رواية فارس النار الفصل الثاني 2 بقلم شيماء سعيد
رواية فارس النار الجزء الثاني
رواية فارس النار البارت الثاني
رواية فارس النار الحلقة الثانية
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
احيانا يولد الإنسان وتولد معه تعاسته ، فيكون حظه قليلا فى تلك الدنيا ولكن الأكيد أن الله سبحانه وتعالى يخبىء له الكثير فى الآخرة .
ها هو ذاك فارس فى لمحة بصر فقد كل من يحنو عليه .
فأصبح بلا أما او أبا .
وأصبح الجميع ينفر منه خوفا على أنفسهم بعد أن أطلقوا عليه فال شؤم .
طالعته ام بهانة بحزن على حاله ونظرت لزوجها تستعطفه أن تأخذه لتربيته مجددا ، ولكنه رفض رفض قاطعا .
أبو بهانة بحنق …يمين تلاتة لو فتحت الموضوع ده تانى ، لكون حالف عليكى اليمين يا بنت الناس .
وهاخد عيالى منيكى وخليهولك بجا ، عشان يموتك ناجصة عمر .
عتابته ام بهانة بقولها ….حرام عليك ده كله بجدر ربنا ، وده عيل صغير .
هيعمل ايه عاد ، ده لسه هيعملها على نفسه .
ابو بهانة …مليش فيه ، والجواب باين من عنوانه ، ومتجوليش عيل ده شيطان صغير .
ام بهانة …طيب هنعمل ايه ؟ هنسيبه يموت يا ناس ، يرضى مين ده ؟
ابو بهانة …يموت نفر ، احسن ما نموت كلاتنا .
ام بهانة …طيب انا هاخده لشيخ الچامع ، واخليه ينادى فى المكرفون ، نشوف مين ياخده عنديه .
ابو بهانة …إذ كان إكده ماشى .
فأخذته بالفعل لشيخ المسجد ، الذى حمله بحنو ولكنه عندما نظر إلى عينيه التى رمقته بنظرة حادة وتلون لونها للحمرة وظل يرفس ويصرخ .
استعاذ الشيخ منه قائلا …اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
خدى الواد ده يا ام بهانة برا المسجد وانا هنادى وربنا يكون فى عون اللى هياخده .
ثم صاح الشيخ فى الميكرفون …السلام عليكم يا اهل الكرم والجود ،ابن القرية فارس خليل زى ما انتم عارفين ، أصبح يتيم ومحتاج حد يكفله ، وله الاجر والثواب عند ربنا .
والرسول صلى الله عليه وسلم قال ( انا وكافل اليتيم فى الجنة كهاتين وأشار باصبعيه السبابة والوسطى ) .
ليتهامس أهل القرية فيما بينهم .
لتجد منهم من صاح بقوله خائفا …لا أعوذ بالله دى عيل فقر ،ووشه نحس ، سيبوه يموت احسن .
ومنهم من صاح …لا حول ولا قوة الا بالله ، هو صعبان عليا بس كفايا عليه عيالى ..
إلى أن تحرك قلب سيدة شابة مات عنها زوجها ولم تنجب بعد وتعيش بمفردها وتدعى ( منال ) .
منال ….يا جلبى عليك يا ولدى ، انا مستعدة اتكفل بيك .
واهو تسلينى بدل ما انا جاعدة لحالى إكده .
واخوى متلهى بمرته وعياله عاد ، ومبيطلش عليا غير لما يحتاج فلوس .
فأسرعت لوضع عبائتها عليها ثم توجهت نحو المسجد ، لتجد أم بهانة تحمله ، فأقبلت إليها مبتسمة بقولها …هاتيه يا ام بهانة ، انتِ خابرة انى لحالى ، فهخده يسلينى عاد واخد فيه ثواب .
طالعته ام بهانة بحب وحزن فى ذات الوقت ، لأنها من قامت بتربيته منذ ولادته فارتبطت به ولكن ما باليد حيلة .
ناولته إياها بقولها …ربنا يجازيكى خير يا منال والله ، وخلى بالك منيه عاد وخدى خلجاته اهيه .
وهو خلاص عيشرب لبن عادى وعياكل اى حاچة .
منال ..ماشى ، على الله .
لتحمله بين يديها ثم طالعته فوجدته يبتسم لها ، فقذف الله حبه فى قلبها ، فضمتها لصدرها وعادت به إلى منزلها لتراعيه .
ليصل الخبر الى اخيها ( مرزوق) فيستشيط غضبا مردفا بحنق ..بنت ستين فى سبعين ، عتجيب عيل نجس تصرف عليه ، هى ناجصة مش كفاية بتطلع الجرش ليا بالعافية وانا اخوها وأحق بفلوسها دى كلاتها.
لا انا مش هسكت على الموضوع ده ابدا ، وهروح اخده منيها وارميه لكلاب السكك .
وبالفعل ذهب إليها مسرعا وافزع الصغير بطرقات الباب العنيفة على الباب ، فصرخ فارس .
فاقتربت منه منال وحملته لتهدئته مردفة بحنو …متخافش يا ولدى ، ده اكيد خالك مرزوق عرف انك چيت إهنه .
وخابرة طبعا عيجول ايه , ربنا يهدى .
تعال نفتح يلا ، ولكن فجأة توقفت الطرقات على الباب وساد السكون ، فابتسم فارس .
فاندهشت منال بقولها …ايه حوصل ،معجول يعنى مشى بسرعة إكده من غير ما يصبر أفتح الباب عاد .
ثم تابعت بقولها وهى تحنى ظهرها لتضعه أرضا ….
طيب ، أجعد يا ولدى أكده ، أشوفه على السلم .
فأجلست منال فارس أرضا ، ثم ذهبت مسرعة الباب لتفتحه ، لتتفاجىء بأخيها أمامها ويده معلقة فى الهواء ، كأنه لا يستطيع تحريكها .
وعلى وجهه الخوف والفزع حتى صرخ …يدى مش جادر أحركها يا منال ، معرفش حوصل إيه فجأة إكده !
طالعته منال بقلق مردفة بحنو…سلامتك يا خوى ، ليه إكده ، تكونش من كتر الخبيط على الباب ، العرج طج منيك .
خش خش لما أدنهالك بالزيت ، هتفك وتبجا زى الفل .
خليل بذعر …مش خابر عاد ، ربنا يستر ، دى يدى اللى عشتغل بيها ، هعمل ايه إكده ؟
منال …ادخل بس وان شاء الله خير .
فولج مرزوق للداخل ، فوجد فارس يطالعه بعين حمراء مخيفة ، فتراجع للوراء وصرخ ….العيل ده مش طبيعى ابدا يا منال ، ده شيطان صوح زى ما بيجولوا ، ابعديه من إهنه بسرعة عاد ، ده وشه نحس ، واديكى شوفتى حوصلى ايه على وشه .
فدافعت منال عن الصغير بقولها …عتجول ايه يا مرزوق ، ده عيل صغير ، انت عتصدج الحديت الماسخ ده .
وانا متوكدة أن يدك من كتر الخبيط حصلها إكده .
أجعد بس ادعكلهالك وبعون الله هتفك .
فجلس مرزوق بخوف ويتحاشى النظر إلى عين فارس .
وقامت منال بالفعل بتدلكها له عدة مرات ومسحها بالزيت ، لتعود إلى يده الحركة من جديد .
فابتسم بقوله …الحمد لله ، ولا يدك فيها سحر يا بت ابوى .
بس بردك الواد ده اهو ، يستحيل يجعد إهنه معاكى .
ليه تصرفى مالك على حد غريب ، وكمان ممكن يوجف حالك لو چه صاحب النصيب .
منال ..انت خابر انى خلاص مش عايزة اچوز تانى ، بس مليت من الوحدة وجولت الواد ده اخد فيه ثواب وكمان يسلينى .
مرزوق ..يا ستى لو على التسلية ، أچبلك عيل من عيالى يجعد معاكى ، أو أنتِ تيچى تجعدى معانا .
واهو أحسن من الغريب بردك وعلى رأى المثل ، يا مربى فى غير ولدك .
منال …انت خابر رئيى فى الموضوع ده ، يستحيل أجعد انا ومرتك فى دار وحدة .
وكمان مهينفعش تفرج عيالك عن بعض ، لكن ده يتيم يا كبدى ، ملهوش حد واصل .
مرزوق بحنق …يعنى مصممة عاد ؟
منال …ايوه .
مرزوق بمكر …..طيب معلش انا مزنوج إكده فى جرشين ، أنتِ خابرة العيال والمدارس والمصاريف .
منال …وبعدين معاك ، يا مرزوق هو كل شوية هاتى هاتى .
ده غير إنى لسه مخدتش أيجار الأرض منيك بجالى زيادة عن ست شهور .
مرزوق ..انتِ عتحاسبينى كيف الغريب يا منال ، امال الدم اللى بنتنا ده ايه !!
منال …الحق ميزعلش يا ولد ابوى .
فاصطنع مرزوق الانكسار مردفا بحزن …خلاص ملهوش لزوم أجيب كسوة الشتا بتاعة العيال السنادى وان شاء الله يموتوا من البرد عاد ، عشان أريحك منى ومنهم عاد .
فضمت منال شفتيها بندم ثم رددت بحنو…لا ميخلصنيش عاد ، دول ولدى بردك ، الله يحميهم .
انا هچبلك كل اللى انت عايزه ، بس اعمل حسابك الشهر الچى لزمن تچبلى ايجار الأرض .
فابتسم مرزوق بمكر …ايوه ايوه ، اكيد يا بت ابوى الغالية ، ام جلب حنين .
ثم دلفت منال للداخل لتحضر له بعضا من المال .
وتركت فارس بالخارج مع مرزوق ، فطالعه فارس بغضب ليخرج من عينيه شرارة نار ، أصابت أسفل جلبابه الصعيدى ، فاشتغلت به النار ، فصرخ …الحجونى ، النار ، النار .
لتسرع منال على صوته ، ثم طالعته بإندهاش ..ايه حوصل إيه ونار ايه اللى عتجول عليها دى ؟
فنظر مرزوق أسفل منه ليجد النار قد اطفئت ولا يوجد أثر لها ، فاصابه الذعر والخوف فركض مسرعا للخارج .
منال …رايح فين يا مرزوق ، الفلوس يا خوى .
ولكنها لم يجيبها ، وفر هاربا .
لتزين ثغر فارس ابتسامة جميلة .
فطالعته منال بحنو مردفة …ليك حج عتضحك على المخبول خالك ده ، مش خابره چراله ايه !!
لتمر الايام ويزداد حب منال لـ فارس وتعلقا به ، رغم بعد الناس عنها شيئا فشيئا بسبب الخوف منه وتلك الحوادث المفتعلة حين يمر بأحدا من الناس .
وعندما وصل إلى عامه السادس وبضعة شهور .
حتى حدثت زوجة مرزوق ( هيام ) زوجها …بجولك ايه يا مرزوق ، انت يا راجل عتسيب المحروسة اختك عتربى فى الواد اللى كيف العفريت ده ، وعتصرف عليه ومش بعيد تكتبله حاچة من الأرض ولا الدهبات على اسمه .
فكور مرزوق يده بغضب مردفا …بلاش تچيبى سيرة الواد ده ، عشان چتتى عتفور عليا لما اسمع اسمه .
فخليهم بعيد عنيينا الله يخليكى.
زفرت هيام بغيظ …انت عتخاف من حتة عيل ميچشيش ربعك يا راچل .
اتصرف ، اعمل اى حاچة ، عشان يبعد عن اختك ويخللنا الچو زى زمان ونعرف من وجت للتانى نجلبها زى ما احنا عايزين ..
مرزوق …عايزانى اعمل ايه يعنى ، ده عيل ابن عفاريت ، مشوفتيش اخر مرة روحت فيها وجعت من على السلم وجعدت فى الچبس تلت شهور ، ولا المرة اللى جبليها معرفتش انطج وكأنى اتخرست عاد ولا اللى جبل جبليها لما النار مسكت فيه وكنت هموت فيها .
لاااا خلينا بعيد عن ابن الأبلسة ده ، انا مش جده .
فضحكت هيام بسخرية مردفة بتهكم …يا عينى على الرچالة ، خليك يا سبعى ، أجعد انت فى الدار .
وانا هروح للواد ده واچبله حجات حلوة واجولها خليه يچى يلعب مع العيال وبعدين اخده ارميه فى الچبل للديابة تكله ونخلص منيه .
حذرها مرزوق بقوله …وأنتِ فاكرة الواد ده عيصدجك ولا عيسيبك اصلا تخديه الچبل ،ده ممكن هو اللى يجدمك للديابة تنهش فى لحمك.
توترت هيام ودخل الخوف فى قلبها ولكنها حاولت التماسك وإظاهر عدم الخوف فرددت بإصطناع …عتجول إكده عشان انت خايف بس منيه ، لكن هو فى الاول والاخر لسه حتة عيل صغير يضحك عليه ، ده لسه مكملش سبع سنين .
ضحك مرزوق ساخرا …عيل ، ده أنتِ اللى عيلة جمبيه .
على العموم انا محبب عليه تعملى اللى جولتى عليه ، بس انا خايف عليكى يا بت ، بس أنتِ حرة بجا .
هيام ..ايوه حرة وبميت راچل كمان .
لتنفذ هيام خطتها فى الصباح الباكر ، وتحمل الفطير والعسل وأكياس الشيبسى والحلوى من أجل فارس .
لتتفاجىء منال بمن يطرق عليها الباب فى الصباح .
منال …چاية اهو يلى على الباب .
وعندما فتحت وجدتها زوجة أخيها هيام ، فحركت شفتيها بإستنكار مردفة …هياااام ، ايه خير يا مرت اخويا ؟.
فيه حاجة حوصلت عنديكوا وعيالك بخير
هيام وهى تتطلع للداخل لترى فارس …هو لزمن يكون فيه حاجة يا غالية عشان أجى اطل عليكى وعلى المحروس الصغير فارس .
الا هو فين ؟ ده انا چيباله حجات حلوة عتفرحه جوى جوى .
طالعتها منال بإندهاش ..هو چوه ، عيلعب بالسلم والتعبان.
فابتلعت هيام لعابها بخوف مرددة …طيب ناديه اسلم عليه وبالمرة نفطر مع بعض .
ده انا عاملة فضلة خيرك شوية فطير عتاكلى صوابعك معاهم.
منال …تسلم يدك ، تعالى خشى اتفضلى .
ثم قامت منال بالنداء على فارس ، ليأتى سريعا .
طالعت هيام فارس بمكر مردفة …واد يا فارس ، كبرت ماشاءالله وبچيت راچل .
فارس بفحيح مرعب وصوت خشن ..انا من ساعة ما اتولدت وانا راااجل وبعرف الناس كويس جوى .
فزعت هيام من صوته الذى لا يدل على صوت طفل على الاطلاق غير نظارته التى تكاد تخترقها .
فقالت بإصطناع ..ايوه امال ايه ، راچل صوح .
بس يعنى معتحبش تلعب شوية مع العيال فى الشارع .
فارس …اه بحب .
هيام ..خلاص ، تعالى شوى العلب مع عيالى فى الحوش عندينا ولا ممكن تروح معاهم الغيط تلعب هناك براحتك .
فسدد فارس نظراته إليها ثم ابتسم بمكر مردفا ..انا چى معاكى .
خافت منال عليه فحذرته بقولها … أخاف عليك يا ولدى .
فربت فارس على كتفها بحنو …متخافيش ياما ، انا شوى ورچعلك.
منال …ربنا يحفظك يا ولدى .
ثم اتجهت به هيام نحو الجبل ، ليفاجئها فارس بقوله الذى أثار فى نفسها مزيدا من الرعب …الله أنتِ عتودينى ناحية الچبل يا خالة .
فكاد قلب هيام أن يتوقف ، فكيف له أن يعلم وجهتها وايضا مسرورا لذلك الأمر ولا يخاف منه .
فارتبكت هيام وتجمدت أطرافها مردفة …؟
فمتى سيحدث بعد ذلك ؟
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فارس النار)