رواية غوثهم الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم شمس محمد
رواية غوثهم الفصل الرابع والثلاثون
رواية غوثهم البارت الرابع والثلاثون
رواية غوثهم الحلقة الرابعة والثلاثون
“رواية غَـــوثِـهِـمْ”
“الفصل الرابع والثلاثون”
“يــا صـبـر أيـوب”
__________________
يا عالم السر الخفي ومنجز الوعد الوفي
قضاء حكمك عادل عظمت صفاتك يا عظيم فجل
أن يحصى الثناء عليك فيها قائل الذنب أنت له بمنك غافر
وتوبة العاصي بحلمك قابل رب يربي العالمين ببره
ونواله أبداً إليهم واصل تعصيه وهو يسوق نحوك دائماً
ما لا تكون لبعضه تستاهل متفضل أبداً وأنت لجوده
بقبائح العصيان منك تقابل وإذا دجا ليل الخطوب وأظلمت
سبل الخلاص وخاب فيها الآمل وأيست من وجه النجاة.
_”الصوامعي”
____________________________
“كُل متوقعٍ آتٍ”
لكني لم أتوقع من قبل أن تأتي أنتِ، ولم أتوقع أن أحظىٰ بالقرب منكِ وأنا في الأعين عن الناس غريبًا، ولم أتوقع أن تجمعنا الطُرقات العابرة لأتخذ منها موطنًا أبديًا عملًا بمقولة “أينما تجد راحتك ابنِي موطنك” وراحتي وجدتها هُنا بجوارك، واتخذت لي موطنًا، وأتمنى أن يدوم الوطن حُرًا وأنا هُنا لأجلكِ حتى وإن قست الطُرقات واحتل الخوف حصونك تذكري أنني لأجلكِ هُنا.
<“نتلاقى كل لحظةٍ وكأننا خُلقنا لنتلاقىٰ”>
أنهى “يوسف” حديثه مع عمته وأكد عليها إلا تخبر أحدًا بخبر زواجه زواج شقيقته وأنه حتى الآن لم يعلم مكان تواجدهما، ولحسن حظه أنها لم تذكر سيرة شقيقته أمام “شهد” حينما لاحظت ظلها على أعتاب الغُرفةِ لذا أسرعت في إغلاق المكالمةِ معه بينما نظر هو في ساعة يده وقد لاحظ أن موعد الدرس انتهى لذا عليه أن يذهب ويأتي بـ “وعد” إلى البيت من جديد.
أقترب من باب الشقة لكي ينزل من البيت فسألته “قمر” بلهفةٍ وهو يستعد للنزول:
_رايح فين يا “يوسف” ؟؟ لسه بدري لحد ما تمشي.
التفت لها يخبرها بنبرةٍ هادئة ويُطمئنها:
_متقلقيش هرجع تاني، بس دلوقتي هروح أجيب “وعد” من الدرس أروحها وأجي وبعدها هنزل تاني.
سألته بتعجبٍ حينما ذكر نزوله من جديد:
_تنزل تاني ؟؟ طب ليه.
تنهد مُطولًا وأخبرها بقلة حيلة حينما هتف:
_هروح أجيب “عهد” من الشغل.
غمزت له وهي تقول بمزاحٍ بعدما ذكر اسم زوجته:
_أيوا ياعم، ربنا يسهلك بس متنسناش بقى.
ابتسم رغمًا عنه ثم أقترب منها يقبل رأسها وهتف بنبرةٍ هادئة وهو يتتبع قسمات وجهها:
_هو أنا أقدر برضه؟؟ علشان كدا عاوزكم كلكم تكونوا جنبي هناك، مش كدا أفضل لينا كلنا ؟؟.
حركت رأسها موافقةً فيما ودعها هو وتحرك من محله لتنظر في أثره هي بحبٍ وهي تعلم ما يشعر به وتتعجب أيضًا من قوته، بعد كل شيءٍ لازال ثابتًا كما هو لم ينحني بل الأغرب من كل هذا أنه يعاون غيره ويمده بقوةٍ قد يكون هو في أشد الحاجةِ إليها.
نزل “يوسف” حتى وصل إلى بيت “العطار” من جديد ففتح له “أيهم” الباب وما إن رأه قال بنبرةٍ ضاحكة:
_ياعم قولتلك خليك معايا لازمته إيه تروح وترجع ؟.
جاوبه “يوسف” باستسلامٍ وكأنه فقد كل الحِيل:
_الفكرة كلها أني وعدتهم آكل معاهم، المهم الدرس خلص ولا لسه؟؟ مش معقول طولت أوي كدا.
نظر “أيهم” في ساعة معصمه ثم جاوبه بنبرةٍ عملية:
_أظن كلها ربع ساعة والدرس يخلص، تعالى.
دلف “يوسف” معه لداخل البيت يجلس في إنتظار نهاية الدرس ومعه “أيهم” الذي كان يتابع عمله ويدون في الدفاتر الخاصة به جلس “يوسف” في الانتظار حتى انتهى الدرس تمامًا ووجد “وعد” تركض نحوه ففرق هو ذراعيه عن بعضهما حتى اقتربت منه وهي تقول بحماسٍ كمن تخبر والدها بإنجازها:
_أنا قفلت التدريب كله مغلطتش خالص.
ابتسم له ولمعت عيناه ببريقٍ يحتويها به فوجد “نهال” تخرج لهما وهي تقول بوجهٍ مبتسمٍ:
_الحمد لله تمت المهمة الأولى، أتمنى يعني يكونوا فهموا حاجة مني والشرح عاجبهم.
انتبه لها “أيهم” وشكرها بامتنانٍ تقديرًا لجهودها:
_ألف شكر والله لحضرتك، المهم هما عاملين إيه؟؟
هتفت هي بضحكةٍ هادئة وهي تتبع الصغار بنظرها:
_لأ بالأمانة أنا مشوفتش في شطارتهم كلهم، لماحين ودماغهم حلوة أوي وعلى العموم احنا مشرحناش منهج بس أسستهم لحد دخول المدارس، إن شاء الله بالتوفيق.
اقترب “إياد” منها يقول بلهفةٍ هو الأخر:
_ينفع تذاكريلي كل المواد ؟؟ والله العظيم فهمت منك.
ابتسمت له وداعبت خصلاته وهي تقول بحبٍ له:
_شوف اللي تعوزه وأنا عيني ليك…ليكم كلكم طبعًا.
قفز الصغار بمرحٍ وقد تعلق بصرها بهم وهي يتقافزون أمامها مظهرهم مُحببًا إلى قلبها وتفضله هي، تعشق التواجد بين الصبية الصغار، وقد فهم “أيـهم” مشاعرها على الفور وتعلق بصره بها، تبدو كما اللغز أمامه لم يقوى هو على حل هذا اللغز لكنه يراها مثله تمامًا وما إن انتبه لتحديقه به تنحنح ونحى بصره جانبًا وهتف بنبرةٍ هادئة:
_مش عاوزين نتعب حضرتك كفاية شغلك في المدرسة وإدارتك لشغل الحج، أظن يعني كتر خيرك إنك تديهم الدرس غير أني عارف إن حضرتك مبتديش دروس أصلًا.
ابتسمت له وهي تقول بمحبةٍ خالصة للصغار:
_صدقني يا فندم كفاية عليا أكون معاهم.
تدخل “يوسف” يقول بنبرةٍ هادئة هو الأخر:
_ربنا يكرمك إن شاء الله، وألف شكر.
حركت رأسها موافقةً له ثم أستأذنت منهما وودعت الصغار ورحلت من محلها فيما نظر “أيهم” في أثرها من جديد يتتبع رحيلها وقد فكر بسذاجةٍ لما توجب عليها الرحيل ؟؟ كان من الممكن أن تبقى لحظاتٍ أخرىٰ ولا ترحل، ثم نهر نفسه من جديد على تفكيره الغريب وانتبه للصغار وقد وصله صوت “يوسف” وهو يرحل من البيت مودعًا إياه ومعه الصغار أيضًا.
عاد “يوسف” بالصغيرة نحو بيتها لكن قبل الصعود بها إلى والدتها دلف محل البقالة الموجود بقرب البناية ثم وقف يبتاع لها حلواها المُفضلة التي لاحظها هو في الفترة السابقة وما إن نطقت حتى ترفض عرضه حرك رأسه نفيًا وقال بنبرةٍ محذرة بعض الشيء:
_الأول كنت غريب، لكن دلوقتي أنا زيي زي “عهد” يعني لما أديكِ حاجة تاخديها من سُكات، اتفقنا واوعي تخافي من العسولة، علشان أنا هنا ومينفعش تخافي في وجودي.
حركت رأسها موافقةً وهتفت بنبرةٍ ضاحكة:
_أنتَ حلو أوي يا “يوسف” أنتَ وعمو “أيوب”.
حملها بين ذراعيه وقلب عينيه بتفكيرٍ ثم سألها بما لم تتوقعه هي منه:
_طب مين أحلى بقى ؟؟ أنا ولا “أيوب” ؟؟.
رفعت اصبعيها برقم إثنين وهي تقول بنبرةٍ ضاحكة:
_انتم الاتنين، بحبكم أوي.
تذكر شقيقته حينما أخبرته بحبها لهما سويًا وبدا وكأن قدرهما ارتبطا ببعضهما لذا توجه بالصغيرة نحو البناية فوجد “أيوب” بها ومعه بعض العمال وحينها سأل بتعجبٍ من تواجده:
_خير فيه حاجة ولا إيه؟؟
جاوبه “أيوب” بوجهٍ مبتسمٍ حينما لمحه يحمل الصغيرة:
_متقلقش، بنظبط الشقة اللي جنبك علشان الجماعة لما ييجوا كل حاجة تكون جاهزة إن شاء الله، تحب تغير حاجة في شقتك ؟؟.
رفع “يوسف” حاجبيه بتعجبٍ مما يُقال وهتف بسخريةٍ:
_ما شاء الله، دا أنا لو طلبت من علاء الدين مكانش هيلبي المطالب بالسرعة دي، شكلك ما صدقت كدا يا “أيوب”.
ابتسم له حتى تحولت بسمته إلى ضحكةٍ خافتة وهتف يُعلق على حديثه بثباتٍ:
_أنتَ طلبت مننا، وأنا بصراحة عندي اقتناع تام إن اللي بيطلب مني حاجة بيكون طلبها من ربنا الأول ودله على طريقي، وساعتها مينفعش أرد حد خايب الرجا، على الأقل باخد نوايا وأجر كبير وأنا بلبي المطالب دي من باب التيسير على المسلم، ربنا يجازينا كلنا بالخير.
لم يدر “يوسف” لما يقف أمامه مدهوشًا بهذه الطريقة فهو دائمًا يرى الأمور في قمة البساطة واليسر حتى وإن كانت على عاتقه هو، الوازع الديني لديه ذو تأثيرٌ قويٌ عليه حتى أضحىٰ واضحًا عليه في كافة تصرفاته.
بينما “أيوب” التفت يتابع عمل الرجال وهم ينقلون الآثاث الجديد لداخل المصعد حتى وقف “يوسف” حائرًا في أمره هل يعاونهم أم يتجه بالصغيرة نحو بيتها ؟؟ أم يمنعه من هذا الفعل ويتولى هو مسئولية عائلته دون أن يثقل عليه الهموم، لذا توجه بالصغيرة نحو شقتها ثم بدأ في معاونة الرجال مع “أيوب” الذي فرح بتعاونه معهم متخليًا عن كبريائه.
____________________________
<“وأني برغم الظلام لستُ بيائسٍ، لكن أين النور”>
في مقر واحدة من جهات الإدارة الحكومية المصرية خرج هذا الرجل الوقور بحلته وخلفه رجال الحراسة الخاصين بحمايته حيث أنه يعمل كواحدٍ من كبار المسؤولين في الدولة، لم يتوقع أن يتجرأ أحدهم ويقترب منه بهذه الوقاحة حينما أقترب من “سراج” منه يهتف بنبرةٍ قاسية تعبر عن مدى استيائه:
_بنتك فين يا “عادل” بيه ؟؟.
همَّ رجال حراسته بالاقتراب من ذلك الشاب لكنه اوقفهم بإشارةٍ منه وهو يقول بلامبالاةٍ:
_أقف أنتَ وهو.
قال جملته ثم انتبه لـ “سراج” مركزًا بصره عليه وبدت نظراتهما كأنهما غريمين أمام بعضهما أو مسئولي تجاه سُلطةٍ مُعينة يريد كلٌ منهما الحصول عليها وما إن رأى النظرات الحادة من جهة الأخر هتف بدون اكتراثٍ:
_طلع بنتي من دماغك يا “سراج” بنتي خلاص شافت حياتها وبتنجح فيها، وجودها وسطكم خسرها كتير، خلاها تخسر نفسها حتى قبل ما تخسركم.
ضغط “سراج” على فكيه وهتف بحديثٍ يعبر عن نفاذ صبره وقدرة تحمله وخاصةً أمام النظرات الملاوعة من والدها:
_بنتك سابتني قبل الفرح ومشيت ليه ؟؟ حتى لو مخافتش على شكلي مخافتش على شكلك أنتَ وأنتَ أبوها ؟؟ عاوز تقنعني إنك متعرفش إنها كانت هتمشي ؟؟.
زفر “عادل” وهتف بيأسٍ من محاولاته المستميتة التي شارفت على العامين تقريبًا:
_أنا صدعت ومش فاضي لكلامك دا، “نور” طول عمرها معاكم خسرانة كل حاجة حاليًا هي نجحت وبقت دكتورة وكملت طريقها وقريب هتكمل حياتها وتتجوز كمان، أنساها علشان هي نسيتك وتخطت إنك كنت في حياتها.
تأثر “سراج” بحديث والدها وزاغ بصره كمن فقد الأمل وذهب حلمه سدى من أمام عينيه ولم يتوقع أن الأمر يكون بهذه الصعوبة، هو هنا يُعاني ويلات حُبها وهي نجحت وتخطت كل هذا ؟؟ وستتزوج أيضًا ؟؟ الوحيدة التي رأى فيها كل شيءٍ حَلُمَ به ذهب مع ذهابها، لاحظ والدها حالته ولم يشفق عليه بل أضاف بنفس القسوة:
_زي ما سمعت هي نسيتك، أنساها يابني ربنا يعوض عليك.
لم ينكر أن رغم صلابة وجهه وجموده وعنفوانه كرجلٍ في عمره إلا أنه كان كما الطفل الصغير حينما وصله خبر وفاة أمه ليتأكد أن ضياعها لا محالةٍ منه، فصلته عنها البُلدان والحدود لكن القلب وقف عند أعتاب بابها يأبى الرجوع حتى أنه شعر بصراخه وابتل داخله نتيجة الدموع.
ركب “عادل” السيارة ورحل برجال حراسته فيما وقف “سراج” محله مهزومًا كمن قُرعت فوق رأسه طبول الحرب، وهاهي الحرب قامت دون حتى أن يملك سلاحًا، أخرج هاتفه المُثبت على صورتها بجوار الصغيرة “جودي” ابنة شقيقته وكلتاهما تحتضن الأخرىٰ وازداد ترقرق الدمع في عينيه وهو يقول بنبرةٍ مبحوحة:
_حرام على قلبك لو نسي اللي كان بينا وأنا هنا بحارب علشان أحافظ على أصغر تفصيلة خاصة بيكِ.
أغلق الهاتف ووضعه في جيبه وقبل أن يعود إلى سيارته ظهر شعاع أملٍ بداخله كما شعاع الشمس اللامع وهو يُرافق خيوط ظهورها الأولى وتذكر أمر عمتها، من المؤكد أنها تعلم مكانها وتعلم بخبر زواجها، لذا ركب سيارته وقادها نحو بيت عمة “نـور” وداخله يأمل ويتضرع أن يكون والدها كاذبًا.
وصل في وقتٍ قياسي إلى بناية عمتها والأمل يزداد بداخله مع ازدياد قربه من المكان، وعند وصوله ظهر تخبط المشاعر وتباينها، شيءٌ يرجوه بالعودة إلى بيته وشيءٌ يرجوه باستكمال خطواته لكي يتأكد ويغلق صفحتها تمامًا إذا حدث هذا من الأساس.
وصل على باب شقتها وضرب الجرس بعنفٍ غير مقصودٍ من جهته لكن الطاقة السلبية المشحونة بداخله جعلته لا يستطع التحكم في احتواء غضبه أو السيطرة على أفعاله لذا فُتِح الباب له من جهة عمتها التي وقفت مدهوشة أمامه وهي تعلمه جيدًا، حبيب ابنة أخيها، بينما هو أندفع يسألها بغير تعقل:
_أنتِ عارفة مكان “نـور” فين يا “زيزي” ؟؟.
تخبطت أمامه وتلجم لسانها وتوقف الحديث عن طرفها كما أن بؤبؤيها لم يتحركا من محلهما بل ثَبُتت حركتهما على ملامحه، فأعاد هو السؤال من جديد قائلًا بنفس اللهفة الممزوجة بلوعته:
_”نـور” فعلًا هتتجوز ؟؟ هي نسيتني ؟؟.
جاهدت نفسها وخرجت من قوقعة تفاجئها بتواجده أمامها ورسمت قناع الثبات وألبست حديثها وشاح المزاح وهي تقول بنبرةٍ تخلو من اللين تمامًا:
_”نـور” سافرت علشان تنسى اللي حصل وكدبك عليها، واحدة اتصدمت قبل فرحها إن الإنسان اللي هتشاركه تاجر آثار وكداب كمان، إزاي بقى تستنى معاك هنا وكمان غدر بصحبه؟؟.
هتف يدافع عن نفسه وينفي اتهامها له:
_والله العظيم كان غصب عني، هي لو كانت سابتلي فرصة أنا كنت عرفتها أني مش هعمل كدا وإني كنت متهدد بيها و بـ “جودي” والله العظيم أنا لما حبيتها سيبت كل حاجة علشانها.
قلبت فمها بقلة حيلة وأضافت بنبرةٍ رفعت مقدار يأسه كما يرتفع منسوب المياه في موسم الأمطار:
_للأسف الكلام ممنوش أي فايدة خلاص، بس هي مركزة في حياتها وشغلها مش فاضية لحد تاني، سيبوها بقى تتخطى وجودكم، أنتَ و “نادر” و “يوسف” وكلكم، كل واحد فيها استغلها بطريقة غير التاني، متتعبش نفسك علشان هي مش هترجع تاني.
حرك رأسه موافقًا والتفت لكي يغادر المكان، هي مُحقة فكلٌ منهم تسبب في جرحها بطريقةٍ غير الأخرىٰ، ولكن جرحه يَصعب معالجته أو مداواته وقف أمام بيت عمتها متذكرًا ذكرياته معها، هي لم تكن مجرد فتاةٍ أحبها بل هي عالمه الجميل الذي حلم باالاستقرار داخله، هنا كانت تقضي معظم وقتها وهو يأتي لزيارتها برفقة الصغيرة وهنا أيضًا يبحث عنها في كل مرةٍ وتلك المرة يرثي حاله بقوله:
“فِي حين أنا ذهبتُ إليه أتتوق لسماع صوته
حتى وإن كان بكلمات عتابه
تركني قلبي وبقى محله وظل واقفًا على بابه”
وهاهو ترك قلبه هُنا للمرةِ التي لا يعلم عددها عن أعتاب بابها آملًا في نهارٍ جديدٍ يجمعه بها ويملأ حياته بالنور.
_______________________________
<“أين الوفاء بالعهد، وأنتَ تفرح بخيانة العهد”>
أنهى كلٌ من “أيوب” و “يوسف” عملهما في الشقة والإشراف على عمل العُمال ثم انتهيا تمامًا ورحلا كلٌ منهما إلى وجهته وقد تحرك “يوسف” إلى العيادة التي تعمل بها “عهد” حتى يعود بها إلى البيت.
وقف أمام العيادة منتظرًا خروجها قرابة النصف ساعة حتى شعر بالملل من وقوفه هُنا فهم بركوب السيارة من جديد لكنه لمح إمرأةً برفقة زوجها تخرج من البناية ولم يحتاج لكثيرٍ من الدهاء حتى يعلم أنها خرجت من مكان عملها، لذا أقترب من زوجها يسأله بتهذيبٍ حتى لا يفهمه بصورةٍ خاطئة:
_لو سمحت هي العيادة جوة فيها مرضى تانيين ولا خلاص؟
انتبه له الرجل فجاوبه بهدوءٍ متجاهلًا حيرته بشأن هذا الرجل:
_لأ خلاص إحنا كنا أخر حالة والمكان قرب يقفل علشان النهاردة استشارات طبية بس، تؤمر بحاجة ؟؟.
حرك رأسه نفيًا وأجبر شفتيه على التبسم ووقف في انتظارها بجوار باب سيارته ثم أخرج سيجارةً يُشعلها وينفث هوائها للخارج وقد وقف غالبًا قُرابة العشر دقائق أو لربما أكثر من هذا حتى وجدها أمامه تنزل الدرجات الصغيرة وما إن رآته تسمرت محلها ولم تتوقع أن تجده هنا حتى في عودتها، يبدو حقًا أنه صدق حينما أخبرها
“أنا هُنا” فأينما حلت خُطاها وجدته أمامها، بينما هو ألقى سيجارته الثانية ودهسها بحذائه ثم أقترب منها حتى وجدها تسأله بنبرةٍ هادئة:
_طب الصبح ماشي، دلوقتي لسه الناس صاحية معقول بقى هتوقف حياتك كلها على مشاويري ؟؟.
حرك كتفيه دون أن يكلف نفسه عناء الرد عليها حتى زفرت هي بقوةٍ واستسلمت له ثم أقتربت من السيارة وما إن لمحت العلامة التجارية على مقدمتها ابتسمت بسخريةٍ، فالتناقض بينهما يبدو غريبًا، هي مجرد عاملة استقبال في عيادة نسائية وهو مهندس بترول صاحب خبرة عالية في مجاله كما سبق وأخبرها، شتان بينهما هي لم تلق به وهو يحق له أن يتقرن بأخرىٰ من عالمه.
لاحظ هو صمتها على غير المعتاد وشرع في قيادة السيارة ثم سألها بنبرةٍ هادئة بعدما حمحم بخشونةٍ:
_ساكتة ليه ؟؟ مش هتنزلي عليا بكورباجين من لسانك؟.
تنفست بعمقٍ وهتفت بنبرةٍ محتدة على وشك الاصطدام معه في التحدث:
_لو سمحت !! بلاش تريقة، بعدين أنا مستغربة نزولك كدا في الوقت دا علشاني، أكيد وراك حاجة أهم مني ومن إنك تتحمل مسئوليتي أنا.
حرك رأسه نحوها يهتف بنبرةٍ جامدة بعض الشيء:
_حظك أني فضيتلك، وكمان هنقل ماما والعيلة كلها معانا في نفس البيت، يعني مش محتاجة تحسي إنك متقلة عليا، بعدين متنسيش إنك بقيتي مراتي يا “عهد” شكلك بتنسي كتير وهناخد وقت لحد ما تتعودي.
قطبت جبينها وسألته بنبرةٍ حائرة:
_اتعود على إيه ؟؟
جاء رده بما لم تتوقعه حينما غمز وهتف بما يثير غيظها:
_على حضني.
تضرج وجهها بحمرة الخجل القاتمة ونظرت من النافذة وهي تزفر بقوةٍ وتستغفر ربها فيما صمت هو ونظر أمامه مُركزًا بصره على الطريق حتى يعود بها إلى بيتها وقد صدح صوت هاتفها برقم والدتها حينها أخرجت الهاتف ورمقته بطرف عينها ثم جاوبت على الإتصال وهي تتجاهله حتى لا تنفلت أعصابها أو ما تبقى منها.
________________________________
<“شئت تُحرك اللُعبة، فحركتك هي”>
لم ينس استيقاظه صباحًا ووالده يجلس بجواره يرميه بسخطٍ وسهامٍ حادة وكأنه يريد قتله بهذه النظرات، اعتدل على الفراش بألمٍ في أنحاء جسده وخصيصًا أن مفعول المُخدر ترك جسده تمامًا وظل جسده بألامه مع بعضهما دار حديثٌ بينه وبين والده مفداه اللوم من جهة والده والاستنكار من جهته حتى صرخ بها وطرده خارج غرفته ليجلس هو بها وحينما طال جلوسه بدل ثيابه بأخرىٰ أنيقة ونزل من بيته متجهًا إلى حارة العطار.
نزل بخطى ثابتة على عكس ما تعرض له بالأمس لم يرضخ ولم يقبل بالهزيمة بل ازداد عنفوانه وشمخت قوته أكثر حتى وقف والده أمامه في نهاية الدرج يسأله بغلظةٍ وقد وقف على وشك الاصطدام به:
_رايح فين ؟؟ يا أخي اتهد بقى كفاية مصايب لحد كدا.
جاوبه بنبرةٍ جامدة لا يكترث به:
_خارج ولا عاوزني أقعد هنا زي الولاية ؟؟.
أقترب والده منه يقول بتوسلٍ بعدما بدل طريقة حديثه معه:
_يابني استهدا بالله خلاص بقى، هي اتجوزت وراحت لحال سبيلها، شوف أي واحدة غيرها بس سيبك من دي.
اتقدت عيناه بشررٍ وهتف بنبرةٍ جامدة:
_مش هسيبها، وهي مش هتكون لغيري وهتطلق منه.
ابتسم والده بسخريةٍ وقد هتف بما يوجع الأخر بدون شفقةٍ أو رحمة على قلبه:
_دا كان زمان !! لو كنت حضرة الظابط المحترم هو اللي بيطلبها ليه، مش عيل خايب وفاشل ضيع نفسه علشان سيجارتين !! بتحلم إنها تكون ليك، لو دي بنتي أنا لا يمكن أسلمهالك ولا حتى أخليك تقرب منها، اتقي الله بقى يا شيخ.
خرجت زوجته على هذا الصوت وما إن رأت ابنها اقتربت منه تتفحصه بلهفةٍ وهي تقول:
_أنتَ صحيت يا حبيبي ؟؟ عامل إيه دلوقتي.؟؟
ابتسم “جمال” بسخريةٍ وهتف يقلل منه:
_رد يا ننوس عين أمك، رايح أنهي غرزة ياترى؟؟ ولا أنهي خرابة فوق دماغك ولا أنهي شقة مشبوهة، مش دي الأماكن اللي بتروحها من ساعة ما اترفدت؟؟ أقول عليك إيه خيبت أملي ربنا يخيبك.
التفتت له زوجته تنهره بقولها:
_بس بقى معندكش دم ؟؟ الواد تعبان ومخنوق وأخرتها تزود وجعه بدل ما تدافع عنه ؟؟.
تحرك “سعد” من مكانه يهتف بإصرارٍ أكبر:
_كل كلامك دا مش فارق معايا، سواق أنا كدا أو أنا ظابط هي مش هتاخد حد غيري، عن إذنك يا حج متنساش دواك.
ترك البيت تحت نظرات الدهشة منهما وقد يأس والده تمامًا منه ومن المحاولةِ معه، لم يكن طبيعيًا بل أصبح واحدًا غير الذي تربى هُنا، أفسده دلال العائلة وأمه له حتى أتى بالهزائم فوق رأسهم تباعًا.
في سيارة “يوسف” تحدثت “عهد” مع والدتها التي أخبرتها بفعل “يوسف” ومراعاته لشقيقتها واهتمامه بها وبأمورها وحينها حركت رأسها نحوه وهو يجلس بجوارها يقود سيارته أمعنت النظر في وجهه لم تنكر فضله عليها أو حتى تجحد اهتمامه بهن، ففي الفترة السابقة بعدما أخبرها بزواجه منها لم يتركها ولم يتوانى في تقديم المساعدة لأسرتها في الخفاء بعيدًا عن “سعد” وبعيدًا عن عائلتها.
ترقرق الدمع في عينيها وهي تشعر بالامتنان له وبالذنب تجاه أفعالها معه، لاحظ هو تحديقها به وتسمرها بهذا الوضع فسألها بسخريةٍ:
_بتبصيلي كدا ليه ؟؟.
تنحنحت بحرجٍ وهتفت بتلعثمٍ تُحسن صورتها أمامه بعدما أساء الظن بها:
_ها لا أبدًا…أنا بس كنت بفكر في…في حاجات يعني تبع العيادة والشغل.
رفع حاجبيه بسخريةٍ وقرر تجاهلها فوجدها تلقي حديثها دُفعةً واحدة ويبدو أنها صارعت كثيرًا حتى تتحدث أو لربما سيطر عليها التوتر:
_أنا عاوزة أقولك شكرًا و…وآسفة على طريقتي معاك الصبح أنا مش قليلة الذوق يعني بس…بس أنتَ بتعصبني وأنا أصلًا عصبية…بس دا ميمنعش يعني أني ممتنة ليك ولكل حاجة بتعملها علشاننا وأنتَ مش مجبر على دا.
هل حقًا تعتذر له ؟؟ هل تمتن وتشكره وتقدر موقفه؟؟ اتسعت عيناه بغير تصديق لما تتحدث عنه ولم يتوصل بفكره حقًا هل هي تعتذر وتبرر أم أنها خيالات في عقله غرق في تفكيره فوجدها تقول بنفس التردد وكأنها أُرغِمت على التحدث:
_وعاوزة أقولك يعني أني مش عاوزة أي قرب بيننا يحصل علشان أكيد كل حاجة هتنتهي في يوم وكل واحد هيرجع لحياته من تاني، فبلاش الحياة تربطنا ببعض أكتر علشان نقدر نتخطى.
ها عادت تزعجه من جديد لتتغير ملامحه، تلك البلهاء لما تذكره دومًا بالرحيل ؟؟ هو لم يفكر في هذا الموضوع وهذه اللحظة بل لم يتذكر أنه سيتركها قبل أن يوفر لها الحماية المطلوبة، ناهيك عن كوابيسها المريبة التي تزورها ليلًا تؤرق نومها، خرج من شروده على صوتها تسأله باهتمامٍ:
_أنتَ ساكت ليه مش بترد؟؟.
زفر بقوةٍ ثم هتف بنبرةٍ جامدة بعض الشيء بعد حديثها:
_بفكر في كلامك، بصي الطرق جمعتنا سوى وارتبطنا ببعض، لحد إمتى الله أعلم، بس أتمنى يعني منطولش في الوضع دا كتير، وعلشان كدا نعمل معاهدة سلام أحسن، اعتبريني صاحب في ضهرك طالما غريب عليكِ موضوع الجواز دا، يبقى كدا أفضل لينا علشان حتى أقدر أتعامل شوية من غير ما نفضل نحسب كل كلمة وخطوة علينا.
حركت رأسها موافقةً بقلة حيلة وهتفت بلطفٍ على عكس طبيعتها الحادة:
_وأنا هبقى محظوظة لو عندي صاحب زيك.
حرك عينيه نحوها وتعلق بصره ببصرها في تلاحمٍ بين النظرات كانت هي الأقوى حينما تغلبت عليه وهربت بنظراتها منه فتنهد هو رغمًا عنه ونظر أمامه من جديد وأضاف بإيجازٍ:
_وأنا رقبتي فِدا صحابي المهم يكونوا بخير.
ابتسمت له بتوترٍ بينما هو تذكر عينيها وبريقها وهي تنظر له، تلك الأعين التي كان يتذكرها دومًا بل رسمها كثيرًا في خياله وحلم بها عدة مراتٍ، تجلس بجواره، عيناه باللون الأسود اللامع تغطيهما أهدابٌ كثيفة سوداء كما السهام القوية تقتل ألف عدو، لم تكونا مجرد مُقلتين بل هما عالمين مُضيئين لم تتغلب عليهما قسوة الدنيا لتطفيء لمعتهما، بل ازداد شعاع القوة بداخلهما، عينان لأجلهما تُقام الحروب كما سبق وخان لأجلها العهد.
توقفت السيارة عند البناية ونزلت منها هي أولًا لتقابل غريمها، بدت كما الضحية تقف أمام جلادها، أول مواجهةٍ تجمعها به منذ عقد قرانها على “يوسف” وتحديدًا بعدما أصبحت لأخرٍ غيره، لم تنكر أن نظرته وأدت قوتها تمامّا وأحيت خوفها من جديد لتجده يقترب من مقدمة السيارة مُتجاهلًا وجود “يوسف” وهو يقول بنبرةٍ تهكمية يواري خلفها شره:
_ألف مبروك يا عروسة !! مش كنتي تعزميني؟؟.
نزل “يوسف” من السيارة ونظر لها فوجدها تقف أمامه كما الفرخ المُبتل تشعر بالضعف أمام شر الأخر فحرك رأسه يُطمئنها ونطقها بعينيه كعادته:
_أنا هنا.
حركت رأسها موافقةً والتفتت لـ “سعد” تهتف بقوةٍ زائفة لم تعلم مصدرها أو من أين حصلت عليها:
_معلش عزمنا الغاليين علينا بس، كل حاجة جت بسرعة.
رفع “سعد” حاجبيه وهتف بنبرةٍ ضاحكة زائفة:
_يا شيخة ؟؟ دا طوب الأرض كله حضر.
ابتسمت بسمةٍ زائفةٍ وهي تقول بقوةٍ أكبر لهذا الحديث المشابه للحرب وربما أشبه بالمشادة الكلامية:
_ماهو طوب الأرض برضه غالي علينا مفيش أرخص منك يا “سـعد”.
لم ينكر “يوسف” ذهوله بها ودهشته بقوتها وردد لنفسه بدون وعيٍ وهو يتخيلها كما كان صغيرًا ووالدته تداعب وجنتيه:
_حبيب عيوني.
رددها لنفسه فوجدها تقترب منه تقف بجواره وهي تقول بمعاندةٍ لـ “سـعد”:
_بعدين جوزي مش عاوز يعزمك، بصفتك إيه تيجي.
هذا كثير عليه وعلى تحمله منها، من أين أتت بهذه القوة ومن أين تتحدث بتلك الطريقة، هل تواجده أم أنها من الأساس تحتاج للدعم حتى تخرج مواهبها أم أن شخصيتها منفصمة إلى عدة أشخاصٍ أخرى؟؟ على كلٍ لا يهم كل هذا وما يهمه بحقٍ هو وقوفها بجواره فتنهد مُطولًا وقال بتهكمٍ:
_زي ماهي قالت تيجي بصفة إيه يا بجح؟؟.
ابتسم “سعد” واقترب منه يقول بسخريةٍ قاصدًا زعزعة الاستقرار بينهما والانسجام البادي عليهما:
_متفتكرش إنك حملة وجامد وعملت اللي محدش بيعمله، أنتَ زيك زيي وليك غرض بس الفرق إنك استغليت الطريقة صح، لكن أنا جيت دوغري معجبتش.
نظر “يوسف” لـ “عهد” يبحث عن تصديقها للأخر فلم يجد سوى نظرة نفورٍ من “سـعد” لذا أمسك كفها يضغط عليه وهتف بنبرةٍ جامدة:
_بلاش تحط نفسك في مقارنة معايا علشان كدا كدا هتخسر، لو فاكر إن فيه حاجة من كلامك هتهمنا تبقى عيل أهبل وخايب، وعلى العموم أنا فاهمك كويس وملكش عندي إهتمام الرد حتى، عريس جديد بقى ومش فاضيلك.
ضحك “سـعد” بصورةٍ هيسترية حتى أوقف الضحكات أخيرًا وقال يوجه حديثه لها بوقاحةٍ متجاهلًا وجعه في ضياعها منه:
_خلي بالك علشان هييجي يوم ويرميكي فيه بعدما ياخد اللي هو عاوزه، لكن أنا كنت هخليكي معايا لحد أخر يوم في عُمري.
كاد أن يغادر من مكانه فأوقفه “يوسف” بقوله:
_اللي مبيعرفش يعمل زيك بيحاول يتحكم في نظرة اللي حواليك ليك، يعني اللي أنتَ معرفتش تاخده خدته أنا، علشان كدا مش هاممني وجودك، وعلى رأي كبيري لما قالي المراكب الراكدة يوم ما يضيق بيها الحال بتعايب المراكب السايرة إنها دايرة بطال، علشان كدا أنا عمري ما هكون زيك، ماهو معلش برضه أنا متربيتش في الزريبة اللي اتربيت فيها علشان أستغل واحدة.
رماها “سـعد” بنظراتٍ حادة وللمرةِ الأولى لم يخضع لأثر المخدر بل وقف بطبيعته يشعر بالهزيمة حقًا في خسارتها، طريقته كانت غريبة وربما خاطئة لكنه يريدها، اللعنة عليه وعلى غبائه وتهوره المتسبب في ضياعها منه، لتصبح لأخرٍ غيره يتمتع بحقه فيها ؟ التفت يغادر المكان فوجد “أيوب” أمامه يرمقه بسهامٍ حادة فابتسم بسخريةٍ وهتف بنبرةٍ تهكمية:
_ألف مبروك يا شيخنا، أخيرًا اتجوزت.
تجاهله “أيوب” واقترب من “يوسف” فيما ترك “سعد” المكان بعدما شملهم بنظرة حقد محقونة بسهام الغل الدفين ينتوي الانتقام لنفسه ولحقه المسلوب في حبه وفي آخر من تخيل إنها ستكون السبب في إصلاح حياته.
اطمئن “أيوب” عليهما وأخبره “يوسف” أن كل شيءٍ على ما يُرام وحينها انتظر صعودهما حتى دلفا سويًا المصعد وهو يمسك كفها يقبض عليه بحمايةٍ تشبه التي يقدمها لشقيقتها الصغيرة، وما إن دلفت المصعد سحبت كفها من كفه وهي تقول بزهوٍ في نفسها:
_أنا على فكرة مش محتاجة للحماية أنا أقدر أحمي نفسي كويس بس أنا بحالات مش أكتر.
ابتسم بسخريةٍ فسألته بحنقٍ عن سر بسمته:
_بتضحك على إيه؟؟ ممكن أعرف؟؟.
مال على أذنها يهمس بصوتٍ ناعمٍ بالغ الأثر:
_أنتِ طلعتي مُذهلة.
تيبس جسدها من قربه ومن صوته الناعم وهو يهمس لها حتى اعتدل في وقفته ثم تصنع الجدية التي تتنافى مع موقفه من لويحظات معدودة تُحصى على أصابع اليد الواحدة، فيما ضغطت هي على كفها المتكور تحاول التحكم في نفسها وأعصابها وهي تفكر هل ستبقى طريقته دومًا كهذه أم أنه سيرأف بها لو قليلًا؟؟.
في الأسفل أخرج “أيوب” هاتفه يطلب رقم زوجته، حتى هذه اللحظة لم يصدق أنه يستطع التحدث معها بسهولةٍ ويسرٍ دون أن عوائق أو حتى التزامات أو انتظار روابط شرعية تربطه بها، طبعه غريب قليل التحدث لكنه يتتوق للتحدث معها ولاخبارها عن كل شيءٍ خاص به، يريد مشاركتها كل لحظاته لكنه يعود ويرجع لتعقله مُعطيًا علاقته بها المزيد من الوقت الكافي فيبدو إنها لم تعتاد عليه كزوجها.
وصله صوتها يجاوب برقةٍ على مكالمته:
_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابتسم هو الأخر وهتف بنبرةٍ هادئة:
_وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، طمنيني أخبارك إيه ؟
تنهدت بعمقٍ وهتفت بنبرةٍ لم يفارقها الخجل:
_كويسة الحمد لله، أنتَ كويس ؟؟ طمني عليك.
اتسعت بسمته أكثر وهتف بنبرةٍ رخيمة:
_كلمة حق هتحاسب عليها قدام رب العالمين، ببقى قبل المكالمة حاجة وبعدها حاجة تانية، لو محتاج اتطمن بعد كدا هكلمك أظن مفيش حاجة تقدر تطمن الإنسان زي صوتك.
ارتفعت ضربات قلبها بصخبٍ وأحمر وجهها وارتفعت درجة حرارته بسخونةٍ شديدة فأضاف هو بعدما عاد لشخصه من جديد:
_أنا قولت اتطمن وأطمنك إن الشقة بقت جاهزة خلاص وتقدروا تيجوا هنا من بكرة الصبح، مش عاوزك تتكسفي لو محتاجة حاجة، اطلبي اللي نفسك فيه وأنا هجيبه لحد عندك، المهم إنك تكوني مرتاحة.
ازداد خجلها أكثر وهتفت ترد على حديثه بأدبٍ:
_كفاية وجودك وكفاية كل حاجة بتعملها علشاننا، أشوفك على خير إن شاء الله، عن إذنك يا “أيوب.
أغلقت الهاتف معه ثم ضغطت على الهاتف تحتضنه ثم اقتربت من المرسال تحتضنه من جديد للمرةِ التي لا تعلم عددها، حفظته عن ظهر قلبٍ حتى أنها أصبحت تتخيله بصوته في اللحظات الأخيرة من كثرة قرائتها له ولكلماته المحفورة في قلبها.
_________________________________
<“لم يكن الخطأ خطئي، لكني أخطأتُ”>
جلست تنتظر عودته إليها على نيرانٍ متقدة أحر من الجمر، تود محادثته بشأن شقيقه وبشأن خصامهما سويًا فهو طوال اليوم لم يجاوب على مكالمات أخيه ولا حتى يجاوب على مكالماتها، شعرت بالشفقة على “إسماعيل” الذي قضى يومه في البيت برفقة الخيول ولم يتحدث مع أي فردٍ سواها هي حينما طلب منها أن تكون وسيطًا بينه وبين أخيه، وعند مشاعر الأخوة وجو العائلة وافقت على مضضٍ طواعيةً عنها لسلطة مشاعر أكبر من تفكيرها هي.
مر “إيهاب” أمامها فانتفصت من محلها حينما جلست في الفناء تنتظره وما إن مر نصب عينيها قفزت من محلها تنادي عليه بصوتٍ عالٍ حتى توقف والتفت لها يسألها بحاجبين مضمومين وتعجبٍ من تواجدها بالأسفل:
_أنتِ هنا بتعملي إيه؟؟ مش قاعدة في شقتك ليه؟؟.
ردت عليه بلهفةٍ قبل أن يعود لجموده:
_يا أخويا مش راضي تكلمني خالص ولا ترد عليا هو أنا مزعلاك ولا إيه ؟؟ جالك قلب تركن “سمارة” حبيتك؟؟.
تنهد مُطولًا وحرك رأسه نفيًا فوجدها تقترب منه ثم أمسكت كفه بين كفيها تهتف بتوسلٍ في استغلالٍ منها لهدوئه:
_طب بالله عليك إلهي يا رب يرزقك بكل اللي تتمناه ما تنيم أخوك زعلان الليلة دي، يا حبة عيني عامل زي العيل التايه مش لاقي مكانه، ربنا يكرمك تراضيه وترد عليه، دا أهبل ميقصدش يزعلك، ولو عمل حاجة يبقى غصب زي ما بيقول، قولت إيه ؟؟.
زفر بضيقٍ يخرج ضجره المشحون بصدره فوجدها تضيف بنفس الطريقة تذكره بمكانة الأخر لديه وتذكره أن حبه يسكن قلبه ويعتمر بداخله:
_والله ما ليه غيرك ولا يقدر يزعلك عندًا فيك، دا طيب خالص وغلبان روح شوفه كدا قاعد لوحده إزاي هتلاقي حاله يصعب على الكافر أبو قلب جاحد، يلا يا سي “إيهاب”.
لم يقوى على الهرب من حديثها ولا يستطع هدم أمالها المبنية فيه أن يُحقق مرادها، هو أيضًا يُحب أخيه ويخشى عليه من ذرات الهواء الباردة لكن “إسماعيل” دومًا يسير منصاعًا خلف فضوله دون أن يفكر لو لحظة واحدة في عواقب فعله، لذا قرر أن يكون هو الطرف الحنون وهتف بنبرةٍ جامدة:
_حاضر بس مش علشان سواد عيونك علشان سي “إيهاب” بس.
ضحكت له فالتفت يغادر المكان لتوقفه هي تستفسر بلهفةٍ:
_هتروح فين ؟؟.
جاوبها بدون أن يلتفت لها:
_هروح أشوف أخويا يا عمنا، أدخلي شقتك يلا لحد ما أجي متقلقيش مكانتش ناوي أنام وأنا مزعله مني.
تحرك من بعد حديثه نحو شقيقه بجوار الخيول وهم يركضون في الميدان المستدير الفارغ وقد تم تخصيصه للخيول، وقف “إسماعيل” في المنتصف وهم يلتفون حوله وقد شرد تمامًا وهو يفكر في مخاوفه وقلقه وكوابيسه المقلقة، حتى الطب النفسي عجز عن حل مشكلته، لم يعلم أين هي المُشكلة فيه هو أم ظروفه بوالدته لأبٍ مثل “أشرف” ضحى به من صُغره دون أن يفكر في حاله، لم يلقي بالًا له ولا لمعاناته حتى ترقرق الدمع في عينيه يشفق على حاله حتى شقيقه غضب منه، لم يهمه من كل العالم سواه.
تذكر في نوبات هلعه وخوفه احتضان شقيقه له ساهرًا على راحته يطمئن عليه ولم يتركه سوى بتأكده أنه أصبح على ما يُرام، تذكر أيضًا سنين محبسه بالسجن وكيف قضى هذه السنوات بدونه يخشى الجميع لأن أمانه لم يكن موجودًا بل مُقيدًا داخل السجن، نزلت دمعة هاربه منه وهو يستمع لصراخ قلبه الصغير:
_الحـقـنـي يا “إيــهـاب”.
أغمض جفونه يحاول كبح جماح دموعه ورغبته في الصراخ خاصةً أن أمانه غضب منه ولم يَكن هُنا، ولم يشعر بشيءٍ سوى ذلك الذراع القوي الذي التف حول كتفه يضمه بحمايةٍ وهو يقول:
_جدع ياض، من يوم ما دخلنا هنا وبقينا خيالين وأنا كنت بتمنى ييجي اليوم اللي أشوفك فيه خيال قد الدنيا، كل الخيول تسمع كلامك رغم قوتهم وعزة نفسهم، عاش يا عمنا.
انتبه له “إسماعيل” وازدرد لُعابه لايصدق أنه هنا حقًا بل إنه يتحدث معه أيضًا فوجده يتنهد بعمقٍ ثم وقف مقابلًا له وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_أنا مقدرش أزعل منك، بزعل علشانك أنتَ معنديش استعداد أكون نايم في يوم وألاقي حد جاي يقولي تعالى إلحق أخوك، أنا ماشي صالب عودي في الدنيا علشان أنتَ ضهري، متكسرش أخوك فيك وتخليه يحس أنه مقصر في حقك.
ابتسم له واحتضنه وهو يقول بنبرةٍ مُحشرجة:
_مقدرش أكسرك والله ولا حتى أقدر أزعلك وأنا قاصد اللي بيحصل دا أكبر مني وسلطة كبيرة عليا، صوت بيحركني زي ماهو عاوز وأنا مش بإيدي، أنا بخاف بس بالصوت دا مبخافش، أنا ماليش ذنب والله بس اللي بيحصل دا أكبر مني
ربت “إيهاب” على ظهره ومسح على خصلات أخيه ثم هتف بنبرةٍ جامدة يغير حالتهم هذه:
_تعالى نركب خيل كدا وريني شطارتك.
ابتسم “إسماعيل” له ثم رفع رأسه يقول بزهوٍ:
_متقلقش، أخوك خيال شاطر يا “عمهم”.
رفع “إيهاب” رأسه بنفس الثقة وهتف بزهوٍ مشابهًا لحالة أخيه:
_معلش !! أشوف بنفسي يا عمنا.
مرت دقيقة امتطى كلاهما بها الخيل ونظرا لبعضهما بتحدٍ ثم بدأ “إيهاب” الركض في نفس الثانية التي تحرك بها شقيقه لتشتد لحظتهما ويزداد السباق قوةً وترتفع ضحكاتهما عاليًا وكتل الهواء الباردة تلفح وجهيهما وخصلات شعرهما فيما وقفت “سمارة” بجوار “مُـحي” تبتسم بسعادةٍ لرؤيتهما سويًا وكذلك “مُـحي” الذي قال بسخريةٍ:
_الجوز مجانين بصحيح بس رجالة.
نظرت له “سمارة” بسخريةٍ وهي تقول:
_الحمد لله أنهم رجالة.
تحركت من محلها فيما وقف هو ينظر في أثرها بدهشةٍ ثم هتف فجأةً:
_يا بنت اللذين !! قعدتك معاه خليتك وغدة زيه.
_________________________________
<“نيران الانتقام تلتهب، واللهب يطول الجميع”>
صورتها لم تغيب عن عقله وهي تمسك بكف “يوسف” وترد عليه الصاع صاعين، من أين أتت بهذه القوة؟؟ ألم تكن هذه الفتاة الضعيفة التي يخرج قوته عليها ؟؟ الآن ترد وتنتقم لنفسها وتعلن قوتها عليه؟؟ أين خوفها من تهديداته وأين ذعرها من صوته أو حتى مرور ظله بقربها ؟؟.
جلس يحتسي الشراب في هذه الشقة المشبوهة الممتلئة بالكثيرين من أمثاله أصحاب الأخلاق الفاسدة والضمير الميت حتى أقترب منه أحد اصدقائه القُدامى يَهتف باستفسارٍ عن حالته الغريبة:
_مالك يا جدع فيك إيه ؟؟ حد زعلك.
نظر له “سعد” بعينين تنطق كلتاهما بالشر وترغب بالثأر لنفسها عن لمحة الحزن التي سبق ومرت بها وهتف بغلٍ تقطره كلماته:
_بنت ***** راحت اتجوزت الغريب اللي محدش يعرفله أصل ولا فصل وبيتحاموا في ابن “العطار” فاكرة نفسها كدا بقت متأمنة مني ؟؟ لو أعرف أحرق قلبه إزاي هعملها، بس مش عارف وابن العطار كمان اتجوز أخت الواد دا وبقوا شبكة كلهم مع بعض، ماشي أنا مواريش حاجة غيرهم ديتها إزازة مية نار تخلصه منها ومحدش هيعبرها أصلًا.
مد صديقه يده له بسيجارةٍ مخدرة وهتف بخبثٍ وهو يشعل سيجارته هو الأخر مركزًا بصره على الفراغ أمامه:
_مش ابن العطار دا الشيخ اللي بلغت عنه قبل كدا بتهمة أنه إرهابي ؟؟.
انتبه له “سعد” وحرك رأسه موافقًا بتيهٍ سيطر عليه ليضيف الأخر بدهاءٍ تخالطه الكثير من الصفات السيئة:
_طب خالصة أهيه بلغ عنه تاني وبوظ فرحته وفرحة أخته وأظن يعني عمك ونساييه في الخدمة، قولت إيه ؟؟.
لمعت عيناه بإصرارٍ وتمسكٍ بهذه الفكرة التي أُضيئت في عقله مفكرًا بشرٍ أن انتقامه لن يتحقق سوى من “أيوب” الذي دبر هذه الزيجة ووقف أمامه بالمرصاد يحمي “عهد” منه، وحينها تملكت منه الفكرة لتكبر بداخله ولم يكن أمامه سوى أن يتحرك ويمسك هاتفه كخطوةٍ أولىٰ في تحقيق انتقامه.
_________________________________
<“طريق الألف ميل يحتاج دومًا لخطوةٍ”>
كان الطريقُ طويلًا عليه لكنه تحمل لأجلها قطع الكثير من المسافات وهو يقود السيارة ليصل إلى محافظة “المنيا” بعدما ترك القاهرة صباحًا، كذب على الجميع حتى أمـه واخبرها إنها مجرد زيارة لزوج خالتهم الكُبرىٰ ولبيت جده، وحينما حصل على الموافقة رحل من حارة “العطار” متوجهًا إلى بيت شخصٍ أخر بعدما اطمئن على أقاربه.
وقف في بهو البيت الكبير يضع كفيه في جيبي بنطاله منتظرًا قدوم مراده حتى نزل رجلٌ ذو هيبة فارضة يرتدي جلبابًا رماديًا وفوقه عباءة بنية ويمسك عصاه الخشبي وما إن لمح “بيشوي” في بهو بيته فرق ذراعيه عن بعضهما تزامنًا مع نزوله الدرجات بلهفةٍ كبرىٰ:
_يادي النور يادي النور دا أنا مصدقتش نفسي لما قالولي إنك هنا يابن الغالي، كبرت يا واد ووحشتني.
ابتسم له “بيشوي” واقترب منه يحتضنه وهو يقول بنبرةٍ حارة نتجت عن ترحيبه بالرجل وترحيب الرجل به:
_وحشتني ياعم “ملاك” ازيك يا غالي.
ربت الأخر على ظهره ثم ابتعد عنه يطالع قسمات وجهه الوسيمة التي لا تشبه ملامح والده وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة يواري خلفها تأثره:
_تصدق صحيح مش شبهه وأحلى منه بكتير، بس برضه اللي خلف مماتش وريحة أبوك الطيبة لسه متعلقة فيك.
ابتسم “بيشوي” بحنينٍ له وتذكر والده ثم نطق بنبرةٍ هادئة لكن الحزن غلفها على الفور:
_أنا جاي علشان المثل بيقولك اللي ملهوش كبير يشتريله كبير، أنا ليا كبير وأنتَ عارفه “عبدالقادر العطار” بس ابن أختك ملهوش كبير ومضيقها عليا، “جابر” مش راضي يحل عني.
أشار له الرجل نحو المقاعد الخشبية العتيقة وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_اقعد بس نتكلم مفيش كلام على الواقف كدا، عيب ياض دا أنتَ ابن “جرجس” وتربية “عبدالقادر” أهل الكرم هما الاتنين.
جلس “بيشوي” وهو يقول بسخريةٍ:
_ماهو دا اللي جايبلنا الكافية، ياريته عاجب.
جلس “ملاك” أمامه وهو يسأله بصورةٍ مباشرةٍ:
_قولي بس عمل إيه إبن أختي زعلك كدا؟؟ رغم أنه رغم وغاوي يزعل الناس منه بس قولي يمكن أحللك مشكلتك.
تنهد “بيشوي” وبدأ يسرد عليه أفعال “جابر” تجاهه وكرهه له ولأبيه، كما أنه سرد عليه منه ومن تعليمه ومن كل شيءٍ يخصه وكذلك كرهه لعمله برفقة عائلة “العطار” وما إن أنهى سرده أضاف من جديد:
_طب أنا هسألك وتجاوبني بصراحة، ويعلم ربنا أني ما هزعل من إجابتك مهما كانت في حقي، لو أنتَ عندك بنت وأنا بطلبها منك قولي يعيبني إيه علشان ترفضني؟؟.
تنهد “ملاك” وفكر قليلًا هل يخبره أم يصمت عن الجواب أم يخبره وإمام تلهف الأخر و إصراره على تلقي الجواب هتف بنبرةٍ هادئة مُضطربة كمن يبوح بسرٍ أشبه في قلب الموازين بالطوفان، لذا قرر تزيين كلماته قبل أن يتحدث بقوله:
_يعلم ربنا يابني وأمام الله أهو بقولك أنا لو ليا بنت مستحيل استخسرها فيك، وكفاية إنك تربية “جرجس” الراجل الحقاني، بس بالنسبة لواحد زي “جابر” مستحيل يوافق.
اندفع “بيشوي” يسأله بحيرةٍ أكبر وقد تفاقم الضيق بداخله:
_ليه ؟؟ قولي ليه إيه السبب، إيه ذنبي إني ابن “جرجس”
تقدم “ملاك بجسده” يهتف بنبرةٍ خافتة بمثابة قنبلةٍ ألجمت الأخر وقتلته محله حين هتف:
_ذنبك إنك ابن “جرجس” صاحب “عبدالقادر” اللي “جابر” سلط على إبنه علشان يتخطف وهو صغير بعدما “عبدالقادر” رفض يشتغل معاهم ستارة على تجارتهم.
اتسعت عيناه بدهشةٍ وكأنه تلقىٰ صفعة فوق وجهه، أو أشد من الصفعة أيضًا، ماهذا الحديث الغريب الذي تلقاه هو وكيف يتصرف بعدما توالت الصفعات على وجهه بدون شفقةٍ على حاله.
________________
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غوثهم)
