رواية فراشة في جزيرة الذهب الفصل الأول 1 بقلم سوما العربي
رواية فراشة في جزيرة الذهب الجزء الأول
رواية فراشة في جزيرة الذهب البارت الأول
رواية فراشة في جزيرة الذهب الحلقة الأولى
في غرفة ملكية مهيبة وقف من على الفراش الوثير رجل أسمر البشرة طويل الجزع عريض الجِرْم ولف حول جسده ملائه حريرية يولي ظهره للفراش ومن عليه حيث هنالك أنثى يافعة ذات عيون سوداء لامعه تنظر له بإنبهار وتمني…..تتمنى لو كانت نالت إعجابه…
رفع كأسه يرتشف ماتبقى فيه ثم ألقاه بإهمال وقال : -أذهبي.
تلاشت إبتسامتها المتمنية وحل محلها الصدمة لكنها لم تقوى على الأستفتسار بل وثبت مكانها لكن لم تقدر على الحراك، فلم يعجبه تأخرها…
لذا صرخ بصورت عاصف:
– كاكا.
وفي الحال دلف رجل أسود عريض عاري الصدر يخفض رأسه وعيناه أرضا وردد بخضوع:
-أمرك سيدي راموس.
ألتف راموس مرة أخرى ثم قال بفتور:
-خذها من هنا في الحال.
على الفور نفذ “كاكا” أوامر سيده “راموس” وأخلى الغرفة تماماً.
____________________________
-قصدك إيه يا منة بالكلام ده؟
قالها شاب في مقتبل الثلاثينات من عمره بحدة لتجاوبة صديقته التي تواجهه وهي ترفع حاجبها الأيمن وتكتف ذراعيها حول صدرها:
-قصدي إنك رايلت عليها أول ما شوفتها.
-منه خدي بالك من كلامك وماتنسيش إني مديرك، شكلك نسيتي قواعد الشغل.
-أنا أن كان عليا مش ناسية، لكن شكلك أنت إلي نسيت يا مدير، تقدر تقولي إزاي عيلة بنت أمبارح، حديثة التخرج وماكملتش ست شهور على بعض في الشركة هنا وحضرتك تحطها بالأمر في رحلة زي دي؟ إنت مش عارف العملية دي مصروف عليها أد إيه ولا جمالها وسحر عيونها نساك يا فهمي؟
وقف فهمي غاضباً وضرب سطح المكتب بكفه ثم ردد بحزم:
-أنتي تجاوزتي حدودك.. خدي بالك من كلامك وأعرفي أنتي بتقولي إيه، والعيلة بنت أمبارح دي شاطرة وسبق وأثبتت كفاءة ولا تحبي أفكرك بالي حصل في كامب السويس، أنا ماردتش أعيد وأزيد في الموضوع عشان مايبقاش بعد طول سنين ليكي في الشغلانة وتيجي عيلة بنت أمبارح زي ما قولتي بنفسك وتعلم عليكي .
إرتدت منه خطوة للخلف بصدمة وكأن كلامه كالطلقة التي ردت في صدرها قتلتها وبقت تتنفس بلهاث و غيظ ليردد بلا مجال للجدال:
– رنا فكري هتطلع معاكم رحلة جزيرة الدهب …خلص الكلام..أتفضلي على مكتبك .
إلتفت بسرعة و گمد تتجه نحو الباب تفتحه لتغادر لكنه أوقفها بصوته أمراً:
-منه
إعوجت رقبتها تنظر له دون أن تستدير فقال بما يشبه التهديد:
– ياريت مايحصلش مشاكل..فهماني طبعاً..
صرت على أنيابها بعداوة ثم غادرت سريعاً و بداخلها نار متقدة .
____________________________
في حي شبرا
في أحد البنايات متوسطة المستوى وقفت فتاة معتدلة الطول، بجسد ملفوف، مصرية القوام، وشعر بني طويل تفتح حقيبة سفر كبيرة وتضع فيها ملالسها تغمض عينيها بقلة حيلة وهي تستمع لصوت بكاء والدتها فألتفت لها ليظهر وجهها المستدير وعيونها اللوزية بلون الزيتون الأخضر تبتسم لها تحاول تهدئتها قائلة:
– يا ماما كفاية حرام عليكي صحتك.
-أنا عارفة كان مالك ومال الشغلانة دي بس يا رنا بنتي .. ياما قولت لك ونصحتك أن البن….
قاطعها رنا ضاحكة تكمل عنها:
-البنت مالهاش إلا بيت جوزها ..عارفة ياماما ..بس انا كمان ياما قولت لك إن مش انا البنت دي، أنا عندي طموح وتطلعات لو سمحتي يا ماما ماتقفيش في طريقي.
نظرت لها والدتها بيأس ثم أردفت بقلة حيلة:
-خايفة عليكي يا رنا وأنتي حلوة وصغيرة خسارة
-خسارة ؟! يعني لو كنت مش حلوة وكبيرة كنت هبقى مش خسارة؟ ايه اللي بتقوليه ده يا ست الكل ؟
زمت والدتها شفتيها وقالت:
-مش قصدي .. أنا قصدي إن فيكي الطمع.
ضحكت رنا بزهو وردت عليها:
– هاههه..طب خلي حد يقرب مني كده.. ده انا متمرنة كويس قوي ..بنتك يتفات لها بلاد يا حجا صباح الفل … أنا هروح أسلم على حورية قبل ما أمشي …سلام.
إلتفت تغادر بحماس تاركة والدتها خلفها تنظر لها بعدم إرتياح لكنها ما تستطيع إيقافها عن أهدافها ولم يعد بيديها سوى التضرع لله بأن يحميها ويحرسها .
____________________________
في منزل من نفس المستوى
دقت رنا جرس الباب ففتحت لها سيدة متقدمة في السن تعرج على قدمها وما أن رأتها حتى قالت بحاجب مرفوع:
-أهلاً بخلفة الهنا .
زمت رنا شفتيها بابتسامة عريضة متكلفة و قالت:
-حتى إنتي يا خالتو ؟ أنا عملت إيه بس؟
-و كمان مش عارفه.. ده إيه البجاحة دي..هي اختي هتتجلط من شوية.
نظرت رنا أرضاً كانت تعلم أن خالتها غير متقبلة كل ما يحدث فقالت بضحكة مستفزة متبجحة:
-طب إيه مافيش ادخلي..اتفضلي يا رنوش ياحبيبتي.. عايزة أدخل.
-مافيش دخول وأمشي غوري من قدامي
-ليه بس كده ده انا جاية أسلم عليكم قبل ما أمشي يا فوزية .
ضربتها فوزية على يدها وقالت بحدة:
-فوزية في عينك يا قليلة الأدب بس هقول إيه مانتي ناقصة رباية ..
-يا دين النبي…ياخالتو بقا كفاية بستفة فيا أنا ماشية كمان ساعة .
كادت أن تجيب عليها فوزية لولا صوت أحداهن الذي أتى من خلفهم يردد:
– إنتي بردو مسافرة يا رنا؟ مش عارفه بجد أنتي في أي في دماغك …طول عمرك غاوية تسوحي نفسك.
ألتفت رنا لتبصر جارتهم “رشا” التي تصغرها بعام تقف أمامها تحدثها بضحكة ساخرة فقالت فوزية تثني على رأيها:
– قولي لها يا رشا يا بنتي .. أنا عارفة بس بنتي ولا البت الهبلة بنت أختي دي ما طلعوش زيك ليه؟
تنهدت رنا وقالت :
-ماعلش بقا يا جماعه.. أصل ربنا وزع الأرزاق ماحدش عجبه رزقه ..وزع العقول كل واحد عجبه عقله وأنا عقلي عاجبني قوي .
ضحكت رشا بسخرية وتقدمت تدفع رنا معها للأمام ثم قالت:
-على رأيك …تعالي تعالي ..تعالي ندخل للمخبولة التانية ..ماعلش يا طنط فوزية سبيها تدخل المرة دي عليا.
– عشان خاطرك بس يا رشا لكن أنا لو عليا الود ودي أجيب شعرها تحت رجلي يمكن ترتجع عن إلي في دماغها…
ثم تركتهم وذهبت تكمل متابعة مسلسلها الهندي المفضل بينما تقدمت رنا و رشا لغرفة حورية.
وفتحت رنا الغرفة بحدة وتبعتها رشا حتى وصلا لفراش صغير عليه جسد متكوم تحت الغطاء يهمس في الهاتف مع أحدهم وصوت ضحكة خفيفة صادرة عنها تردد:
-ههههه يا مجنون حد يعمل كده.
فاقتربت رنا منها ونزعت الغطاء فجأة ليظهر وجه حورية آلتي كانت حقا إسم على مسمى ، وجهها كالدائرة وملامحها صغيرة دقيقة ،عيناها عسلية، شعرها قصير يصل بالكاد لأول كتفها .
ترجلت من على الفراش و وقفت أمامهم معترضة تردد:
– إيه ده في إيه ما براحة .
نظرت لها رنا بضيق و قالت:
– قاعدة أنتي هنا تحبي في التليفون وسايبة أمك تبهدلني برا .
زمت حورية شفتيها ثم رفعت الهاتف على أذنها وقالت بهمس رقيق:
– عصفور حبيبي هقفل معاك دلوقتي وأرجع أكلمك تاني .
صمتت تضحك بخفة ثم قالت:
-ايوة هي رنا …. هههههه باي يا عصفوري .
ثم أغلقت الهاتف وهي تتنهد بهيام بينما قالت رشا بنزق:
– أه ياختي ما ليكي حق .. ناس تاخد محمود الفرفوش الصغير الي بيعشق السفر والروشنة و الخروجات وناس تانية يتقدم لها زيدان الكبير إلي دراعة سابق دماغه …حظوظ.
نظرت لها حورية و رفعت أصابعها الخمس في وجهها بينما تردد بخوف:
-خمسة و خميسة في عينك ..هتحسدينا يخربيتك… وبعدين في إيه مش أبن عمك وأنتي أولى بيه.
– يعني هو زيدان هو إلي إبن عمي بس؟ ما في غيره.. أنا عارفة بس أيه سر التصميم على زيدان؟
-ما يمكن بيحبك؟
قالتها حورية مفكرة فقالت رشا:
– وهو زيدان ده بيعرف يحب …شوفي أنا بنت عمه وعايشين مع بعض في بيت واحد أهو إلا عمري في يوم ما شوفته بيتكلم براحة ولا حتى بيضحك … لأ لأ… أنا رفضته خلاص…طبعاً مش موافقة … ده أنا و أخواتي وكل بنات عمي بنخاف منه ..حتى واخواتي الولاد و ولاد عمي بردو بيخافوا منه زي أعمامي و أكتر … قال زيدان قال .. ليه هو العمر بعزقه؟
زمت رنا شفيتها بأسف ثم قالت:
– بصراحة… عندك حق ..حتى البنات في المنطقة كده .. أنا سمعت من ماما إن أمه أتقدمت لكذا واحده وكلهم رفضوا بعد ما أنتي رفضتيه بيقولوا طبعه صعب وكمان … بصراحه…كبر في السن.
أكملت حورية تردد:
– ومين سمعكوا ده حتى محمود بيخاف منه و بيقول إن ابوه خايف لايكون عنس زي البنات و ليل نهار وزيدان بيتخانق معاه .
عوجت رشا فمها وقالت ساخرة:
– بس في دي بقا يمكن زيدان معاه حق فيها … أصل ماتزعليش مني يا حورية أنتي حبيبتي وكل حاجة بس محمود ده لاسع قوي ولحد دلوقتي مش ماسك شغلانة هيفتح بيت إزاي ده بالذمة لأ لأ… أنا شايفة إنه مش عريس كويس خالص.
تطلعت لها حورية بضيق وسألت:
– هو مش ده محمود إلي كنتي لسه من شوية بتحسديني عليه… دلوقتي بقى وحش وزيدان عنده حق مش ده زيدان إلي دراعة سابق دماغه ؟
لم تكد حورية تنهي جملتها حتى أنتبهن ثلاثتهن على صوت صياح غاضب أتي من الخارج فركضن باتجاه الشرفة ليظهر لهم ما يحدث بالشارع .
وشهقت كل منهن بحزع وهن يبصرن رجل عريض المنكبين غليظ الذراع يوليهم ظهره وهو يقبض في يده على تلابيب أحد الشباب و لجواره ثلاثة من أصدقاء الشاب يصرخون فيه بغضب:
– خلاص يا معلم زيدان ماجراش حاجه لكل ده
– ماجراش إزاي.. ده بيعلي صوته وأنا واقف .
-عندي أنا دي يا كبير… سيبه بقا الواد مش حملك..أكبرلنا عيب أحنا في منطقتك وبعدين أنت متفق معانا تسلمنا الشغل أول الشهر وده عريس و فرح متحدد
فهتف زيدان بإنفعال:
– وهو أول الشهر كان جه؟
بعدها ترك الشاب يسقط من بين يديه ثم قال:
– أنا هسيبه يروح وانسى غلطه فيا وفي عمالي عشان خاطر أبوه وعشان أنا بفهم في الأصول بس تعاملي مش هيبقى معاه و أنت إلي هتيجي تستلم العفش مني… آمين ؟
نظر الشاب لرفيقه المتسبب في كل ماحدث بسبب لسانه الفالت ثم تطلع لزيدان بخزي وقال :
– آمين يا معلم زيدان.. عداك العيب… سلام عليكم.
بعدها تحركوا مغادرين ولم يجرؤ أي منهم على التفوه بحرف زيادة .
وتقدم والده يقف بجوراه ويضع يده على كتفه فالتف له زيدان ليظهر وجهه المنحوت كتمثال لرجل مصارع يزيد عليه لحيته الكثيفه و عيونه الثاقبة،ثم ردد بعدم رضا:
– ما كان من الأول..لازمته إيه إلي حصل ده بس؟
-يعني أنت ماشفتوش ياحاج كلمني إزاي ولا انا بفتري.
زم الرجل شفتيه بضيق ثم نظر على الناس وهم يطلعون عليه وعلى نافعله فقال:
-طب تعالى … تعالى ندخل جوا الناس بتتفرج علينا يالا بينا..
زفر زيدان بضيق و تحرك معه منصاعاً لأمره.
__________________________
في أعلى نقطة بالجزيرة
خرج راموس من غرفته وهو عاري الصدر يرتدي بنطال من القطن فقط وعلى كتفه وشاح خفيف، تطلع للسماء بأعين لامعة ثم تقدم حتى وصل لجلسته التي صنعت له في البراح أمام باب غرفته وتطل على البحر مباشرة.
أضطجع على مقعده و بقى يتطلع للسماء يلاحظ شكل القمر و هو بدر في تمامه وجلس يطالعه بصمت … صمت طويل لم يزحزح عينه من عليه تقريباً إلا بعدما أقترب أحدهم وقال بصوت هادئ:
– أنه البدر في تمامه سيدي.
ألتف ونظر بصمت لتلك السيدة السوداء قصيرة الطول ممتلئة القوام وهي تقف أمامه وتنظر له بحنان ثم أقتربت و وقفت على مقربة منه أكثر ثم سألت بشفقة :
– لما طردت الفتاة؟
لم يجيب عليها وعاد ينظر أمامه للسماء بعيداً عن البدر فعادت تستفسر:
-ألم تعجبك هي الأخرى؟
أسبل جفناه لثواني وهو يتنهد بحزن ثم قال:
-يبدو إنني قد كتب علي أن أملك كل شيء إلا ما أحب .
صمت لثواني ثم إلتف لها يسأل:
-أتظنين أنها لعنة؟
ردت بلهفة:
– لا؟ لما؟
-لا أعلم …لا أجد راحتي مع أي فتاة.
وقف من مكانه و وضع يديه في جيوب سرواله و تمشى في المكان ينظر على البحر بينما يردد:
– من كل الحريم التي أملكها من كل شكل ولون ورغم كل الفتيات التي عرضتموها علي من مختلف البلاد لم أجد تلك التي تجذبني حتى بت أجن.
تنهد بتعب ثم قال:
-ربما سأتزوج من أحد أميرات البلاد المجاورة للجزيرة .
-لم تكن هذه وصية والدك الملك والتي كنت أنا شاهدة عليها فقد أوصاك إن تتزوج بفتاة تحبها مثله كي يساعدك الحب على أعباء الحكم .
– وأين هي؟ أتعلمين كم عمري؟
-أعلم سيدي راموس.
هز رأسه وأردف:
-و للأن لم أنجذب لأي فتاه حتى بت أشك في أمري.
-أنت من يبعدهم عنك..أستغرب جداً تصرفك.. أين تلك التي ستعجبك وأنت لا تثق في أحد ولا تدع المجال لأن تحاول أحداهن أرضائك، قلت أن ولائك لفتيات جزيرتنا فقط و تلك الفتاة التي طردتها من عندك من اجمل فتيات الجزيرة ولم تبقى بغرفتك ساعة واحدة…لقد طردتها .
ضرب سطح الطاولة أمامه فسقطت الفاكهة و الكؤس بينما يردد بغضب محذراً:
– أنچا ….قلت لكِ لم تعجبني.
إرتدت السيدة “أنچا” للخلف بخوف من عصبيته ثم صمتت لبرهة وحاولت إستكمال حديثها معه مرددة:
-ربما لم يحن الوقت.
-لن أنتظر.. أنا ملك ..يلزمني وريث للعرش ..سأتزوج من أي أميرة..زواج سياسي ينفع الجزيرة اكثر من الحب والإعجاب.
لم تعجب”أنچا” بكلامه و سألت بضيق:
-و وصية الملك.
انفعل عليها وأحتد مزاجه فهتف فيها:
-وأين أجدها تلك؟ أين هي؟
نظرت أنچا للسماء وأبتسمت ثم قالت:
– أتعلم تلك الأسطورة التي تقول أنه….
قاطعها بملل يردد بينما يهز رأسه ساخراً من تفكيرها:
– ملكة جزيرة الذهب تولد ليلة أكتمال البدر في آخر شهر بالصيف… أليس كذلك؟
غربت عيناه بضجر بينما يردد:
-لقد مللت مهاتاراتك أنچا ….مر العمر وأنتي تمنيني بتلك الأسطورة والغريب أن والدتي كانت ملكة جزيرة الذهب وهي من مواليد الشتاء و ببداية الشهر .. أنصحك بأن تخلدي للنوم فقد تأخر الوقت .
تحركت أنچا وهمت لتغادر لكنها توقفت مرددة:
– أسخر مني كيفما شئت لكني سأظل مؤمنة بتلك الأسطورة.
أنحنت له تحييه بأحترام تسمعه وهو يردد:
-من الجيد معرفتك بأنها أسطورة يعني خرافات وليست حقيقة .
تنهد بسأم ثم أكمل:
-الأعمال كانت مرهقة الفترة الماضية، سأذهب برحلة صيد في منطقتي المفضلة،بلغيهم ليحضروا كل شيء.
هزت أنچا رأسها بطاعة ثم غادرت وتركته ينظر للفراغ وسرعان ما نظر للبدر و تنهد.
__________________________
دلف زيدان للبيت وهو يخلع قمصيه الممزق بسبب عراكه مع هؤلاء الشباب، طواه بيده ثم بدأ يجفف عرق جسده الغزير به حتى وصل لوجهه و وضع القميص عليه ينشف به وبتلك الأثناء كانت حورية تهبط الدرج بسرعة كبيرة كي تلحق برنا تودعها .
ومن سرعتها تعثرت قدمها اليسرى بدرجة السلم المكسورة لتشهق برعب وهي على وشك السقوط تبعتها شهقة اخرى لكن هذه المرة بصدمة و هي تشعر وكأنها قد أصدمت برصيف خرساني .
صدم زيدان بالبداية و رفع القميص عن وجهه بينما لف يده كرد فعل سريع يحمي تلك التي ستسقط فما حدث أنه قد ضمها له بقوة كبيرة وبعدها تحقق من هويتها وردد :
-حورية.
أتسعت عيناها بمهابة وهي تجد نفسها بأحضان زيدان وهو كذلك صدم فحررها من بين أحضانة بسرعة كمن صعقته الكهرباء فارتدت للخلف وكادت أن تقع مرة أخرى، لكنها أنتبهت على صوته يردد بسطوة:
– مش تاخدي بالك وأنتي نازلة قولنا كذا مره في عتب مكسور.
لم ترفع أنظارها له، لم تريد، تمقته وتمقت شدته أو….تخاف منه؟؟
لا تعلم كل ما تعلمه أنها لا تحبذ النظر له ولا التعامل معاه ويستحسن ألا تستمع لصوته الخشن .
فهتف بضيق:
-أنا بكلمك على فكره…بعد كده وأنتي نازلة تبقي تبصي قدامك.
حاولت إلا تصرخ فيه من طريقته فقط لأجل عصفورها وقالت إنهاءً للموقف:
– حاضر .
ثم غادرت سريعاً وتركته خلفها ينظر عليها بضيق مردداً :
-ماشية بربع عقل …صحيح ما جمع إلا و وفق .
ثم عاد يستكمل صعود الدرج بأتجاه شقتهم.
_____________________________
وقفت رنا بالشارع أمام أحد السيارات الخاصة تودع أهلها مرددة:
-ماتزعليش بقا يا ماما ..هي دي أن شاء الله آخر سفرية وإن شاء الله هرجع لكم بفلوس كتير قوي .
أعوج فم خالتها فوزية وقالت:
– ياختي ارجعي لنا بعريس.
دبت بقدميها في الأرض تردد:
– ياخالتو بقا ياخالتو .
-بلا خالتو بلا هباب ده انتو خلتوها خل .
صمتت لثواني وهي تبصر حورية حضرت للتو فقالت بتوعد :
– وأنتي يا بت أنتي تقولي لعصفور الجنينه بتاعك إن تأجيل فرح تاني مش هيحصل ولما يجيلي لينا كلام تاني .
نظرت حورية لرنا وقالت:
– عجبك كده هتمشي أنتي وتسبني لوحدي معاهم يتكاتلوا عليا ؟
ضحكت رنا و ودعت والدتها التي وقفت باكية لا تتحدث وحاولت طمئنتها ثم سلمت على خالتها ورنا وغادرت مع السيارة التي أوصلتها للمطار .
_________________________
في ظهر اليوم التالي كانت رنا وسط زملائها من العمل وقد حطت الطائرة بالمطار ثم ذهبوا للشاطئ كي يسيروا بالبحر ليصلوا للجزيرة .
وقف قائد المركب يردد:
– دلوقتي يا شباب احنا على بعد تلات ساعات من جزر الدهب.. هي مجموعة جزر بيحكمها الملك راموس وبيسكن أكبر جزيرة فيهم و الدخول هناك له ترتيبات و تصاريح .. أهل الجزيرة هناك ليهم نظام خاص جداً فياريت كلنا نلتزم بالتعليمات عشان نوصل للمكان إلي فيه مهمتنا لأنهم أكتر من جزيرة زي ما قولت .
ظلت رنا تستمع للتعليمات بإنصات تام وباقي زملائها كذلك لكن بعينهم نظرة خاصة لها وهي تلاحظ ذلك لكن لا تعرف ماذا هناك.
بعد مرور ساعة ونصف تقريباً وقفت المركب على أحد الشواطئ وقال القائد:
-هنقف هنا نريح مكنة المركب ونكمل …تقدروا تنزلوا تريحوا شوية قبل ما نمشي.
هزوا جميعاً رؤسهم بينما تقدمت أحداهن من رنا وقالت بإبتسامة واسعه ودودة:
-رنا … بيقولوا الموز هنا في الجزيرة حته من الجنه .. ماتيجي نجرب .
نظرت رنا للجزيرة بريبة ثم قالت بتردد:
-لأ ماعلش … أصلي…
قاطعتها الفتاه وقالت:
– أخس عليكي بقولك نفسي فيه هو احنا هنيجي الجزيرة هنا كام مرة في العمر يعني ؟
-طب ما تاخدي منه؟
-دي عيلة باردة…قولتلها و قالتلي لأ وحرجتني ..هتيجي معايا ولا هتحرجيني زيها ؟
زمت رنا شفتيها بحرج ثم وقفت و ذهبت معها رغم ترددها .
ظلت الفتاة تسير مع رنا حتى تعمقا داخل الجزيرة بجوار أشجار الموز فقالت الفتاة لرنا:
– الله شوفتي مش قولتلك الموز هنا مختلف .. لأ وفي جوز هند كمان…وااااو .
صمتت لثواني تخرج هاتفها ثم قالت بأنبهار:
– مش معقول ….ده في شبكة هنا… طب أستني أكلم ماما أطمنها وانتي أجمعي الموز .. ماشي.
لم تترك لها فرصه بل بدأت تتصل بوالدتها بالفعل وتتحدث معها تسير خطوة بخطوة بجوار رنا التي أنشغلت بجمع الموز كي تنتهي وتذهب من هنا قبلما تغادر المركب.
لكن لم يمر ثوى دقيقة …هي فقط دقيقة واحدة ولم تجد أحد بجوراها .
ألتفت حولها برعب تنادي الفتاة التي كانت معها لكنها لم تجدها .
حاولت الخروج من بين الأشجار كي تصل للشاطئ لكنها صدمت بعدم وجود المركب أو أي أحد من أصدقائها.
حاولت التماسك وألا تصرخ بأنهيار الآن وظلت تركض على طول الشاطئ لكنها لم تجد أي أثر لهم .
وقفت تلهث وقد سيطر الرعب على خيالها وجسدها لتنتفض على شئ معدني مصوب بظهرها وصوت جهوري يردد بلهجة حادة:
-من أنتِ؟؟؟
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فراشة في جزيرة الذهب)