رواية فارس الفصل السادس 6 بقلم سلمى ناصر
رواية فارس الجزء السادس
رواية فارس البارت السادس
رواية فارس الحلقة السادسة
_ البيـه اللي قولتي ساعدك، كان يبيعك لـ تُجار أعضاء !
_ انت هتسامحني أمتي بقا؟
_ لما تعرفي غَلطك
ردت بـلهفه _ ولله عرفت وندمانة ، ولولاك معرفش كان زمان حصلي ايه ! فارس عشان خاطري دي اول مرة في حياتك تخاصمني وتبعد عني كدا !
_ تصبحي علي خير يافلك .
وكـ عادت “فارس” مؤخرًا ، في الاسبوع اللي فات دا
يتجاهل “فـلك” ، وكلامه معاها بقا شِبه معدوم ،
ودي حاجه بتأذيه اكتر ما بتأذيها ، بس هو بيعمل كدا كـ نوع من العقاب ، عشان اللي خلتُه يحسُه ويشوفه مش قُليل عليه نهائي .. ”
“فـلك” عينيها دمعت لما لاقتُه قام ينام علي الكنبة زي عادتُه ، وبينهي اي محاولة صُلح مَنها ،
علي قـد زعلها منه ، انُه قِدر اسبوع كامل،
يعاملها مُعاملة جافه جدًا ، وكأنها مش معاه في نفس البيت ، .. بس هي مُقدرة شعوره وتصرفُه ،
غلطتها مِش بسيطة ، حتي لو نيتها كانت خير،
وغصبًا عنها ، سِرحت في اليوم دا ..
اللي وصلهُم لـ كدا .. لو مكانش وصل في الوقت المُناسب؟ كان هيحصلها ايـه !
مَـ توقعتش زميلها اللي في الجامعه، بتشوفُه طول اليوم يطلع كِدا ؟.
_ ها هنعمل ايه؟
ابتسمت ليه وهي بتبُص علي “فلك” اللي غايبة عن الوعي بقالها اكتر من ساعة ، :
_ انت كدا عملت مُهمتك ، وجبتهالنا لـ حد هِنا
هتاخُد حسابك لما الدكتور يوصل ، وتتِكل.
“رامز” بص لـ “فلك” ، ورجع بص للست تاني بريبه:
_ بس انتي وعدتيني انكوا، مِش هتتعاملوا معاها زي الباقي، يعني من الأخر خُدو شغُلكوا ،
بس تعيش ..
_ ما قولنا أيوة يارامز، ايه الحِنية دي؟
وبعدين ايه لأزمة تعيش اساسًا؟
_ بقولك ايه يا ماجدة ،دا شَرطي قبل ما اجبها،
_ انت هتضيع علينا كتير خُد بالك ، طب الناس اللي جبتهُم مكانش دا كلامك ليهم؟ خير اشمعني السنيورة
_ هي لأ ، وكمان يتيمة حرام برضو ، بس دا ميمنعش اطلع بـ مصلحه منها، أصلها دبش معايا اوي وغيظاني،
_ما علينا ، مش خايف لما تفوق وتفهم؟ معاك في الجامعه كُل يوم ، لما تعيش وتعرف انت عملت ايه؟ مش هتسيبك؟ وهتتحبس .
ابتسم بـ ثقة :
لأ متقلقيش ما أنا عامل حسابي ،
اول ما هتفوق مش هتبقي واعية لـ حاجه عشان حبوب الهلوسة، هستغل أنا النُقطة دي ، وهاخدها وانزل كأننا لسه نازلين وفي عربية هتخبطها خبطة بسيطة وكأنها حادثة عادي جدًا ، ولا هتحس.
_ دا انت مرتبها بقا وهتقُعد لحد ما نخلص كمان،
طب تمام ، بس انت مُتاكد أن ملهاش حد يسئل عليها
مش عايزين شوشرة
_ اطمني، ملهاش غير عمتها وجوزها ,
ودول مش بيطيقوها حسب كلام خديجة،
يعني لو ماتت وادفنت كمان محدش هيحس منهُم.
هِنا الباب خَبط “رامز” بَصلها :
_ اهو الدكتور شَرف اخيرًا ، انجزو بقا كدا عشان نِخلص،
_ شرف ايه ، مش قال هيتأخر ساعه كمان ،
اتوتر “رامز” :
_ بقولك ايه متفتحيش ، بُصي من العين السحرية.
_ممُكن يكون البواب جاي يسئل هنجدد العقد شهر تاني ولا لا،
راحت “ماجدة” عشان تِفتح وهي هادية عكس “رامز” ، وقبل ما تبُص سِمعت صوت بيزعق ،
كذا صوت دخل في بعض ، وقبل ما تفتح ،
الباب هو اللي اتفتح ، بمعني تاني اتكسر ..
ودخل البواب ورجال ظُباط ومعاهُم “فارس” ..
بيدور عليها بعيـُنه ، زي المجنون ، وجري يشِد , “رامز” من ياقتُه بعد ما اتعرف عليه،
شافُه في الجامعه كتير لما كان بيروحلها ،
وكتير “فلك” قالتلُه أنها مش بتستلطفُه :
_ فلـك فين ، هي هنِا ، هي وصفت هِنا ،
انت عملت فيها ايه انــطق !
“ماجدة” كانت مَصدومه ، وبصت لـ “رامز” بغضب كبير وهي بتزعق :
_ بقا هو دا اللي ملهاش حد !
أنا بعد كُل دا اروح فيها بسبب واحد مُتخلف جديد علينا زيك؟
البواب اللي رد بـ حزم وهو بيشاور عليها لـ راجل من الظُباط :
_ أنا اللي بلغت يا سِت انتي ، عمايلك اللي مش تمام،
وقعتك ، اهي ودا كمان يابيه ، دول اللي بلغت عنهُم،
الاسبوع اللي فات، مأجرين بقالهم شهر وهيقعدو شهر كمان، وقولتلكوا شاكك في حركاتهم،
ناس بالكوم تطلع مع الافندي دا وافندي تاني ، وينزل لوحده ،ومش بشوفهم تاني اصلاً، اكيد بتقتلهم ،
او بتعمل حاجه مشبوهه ،
وانتوا فضلتوا مراقبين البيت واتأكدتوا من كلامي!
وبعدين بص علي “فارس” اللي ماسك في “رامز” ،
ومش مستوعب كلام البواب من الذهول ،
فـ قال البواب :
_ الراجل دا جيه من قيمة نُص ساعه قعد يلف علي العماير وقالي أن مراتُه كلمتُه وهي بتستغيث،
وقالتله علي العُمارة دي وهو مش عارف انهي دور،
وانا وصفتلُه الدور ، شكلهُم موتوها هي كمان،
_ بــس اسكُت خالص
سابُه ورماه علي الارض ، ودخل يدور عليها في الشقة كُلها ، مطقاش يسمع من البواب سيرة أن مسَها سوء ، فِضل يدور وهو بيدعي ربنا من كُل قلبُه،
يحفظهاله ، هو مالوش غيرها،
دي روحه اللي عايش عشانها ، مينفعش تروح منُه.
الرُوح ردت فيه وقِدر ياخد نفسُه ، هِنا لما لاقاها قُصاد عينيهُ ، مصدقش نفسـه،
عينُه دمعت وجري عليها علي السرير ، نايمة مش درايانة بـ حاجه نهائي ، رفع رأسها لـ حُضنُه وحاول يفوقها :
_ فلـك ردي عليَّا ، فتحي عينك وريحيني.
لما ملاقش مِنها رد ولا استجابة ، سندها وشألها ،
وقرر يروح بيها المُستشفي ، وهو خارج لاقي البوليس ، بياخُد “ماجدة” و “رامز”، وهي عايزه تمسك فيه من عصبيتها ، وكأنها اتجننت،
وكمان الدكتور شريكهم اللي وصَّل مع خروجهم،
بعد ما اتأكدو انهُم شبكة تجار أعضاء،
وبيأجرو كُل شهرين شقه في مكان مُختلف ينفذوا فيه عشان محدش ياخُد بالُه، بس البواب بـ غلطه منهم عرف يمسكهُم ،والست القعيدة دي صورة من ضِمن صورهم، في كُل اشغالهم، عشان يجرو ضحياهم، الحاجه الحقيقة الوحيده فعلاً أنها والدة “ماجدة” …
“فارس” مـَهتمش بُكل اللي بيحصل ،
اللي همـَّه .. كانت علي ايديـه ، شايلها ورايح بيها المُستشفي ، خوفه،وقلقه ، والدقائق اللي عاشها،
كانت كفيلة تنشف الدم في عروقه،
فِكرة أنها كانت هتروح منُه ، متمناش يتخيلها حتي،
ولا اتمني تتكرر تاني ..، هو لازم يحميها حتي من نفسها ..”
افتكرت لما فاقت في المُستشفي , ولهفتُه عليها ،
مكانتش مستوعب اللي هي فيه، وبعدين بدأ ، يحكيلها ، وأدركت الموقف ..
هي اه مش بتطيق “رامز” وغلطت لما راحت معاه وأمنت لُه ، بس متخيلتش أنه يكون بالحقارة دي !
وضميره سامحله يعمل كدا في الناس عادي،
من غير خوف من ربنا .. ”
وافتكرت جملُه فارس ليها بعصبيه ، رداً علي عصبيتها لما قالته أن عشان هي كانت عايزة تساعده وهو رفض ، فلجأت ليه هو يساعدها .. ”
_ البيـه اللي قولتي ساعدك، كان يبيعك لـ تُجار أعضاء !
واللي خلاه يختارها ، أنه كان بيدبرها من بدري ، هو مكانش هيعمل معاها حاجه لانُه مُعجب بيها ،
بس رفضها و أسلوبها وردودها معاه، خلتُه ينتقم زي قرصة ودن ، واللي طمنُه ، أنه عارف ظروف عيلتها،
وعارف مشاكلها معاهم، افتكرت صَدمتها ، ونظرة “فارس” ليها من صدمتها ، صعبت عليه، بس مقدرش يبدي فِعل ، بس “رامز” غِفل عن وجود عائلتها اللي بجد “فارس” ، عيلـتها الحقيقة فعلاً .. ”
ومن ساعة رجوعهم البيت ، و”فارس” بيعقابها اسوء عقاب ، وهو التجاهُل واللامبالاة ،
بياكُل وينام وينزل شُغلُه في المُستشفي مؤخرًا بعد ما اتعين فيها ، ويرجع ينام تاني،
كلامُه محدود معاها .. ”
متعرفش ازاي قِدر يقسي عليها كدا ، وهو عُمره ما زعقلها بس ، قِدر اسبوع يعاملها كِدا؟
حاولت بُكل الطُرق تصالحُـه .. بس بيصُدها ,
الندم كان بينهش فيها ، هيجننها ولو رجعت بالزمن كانت فكرت الف مرة ! ولا لحظه “فارس” يزعل منها !
حاولت تعِمل محاولة ساذجة لمُصالحتُه ، شافتها في فيلم ، وقرأتها في رواية ، يمكن يحن عليها،
وهي أنها أول ما تشوفُه تعمل أنها مُغمي عليها ،
عشان يخاف عليها ويقرر يصالحها .. ”
وفعلاً استنت معاد رجوعُه من المُستشفي ، وفضلت مترقبة ، واول ما سِمعت باب الشقة مشيت ودخلت ،
وهي عارفة انُه مش هينده عليها ، بس قلقُه هيتغلب عليه ، و هيدور لما يلاقيها مش موجودة وبتحاول تصالحُه زي كلُ يوم،
كانت عاملة حسابها ونامت علي الارض في الاوضة،
كأنها فاقدة الوعي ، … ”
واستنت خمس دقائق بالظبط وحست بيه ، بيفتح باب الاوضة يدور عليها ، وثوانٍ وحست بيه بيجري ، عليها وبيرفع رأسها علي ركبتُه ، وبينادي عليها بقلق :
_ فلـك فيكي ايه؟ مالك يا فلك؟
كانت سمعاه وحست أن خطتها نِجحت ، ومنعت نفسها بصعوبة من الابتسام ، وحشها جدًا صوته وهو بينادي عليها ، .. سابها بـ رفق وقام دقيقة ورجع معاه برفان ، وجرب يُرش منُه علي أيده ويشممهُلها ،
ولـ حظها الوحش أن ريحة البرفان بتضايقها ،
وغصبًا عنها مقدرتش تمسك نفسها وعطست ..,
ولـ غبائها ، بعد ما عطست مستمرتش في التمثيل , وقالت :
_ الحـمدلـله !
“فارس” بصلها بـ اندهاش ، وهي بترد وبتتعدل قُدامه بتبُصله بتوتر وحست نفسها غبية جدًا،
وقفشها بسهولة ، فحاولت تداري وتكمل في محاولة يائسة منها أنها تكمل تمثيل وترمي نفسها في حُضن “فارس” :
_ فارس كويس انك جيت لحقتني ،
شوفت أغمي عليَّا جامد اوي
منع نفسُه بالعافية انُه ميضحكش ، بعد ما اطمن وعرف أنها بتمثل عشان يحن عليها مش اكتر :
_ وهو في اغماء جامد اوي واغماء نُص نُص؟
استمرت في حُضنه ، وبعدت وهي بتبتسم بتوتر ، بعد ما قفشها :
_ أها، الحمدلله انك فوقتني،
_ تعرفي؟ اول مرة اشوف حد بيعطس في الاغماء ويقول الحمدلله ! سُبحان الله
كِدا عِرفت انُه خلاص قفشها فقررت تبطل تمثيِل ، من احراجها واتعدلت ووقفت قالت ، بزهق:
_ أيوة مثِلت عليك خلاص !
سِكت شوية , واتعدل هو كمان ووقف قُدامها ، يقولها بَمعني :
_ طب هو مش كفاية اللي عملتيه معايا وخوفتيني عليكي؟ بتعلي الفولت يعني ولا انتي بتحبي توقعي قلبي عليكي؟
_ لا يافارس ولله ، بس انت تعبتني،نفسي تسامحني بقا وتبطل خصام عشان خاطري أنا اسفة ولله !
سِكت ثوان :
_ تمام قابل اسفـك.
فَرجت بوقها بـ سعادة طِفلة وهي مش مصدقة :
_ بِجد؟ يعني صالحتني ؟
ابتسم ابتسامة صُغيرة ، وهو بيحُط أيده في جيبُه وبسيبها ويُخرج :
_ أنا قِبلت الاسف ، بس مصالحتش لحد ماتتعلمي مع الاسف !
زمت شفايفها بغيظ وجزت علي سنانها ، بخيبة :
_ انت زعلك وحش اوووي يا فارس اوووي !
اتنهدت من التفكير ، والمحاولات ، وقامت من سريرها ، خرجت برا ، شافتُه نايم علي الكنبة ، قربت وفِضلت قاعدة جمبُه علي الارض بتبُصله ، وعنيها مدمعه ،
نفسها يرجع يكلمها حتي لو عاتبها ، أو شتمها حتي !
بس يتكلم معاها بس !
اتكلمت بـ همس _ معقول تقدر تزعل مني كدا يا فارس ، جالك قلب ، وانت عارف انك كُل حاجه؟
ملقتش رد لانه نايم ، اتجرأت ايديها ولعبت في شعره وهو نايم، وحشها دفئ حُضنه ، الامان اللي بتبقي فيه وقت احتياجها ، كُله مبقاش مسموح ليها دلوقتي ، هـو مانعها منُه ! وهو شاطر جدًا لانُه عـرف
ايه العقاب اللي هيقدر يعرفها غلطها بجد ،
هــو عقابـها !
_ فـلك .. بـابـا .. نــ…
اتنفضت لما سِمعته بيتكلم افتكرته حس بيها وسمعها ، جات تقوم بُسرعه قبل ما يشوفها وتتحرج،
بس قعدت تاني لما دققت في كلامه ، لقيته
هذيان ، كلام مش واضح ، ابتدت تقلق ، فهزتُه بـخفه تصحيه :
_ فارس ؟ انت صاحي .
مردش عليها ، بس قرر ، كلامه المُقطع ، بأسمها الاول وباقي اهلُه .. وكلام تاني مش مفهـوم زي ،
“اوعي تضيعي مني” “خوفت تتأذي” ، ” انتوا وحشتوني”
حطت كفها علي جبهتُه واتأكدت من شكَها ، والرعب ابتدأ يتسلل ليها ، “فارس” جسمه عـُبارة عن كُتلة نار ، حرارة شديدة جدًا ، وهو مش واعي وعنُده هذيان وبيخرف .. ، ضربتُه علي وشُه بـ خفة وهي بتصحيه بخوف
_ اصحي يا فارس قوم انت سُخن اوي ، قوم نروح المستشفي !
فِضل زي ما هو ، وهي فضلت عاجزة مكانها اول مرة تتحط في موقف زي دا ، وعقلها اتشل عن التفكير ،
فِكرة أنه تعبان قُصادها كدا ومش واعي ، وهي مش عارفة تتصرف ، ولوحدها الساعه 3 الفجر !
خلاها تبقي في شلل مؤقت و تحس بالخوف ، وعنيها تدمع عايزة تتصرف بس جسمها وعقلها كأنهم اتشلوا ، من خوفُها عليه ! .. ”
ابتدت تعيط وتحاول تهدأ ، وتشوف هتعمل ايه ضعفها مش هيعملُه حاجه .. افتكرت زمان وهُما صغيرين ، لما جاتلـُه حُمى شديدة اوي شبه دي ، ويومها رقـد في السرير ومراحش المدرسة ، .. ”
صحيت الصبح لما لاقتُه مجاش ينكُشها عشان تقوم ويروحوا المدرسة سوي زي كُل يوم ..
لاقتُه لسه في اوضتُه نايم ، و”انصاف” امـُه قاعدة جـُمبه ومعاها قياس حرارة بتقسهوله ، خافت وحست انُه فيه حاجه راحت ليها بُسرعه وسئلتها بخوف :
_ عمتو هو فارس لسه نايم ليه؟
ردت عليها “انصاف” وهي بتقوم من جمبُه :
_ فارس جاتلـُه الحـمي إياها ، بقولك ايه يابت يا فلك طالما صحيتي ، أنا هقوم اجيب شوية مية باردة ،
عشان هتقعدي معايا ونعملـُه كمادات،عشان الحرارة تنزل .
“فلك” قالت بخوف :
_ هو فارس عيان يا عمتو يعني هيروح المستشفي؟
_ درجة حرارتُه عاليه 38
قالتها بـخضه _ يعني ايه ياعمتو حاجه وحشة؟
_لا سخونية بتجيلـُه كُل شتـاء وعارفينها وبنتعامل معاها ، بس هي زايدة المرة دي ، بسبب عنادُه قولتله الف مرة ميقلعش التيشيرت اللي بلبسه له تحت الهدوم مش بيسمع الكلام ، عِنادي زي أبوه ، خليكي
عقبال ما اجي ،
قامت “انصاف” و”فلك” قعدت جمب “فارس” علي السرير حطت أيدها الصُغيرة علي ايُده لاقيتُه سُخن فعـلاً ، جات تصحيه مردش ، كان بيقول كلام هي مفهمتوش ودا خوفها عليه اكتر !
“انصاف” جات وفي أيدها طبق كبير في قُماشة ومية بـاردة قعدت ، وناولت “فلك” قُماشة هي كمان،
وقالتلها تعلمها تعمل ايه :
_ بُصي بقا يا فلك ، خُدي القُماشة وغرقيها في المية ، واعصريها ، وحطيها علي رأسه وايُده ، وغيريها كُل خمس دقايق لما المية تسخن فيها ، زي ما أنا هعمل مع بقيت جسمُه كدا ..
_ وهو هيخف ويصحي كدا يا عمتو؟
_ لو عملتي زي ما بقولك ، هيخف بسُرعه والحرارة هتنزل ..
“فلك” سِمعت كلام عمتُها وابتدت تقلدها وتعمل زيها بالظبط ، عشان “فارس” يخف ويقوم بُسرعه،
وفِضلت تدعي ربنا انُه يخففه بسُرعه ،
قعدو يعملولُه كمادات لفترة كدا ، عشان جسمُه يهدأ من السخـونية ، “وانصاف” ، بقول لـ “فلك”
تعمل ايه لو هي قامت ..
لـحد ما الحرارة هديت شوية بعد ما قاستها “انصاف” ، اطمنت وهي بتشيل طبق الكمادات :
_ خلاص يا فلك السخونية هديت ، وانا كلمت دكتُوره عشان يجي ويكتبلـُه علاج يخف اسرع ،
_ بس هو ليه مش بيكلمني ياعمتو ، أنا عمالة اكلمُُه وهو بيفتح عينُه بس وينام تاني.
_ الحرارة مهمداه يابت ، هيبقي حُصان دلوقتي لما ياخد العلاج ، واعملـُه ، شُوربة تقويه ..
وخليكي انتي .. كُل ساعة قيس لـُه الحرارة أنا علمتك ازاي لحد ما الدكتور يجي .. وانا هقوم اعملـُه الشوربة .
وفعلاً خف وبقا كويس لما الدكتور كشف عليه وادالُه علاج ومقويات ، و”انصاف” قعدت ايام تأكلـُه شوربة ، وتشربـه عصاير باردة طبيعية من غير سُكر ، تعوضه .. “”
مسـحت دموعها وقامت بُسرعة علي المطبخ لما افتكرت هي هتعمل ايه ، عمتها علمتها تتصرف ازاي وهي اتعاملت مع مرضُه قبل كدا ، ومن خوفها نسيت تمامًا ، ويمكن هي عرفت أهمية “انصاف” دلوقتي
دخلت الاوضة بعد ما عملت مية باردة ، وفتحت الشنطه اللي بياخدها معاه المُستشفي ، وطلعت جهاز قياس الحرارة وخرجتلـُه , وقعدت جنبه علي الارض تاني ، وقاستلـُه الحرارة ، وطلعت عالية فعلاً ،
اتوترت وخدت نفس وحاولت تكون هادية ،
وفِضلت طول الفجر ، لحد ظهور النهار، تعـَمله في كمادات وتكلمـُه عشان يفوقلها ، ولما الحرارة هديت ،
لبست ونزلت أقرب صيدلية لبيتُهم قاصدة عم “جميل” دكتور صيدلي بسيط ليه مواقف كويسة معاهم ، وعارفهم قالتلـُه ، وطلع معاها علي فوق ، وساعدها أنهم يدخلوه ينام في السرير بدل نومة الكنبة ،
وكشف عليه وآداله حُقنة ، تخفف الحرارة ،
و”فلك” دخلت المطبخ فتحت فيديو علي موبايلها تتعلم تعمل شوربة خضار ، وفضلت حريصة اوي أنها متبوظهاش هو مش ناقص ، العك بتاعها دلوقتي !.
ولما خلصتها دخلت لـ “فارس” وبقت تحاول بُمساعدة دكتور “جميل” يأكلهالُه ، وكل كمية بسيطة ورجع نام تاني ، واللي كلامُه كان ضئيل اوي ، بس حاسس بيها واللي بيحصل ، بس معندوش قُدرة يتكلم .. ”
حطت قُدام دكتور “جميل” ضيافة ، تقديرًا لوقوفُه جمبها لحد ما الليل دخل عليهُم ، معتبرهم زي اولادُه ومقدر أن “فلك” لوحدها وممكن يتعب تاني ، فِضل معاها لحد ما اطمن أنه تتحسن نسبيًا :
_ بس تعرفي يا فلك مكُنتش اعرف انك شاطرة وهتتعاملي بُسرعة كدا .
ابتسمت :
_ عم جميل انت متعرفش حالتي ، أنا فِضلت رُبع ساعة اعيط جنبه وانا معرفش اعمل ايه ، أنا لما بتوتر دماغي بتُقف ، بس ربنا الهمني .
_ أنتِ عملتي خير يابنتي ، والحمدلله بقا كويس،
وبُكرة يصحي يبقي زي فُل ، مُضطر اقوم أنا بقا،
ومش هقولك اي حاجه تكلميني علي طول،
وهو بقا كويس الحمدلله.
ابتسمتلـُه بـ امتنان :
_ مش عارفة اقولك ايه ولله ياعم جميل ،
حقيقي انت وجودك كـ اب معانا ، ومطمنتش لـحد يساعدني زيك.
_ أنا معملتش حاجه يابنتي ، انتوا زي ولادي،
بس حاولي تُخشي تريحي شوية جمب جوزك،
انتي تقريبًا بقالك يومين منمتيش.
_ هنام يا عم جميل ، بس لما اطمن انُه صحي وبقا كويس ..
نِزل دكتور “جميل” ودخلت “فلك” لـ “فارس” شدت كرسي وقعدت جمب السرير الصُغير اللي نايم عليه،
وفضلت تبُصله وهو نايم ،وهي بتحمد ربنا أنها عدت ، هي كمان جـربت احساس أنها ممُكن تِفقده ،
ساعتها قدرت موقفه منها وشعوره … ”
الصـُبح , صحيت لما لاقت نفسها نامت غصبًا عنها علي الكُرسي , بس هي لما صحيت لاقت نفسها في السرير ، و”فارس” هو اللي قاعد علي الكُرسي قُدامها بيبُصلها وهي نايمة .. اتعدلت بُسرعة , وحطت أيدها علي رأسه تجِسُـه بـ لهفه وهو ابتسملها وهو بينزل أيدها بـ راحه ويطمنها :
_ أنا بقيت كويس ، اطمني،
_ الحمدلله يا فارس ، متعرفش أنا كنت بموت من الخوف عليك ازاي ،
_ شُكرًا يافلك انتي تعبتي اوي ، أنا كُنت حاسس بيكي بس مَش قادر اقوم خالص،
بصتلُه بـ استنكار ، وقالتلـُه بعتاب :
_ انت بتشُكر مراتك علي واجبها ولا ايه؟
علي العموم أنا متعبتش ولا حاجه ، وبعدين انت ايه اللي قومك من السرير ونيمتني انا؟ انت تعبان،
اتفضل تعالي مكانك ، عشان هقوم اعملك فطار واجبلك الدواء .
_ صدقيني أنا بقيت كويس ، أنا حتي نازل الشـغُل أصلاً.
بصتلُه وهي بتقوم بـ حزم :
_ بدون نقاش، انت مش رايح مكان انهاردة متفقين ، لحد ما تتحسن
_ مش هروح ايه يا فلك ما كفاية امبارح،
وكمان متنسيش دي اهم فترة عشان تثبت فيها نفسي، ومضيعش مجهودي .
سكتت تبُصله بـ حيرة :
_ تمام موافقة بس هتفطر الاول الفطار اللي هعملهولك، ومفيش قهوة هتشرب عصير فريش عادي وتاخد الدواء ، مفيش حاجه اسمها مش عايز ومش بحبـُه
ضِحك علي طريقتها ، كأنها ام وبتكلم ابنها ، بـ نبرة حادة دون نقاش عشان مصلحتُه ، رد عليها بنبرة الابن المنُفذ للأمر:
_ حاضر ، اي حاجة تاني؟
_ متتريقش بس ،
كـمل بِضحك _ مش بتريق انتي شايفة نفسك يافلك؟ امي معملتش كدا حتي وانا عيل؟
ابتسمتلـُه بـ حنية ، :
_ من غير هزار ، أنا حسيت بـ كدا فعلاً ، حسيت اني ابني اللي تعبان ، وانا أمه وخايفة عليه ،
وقاعدة فوق راسُه لحد ما يخف واشوفُه رهوان قُدامي، انت يا فارس زي ما انت بقولك عيلتي،
فأنا حسيتك ابن وإحساس أن فيك تعب وان ممُكن اخسرك كان صعب اوي أنا اسفة أن حسستهولك من غير قَصد مني ، نيتي كانت خير ولله يا حبيبي.
“فارس” كان ساكت ومش بيرد ، بس نظراتـُه بتوضح احساسـُه , وان “فلك” اول مرة تقوله يا “حبيبي”
وتتكلم بـ نبرة ، فيها مشاعرها كُلها صريحه !
دا كان كفيل انُه ينهي اي خِصام , كان تقيل عليه هو شخصيًا قبلها ، وياخُدها في حُضنه بكُل اشتياق ،
وهي ما صدقت أنها رجعت للحُضن دا ، ,
وبعد شوية خرجت من حضُنه وسئلته بحذر :
_ خلاص يا فارس مبقتش زعلان مني؟
_ خلاص يا فلك ، أنا برضو اسف أن حرمت نفسي من الحُضن.
كملت بـ هزار ومرح :
_ خلاص صافي يا لبن ، وانا عرفت غلطي وانت عرفت غلطك ، بس انت اتصالحت عادي،
أنا بقا مش هتصالح غير لما تجيلي الشكولاتاية اللي متعود تجبهالي كُل يوم ، واتحرمت منها اسبوع كامل يا مُفتري ، تخيل زعلك حرمني من كام حاجة يابيه؟
ضِحك جدًا علي روحها ، وطفولتها اللي مهمما كِبرت ، بتفضل “فلك” الطِفلة اللي شالها اول مرة ،
واتأكد أنُه مش بيبقي بالروح دي غير معاها وفي فترة خِصامهم كان مُنطفي تمامًا !
_ تعالي هوريكي حاجة،
خدها وراح فتح دُرج المكتبة في الصالة ، وشهقت لما لاقت كمية من الشيكولاتات مش بس اللي بيجبهالها انواع تانية ، نطت من الفرحه :
_ ايه دا ايه دا كُل القمر دا عشاني،
اتكلم بسُخرية:
_ لأ عشان عم صلاح البواب
زمت شفايفها بضيق ، وراحت تاخد منهم تجمعهُم في حُضنها ، وهو متابعها، بـ ابتسامة :
_ رغم أننا كُنا مش بنتكلم ، والمفروض زعلانين،
لكن مقدرتش امنع نفسي وانا راجع كُل يوم البيت ،
ومعديش علي السوبر ماركت ,
اشتريلك حاجاتك اللي بتحبيها،
بقت تعود وتلقائي بدخل اشتري ، قولت طب أنا المفروض مش بكلمك وعامل زعلان ،
ادهالك وهيبتي تروح؟ فضلت احوشهُملك ،
وقولت اسيبك كام يوم كِدا تندمي الاول واصالحك بيهُم.
بصتلـُه بتفاجاء :
_ اخص عليك يا فارس ، وهونت تسيبني كدا؟
اتنهد:
_ حقك عليا يافلك أنا كُنت بتعذب قبلك،
بس فكرة انك عملتي حاجه لأول مرة من ورايا،
وكُنتي هتروحي مني بسبب اغبية،
خلتني اتصرف كدا عشان تفهمي احساسِ،
بصت في الأرض بأسف :
_ أنا اسفة مش هعمل اي حاجه تانية من وراك .
رفع ذقنها وابتسملها :
_ طب بُصيلي ومتوطيش راسك ،
وبعدين مش انا راضيتك؟ ما تراضينا انتي كمان،
وبلاش شوربة خُضار؟ مش بحبها ،
سابت الحاجه بُسرعة وقالت :
_ لأ انت هترشيني ؟ خُدهم اهو بس متاخدهمش اوي ، لحد ما تشرب الشوربة هاخدهم تاني،
مفيش حاجه اسمها مش بحبها ، تمام؟
ضِحك اوي وشدها لحُضنه :
_ حاضر يا ماما انصاف حاضر ،
بس مش واحدة بالك انك خدتي بالك انك مش بتذاكري والامتحانات علي الابواب ولا ايه؟
فتحت عينيها علي آخرها حتي نسيت دراستها من الحُزن ، هو منسيها كُل حاجه ، ضربتُه بـ خفة :
_ ماهو بسببك يابيه ، شايف مُستقبلي بيضع اهو.
اتكلم بتفاجاء :
_ بسببي ليه؟
_ مش لاقي حد يذاكرالي ، ونفسيتي مش مفتوحة !
_ ايوه ايوه الذاكرة لاقت حِجة حلوه عشان تطلع نفسها ، طيب ياستي اوعدك هخلص شُغل وهنسهر أنا وانتي للصُبح نذاكر، وعايزك تتحجي وتهربي بقا عايزين تقدير يا استاذة !
قَطع ردها عليه حَد بيخبط علي الباب جامد اوي وبيزعق ، والخبط فزع “فلك” و …… ؟!
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية فارس)