رواية فراشة في جزيرة الذهب الفصل السادس 6 بقلم سوما العربي
رواية فراشة في جزيرة الذهب الجزء السادس
رواية فراشة في جزيرة الذهب البارت السادس
رواية فراشة في جزيرة الذهب الحلقة السادسة
تفاجئ زيدان بصوت شقيقه الحاد ومكالمته له في هذا الوقت، لوهلة شعر بالخزي و العار وأنه هو المخطئ.
لذا حاول احتواء غضبة وقال بصوت مهتز :
-أزيك يا محمود؟
ضحك محمود ساخراً ثم رد بإستهزاء:
-أزيك يا محمود؟ هه مازييش حد يا حبيب أخوك..زي ما أنت شايف متخزوق والي مخزوقني اخويا شقيقي… أخويا الكبير العاقل.
أستمع له زيدان بحلم يحاول إمتصاص غضبه يضع نفسه بمكان محمود يرى أن ربما لديه بعض الحق فقال بعد نفس عميق:
-أهدى يا محمود و أسمعني الأول.
لكن محمود لم يسمع أو يهدأ وإنما صرخ بغضب:
-أهدى.. أنت إلي بتقولي أهدى؟! أهدى إزاي وأنا أخويا أخد مني مراتي .. أنت أخدت مراتي أنت فاهم… ماكنتش اعرف أنك بالخسه والندالة دي.
أقتتطع زيدان حديث محمود وتدخل بعدما أستفزته إتهامات محمود:
-خد بالك من كلامك يا محمود ..مش زيدان إلي يتقاله كده
-ههه مش زيدان إلي يتقاله كده ؟! أطلع من دول يالا… ماخلاص كل شيء انكشف وبان.. عاملي فيها الكبير العاقل إلي بيحب الكل وقلبه على الكل و أول ماجت لك الفرصه خطفت خطيبتي مني… تلاقيها حليت في عينك بس نأبك على شونه …حورية عمرها ما تشوف غير عصفور … أنا عصفورها هي إلي مسمياني… والي ماتعرفوش أن حورية بتخاف منك أساساً ياما قالت لي كده دي وصلت أنها طلبت مني نسيب البيت والحارة كلها بسببك عشان تهرب من وشك ومن التعامل معاك..مش عايزه حتى تشوفك صدفة.. أنت فاهم..وخليك عارف يا زيدان..طالت الأيام ولا قصرت أنا راجع وهرجع حقي وساعتها مش هسمي على حد وهتشوف.
ثم أغلق الهاتف في وجه زيدان الذي ظل على جلسته مصدوم من كلمات شقيقه.
_____________________________
كانت صراخاتها المعترضه تملأ الحرملك بكل مكان، وكاكا يجرها يتقدم بها للأمام غير مبالي لها.
بينما وقفت كل فتيات ونساء الحرملك يتابعون مايحدث وهن يتهامسن عليها بسخريه.
كذلك كانت حالة خادمة أنچا التي مالت على أذن مولاتها تهمس بتشفي:
-أرأيتي مولاتي، لم يكن هناك أي داعي لكل هذا القلق، لقد لفذها مولانا الملك ،مل من صراخها وتمردها وحسها العالي ولم يشفع لها حسنها ولا بياض بشرتها، وها هي أصبحت مثلها مثل بقية فتيات الحرملك.
كانت أنچا تستمع لها وعينها لم تفارق رنا المتمردة، هزت رأسها بسخط وقالت:
-هذا رأي السذج فقط، فالحقيقة مختلفة كلياً، إنه شعلة البداية فقط.
هزت الخادمة رأسها بحيرة وقالت:
-عفواً مولاتي لكني على ما يبدو بت لا افهمك في الفترة الأخيرة، كل حديثك يصعب علي فهمه، لا أفهم ما قصدك بأنها شعلة البداية فقط ، لا أفهم.
ألتفت لها أنچا تقول:
-لو كنتي تفهمين لما ظللتي خادمة، لكنتي أصبحتي أنچا جديدة.
عادت تنظر حيث ألقى كاكا برنا في أحد زوايا الحرملك وهي تكورت حول نفسها بضعف تبكي وأكملت أنجا حديثها:
– ما يحدث ماهو إلا إنتقام المحبين، مولانا يعنفها على عدم إنبهارها به أو إهتمامها له،والصيبة أنه على مايبدو لا تتصنع أو تمثل هي بالفعل تائهة تشعر بالضياع وتريد الهرب، لو لم تكن مهمة لتركها وشأنها ولم يهتم بمعاقبتها الأمر أكبر من حدود مخيلتك يا مسكينة، وتلك الفتاة خطيرة… خطيرة للدرجة التي تجعل العنف والشدة معها هما أغبى تصرف..التصرف معها يلزمه هدوء وتروي، يلزمه حكمه وحنكة.
أنهت أنچا حديثها وعينها مازالت مسلطة على رنا تفكر كيف ومن أين ستبدأ معها بينما خادمتها في الخلفية تحرق بؤبؤ عينيها من شدة شعورها بالغباء وعدم الفهم.
أما عند رنا فكانت تبكي كما لم تفعل من قبل.
إحساس الضياع والنهاية المأساويه يكتنفها حتى كادت تختنق.
هي بالفعل كادت تختنق من شدة الأختناق وضيق الصدر، أكثر الأمور رعباً هو أنك تواجه المجهول.
لا تعلم حتى ماذا ينتظرك كي تستعد له ولو نفسياً.
وبينما هي على تلك الحالة من الشعور بالبؤس و الضياع تقدمت منها سوتي تجلس لجوارها وتربط على كتفها مردده بتعاطف واضح:
– أمازلتي على تلك الحالة؟ أعتقدت أن مايحدث معك سيغير من تفكيرك ونظرتك للأمور .
لم تهتم رنا لكلامها واستمرت في البكاء، زمت سوتي شفيتها من غباء تلك الفتاة وأكملت:
– البكاء لن يفيدك يا فتاة، الأفضل هو أن تحاولي إيجاد مخرج لما أنتي عليه .
لكن رنا لم تهتم أيضاً وظلت على بكائها فتنهدت سوتي و وقفت لتغادر قائلة:
-حسناً، أبقي هنا وأبكي حتى تموتي لكن أرجوكي أبقي بصمت فصوتك يزعجنا ويؤرق نومنا .
همت سوتي أن تغادر لكن يد رنا منعتها فقد رفعت رأسها تنظر لسوتي التي أبتسمت تقول:
-جيد إذاً، لقد فوقتي اخيراً، عليكي الأعتراف إن البكاء لن يجلب لكي سوى المزيد من العقاب.
أستمعت لها رنا بصمت ثم سألت:
-كيف وأنا أشعر أني بكابوس لا ينتهي ولا يمكنني الإستيقاظ منه… لقد غدر بي زميلاتي .. إنها قصه طويله ربما لن تتفهميها.
-لما؟ كلنا قد جُلبنا بتلك الطريقة أو طرق مشابهه، كنا أحرار مثلك وقادتنا الأقدار لهنا.
تنهدت رنا وقالت بأسى:
-لكن انتن لستم مثلي أبداً
ضحكت سوتي ساخرة وقالت:
-في هذه معكِ حق، فاي منا لم يهتم لها الملك شخصياً أو يلتفت لها حتى وزير، عكسك تماماً بدايتك كانت عاليه جداً…من رأيي أستغلي الأمر لصالحك
نظرت لها رنا بتخبط وهي تمسح دموعها ثم قالت:
-ماذا تقصدين؟
قطع حديثهم صوت أنكي التي تقدمت تقول:
-هيا ميرورا ..الطبيب بأنتظارك.
-لست ميرورا .. أنا أسمي رنا…رنا
-هل ستعودي للتمرد من جديد..تعقلي.. أنه أمر مولانا ولا يستطيع أي من كان مخالفة أمره..نصيحة لكي كوني مطيعه فهذا هو الأفضل لك.
-أنا لا أقبل بأن يتحكم أحد في مصيري.. أنا حره هل تسلبون الأنسان أبسط حقوقهم.. على الأقل أتركوا لي أسمي الذي سمتني به أمي.
-أنه أمر الملك…غبية ربما لا تعرفين معنى ومكانة هذا الإسم…هيا تحركي..هياااا.
نظرت رنا لسوتي التي غمزت لها بأن تسير مع أنكي وتنفذ مايقال لها على الأقل الآن.
لم تجد رنا حل أمامها سوى أن تفعل فالرفض لم يجلب لها سوى التعب، هي بالفعل بحاجه للذهاب إلى الطبيب.
خرجت مع أنكي خطوات وهي للتو بدأت تنتبه على معالم الحرملك وتصميم غرفه وحجراته، أنها مصنوعة من الحجر والذهب ، الفخامة والمهابة هي عنوانها الأساسي والفرش من حرير ، الفتيات يلبسن أيضاً من الحرير زي موحد باللون الأخضر لا تعرف لما اللون هذا تحديداً، نظرت على ثيابها لترى أنها ترتدي مثلهن.
تأففت بغيظ كظمته بنجاح على الأقل حالياً وأنتقلت لغرفة الطبيب الذي وقف لها بأحترام استرعى أنتبه أنكي وقال:
-اهلاً ميرورا..تفضلي من هنا.
لاحظت رنا تيبس وجه أنكي وانفعالها مع تصرف الطبيب، يبدو أن هنالك أمور لا تعرفها ولا تريد حتى أن تعرفها.
تقدمت بصمت تام دون الأعتراض على الأسم الذي ناداها به تخضع للفحص بصمت تام.
تنظر حولها بأستغراب، فغرفة الطبيب مغايرة لكل غرف القصر أو التي دلفت لها على الأقل.
غرفة الطبيب كانت مجهزة بكافة الأجهزة الطبيه الحديثه وكذلك جهاز لوحي حديث ، تسأل كيف يعمل ولا توجد هنا أي شبكة إتصال كما قالت سوتي.
ربما عليها دراسة المكان أن كانت تريد الهرب، هنا تردد في أذنها حديث سوتي، ربما عليها الهدوء قليلاً والتوقف عن البكاء والصراخ الذي لن يفيدها وربما لن يجلب لها سوى الأنتباه وغضب كل من حولها وربما السجن كما حدث وهي الآن حالتها الصحية ليست بأفضل حال مطلقاً ، تحتاج للعناية والدواء.
هنا توصلت للقرار وأن الصمت والهدوء هما عنوان الأيام القادمة لها هنا بتلك المدينة إلى أن يأذن الله بالحل .
________________________
مر الوقت على زيدان وهو على جلسته وقد عاد الهم لرأسه من جديد.
إستفاق منه بعد فترة على صوت رسالة من صديقة صالح ففتحها ليجده يقول”صباحية مباركه ياحبيب أخوووووك”
سحب نفس عميق و وقف من مكانه ثم تذكر أنها قد تأخرت داخل المطبخ فقرر أن يذهب ليرى لما.
لكنه توقف بتردد، لا يعلم هل يذهب لعندها أما يتركها وراحتها.
هز رأسه بإرتباك، الأفكار تقذفه يميناً ويساراً، فكرة تطلب منه أن يدلف لعندها وأن يتعامل طبيعي، ولما لا يجعلها تعتاده وفكرة أخرى تذكره بوضعهما و بصلة شقيقه بها.
غلبته أفكاره و قرر أن يذهب لعندها فتقدم حتى وصل للمطبخ يناديها :
-حورية.
أنتفتضت لحظتها فسقط الكأس من يدها وتهشم متناثراً لشظايا على الأرض.
أتسعت عيناه مما حدث وهي أسرعت تميل على الأرض كي تلملم الشظايا و تنظفها فهرول يلحقها قائلاً:
-أستني هتعوري نفسك.
همست بقلق:
-ماعلش أنا أسفه ما أخدتش بالي.
تطلع لها ثم عاد يلملم هو الشظايا بينما يردد بحزن:
-كل ده عشان ناديت عليكي؟!
صمتت ولم تجد، لحظتها تردد في عقله كلمات محمود التي بصقها في أذنه منذ قليل فسألها :
-حورية….. أنتي بتخافي مني؟؟
توقفت عن لم شظايا الزجاج وتطلعت له بفم مخروس لا تعلم بما تجيبه.
أسبل جفناه بأسى ثم سأل:
-ليه يا بنت الناس هو أنا عمري جيت ناحيتك أنتي أو أي حد
-لأ بس..
-بس إيه قولي….
وقفت عن الأرض تحاول رص الكلمات بجوار بعضها كي تعطي أي جمله مفيدة، لكن محاولتها الواضحة تلك زادت من حزنه على نفسه فأشار لها مردداً:
-خلاص يا حورية…ماتحاوليش تذوقي الكلام، واضح إن المشكلة من عندي، يمكن ربنا مش حاطت في وشي القبول.
-لأ ماتقولش كده أنا بس..
قاطعها وهو يرفع كف يده أمامها فتوقفت ثم قال:
-خلاص يا حورية… أنا مش زعلان..كل واحد بياخد نصيبه…يالا عشان تاكلي.
ثم ألتف وحمل صينيه الطعام التي جهزتها وخرج بها وهي تبعته بتردد.
وضع الصينيه على طاولة السفره ثم قال:
-يالا تعالي كلي.
-حاضر…بس..ماتزعلش مني أنا ماكنتش أقصد و.
لم يترك لها الفرصة، لقد أكتفى حقاً وكل ما يحدث كثير عليه فقال:
-لأ مازعلتش ..عادي .. كلي يالا.
حاول أن يأكل أمامها رغم فقدان شهيته بعد ما حدث، لكن هيبته منعته وقبلها كرامته، أبى أن يظهر بمظهر الضعيف فهل سيصبح غير مقبول وضعيف الآثنان معاً كثير عليه.
فزيدان كان يعلم بما يقال عنه وعن رفض الفتيات له، ربما رأي حورية كان بمثابة الضغط على دمل كبير وقد آلمه كثيراً.
ومع معرفته بكل ما يحدث مسبقاً لم يفكر يوم في محاولة تغيير تلك الفكرة المأخوذة عنه يردد على مسامع صديقه جملة واحدة ”تسلم العين إلي تخوف” كان يقولها بصوت رجولي مهيب غليظ يفتخر فيه بالهالة المصنوعة حوله حتى لو طفشت منه الفتيات.
لن يلهث خلفهن ولن يفقد الشيء الوحيد الذي تبقى له وهو هيبته، وإلا سيصبح غير مرغوب ضعيف في نفس الوقت والإثنان مع بعض في رجل كارثه.
لذا حاول التظاهر بالامبالاة و القوى وهو في قرارة نفسه يعلم أن رأي حورية فيه كان له أثر قوي.
ترك الطعام وشرد مفكراً في تلك الكارثة الجديدة….لما رأي حورية على وجه الخصوص كان له الأثر الأبلغ فيه.
ولاحظت حورية شروده و توقفه عن الطعام بصوت واهن واضح فيه تأنب ضميرها:
-زيدان.
تتطلع لها منتبهاً يسأل هل هذه هي أول مره تناديه بأسمه أم ماذا؟ ولما أنتبهت لها كل حواسه بتلك الطريقة.
عض بواطن فمه من الداخل يلجمها بينما عيناه تطلع لها تسأل نفس السؤال من جديد لما رأي حورية بالذات ؟
ولما تأخر رده ومع تطلعه لها بعيناه الثاقبة و شروده في وجهها عادت تناديه من جديد:
-زيدان…مش بتاكل ليه؟
رمش بعيناه مستدركاً ثم حاول لملمت شتات عقله فوقف عن كرسيه وقال:
-مش عارف ممكن من قلة النوم… أنا هدخل أنام أحسن.
وقفت هي الأخري تردد:
-أنت زعلت مني مش كده…على فكرة أنا ماكنتش اقصد إلي فهمته بس أنت كده ليك… يعني ليك طله وهيبه فأنا بحس..
-بتحسي ايه؟ قولي.
صمتت وعجزت عن الوصف فقال:
-على فكرة أنا مش وحش ولا باكل بني أدمين ومش عارف ليه الصورة دي متاخدة عني.. أنتي شوفتيني مره اذيت حد
-لأ.
-أمال في ايه بقا؟
صمت وعيناه ترغمه على النظر لمنحنياتها الرائعه وجمالها النادر، رغماً عنه مجبور..للجمال سطوة غير عادية وهكذا خلق الله آدم يحب جمال الآنثى ويرضخ له، وحورية كانت ذات جمال رباني وحسن نوراني يذهبا عقل أي أنسي.
ولا يعلم لما أراد أن يختبر شئ ما لحظتها فقال:
-على فكرة… محمود كلمني.
كان ينظر لها بترقب وتدقيق، حريص على ملاحظة صدى الخبر عليها، ولا يعلم لما شقت صدره بعض السعادة حين تجهم وجهها وقالت:
-والله…تمام.
رفع إحدى حاجبيه باستغراب من ردها وزاد وهو يراها تلتف لتجمع أطباق الطعام على الصينيه تستعد لأن تدخلها المطبخ فسأل:
-مش هتسأليني قال إيه؟ أو كان عايز أيه؟ وإلي حصل وصله ولا لأ ورد فعله إيه؟
نظرت له ببرود حقيقي ثم قالت:
– لأ…دي حاجة ماتخصنيش.
-إزاي؟
وضعت الصينيه من جديد على سطح الطاولة ثم قالت:
-هو إيه إلي أزاي؟ ده واحد سابني بفستان الفرح قدام القاعه ومافكرش فيا ولا في فضيحتي … تفتكر هيهمني عرف ولا لأ؟
ثم اخذت الصينيه من جديد ودلفت بها على المطبخ.
المريب في الموضوع وما أثار خوف زيدان هو ملاحظته لتلك الراحة التي أكتنفته بعدما أستمع لردها، لقد ضبط نفسه متلبساً وهو يسحب نفس عميق مرتاح.
صدم قليلاً و ولج لغرفة الأطفال سريعاً يلقي بنفسه على الفراش يحاول النوم كي يتهرب من مواجهة نفسه.
لكن عبثاً فقد أستغرق في النوم وعلى شفتيه إبتسامة سعيده.
___________________________
جلس على عرشة يتصنع القراءة في بعض الأوراق الخاصة بشؤن الديوان يمثل الإنشغال وعدم الإهتمام بحديث الطبيب الذي أخذ يردد:
-صحتها ليست بالجيدة لكن مع الأدوية ونظام غذائي جيد ربما ستصبح بخير ، لكن هي قوتها الجسمانية ليست بالجيدة من الأساس سيدي
زم راموس شفتيه يتصنع الترفع وقال:
-همم.. جيد..قدم لها المطلوب… يمكنك أن تغادر الآن
انحنى الطبيب ثم قال:
-أمرك سيدي.
ثم تحرك يترك المكان ودلفت من بعده أنچا تنحني باحترام:
-مولاي
أبتسم لها مردداً:
-تعالي أنچا.
تقدمت لعنده فقال:
-الملكة ديولا على وشك الوصول للمملكة أرجو أن تشرفي على مراسم إستقبالاها.
ابتسمت أنچا ثم قالت:
-رائع جداً مولاي ، مر وقت لم تأتي فيه الملكة لعندنا، أظن أنه توقيت مناسب .
-نعم أنچا لقد سعدت كثيراً بذلك الخبر، أشتقت لها كثيراً… أريد منكم تحضير حفل كبير ورائع فأنتي تعرفين ديولا تهوى الموسيقى والرقص.
– أعلم مولاي.
صمتت قليلاً تتطلع على ملامح وجهه بتدقيق ثم قالت بخبث:
-لقد أرهق مولاي اليوم كثيراً وتأخر الوقت، أرى أن يسمح لي مولاي بتحضير ليله رائعه تنسيه تعب اليوم.
صمت راموس وعينه لم ترتفع من على الأوراق لكنه أغمض عيناه بقوه كأنه يكافح إحساس قوي هاجمه ثم سحب نفس عميق ، رفع وجهه ينظر لأنچا وقال بصوت بدى وكأنه يتحدى ذلك الإحساس حين قال:
-موافق.
أتسعت عينا أنچا بتفاجئ لكنها حنت رأسها وقالت :
-أمر مولاي.
ثم تحركت مغادرة على الفور بينما راموس يتنهد بتعب وحاول بعدها التركيز فيما بين يديه.
في الحرملك
جلست سوتي بجوار رنا تعطيها الدواء الذي تناولته رنا بهدوء وأخذت بعده الماء فقالت سوتي:
– عارفه يا رنا.. أنتي جميله جداً.
نظرت لها رنا مبتسمه ثم قالت:
-شكراً وأنتي كمان.
زمت سوتي شفيتها بإمتنان لتلك المجاملة ثم قالت:
-ليس بمقدار جمالك وليس لكونك بيضاء البشرة الأمر يفوق ذلك، جمالك بالفعل رائع يا رنا، خسارة أن يضيع في الخدمة بغرف الحرملك…لا أعلم لما تستغلي الفرص، الملك راموس بجلال قدره مهتم لأجلك.
زجرتها رنا بعينها وقالت:
– وأنتي بتتكلمي معايا كلميني مصري.
شهقت سوتي بخوف وقالت:
-رنا… خدي بالك و بلاش تاني تقولي أنك مصريه لو عايزه تعيشي هنا من غير بهدلة.
-نعم؟ شكلك جرى لمخك حاجة ماقولش ليه؟
-اسمعي نصيحتي أنا خايفه عليكي خلي أيامك هنا تعدي على خير.
-ده على أساس اني هفضل هنا.. أسمعي يا سوتي أنا يا هنجح في إني أهرب من هنا أو هموت وأنا بهرب بردو…ريحي نفسك.
نظرت سوتي أرضاً وقالت:
– وليه كل البهدله دي لما ممكن تهربي بيخت فخم عليه حراسة ليكي.
انتبهت لها رنا تسأ بلهفة:
-إزاي.. أيدي على كتفك.
-مش على كتفي أنا…على كتف الملك راموس.. سبيه يقرب منك ويطمن لك ساعتها كل حاجه هتتغير والمهمة المستحيلة هتبقى سهله وممكنه.
-لكن ده عايز يحولني لجارية.. يعني عبدة ويغير أسمي و…
قاطعتها سوتي تردد:
-وعندك ده هيمنع أنك جارية… جدودك المصريين ماسبوش موقف ماقالوش عنه مثل وفي مثل عندكم بيقول ”لما تبقى الريح عاليه طاطي لها” ومثل تاني بيقول ” لو ليك حاجه عند الكلب قوله يا سيدي” ومثل تالت بيقول” اتمسكن لحد ما تتمكن” أمال لو ماكنتيش مصرية هو أنا إلي هقولك.
صمتت رنا مفكرة في حديث سوتي فالتمرد والعناد لم يجلب لها سوى السجن والمرض.
وبعد فترة وقفت فقالت سوتي:
-رايحه فين؟
-هقابل الملك.
____________________________
في القاهرة.. مساءً
خرج زيدان من غرفته يتمطأ بتعب يشعر أن كل عظام ظهره ممزقه ينظر على الشقه بأستغراب يسأل أين هو؟
أخذ الأمر منه أكثر من ثانية حتى أستوعب الوضع الجديد، لا يعلم لما تسلل له ذلك الشعور بالألفه و الراحله هو يرى أنوار الشقة كلها مطفئة هادئة لا ينيرها إلا الضوء الصادر عن التلفاز وأمامه على الأريكة آلتي أختار كل تفاصيلها بنفسه تجلس فتاة في قمة الحسن والروعة يجد نفسه كلما نظر لها يردد بهمس” بسم الله ماشاء الله ”
تتسلل تلك الهمسة بإحساس خبيث لأذن تلك الحورية ثم لصدرها ومنها لشفتيها تجعلها تبتسم رغماً عنها وتداري إبتسامتها تتصنع أنها لم تسمع ما قال وتسأل نفسها أكلما رآها سيردد نفس الجمله؟ لكنه شعور رائع على الإطلاق هي تقر بذلك.
بما أنها تصنعت عدم السمع ستتصنع عدم ملاحظتها له فتقدم منها يقول:
-أنتي صاحية ؟
رفعت أنظارها له ثم قالت
-أيوة، مش جايلي نوم
-عشان مغيرة مكانك بس.
تقدم يجلس لجوراها على نفس الأريكة يسأل:
-هممك بتتفرجي على إيه؟
-بحب سعاد حسني قوي.
– ومين مايحبش سعاد حسني.
إلتفت تنظر له مبتسمه، على ما يبدو أنه رائع،عصفور كان يخسر منها كلما رأها تشاهد فيلم عربي وقديم أيضاً على عكس زيدان الذي جلس يشاركها الرأي و الإهتمامات فقالت:
-حلوة مش كده؟
– أيوة، مافيش حد زيها، جمالها فريد، زيك كده.
أتسعت عيناها منبهره من حديثه فاكمل مسحور من قربها:
-أنتي حلوة قوي يا حورية…….
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فراشة في جزيرة الذهب)