روايات

رواية في رحالها قلبي الفصل الخامس عشر 15 بقلم آية العربي

رواية في رحالها قلبي الفصل الخامس عشر 15 بقلم آية العربي

رواية في رحالها قلبي البارت الخامس عشر

رواية في رحالها قلبي الجزء الخامس عشر

في رحالها قلبي
في رحالها قلبي

رواية في رحالها قلبي الحلقة الخامسة عشر

بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِكَ وكُن مِنَ السَاجِدِينْ واِعْبُد رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينْ .
اللهم إنا نستودعك أهل غزة وكل فلسطين ، اللهم
كن لهم عونا اللهم إنا لا نملك لغزة وفلسطين إلا الدعاء
الفصل الخامس عشر من رواية في رحالها قلبي
بقلم آية العربي
❈-❈-❈
ربما لم تنل من دنياك سوى حبًا صادقًا لذا حافظ عليه بكل ما أوتيت من قوة .
نظر للشريط في كفه وأصبح حائرًا خائفًا ضائعًا بين أمواج التفكير .
هل يترك هذا الأمر خلفه ويسمع لها ويتوكل على الله متجاهلًا كل مخاوفه
أم يحاول إقناعها مجددًا ليكون أكثر طمأنينة وراحة ؟ ، زفر وعاد يطالعها قائلًا بنبرة تحمل الترجي والقلق :
– سارة أعلم أنكِ محقة ولكن أرجوكِ ضعي نفسك مكاني ، أنا لا أستطيع المجازفة ، أخشى العواقب يا سارة ، إلّا أنتِ صدقيني لا يمكنني .
تعمقت في عينيه فوجدته يعاني حقًا لذا مدت يديها تتمسك بكفيه وتحدثت بنبرة لينة حكيمة تبث بها الطمأنينة إلى قلبه الخائف :
– سيف هيا حبيبي لا تفسد بدايتنا ، دعنا الآن نصلي سويًا ثم أسجد له وادعُ بكل ما تريده ، أدعوه وسيستجيب واعلم أن الدعاء يرد القدر ويريح القلب .
نبرتها ولمستها سحقتا مقاومته ليجد نفسه يومئ فابتسمت تنهض ثم سحبته ليقف وتحدثت وهي تنظر له بحنانٍ بالغٍ كأنها أمه :
– توكل على الله يا سيف ، أترك الأمر لله ، ثِق به ولا تخف .
ابتسم لها ثم سحبها يقبل جبهتها ثم عاد يطالعها قائلًا بلطفٍ لتندثر مخاوفه شيئًا فشيئًا :
– هيا ألبسي إسدالكِ لنبدأ .
أسرعت تخطو نحو غرفة الملابس لترتدي إسدالها ثم عادت إليه بعد دقيقة لتجده يقف عند سجادة الصلاة ينتظرها .
وقفت على بعد خطوة من ظهره ليتنفس بقوة ويبدأ في تأدية ركعتين سنة الزواج .
❈-❈-❈
بعد عدة دقائق
جلس بعد أن انتهى شاعرًا بالراحة التي لم يشعر مثلها من قبل .
سقطت مخاوفه وهمومه مع سجوده واكتسب السكينة .
وجدها تربت على ظهره وتطالعه بتساؤل قائلة :
– كيف تشعر الآن .
التفت لها يحدق بها بتمعن شاردًا ، يفكر هل حقًا يا سارة ستتغير الأقدار معكِ ، هل حقًا ستختفي مخاوفي ؟
مد لها يده فناولته كفها لذا توقف لتتبعه وتقف أمامه بترقب حيث بدأت نبضات قلبها تنبض بصخب وتخلت عنها فصاحتها لتقف أمامه خجلة بوجنتين تشعان تحمرارًا وهي ترى نظراته عليها .
تحركت يداه نحو إسدالها يجردها منه فتوقفت عن التنفس للحظاتٍ وشعرت بقلبها يتضخم واجتاحتها مشاعر الرهبة لذا حاولت إيقافه قائلة بتلعثم ويديها تصدانه بوهن :
– سـ ، سيـ ، سيف ، د دعنا تناول الطعام أولًا .
استطاع تجريدها من إسدالها بينما هي تتحدث ليلقيه أرضًا ثم أحاط ذراعيه حول خصرها وسحبها لتلتصق به قائلًا وهو ينحني نحو رقبتها ليجد متاعه في رحل عنقها ورائحتها فيغمض عينيه مستمتعًا ليقول بتأثرٍ وهمس :
– لنتذوق الحب أولًا .
لم يمهلها حق الاعتراض أو التحدث بل هجم على شفتيها يقبلهما بنهمٍ وجوعٍ وعطش وقد سقطت كل مخاوفه ليقذفها في ركن الزاوية ويعيش معها الآن الحب فقط .
الحب الذي يشعر به للمرة الأولى ، الحب الذي يتذوقه من قبلاتها ولمساتها .
باتت مستسلمة بل فقدت السيطرة على سائر جسدها الذي ينجرف خلف أفعاله طواعيةً .
ليسقيها من نهر العشق ألذ شَربة وليرتشف من نفس النهر شربةً لم يتذوق مثلها قط .
فحينما يجمتع الحب الحلال مع العلاقة الزوجية يبعثان في الروح سكينة وفي الوجدان متعة وفي الجسد لذة وفي الفؤاد نبضة خاصة باسم الحبيب فقط .
أصبح شغوفًا أكثر ، ملحًا أكثر ، يريد المزيد فلم يكتفِ ولن يكتفي من هذا النهر الذي وجد مجراه حديثًا ليأخذها في سطوة عشقٍ منفردة بهما فقط لتجد أنها تنتقل من مكانٍ إلى مكانٍ دون أن تشعر بالزمان وتكتشف أنها تتجرد من موانع الوصول دون أن تدرك وتتفاجأ بكمٍ هائلٍ من القبل موزعًا بإتقان أفقدها الاتزان ولمساتٍ ناعمةٍ تطوف بمهارة فوق أرضٍ غضة وخصبة ومتوردة وبالونًا ممتلئًا بالسعادة انفجر لتوهِ .
يتذوق حبًا كمسكين كافئوه بقطعة نادرة من الشوكولاتة وما إن استطعمها حتى بات يطالب بالمزيد فيأخذها فيسكر بها أكثر ثم يطلب أكثر فيأخذ فيعجز عن التوقف فيطلب المزيد فيأخذ حتى بات لا يمكنه تذوق غيرها أبدًا .
حزمة قبلات وضمة حنونة كانتا هما مكافأتها على تلك المشاعر وكأنه لم يقبلها أو يعانقها كل لحظة .
يبتسم برضا وسعادة سحقت كل مخاوفه ، يشعر بها منكمشة داخله ليعاود التبسم والضم والتقبيل .
مستكينة في كنفه والخجل مع المتعة يغمرانها لذا فهي ساكنة مغمضة العينين بهدوءٍ تام .
يحتويها بين ذراعيه كمن يخفي كنزًا ثمينًا عن العالم ، ليس بعد الآن ، لن يتركها ولن يحل وثاقه معها بل باتت هي ملاذه ومتعته وراحته وسكينته التي سيلجأ إليها دومًا .
ليناما بعدها نومةً هنيئة كما لم يناما من قبل .
❈-❈-❈
استيقظ شاعرًا بالسعادة والراحة يتنفس عشقًا ثم التفت ينظر نحو سارة التي تنام بعمقٍ .
نهض يستند على ساعده ثم تعمق في ملامحها وابتسم وامتدت يداه تتحس وجهها وخصلاتها بحبٍ وعيونٍ هائمة في حبيبته وزوجته وروح فؤاده .
نزلت يده تتحسس ذراعها ثم بطنها ولكنه قطب جبينه حينما لاحظ انتفاخ بطنها بشكلٍ ملحوظ .
صدم مما رآه وللحظة ردد داخله كلمة واحدة فقط ( حامل ؟ )
تعجب مما يراه وتساءل كيف ومتى حدث ذلك ليتفاجأ ببقعة من الدماء تتسع من أسفلها لتتحول إلى بركة تغرق بها أمام عينيه الجاحظة وهو يحاول سحبها وإيقاظها ولكن صوته مكتومًا وجسده مقيدًا فبات لا يستطيع مساعدتها وهو يراها نائمة وشاحبة كأنها تفارق الحياة
ظل يحاول الصراخ دون جدوى وكأن أحدهم يقبض على عنقه ويكمم فمه ليتنفض فزعًا صارخًا باسمها :
– ســـــــــــــــــارة .
انتفضت على صرخته تطالعه بجحوظ لتجده يجلس مصدومًا متجمدًا يعاني من كابوسٍ متوحش لذا امتدت يدها تربت على كتفه قائلة بحنانٍ وطمأنينة :
– سيف حبيبي اهدأ أنا هنا .
التفت يطالعها بذعرٍ وأنفاسه تتسابق كماراثون للركض ليجدها أمامه تهدئه وتطالعه بترقب لذا أسرع يسحبها إليه ويضمها بقوة كادت أن تسحق عظامها ورأسه يهتز رافضًا ما رآه ويردد :
– لن يحدث ، لن يحدث هذا .
تعجبت ولكنها تركته يعانقها وحاولت أن تهدئه بيديها ونبرتها التي أتت هادئة :
– حبيبي اطمئن يبدو أنك رأيت كابوسًا مزعجًا .
ظل يعانقها ويبحث عن السكينة ولكن قلبه بات خائفًا ملتاعًا لذا تحدث بتشتتٍ وحزنٍ أصابه بعدما كانت هذه الليلة هي أسعد لياليه على الإطلاق :
– أخبرتكِ يا سارة ، قلت لكِ ، لم يكن علي فعل ذلك ، أنا أخطأت .
ماذا يقصد ؟ ، أي فعل ؟ ، هل يقصد ما حدث منذ قليل ؟ ، هل يهدم سعادتهما بهذا الشكل ؟
ابتعدت عنه تطالعه بتعجب متسائلة بترقب :
– كيف أخطأت يا سيف ؟ .
تعمق فيها بثقب ثم تحدث وهو يهز رأسه رفضًا لما رآه في كابوسه :
– لا أستطيع يا سارة ، هذا الكابوس تنبيهًا لي .
هزت رأسها برفضٍ قاطعٍ وتحدثت موبخة :
– لاااا ، سيف توقف ، هذا عمل شيطاني لا تنجرف خلفه ، أرجوك لا تثبط سعادتنا بكلمات غير متزنة .
نظر لها بعمق يفكر ويبتلع لعابه ، نعم كان أكثرهم سعادة ولم يكن هناك ما يضاهيه فرحةً ولكن كيف يكمل كأن شيئًا لم يحدث .
هز رأسه مرارًا وتكرارًا ثم قرر النهوض فلم يحتمل نظرة الحزن في عينيها ولم يستطع مواساتها لذا نهض يتحرك نحو الحمام وتركها تعاني ويلات أفكاره .
❈-❈-❈
صباحًا .
اغتسلت وأدت روتينها وتحركت للخارج لتراه فهو منذ ما حدث ليلًا وقد تهرب بحجة الأعمال التي سينهيها في المكتب .
خطت نحو غرفة الصغير لتراه فتفاجئت به يحمله ويخطو مربتًا على ظهره بعدما أطعمه .
اتجهت له فرآها ولكنه لم يستطع التحديق بها بل صفوه معكر تمامًا لذا تنهد حينما اقتربت منه ثم ارتفعت قليلًا تقبل الصغير وتبتسم له ثم التفتت تطالعه وتحدثت بترقب :
– كيف حالك الآن ؟
– بخير .
نطقها وهو يتجنب النظر إليها بينما الصغير أشار بيده نحو سارة لتلتقطه فناولها سيف إياه فباتت تناغشه وتضحك معه ليسترق النظر إليها ، يطالعها بنظراتٍ محبٍ حزين ليتفاجأ بها تبادله النظرات لذا أبعد عينيه عنها وتحدث وهو ينظر لصغيره مجددًا :
– لدي اجتماعًا هامًا في الشركة ، يجب أن أذهب الآن .
قالها وتحرك بعدها وتركها تلتفت وتطالع أثره بتنهيدة مختنقة وصدرٍ ضيق من تجاهله لها ، هل هذا هو الحب الذي كانت تنتظر رؤيته في عينيه صباحًا ، هل هذا هو الدلال الذي سيغرقها فيه بعد ليلتهما الأولى معًا ، هل هذه صباحيتها ؟
تجهمت ملامحها بعدها اجتاحتها مشاعر سيئة لذا باتت تتنفس بقوة كي تهدأ وقررت ألا تخبر أحدًا عن شيءٍ حتى تتحدث معه أولًا .
ناغشها الصغير وكأنه أدرك حزنها وأراد التخفيف عنها لتنظر له فيبتسم ليجعلها تبتسم له عنوةً وتحاول أن تلهي عقلها معه قليلًا .
❈-❈-❈
أتى المساء ولم يهاتفها طوال اليوم وحتى أنه لم يأتِ للغداء كعادته .
علمت سعاد بشيء ما حينما رأت ملامح ابنتها لذا سألتها عما بها فأخبرتها سارة بهدوءٍ أنها ستتحدث مع سيف أولًا ثم ستخبرها وبرغم رضوخ سعاد لذلك إلا أنها وجدت تصرفات سيف في هذا اليوم غريبة وغير مقبولة .
كانت تجلس على المقعد في الجناح بعدما أخذت حمامًا ترتدي مئزرًا وتدلك كعبها بمرطب القدمين ولكن عقلها سابحًا للبعيد .
أجفلت حينما وجدته يدلف الغرفة ليتوقف ثوانٍ حينما رآها ولمحته يتنفس بقوة زادت من تضخم عضلاته كأنه يستدعي الثبات لذا تحدث وهو يجبر نفسه على الالتفات :
– مساء الخير يا سارة .
وضعت المرطب على مرآة الزينة ونهضت تطالعه بضيق ولكنها تحدثت بهدوء :
– مساء الخير .
تحمحم ثم تحرك نحو غرفة الملابس تحت أنظارها المتعجبة ليغيب عن أنظارها لذا لم تحتمل كم هذا التجاهل وقررت التحدث معه .
توجهت خلفه لتتفاجأ به ينتشل حقيبة سفرٍ صغيرة ويضعها على الطاولة الموجودة في المنتصف ويفتحها لتجحظ وتقترب حتى باتت أمامه متساءلة بشكٍ وهي تميل برأسها قليلًا :
– ما هذا ؟
تعالت وتيرة أنفاسها وهي تنتظر رده وتحدق به وتعالت وتيرة أنفاسه وهو يستجمع طاقته ويحدق بها ليردف بأسفٍ ظاهر في عينيه :
– هناك سفرٌ مفاجئ خاصًا بالعمل ، يجب أن أسافر بعد ساعة .
جحظت تطالعه بصدمة لثوانٍ قبل أن تتحدث وقلبها ينبض غضبًا :
– أنت تمزح أليس كذلك ؟
لم يحتمل نظرة الخذلان في عينيها لذا أبعد نظره يلتفت لتتابع بحدة وهي تلف وجهه إليها بيدها :
– أنظر إلي يا سيف وتحدث ، ماذا تفعل بنا ؟
تحدث بمراوغة تنطق عيناه عكسها :
– لا شيء يا سارة فقط صفقة عمل سأقضيها وأعود على الفور .
جن جنونها وهي تراه يهرب كما كان يفعل في السابق لذا امتدت يدها تنزع الحقيبة وتلقيها أرضًا بعنف قائلة بحدة :
– لن تسافر ، لن تهرب مجددًا كما كنت تفعل مسبقًا ، لن تهرب يا سيف وستواجهني وإلا سينتهي كل شيء بيننا قبل أن يبدأ .
وقف أمام سطوة غضبها عاجزًا وهي تعريه أمام حقيقته ، هو بالفعل اعتاد الهرب من مخاوفه ، كلما شعر بالخوف يهرب بحجة السفر ولكن ليس بعد عشقها وما زاده صدمةً هي جملتها الأخيرة التي أنطقته ليردف بألمٍ وخوف :
– سارة أفهميني أرجوكِ ، أنا أحاول حقًا ، أنا معكِ أحاول ولكن دعيني أختلي بنفسي قليلًا ، أعدك سأعود أفضل .
نظرت له بتصميم وتحدثت بقوة وهي على وشك البكاء :
– أنا لستُ بخير ، أنت تحول أسعد لحظاتي إلى أسوأها ، تركتني مع أفكاري وأهملتني طوال اليوم ، والآن تخبرني أنك تريد أن تختلي بنفسك ؟، لا تجعلني أندم يا سيف أنا إلى الآن أحاول تفهم ما تمر به .
أطرق رأسه ولم يحتمل نظرتها وكلماتها ولم يجد حديثًا يقوله فهي محقة ، محقة في كل حرفٍ تنطقه .
أما هي حينما وجدته صامتًا مطرقًا رأسه تحدثت بنبرة جادة تحمل بين طياتها الكثير من الحزن والأسف :
– حسنًا القرار لك ، إما أن تصلح ما أفسدته طوال اليوم أو تفسد ما عشناه أمس .
مدت يدها تنتزع ملابس خاصة بها ثم تحركت بخطوات متعثرة نحو الخارج ودلفت الحمام تصفع بابه وتتركه يقف كما هو يفكر ويفكر .
خرجت بعد دقائق مرتدية منامتها ثم أرادت أن تعطيه فرصة وألا تشارك أحدًا ما يحدث بينهما لذا بدلًا من خروجها من الجناح الذي كانت تقرره منذ دقائق اتجهت إلى السرير الخاص بهما وتمددت عليه تدثر نفسها بالغطاء وتدعي النوم .
تخفي وجهها الباكي وتترقب السمع جيدًا حيث هناك أصوات عبث صادرة منه ليتهاوى قلبها خوفًا من احتمالية تجهيزه للحقيبة حقًا وسفره ، ستكون بالفعل صدمة حياتها .
عم الصمت في الغرفة ثم استمعت إلى صوت الباب يغلق فشعرت بصدرها يضيق ذرعًا ولكن لحظة هذا الصوت ليس من باب الغرفة ولكنه من باب الحمام لذا ظلت على وضعها أسفل الغطاء تنتظر قبل أن تقرر .
دقيقة ، اثنتان ، ثلاثة .
فتح الباب مجددًا وما هي إلا ثوانٍ حتى شعرت بثقله وهو يتمدد بجوارها ثم يزيح الغطاء لينسدل فيها ويعانقها ليصبح ظهرها مقابل صدره ثم دفن رأسه في عنقها يغمض عينيه ويردف بهمسٍ وقلبٍ ملتاع باحثًا عن الطمأنينة :
– أنا آسف يا سارة ، صدقيني ما عشته معكِ أمس لا يمكنني وصفه ، أنتِ الجنة التي كنت أسعى لأصل إليها ، لم أرد إحزانكِ أبدًا لذا كنت سأبتعد لأفكر ولكن يبدو أن خوفي أنساني أنكِ سارة ، أنا آسف حقًا .
التفتت له تقابله فوجدته يفتح عينيه ويبادلها النظرات لذا تحدثت بهدوء مغلف بالجدية والثبات برغم تأثرها بحالته وحيرته :
– اسمعني يا سيف ، مهما كان ما رأيته أمس في منامك فتأكد أنه مخاوفك تتجسد بسبب تفكيرك بها ، عقلك الباطن يوهمك بأشياءٍ ليس لها أساس من الصحة ، أنت فقط تحتاج أن تعزز إيمانك بالله أكثر ، ثق في الله أكثر وأكثر يا حبيبي ، أعلم بأنك رجلٌ نبيل وما يراودك هي مخاوف سنتغلب عليها يا سيف ، سنتغلب سويًا ونحن نتشابك معًا لذا إياك والهروب مجددًا ، ليس معي سيف أنا لا أحب الهروب من المخاوف .
تعمق فيها جيدًا وأدرك أن هذه هي المرأة التي كان بحاجتها في حياته ، هي القوة الناعمة التي ستصلح كل شيء .
مد يده يسحب رأسها ويقبلها ثم أدخلها فيه يعانقها ويتنهد بصمتٍ لتعلم أنه الآن يحاول تجاوز أفكاره المزعجة ، يتصارع معها في حلبة عقله والبقاء سيكون للواثق في أمر الله .
لم تحاول أن تضغط عليه بل دست نفسها في عناقه وحاوطته بذراعيها لتنام وتعطي له وقتًا يريده .
❈-❈-❈
مرت الأيام وهو يمنع نفسه بطاقة قصوى من الاقتراب منها .
سردت على والدتها ما حدث لتحاول سعاد بعقلها وحكمتها تفهم وضعه وتنصح ابنتها بالصبر عليه خاصة وأنه رضخ طواعيةً لحبها وبات لابنتها سطوة على قلب ذلك الرجل .
نصحتها أيضًا أن تستغل أنوثتها لتوقعه في شباك الأمل ولتثبت له أن لعنته ليس لها أساسًا من الصحة .
في بادئ الأمر كانت سارة تخجل من استعمال هذا السلاح ولكن بعدما اعتادت عليه وباتت تنام في حضنه كل ليلة قررت خوض هذه التجربة بتوترٍ وقلق .
انتقت ثوبًا جريئًا لونًا وتفصيلًا ولكنها عزمت أمرها ألا تتراجع .
ارتدته وتهيأت تضع زينتها وعطرها ثم ارتدت فوقه مئزرًا طويلًا بأكمام حتى تفاجأه .
وقفت تطالع هيئتها في المرآة برضا وترقب وتوتر ولكنها تتمنى أن يأخذها لتجربةٍ تنسيهما ما عاشاه في الأيام المنقضية .
عاد من عمله يتجه نحو غرفة سعاد ليرى صغيره وما إن رآه واطمأن عليه حتى ودع سعاد وصعد إلى جناحه .
كانت تجلس على مقعدٍ جانبي مريح تقرأ كتابًا وتنتظره .
فتح الباب ودلف ليجدها تجلس تتمسك بالكتاب لذا ابتسم لها بحبٍ فبادلته الابتسامة ولم تتحرك من مكانها بل ظلت كما هي فاتجه لها ثم انحنى يقبل جبينها واعتدل يتساءل بهدوءٍ :
– ماذا تقرئين ؟
لفت له الكتاب ليقرأ عنوانه وتعمقت في عينيه قائلة بمغزى :
– قواعد الحب الأربعين .
ابتسم وغمزها بطرف عينيه قائلًا بمساكشة :
– ولكن هذا العدد معكِ يتضاعف .
ابتسمت برضا وعادت تنظر نحو الكتاب لتتابع قراءته واتجه هو يبدل ثيابه ويغسل ويعود إليها .
عاد بعد دقائق يرتدي تي شيرت رياضي أظهر عضلات ذراعيه وكتفيه وسروالٍ طويل ليجدها منشغلة في القراءة فتحدث بترقب وهو يقف بالقرب منها :
– في أي قاعدة أنتِ الآن ؟
رفعت نظراتها إليه ثم تركت الكتاب جانبًا ونهضت تتجه إليه لتقف قبالته ثم حاوطت رقبته بذراعيها وتعمقت في عينيه التي وجدت بهما رغبة يجاهد ليلجمها ولكن تلك المليحة لم ترحم جسده بل تمسكت باللجام لتدير السباق وهي تقول بنبرة هامسة بالقرب من شفتيه :
– في القاعدة الثلاثين ، التي تقول أن القبلة مهمة في علاقة الزوج بزوجته لأنها تحقق لهما المتعة الحلال وتوصلهما إلى العفاف وهو مقصد شرعي .
اندلعت النيران في جسده وانحبست أنفاسه فبات وكأنه يتنفس من ثقب إبرة ولكنها لم ترحمه بل تابعت وهي تتعمق في عينيه وتوترها يزداد ولكن حماسها ورغبتها كانا في زيادة أكبر :
– وأيضًا هناك القاعدة التي تسبقها والتي تنص بأن العناق يعزِّز الثقة بين الزوجين وهو نوعًا جميلًا من المداعبة كما أن المختصين في العلاقات الزوجية ينصحون الزوجين به لحل المشاكل بينهما .
لم يعد يحتمل أكثر ، هو بالأساس يتقلب على جمرٍ ملتهبٍ منذ أيام لذا فلتذهب اللعنة للجحيم ولينعم بحلاله .
رفع كفيه يحاوط رأسها ثم انحنى مقبلًا إياها تلك القبلة التي تحتاجها بل كان سخيًا وأعطاها عددًا لا يحصى من القبل الرومانسية التي بالفعل حققت لهما المتعة كما قالت لذا بات يتنقل من مكانٍ إلى آخر كأنه رحالٌ يبحث عن المزيد من المتع .
امتدت يداه تحل وثاق مئزرها وينزعه ليتفاجأ بمَ ترتديه وسط حزمة مشاعره لذا التهبت أنفاسه أكثر وحاوط خصرها بذراعيه يضمها ليعطيها القاعدة التاسعة والعشرون ويعانقها عناقًا شغوفًا متلهفًا لتتعزز الثقة بينهما وتبدأ المداعبة كما وضح النص وبعدها لم يعد أيًا منهما يعلم أين هو .
تجربة ثانية يعيشانها بشغفٍ وعشقٍ ولتكن هذه الثانية والتي من بعدها سوف تتبخر المخاوف وتحل اللعنة عن رأسه وحياته .
❈-❈-❈

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في رحالها قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى