روايات

رواية في رحالها قلبي الفصل الرابع 4 بقلم آية العربي

رواية في رحالها قلبي الفصل الرابع 4 بقلم آية العربي

رواية في رحالها قلبي البارت الرابع

رواية في رحالها قلبي الجزء الرابع

في رحالها قلبي
في رحالها قلبي

رواية في رحالها قلبي الحلقة الرابعة

بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِكَ وكُن مِنَ السَاجِدِينْ واِعْبُد رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينْ .
اللهم إنا نستودعك أهل غزة وكل فلسطين ، اللهم
كن لهم عونا اللهم إنا لا نملك لغزة وفلسطين إلا الدعاء
الفصل الرابع من رواية في رحالها قلبي
❈-❈-❈
يقولون الكتاب يظهر من عنوانه ولكن لا تصدق هذه الجملة أبدًا .
فبعض العنوانين خداعة تم وضعها لجذبك كي تتعمق داخله وإما أن تخرج منه بسلامٍ أو تخرج بأذى نفسي أو لم يأسرك للأبد .
جلس الجميع يتبادلون أطراف الحديث سويًا بعدما تمت ضيافتهم بترحابٍ وودٍ من قبل سعاد .
كان علي يجلس يتابع سارة بثقب ونظراته لم تتركها ، يتابع كل تفاصيلها الصغيرة وحركة يدها وانكماشة عينيها التي تدل على ابتسامتها التي تهديها لوالدته منتظرًا على أحر من الجمر لحظة رؤيتها .
أما سيف يجلس بوقار كأنه في اجتماعٍ وهو المدير هنا ، يطالع الجميع من حوله وفي كل مرة يستقر بنظراته على ( علي) ويظل يحدق به وكأنه يستكشف أمره .
انحنت والدة (علي) على سارة تحدثها بصوتٍ هامس ثم ابتعدت تنتظر ردها .
نظرت سارة بتوتر لوالدتها وأشارت بيدها لها في حركةٍ معينة تقصد بها أن هذه السيدة تريد رؤيتها .
نهضت سعاد تردف بهدوءٍ وهي تطالعها :
– تفضلي معي يا حاجة علياء .
نهضت عليا تومئ لابنها ثم تحركت نحو غرفة جانبية وتبعتها سارة وسعاد التي أشارت نحو فريدة كي تتبعهن أيضًا وفعلت .
ما إن اطمئنت سارة حتى رفعت نقابها تكشف عن وجهها للحاجة علياء التي شهقت تردد :
– بسم الله ماشاء الله مثل القمر ، حماكِ الله يا ابنتي معكِ حق في إخفاء ملامحكِ .
ابتسمت فريدة لتخفي وتقضي على شعورٍ راودها وعادت تؤنب نفسها بينما ابتسمت سعاد بفرحةٍ وتحدثت سارة بخجلٍ وامتنان :
– شكرًا هذا من ذوقكِ .
تحدثت علياء مجددًا بنبرة حماسية فرحة :
– لا يا ابنتي هذا من جمال ملامحكِ وحسنها ، ملامحكِ تدخل القلب دون إذنٍ ، حماكِ الله يا سارة .
ابتسمت سارة وتوردت وجنتيها بحمرة الخجل لتنظر علياء نحو سعاد وتردف بجدية :
– دعينا نحدد زيارة للرؤية الشرعية يا ست سعاد ، علي ابني متشوق جدًا لرؤية وجه سارة ، لنقرأ الفاتحة الآن ونتفق على موعد الخطبة ونحدد موعدًا ليراها ، وبالنسبة لطلبات سارة فابني أخبرني أنها جميعها مجابة .
ابتسمت سعاد تنظر نحو ابنتها بحبٍ ورضا ثم عادت تنظر نحو علياء وتحدثت بودٍ :
– الله يقدم ما فيه خيرًا يا حاجة علياء ، هيا دعونا نخرج لهما .
كان سيف في الخارج يحقق مع علي في أسئلة عن نشأته وحياته وعمله كأنه محقق يريده أن يخطئ .
تحدث علي برتابة وهو يطالعه بهدوء :
– أنا ورثت هذه الخيول من والدي يا سيد سيف ، ولكنها ليست لي لوحدي فأنا لدي شقيقتين متزوجتين تعيش إحداهما في الأسكندرية والأخرى مع زوجها في استراليا .
أومأ سيف متفهمًا بعدما أجابه علي برتابة ولكن نظرات علي تحمل أمرًا لم يرتح له سيف ولكن لا بأس سيعرفه .
خرجت النساء من الغرفةوجلسن لتومئ علياء لابنها بابتسامة رضا لذا نفش كتفيه بسعادة وتحدث أمامهن بثقة موجهًا حديثه نحو سعاد بتجاهل متعمدٍ لسيف :
– حسنًا يا ست سعاد أنا جئت أطلب يد ابنتكِ الآنسة سارة على سنة الله ورسوله ، وأنا رجلٌ ملتزم وسارة تعلم عني هذا الأمر كما أنني مكتفي ماديًا وجميع طلباتها ستكون رهن إشارتها .
ابتسمت سعاد ونظرت لابنتها الخجولة التي تنظر أرضًا وتفرك كفيها بتوتر ملحوظٍ للجميع وكادت أن تتحدث ولكن فاجأهم سيف بحديثه وهو يقول بنبرة جادة واضحة :
– حسنًا يا علي أعلم أنك وسارة تعرفان بعضكما ولكن هذا لا يمنع أن نسأل عنك ، هذه هي الأصول ، ويحق لك أنت كذلك أن تسأل عن سارة .
شعر علي بالضيق ولم يكن وحده الذي شعر به بل فريدة وأيضًا سارة فلمَ يتدخل هو ، لمَ لا يترك الحديث لوالدتها فهو ليس ولي أمرٍ لها .
تحدث علي بهدوء مبطن بالضيق وهو يطالعه بعيون ثاقبة :
– لا أحتاج السؤال عن سارة يا سيد سيف ، فهي ست البنات جميعهن وأنا طوال حياتي لم أرى مثلها في الأدب والأخلاق والتعامل ولو كان لدي شكًا في ذلك لما وجدتني أمامك اليوم ، وأظن أن سارة أيضًا تعرفني جيدًا .
التفت ينظر لها مدققًا في عينيها وتابع :
– أليس كذلك يا سارة ؟
لا تعلم لما أرادت استفزاز سيف لذا أومأت له وتحدثت بهدوء ونبرة خجلة :
– نعم يا علي يشهد الله أنني منذ أن تعاملت معك ولم أرَ منك سوى كل خير .
ابتسم وانتعش قلبه لذا عاد ينظر نحو سيف بنظرة تحمل تحدي لم يلحظها سواه قائلًا :
– دعنا نقرأ الفاتحة إذا يا سيد سيف .
التزم سيف بالصمت وداخله غضب بل وزاد على غضبه تحدٍ وُلد لتوه وقد وضع هذا العلي في رأسه لذا يجب أن يثبت صحة حدسه .
تحدثت سعاد بابتسامة هادئة بعدما لاحظت توتر الأجواء :
– يا ابني أنت شابٌ جيد بالطبع وابنتي دومًا تخبرني عنك كل خير ولكن سيف بمثابة شقيق سارة الأكبر لذا أراد أن يطمئن عليها ، هيا دعونا نقرأ الفاتحة على بركة الله .
رفعوا أيديهم يقرؤون الفاتحة عدا سيف الذي لا يعلم ما يشعر به بعدما تم تجاهله وتلاحظه فريدة جيدًا .
❈-❈-❈
بعد عدة أيام وبعد أن تمت الرؤية الشرعية وأعجب علي بل هامَ بملامح سارة
تم تحديد الخطبة بعد أسبوعٍ من الآن .
أما سيف فكان يسعى خلف علي ويبحث بدقة منتظرًا لحظة عثوره على اتهامٍ خاص به .
لا يعلم لما يفعل ذلك ولا يعلم لما يهتم من الأساس .
ولكنه يقنع نفسه بأنه يريد إثبات صحة حدسه للجميع ، وخاصةً فريدة التي تؤكد على حب علي لشقيقتها ودومًا تتحدث عنه .
أتاه الاتصال المنتظر ، اتصالًا من أحد رجاله فأجاب على الفور وبحماسٍ غير مسبوقٍ يتساءل :
– هيا أخبرني هل وجدت شيئًا ؟ .
تحدث الرجل بهدوء :
– نعم سيد سيف وجدت أمرًا مريبًا ، هذا علي كان يتعاطي المخدرات قبل عدة سنوات ولكنه خضع للعلاج ودخل مصحة ليتعافى من الإدمان واستطاع بالفعل التعافي ولكن المريب في الأمر أنه يخفي ذلك تمامًا ، لولا النقود التي أنفقتها لَما عرفت شيئًا كهذا ، يبدو أنه ألجم الجميع من حوله .
ضيق سيف عيناه وابتسم ابتسامة خبيثة ثم قال بهدوء حصل عليه لتوه وهو يضع ساقًا فوق الأخرى :
– كنت أعلم .
ابتسم ساخرًا وتابع بشرود يكرر جملتها :
– لم ترِ منه سوى كل خير إذا يا سارة ، دعيني أريكِ جزءًا خفيًا منه .
أغلق الهاتف ونهض يقف ثم اتجه إلى النافذة يتطلع نحو الخارج ويعاود الاتصال على فريدة التي أجابته بهدوء :
– نعم سيف .
تحدث بجدية برغم ابتسامته وسعادته التي لا يعلم لها سببًا :
– اسمعي فريدة ، أريدك أن تهاتفي سارة وتخبريها أن تأتي إليكِ وأنا سآتي بعد ساعة ، هناك أمرًا هامًا يجب أن تعلمه .
ضيقت عينيها كأنه يراها وتملكها الضيق من مجرد ذكره لشقيقتها وتساءلت بغيظ تجاهد لتخفيه :
– ما هذا الأمر الهام الخاص بسارة يا سيف ؟
– حينما آتي سنتحدث ولكن هاتفيها لتأتي ، هيا حبيبتي وداعًا الآن .
أغلق معها ووقف يضع يده في جيبه وينظر نحو الخارج ليعود ويفكر لما يهتم ؟ ، لما يتصرف بطريقة غريبة عن شخصيته ؟
زفر بقوة يردد بنبرة هامسة ليقنع عقله :
– لا هذا أنا تمامًا ، هو تحداني وكان يجب أن أوقفه عند حده .
❈-❈-❈
كانت تقف تنجز بعض الطلبات التي أتتها من زبائنها لتزفر ثم تميل يمينًا ويسارًا حتى تعطي لجسدها الاسترخاء .
رن هاتفها فتنهدت والتقطته لتجدها فريدة لذا أجابت بنبرة مرهقة :
– نعم فريدة ؟
تحدثت الأخرى بنزق :
– سارة هل يمكن أن تأتي ؟
– هل أنتِ بخير ؟
تساءلت سارة وهي تتجه لتجلس على المقعد لتجيبها فريدة بهدوء ظاهري :
– نعم بخير ولكن سيف هاتفني وطلب مني أن أهاتفك وأخبركِ كي تأتي لأنه يريد إخباركِ بأمرٍ هام .
عقدت ما بين حاجبيها بتعجب وتساءلت وهي تهز كتفيها :
– بماذا يريدني يا ترى ؟ هل حدث شيئًا ما وتخفين عني؟ .
أجابتها فريدة بنبرة محتدة :
– لا أخفي شيئًا سارة فقط تعالي وسنعرف حينها عندما يأتي .
تعجبت سارة من حدة شقيقتها معها لذا تحدثت بهدوء يحمل حزنًا وهي تتمنى لو ترفض ولكنها في نهاية الأمر أجابت :
– حسنًا فريدة ، سأنتهي من عملي وآتي .
أغلقت معها وجلست شاردة تفكر بتعجب فيما يريده ذلك السيف الغامض الذي تبغضه .
بعد ثوانٍ زفرت ونهضت تنهي عملها لتذهب وترى ماذا يريد .
❈-❈-❈
كان علي يجلس في إسطبل الخيول الخاص به يتصفح الإنترنت ويتابع منشورات سارة .
يتابع التعليقات بدقة ليرى هل هناك من يضايقها أم لا .
وحينما وجد تعليقًا من شابٍ يدعى أحمد كتب فيه
( أنتِ مثال رائع للفتاة المسلمة يا سارة ، حقًا حينما أراكِ أحمد الله وأسعد بأن الدنيا ما زالت بخير ، أتمنى أن يرزقني الله زوجة صالحة مثلكِ ) .
اشتدت عروق علي غضبًا ووقف متأرجحًا بين أمرين ، هل يرد عليه ويلزمه حدّه أم يتحلى بالصبر كي لا يحزن سارة .
لذا اهتدى عقله لحلٍ آخرٍ وقام بالضغط على صفحة هذا الشاب ثم دلف على رسائله وأرسل له رسالة هجومية محتواها بذيء .
تعالت أنفاسه وهو ينظر رد الآخر عليه ويتمنى لو كان ردًا هجوميًا كي يعطي له الحق بالاندفاع والتوبيخ .
جاءه أحد العمال يناديه فلم يسمعه لذا عاد يردد بترقب :
– يا سيد علي هل تسمعني ؟
رفع نظره يباغت العامل بنظرة غاضبة نارية فتوتر العامل وتحدثت بتلعثم :
– كنت أقول أن هناك حصانًا لم يأكل اليوم ، هل تلقي نظرة عليه ؟
حاول أن يهدأ لذا سحب نفسًا قويًا من أنفه ليخرجه بعد قليلًا من فمه ثم أومأ له يردف بنبرة باردة :
– إذهب أنت وسآتي خلفك .
أومأ العامل وأسرع يذهب خوفًا من بطش علي بينما الآخر عاد ينظر نحو الرسالة فلم يجد الشاب قد رآها بعد لذا زفر بضيق ونهض يدس الهاتف في جيبه ويخطو نحو مكان الحصان ليراه .
❈-❈-❈
وصل سيف إلى فيلته ودلف ينادي العاملة التي كان يرفض مبيتها في الفيلا ولكن تعب فريدة أجبره على الموافقة على قواعد كان يرفضها .
جاءت السيدة تطالعه باحترام فسألها بترقب :
– ألم تأتِ الآنسة سارة بعد ؟
هزت رأسها تجيبه :
– لا يا سيد سيف لم تأتِ بعد .
– وأين فريدة ؟
تساءل وهو يبحث بعينيه فأشارت للأعلى قائلة :
– إنها تأخذ حمامًا في الأعلى .
أومأ لها واتجه يجلس على المقعد وينظر في ساعته ليراها السادسة مساءًا .
عاد ينادي على العاملة فأتت فطلب منها قدحًا من القهوة لتعود تلبي طلبه على الفور .
لا يعلم متى غفا مكانه فجأة ولا يعلم كم دقيقة مرت على غفوته ولكنه أجفل حينما سمع رنين جرس الباب ليستيقظ يدلك وجهه بينما اتجهت العاملة تفتح الباب لتجدها سارة تطالعها بنظرة هادئة قائلة :
– كيف حالك ؟
أومأت لها العاملة مرحبة ثم أفسحت لها المجال فمرت بهدوء وحينما لمحته يجلس أمامها يطالعها أبعدت نظرها عنه وتساءلت بتوتر من حضوره :
– أين فريدة ؟.
– سأناديها في الحال .
هكذا قالت العاملة وتحركت للأعلى وتركتها تتقدم حتى وقفت أمامه تردف بهدوء :
– كيف حالك يا سيد سيف ؟
نظر لعينيها من خلف النقاب ولم تكن نظرة عابرة بل حدق بها لذا شعرت بالضيق والغضب وأبعدت نظرها عنه واتجهت تجلس في ركنٍ بعيدٍ متجاهلة إياه بينما هو تحدثت يباغتها بسؤالٍ مفاجيء :
– هل حقًا تعرفين هذا علي جيدًا ؟
توترت ولا إراديًا عادت تطالعه وتحدثت بضيقٍ وتحدٍ ومغزى قاصدة أن تلزمه حده :
– نعم أعرفه ، على الأقل سنتعرف أكثر على بعضنا في فترة الخطبة ولن نتزوج بطريقة غامضة وسريعة مثلما فعلت مع أختي .
ابتسم ساخرًا وتحدث بتعالٍ وهيمنة وهو يفرد نفسه أكثر على المقعد :
– أنا سيف الدويري ، معروفٌ من أنا جيدًا وشقيقتكِ تعلم ذلك والكثير من الفتيات كن يردن فقط نظرة مني .
اغتاظت منه لذا قالت باندفاع لم تقصده ولكن حقًا هذا السيف يستفزها :
– غبيات يرينك فقط ثري ولو كنت فقيرًا لانفضين من حولك ، كيف لأنثى أن تثق في رجلٍ دون أن تعاشره جيدًا .
لم يغضب بل ابتسم حتى ظهرت أسنانه وتحدث مؤيدًا بمغزى :
– أنتِ محقة ، لا يجب أن تثق الأنثى في رجلٍ لا تعرفه جيدًا .
زفرت تبعد وجهها عنه بينما نزلت فريدة من الأعلى تطالعهما بضيقٍ علا فوق ملامحها بينما اتجهت العاملة نحو المطبخ لترى ماكينة القهوة التي تركتها تحضر قهوة سيف .
تحركت فريدة تجلس بجوار سيف وتطالعهما بشكٍ متسائلة بتجهم :
– هل تحدثتما ؟
نظرت لها سارة وتحدثت وهي تهز رأسها :
– لا ، يبدو أن زوجكِ لديه وقتًا للسخرية .
نظرت فريدة إلى زوجها وتجاهلت حديث سارة متسائلة بترقب :
– أخبرنا سيف ما الذي تريدنا أن نعرفه ؟
زفر بقوة وانتظر حتى أتت العاملة ووضعت قدح القهوة أمامه ثم اعتدلت تنظر نحو فريدة وسارة متساءلة :
– هل تشربا شيئًا ؟
نظرت فريدة نحو سارة التي أشارت بالرفض شاكرة بينما فريدة تحدثت بهدوء وهي تطالع العاملة :
– حسنًا أعدي لي أنا أيضًا قدح قهوة .
– القهوة ليست جيدة من أجلكِ .
نطقها الاثنان في آنٍ واحد لتنظر فريدة بينهما ثم عاد الضيق يلتهم صدرها لتقول بتجهم :
– حسنًا لا أريد شيئًا .
أومأت العاملة وتحركت تغادر ليوقفها سيف قائلًا بنبرة صارمة :
– أحضري كوبين من عصير البرتقال .
– حاضر سيد سيف .
عادت العاملة إلى المطبخ بينما باغتته سارة بنظرة عدائية وعلى عكسها تطلعت عليه فريدة بحب ممزوج بالغيرة الخفية ليتجاهل سيف نظراتهما ويردف بثباتٍ وعينه تدور بينهما :
– عرفت شيئًا بخصوص ذلك علي .
تنبهت سارة له وكذلك فريدة ليتابع ملقيًا ما في جوفه دون تردد وهو يحدق في سارة :
– هل تعلمين أنه كان يتعاطى المخدرات في السابق ؟
شحبت ملامح سارة من أسفل نقابها بل وتهاوى قلبها بصدمة ألجمت لسانها عن النطق ، بينما شهقت فريدة قائلة :
– ماذا ؟ ، هل أنت متأكد مما تقوله يا سيف ؟
قلب عيناه يطالع فريدة وليعود ويضع ساقًا فوق الأخرى قائلًا :
– وهل سأقول شيئًا لست متأكدًا منه ؟ ، لقد كان يتعاطى المخدرات منذ عدة سنوات ولكنه تعافى .
عاد ينظر نحو سارة وتساءل :
– هل أخبركِ بذلك ؟
التزمت الصمت بل أطرقت رأسها بخيبة أمل ، لم يخبرها علي ولم تلحظ ولم تعلم بالطبع أمرًا كهذا ، ولكن هل سيف محقٌ ؟ ، ربمَا يكذب ؟
التفتت فريدة تنظر نحو سارة بحزنٍ وتحدثت بترقب :
– سارة أنتِ بخير .
رفعت نظرها ليتفاجئا بعيون لامعة أوشكت على البكاء ولكنها أسرعت تنهض قائلة وهي تخطو متجهة نحو الخارج :
– يجب أن أغادر .
نهضت فريدة لتوقفها وتوتر سيف بل شعر بالضيق وهو يراها تغادر بصدمة بينما فريدة أسرعت تلحق بها ولكن سارة التفتت توقفها بكفها قائلة :
– توقفي فريدة أنا بخير ولكن يجب أن أذهب وأتحدث مع علي ، سأخبركِ بالتفاصيل .
غادرت سارة تستقل سيارتها تحت أنظار فريدة التي دلفت بعدها تنظر نحو سيف المتكئ على ساقيه يفكر ، هل أخطأ في طريقته ؟ ، هل كان عليه أن يكن أكثر ترويًا وتمهيدًا للأمر ؟
تحركت فريدة تجلس أمامه وتساءلت بهدوء :
– سيف أخبرني كيف عرفت أمرًا كهذا ، ثم أنه تعافى فلمَ التضخيم ؟
رفع نظره يطالعها بصدمة ثم قال بجدية تحمل توبيخًا خفيًا :
– أي تضخيم ؟ ، هل أقول لكِ أنه كان مريضًا وتعافى ؟ ، إنه كان مدمنًا يا فريدة وتعافيه هذا لا يعني أنه لن ينتكس مرةً أخرى ، كان عليه أن يصارحها بكل هذا ويعطيها الحق بالقبول أو الرفض .
ابتلعت لعابها فهو محق ولكنها كانت سعيدة بخبر خطبة سارة من إنسان يحبها و …. سيبعدها .
❈-❈-❈
بعد وقتٍ قياسي وبعد أن هاتفته وصلت إلى العزبة الخاصة به .
ترجلت من سيارتها تخطو نحو الداخل تبحث عنه بعينيها وحينما وجدته يقف بالقرب من أحد الأحصنة يدلكه حتى تحركت نحوه ووقفت خلفه تردف بهدوء يخفي عاصفة وصراعًا داخلها :
– علي .
التفت يطالعها مبتسمًا بسعادة ولكن حينما لمح عينيها تحدث ببعض الترقب :
– أرى المكان قد سطع ، كيف حالكِ ؟
للحظة شكّ أنه ربما علمت بأمر الرسالة التي أرسلها لذلك الشاب ، هل قام بمراسلتها ؟ ، هل بينهما شيء ما ؟
تحدثت سارة لتقطع أفكاره المشككة قائلة :
– أريد أن أتحدث معك .
نظر للعمال من حوله ثم عاد لها متعجبًا ليشير نحو ركنٍ هادئٍ قائلًا :
– حسنًا تفضلي .
اتجهت معه نحو ذلك الركن ليجلسا على مقعدين متقابلين تتوسطهما طاولة مربعة .
نظر لها يحثها على الحديث فزفرت وبدون مراوغة تساءلت :
– علي هل كنت تتعاطى المخدرات حقًا ؟.
تجمد كليًا يحدق بها بصدمة فمهما وصلت استنتاجاته لم يتوقع أن تصل لهذه المعلومة لذا عم الصمت لثوانٍ تنتظر حديثه وهو ينتظر الخروج من صدمته التي ألجمته ليطالعها ويردف دون مراوغة أيضًا :
– نعم ، هذا كان قبل عدة سنوات ، ولكنني تعافيت ومحوت تلك الأيام من حياتي .
ظلت تحدق به بذهول وهو يؤكد لها صدق حديث سيف ليتابع مردفًا بنبرة متلهفة وبكلماتٍ متعثرة :
– سارة أنا لم أخفِ عنكِ ، أنا فقط أردت حذف هذه الأيام من حياتي ، هذا الماضي الأسود لا أحبه ، صدقيني أنا بصحة جيدة وبخير والتزمت بالرياضة وروتينًا غذائيًا سليمًا .
لا تعلم بماذا تجيبه بل فقط تسمعه وهو يردد بلهفة خوفًا من رفضها له :
– سارة أرجوكِ لا تأخذيني بذنب ماضٍ سيء كنت طائشًا فيه ، صدقيني من بعد وفاة والدي وأنا أحمل المسؤولية على عاتقي ، امتنعت عن تناول هذه السموم نهائيًا .
وجدها فقط تطالعه ليشير حوله ويتابع بلهفة :
– انظري حولكِ ، كل هذا فعلته بعدما تعافيت ، أنا نادمٌ حقًا على ما فعلته بنفسي وتقربت من الله والتزمت بالصلاة ، أرجوكِ سارة لا تتركيني ، أرجوكِ .
جلست أمامه وكأن دوامة ابتلعتها وتدور بها بغير هدى والأفكار في رأسها تكاد تفجرها ، لا تعلم ماذا تفعل ولا بماذا تجيبه بينما هو فقط يطالعها وعندما طال صمتها تساءل بشكٍ وملامحٍ مشدوهة :
– من أخبركِ يا سارة ؟
نظرت له وبدون وعيٍ منها نطقت بتخبطٍ :
– سيف ، سيف أخبرني .
أومأ مرارًا وتأكد من ظنونه لذا قال بخبث :
– كنت أعلم .
– ماذا ؟
تساءلت بتشوش ورأسها تدور حقًا ليردف بنبرة خبيثة :
– لا أعلم ما السبب ولكني شعرت بعدم حبه لي من استجوابه حينما جئت إليكم أول مرة ، حسنًا لو علم عني ذلك لمَ لم يأتِ ويصارحني بنفسه ؟
لم تجبه بل تعيش حالة من التخبط مع نفسها ليتابع بغضبٍ يخفيه أسفل نبرة مترجية :
– سارة أرجوكِ أعطني فرصة فقط لأثبت لكِ حبي وصدقي ، أنا أحبكِ يا سارة ومستعد أن أفعل المستحيل من أجلكِ .
عليها أن تفكر جيدًا ، عليها أن تنفرد بنفسها فهي الآن مشتتة وضائعة لذا نهضت تردف بنبرة تائهة :
– دعني أذهب الآن يا علي ، سأفكر وسأبلغك قراري .
أسرعت تتحرك من أمامه لتغادر وتتركه يقف يتابعها وعلى ملامحه تجلى الغضب من ذلك السيف وكيف علم بماضيه ، ولكن لا بأس ، فقط عليه أن يصارع كل من يقف في طريقه من أجلها ، لن يتخلى عنها أبدًا .

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في رحالها قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى