روايات

رواية في رحالها قلبي الفصل الثاني عشر 12 بقلم آية العربي

رواية في رحالها قلبي الفصل الثاني عشر 12 بقلم آية العربي

رواية في رحالها قلبي البارت الثاني عشر

رواية في رحالها قلبي الجزء الثاني عشر

في رحالها قلبي
في رحالها قلبي

رواية في رحالها قلبي الحلقة الثانية عشر

بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أنّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبِكَ وكُن مِنَ السَاجِدِينْ واِعْبُد رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اليَقِينْ .
اللهم إنا نستودعك أهل غزة وكل فلسطين ، اللهم
كن لهم عونا اللهم إنا لا نملك لغزة وفلسطين إلا الدعاء
الفصل الثاني عشر من رواية في رحالها قلبي
بقلم آية العربي
❈-❈-❈
استسلم أيها القلب ، حينما يتعلق الاستسلام بشخصٍ نبيل .
عندما لمحت التصميم في عينيه لم تعد تحتمل وتجلى الخجل في عينيها فأصبح يمثل دموع تلألأت وهي تقول بنبرة متحشرجة راجية :
– سيف أرجوك أخرج ، أعدك سأسمعك ولكن انتظرني في الخارج .
نظر لها ولانكماشها أسفل المياه والرغاوي حتى كادت أنفاسها أن تتلاشى لذا زفر وحن قلبه فرفع سبابته يحذرها بعينين ثاقبتين قائلًا :
– وإن لم تسمعيني ؟
– أعدك سأسمعك
زفر مستسلمًا لذا نهض يطالعها قائلًا بترقب :
– حسنًا أنا في الخارج انتظركِ ، أمامكِ دقيقتين بالتحديد وأراكِ أمامي وإلا عدت إليكِ هنا .
تحرك يغادر الحمام وتركها ترفع رأسها وتسحب نفسًا قويًا كانت قد حبسته وكم شعرت بأنها باتت ضعيفة أمام سطوة عشقه التي تحاوطها من كل جهة وتجبرها على الاستسلام .
جلس هو على فراشها ينتظر خروجها بترقب ويرتب في عقله الحديث الذي رتبه عدة مرات من قبل .
مرت ثلاث دقائق حتى وجدها أمامه ترتدي منامة قطنية بيضاء بنقوشٍ وردية تخطو نحوه دون النظر لعينيه خجلًا منه .
كانت تلف خصلاتها بمنشفة وتفرك كفيها بتوترٍ وهي تقف أمامه ثم رفعت نظراتها إليه قائلة بهدوء على غير عادة :
– ماذا تريد يا سيف ؟
حدق بها ، لأول مرة تنطق اسمه بهذه الرقة ليجد أن اسمه بات رائعًا لذا تحمحم ثم ربت جواره قائلًا بأمرٍ لين :
– اجلسي يا سارة .
توترت ولكنها جلست مبتعدة عنه قليلًا تنتظر حديثه بينما هو التفت لها ليبدأ في ترتيب كلماته ثم قال :
– أريد أن أخبركِ عني ، عن حياتي ، عن مخاوفي ، عن أفعالي التي ربما فسرتيها بشكلٍ خاطئ طوال تلك الفترة .
تنهد بعمقٍ ليتابع بنبرة مؤثرة وعيناه مصوبة عليها كسهامٍ صائبة :
– وعن مشاعري تجاهكِ يا سارة .
عاد التوتر يلتهمها لذا تعالت وتيرة أنفاسها ولاحظ سرعة نبضاتها لذا تحدث ليهدئ من حالتها :
– أنا لدي لعنة يا سارة ، عائلتي لديها لعنة تصيب أجيالها ، وهذه أكبر مخاوفي .
بالفعل هدأت نبضاتها ورفعت أنظارها تطالعه بتعجب ولم تفهم عليه مرددة بجبينٍ قاطب :
– لعنة ! ، ماذا تقصد؟ .
عاد يلتقط أنفاسه ثم أبعد نظره عنها وبدأ يشرح مخاوفه وعقدة حياته قائلًا بشرود :
– جدي والد والدي تربى يتيمًا على يد مربيته بعدما ورث عن والده ثروة طائلة استطاع أن يديرها في سن المراهقة ، كبر وتزوج بإنسانة أحبها وأحبته وأنجب والدي ولكن جدتي توفت في عز شبابها وتركت والدي وجدي الذي حزن عليها حتى لحق بها ، ليكرر الزمن نفسه ويكبر والدي يتيمًا ويرث ثروة والده عنه وهكذا حتى تزوج والدي بأمي ، لم تكن علاقة حبٍ في بادئ الأمر ولكنه بعد ذلك أحبها وأنجباني ، كنت أعيش بينهما بسعادة خاصة وأنهما يغرقاني بالحب والعاطفة إلى أن توفت أمي فجأةً وتركتني صغيرًا مع أبي الذي عم الحزن حياته ولكن كأنه بدأ يدرك اللعنة التي أصابت عائلتنا لذا بدأ يعلمني أصول العمل بعدما أنشأ شركته بورثه وأنا مازلت في الثالثة عشر ، أخبرني عن اللعنة التي أصابت عائلتنا وعن مخاوفه وعن المصير الذي يلحق بنا ، كنت أدرس وأتعلم وأذهب للشركة معه حتى مات وتركني في الواحد والعشرون من عمري .
تستمع إليه بصدمة وعدم استيعاب ليعود إليها محدقًا بها يكمل بنبرة متألمة تائهة بين أمواج الخوف :
– كبرت يتيمًا يا سارة واستطعت النجاح في العمل وحققت سمعةً طيبة ولكنى كنت ما زلت أشك في أمر تلك اللعنة برغم أنني أيضًا لم أقتنع أن ما حدث على مر السنوات مجرد صدفة ومع ذلك أكملت حياتي وتعرفت على فريدة .
صبّت كامل اهتمامها عند هذا الجزء وأومأت له تحثه على استكمال الحديث فتنهد بقوة وابتلع لعابه المتحجر ثم تابع موضحًا دون تجمل :
– كنت ألاحظ أنها تحاول معي ، تسعى للإيقاع بي بشكلٍ غير مبتذل لذا قررت ألا أجعلها تنتظر أكثر وصارحتها برغبتي في الزواج منها وصارحتها أيضًا أن زواجنا سيكون واضحًا أنا أريدها كواجهة مجتمعية نظرًا لرتابتها وجمالها وهدوءها وكذلك لأنني شعرت أنها ستقبل بشرطي ، وهي تريدني لعيش حياة الرفاهية واتفقنا على ذلك وكان شرطي ألا تحمل أبدًا ، قررت التخلي عن حقي في أن أصبح أبًا خوفًا من اللعنة وحينما قبلت بشرطي تزوجتها فورًا .
انقشع الغمام من على عقلها وبدأت تدرك حقيقة الأمر ، لهذا لم يرد أن تحتفظ بالحمل .
كانت ساكنة تطالعه ومعالم الصدمة والاندهاش بادية على ملامحها لتردف بشرودٍ :
– لأجل هذا ! ، لأجل هذا كنت تريدها أن تجهض الجنين .
أومأ يردف بنبرة معذبة :
– لم أرد لصغيري أن يعاني مما عانيت أنا منه ، سعيت أن تنتهي لعنة عائلة الدويري عندي ولكن كان للقدر رأيٌ آخر .
مأخوذة بدوامة اعترافه ولم تستطع إقناعه أنه مخطئ بل تعاني من الشتت والحيرة في أمره ليتابع هو حينما لاحظ صمتها مستكملًا آلامه :
– حينما جئتِ إلى مكتبي وتحدثتي معي عن نعمة الابن خشيت أن أعاند الله فيه فيعاقبني بشيءٍ أشد ألمًا لذا استسلمت للقدر وقررت أن أترك الأمور تسير كيفما يشاء ولكن .
صمت يطرق رأسه ويهزها يمينًا ويسارًا مسترسلًا بألمٍ يلتف حول عنقه فيخنقه :
– حينما توفت فريدة تجسدت أمامي أسوء مخاوفي ، تحققت اللعنة ولم أتحمل ما يدور من حولي لذا ابتعدت .
عاد يطالعها فوجدها تبكي فتابع كأنه يؤنبها على ما فعلته به :
– قلتِ أنني لم أحزن على موت فريدة وكأنها لن تكن زوجتي يومًا ولكن الحقيقة أنني حزنت حزنًا مضاعفًا ، حزنًا على موت فريدة وحزنًا على يتم صغيري وعلى عجزي في إيقاف ما يحدث من حولي ، فريدة كانت زوجتي وكنت أعاملها بكل ودٍ وكنت أعلم أنها تحب وتتباهى بجمالها لذا كنت أود أن أعوضها على عدم انجذاب قلبي لها بالهدايا والعزومات وكل ما كانت تريده ، فريدة كانت سيدة مجتمع راقية وزوجة جيدة لذا كان من حقها علي أن أحزن عليها ولكنني ابتعدت .
أكد على حديثه وهو يعتدل في جلسته متابعًا :
– ابتعدت يا سارة ولكنني وجدت أن صغيري بحاجتي ، بحاجة قربي معه ، مثلما فعل أبي معي واجبي أن أفعل معه كذلك ، وجدت أن بعدي ما هو إلا أنانية مني في حقه لذا بعد أشهرٍ من التفكير والصراع عدت إليه … وإليكِ .
نطق الأخيرة بهمس فقطبت جبينها من بين دموعها وتساءلت بتحشرج ومعالم الحزن بادية على ملامحها :
– كيف لي .
أومأ مؤكدًا يضيف باستفاضة وعذاب :
– نعم إليكِ ، فكرت طوال تلك الفترة أنكِ الوحيدة القادرة على انتشال صغيري من هذه اللعنة ، حتى لو متُّ أنا سيبقى معه أمًا مثلكِ ستعتني به وترعاه ، أمًا قوية شامخة تواجه الصعاب وفي ذات الوقت هو ليس من رحمكِ لذا فأنتِ خارج تلك اللعنة .
هزت رأسها حينما تذكرت وكفكفت بكفها الأيسر دموعها تقول :
– ليس صحيحًا ، أنت أخذته مني .
ابتسم من وسط آلامه وتابع بنظرة تكشف عن نواياه :
– ألم يحن الوقت لاكتشافكِ حقيقة الأمور بعد ؟
ضيقت عيناها بعدم فهم ثم بدأت تفهم مقصده لذا بدأت عيناها تتوسع حتى شقهت تقول بصدمة :
– لااا ، لا يمكن ، أنت تعمدت هذا ؟
أومأ مرارًا ليبدأ حزنه في التلاشي ويحل محله مشاعر مختلطة من الحب والحيرة والقلق والخوف لذا تحدث موضحًا بتأنٍ :
– لنقل أنها كانت خطة نسجها عقلي الباطن ولكني كنت أقنع نفسي بغير ذلك ، كنت أريد كسر القواعد معكِ ، أنتِ مختلفة عن عالمي ، تمتلكين أخلاقًا وثوابت دينية يمكنها مساعدتي من الغرق في محيط أفكاري الخبيثة ، أنتِ مميزة يا سارة وأنا دومًا أردت شخصًا مثلكِ في حياتي التائهة في بحور الخوف .
انتقلت بمشاعرها من قسم الحزن والصدمة إلى قسم التأثر والحب لتطالعه بعيونٍ حائرة فيتابع ويده امتدت لتتمسك بكفيها المصاب والسليم معًا وعيناه تعترف قبل لسانه بفائضٍ من الحب :
– أنا أحبكِ يا سارة ، أحبكِ ولم أحب قبلكِ أبدًا ، أنا معكِ مختلفٌ تمامًا ، لا أعلم عواقب هذا الحب ولكن معكِ لا أريد أن أخاف ، لا أريد أن أفكر ، نعم ربما اللعنة قائمة وربما أموت وأترك صغيري ولكن لا يهمني ما يحدث بعد ذلك يكفيني أن أحبكِ وسيكفيني أن تقوليها يا سارة ، سيرضيني أن تبادليني نفس المشاعر حتى لو زُهقت روحي بعدها ، ربما هذه قمة الأنانية ولكني أخبرتكِ بحقيقتي وهذا ما أنا عليه وأعلم أن ابني سينجو معكِ .
صمت تام منها إلا من نبضاتها الخافتة ، وجدت نفسها أمام رجلٍ يشبه الأطفال ، رجلًا يبحث عن الأمان وسيدفع الخوف في المقابل ، رجلًا يبحث عن الحب وسيدفع القلق عوضًا ، رجلًا يخبرها أنه يعشقها ويتمنى عشقها حتى لو مات بعدها .
كل المشاعر التي تخفيها تجاهه تبدلت بعدما علمت حقيقة أمره ومخاوفه ، تبدلت بأخرى حائرة مشتتة كسفينة صيدٍ تبحث عن منارتها وسط العاصفة .
تساءل بقلقٍ حينما طال صمتها :
– سارة هل يمكن أن تخبريني ما يجول في عقلكِ ولا تصمتين هكذا؟ .
هزت رأسها وسحبت يدها من بين يديه بتوتر وتحدثت بحيرة أصابتها وهي تخفض بصرها عنه :
– لا أعلم يا سيف ، ما يجول في عقلي أمورًا كثيرة لا أعلم كيف أعبر عنها ، أنت فاجئتني كثيرًا بم‌ قلته الآن .
مد يده مجددًا أسفل فكها ليرفع وجهها إليه ويجبرها على النظر له قائلًا بتأكيد وثبات :
– حسنًا من بين كل تلك الحيرة هناك حقيقة مؤكدة وهي أنني أحبكِ .
وجدها صامتة تطالعه بحيرة فسحب كفها الأيسر يضعه على قلبه ويردف بعيون ثاقبة وبنبرة تحمل لهفة باتت واضحة بعدما اعترف بحبه :
– سارة انظري ، هنا قلبًا ينبض حينما يراكِ ، ويتألم حينما تتألمين ، ويقفز فرحًا حينما تضحكين ، وكاد أن يتوقف حينما وقعتِ ذاك اليوم وكأنكِ أخذتيه في رِحالكِ وانتهى الأمر .
أطرقت رأسها بتوترٍ وحاولت سحب يدها وظلت هكذا لا تعلم بماذا تجيبه ولكنها تشعر بقلبها يعنفها على صمتها هذا و توبخه خجلًا وحيرةً .
حينما وجدها صامتة زفر بقوة وشعر باليأس لذا نهض يقف قائلًا بنبرة هادئة تحمل حزنًا :
– حسنًا يا سارة سأترككِ تفكرين فيما قلته ، يبدو أنكِ مشتتة الآن .
هي بالفعل كذلك لذا لم تمانع أو توقفه حينما تحرك يغادر الغرفة شاعرًا بالراحة من الإفصاح عن مكنونه وكذلك شاعرًا بالخوف من احتمالية عدم تقبلها لحبه وماضيه .
❈-❈-❈
بعد يومين
تقلبت فيهما في دوامة الأفكار ، حتى أنها شاركت سعاد الأمر كله .
سعاد التي دومًا تود قربهما وتتمنى أن تعترف ابنتها بحب سيف لذا كان يجب أن تساعدها في الوصول لبرٍ آمن .
برغم تفهمها لأفكاره ولكن عليه أن يتوقف عن التفكير بهذه الطريقة ، هذا ليس صحيحًا والقدر واقع وهو مسلم ولابد أن يسلم أمره لله دون خوف لذا فهي كانت خير داعمٍ لها في مسألة اللعنة هذه .
اعتادت سارة أن تفكر جيدًا في أي قرارٍ تتخذه ولكنها وقفت عاجزة عن أخذ قرارٍ في هذا الأمر خوفًا من خيانتها للعهد .
كانت ترفض فكرة وقوعها في حب سيف زوج شقيقتها التي حتى لو كذبت عليها في الكثير من الحقائق تظل أختها التي تعلم جيدًا أنها كانت تحب سيف .
والآن اعترف سيف بحبه لها واعترف بكل تأكيد أنها الأولى في قلبه ولكنها لا تستطيع تجاوز نقطة الخوف داخلها برغم أنها باتت مقتنعة أن مشاعرها نحوَهُ فريدةً من نوعها .
لم تشعر بهذا الشيء مسبقًا ، خطبتها من علي كانت روتينية بحتة وكانت تحاول إقناع نفسها بالراحة نحوه ولكن مع سيف الوضع مختلفٌ تمامًا .
هي تهرب منه وهذا يخيفها أكثر ولكن ليس بعد الآن ، لتعترف أنها تحبه وتترك لمشاعرها العنان وكفى .
وأما بالنسبة لموضوع اللعنة هذا فهي لديها ثقة متناهية في قضاء الله وقدره في ترتيب الأمور حسب مصالح عباده لذا فتلك النقطة محسومة لديها وعليه أيضًا أن يؤمن مثلها ومثل والدتها أن ما يحدث هو مكتوب سواءً تقبلناه أو حاولنا الفرار منه فهو واقعٌ لا محالة ومن المؤكد أن خلفه حكمة وخير لا يعلمها سوى الله .
وأخيرًا حسمت أمرها بعد أربعة أيام لتخبره بقرارها ، لن تعترف بحبه فهي ما زالت تخجل منه كثيرًا ولكنها ستخبره بتقبلها لوجوده في حياتها وبإعطاء زواجهما فرصةً ليحيا .
تجلس على فراشها تتصفح هاتفها ويجاورها الصغير ينام بعمق بعدما أخذ منها قسطًا مناسبًا من الدلال .
رأت مقطع فيديو للفرسة رشيدة وهي تتريض ويجاورها علي ممسكًا بلجامها وكتب في العنوان بأنها معروضة للبيع .
حدقت بها وتذكرت لحظاتها معها ليتملكها الحنين لها والحزن على فقدانها لذا وجدت يدها تضع تفاعل الحب مع المقطع الذي لم تلاحظ حتى وجود علي به .
تنهدت وظلت تعيده ثم فجأة وعت من سطوة حنينها لها على ما فعلته لتقوم سريعًا بحذف التفاعل وتنهر نفسها على تصرفها المتهور هذا .
أسرعت تغلق الهاتف وتلقيه جانبها وهي تزم شفتيها بعتابٍ مما فعلته لذا تنهدت بقوة ثم عادت تنظر للصغير الذي فقط برؤيته تختفي خطوط الضيق من وجهها ويحل محلها الانشراح .
رن الهاتف لتمد يدها تتناوله فتفاجأت باتصالٍ من رقمٍ غير مسجلٍ .
شعرت بعدم الراحة لذا تجاهلت الاتصال الذي انتهى وعاد يكرر الرنين لتعاود إغلاقه مقررة تجاهل هذا الاتصال .
دثرت قليلًا لتجاور الصغير ثم أغمضت عينيها لتغفو معه قليلًا وسريعًا سحبها النوم .
❈-❈-❈
كان سيف يخطط لمفاجأة لها حيث فوّض شخصًا موثوقًا منه ليشتري الفرسة رشيدة التي عرضها علي للبيع فهو يدرك جيدًا أن ذلك العلي لن يبيعها له أبدًا .
رن هاتفه برقم ذلك الشخص فأجابه سيف وهو يقود بسيارته متجهًا نحو الفيلا ليقول الرجل بهدوء :
– تم الأمر سيد سيف ، الآن أصبحت الفرسة ملكي وسأنقلها لك وقتما تريد .
ابتسم سيف برضا وتحدث وهو ينعطف بسيارته :
– شكرًا لك فؤاد ، انتظر مني اتصالًا في المساء .
أغلق معه وأسرع يقود بحماس ليراها ويخبرها بأنه يخطط لمفاجأة ويريدها أن تذهب معه .
حسنًا ربما ما زالت تتخبط في أفكارها بعد لذا عليه بذل المزيد من الجهد كي يجعلها تعترف بحبه .
هو بحياته لم يحب لذا لن يقف هكذا مكتوف الأيدي ، سيفعل كل ما بوسعه لتعترف بحبه تلك العنيدة حتى في مشاعرها .
وصل إلى الفيلا وصف سيارته وترجل نحو الداخل .
دلف يلقي السلام على نورا التي استقبلته ثم صعد للأعلى واتجه لغرفتها .
طرق الباب بخفة ولف مقبضه بعدما اعتاد على اقتحام غرفتها عنوةً وكأنه يتمنى رؤيتها بأي هيئة تكون عليها .
وها هو يجدها تنام بجوار صغيره في لوحةٍ رائعة تمناها دومًا وتمنى بأن تكتمل ويصبح بجوارهما .
تحرك بخطواتٍ هادئة نحوهما وابتسامته تتسع ثم جلس على الطرف الآخر للفراش ومد يده يتحسس كف صغيره الناعم بحبٍ وانحنى يقبله ثم عاد يعتدل ويحدق بها .
نائمة بسلام كأنها لم تتسبب في فوضى داخل قلبه وكيانه
مسترخية وغافية وملامحها مسالمة جميلة كأنها لم تشتت أفكاره كل ليلة وتحرفها إلى أشياءٍ كانت لا تعنيه مسبقًا .
تنهيدة قوية خرجت من جوفه وهو ما زال يطالعها بينما هي رن هاتفها مجددًا لتمد يدها بنعاسٍ بعدما أيقظها لتنتشله قبل أن يوقظ الصغير وتجيب بتخبطٍ قائلة بتحشرج ولم تشعر بوجود سيف بعد :
– السلام عليكم ، من معي ؟
– أنا علي يا سارة .
لم تشعر سوى بيدٍ قوية تنتزع منها الهاتف لتنتفض تطالع هذا الذي نهض يتجه نحو الشرفة ويبصق كلماتٍ جعلتها تجحظ وتنهض بعدم استيعاب حينما قال :
– ماذا تريد من زوجتي أيها ال*** ، لمَ تهاتفها يا *** .
وها هي الفرصة تأتي لـ علي على طبقٍ من ذهب حيث أجابه ببرودٍ مستفزٍ شاعرًا بالانتصار :
– أنا لا أريد من زوجتك شيئًا ولكن يبدو أن زوجتك ما زالت تفكر بي ، منذ قليل تفاعلت مع صورتي ثم قامت بحذف التفاعل ، يبدو أنك تخيفها يا سيف .
تملكه غضبًا عاصفًا جعله يسبه بألفاظٍ بذيئة ويردف محذرًا بتوعد :
– إن حاولت الاتصال بها مرة أخرى سأدفنك حيًا ، ابتعد عن زوجتي .
أغلق الهاتف ورطمه بقوة في الشرفة ثم عاد للغرفة ليجدها تقف مذهولة تطالعه بجسدٍ مرتعش ولا تصدق أن هذا نفسه سيف صاحب البرود والكلمات الرتيبة .
أما هو فاندفع نحوها بعدما أعمته غيرته وتحدث وهو يقبض على ذراعها بقوة :
– عمّا يتحدث هذا ال **** ؟
اعتصرت عيناها بعدم تقبل لكلمته الأخيرة وتحدثت بخوفٍ وألمٍ من قبضته على ذراعها الأيسر :
– سيف أترك ذراعي أنت تؤلمني .
لم يتركها بل أصبح لا يرى أمامه وهو يهزها ويريدها أن تريحه من عذاب أفكاره قائلًا بنبرة قاسية :
– لن أترككِ ، هل حقًا تحبينه ؟
فتحت عيناها تطالعه بعمق لتريحه وهي تهز رأسها قائلة بصدقٍ برغم تألمها :
– لا ، بالطبع لا ، أترك يدي واسمعني يا سيف .
كأنها ألقت تعويذة على قلبه فهدأ وترك يدها وتكتف قاطبًا جبينه بتجهم ينتظر تفسيرها لتحرك ذراعها قليلًا ثم تنفست تحدق به وتحدثت بصدق :
– هو يكذب يا سيف كل مافي الأمر أنني شاهدت مقطع فيديو عن الفرسة التي أحبها والتي كنت أقتنيها دومًا وأخذني الحنين إليها وبدون قصدٍ مني ضغطت على التفاعل وحينما أدركت فعلتي حذفته على الفور .
حدق بها وسريعًا تأكد من صحة كلامها لذا رفع يده يمسح عن وجه مستغفرًا ليعود لتعقله برغم النار التي اشتعلت به من كلمات هذا الحقير .
تنهد يومئ لها ثم تحدث بهدوء بعدما ألقى نظرة على الصغير النائم :
– حسنًا ، ولكن بعد ذلك لا تجيبي على أي اتصالات .
تكتفت بعدما شرحت له الأمر وتملكتها القوة وتحدثت بشموخٍ يليق بها :
– لا أنتظر منك أمرًا كهذا ، أنا بالفعل لا أجيب على أحدٍ لا أعرفه ولكنني كنت غافية ولم استيقظ بعد حينما أجبت عليه ولو لم تنتشل مني الهاتف كلصوص الطريق كنت سأوقفه عند حده .
أعجب بها للمرة التي لم يعد يحصيها لذا تقدم منها فتوترت وتحمحمت ولكنه بات أمامها ثم حاوط كتفيها بيديه وتحدث وعيناه تجول فوق ملامحها :
– حسنًا ، ما رأيكِ في موعد عشاء في الخارج مع لص الطريق الماثل أمامكِ هذا ؟
توترت من قربه وتوردت وجنتاها خجلًا لذا تحمحمت تتساءل :
– بمناسبة ماذا ؟
– مفاجأة .
نطقها بهمسٍ حينما استقر بنظراته على شفتيها لذا أومأت دون النظر له تقول بهدوء وقلبها ينبض بعنف :
– حسنًا موافقة .
لم تكن تتوقع أن ينحني ويطبع قبلة على شفتيها ، لم تكن تنتظرها أبدًا لذا تصنمت أمامه وهذا أعطاه الحق في التعمق أكثر بعدما فقد سيطرة الابتعاد ليتذوق رحيقها بحبٍ فائضٍ يبثه داخلها فيجعلها أكثر حماسًا للقبول به .
ابتعد عن شفتيها يتركهما منفرجتين واتكأ بجبينه على خاصتها يردف بتأثرٍ وابتسامة رضا حينما لاحظ عينيها المغلقة واستسلامها له وعدم دفعه كالسابق :
– أحبكِ يا سارة ، وسأنتظركِ في السابعة مساءًا .
ابتعد عنها وتركها تشعر بالخواء من دونه ، باتت على شفا الذوبان في عشقه كما تفعل هي مع حبات الشوكولاتة التي تصنعها .

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في رحالها قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى