشتت أيضًا حيث لا تريد مما يحدث سوى سلامة ابنها مثلها كمثل سارة وسيف .
عبث سيف بالهاتف وطلب رقم علي ووقف ينتظر رده بتأهب .
كان يحاول إسكات الصغير الذي بدأ يبكي ولا يعلم ماذا يفعل به حيث أنه يحاول هز لعبته أمامه ولكن الأمر لم يفلح مع هذا الطفل الزنان .
شعر بالضيق والغضب حينما رن هاتفه فأخذه يطالعه ليجدها والدته .
لم يفكر مرتين حيث فتح ليجيبها ويسألها كيف يسكت هذا الصغير ولكنه حينما فتح الخط استمع إلى صوت سيف وهو يقول بشراسة :
– أين ابني ؟ ، أين أخذت ابني يا *** ، إن لم تعده لن تتخيل ماذا سأفعل بك .
تهاوى قلب سارة خشيةً من جنون علي لذا أسرعت تنتشل الهاتف من سيف على حين غرة وتحدثت برجاءٍ وتوسل وتلعثم :
– علي ، علي أرجوك ، أرجوك أنا أسمعه يبكي لا تؤذيه يا علي أنت لست كذلك ، أرجوك أعده إلي وسأفعل ما تريده ولكن لا تمسه بسوءٍ أرجوك ، إنه يبكي .
تعالى بكاء الصغير لتشعر بأحشائها تتلوى لذا باتت تتابع بترجٍ وتوسل أكبر وهي تبكي مثله :
– أرجوك دعه يسمع صوتي هو خائف ، دعني أتحدث إليه يا علي أنت لست مجرمًا ، هو طفل صغير لم يفعل لك أي شيء ، أرجـــــــــوك يا علي .
وقف سيف يتابعها ويتلوى على صفيحٍ ساخن وهو يراها تترجاه ولكن بكاء صغيره وحالته يمنعانه من التصرف وخاصة حينما تحدث علي بجمود :
– هو يسمعك .
التقطت نفسًا قويًا وكانت سعاد قد وصلت إليها فباتت تربت على ظهرها وهي تقول بصوتٍ حنونٍ هامس موجهة حديثها للصغير وعيناها تبكي بنحيب وباتت تدندن :
– نوح حبيبي ، أتسمعني ؟ ، هيا يا روح الماما نام ؟ ، هيا نــــــــام هيا نـــــــــام واطهيلك طير الحمام ، روح يا حمام لا تصدق بضحك على نوح لينام .
ظلت تكررها بصوتٍ هادئ حتى هدأ الصغير وتوقف عن البكاء وبات يناغش لعبته التي اشترتها له قبل الخطف ليتركه علي ويتحرك بالهاتف خارجًا ويتحدث بحقدٍ دفين :
– اسمعاني جيدًا ، الصغير لن يعود إليكما إلا إذا نفذتما ما سأقوله بالحرف الواحد ، أنتما دمرتما حياتي ، أنتِ يا سارة سحقتي قلبي بقدميكِ ومررتي كأنه لم يكن شيئًا ، أنا أحببتكِ .
هاج سيف ولم يحتمل كلمات هذا العلي لذا نزع الهاتف من سارة التي تبكي وتحدث بشراسة وغضبٍ :
– أحببت مَن يا *** ، أقسم إن لم تعد ابني سأقتلك وأرمي لحمك للكلاب ، أتظن نفسك رجلًا يا **** .
تملك علي غضبًا عاصفًا ولكنه أجاب ببرود ظاهري وضحكة متوعدة :
– لا أعلم من أين اكتسبت الثقة لتقول هذا الكلام وتظن أن ابنك سيكون بمأمن معي ، أنت لا تعلم ما يمكنني فعله بعد ، أنا لست باقي على شيء أو شخص .
تهاوى قلبها مجددًا ونظرت إلى سيف بقوة قائلة بترجٍ حاد :
– اصمت أنت ، أرجوك اصمت أنت ، سيؤذي صغيري .
تحدثت أخيرًا والدته قائلة بصوتٍ عالٍ متحشرج :
– أحضر لهما صغيرهما يا علي وإلا سيغضب عليك قلبي ، ما هذا الذي تفعله ؟ ، هل ابني يخطف ويروع الأطفال ؟ ، لمَ يا بني تفعل هذا وتحرق قلبي عليك ، هل أنا أستحق منك ذلك ، أرجع لهما الصغير يا علي أرجوك أنا لن أحتمل فقدانك .
ابتلع علي لعابه بضعفٍ بعدما استمع لصوت والدته ووقف صامتًا ثم بدأ يخبرها بألمه وتحولت نبرته إلى مسكينة كأنه يعاني انفصام :
– ولكنهما دمراني يا أمي ، أنا أحببتها جدًا ، هي كانت سببًا لحبي للحياة ، أنا كنت أخطط معها لأحلامي يا أمي ، كنت أراها مثالية ولكنها دعست قلبي وتزوجته هو ، أنا تحملت تقلباتها وحزنها وتجاهلها وأقنعت نفسي أنني سأحظى بها في النهاية وأتزوجها ولكنها تركتني بسبب هذا الصغير الذي لم يكن طفلها من الأساس ، لم اهتمت به وتركتني ؟ ، لمَ أحبت هذا الرجل ولم تحبني ؟ ، كنت سأهديها رشيدة ولكنه فعل هذا أيضًا ، هما دمرا حياتي وأنا سأدمرهما مثلما فعلا بي ، لن أعيد لهما الصغير بل سأحرق قلبيهما عليه مثلما فعلا بقلبي .
اسودت نظرته ونطق الأخيرة بشراسة وعدائية وأغلق المكالمة بعدها لتصرخ سارة مستنجدة بأي أحدٍ ووقف سيف عاجزًا عن مواساتها .
بكت والدته أيضًا وسعاد والكل في حالة تأهب وحزن لتردف الأولى بعدما تذكرت لتوها :
– شقته ، شقته التي اشتراها على النيل ، يمكن أن يكون ذهب إليها .
نبت الأمل في قلب سيف وهو يتساءل :
– أخبريني العنوان بالتحديد .
أسرعت تملي عليه العنوان فاندفع لتوقفه سارة وتركض خلفه تتمسك بذراعه قائلة بترجٍ :
– سآتي معك .
حدق بها وكاد أن يعترض ولكن حالتها لا تقبل ذلك لذا أومأت واندفع الاثنان نحو الأسفل ليستقلا السيارة بينما ظلت سعاد مع والدة علي تواسيها كما تفعل الأخرى معها .
❈-❈-❈
أما علي فبعد أن أغلق دس يده في جيبه وانتشل إحدى الحبات ثم حدق بها لثوانٍ يفكر بنسبة رفضٍ لا تتعدى ال ١٠ ٪ سحقها وهو يضعها في فمه أسفل لسانه وبدأ يمتصها ويفكر كيف ينتقم منهما وهل سيقدر على تنفيذ ما قاله ، هل هو قادر على قتل طفل صغير ؟
تحرك نحو الغرفة يطالع الصغير فوجده يعبث مع لعبته كأنه يحدثها ويحركها بيديه فوقف يتأمله ويفكر .
ماذا إن كان هذا الطفل ابنه هو وسارة ، ابتسم على هذا التخيل ونسج خيالًا على أساسه ووقف يشاهد فيلمًا ألفه عقله وساعدته في إخراجه تلك الحبة التي تذوب في فمه .
❈-❈-❈
رن هاتف سيف فأجاب ليجده شرطيًا يخبره بأنهم استطاعوا الوصول إلى عنوان علي بعدما راقبوا إحداثيات هاتفه من خلال مكالمة حدثت منذ قليل .
أومأ سيف وأخبره أنه في طريقه إليه وأغلق وتحرك مسرعًا يريد أن يصل إليه قبل وصول الشرطة ، يريد أن ينقذ صغيره وينقض عليه يسدد له الضربات حتى يطفئ لهيب نيرانه المشتعلة داخله ، لقد قال أمامه أنه يحب زوجته وكان عليه أن يصمت لأجل حياة صغيره .
كانت تجاوره مستندة على المقعد بعقلٍ شارد تدعو الله أن ينجي صغيرها من أي سوء وأن يرده إليها سالمًا .
التفاتة سريعة منه إليها لم تلحظها ولكنه كان غاضبًا ومشتعلًا لذا تحدث ينفث عما بداخله :
– لمَ تتوسلين مثل هذا ال *** ؟ ، هل تظنين أنه سيرأف بحالتكِ ، هل تظنين أنكِ تستطيعين التأثير عليه ؟
كانت مرهقة جدًا ولكنها تحاول أن تظل منتبهة إلى أن يعود الصغير لها لذا ابتلعت الغصة المتحجرة في حلقها وتحدثت بوهنٍ ملحوظ ودموعها لم تجف أبدًا :
– كل ما أريده هو نوح ، لا يهمني لا هو ولا بماذا سيتأثر ولكني فعلت ذلك لأجل سلامة ابني ، كان يبكي ، نوح خائف وأنا أعلم أنه سيعاود البكاء بعد قليل لذا أسرع أرجوك ولنترك الحديث لحين عودته .
كانت محقة لذا تحكم في نفسه وأسرع قيادته متجهًا نحو العنوان المنشود .
❈-❈-❈
وصلا بعد وقتٍ إلى المكان الذي قالت عنه والدة علي وترجلا من السيارة نحو المبنى العالي .
استعملا المصعد ليصلا إلى الطابق المنشود ووصلا بعد دقائق .
بحثت بعينيها عن رقم الشقة وكاد سيف أن يندفع نحوها ولكنها أوقفته تطالعه وتحدثت بترجٍ :
– سيف أرجوك اهدأ ، إن رآنا سويًا لن يفتح الباب وربما تعرض للصغير بسوء ، دعني أطرق أنا أولًا وأخبره أنني أتيت بمفردي حتى يطمئن ويفتح .
تملكه غضب أعمى وتحدث بنارٍ ورفضٍ :
– لا لن يحدث .
عاد يتحرك فأسرعت تتمسك بذراعه بقوة وتحدثت مترجية بقلبٍ ملتاع :
– أرجوك يا سيف أرجوك لا داعي لتهورك الآن ، لأجل سلامة نوح يا سيف ، أنت ستختبئ فقط إلا أن يفتح ثم ستهجم عليه وتقيده أرجوك .
هدأ قليلًا وبدأ يفكر ليجد أنها محقة لذا أومأ لها وتحركا سويـا وبالفعل اختبأ هو خلف أحد الفواصل العامودية وطرقت هي الباب ووقفت أمامه تنتظر .
كان يقف يتطلع على هذا الصغير الذي عاد يئن ويتلوى ويبكي حينما رن الجرس فتعجب وقطب جبينه وتحرك نحو الباب ينظر من العين السحرية ليجدها هي .
تجمد مكانه وعاد ينظر لها ثم حولها ثم توقف ثابتًا يفكر كيف وصلت إلى هنا ليأتيه صوتها وهي تردف بتوسل :
– علي أنا سارة ، أخبرتني والدتك بالعنوان وجئت بمفردي ، افتح أرجوك لنتحدث يا علي .
وقف مكانه لثوانٍ يفكر ثم تحدث من خلف الباب متسائلًا بهدوء عجيب :
– سارة ؟ ، هل تخدعيني ؟ هو معكِ أليس كذلك ؟
بكت وهزت رأسها وتحدثت بنبرة واهنة متألمة وسيف يختبئ يتابعها ويتوعد لعلي :
– لا أنا بمفردي ، هو ذهب لقسم الشرطة وأنا أتيت دون علمه ، افتح أرجوك لنتحدث ، الصغير يبكي أنا أسمعه افتح وسنتفق على ما تريده .
صدقها هذه المرة بل تحمس لأن يفتح لها ويعيش معها ذلك الفيلم الذي نسجه منذ قليل لذا امتدت يده يفتح الباب ويستقبلها لتندفع نحو الداخل على الفور وحينما كاد أن يغلق وجد سيف يدفع الباب بقوة ويقتحم المكان ولم يمهله فرصة حيث انقض عليه يسدد له اللكمات بقوة والآخر يعيش الصدمة قبل أن يحاول مجابهته بينما اندفعت سارة نحو الغرفة تلتقط الصغير وتهدهده وتعانقه بقوة وتقبله وتركتهما يتشاجران في الخارج .
عبرت بالصغير ليراها سيف وهو يتمسك بعلي الذي يصرخ به غضبًا ليتحدث سيف بلهاثٍ من بين ضرباته :
– خذيه وغادري .
تجمدت حينما سدد علي لكمة قوية استهدفت أنف سيف ليباغته الآخر بلكمة استهدفت عينه تحت أنظارها الجاحظة ورعشتها ولم يدم الأمر ثوانٍ حتى اقتحمت قوات الشرطة المكان وهجمت عليهما تخلصهما من بعضهما لتتنفس سارة بقوة عوضًا عن راحتها ويداها تحمي الصغير بشدة .
❈-❈-❈
بعد ساعات
ترجل سيف من سيارته واتجه يفتح الباب ويلتقط الصغير من سارة لتترجل بتمهل تجاوره متجهان نحو الداخل بعدما عادا من قسم الشرطة وتم حبس علي على ذمة التحقيق .
يحمل الصغير ويتمسك بها ودلفا لتستقبلهما سعاد التي عادت منذ قليل وكذلك نورا .
أسرعت سعاد تلتقط الصغير وتقبله وتبكي وتجاورها نورا تربت عليه ووقف سيف يطالعهما بهدوء بعدما حرر يد سارة التي تنظر لهما بطمأنينة بعد أن عاد الصغير لها ولكن باتت الأرض تميد بها بسرعة عالية ولم تعد تشعر بشيء وقد استجابت لنداءٍ يريد أن يسحبها للمجهول لتقرر فقدان الوعي بعد يومٍ عصيب عاشته .
جحظ حينما وجدها مرتطمة في الأرض وتهاوى قلبه بشعورٍ متوحش وجلس مسرعًا يرفعها من وسط صرخة سعاد باسمها بينما يداه باتت تتفحص ملامحها الشاحبة بعدما نزع نقابها ويربت على وجنتها ويناديها بحروفٍ مبعثرة بينما قلبه يتلوى :
– سارة افتحي عينيكِ ، سارة أنا هنا ونوح هنا ماذا حدث ؟
لا يعلم ما الذي أصابها ولكن أسرع يحملها ويتحرك بها نحو الأريكة يمددها عليها وناولت سعاد نوح لنورا وتحركت تتفحصها بقلبٍ ملتاع بينما نهض هو يلتقط هاتفه ويتحدث مع أحدهم طالبًا طبيبًا في الحال .
❈-❈-❈
فتحت عيناها بوهن تنظر بضعفٍ حولها لتجد نفسها في غرفتها وأحدهم يفصحها .
ابتلعت لعابها وقطبت جبينها بتعجب ثم التفتت للجهة الأخرى حينما شعرت بيدٍ تربت على يدها لتجد سيف يقف فوق رأسها يطالعها بحبٍ وابتسامة هادئة فتساءلت بصوتٍ متقطع :
– أين نوح .
أومأ مطمئنًا وتحدث وهو يملس على جبينها :
– هو مع والدتكِ في الخارج لا تقلقي .
استكانت والتفتت تنظر للطبيب الذي يفحص ضغطها ويضع السماعة على مقدمة صدرها ثم فحص عيناها ليسأل سيف بترقب وقلق :
– ماذا أيها الطبيب ؟ ، فقدت الوعي بسبب الإجهاد أليس كذلك ؟
كان يريد أن يؤكد الطبيب على حديثه ولكنه اعتدل بعدما دون الأدوية وناولها له قائلًا بعملية :
– نعم بسبب الإجهاد ولكني أظن أن المدام حامل وسنتأكد بعد إجراء الاختبار الذي دونته مع الأدوية .
اتسعت عين سارة ورددت بذهولٍ :
– حامل ؟
ابتسم لها الطبيب وتحدث بلطفٍ :
– نعم يبدو كذلك ، وسنبارك لكِ بعد إجراء الفحص .
جمع أغراضه وودعهما وتحرك متعجبًا من جمود سيف الذي وقف يردد الخبر على مسامعه وعقله ويفكر
( سارة حامل ؟ ، حامل بطفله ، ماذا عن اللعنة ؟)
للحظة عادت مخاوفه تهجم عليه بل أصبح أسيرًا لها وتجمعت من حوله كل ظنونه وتخيلاته التي أطاحت بفرحة الخبر عرض الحائط .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في رحالها قلبي)