روايات

رواية فجاءته تمشي على استحياء الفصل الأول 1 بقلم خلود بكري

موقع كتابك في سطور

رواية فجاءته تمشي على استحياء الفصل الأول 1 بقلم خلود بكري

رواية فجاءته تمشي على استحياء الجزء الأول

رواية فجاءته تمشي على استحياء البارت الأول

رواية فجاءته تمشي على استحياء الحلقة الأولى

في إحدى القُرى التابعة لإحدى محافظات القاهرة، وحيثُ تلك القريةُ النامية عن صخب المدن ، صوت زقزقة العصافير يغرد فوق تلك الأشجار النابتة أمام تلك البيوت البسيطة بتطريزُها القديم لما يشير لعمرها التسعيني، نجد ذلك المنزل بتراثه الحديث بعض الشيء يتكون من طابقين ، يضم الطابق الأرضي بعض المحلات الناشئة في ذلك البيت للايجار، وفي الطابق الثاني تحديدًا كان هدوء الليل يسيطر على تلك المنازل لما تُشير إليه الساعة إلى الثانية بعد منتصف الليل،
تململت تلك الفتاةُ فى نومها بهدوء فور سماعها رنين الهاتف الخاص بها، فقامت مسرعة بخوفٍ أن موعدها المحدد بطاعة ربها قد فات، نظرت للهاتف براحةٍ عندما وجدت الساعة الثانيةُ بعد منتصف الليل، حمدت الله سرًا و ذهبت لتتوضئ لأداء صلاة قيام الليل المحببة لقلبها قبل آذان الفجر بساعات،
أدت فرضها بمحبة وبسمة مشرقة تُنير ثُغرها براحةٍ وهناء، ثم جلست على سجادتها ترتل سورة البقرة كم تفعل يوميًا، فبها تجد راحتها وآمنُها ….
فُتح باب غرفتها بهدوء فتطلعت لها بحبٍ وهي تقول :-
ـ اتفضلي يا أمي ايه اللي مصحيكي دلوقتي، لسه فاضل ساعة على الفجر كنت هصحيكِ.
ابتسمت لها بمحبة وهي تقترب منها قائلة بحنان :-
ـ قلقت من نومي وعارفه إنك بتكوني صاحية في الوقت ده واخوكِ جاي الساعه ٢ من بره يا بنتي غُلبت كلام معاه مفيش فايده .
ضحكت ملء فمها وهي تقول بقلة حيلة:-
ـ السبب في البلاستيشن اللي فتح تحت البيت سيبيه يلعب يا ماما .
استرسلت حديثها بحزن :-
ـ بس ده بيمنعه من الصلاة يا « رونق »وبيبعده عن طريقة يابنتي انا عايزاه يكون حاجه كويسه.
ابتسمت بهدوء ثم قالت بيقين :-
ـ متقلقيش يا ماما انا هتكلم معاه
تابعت حديثها بجدية :-
ـ وانتِ يا « رونق » امتى هتفرحيني بيكِ يا حبيبتي بقي عندك ٣٠سنه وترفضي كل اللي بيجي يتقدم .
ابتلعت غصةٌ مريرة في حلقها واسترسلت حديثُها بهمس :-
ـ انا مش عايزه زوج والسلام يا ماما انا عاوزه واحد عارف الدين كويس ويتقي الله عشان يتقي ربنا فيا .
قالت خديجة باهتمام :-
ـ يا بنتي وماله محمود ابن عمك قمة الذوق والأدب، وطلبك كذا مرة .
حاولت انا تهدء قليلًا فقالت باحترام:-
ـ يا أمي يا حبيبتي انا مقولتش إنه مش كويس بس انا مش شيفاه زوج ليا، وبعدين طول عمرك تقولي،
” إن جواز القرايب يجلب المصايب.”
وانك مش بتحبي جواز القرايب، علشان تفضل النفوس حابه بعض، لأن أي مشكلة بتشيل النفوس من بعض…
التمعت الدموع في مقلتيها واسترسلت حديثُها بحزنٍ:-
ـ انا تعبت من كلام الناس يا بنتي في الطالعة والنازلة وانتي ماشاء الله تبارك الرحمن مفكيش غلطه، مش عايزه حد يقول كلمة تزعلك..
اعتلى الألم قسمات وجهها فقالت :-
ـ هي القرى كده يا امي كل الناس تتدخل فيما لا يُعنيها .
نصيحة مني متديش ودنك لأي حد وسيبي اللي يتكلم يتكلم احنا عند ربنا لينا كتير،
” وما جزاء الصابرين إلا الجبر يا أمي.”
احتضنتها بحنانٍ وقالت من بين ابتسامتها :-
ـ ربنا يرزقك بابن الحلال اللي يسعدك ويتقي ربنا فيكِ يا عيوني.
ابتسمت بهدوء قائلة:-
يلا يا ست الكل روحي صلي وادعيلي، وانا اصلي وانام ساعه كده عشان الشغل الصبح .
قبلت رأسها بمحبة وضمتها مرةً ثانيةً إلي أحضانها :-
ـ ربنا يزيدك يا بنتي ويرزقك من نعيمه.
رددت بهدوء :-
“اللهم امين ”
ثم تابعت حديثُها بجدية :-
ـ متنسيش تتكلمي مع عادل قولي له إن البتاع اللي بيضيع وقته فيه ده هيدمره، هو يقبل منك يا حبيبتي.
قالت مبتسمة:-
ـ حاضر يا ماما لما اجي من الشغل هكلمه بإذن الله.
استدارت لتذهب وهي تقول :-
“ربنا يبارك فيكم وميحرمكوش من بعض يارب ”
……………………………………….
في مكانٍ آخر في إحدى شوارع تلك القريةُ؛ دوى صوت آذان الفجر من تلك الزاوية الصغيرة المخصصة للصلاة.
افترش الأرض ينتظر إقامة الصلاة وبيده مصحف يرتل آيات الله في جوفهِ،
اقترب منه رجُلًا من أئمة المسجد يحدثه بمحبةٍ:-
ـ ازيك يا « يعقوب » أخبارك إيه يا طيب
ابتسم له بهدوء وهو يتصدق ويقفل مصحفه قائلًا :-
ـ بخير يا «شيخ بدر» طمني على أحوالك
جلس مقابلًا له ثم أردف قائلًا:-
ـ شوفت ليك رؤية امبارح تبارك الرحمن حاجه من الجنة يا رفيقي الصالح .
خفق قلبه فرِحٍ فقال بابتسامة زُينت وجهه:-
ـ خير يا شيخنا أثلج قلبي .
تابع حديثه باهتمام ومحبة لذلك الشاب الخلوق :-
ـ في الرؤية يا بني وتفسيرها إن ربنا هيكرمك قريبًا بما تتمني وسيأتي العوض من الله اللي ضيعت عمرك تستناه بصبرك وطيبة قلبك ورضاك ، عشان عاوز إنسانة تعرف دينها كويس والله اعلى واعلم .
ارتسمت إبتسامة شكر ورضا على وجهه البشوش وهو يقول بأمل :-
ـ اتمني يا شيخ بدر ألاقي إنسانة تساعدني على طاعة الله
ثم استرسل بحزنٍ:
ـ لأن حال البنات في عصرنا هذا يحزن ويبكي .
اعتلي الحزن قسمات وجهه فأردف بقلة حيلة:-
ـ للأسف النت شغل البنات، والموضة بقينا نشوف البنت نص شعرها باين، والملابس تصف أجسادهم، غير المكياج اللي بيحطوا يغير ملامحهم ده، والعيب على الأهل مش عارف إزاي الأب بيسيب بناته تخرج كده، ولا الزوج اللي بيستحل كده …
ثم تابع حديثه قائلًا :-
ـ ليس لنا من الأمر شيء يا رفيقي، نسأل الله أن يخرجنا منها بحسن العمل وحسن الختام .
آمن يعقوب على حديثه قائلًا ببسمة هادئة:-
ـ يلا قد قامت الصلاة.
بعد مدة كان قد أتم صلاته وذهب مسرعًا للبيت لأجل الذهاب إلى عملة فدق باب البيت بهدوء.
فُتح الباب لتنظر له مبتسمة وهي تقول :-
ـ تصلي في الحرم مع عروستك يا يعقوب يا ابني يارب
ابتسم لها بحنان ثم أردف بضحكةٍ:-
ـ يارب يا ست الكل
وتابع حديثه قائلًا:-
ـ الفطار جاهز ولا اروح اجيب طعمية من عمي محمد
قالت مسرعه :-
ـ لا يحبيبي جاهز دقيقتين وهجيبه على ما تغير هدومك.
قال بهدوء وهو يذهب فى اتجاه غرفته :-
ـ عائشة صحيت تصلى يا امي ولا لأه…
نجلاء بحزن لحال ابنتها :-
ـ سيبها نايمه يا ابني أصلها كانت بتذاكر لحد الساعة ٤
التفت ينظر لها والحزن يلمع في مقلتيه فحاول التماسك:-
هتفضل كده لحد امتى يا امي انا خايف عليها ، ومش راضيه تخليني أساعدها.
استرسلت حديثُها بيقين نابع من قلبها :-
ـ بكرة تتعدل يا ابني انا هحاول افهمها واقنعها، وربنا يهديها ويشفيها يارب
قال بهدوء:-
ـ يارب يا امي .
جلس يتناول طعامه ، فتحدثت «نجلاء» بتساؤل:-
ـ سألت عن البنت اللي قولت لك عليها ؟
رفع بصره براحة ثم استرسل حديثه معقبًا :-
ـ مش مناسبة ليا يا امي مش شبهي ولا دي الانسانة اللي عاوزها .
قالت بقلة صبر :-
ـ وبعدين يا يعقوب بقي عندك ٣٥ سنه يا ابني هنستني ايه تاني.
قال مبتسمًا بحنان :-
“وما بعد الصبر إلا جبر يا أمي وعلى الله العوض”
تطلعت له بحسرة وخوف :-
ـ يابني عاوزه اطمن عليكم أبوك مات وسابني لوحدي من وانت فى تانية ابتدائى، واختك كانت لسه مولودة وانا مريضه وراحتي اني اشوفك متهني وأشوف ليا أحفاد يعوضوني عن سنين التعب دي كلها.
قبل رأسها بمحبة وهو يقول بحنانٍ:-
ـ انتي عندي بالدنيا ومافيها يا ست الكل وبعدين هفرحك الشيخ بدر شاف ليا رؤية وقالي استبشر خير دعواتك معايا بقى يا نوجه…
احتضنته وهي تهمس من وسط بكائها:-
ـ ربنا يرزقك يا ابني ببنت الحلال اللي تنور قلبك.
ابتسم براحة وحب قائلًا:-
ـ اللهم امين يا امي .
………………………….
اشرقت الشمس لتعلن بداية يوم جديد مليءً بالأمل وتحدي الصعاب، ارتدت رونق ملابسها الفضفاضة واحكمت خمارِها بإتقان ثم جذبت حقيبتها ووضعت ما يمكن أن تحتاج له وخرجت تبحث عن والدتها بهدوء وهي تُنادي:-
ـ يا أمي يا مااااااما يا ست الحبايب.
خرجت من المطبخ تقول بتحذير:-
ـ يابنتي هتصحي أبوكِ انتي مفيش فايدة فيكِ.
ضحكت ملء فمها وهي تمسك خدودها بمرح:-
ـ عشان يصحى يا امي يفطر معايا قبل ما انزل الشغل انتي عارفه اني مش باكل من غيرة.
ـ ولا أنا أقدر آكل من غيرك يا حبيبة بابا
التفتت على أثر الصوت فركضت مسرعة تحضنه وهي تقول بمرحها المعتاد:-
ـ حبيبي يا بابا ربنا يخليك ليا وافضل كده قرفكم عادي
ضحك ملء فمه وهو يقول بتساؤل:-
عملتي ايه في الموضوع اللي اتكلمت معاكي فيه؟
شحب وجهها بضيق من تذكر تلك الفتاه التي تقود عقلها دومًا للجنون:
ـ يابابا يحبيبي «أميرة » بنت عمتي مش بتاعت شغل وتحمل مسؤولية دي عاوزه تقعد في فيلا والخدامين يخدموا عليها،
جت امبارح معايا الشغل كسفتني مع المديرة بطريقتها وانا تعبت من كتر ما بنصح فيه وهي ولا هنا .
اعتلى وجهه الحزن والألم :-
ـ انا مش عارف امها مساعدها على كده ليه يا بنتى ربنا يهديها.
تنهدت بهدوء قائلة:-
يارب ويهدي عمتو« سماح » بجد.
ـ تناولت طعامها على عجل، وقامت مسرعةً عندما رأت الساعة دقت الثامنة صباحًا فحملت حقيبتها بهدوء وهي تقبل رأس أبيها وأمها قائلة :-
ـ انا ماشيه عشان الباص زمانه على وصول أستودعكم الله .
هبطت الدرج مسرعة وهي تردد ذكر الله سرًا فستوقفتها إحدى جاراتها وهي تقول بغيظ:-
ـ ازيك يا رونق
ابتسمت بهدوء ثم أجابت :-
ـ الحمد لله يا خالة «هدى» انتى اخبارك ايه؟
نظرت لها من أعلى لأسفل وهي تجيب بتشفي ولؤم :-
ـ بخير كنت بعزمك على خطوبة «روضة »بنتي الليلة ابقى تعالي شوية يمكن تصادف ويشوفك حد وتعجبيه.
نغز قلبها بألم من تلقيحها المؤذي لها فحاولت أن تجيب بهدوء:-
ـ الف مبروك يا خاله، كان نفسي أحضر والله بس مش بحب الافراح من النوع ده، ولا بحب انى اعجب حد في مكان مختلط وباركِ لـ روضة كتير .
ـ بعد اذنك يا خاله عشان معاد شغلي .
التفت تداري دمعة هاربة من سمراوية عينيها فرددت بألم سكن قلبها :-
“اللهم اعطني الصبر حتى ترضى عنى وتفك كربي وتمنع عني ما يؤذى عقلي، ويمغصُ قلبي .”
صعدت الباص الخاص بنقلها إلى العمل فبحثت بنظرها عن كرسي بجانب النافذة ،اخرجت مصحفها وأخذت تقرأ في سرها لحين أن توصل ….
استمعت لهمهمات النساء من خلفها عن اخبار الدنيا منهم من تحكي كيف تعيش تعيسة في بيت زوجها، ومنهم من تحكي كيف تقضي اليوم دون أن تجد طعامًا مناسبًا لصغَرِها، في ظل غلاء الأسعار،
حمدت الله كثيرًا أنها فى هذا المكان الذي اختاره الله لها وأن الرضا يكمن في منبع قلبها.
توقُف الباص جعلها تفيقُ من شرودها، و نزلت بهدوء متجهه إلى ذلك المصنع الذي يضم من الفتيات مئات أو اكثر جميعهم يبحثون عن الرزق الحلال لكي تسير دنياهم دلفت بهدوء ثم ألقت التحية على مجموعة فتيات يجلسن في أماكن عملهم ،
وضعت الحقيبة وبدأت في العمل بذهنٍ شارد البال ودعوة في سرها وددت لو تتحقق .
____________________________
في جهة أخرى من القرية صاحت الأم بعنف وهي تنتحب وتقول بغضب :-
يعني شمتي فيا خديجة على آخر الزمن تشمتي فيا مرات خالك …
لوت فمها بتهكمٍ وهي تمضغ تلك العلكةُ في فمها يمينًا ويسارًا
فتحدثت بنفور :-
ـ عايزه ايه يا ماما انتي عاوزاني أشتغل في مصنع زي رونق ؟!
نظرت لها « سماح »بغيظٍ وهي تقول بحدة:-
ـ ومتشتغليش ليا على الأقل تكفي مصاريف هدومك اللي كل شوية بتجبيها والاكسسوارات اللي مالية اوضتك دي ..
رمقتها بنظرة ملؤها الضيق ثم أردفت قائلة:-
ـ وانتي دورك ايه مش المفروض الحاجات دي انتي اللي تجبيها انتي وبابا ؟
بلعت غصة حلقها بتوتر ملحوظ فقالت بثباتٍ صنعته بصعوبه:-
ـ وهو فين ابوكي عايش حياته بره وسايبنا للي يسوى واللي ميسواش
ثم تابعت بحزنٍ وحسرة :-
ـ حتى مش بيبعت لينا مصاريف تكفي أكل ولا شرب وكل لما اتكلم معاه ممعيش ممعيش ..
أغمضت «أميرة »عينها بضيق ثم قالت وهي تبرد ضوافر يدها بذلك المبرد اليدوي غير مبالية بشيء :-
ـ تلقيه متجوز عليكي هناك
لكزتها بقوة وهي تصرخ بجنون:-
ـ قولتلك ألف مره بلاش أسلوبك ده ما انتي طلعه له في العند والبخل ..
شهقت من وسط بكائها وهي تقول بغل :-
ـ والله تستاهلي ..
هتفت بها غاضبة :-
ـ بنت قليلة الأدب
تركتها وذهبت الي غرفتها فوقفت بعد مهلة تنظر لها وهي تقول بتحذير وتلك العبارات تظهر بألم في مقلتيها :-
ـ انا هسافر لبابا وانتي روحي اقعدي فى مع أخوكي محمد ومراته على الأقل تشوفي مرات خالوا بتعامل رونق إزاي وشوفيها زارعه فيها قيم وأخلاق انتي حرمتيني منهم ومترجعيش تلوميني …
أغمضت “سماح “عينيها بألم شديد وهي تبكي بحسرة :-
اللي عملته في أمي زمان بينعاد قدامي تاني دلوقتي كان عنده حق محمد أخويا لما قالي يا هتندمي يا سماح وكل اللي بتعمليه يقعدلك ….
“كثيرًا منا يفعل هذا الشيء لقد أدركتُ أن بر الأبوين أصبح أمرًا صعبًا، أرى فتيات يرفعوا أصواتهم على أهليهم، ويعاملوهم بقسوةٍ ، لكن ما أدركته حديثًا أن ما فعلته البنت بأمها سيعود لها في صورةً مطابقة عندما تسير أمًا..
“الرفق يا أحفاد عائشة وخديجة وفاطمة ، وأمهات المؤمنين جميعًا الرفقُ بأمهاتكم حتى لو أغضبوكم يظلوا بالآخر من ربوكم وتعبوا وسهروا الليالي لأجلكم ”
«خلود بكري»
___________________
“عند رونق ”
أعلنت الساعةُ عن الحادية عشرة وهو وقت “الرست ” بالنسبة لهم أي وقت راحتهم بأخذ بعضًا من الدقائق للتوقف عن العمل،
اقتربت منها الفتيات يتبادلن أطراف الحديث ، أعقبت تلك الفتاة بكبرٍ ونفور:-
ـ انتي هتفضلي دفنه نفسك في الشوال اللى انتى لبساه ده
نظرت لها بضيق ثم أردفت قائلة بهدوء تحكمت به :-
ـ ماله اللي انا لبساه يا منار، وبعدين مش أسمه شوال ؛
ثم تابعت حديثُها بوضوح :-
ـ “اسمه إدناء”
ضحكت بسخرية وهي تقول :-
ـ شوال إدناء متفرقش في المسميات كتير، المهم إنه في الاخر شكله مش لطيف .
زفرت بضيق ثم قالت معقبةً:-
ـ عاجبني يا منار، وشايفه راحتي فيه ..
نظرت له بسخطٍ وهي تقول بنزق :-
ـ انتى حره، بس لو فضلتي كده هتفضلي طول عمرك قاعدة بايره على المكنه دي .
ابتلعت ريقُها بألم ثم استرسلت حديثُها بهدوء :-
“متى أراد الله شاء يا منار.”
ردت فتاة تجلس بجوارهم تدعى سعاد :-
ـ خليكِ فى حالك يا منار، وبلاش كلامك اللي زي السم ده ومش أول مرة تحصل…
ثم تابعت حديثُها بضيق :-
ـ ياريت متتكررش تاني ولا عشان رونق مش بترد عليكِ بتزودي من أذيتك ليها..
نظرت لها شرذًا وذهبت تنفخ من أمامهم وهي تتمايل يمينًا ويسارًا .
حتى تحدثت سعاد قائلة بهدوء وحكمة :-
ـ متشغليش بالك بكلامها يا رونق انتى عارفها متكبرة وميعجبهاش العجب ..
ابتسمت بمحبة ثم أردفت بهدوء :-
ـ ربنا يهديها…
…………….
انتهى دوام عملُها وخرجت للتو لتبحث عن مواصلة تنقلها للبيت، وقفت بهدوء تراقب الطريق وعيناها ترسم الأرض لشدة خجلُها أن تقف هكذا،
دق هاتفها معلنًا عن إتصال فرفعت الهاتف وهي تُجيب :-
ـ السلام عليكم يا أبي
رد قائلًا بمحبة :-
“بخير يا رونق أيامي ”
ابتسمت بهدوء وهي تخبئ وجهها :-
ـ بحب أسمع منك الكلمة دي يا بابا ربنا يبارك لنا فيك
أردف قائلًا بحنان :-
ـ ويبارك ليا فيكم يا حبيبتي
ثم تابع بجدية :-
ـ تعالى ليه الورشة وانتى مروحه عشان جايب لأمك أكله حلوه كده تعملها لينا على العشا.
ابتسمت قائلة بمرح:-
ـ من عيوني يا بابا والله يا بخت خديجة بيك ..
ضحك ملء فمه وهو يقول بابتسامه :-
ـ ماشي يا بكاشه متتاخريش .
أغلقت الهاتف بهدوء وعلى وجهها ابتسامه عذبةٌ من حديث أبيها الطيب معها، فحمدت الله سرًا أن العوض يأتي أحيانًا على هيئة الآباء، وهذا ما كان يجعل قلبها مليء بالرضا والنور بعيدًا عن جرح المجتمع للفتاة المتأخرة في الزواج.
_____________________
في مكانٍ آخر وبينما كان يجلس وسط مجموعة من أصدقائه، في إحدى المقاهي المخصصة لقعدة الرجال والشباب، قال ذلك الشاب المتعجرف :-
ـ البنت دي مش هتجيبها لبر
ثم تابع حديثه بغل شيطا*ني :-
ـ بس على مين مش «معاذ » اللي بنت تعلم عليه
قال شخصًا أخر ينفُس السيجار بتلذذ :-
ـ هتعمل ايه يعني ؟
قال مردِفًا بوعيد :-
ـ هشير الصور بتاعتها في كل مكان هخليها تجيني ترتجي طلبي وانا اللى هرفضها
قهقه الآخر بضحكة عاليه :-
ـ أسد وتعملها بس بقولك ايه متبعتلي صور القمر لما اشوفها كده
غمز له بطرف عينيه وهو يُجيب ببرود :-
ـ افتح الشات عندك وخد احلى صور وابعتها لحبايبك يا عم.
ابتسم بفحيح ثم أردف قائلًا بعد أن عبث بازار هاتفه وهي يتطلع لأحد الصور بإعجاب :-
ـ لا بس البت تستاهل الصراحه انك هتموت عليها، لكن من غيظك انثها رفضتك عاوز تبيعها كده
ثم تابع حديثه تساؤل :-
ـ هو انت محبتهاش
أجابه بهدوء :-
ـ حبيتها بس مش لدرجة الحب الحقيقي ، الصراحه حبيت حبها ليا، وحبيت اللي باخده منها، وأنها مبتعرفش تقول لأه لأي سبب
ثم تابع بشر :-
ـ بس جت عند المهم ورفضتني بعتتلى الصور دي بطلوع الروح ، بس رخصت نفسها لما عملت كده وانا مستحيل اتجوز واحده عملت كده…
قال شخصًا أخر يسمى «أيمن» يجلس معهم :-
ـ ياعم مينفعش الكلام ده يعني ترضاها على أختك
نظر له شرزًا وهو يقول :-
ـ انا اختى متعملش كده يا أيمن
نظر له بضيق ثم تحدث قائلًا :-
ـ وانت تعرف ايه عن اختك؟
ثم قال بنصح :-
ـ يا معاذ زي ما بتخاف على أختك خاف على بنات الناس
ودي نصيحه بدل ما ترجع تعض ايدك من الندم ..
«إعمل تُعمل كما تُدين تدان »

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فجاءته تمشي على استحياء)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى