رواية فطنة القلب الفصل الرابع 4 بقلم سلمى خالد
رواية فطنة القلب الجزء الرابع
رواية فطنة القلب البارت الرابع
رواية فطنة القلب الحلقة الرابعة
(فِي اَلْحَيَاةِ كُلَّ إِنْسَانِ لَحْظَةٍ لَا تَعُودُ اَلْحَيَاةُ بَعْدَهَا كَمَا كَانَتْ .)
أحمد خالد توفيق
تعالى صوت ضحك محمد من شكل مازن المتوتر، ليردف بصوتٍ ضاحك:
_ طب ما أنا عارف أنك هتتقدم… بس ليه التوتر دا كله.
ابتسم مازن له، ثم قال بنبرة هادئة بعد ضحكة خاله:
_ مش عارف بس الموضوع ليه هيبته… صدق فعلًا ميثاق غليظ.
حرك محمد رأسه ثم قال بصوتٍ هادئ:
_طب أنا هسأل ياسمين ونتفق على معاد تي…
قاطعه مازن بحماسٍ:
_ لا ما هنعمل كتب الكتاب يوم حفلة الشهادة بتاعتها.
قطب محمد جبينه، في حين أسترسل مازن حديثه:
_ هفهمك.. أنا عايز نعمل ليها مفاجأة وكمان احنا مش لسه هنتعرف على بعض.
صمت محمد لبعض الوقت ثم قال بحكمة:
_ طب هروح أشوف رأيها بس من غير ما تعرف هحاول كده أعرف بحيث منكونش عملنا حاجة بدون رغبتها.
حرك مازن رأسه في ايجابية، ثم نهض يحمل بعض الأوراق يتمتم بسعادة:
_ خلاص هستنى عشان لو كده اجهز الدنيا واشتري البدلة.
حرك محمد رأسه وبقى شاردًا قليلًا في حياته يشعر باقتراب النهاية ولكن لا يعلم موعدها.. على الأقل يزوج ابنته الضعيفة، والأخرى هي تستطيع حماية ذاتها.
****
بشقة مرڤت…
:_ التنفيذ يوم الجمعة وهرن عليك الجمعة أأكد عليك الساعة.
قالتها مرڤت في همس، في حين اجابها الجهة الأخرى بالموافقة، ولكن أضاف شيئًا جعلها ستنشط غضبًا:
_ خلصنا عرفت أنك عايز الفلوس بس لزمًا اضمن حقي وأن ياسمين تختفي يوم كتب كتابها تمامًا.
أغلقت معه، وهي تبتسم بخبث، تتذكر مقابلتها للطبيب الخاص بمحمد…
**
سارت بخطواتٍ هادئ، ترتدي ملابس فاخرة للغاية، تنظر بغنج للجميع، حتى وقفت أمام مكتب الطبيب لتبدأ بتمثيل التوتر، ثم دلفت للداخل قائلة بصوتٍ أشبه بباكي:
_طمني يا دكتور اخويا حصله إيه أنا قلقانة عليه أوي؟!
انتفض الطبيب من مقعده ونظر لها وانخدع بدموعها المزيفة يجيبها ببعض الشفقة:
_ متقلقيش يا مدام هو بخير بس محتاج راحة تامة.
بدأت بأن تهدأ، ولكن اضافت وهي تسحب احدى مناديل:
_ طب هو لا قدر الله لو اتعرض لحاجة مصدمة أو مخيف.. مش عارفة بس أي حاجة … هيبقى كويس لأن شغله كل يوم بخبر وخايفة عليه.
حرك الطبيب رأسه في ايجابية، يتمتم بأسف:
_ حقيقي بعتذر للي هقوله، بس للأسف ممكن تسبب ليه شلل وممكن يوصل للوفاة… الاستاذ محمد لزمًا يخلي باله من نفسه وصحته اكتر من كده لأن حالته خطر.
ابتسمت بداخلها في مكرٍ أسود، ولكن نظرت للطبيب بحزنٍ تجيب:
_ أنا هخلي ابني يبقى في ضهره.. عشان يسنده أكيد مش هسيب أخويا حبيبي.
ابتسم الطبيب على حديثها ثم اطرق لحديثها بقول:
_ حقيقي ياريت الكل زيك يا مدام.
**
عادت من تذكرها وهي تحرك الهاتف في الهواء بسعادة شديدة، تتمتم بنبرة حاقدة سوداء، من يستمع لها يشعر بأنها لم تكن بيومٍ شقيقته:
_ سامحني يا محمد بس عشت بما فيه الكفاية ولزمًا تقابل وجه كريم.. صحيح هسيب لبناتك فضيحة الله أعلم هيدروها إزاي بس مش مهم المهم اضمن أخد الفلوس اللي معاك كلها.
**
صباحًا..
وقفت مرڤت بغرورٍ أمام منزل محمد، تسير بخطواتٍ متمهلة، تتطلع لصوت الصادر من الورشة، لتبتسم في سخطٍ قائلة:
_ أكيد الميكانيكة اللي مخلفها.
تقدمت نحو الورشة لتجد بالفعل قطوف تجلس على الأرض، تمسك بمفتاح لتضعه بسيارة تفك هذا الصامولة، ولكن توقفت عن الحركة ما أن ارتفع صوت مرفت قائلة:
_ هو محمد أزاي سيبك كده.. في بنت في الدنيا تنام على ضهرها وتمسك مفتاح ووشها مليان شحم بالشكل دا.
أغمضت قطوف عينيها تلقي المفتاح بغيظٍ، ثم نهضت من مكانها بنفضة غاضبة تراجعت على أثرها للخلف لتتمتم بصوتٍ متماسك:
_ طب وهو في حد عنده الغضروف بيلبس كعب طوله كده.
شهقت مرفت في غضب، ثم كادت أن تتمتم بكلماتٍ غاضبة ولكن اوقفتها قطوف قائلة:
_ بلاش أحسن يا عمتـــــــي.. هتلغطي في أبويا وأنا اتحول ونتجنن على بعض والموضوع يوسع فبلاش أحسن.. روحي شوفي جاية لمين أكيد مش جاية لسواد عيوني.
صمتت مرفت ولكن تحمل بداخلها غلٍ شديد، رغم أن قطوف صغيرة ولكن لا تستطيع الوقوف أمامها، أخذت حقيبتها ثم غادرت قبل أن تبعثر قطوف الباقي من كرمتها، لتردف قطوف بصوتٍ مختنق:
_ أنا نفسي أفهم جاية ليه… دا أنتِ لو عايزة تجبيلي ضيق تنفس مش هتعملي فيا كده.
ألقت ما بيدها وقررت أن تذهب لصديقتها فهي الوحيدة التي تستطيع الحديث معها بأمان.
دلفت مرفت المنزل تجلس جوار ياسمين التي استقبلتها بحبٍ، ثم اردفت بخبثٍ:
_ ايه يا ياسمين يا حبيبتي مالك مش بتاكلي وخاسه كده ليه… شكلك بقى صعب أوي وأنتِ خاسه كده.
رمشت ياسمين عدة مرات، تحاول تقبل كلماتها اللاذعة، تتمتم بصوتٍ مرتجف:
_ أنا مخستش أوي ك…
رمقتها مرفت بنظرة حادة قائلة:
_ وأنتِ عايزة تكدبيني ولا إيه؟
حركت ياسمين رأسها في نفي قائلة بصوتٍ مبحوح:
_ لا والله مش دا قصدي أنا..
قاطعتها مرفت وهي ترفع يدها تشير لها بالصمت قائلة باشمئزاز:
_ اسكتي أحسن… صوتك بقى مزعج أوي وأنتِ هتعيطي وتعملي زي العيال الصغيرة.
ابتلعت ياسمين كلماتها، ثم نهضت قائلة ببسمة مكسورة:
_ بستأذنك هروح أشوف بابا.
غادرت ياسمين والدموع تنساب على وجهها، تعلم جيدًا أن عمتها تريد ان تألمها ولكن هي لم تستطع أن تتحمل سُم حديثها، دلفت لغرفتها تبكي بقوة على ما تفعله بها، لا تستطيع الرد عليها وتخشى أن تتفوه بكلماتٍ خاطئة.
**
خرج محمد من مكتبه وهو يتقدم من مرفت الجالسة بمفردها تتفحص هاتفها، ليردف محمد بدهشة:
_ أمال فين ياسمين؟!
نظرت له مرفت ببعض الحزن قائلة:
_ شوفت يا محمد بناتك حتى مش عايزين يستقبلوني وأنا ضيفة عندكم.
ضيق محمد عينيه بشكٍ، في حين أكملت مرفت مغيرة مسار الموضوع:
_ أنا جاية أقولك ألف سلامة عليك… وبنسبة لموضوع ياسمين ومازن فأنا معنديش اعتراض.. وابقى قول لمازن لأنه مش مصدق أمه مصدق خاله بس.
قالت جملتها الأخيرة بسخرية، في حين تجاهلها محمد وأردف بهدوء:
_ حاضر يا مرفت هقول لمازن.. عايزة حاجة تانية؟!
رفعت مرفت حاجبها بغيظٍ ثم نهضت تحمل حقيبتها قائلة بغضبٍ مكتوم:
_ لاء… أنا ماشية.
تركته مغادرة الشقة في حين حرك محمد رأسه في يأسٍ من شقيقته التي لن تتغير، ونهض يرى أين ابنته وقبل أن يدلف للداخل استمع لصوت بكائها، علم بكذبة مرفت، وصك على أسنانه في غيظ، ولكن حاول ألا يظهر ذلك، طرق الغرفة بهدوء وبعد عدة دقائق استمع لها تسمح بالدخول، سار محمد نحو ابنته حتى جلس جوارها يردف بحنو وهو يمد يده يرفع وجهها:
_ بتعيطي ليه يا حبيبتي؟!
تسربت الدموع بغزارة، وارتمت باحضان والدها، في حين ربت محمد على ظهرها بحنانٍ شديد، يحاول التخفيف عنها بقول:
_ يا حبيبتي لزمًا تقوي شوية.. أوعي حد يقولك كلمة كده ولا كده تعيطي وأنا واثق أن عمتك قالت كلام ضايقك.. وعشان كده بتعيطي.. بصي متخديش على كلامها هي بتتكلم بدبش شوية بس بتحبكم.
هدأت ياسمين قليلًا، ولكنها لا تزال تتشبث بوالدها كطفلة صغيرة، استرسل محمد حديثه بهدوء:
_ طب دا أنا داخل عشان اتكلم معاكي ونهزر.
نظرت له ياسمين ببعض البراءة، تتطلع له بأعينٍ مدمعة، في حين أكمل محمد بمكرٍ:
_ آه لو مازن شافك كده!
خجلت نظراتها وهي تحاول الهروب منه، في حين ابتسم محمد برضا قائلًا:
_ الله مكسوفة… امال لو اتقدم هتعملي ايه؟!
اختبئت به ياسمين، تتمتم بخجل واضح:
_ كفاية بقى يا بابا.
ضحك محمد وقد تأكد من أن ياسمين لديها قبول للفكرة، وأردف بصوتٍ حنون وهو يضمها باشتياق وكأنها ستتركه:
_ ربنا يحميكي يا بنتي وأشوفك اسعد البنات.
**
:_ مش هتأخر يا ماما هروح بس اجيب الشبسي واجي.
قالتها مريم وهي تغلق الباب، ثم هبطت من على الدرج تتجه نحو السوبر ماركت الموجود بجوار منزلها، دلفت له تبحث عن الطعم المفضل لها، ولكن قاطعها صوت هذا الرجل المسن قائلًا:
_ طعم الحار نار مش موجود عندي يا بنتي.. هتلاقيه عند محل الاستاذ مختار اللي في الشارع اللي ورانا.
عبست ملامحها بضيق، قائلة بنبرة متذمرة:
_ لية كده يا عم مدبولي كنت عايزة أكله مع الجبنة اللي فوق.
ضحك عم مدبولي على طريقتها، ثم قال بصوتٍ هادئ:
_ حقك عليا يا بنتي عارف إنك بتحبيه بس اعمل ايه الراجل مجاش النهاردة بالطلبية وقالي جاي بكرة.
حركت رأسها بايجابية، ثم سارت نحو المكان الذي اشار له عم مدبولي، تتطلع نحو الاسدال الذي ترتديه ثم لوت فمها ببعض السخرية قائلة:
_ بقى دا منظر دكتورة.. يلا هي المهنة باظت من شوية.
وصلت أخيرًا نحو المكان المطلوب لتجده محلًا ضخم بعض الشيء، تحسرت على شكلها وهي تدلف للداخل بهذه الملابس، والناس يتطلعون لها بشكلٍ مذهول، حاولت ايجاد ما تريد وبالفعل وجدته لتسرع نحو ولكنها تعثرت ببعض العُلب الموجودة بالجوار على الأرض، ووقعت على الأرض، نهضت من مكانها يتلون وجهها بحُمرة الحرج، تحاول أن تلملم ما تبعثر منها، ثم وما أن انتهت حتى وقف صاحب المحل امامها السيد مختار يتمتم باشمئزاز:
_ يلا يا ست أنتِ من هنا… المحل دا مش للشحاتين.
نظرت له مريم ببعض الصدمة وكادت أن تجيب ولكن، صرخ بها السيد مختار بعنفٍ قائلًا:
_ ما تيلا ياولية من هنا خلصينا.
تبدلت ملامح مريم لغضب شديد، تهدر بصوتٍ غاضب:
_ جرى ايه يا جدع أنت… هو حد قالك أني شحاتة… ثم لو جالك حد غلبان هتعامله كده.. دا ايه الجحود دا.
:_بتقوليلي أنا جحود ياللي مشوفتيش تر*.
استمعت مريم لهذه الجملة، فتهجمت ملامحها تنظر لزجاجة من العصير، أمسكت بها ثم قامت بضرب رأسه قائلة بصوتٍ حاد:
_ ابقى فكر في الكلام قبل ما تقوله.
**
سارت قطوف باتجاه منزل مريم، ولكن قبل أن تصل وجدت اتصال من رقم غريب، اجابت لتجد صوت مريم قائلة برعبٍ:
_ ألحقيني يا قطوف أنا في نفس القسم اللي جبتني منه ومش عارفة اتصرف تعالي الحقيني.
مسحت قطوف على وجهها بغضب، قائلة بصوتٍ غاضب:
_ هو أنتِ رد سجون… كل يوم والتاني اجيبك من القسم.
اغلقت بوجهه المكالمة، لتنفخ بغيظ تتمتم بحدة:
_ لما أشوفك يا مريم هرنك علقة اخليكي تروحي المستشفى وتبقى زورتي جهات الحكومة كلها.
***
انتشل منها العسكري هاتفه في سرعة ووضعه بجيبه، في حين وقفت مريم تتطلع نحو مختار الذي ينزف بغزارة يضع يده على رأسه من شدة الألم، اغمضت عينيها تحاول استيعاب هذه الكارثة، ولكن توقفت انفاسها عندما استمعت لصوتٍ تعلمه جيدًا، اسرعت بفتح عينيها للتأكد من شكوكها لتجد ياسين يدلف لمكتبه سريعًا في تعجل، ازدردت لعابها ببعض الخوف، ثم همست للعسكري الموجود جوارها قائلة:
_ هو الراجل اللي دخل هناك دا يبقى مين بظبط؟!
اجابها العسكري بصوتٍ بارد:
_ الظابط ياسين هو اللي اللي معاه محضرك.
لطمت مريم على وجنتها، وكانت دقائق وقد دلفت لغرفة ياسين الذي كان يتحدث بالهاتف وما أن أغلق حتى استدار ليجد مريم تقف أمامه بالاسدال، وجوارها مختار، قطب جبينه بدهشة ثم قال بصوتٍ متعجب:
_ أنتِ بتعملي ايه هنا؟ وكمان بالاسدال؟
ابتسمت بتوتر ثم قالت بصوتٍ مرتبك:
_ طبعًا لو حلفتلك على المصحف إني بنت ناس ودكتورة محترمة مش هتصدق.. وإني جيت هنا غلطة.
نظر بسخطٍ منها ثم تقدم نحو مكتبه يتطلع نحو المحضر، يقول بصوتٍ ساخر:
_ واضح أنك بنت ناس فعلًا.
تهجمت ملامحها بغضب جامح، قائلة من بين اسنانها:
_ استغفر الله العظيم ليه الغلط اللي على الصبح دا.
رفع ياسين حاجبه بغيظ، في حين اردف مختار بصوتٍ متأثر:
_ ضربتني يا باشا بالازازة في راسي وجوا محلي… دي اتهجمت عليا بكل وحشية.
نظرت له مريم بحدة قائلة بصوتٍ غاضب:
_ وحشية مين يا راجل يا نط*… بتقولي شحاته وتشتمني بأهلي وعايزيني اسكت.
:_ اخرســــــــوا.
قالها ياسين بغضب جامد يضرب على مكتبه بعنف، في حين وقفت مريم مكانه مرتعدة، وكذلك الرجل، تنفس ياسين بغضب جامح، وجلس على مقعده في ضيق، يستغفر ربه لعله يزيل هذا الغضب وما أن هدأ حتى قال:
_ طب في نية للصلح ونخلص من المحضر دا.
حرك مختار رأسه في نفي، في حين تطلع له ياسين ببعض الضيق، فبالرغم من أن مريم لا يعرفها إلا أنه لا يرغب بضياع مستقبلها لأجل سوء فهم بينهما، نهض من مكانه ووقف بعيدًا مع مختار قائلًا بصوتٍ جاد:
_ بص يا مختار من الواضح أنك راجل ابن ناس وليك مقامك، وعشان كده بقولك مشيها صلح وأنا هعملك محضر عدم تعرض لو هوبت بس جنب محلك ابقى تعالي واشتكي.
نظر له مختار ببعض الحيرة، وشعر بأن تلك الفتاة ليست عادية، فمنذ أن دلفت وقد تعرف عليها هذا الضابط بسهولة، اتسعت عينيها فجأة ما أن ادرك أنها يمكن أن تكون أحد مساعديه وقد اعتدى عليها بالسب، نظر نحو ياسين قائلًا ببعض الخوف:
_ خلاص يا باشا طالما دا يرضيك نعمله.
ابتسم ياسين برضا، وأردف وهو يربت على كتف مختار:
_ هو دا العشم يا مختار.. ولو احتاجت حاجة ابقى تعالي وأنا هظبطك.
اتسعت ابتسامة مختار، ورفع يده قائلًا:
_ إحنا في خدمة الحكومة يا باشا.
عاد ياسين مكانه وبدأ باعداد محضر الصلح بينهما، ومضي عليه الأثنان وانتهى من باقي الاجراءات، ليغادر مختار المكان، في حين نظرت له مريم بفضول قائلة:
_ سكت الراجل دا إزاي؟!
صك على أسنانه ببعض الغضب، يردف بصوتٍ حاد:
_ المرة دي وعدت … المرة اللي فاتت وعدت… المرة الجاية مش عارفين هنجيبك منين تاني.
شهقت مريم بضيق، في حين عاد ياسين ينظر بالأوراق التي أمامه دون أن يتطلع لها، كادت أن تغادر ولكن اوقفها ياسين قائلًا ببعض المكر:
_ رايحة فين كده؟!
قطبت جبينها بدهشة، تجيب:
_ هروح.
ضحك ياسين بخفة قائلًا:
_ دا لما يبقى معاكي بطاقة أو حد يضمنك.
مسحت مريم على وجهها بغضب، قائلة بصوتٍ مختنق:
_ هو كلية الشرطة مخرجتش غيرك عشان أشوفك.
:_ والله! طب كان كرم مني أني مقعدك في المكتب لحد ما صحبتك تيجي.. إنما عشان طولت لسانك دي هقعدك في الحجز.
قالها ياسين في برود شديد، كاد أن يضغط على الجرس ولكن اسرعت مريم بقول:
_ يرضيك يا باشا دكتورة زي تتبهدل كده.
:_ وهو في دكتورة تخرج باسدال وكمان تفتح دماغ الراجل.
قالها بغيظ شديد، في حين اجابته الأخرى بضيق:
_ وأنا مالي هو اللي شتم قل ادبه عليا… ثم اخرج باسدال اخرج ببتنجان أنا حرة أنت ملكش كلمة عليا.
شعر ياسين ببعض الغضب من تلك الكلمة، لا يعلم لماذا ولكن يريد ألا يتركها، عاد ينظر للأوراق من جديد، ولكن هذا الاضطراب الغريب من تلك الفتاة تعجب منه.
أتت قطوف وأخذت معها مريم وغادرا سويًا، ولكن بقى ياسين يفكر بمريم كثيرًا وظهرت أشبه ابتسامة ما أن تخيل بأن تصبح مريم هي الزوجة التي يبحث عنها.
***
:_ هو أنا يا بت كل يوم والتاني هجيبك من القسم!
قالتها قطوف بغيظٍ شديد، في حين اجابتها مريم بضيق وهي تسير بالقرب من منزلها:
_ وأنا مالي يا جدعــــــــــــــان الراجل هو اللي قل ادبه.
زفرت قطوف بضيق، في حين وصلت مريم للمنزل قائلة بصوتٍ متعجب:
_ مالك يا بنتي طول الطريق متنرفزة ليه؟!
:_ عمتي جت عندنا والصراحة مش مرتاحة لمجيتها حاسه في مصيبة.
اجابت قطوف ببعض الضيق، في حين ربتت مريم على كتفها قائلة بصوتٍ هادئ:
_ بطلي تشيلي كل حاجة فوق راسك يا قطوف الموضوع ابسط من كده.. ثم أكيد رايحة تشوف اخوها عادي.
تنهدت قطوف بقلق، ثم حركت رأسها تقبل صديقتها كي تغادر، ولكن قلبها يخبرها بوجود شيئًا غير مطمئن.
علمت نهاد بما حدث مع مريم وبدأت بعتابها وتوبيخها بشدة من فرط خوفها، في حين علمت قطوف بطلب زواج مازن من ياسمين وحاولت الاعتراض ولكن اوقفها والدها، و أحضر مازن فستان مميز خاص بياسمين واحضر حلة سوداء له.
****
بيوم الجمعة..
اتصل مازن بخاله واخبره أن يذهب إلى صالون التجميل كي يحضر ياسمين وقطوف، وبالفعل انطلق من منزله نحو صالون التجميل، ولكن لم يلاحظ والدته التي امسكت بهاتفها سريعًا تخبر هذا الشخص بالتنفيذ.
**
داخل صالون التجميل..
انتهت ياسمين من اعداد ذاتها، ونظرت لشكلها بانبهار شديد، في حين تقدمت منها قطوف مرددة بصوتٍ يكاد يبكي:
_ ياروحي ربنا يسعدك قمر.
ضحكت ياسمين بسعادة، تتمتم بنبرة فرحة:
_ أنا فرحانة أوي يا قطوف.. كلكم حوليا في اهم خطوة بحياتي… وحفلة استلام شهادتي دي فرحتني أوي.
ضحكت قطوف بخفة، ثم قالت بصوتٍ حنون:
_ في مفاجأة تاني أحلى وأجمل هتعجبك.
قطبت ياسمين جبينها بتعجب، في حين دلفت احدى الفتايات تردف بصوتٍ متوتر:
_ آنسة ياسمين في حد عايزك برة.
ابتسمت ياسمين بسعادة قائلة:
_ دا أكيد مازن أنا هسبقك يا قطوف.
حركت قطوف رأسها في ايجابية وبقيت دقائق تعد ذاتها، وبالفعل خرجت ياسمين ولكن لم تجد أحد وقبل أن تترك المكان كانت قد سقطت مغشيًا عليها من أثر مخدر قام احد بوضعه على منديل ووضعه على وجهها.
**
خرجت قطوف من صالون التجميل تقف أمامه في دهشة، تعجبت من عدم وجود أحد، ولكن دقائق ووجدت سيارة مازن اتية، صف سيارته وخرج منها حتى وصل لدى قطوف قائلًا:
_ قولي لياسمين تيجي عشان المأذون مستني وخالي قالي المعازيم وصلوا.
جحظت عين قطوف بصدمة مردفة:
_ نعم! هي مش معاك!
اتسعت عين مازن يتمتم:
_ أنتِ بتقولي إيه؟!
ازدردت لعابها بخوف، تجيبه:
_ في واحدة من البنات قالت أن في حد عايزنا برة، وخرجت لأنها افتكرته أنت وبعدها لما خرجت ملقتش حد.
أغمض مازن عينيه يحاول استيعاب هذه الكارثة، ثم أعلن هاتفه باتصال من خاله، نظر لها ثم للهاتف يجيب:
_ ايوة يا خالي.
:_ أنتم فين؟!
اجابه مازن بهدوء:
_ جايين في الطريق اهوه.
:_ طيب يا بني بسرعة عشان المأذون على أخره.
:_ حاضر.
اغلق معه في ضيق، في حين تمتمت قطوف في خوف:
_ مقولتلهوش ليه؟!
نظر لها بغيظٍ يجيب:
_ أنتِ عارفة لو عرف ايه اللي هيجرى… مش فاكرة الدكتور قال ايه.. قال لو اتعرض لصدمة ممكن لا قدر الله..
:_ خلاص متكلمش.
قالتها قطوف بألم، في حين بقى مازن عدت دقائق حتى هتف بصوتٍ جاد:
_ قطوف تتجوزيني.
نظرت له بصدمة من حديثه، ليكمل مازن بهدوء:
_ محدش يعرف مين العروسة، و لو متجوزناش هيقولوا العروسة هربت من كتب الكتاب هتبقى سُمعتها وسمعة العيلة في الأرض.. وطبعًا أختك مش هتستحمل… وابوكي مش هيتحمل الصدمة دي.. فكري بسرعة يا قطوف.
صمتت قطوف وهي تشعر بتوتر حاد، تتذكر حديثها بأنها لن تتزوج متزن مهما حدث، ولكن سُمعة شقيقتها وحياة والدها بالمحك، اكمل مازن بصوتٍ جاد:
_ قطوف مفيش حل غير دا… لو روحنا كتبنا الكتب هنلحق سمعة العيلة وهقدر اقول لخالي على الموضوع بهدوء وساعتها هندور على ياسمين ونلحقها… لكن دلوقتي سمعة العيلة وخالي في خطر.
اغمضت قطوف عينيها في ألم، لا تريد ذلك ولكن بالنهاية ستنقذ والدها والعائلة من الضياع، قالت بنبرة متألمة:
_ ماشي يا مازن.. مـ..مـوافقة.
دلفت قطوف للسيارة، وانطلق مازن نحو المنزل، دقائق ووصل بها للمنزل ليدلف للداخل بهدوء وإلى جواره قطوف التي تشعر بنصل يمزقها من الداخل، يتطلع له محمد ببعض التعجب أين ياسمين؟، في حين ابتسمت مرفت بخبث شديد وهي ترى اختفاء ياسمين.
وقف مازن بالقرب من المأذون يردف بصوتٍ عالي قليلًا كي سمعه الحضور وتقع هذه الصدمة على الجميع:
_ بعلن النهاردة عن ارتباطي الرسمي ببنت خالي قطوف محمد العطار.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فطنة القلب)