روايات

رواية غمرة عشقك الفصل العشرون 20 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل العشرون 20 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء العشرون

رواية غمرة عشقك البارت العشرون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة العشرون

وصلت سيارات الترحيلات الكبيرة لي أحد السجون المشددة التي يقضي بها المساجين سنوات العقوبة
التي القت عليهم في دار القضاء……..
السجن ، السجن ليس انعزال عن العالم بل انهُ عالم آخر بدون قوانين او انضباط !….. هنا ترى ما تخشى
ان يصادفك ليلاً… هنا سارق…. هنا قاتل… هنا نصاب… هنا مغتصب…… هنا زاني…… هنا دائن….. هنا عالم قاتم ربما لا يمكن اضافة اللون الرمادي هنا… الاسود يليق بهذا العالم فقط الاسود ولا تأمل في التبديل؟!…
أخذ ابراهيم طاقم السجن الكحلي هو وبعض المساجين المستدجدين هنا…..
والذين تم توزيعهم في عنابر السجن….. دخل ابراهيم احد العنابر مع بعد المساجين الجدد….
جلس على الفراش الذي اشير له و وضع الغطاء الذي سلم له…. ثم ارتاح في جلسته ممدد الساقين ينظر للمكان بوجوم وصمت……
باله مشغول عليها….وعلى والدته….. ماذا حدث لهم وهو هنا بين اربع حيطان يجلس محاط بالمجرمين
الذي بات واحداً منهم….. من ظلم يترا في حياته لاجل ان يرد الدين ويسجن هنا ظلماً؟!….. اي ذنب ارتكبه ويحاسب عليه الآن…… اي ذنب؟!….
سمع صوت جهوري لرجل قوي البنيه يقف في منتصف الزنزانة الكبيرة ويصيح…..
“شرفتوا يارجالة… محسوبكم بيومي…كبير الزنزانة هنا والمعلم بتاعكم………اللي لسه داخلين دلوقتي يقربه كده مننا ويقوللنا تهمتهم إيه…. اهوه نسلي وقتنا ويمكن نطلع من واحد فيكم بمصلحة……”
تقدم المستجدين من الرجل إلا هو ظل جالس مكانه
ينظر لما يحدث بهدوء مبهم…….
مسك بيومي وجه أحد الرجال ونظر الى بنية جسده فاخبر أحد رجالة بخشونة…..
“حلو ده هيبقا واحد من رجالتي….. خدوا معاكم…”
رمق بيومي رجل كبير في السن وقف امامه
فسأله بسخرية…..

 

 

“وانت بقه تهمتك إيه ياجدي…..”
“دبحت……” رد الرجل وهو يرتجف…..
رفع بيومي عيناه وهو يعقب هازئاً….
“ياراجل دبحت….. دبحت إيه وانت وقف بترتعش كده قدمنا….يكونش دبح فرخة ياعيال….. ”
ضحك رجالة بقوة على الرجل….. صرخ الرجل
العجوز بهيستريا…..
“دبحت مراتي… دبحتها…… كانت بتخوني معاه… شوفتهم على سرير واحد…….دبحتها…. دبحتها…”
ضحك بيومي عليه بقوة هو ورجالة ليزيد السخرية بـ…….
“ياجدي مانت لازم تعذرها برضو الست برضو ليها طلباتها وشكلك بقه كده كنت مقصر معاها حبتين…..” تفقده بيومي من جديد ثم تابع…
“حبتين إيه دول يامه اوي ياجدي….”
عاد جميع من في الزنزانة يقهقه بقوة واستمتاع….
فار دم الرجل فصفع بيومي بقوة مما جعل الجميع يتوقف عن الضحك ويندهش من المشهد ليتابعوا بفضول القادم من بيومي…..
جحظت عينا بيومي بقوة نحو الرجل ثم مد يده وصفعه بشدة عدت صفعات ثم القاه على رجالة
وهو يقول بشراسة باردة……
“دا شكل اعصابة تعبانة وعايز يتروق عليه….روقه
عليه على قد ما تقدره دا زي جدو برضو….. ”
نهض ابراهيم من مكانه وكاد ان يخرج لهم لكن
وجد من يكبل يده ويخبره بهمس خشن….
“رايح فين يامجنون انت……انت عايز يتعلم عليك النهاردة……. خليك قعد مكانك……”
رمق ابراهيم هذا الشاب ذو اللحية السوداء المغطية معظم ملامحه لكن لم تخفي عيناه السوداء وحاجبيه الكثيفين…. كان قصير البنيه قليلاً نحيف يرتدي ملابس السجن مثله ويحجز بين يده سبحة
بيضاء….. واليد الاخرى يمسك بها ذراع ابراهيم….
اخبره ابراهيم بغضب بدون ان يسأل عن هوايته..
“الراجل هيموت في اديهم…. دا قد ابوهم…..”
شدد الرجل على كلماته بتحذير…..
“ملكش دعوة العساكر هتدخل دلوقتي تخلصه من بين ايديهم…..”
سمع ابراهيم صرخات الرجل تتزايد فصاح بحنق..
“انت بتقول اي ياجدع انت….. الراجل هيموت….”
اخبره الاخر ببساطة اقرب للبرود….
“محدش بيموت ناقص عمر……. بص حوليك ياجدع انت احنا مش برا احنا كلنا عايشين في زنزانه واحدة يعني لو عديت حد هنا وانت نايم ممكن تلاقي نفسك متشرح…….دا لو لقيت نفسك أصلا… فوق احنا في سجن مش في شارع يعني بلاش الحمشانه الزايده دي……..” انتبه الرجل لي العساكر تدخل تفض الاشتباك بينهم فتابع بتحذير….
“العساكر جت هيسالونا اي اللي حصل… تحط لسانك
جوا بؤك……. وسيب غيرك يرد….”

 

 

نفض ابراهيم يد الرجل واتجه نحو الفراش مجدداً سمع بعدها سؤال احد العساكر عن ما حدث للرجل الكبير ومن إصابة هكذآ…. وبالفعل الكل خشى من بيومي ورجالة وانكروا معرفتهم باي شيءٍ يخص ضرب الرجل… حتى الرجل لم يقدر على الاعتراف عليهم خوفاً كذلك منهم…….
اتى عليه الرجل من جديد وجلس على حافة الفراش وهو يخبره بنبرة خافته….
“شوفت اللي حصل…. عشان تعرف بس… شكلك جديد….. مدخلتش سجون قبل كده؟…”
زفر ابراهيم ونظر للناحية الاخرى وهو يقول باقتضاب…..
“لا مدخلتش… بس اديني دخلت وشوفتك وشوفتهم….. ممكن بقه تقوم من هنا….”
حملق فيه الرجل بدهشة وحاول التعرف عليه بسماجة……
“الله مالك داخل حامي علينا كده ليه …على العموم
اسمي عمار وانت…..”
رد إبراهيم ببرود….
“ميخصكش…..”
صاح عمار وهو يبتسم في وجهه ببشاشة..
“الله يأخي…. دا الكلام اخد وعطى برضو مش كده……”
رد ابراهيم بوجوم…..
“وانا ياسيدي مش عايز اتكلم طلعني بقه من دماغك وشوفلك حاجه تانية تسليك…..”
نهض عمار وهو يتافف بحنق منه….
“ماشي ياعم متزقش…….. انا غلطانلك…….”
اتجه عمار للفراش المجاور له واستلقى عليه.. توسعت عينا ابراهيم بحنق فزمجر عمار به..
“بتبصلي كدا ليه…. السرير ده بقالي عليه اكتر من
ست سنين… ومش ذنبي انه جمبك بقه بصراحة…”
اشاح ابراهيم راسه للناحية الأخرى واجما وهو يحاول تجاهل كل ما يحيط به….حتى تنتهي
العقوبة؟!…..
دا اذا انتهت… انه يكاد يختنق بعد ساعة واحده قضاها هنا….. ماذا عن خمس سنوات؟…..
اليوم التالي في حوش السجن جلس ابراهيم تحت احد الأشجار ليجد نفس الوجه الذي يطارده منذ
البارحة يجلس عند نفس الشجرة يرتل ايات الذكر الحكيم بصوتٍ حسن يمس القلب… كان يود ابراهيم النهوض لكن الآيات القرانية كانت كالمغناطيس الذي
جذبة عنوة عنه فجعله يسمع كلام آلله بقلبٍ متعب
كان يحتاج بعض الراحة والسكينة……….. وهيأ له الطمأنينة مع كل آية تتلى عليه……..
(مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”
سورة النحل 96. )
انتهى عمار من ترتيل الآيات فاغلق المصحف ونظر لابراهيم ومزح معه بسماجة….
“شوف مين اللي بيقرف مين دلوقتي…..”
نظر ابراهيم امامه واخبره بدون مقدمات….
“اسمي ابراهيم……. ابراهيم راضي….”
اخباره عمار مجدداً بملامح بشوشة…
“وانا اسمي عمار……تشرفنا يابراهيم… تهمتك اي بقه……”
لوى شفتيه وهو يجيب بنبرة باهتة…

 

 

“مخدرات…..”
صاح عمار بصدمة مصطنعة ….
“اعوذ بالله هو في كده……. انا سرقة……” مد عمار
له يده كي يصافحه……
نظر له ابراهيم عاقد الحاجبين بتعجب وهو يوزع نظراته بين عمار والمصحف والسبحه بين يداه…
فعقب بتشكيك….
“سرقه !!……. انت سرقة….”
“يعني انت اللي مخدرات…..” ضيق عمار حاجبيه وهو ينظر إليه……..
رد ابراهيم بالا مبالاة……
“انا مبهزرش انا ممسكوك بفرش حشيش….”
حكى عمار براحة مع ابراهيم وكانه كان ينتظر
من يبوح له باوجاعه طوال تلك السنوات….
“وانا برضو ممسوك في مكتب صاحب الشركة اللي كُنت شغال فيها……. محسوبك مهندس درس في
بلاد برا لحد ما طلع عينه…. وعمل دراسة مشروع في تلات سنين وكان بينه وبين طاقة القدر خطوة… بس جه ابن الحرام اللي هد كل حاجة فوق رأسي وجابها
على الأرض وبقيت زي مانت شايف……….. حرامي وعايش هنا بقاله اكتر من ست سنين…… وكلها شهور وقفل السبع سنين وخرج……”
نظر عمار اليه وسأله….
“انت بقه مظلوم ولا نص نص……”
رد إبراهيم بوجه ميت التعابير …
“لا نص نص…….”
هز عمار راسه وحاول التخفيف عنه بنبرة
متفائلة..
“ياعم روق………كلنا بنغلط مفيش حد معصوم من الغلط…….المهم تحاول تفك كده وتكبر دماغك عشان السنين اللي هتقضيها هنا تعدي وتعرف تبلعها…انت واخد كام سنة…….”
أجاب إبراهيم بفتور……
“خمس سنين…..”
لكزه عمار وهو يحفزة بهدوء……
” هيعدوا هوا….حاول بس انت تخليك في حالك وتبعد عن ولاد المؤذيه اللي هنا بذات بيومي ورجالته خليك في حالك يابراهيم……..عشان هنا
غير برا يعني هنا ينطبق عليه المثل اللي بيقولك اوضتين وصالة يعني لا هتعرف تهرب ولا هتعرف تستخبه….”
رد ابراهيم وهو يسند جزعه على ركبته المرفوعه أمامه…….
“سبها على ربنا……..اللي ليه نصيب في حاجة بيشوفها……”
أخبره عمار بعقلانية محاول تثبيت نصائحه
بعقل إبراهيم ……

 

 

“ماشي يابراهيم بس اللي بقولك عليه ده هو الصح……..اسمع كلامي ومشيها بالحب…هنا بالحب
كل بيمشي…. لوي الدراع بقه مبيجيش هنا سكه….
انت لسه جديد وانا مستجدعك وشكلك زيي
داخلها غصب مش بمزاجك عشان كده برسيك
على اللي فيها…….”
……………………………………………………………..
طوت الورقة في يدها وهي تبتسم براحة….ثم تقدمت من العساكر والواقفين امام مبنى السجن
من الخارج……
سالت سمر اياهم بنبرة هادئة….
“لو سمحت….عايزه اقبل كمال باشا……”
سألها أحدهم بخشونة….
“عايزاه في إيه……”
مدت الورقة إليه وهي تقول….
“اديلو الورقة دي وهو هيعرفني…..”
اوما العسكري ودخل بالورقة وظلت هي واقفه بالخارج….. تدعي الله ان تدخل إليه وتراه…..
قد مر شهر على دخولة السجن ثلاثين يوماً لم تراه ولم تعرف شيءٍ عنه….قد حاولت بكل الطرق رؤيته لكن كانت الزيارات محددة بتواريخ معينة ولم
يحين موعدها حتى الان …
لم تجد إلا طلب وسيطاً لتلك الزيارة وبالفعل حدثت
احد السيدات التي كانت تعمل لديهن عند رزان في سابق ووجدت بينهن امرأة رحبت بطلبها وجعلت زوجها وسيطاً بينها وبين المأمور بسبب منصبة العالي هنا….وبالفعل كانت تلك الورقة الصغيرة المفتاح كي تدخل لابراهيم وتراه في قلب مكتب المأمور كما اخبرتها السيدة……
خرج العسكري وفتح لها الباب كي تدخل…حتى تصل لمكتب المأمور ومنه سترى حبيبها…..
بداخل مكتب المأمور جلست على الاريكة الجلدية وانتظرته بقلبا يرجف بين اضلعها… قد اشتاقت إليه
ولوعة قلبها من رؤيته هكذآ تكاد تحرقها على نيران
متوهجة…..
نهض المأمور بعد دخول ابراهيم فابتسم في وجه سمر بهدوء وهو يقول باحترام…..
“ربع ساعة زي ماتفقنا يامدام……”
اومات له ونهضت بعد ان اغلق الرجل الباب….هتفت
إسمه بصوت شاجن مذبوح من كثرة الآلام….
“ابراهيم……”

 

 

ركضت اليه والقت نفسها في احضانه تضمه إليها بشوق وعيونها تذرف دموع الحسرة والقهر عليه…
ابعدها عنه بهدوء ولم يبادلها العناق وكم كانت مقابلة باردة لم تتوقعها منه……وأول شيءٍ قاله بصوته الذي اشتاقت إليه……
“اي اللي جابك هنا ياسمر……”
هتفت بلوعة الحب وعيناها تطوف على وجهه
ويدها تتحسس لحيته النابته بلهفة ووجع….
“جيت عشان اشوفك….هو انا مش وحشاك…دا انا كنت هتجنن عليك…..عامل إيه ياحبيبي كويس….
كويس ازاي انت خاسس اوي يابراهيم…..انت مش بتاكل…….شكلك كمان مش بتنام……”
نظرت اليه والى ملامحه الباهتة وجسده الذي فقد الكثير وبات اكثر صلابة…صلابة وجعت قلبها عليه
يبدو انه يرى الكثير في هذا المكان…..
ابعد يدها وهو يخبرها بنبرة حاول جعلها جافة بقدر المستطاع بعد لهفة صوتها الناعم الذي اشتاق اليه بقدر اشتياقه لكل شيءٍ بها…….
“بلاش تيجي هنا تاني ياسمر………مبقاش ليه لازمه اللي انتي بتعملي ده…..”
مسكت يده وقبضت عليها وهي تخبره بحب
وغمامة الدموع بدات بتجمع في مقلتيها…..
“اي اللي انا بعمله……انتي لي عايز تحرمني منك يابراهيم….حبيبي انا جايه اشوفك وجايه اطمن عليك…..بلاش تكسر بخاطري يابراهيم انا ما صدقت شوفتك ومليت عيني منك…..”
بنفس الجمود حدثها برغم من عيناه التي تسافر
على ملامحها بنهم وشوق……
“لحد امته……..انتي عارفة انه مبقاش ينفع….”
جف حلقها وهي تسأله بحزن….
“اي ده اللي مبقاش ينفع……”
هز رأسه واخبرها امام عينيها باستياء….
“انا ياسمر مبقتش انفع ليكي……هتقدري تستنيني خمس سنين……”
قالت سريعاً على مراى عيناه القاسية….
“هستناك العمر كله…….اي الكلام الغريب ده بس يابراهيم……”
اولى ظهره لها وهو يخفي ضعف مشاعره امام
عيناها وقال بقسوة…..
“دا مش كلام غريب دا الصح….اللي مرضهوش على اخواتي مرضهوش عليكي…..”
سالته خلف ظهره بصوتٍ باهت…
“يعني إي يابراهيم…..”
تردد صوته القاسي في اذنيها فكاد ان يصيبها بالصم
من قساوة كلماته إليها وهو يضع النهاية المؤالمة بينهما……
“يعني مبقاش ينفع….. شوفي حالك ياسمر….انتي تستهلي واحد احسن مني……متربطيش نفسك بواحد
هتفضل متعلقه معاه وصمة العار طول عمره….”
خطت نحوه ووقفت امامه وهي تسأله بصدمة….
“وصمة عار !….بس انت معملتش حاجة…..”

 

 

لم يرف له جفن وهو يخبرها بنبرة قوية…
“في الأوراق عند الحكومة بقيت متسجل عندهم في قضية مخدرات وقدام الناس انا واحد بوزع سم هاري على عيالهم………مش معقول هروح لكل واحد
من دول وقوله انا مظلوم معملتش حاجة.. وياريت حتى معايا دليل اثبت فيه اني بريء وان كل اللي عملته اني طلعت راجل وخدت حقي بدراعي….
بقت دلوقتي الرجولة عار علينا…ولازم كلنا نلبس
طرح ونقعد في البيت…..ونسيب كل واحد يطيح في اللي يخصنا زي ماهو عايز……ماهي سايبه بقه وكل ماشي بالفلوس ولوسطه……ولي زينا يدخل جوا الحيطه مش جمبها عشان يعرف يعيش…..”
نزلت دموعها مع كل كلمة تخرج منه لتهتف بعدها بوجه مبلل بدموع وهو تحاول معه برجاء أقرب لتذلل……
“ابراهيم ممكن ننسى كل حاجة…انا هستناك لو عمري كله هستناك……وهترجع وهنتجوز وهنعيش زي ماحنا كنا عايزين…….”
اخبرها وهو يمسك ذراعيها بين يداه وقربها منه بقسوة……..
“تفتكري هفضل زي مانا….تفتكري انتي هتفضلي زي مانتي………..هتفضلي تحبيني……”
وسط الدموع المنهمرة على وجنتيها اخبرته بصوتٍ
تهدج بقوة وهي تترجاه بإسم الحب…….
“لي بتعمل كده فيا….لي بتعذبني وبتعذب نفسك…انا مش عايزه من دنيا دي غيرك….انا عارفه ان اللي بتمر بي صعب وعارفه ان أكيد قعدتك في السجن مأثره على تفكيرك ونظرتك لاي حد….. بس دا غلط….. انت عارف اني بحبك….. واني هستناك…..والله هستناك…
بس متكسرش بخاطري يابراهيم…وبلاش تتغير معايا
انا عارفة اني سبب كل اللي انت فيه……. بس انت قولتلي قبل كده……اوعي تندمي في يوم انك قابلتيني…….شكلك انت اللي بدات تندم صح…..بدات تندم….. ”
رفع راسه للاعلى وهو يجد ثباته ينهار امام دموعها فوجدها تتقدم منه وتترجاه بدموع لا تنفذ من مقلتيها……
“بلاش تكرهني ياحبيبي…. انا محبتش في دنيا غيرك……”
سحبها بقوة لاحضانه وضمها اليه بعذاب وعيناه بدت تجمع غمامة من الدموع مسحها سريعاً وهو يزيد من ضمها…… تاوهت من قوة عناقة وقد شعرت ان عظامها تعتصر بداخله…….. هتف ابراهيم بين
عناقة القوي لها…
“مين قال اني بكرهك…. انا روحي فيكي ياسمر
باحبك وهفضل احبك لاخر نفس في عمري… بس
كل ده لمصلحتك….. ابعدي ياسمر… ابعدي وشوفي حياتك انتي تستاهلي الاحسن ياست البنات…….تستاهلي الأحسن……”
قالت من وسط عناقة القوي والذي لمس مشاعرها
بقوة واخبرها انه يدعي كل شيء حتى تبتعد عنه…
“انا مستهلش حد غيرك…. عشان خاطري يابراهيم متبعدنيش عنك….. وبلاش تقسى عليا… واوعى
تتغير معايا……. عشان خاطري……”
ابعدها عنه وحجز وجهها بين يداه وهو يخبرها

 

 

امام عيناها الامعة بدموع…..
“خاطرك غالي عليا ياسمر… بس اسمعي كلامي وبلاش تيجي هنا تاني…..”
هزت رأسها وطصنعة الغباء فقالت….
“خلاص هاجي مع اهلك في الزيارات…. مش هاجي لوحدي تاني…..”
اخبرها وعيناه تنهال من جمال وجهها….
“انتي عارفة انا اقصد إيه…..”
صاحت بعناد امام عيناه المشتعلة بالقسوة….
“مش هبعد يابراهيم…… حتى لو انت عايز كده….”
تركها في لحظة وهو يزفر بكبت نظر للناحية الأخرى
ثم عاد لعينيها ليقول ببرود أصأب جسدها بصقيع مع كل كلمة تخرج منه…..
“دول خمس سنين…. وقضية هتبقى متسجلة عند الحكومة….. ترضي عيالك يبقوا مني… من واحد ليه ملف في الحكومة…..اب ميشرفش…. ترضي… ”
لم تهتز ملامحها للحظة وهي تهز راسها بتاكيد واصرار قوي…….
“ارضى….. عيالي مش هيبقوا غير منك……وانت هتبقى احسن اب في دنيا….. واحن زوج كمان……
انت تشرف اي حد وسيبك من الكلام دا بقة… ويلا
انا جيبالك اكل معايا…….. عملهولك بايدي…..”
مسكت يده وحاولت سحبه للاريكة لكنه كان كتمثال الجامد لم يتحرك بل هو من سحبها اليه لتقع على صدره وبرغم من توتر ملامحه من قربها إلا انه
تحدث بجفاء امام عيناها السوداء المحببة لقلبه….
“بتصعبيها لي ياسمر….. اسمعي الكلام… وبلاش تقوحي…… احنا مبقناش ننفع لبعض…..”
تنهدت تنهيدة عميقة مؤالمة لصدرها وهي تنظر لعيناه بتوسل عاشقة……
“ابراهيم عشان خاطري أجل اي حاجة دلوقتي.. وخلينا اشبع منك في ربع ساعة دي…… انا مش هعرف اجيلك كده تاني…..”
رد عليها بجفاء….
“وانا مش عايزك تجيلي تاني ياسمر…..”
“ابراهيم…..”نظرت إليه بعد نداءها القوي لتجده
يقسو بشراسة وهو يقول…..
“اسمعي كلامي وروحي……. وكفاية لحد كده… كل شيء قسمة ونصيب….. واحنا مفيش بينا نصيب ياسمر… يمكن دي كانت إشارة من ربنا عشان ناخد بالنا……”
اشارت على نفسها بصدمة وهي تنظر لعيناه
باتهام…
“بتتخلى عني………… عايز تسبني…..”

 

 

هدر ابراهيم بصوتٍ شديد مسنن في نحر قلبها……
“قولتلك انتي تستهلي الاحسن… وانا مبقتش اشرف حد…. ومش هاخد بنات الناس اظلمها معايا….. آلله
يسهلك ياسمر ويسعدك……”
مسكت يده وقالت بين دموعها الغزيرة بترجي الم قلبه عليها وعلى حياتهما التي دمرت قبل ان ترى النور……..
“ابراهيم…. ابراهيم عشان خاطري… متكسرنيش بشكل ده….. عارف يعني اي واحده تحب وتترفض من اللي بتحبه…. عارف وجعها….. عارف يعني اي تسبني وانا ماسكه في ايدك وبقولك مش هسيبك… عارف وجعها يابراهيم……. انت بتدبحني…. وانا محتجالك زي مانت محتاجلي…..”
حجز وجهها مجدداً بين يداه وهو يخبرها ببحة تحارب الكلمات كي تخرج إليها…..
“وحيات حبك في قلبي كل ده لمصلحتك… سبيني وانتي بتحبيني بدل ما تفضلي معايا وتكرهيني….”
نزلت دموعها على كفيه وهي تنظر لعيناها بعذاب
تتذلل ان يجعلها تبقى ولا يلقيها خارج حياته
هكذآ….
“والله ما هكرهك…… اي اللي انت بتقوله دا بس
انت مش فاهم انا بحبك أد إيه يابراهيم…..”
اغمض عيناه وهو يشعر انه يضعف امامها كلما بكت كلما برهنت بحبها اليه…… كلما لمست يده واقبضت عليها كي تخبره انها بحاجة إليه….انهُ عاجز عن ابعادها عن حياته….حياته التي باتت ملوثه ولا
تصلح لشيء……انها لا تفهم الصالح لها…انها لا ترى
مستقبلها معه جيداً انها تفكر بالعواطف اكثر من تفكيرها بعقلانية وبنظرة واقعية لحياتهما معاً
فيما بعد………
ابعد يداه عنها وهو يعود للجفاء معها حتى
ترحل…
“روحي ياسمر خدي بعضك وروحي….وبلاش تيجي هنا تاني…..واعتبرينا فركشنا زي ما كنتي عايزه في الاول…….”
مسكت ذراعه وهي تترجاه بدموع ان يتراجع عن
هذا القرار القاطم لظهرها.. والحارق لروحها حيه…..
“ابراهيم………..ابراهيم…..”
دخل المأمور بعد علو صوتهم ونحيب سمر المستمر
عقد حاجبيه وهو يوزع الانظار عليهما بتساوي
ليجد ابراهيم يشكره بهدوء وبنبرة محملة بالاسى….
“كتر خيرك ياباشا….انك سمحت لاختي تزورني….”

 

 

توسعت عينا سمر من بين وجهها المبلل بدموع…..لتجد المامور يهتف مندهشاً……
“اختك !…..بس دي قالتلي انها مراتك…..”
نظر ابراهيم اليها نظرة خاطفة وهو يرى تأثير
الكلمة عليها……
“لا دي في مقام اختي الصغيرة….. روحي ياسمر ومتجيش هنا تاني…….”
خرج مع العسكري وتركها مكانها مصدومة منه…
كسرها اليوم و آذى مشاعرها وشكك في حبها إليه..
شهر واحد بدله وجعل قلبه صلب وقاسي عليها
من كان يلين حباً لها حتى في شدة غضبه أصبح
قلبه كالحجر ؟!….
شهر كان كفيل لترى من خلاله الجانب المظلم بداخله
ماذا سيحدث ان مرت السنوات عليه هنا…سيتحول مجرماً قولاً وفعلاً……
شعرت بنغزة قوية تحتل صدرها فوضعت يدها عليها
تكتم وجعها وهي تشكر المأمور وتخرج تجر خيبة الامل معها وقد ظنت ان مقابلته ستخفف عن
احزانها الكثير….ظنت انها ستخرج من عنده محمله بالأمال والوعود في علاقتهما المحكوم عليها بالإعدام
من يوم ان توعد لها ماهر بايذاء اي فرحة تطوف حولها لتنقلب فعلاً الفرحة لكارثة تحتل حياتها وحياة كل من حولها وهو أول من أصأب بالكوارث من تحت راسها …….
برغم من حزنها الا انها لن تلومه ولن تقسي قلبها عليه وبرغم حبه لها إلا انه يدعس على حُبه لأجل
ان تبحث عن سعادتها واستقررها بمكان آخر…
الأحمق لا يعرف ان قلبها لن يهوى بعده ولن يعرف السعادة والاستقرار إلا بين ذراعيه….ألا يعرف ان عناقة كان أجمل شيءٍ اهداه لها في تلك
الزيارة القاسية….ألا يعرف ان رؤيتهُ كانت أجمل شيء رأتهُ منذ بعاده……….ألا يعرف كم تحبه….هل يعرف انها ستنتظره حتى اخر دقيقة بعمرها…..
……………………………………………………………..
خطوة بخطوة معه كالفراشة تلتف بين يداه الماهرة
يداه تعانق خصرها ويداها هي تحيط مؤخرة عنقه
بنعومة والموسيقى الكلاسيكية الناعمة تطوف من حولهما بتناغم ينافس خطوات رقصهما معاً….
ولم تدرك يوماً انها تعشق الحياة هكذآ بصخبها العالي
وكانها كانت تنتظرها…. تنتظر الجريء الذي يمسك يدها بالاجبار ويدفعها نحو حلاوة الدنيا التي تجاهلت وجودها عن عمد واخذتها أمواج الواقع تدفعها يمينا ويساراً بلا هوادة……
تألقت بابتسامة جميلة اليه وهي تنظر لعيناه العسلية بتمعن لا يخفي إعجاب بات يداهم اعماقها بعدما أصبح زوجها ؟!…..
ابتسم عز الدين بجاذبية براقة وهو يتأملها بعيناه بتمهل قبل ان يسألها بهدوء…..
“بتبصيلي كدا ليه……واي لازمة الضحكه دي….”
توسعت ابتسامة حنين بتدريج وهي تخبره….
“بصراحة مش مصدقة ان احنا اتجوزنا…..”

 

 

سألها وهو يقرب راسه منها بوقاحة….
“واي اللي يثبت اكتر من كده ياحنيني عشان تصدقي…”
ابعدت راسها عنه وهي تخبره بدلال….
“مصدقه من غير اثبات…..وبطل بقه…انا بس بدردش معاك……”
اخبرها بسماجة وهو يقربها منه أكثر…..
“دردشي ياستي…. احنا ورانا إيه…. تعرفي انا كمان مش مصدقه اني اتجوزتك…. بصراحة مكنتيش بتنزليلي من زور…..”
“يسلام….” توقفت بحنق…..
ضحك عز الدين وهو يحاول ان يعيدها لاحضانه
من جديد…..
“وقفتي ليه…. الكلام ده كان في الأول بس… لكن
دلوقتي بقيتي حنيني خلاص مفيهاش كلام تاني..”
اطرقت حنين براسها بخجل وهي تبتسم عنوة عنها وتشعر ان كلماته أصبحت تأثر بها بقوة…
رفعت عيناها البنية اليه وبين البسمة الجميلة قالت بتذكر….
“فاكر اول يوم شوفتك فيه… وانت داخل نافش ريشك كده عليا……”
عقد حاجبيه بتعجب وهو يخبرها باستهجان..
“اي نافش ريشك دي……. الملفاظ السعد يامراتي…”
خفق قلب حنين بقوة مع اخر كلمة قالها
فضحكت حنين وهي تتابع….
“اول ما شوفتك كنت هولاكو اوي كده في نفسك……….شكلك خوفني…”
رفع راسه وهو يقول بغرور معتاد منه….
“يسلام شكلي خوفك…. انتي متعرفيش الشكل ده في اي حته بيعمل إيه في الستات…..”
أرادت زعزعت تلك الثقة فقالت….
“اي تواضع ده مش كده ارحمنا…..وعلى فكرة بقه انت مش حلو خالص…….”
لاحت الصدمة على وجه عز الدين وهو يسألها باهتمام….
“مش حلو…….. يعني انا مش عجبك…..”
كذبت وهي تنظر لوسامته الساطعة كنجمة تخطف الأنظار !………
“آآه مش عجبني…. ولي عندك اعمله…. وعلى فكرة بقه في احلى منك كتير…..” ابتعدت عنه وهي تركض
وسط أوتار الكمان التي تعزف حولهما عن بعد….

 

 

ركض خلفها وهو يصيح بحنق….
“تعالي هنا ياحنين……..مين دول الاحلى مني……”
ركضت حنين بقوة وهي تغيظ إياه بصوتٍ عالٍ….
“الحلوين كتير……….وبعدين حط في دماغك ان
لولا اختلاف الاذواق لبارت السلع……”
توسعت عيناه وغمغم ذاهلاً….
“وبقيت سلعة كمان…….”
ركض بقوة إليها وكانت هي تركض امامه على رمال الشط حافية القدمين وثوبها الرمادي يهفهف حولها
بجمال واناقة تليق بمراهقة اتت لهنا كي تقضي اجازة صيفية قصيرة بعد ان انهك جهدها بأكمله في الدراسة طوال السنة…….
التقط عز الدين يدها في لحظة خاطفة فصرخت حنين بقوة وهي تستدير له….
“عز……. عز…….. لا انا مقصدش…..”
ضيق عيناه بمكر وهو يقربها منه لتكن في
مواجهة امامه…..
“بقا انا بقه مش عاجبك ياحنيني….”
زادت وتيرة انفاسها العالية ببسبب الركض ومن
بين انفاسها اخبرته بشجاعة زائفة….
“آآه ياعز مش عاجبني…. هو بالـ……” كتم اعتراضها
بشفتيه الدافئة المتسلطة عليها ومتص اي اعتراض
كانت تود اخراجه…..
برغم من انه يعرف انها تمزح معه بسماجة إلا انه
لم يحب مزاحها السخيف معه…ود ان يسمع عكس ما قالته ود ان يسمع تاثيرة عليها قبل الزواج واعجابها به كما حدث معه قبل ان يمتلكها…..
لماذا وقع هو كالمسحور بها وبكل شيءٍ تمتلكه من جمالاً حزين لشفافية أنثوية نادرة… لماذا لم تكن له حتى إعجاب ولو واحد في المائة كما شعر معها
بعد كل لقاء كان يحدث بينهما….لماذا ياحنين؟!…
أبعد شفتيه عنها ونظر لعينيها المغمضة بحب
وسكون جسدها بين يداه وهي واقفه مكانها…
يعشق تاثيره عليها…..يحب ان يرى وجهها بعد كل قبلة وبعد كل علاقة حميمية تقام بينهما….انها
تزدهر كوردة تتفتح في فصل الربيع كلما قبلها وعانقها………وكانها لم تشعر بالحب والدفئ إلا
بين يداه………
فتحت عينيها وزحفت الحمرة اكثر لوجنتيها وهي تنظر إليه فاخبرته بخجل…..
“على فكرة بقه انت مستفز…..واي حاجة عندك
اخرها بوسة…..”

 

 

ابتسم وهو يحك في راسه بخبث…..
“و دي حاجة وحشه ولا حلوة….”
اسبلت جفنيها ولم ترد عليه لتجد نفسها ترتفع عن الأرض وهو يحملها على كتفه بطريقة عشوائية…
“بتعمل اي ياعز……. نزلني……”
اخبرها وهو يتجه بها للمنزل……
“بينا كلام لسه مخلصش…… هنخلصه جوا….”
حركت ساقيها بدلال وهي تهتف من بين ضحكاتها…
“المسامح كريم ياعز……..انا كنت بهزر على فكرة….”
تحدث بلؤم وهو يدخل بها المنزل….
“بتهزري في اي ولا في إيه…. انت عكيتي الدنيا ياحنين…… يابتاعت السلع البايرة انتي…..”
ضحكت حنين وهي ترفع راسها قليلاً تنظر اليه وهو حاملها على كتفه ببساطة يسير بها ويتحدث بمنتهى الراحة وكانه لا تضيف وزنٍ عليه…..
“خلاص بقه ياعز والله بهزر….. وبعدين نزلني عشان كتفك…… عز هو انا تقيلة؟…..” انتظرت اجابته
بحرج…..فأجاب بمدح ذكوري…..
“خف الريشة……….. و ربنا يسامحني بقه…..”
مطت شفتيها بتزمر وهي تراه يصعد بها على السلالم….
“اخص عليك ياعز….دا انا رفيعه حتى…العضم بس هو اللي بيوزن…….”
سألها بانتشاء…..
“وعضمك كام كيلو على كده……”تعثر بضحكة قوية عنوة عنه… فضحكت هي أيضا معه وهي تحاول النزول….
“انت بتتريق طب نزلني بقه……..انت شيلني ولا
كاني شوال بطاطس…….نزلني ياعز…..”
دخل الغرفة والقاها على الفراش برفق ثم رفعت عيناها فوجدته يبدأ بخلع ملابسه….
“اي ده……. اي ده……..انت هتعمل إيه…..”
اجاب بعبث…
“هغير هدومي……. مالك في إيه…..”
ردت حنين باستهجان….

 

 

“على فكرة في حمام…. وفي اوض تانية في الفيلا الطويل العريضة دي مش شرط يعني تغير قدامي
مش كده…..”
غمز لها وهو يتابع حديثه بمراوغه….
“امال ازاي هو احنا مش متجوزين… فكي كده وغيري هدومك انتي كمان….. وانا هغمضلك عيني…”
رفعت شفتها للاعلى بتهكم….
“تغمضها………..لا متغمضش……”
مزح بسماجة معاها وهو يرمقها بوقاحة…..
“بجد وانا اللي كنت فكرك مكسوفة….طب قومي غيري يلا وانا اوعدك هركز اوي معاكي….”
رفعت سبابتها واحمرت وجنتيها بقوة….
“نعم تركز في اي بظبط…….. عز متهزرش….”
اقترب منها بعد ان القى القميص أرضا ثم سحبها من ساقيها على الفراش فصرخت وهي تضحك بقوة قائلة بتحذير واهية……
“عز متهزرش……وحياة اغلى حاجة عندك خلاص…”
قرب وجهه منها وهي تضحك بقوة ولا تعرف
ما سبب صخب ضحكاتها العالية اليوم…..انها ترتوي
بنهم من تلك الزيجة وهذا الوسيم يخرج على يداه
حنين أخرى محبة للحياة بكل ذرة بها…..
سمعته يميل على عنقها وهو يهمس ببحة
مخيفة قليلاً…..
“اول ما شوفتيني…… كنتي خايفه مني صح….”
“آآه…….لا….محصلش……..خلاص بقه ياعز…”
دغدغ عنقها باسنانه فضحكت بقوة وهي تحاول
ان تتراجع عن الحماقة التي تفوهت بها في الاسفل…..
رفع عز الدين راسه عن عنقها وهو يتشرب من ملامحها المتوردة الناضرة بلمعة جذابة وعيناها التي
تتلألأ بسعادة مع الوقت وتلك الابتسامة المشرقة التي كانت تحرمها بالقوة من الظهور على محياها
تلك الإبتسامة فتنة وجمال آخر يحتاج قصائد من الشعر تتغزل بها…….
“ضحكتك حلو اوي ياحنين……أوعي اشوفك مكشرة تاني….أبداً ياحنين……فاهمة….”

 

 

هزت حنين رأسها وهي تبتسم اليه برقة ومزالت ممدة اسفلة تنظر إليه بخجل لا يخلو من لمعة الإعجاب من تلك الوسامة التي يتمتع بها هذا الرجل الذي أصبح زوجها…….ستذكر نفسها من جديد انه اصبح زوجها……عز الدين زوجكِ ياحنين…..زوجكِ انتِ…..
تنهدة بعمق وهي ترسم ملامحه من جديد بعيناها بدقة وتمهل……اخبرته بخفوت بعد ثواني من النظر اليه…
“على فكرة انت أجمل راجل شوفت في حياتي…”
مالى عليها ولفح صفحة وجهها بانفاسه وهو
يقول ببحة عميقة زعزعت كيانها……
“مش قولنا بلاش تعاكسيني ……”
همست هائمة بعد ان أسند جبهته على خاصتها
بحميمية…..
“على فكرة غصب عني…… ماهو مفيش عيون كده برضو…….”
طبع قبلة على شفتيها وهو يبتعد قليلاً وتساءل بلؤم……
“ومالها عيني…..”
عضت على شفتيها من هذا القرب الهالك بينهما لتجيب بضياع….
“حلوة اوي…………زي كل حاجة فيك…..”
مجدداً طبعة قبله حانية على شفتيها وهو يسترد
الحديث بخبث…..
“مكنتش عجبك من شوية….غيرنا رأينا بسرعة دي..”
شيءٍ بداخلها يطالب بقربة يطالب بالمتابعة ويكفي
عبث معها انها تحترق على يداه وهو ماكر يتلاعب بها بلؤم……..حاوطت عنقه بيدها وقربته منها وهتفت بأسمه بضياع……
“عز……….”
همهمات رجولية كانت الرد منه وهو ينظر لشفتيها المتفجرة بفتنة خلقت للاقتحام فقط الاقتحام
ونهم بكل جزءاً بها……
“ممم….. قولي يا حنين…….سمعك…”
قربت رأسها قليلاً منه وطبعت قبلات صغيرة متفرقة على شفتيه وفكه الرجولي الصلب…..ابتسم بانتشاء وسط قبلاتها الرقيقة ليجد نفسه يثور ويقتحم
ثغرها بقوة مداهم كل ذرة حلوة به…..
ضاعت بين يداه وتذوقت مجددا تلك المشاعر الدافئة الحانية معه وشعرت ببوادر الحياة تتخلل جسدها اليابس لتحيا كما لو لم تحيا يوماً بحياتها؟!……
ربما يرغب بها أكثر من اي شيءٍ رغب به في حياته
كلها……. مؤكد يشعر بالكمال معها وهذا جديد عليه كلياًّ….. يصاب بالحنين نحوها ان ابتعدت عن عيناه
لو لثوانٍ فقط……يشعر بالحاجة لعناقها لتقبيلها للمسها….بحاجة لاخماد اشواقة التي لا تنضب
حتى برؤيتها …..
أشواق لم يستشعرها إلا بعد ان دخلت حياته تلك الحنين….التي هدمت كل الحصون وضربت المنطق
وشعاراته عرض الحائط وتسللت لحياته في لحظة
كان بها الاكثر ترحيب بقدومها…وكانه كان ينتظرها منذ زمن………

 

 

في الصباح مشط شعره امام المرآة ووضع العطر الخاص به بعد ان أخذ حمام دافئ وارتدى ملابس
كاجول عبارة عن بنطال جينز يعتليه كنزة بيضاء بنصف كم…كان غاية في الاناقة بعد ان تخلص من الحلة الرسمية التي يرتديها في معظم الأوقات….
وشعره الاشقر مصفف للخلف بجاذبية ولحيته النابته
قليلاً تكمل جاذبية رجولية مهلكة لاية أمرأه تقع عيناها عليه……انتبه لعيناه العسلية الامعة
الشبيهة بعيون النمور قليلاً……..
افتر ثغره بابتسامة هادئة وهو يتذكر مدحها البريء في عيناه بل وحقدها الواضحة أيضا عليه….
استدار إليها ليجدها مزالت نائمة على الفراش متكورة في نومها كالاطفال والغطاء بأكمله
يخفي حتى رأسها…..
ابتسم وهو يقترب منها وجلس بجوارها على حافة الفراش…سحب الغطاء ببطء عن رأسها وبدا يمرر
يده على طول ذراعها وهو يوقظها برفق….
“حنين…..حنيني…..قومي يلا……كفاية نوم….”
سحبت الغطاء من بين يداه بتشنج وهي تغمغم بحنق….
“حرام عليك سبني مش كفاية نايمة متأخر…..”
مجددا رفع الغطاء عنها وفال بتسلية….
“قومي ياحنين….احنا بقينا الضهر…هتقضي اليوم
على سرير…….”
صاحت بتشنج واعين مغمضة وهي تسحب الغطاء منه……
“آآه تعالى انت كمان نام جمبي وقفل البلكونه دي…
واسكت بقه…..”
لاحت الصدمة على وجهه وهو يرمقها تحت
الغطاء متكورة…..ذأبت الصدمة بعدها وهو
يقول بضيق……
“اسكت…. هي حصلت…. هو شكل الأدب مش جاي معاكي سكة…….. تعالي بقه….” سحب الغطاء بالقوة عن جسدها كله والقاه أرضا….
شهقت حنين وهي تفتح عيناها بزعر… وهتفت بصوتٍ مجوف……
“اي ده هات الغطا…… عز….” صرخت بقوة وهي تراه يحملها على ذراعيه ويتجه بها الى الحمام….
“عز إياك…. والله هتزعل…… هتزعل ياعز….”
ضيق عيناه وهو يدخل بها من باب الحمام….
“هي القطة بتاعتي طلعت بتخربش ولا إيه…وريني
كده هتعرفي تزعليني إزاي……” وضعها امام صنبور المياة ومسك فرشاة الاسنان ووضع القليل من المعجون وهو يأمرها بصرامة….
“افتحي بؤك…..”
“ها…….”فتحت فمها بدهشة وعدم فهم لتجده يدخل الفرشاة بفمها ويمررها على اسنانها برفق بدأت الرغاوي بالخروج من فمها واصبحت أشبه بطفلة مُستاءة ترفض غسل اسنانها صباحاً……
لم تقدر على التحدث من بين تلك الرغاوي المتجمعه بفمها….افرغت ما بفمها في حوض الاغتسال وهي
تنظر له بغضب….
” انت بتعمل اي ياعز…….مش اسلوب ولا طريقة على فكرة……. ”
مد فرشاة الأسنان وامرها من جديد…

 

 

“افتحي بؤك ياحنين وانتي سكته……”
هزت راسها بقوة وامتناع مضحك وبدون ان تفتح فمها…وبعدها حاولت الهرب منه لكنه كبل خصرها وهو يعيد امره بحزم…..
“افتحي بؤك وبطلي دلع……”
تزمرت وهي توليه ظهرها وكان يكبلها من الخلف
بقوة……
“سبني ياعز انام……..هنام يعني هنام….حرام
عليك بقه سبني……..”
اجابها وهو يديرها إليه بقوة…..
“مفيش نوم هنخرج عشان نفطر وهنقضي اليوم كله برا….وبطلي كسل ياحنين مش كل حاجة هزقك
عليها زق……”
لاح الامتناع في صوتها وهي تخبره ببساطة….
“انا مبحبش الخروج……انا بحب البيت واكتر حاجة بحبها السرير……. اخرج انت لو عايز…”
القى عليها نظرة ذاهلة وعقب….
“اخرج لوحدي؟…..”ثم تركها بعد ان هزت راسها بتاكيد بسيط…..قال بضيق وهو يتركها….
” ماشي براحتك….انا هتصرف…هشوف اي واحده اخرج معاها طالما مراتي مش فاضية وعايزه تفضل
نايمه على السرير طول اليوم……”
كانت ستخرج من الحمام لكنها توقفت على اعتاب الباب وهي تستدير اليه ساندة بيدها على أطار الباب
وترمق إياه بنظرة غاضبة….
“يعني اي هتشوف واحده تخرج معاها…..”
اقترب منها ودفعها قليلاً وهو يخرج من الحمام
قائلاً ببرود…..
“يعني هشوف اي واحده اقضي معاها اليوم لحد ما تخلصي نوم…….”
دبت الارض بقدمها وهي تهدر بتشنج….
“والله هي بقت كده يعني……طب لعلمك بقه انا جايه……جايه بالعند فيك….”دخلت و اغلقت باب الحمام في وجهه وهي تهتف من خلفه بحنق….
“قال يجيب واحده مكاني قال…..دا اتجنن دا
ولا إيه……”
ابتسم على جملتها ولكنه تنحنح وهو يصيح
بخشونة وتحذير لها…..
“لسانك ياحنين………..لسانك…..”
كانت تسند على الباب وهي تزمجر بغيظا منه…
“الله يسامح المستفزين اللي بيطلعوا الواحد عن شعوره…..”
هتف عز الدين بتوعد خشن…
“طب لم تطلعي نشوف مين المستفزين دول….”

 

 

خفق قلبها خوفا منه فقالت بصوتٍ مجوف…
“اوف بقه… الكلام مش عليك انت… ممكن تستناني برا لو سمحت……هغير واجي…..”
تقدم من باب الخروج وهو يقول بهدوء…..
“هستناكي على الشط متتاخريش…..”
غمغمت حنين بنبرة خافته مغتاظة وهي تزفر
بقوة….
“حاضر ياجوز الأربعة…….هنتظر اي منك يعني…”
بعد مدة وقفت امام المرآة بكامل اناقتها ترتدي ثوب صيفي أبيض انيق مطبع ببعض الورود الرقيقة…. كاشف كامل ذراعيها….. ويصل طوله اعلى كاحلها بقليل عليه ارتدت حذاء رياضي أبيض متأنق مع الثوب وشعرها رفعته كذيل حصان ناعم منساب
خلف عنقها حتى قبل منتصف ظهرها بقليل…وضعت بعض الزينة البسيطة على وجهها والتي تلائم نهار
اليوم برفقته……ورشة هنا وهنا من هذا العطر الناعم على الأنف لتكتمل هيئتها الناعمة وجاذبيتها الهشة في لفت الأنظار……..
حملت حقيبة يد انيقة بين يداها وخرجت إليه
بكامل اناقتها…….
خرجت من المنزل فوجدته يقف يولي ظهره لها ينتظرها على الشط يتأمل الأمواج المتقاذفة
على رمال الشاطئ واحده تلو الاخرى تقذف بقوة
وبصخب عالي قادر على إخماد اكبر الهموم ونسيان
لفترة أمام عظمة البحر وعمق جماله….
اتجهت إليه بخطوات هادئة ثم وقفت خلفه ووضعت يدها على كتفه قائلة بهدوء حتى لا تعكر صفو تاملة الجميل…….
“عز…………انا خلصت……”
استدار اليها ونظر لها بتمعن من اول راسها حتى اخمص حذاءها الرياضي…..عقب ببحة رخيمة..
“اي الحلاوة دي ياحنين…….”
طاطأة براسها وهي تغمغم بعتاب….
“مانت كنت ناوي تخرج لوحدك….او مع واحده من بتوعك……”
مسك فكها ورفع راسها اليه وداهم عيناها البنية الشبيهة بلوزتين حلوتين شهيتين……..قال بصوت
اجوف…..
“انتي بجد صدقتي ان انا ممكن اخرج مع حد غيرك…شوفي ياحنين الحاجة الوحيدة اللي لا
عمري عملتها ولا هعملها هي الخيانة……فهماني.. ”
اومات له على مضض وبعدم اقتناع….ثم وجدته يمسك يدها ويقبض على كفها بين يده بامتلاك…
قائلاً بنبرة عادية…..
“يلا عشان نفطر……وبعدين اشوف هفصحك فين النهاردة…….نفسك تروحي حته معينة… ”
هزت راسها وهي تقول باحباط به لمحة من
الحرج…..
“لا…… يعني انا معرفش حاجة هنا…….”
تأمل جانب وجهها وهو يسير معها سائلاً بهدوء…
“طب قوليلي ياحنين نفسك تعملي إيه…مفيش حاجة نفسك تعمليها معايا…..”
نظرت اليه وهي تبتسم مرددة الجملة وهي تفكر
بجدية وكانه اصعب سؤال طرح عليها….وهو كان كذلك بنسبة لها……
“معاك…. ممم…. مش عارفة ممكن نركب عجل…..اي رأيك…….”
عقد حاجبيه بتعجب وعقب هازئا….

 

 

“نركب عجل…. اي الطمع ده… عجل مرة واحده..”
عضت على شفتها وهي تنظر امامها بحنق….
“ممكن تبطل تريقه…. مانا مفيش حاجة في دماغي دلوقتي……”
ابتسم عز الدين بتفهم واقترب منها ليحيط
منكبيها بذراعه ويقربها منه قائلاً
بحنو…
“خلاص ياحنيني متزعليش…. نركب عجل انا
وانتي… بتعرفي تركبيه بقه ولا هتكسفينا….”
نظرت اليه ورفعت راسها وهي تقول
بفخر….
“طبعاً…………. بص هبهرك بجد……”
اصبح مرتاب الملامح وهو يعقب
مستنكراً…..
“والله بعد هبهرك دي قلقة اكتر….”
دفعته بغيظ وهي تزم شفتيها….
هتف بعفوية وهو يتعثر بضحكة أخرى على ملامحها المكفهره….
“خلاص ياعيوني……..تعالي…..”قربها منه اكثر فتألقت
إبتسامة خجولة على شفتيها وحينها خفق قلبها
وهي تتجرأ وتحيط هي أيضاً خصره بذراعها بخجل وسارت معه حتى وصلا الى السيارة فتح لها الباب بالباقة وهو يقول…
“خلينا نطلع الاول نفطر وبعد كده نشوف
موضوع العجل ده…..”
تحمست حنين وهي تومأ برأسها بسعادة غير منتهية معه لتجده يستلقي بجوارها السيارة الفارهة وينطلق بها……
………………………………………………………………
في الحدائق العامة قد فتنة من هذا المنظر الجميل
حيثُ كانت الحديقة تزدهر بالاشجار العالية المثمرة وعلى اغصانها العصافير مغردة بشجن…و مازاد الحديقة جمالاً هو ذلك الرواق الذي يدخل منه

في الحدائق العامة قد فتنة من هذا المنظر الجميل
حيثُ كانت الحديقة تزدهر بالاشجار العالية المثمرة وعلى اغصانها العصافير مغردة بشجن…و مازاد الحديقة جمالاً هو ذلك الرواق الذي يدخل منه الزوار , فقد امتدّ الى آخرها مزين من الجاهتين بالزهور مختلفة الالوان…..هنا ياتي الجميع للتنزة وقضاء وقت فراغ في اللهو او الاستجمام في بيئة طبيبعية……..
قد فتنها المنظر الطبعيي فظلت مكانها تتأمل المكان بابتسامة واسعة…….ورائحة الورود المعطرة الممزوجة بالهواء الربيعيّ تتسلل لانفها بتمهل…..

 

 

تنهدت باسترخاء وهي تقضم من الشطيرة بيدها وكانت واقفة تحت احد الأشجار ذات ظلاً كبير…….كان واقف بجوارها يمسك بين يده أيضاً شطيرة لكنهُ تناساها وهو يتاملها باستمتاع وكانها أجمل لوحة عرضة أمامه…..بها فن يجب ان
يُدرس ، بها لغز غامض يجب ان يجد له حلاً……
ما بالها تلك المرأة تجذبه بأقل حركة منها….تجعلة كالمسحور من ابسط ابتسامته تلقيها عليه…يراها في عيناه أجمل نساء العالم ويشعر بالفخر الاقراب للأنتصار لمجرد انها أصبحت زوجته……
مابالك ياعز الدين لتلك الدرجة سُحرة بها…مابال السحر لا ينضب بداخلك بلا يتزايد مع مرور الأيام ؟!……
وقعت عينيها عليه وهي تقضم من الشطيرة مجدداً وقد انتبهت حنين لنظراته القوية عليها….تساءلت حنين وهي تبلع اللقمة بتوجس…..
“بتبصلي كدا لي ياعز……..في حاجة……”
هز رأسه بنفي وهو يوعد للشطيرة المسكينة التي تناسى وجودها للحظات….قضم منها وهو ينظر امامه
بهدوء……
“عادي……….ناويه تركبي عجل ولا غيرتي رأيك…..”
اومات بحماس وهي تاخذ اخر قضمتين بنهم من الشطيرة……
“ناويه طبعاً……..هنركب عجل هنا…..”
ايماءة بسيطة كانت الرد عليها…ضحكت وهي تنظر لجمال الحديقة مجدداً و رصيف الممتد لاخرها……
عقد حاجبيه وهو يسألها عن سر تلك الضحكة…
“سببها اي الضحكة دي بقه……”سحبها بعد ان انهى شطيرته واحاط خصرها بيده….اخبرته وهي تنظر لعيناه……
“اخر مرة ركبت عجل كان من خمستاشر سنة تقريباً…..وكنا بنأجر العجل انا وسمر نص ساعة نقعد نلف بيه شوراع المنطقة كلها….سمر كانت اشطر مني في ركوب العجل واسرع كمان…..بس في مره وقعت من عليه ورجليها اتكسرت امها يومها حلفت عليها مفيش خروج من البيت ولا ركوب عجل…وكلنا ضرب انا وهي… ومن يومها حرمنا نركب عجل تاني………..”
تلاشت ابتسامتها بعد ضحكة طويلة….حتى في العقاب كانا يتشاركان لكن أليوم أصبح السؤال
عن الاخرى خطوة تحتاج لشجاعة او معجزة……..
ترقرقت دموعها عنوة عنها فمسحتها سريعاً وهي تهرب بعيناها عنه لتجده يسألها بعد ان راى تبدد مرحها لحزن دفين وانسياب دمعتين معبرين

 

 

عن حزنها …..
“مالك ياحنين……… بتعيطي ليه….”
هزت رأسها واخفضت عينيها أرضا…. اقترب منها ورفع فكها بيده وهو يداهم لوزة عينيها الجميلتين سائلا باهتمام ملموس…..
“انتي زعلانة مع صاحبتك….. انا مشوفتهاش يوم فرحنا…….” لم ترد عليه وهربت من عيناه فعاد
يسأل بهدوء
“اي اللي حصل بينكم ياحنين…. مين غلط
في حق التاني….. ”
انهمرت مجدداً دمعتين كالالماس الامع على
وجنتيها بعد ان انعكسة الشمس على وجهها
الحزين لتبرز الشجن بأبهى صورة؟!…. اخبرته
وهي تهز راسها بخزي …
“انا………….. انا اللي غلط في حقها…..”
لم يضغط عليها بالحديث بل ظل يتاملها بعيناه بصمت…حتى في حزنها شهية تسيل لعابة؟!….
نظرت حنين اليه مجدداً وعضت على شفتها لثانية
واحد ثم تركتها وهي تطلب منه بخجل يتغذى
على روحها الملتاعة…..
“عز………..ينفع تاخدني في حضنك…….”
افتر ثغره الرجولي بإبتسامة جذابة وهو يفتح
ذراعه لها قائلاً بترحيب….
“بس كده ياحنيني…… تعالي في حضني……”
ابتسمت وسط ملامحها الشاجنة ثم اقتربت منه ووضعت رأسها على صدره الذي ينبض بداخل بقوة……..
اغمض عيناه تاثراً من قربها وتبادلها العناق فهي كانت تضغط بيداها على ظهره وبين الحين والاخر تمررها برقه…..
مرر هو ايضا يداه على كتفيها وظهرها وهو يكتم
تاوه مجنون يفور كالبركين كلما لمسها وبادلته هي
باستحياء فاتن……..
تنهدت حنين باستمتاع وهي تتمتم بضياع بداخل عناقه الدافئ…..
“حضنك حلو أوي ياعز…….”
لم يعقب على تلك العاطفة المجنونة التي تجتاحها الآن بل تفهم شعورها وبادلها بلغة جسده حينما طبع قبله على جيدها عميقة وطويلة ثم ضمها اليه اكثر
مائل اكثر عليها دافن راسه بجيدها الناعم مستنشق
عطرها الانثوي الممزوج برائحة غسول الاستحمام
بعطر الياسمين……
بعد مدة كانا يقفا امام الدراجة الهوائية…..
اخبرته حنين بحنق….

 

 

“لا انا هركبها لوحدي….”
نظر عز الدين لثوبها بضجر وعقب…
“ازاي يعني….انتي مش شايفه انتي لبسه ازاي..”
نظرت للثوب الابيض المطبع بالورود…. فمطت شفتيها بحنق وهي تنظر اليه وقد زفرت عدت
مرات وهي تستغفر……..
نظر لتصرفها باستنكار واقنعها بقلة صبر….
“اي لازمة النفخ ده ياحنين….بطلي نكد ويلا هنركب سوا…….. هاخدك قدامي…….اي رأيك….”
اغتاظت منه فقالت بتشنج
“قدامك إيه هو انا بنتك….انا عايزه اركب لوحدي اقولك مش هركب ياعز اركبها انت…”كانت سترحل
ولكنه مسك ذراعها وصاح بغضب…..
“اترزعي مكانك تروحي فين…..وبعدين مين اللي
عايز يركب عجل انا ولا انتي…….”
كانت تنوي فتح فمها معقبة على اخر جملة لكنه منعها بصرامة….
“ولا كلمة….الموضوع بقه مالوش علاقة باللي انتي لبساه انا اللي هركبها وانتي معايا عشان اضمن ان احنا نروح سُلام من غير كسور او جروح……مش
عايز اقضي شهر العسل معاكي في المستشفى…….”
وضعت يدها بخصرها وهي تراه يركب الدراجة الهوائية والتي كان من حجمها الكبير وامكانيتها تناسب حلبة السباق المخصصة للمسابقات
الرياضية…….قالت حنين بغيظ منه…..
“على فكرة انا بعرف اركب عجل….”
“بعدين نشوف الموضوع ده…. تعالي….” مد يده لها فاقتربت منه على مضض واستلقت امامه…
وضع يده على المقبضين الاماميين للدراجة واصبح محاصرها بكلتا يداه بلعت ريقها وهي تشعر بحرارة صدرة تحرق ظهرها…شعرت به يميل عليها ويهمس
بجوار اذنها ببحة عميقة……
“مرتاحة كده ياحنيني…..”
اومات له وهي مغمضة العينان مُتأثرةٍ ومستمتعة بتلك المشاعر التي تضرب صدرها بقوة وتصيب صميم اعماقها؟!…..طبع عز الدين قبلة على
وجنتها ثم تحرك بدراجة الهوائية… دفع الدواسات بساقيه وسارت الدراجة بطول الرواق الطويل
الممتد لاخر الحديقة……
شعرت بغمرة العشق تهفو لقلبها رويداً رويداً لتجد
نفسها تلمس النجوم معهُ شاعره بالحياة أخيراً…. أخيراً شعرت بانها تحي كالبشر لكنها اليوم غير
كل البشر؟!……
ابتسم لأجل ابتسامتها الناعمة فشعر بالغمرة
تحتل الاعماق غمرة سعادة ، راحة ، كمال…

 

 

شاعر بغمرة الابتهاج معها…. لمس سعادة لم
يمسسها مع أمرأه قبلها؟!…….
مابال الحب لا ينضب من الاعماق بل يزدهر وتزداد ثمارة بداخلنا حتى يجعلنا نسير على درب الهوى
متيمون؟!…..
…………………………………………………………….
نزل على السلالم الفخمة صباحا وكان مرتدي حلة انيقة عملية وبين يده مفاتيح السيارة واليد الاخرى
ممسك بها الهاتف على اذنه……
يتحدث في عدة اشياء عن العمل قبل خروجة من باب البيت حينما مر على حديقة ‘الفيلا’ وجد والده يجلس على احد المقاعد امام حوض السباحة الكبير
كان يحتسي القهوة وهو أيضاً يتحدث في الهاتف وعلى محياه ابتسامة عميقة ودودة علم جيداً لمن خرجت تلك الإبتسامة….
غير مسار سيره وذهب الى والده متحجج باي شيء آخر حتى يتأكد بانها هي المتصلة… بالفعل حينما جلس بجوار والده ببساطة سمع والده يقول بحنان..
“خلاص ياحبيبتي هستناكي…. بوسيلي الشقي ده
لحد ما يجيلي….. قوليله جدك محضرلك العاب كتير اوي واضتك جاهزه من كله….”
لاحت ابتسامة طفيفة على وجه خالد وهو يرى حب وتعلق والده بابنه اكثر حتى منه….
(اعز الولد ولد الولد….)والده يبدو مع (علي) كطفل الصغير الذي وجد أخيراً رفيق له بعد رحلة عناء
من البحث…..
يضحك… ويلعب ويتحرك…..ويكن مقبل على الحياة وما فيها لأجل عيون حفيدة علي…. ولاجلها أيضاً
يكن والده معها الاب والخال والصديق الحنون….
اوقات يغار من علاقة آية بوالده ولم يحدد يوماً على من منهما يغار على آية اما والده لكن علاقتهما كانت ومزالت جميلة و دافئة دائماً حتى من قبل
ارتباطه بها…..وهذا يجعل الغيرة تنهش في
اعماقه ولم يحدد هواية تلك المشاعر…….
أوقات يشعر انه هو من قصر في حق والده وابتعد عنه بجفاء بينما والده دوماً يحاول ان يتقلص تلك المسافة بينهم لكنه لا يجد منه إلا النفور ولإبتعاد عنه….
ربما أخطاء والده في اجبارة على اختيار حياته بعيناه هو وكانه طفل صغير لا يفقه شيءٍ وذلك
الجزء اتى بتأثير سلبي عليه فجعل منه رجلاً متذبذب حتى في حياته الشخصية والعاطفية كان كالطفل الأحمق لا يعرف كيف يمسك زمام الأمور…..
انهى فؤاد المكالمة ونظر لابنه بطرف عيناه بمكر ثم سأله وهو ياخذ رشفة من فنجان القهوة….
“انت مش رايح الشغل ولا اي ياخالد….”
اوما له خالد بوجوم وهو ينظر اليه ثم سأله
بدون مقدمات…..

 

 

“هي آية جايه هنا…..”
اعتدل والده في جلسته باسترخاء وهو
يسأله مجدداً بمكر……..
“بتسال ليه….. هو انت مش رايح الشغل…”
تردد خالد كالعادة وهو يخبره ……
“اكيد رايح مش هقعد يعني…. بس انا بسأل عادي عشان علي وحشني وعايز اشوفه….”
رق قلب والده بعد جملته فقال بهدوء…
“هما جايين النهاردة يقضوا معايا اليوم… واية ناويه تسيب علي معايا لحد ما ترجعه من الحفلة اللي هتروحوها بليل………. فانا قولتلها تعالي قضي معايا اليوم من أوله وبليل اطلعي من هنا……. وفقت
لم عرفت انك هتبقى في شركة من أول اليوم…”
التوت شفتيه بتهكم معقباً باقتضاب…..
“لدرجادي وجودي عملها ازعاج… ولا انا بعبع يعني….”
اخبره والده ببساطة وهو يبرر لها….
“مش بعبع…بس هي عارفة انك مش بتحب الدوشة واليوم اللي بتيجي في هنا مع علي بيبقا مرستان…”
تهكم وهو يسأل والده بحماقة….
“معنى كلامك انها كانت بتيجي بعلي هنا كتير…”
القى والده عليه اللوم وهو يرمقه باستنكار…
“مستغرب ليه مش بيت خالها….. وابنها ده يبقا حفيدي….. انت بتفكر ازاي يابني…..”
بدا التوبيخ مجدداً الن يتوقف عن تلك المعاملة…
نهض من مكانه بوجوم وهو يخبر والده بمقت..
“انا لا بفكر ولا عايز افكر… انا ماشي رايح الشغل
وهريحكم مني خالص…. عشان كل واحد يعمل اللي هو عايزه……..”
هز والده راسه باستياء وهو يراه يخرج من الفيلا
بتجهم……
بعد مدة دخلت آية الفيلا وهي تدفع عربة علي الصغير امامها والمربية تسير بجوارها تحمل
الحقائب لها…..
رحب بها فؤاد وتهلل وجهه بسعادة وهو يعانقها بادلته العناق باشتياق وهي تخبره برقتها المعهودة….
“وحشتني اوي ياخالو…….ووحشني البيت اوي…عامل اي ياحبيبي من غيري…اوعى تكون بتلغبط في علاجك….. ”
ابتسم فؤاد بعمق وهو يذكرها بحنان ابوي…
“مين بيفكرني بيه يا اية كل يوم غيرك…..وكاني مجبتش في دنيا غيرك…..”قرصها من وجنتها بحزن
بارز على ملامحه المجاعدة……حاولت تبدد هذا
الجو الشاجن وهي تخرج علي من العربة قائلة بعتاب لخالها…..
“آلله مش هتسلم على الباشا بتاعنا…..”قربته منه فحمله فؤاد بسعادة وهو يقبله ويشاكسة بحنان وشوق…….حدثت اية صغيرها بمشاكسه…

 

 

“يلا يا علي سلم على جدو حبيبك……ادو اهوه… ”
تلألأة الابتسامة البراقة على وجه الصغير وهو يضع كفه الصغير على وجنة فؤاد متمتم ببراء…
(أدو…..)
هتف فؤاد بسرور….
“حبيبي جدو….. وروح جدو….” قبله فؤاد بحنان
قبلات متتالية وياليته يشبع من هذا الجمال ويكتفي بل كلما قبلة يشعر انه بحاجة لاخماد مشاعر الابوى الملحه لديه والتي هاجرته منذ زمن…… انه لا يتذكر حتى اخر مرة عانق فيها خالد واشبع مشاعر الابوة من خلاله ؟! …
انه يشتاق لابنه جداً لكن يصعب قولها لذلك يعوض هذا الشوق مع حفيدة قطعة منه ومن ابنه ومن ابنة اخته الجميلة( آية) تلك الفراشة التي هاجرة بيتهم وذبل كل شيء بعد رحيلها ……..
“يلا تعالوا ندخل جوا….. النهاردة وصيت الطباخ يعملكم كل الاكل اللي بتحبوا…. وخلتهم يحضره فطار ملوكي يلا زمان السفرة جاهزة…..”
اخبرته اية بصوتٍ هادئ…
“خلينا نفطر هنا ياخالي الجوا هنا حلو اوي….”
أومأ فؤاد بايجاز…
“زي ما تحبي……..هروح اديهم خبر…..”
منعته وهي تقول…
“خليك انا هقولهم وهطلع اغير في اوضتي وجايه……..خلي علي معاك…… ”
ذهبت آية للداخل اعطت خبر للخدم باحضار الافطار للخارج وصعدت أحد الغرف التي خصصت لها من يوم ان كانت تذهب لخالها في اول ساعات النهار
خلسة بدون ان يعلم عز الدين شيءٍ… لانها ببساطة
تعلم رفضه القاطع في اي مسألة تتعلق بخالد طليقها…….
لكنها كانت تاتي لهنا خلسة لاجل عيون هذا الرجل العجوز… هذا الذي عوضها عن والديها بمعاملته
الحسنة وحنانة الابوي…… لم يكن مجرد خال
بل كان والد بكل معنى الكلمة… لم يقسى
عليها يوماً ولم يجرحها أبداً كان ومزال
الصدر الرحب لها ولاوجاعها……
تمتمت اية بتأثر وهي تصعد السلالم الممتدة

 

 

امامها…
“ربنا يخليك لينا ياخالو…… ويطول في عمرك…”
……………………………………………………………..
كان يجلس خلف مكتبه يمسك الملفات وينظر لها بتشتت ولم يفهم حرف واحد من المكتوب امامه وكانه اصبح امياً لا يفقه شيءٍ…..
تحدثت السكرتيرة رشا بعملية…
“وكمان في اجتماع كمان نص ساعة مع مستثمرين شركة مـ…..”
قاطعها خالد بحنق وهو يقول..
“براحة يا رشا عليا وعيدي اللي قولتي كده من الأول… الملفات دي بتاعت إيه…..”
برغم من دهشتها وذهول المرتسم على وجهها
فقد مرت ساعة وهي امامه تملي عليه جدول العمل
اليومي ، تابعت على مضض وبتمهل حتى
يستوعب ما تقوله…..
“الملفات دي جايه من الادارة عايزه امضتك على ملف……”
مجددا لم يسمع شيء وهو ينظر للملفات بتشتت…
انها في بيته الآن هي وابنه…انها لا تود رؤيته لذلك
تذهب خلسة لهناك….لهذا الحد اصبحت لا تطيق وجوده……
ماذا به اليوم حتى العمل أصبح ثقيل وممل انه لا يسمع شيءٍ من السكرتيرة ولا يفهم حرف من الملفات الموضوعه أمامه……..ماذا يحدث له…..
انه يريد ترك كل شيء وذهاب إليها….
انه يشعر بالصداع من تلك النشرة التي ولا تنتهي أبداً……لماذا الكلمات أصبحت معقدة هكذآ ولارقام
غريبة عليه……..الصداع يزيد والنشرة لا تنتهي…
آية في البيت…..وهو هنا….. الصداع يزيد والنشرة
لا تنتهي….
ضرب خالد بنفاذ صبر على سطح المكتب وهو
يصيح بتشنج…..
“بس كفااااااااااية…………إيه بلعه راديو……”
توقفت رشا بتوجس وهو تنظر اليه بارتياع وعيناها اتسعت بشكلاً مخيف من الصدمة…وحينما وجدت
صوتها قالت…..
“حضرتك اللي قولتلي كملي…..”

 

 

وضع كف يده على جبهته ودلكها باصابعه وهو
يقول لها بتعب…..
“رشا معلش…… بس انا مش فايق للشغل النهارده
أجلي اي حاجة لبكرة……الصداع هيفرتك دماغي… ”
اقترحت رشا بهدوء…..
“تحب اجيب لحضرتك برشام صداع…..”
اخبرها بسأم وهو يدلك راسه اكثر….
“لا اعمليلي قهوة………قهوة بسرعة يا رشا….”
اومات براسها بسرعة وكانت سترحل لكنها
سمعته يامرها بخفوت….
“خدي الملفات دي معاكي وبكرة اشوفهم…..”
اقتربت رشا واخذت الملفات ثم سالته بهدوء…
“هو عز بيه هيتاخر في سفرية الشغل دي…..”
رفع خالد عيناه عليها وقال بنبرة مبهمة…
“شهر وهيرجع…………..”
خرجت رشا بتهذيب بعد تلك الجملة ليجد نفسه يبتسم بسخرية وهو يتمتم…
“على ما يخلص شهر العسل…..مع حنين هانم…..”
برغم من حنقه من عز الدين بتركه لاية تقيم في مكان بعيداً عنه إلا ان حنقه تزايد حينما علم
السبب الحقيقي وراء اقامة آية في شقة وحدها…
الذي اعطى له محاضرة في الحسب والنسب تزوج من نفس المراة التي كان ينعتها يوماً (بشحاتة)
(كلبة فلوس) والتحذيرات الصارمة التي كانت تلقى عليه كلما رآه او علم انه يتردد عليها…..
الجميع يمثل دور القديس ، لكن مع الوقت يكتشف
ان الثوب لا يناسبة ؟!…..

 

 

اخرج تنهيدة عميقة وهو ينتصب واقفا ليسير نحو
الحائط الزجاجي الامع المطل على المدينة من الأعلى….. صغيرة جدا ومزدحمة كذلك….كغمرة مشاعرة زحام وتراكم بدون هوداة؟!…. الى متى سيظل هكذآ متى سيجد ما يبحث عنه؟!…….
انه لن يرتاح هكذا الوقت يمر ووجده هنا لا يجدي نفعاً….. انه سيذهب للبيت…. سيخمد الالحاح هذا ويذهب إليها والى ابنه…….
………………………………………………………………
بعد ان تناولت وجبة الفطار مع خالها وشاركهما علي
الذي افتعل جو مبهج كالعادة جعل معظم الشبع اتي من كثرة الضحك…….مع كلماته المتقاطعة وحركاته
الشقية……..
رفع فؤاد الصغير على يداه وهو يتحدث في الهاتف عن احد بنود العمل…….قالت اية بمهس….
“خالو سيبوا وكمل انت المكالمة…..”
هز فؤاد راسه بامتناع وهو يتجه للمكتب وعلي بين يداه وكان الصغير ينظر لفؤاد بدهشة وبراءة…فمن يتحدث بتلك الجدية الصارمة عبر الهاتف يكن مع حفيدة طفل في عمر الخمس سنوات تقريباً…….
فكان رد فعل الصغير بريء جداً مما جعل آية تضحك بقوة عليه لتجده يختفي عن عيناها لداخل المكتب ….
تلاشت ابتسامة آية وهي تنظر للسلم الممتد امامها
لتشعر بخفقات قلبها تزداد بقوة وهي تتحرك للأعلى
حيثُ غرفته….اشتاقت إليه ولرائحته لفراشهما معا
اشتاقت للعيش بتلك الذكريات قليلاً…وتلك الغرفة تعزز الذكريات وتلهب المشاعر حباً وشوقاً إليه…..
اغلقت باب الغرفة الشاسعة والتي فرشها الانيق عبارة عن سرير كبير ودولاب وتسريحة وبها حمام خاص…..كانت انيقة ومرتبة…. لم يتغير بها شيءٍ
كما تركتها حتى فراشهما لم ينام عليه سواهما….
ولان والده رفض الزيجة الثانية قرر ان يشتري شقة ليعيش بها مع زوجته السابقة….. ولم يمسس فراشها غيرهما…. وهو الان ينعم به وحده……
برغم طعنة الغدر إلا انها ابتسامة بحنين موجع للقلب
اتجهت للدولاب وفتحت إياه وبدأت تفتش في اغراضة وتشتم رائحتها بشوق ونهم عالٍ….
استلقت على الفراش واغمضت عينيها وهي تعانق
طاقم بيتي كان معلق على علقة الملابس يحمل
رائحته الممزوجة بعطرة القوي……
تنهدت هائمة بعذاب وهي تسأل نفسها الى اي مدى ستظل وفيه في عشقه متى ستنزع الحب من قلبها وتشفى منه…… الى اي مدى ستظل الامواج تقذفها هنا وهناك بقسوة… تريد ان تُشفى….. تشفى من
غمرة عشقه؟!…..
اغمضت عينيها وهي تنعم ببعض السكينة على فراشه متخيلة أحضانه تداوي اوجاعها وتربت
على حزنها……

 

 

دخل الردهة فوجدها فارغة ولم يسمع الى صوت الطباخ يطهو بالمطبخ……
صعد للأعلى واجماً وهو يحل ربطة عنقه….. فتح باب غرفته فوجد من تستلقي براحة ضامه ملابسه
على صدرها بقوة……
ظللت الابتسامة شفتيه وهو يتاملها للحظات مسروقة من الزمن…..
لا تعرف ماذا حدث لها وكان نظراته ايقظتها من نومها ففتحت عيناها ونظرت له مباشرةً لتجد نفسها
تنهض بفزع وهي تقول….
“خالد………….. انا…..”
اقترب منها ومسك كتفيها بقلق فقد شحب وجهها في لحظة امامه…..
“هشش اهدي يا اية محصلش حاجة لده كله…”
اومات له وهي ترجع شعرها للخلف بحرج…. لتجد يدها مزالت تحتجز ملابسه بقبضتها… القتها خلفها وكانها بلوى…. حاولت ابعاد يداه عن كتفيها وهي تقول……
“ممكن تسبني عشان اخرج…..”
مرر يداه على طول ذراعيها بوتيرة مهددة لكيانها
بالانهيار امامه……قال امام عينيها العسلية ببحة عميقة……
“مستعجلة ليه يا آية…… مش عايزه تقعدي معايا
شوية…. ”
نظرت لعيناه وهي تقول بثبات واهٍ امامه…..
“مينفعش قعد معاك…. انا جيت هنا عشان خاطر خالي وعشان علي يقضي اليوم مع جدو… لو كنت اعرف انك جاي بدري مكنتش هاجي….”
المه حديثها والبغض الواضح في عينيها ولكنه حاول محي الآلام بداخله….. فوجودها هنا بغرفته تعانق ملابسه بهذا الشكل كان أجمل شيء رآه بعد
فراقهما…….
ارجع خصلة من شعرها خلف اذنها وهو يداهم
عينيها بقوة…..
“لدرجادي كرهاني يا اية…. وكرها وجودي …..”
اشاحت بعينيها لمكان اخر ولم تجد صوتها وقد تيبس جسدها مكانه بضعف….
قرب وجهه منها ونظر لعينيها بشوق…..
“بتعملي اي في اوضتي يا آية……”
رمشت بعينيها عدت مرات بتوتر وجف حلقها وهي تشعر بقلبها قارب على التوقف من شدة خفقاته..
بينما انفاسه الساخنة تداعب وجهها وتزيد الحنين لأيام ولى زمن تمنيها وحرم عليها حتى التفكير فيها…..
قالت اية بارتباك…..
“انا….. انا دخلت هنا بالغلط….كنت داخله اريح
ضهري شويه ومعرفش انها اوضتك…”
احرجها وهو يقلص المسافة بينهما كل ثانية لتصبح الوجوه مقتربة بشدة من بعضها……
“متعرفيش اوضتنا ؟!… وكمان متعرفيش ان الهدوم اللي كانت في حضنك دي هدومي……..”وضع كفه على جيدها وقربها منه اكثر واكثر فهتفت بلوعة…..

 

 

“خالد………مبقاش ينفع…….”
اظلمت عيناه برغبة وهو يخبرها بنبرة محمومة..
“تعالي نرجع يا اية…….انا محتجالك…..”
قارب على لمس شفتيها هتفت بضعف وهي
تحاول الابتعاد عنه……..
“خالد…….عشان خاطري……ارحمني…..”
اغمض عيناه بتاثر من كلماتها واثارة مشاعره بقوة فتلك كانت كلماتها حينما تنهزم مشاعرها امام
جبروت قربه………اخبرها ببحة عميقة…
“انا جاي لحد هنا عشان اشوفك…..”حرر يده الاخرى ليضعها على ظهرها من الخلف مقربها منه اكثر شهقت وهي تنظر لعيناه الخضراء بضياع والمشاعر تضربها بقوة….و آآه من عذاب حبك ياحبيبي آآه…..
تابع خالد وهو يخبرها بضعف هائم بجمالها الفاتن القريب جداً منه……
“انا كل يوم بحلم بيكي يا آية…بحلم اني باخدك في حضني……اني بلمسك….بقربك مني…..”
حاولت الابتعاد عنه تلك المرة وهي تقاطعه بقوة…
“خالد ارجوك……كفاية كده……سبني…..”
افصح عن مشاعره امام عيناها لاول مرة…
“هسيبك بس لازم تعرفي انك وحشتيني…
وحشتيني اوي يا آية…..”
اغمضت عينيها بتاثر لتجد انفاسه الساخنة تكاد تخنقها وهي تشعر بيداه تكبلها بقوة محاول نيل
ولو قليل منها كي يروي ظمأه الذي لا يعرف
الارتواء إلا من شفتيها هي فقط…….
حينما كان يحاول نيلها هي كانت تحاول تذكير
نفسها بالجراح بالوجع بالخيانة……بفراقة بقساوة قلبه عليها……بمهاجرته لكل شيء لأجل أمرأه
فضلها عليها…….
لا تعرف كيف اتت تلك القوة التي جعلتها تدفعه في آخر لحظة وتخرج من الغرفة راكضة للأسفل كي تختبئ منه ومن ضعفها المخزي أمامه……
انزعه من قلبي يالله فعشقه كالخطيئة تاتي في لحظة انتشاء وبعد الإدراك ياتي الندم ؟!….
نزل على السلالم سريعاً يبحث عنها في ردهة في لاسفل لم يجدها…..غزر يده في شعره بتشتت قوي يكاد يقتلعه وهو يخرج من باب المنزل باحث عنها
في الحديقة الخارجية….وجدها تجلس على أحد
المقاعد امام برقة السباحة الكبيرة….

 

 

 

كانت منحنية الرأس تنهمر دموعها على وجنتيها بانسياب ناعم…..وشعرها القصير متهدل حول وجهها
بجمالاً…..حتى في حزنك صغيرتي فاتنة لدرجة
تصنع مني ذئب يريد نيلك باي طريقة ممكنة…..
توقف للحظات يتاملها بتشتت وضياع… انهُ تمادى
معها في كل مرة يقترب منها تنهار حصونه ويخر
خاضعا امام حضرة جمالها…….
يشعر انهُ بحاجة لنيل كل ما بها… يريد استعادة عشقها إليه، حنانها عليه وخوفها واهتمامها المبالغ… يريد امه و زوجته و رفيقته يريد استعادة صغيرته الشقية…. لماذا تركها…. لماذا قسى عليها وبدلها
بأخرى؟……..
من يراه ينظر لها هكذا هائم بها ومقيد بضعف امامها يظن انها هي من اجرمة في حقه لا هو…. يظن انه أضعف من ان يرفع عيناه ويبكيها حتى…..
اليست المظاهر خادعه؟!….
لا يعرف ماذا حدث له وهو يقترب منها… ثم جثى على ركبتيه امامها وهي مكانها جالسة على المقعد منحنية الرأس… لكن حينما وجدته امامها هكذا رفعت وجهها الأحمر وعيناها الامعة بدموع إليه
واصابتها الدهشة وهي تراه راكع امامها هكذآ…..
همست بخفوت….
“خالد…….”
“انا اسف…….” قالها وهو يمسك يدها ويطبع قبله بداخل كفها……..
سحبت يدها بحرج ولم تعقب على شيء… لتجده يخبرها بخفوت واعتذار…..
“انا معرفش اي اللي كنت ناوي اعمله فوق ده… انا اسف يا اية غصب عني…….. متزعليش….و خليكي
بلاش تمشي… انا كده كدا راجع تاني على الشركة انا بس كنت راجع اخد ملف مهم وراجع تاني…..”
اومات له وهربت بعينيها منه…. سمعت صوته
القريب منه مجدداً……
“لسه زعلانه ……”
هتفت بحنق مكبوت….

 

 

“ممكن نقفل الموضوع ده…. لو سمحت……” نهضت من مكانها تاركه إياه جالس مكانه هكذآ……
خطت خطواتها للدخول لابنها وخالها ولكنها توقفت وهي تسمع صوته انبثق خلف ظهرها فجأه….
“انا اسف على كل حاجة حصلت فوق…. إلا حاجة واحده انك وحشتيني…….”
اغمضت عينيها لثواني ثم فتحتها ولم تعقب أيضاً
بل تابعت سيرها للداخل بقلب ملتاع بأسم
الحب……
تابع خطواتها الانثويه الثابته بعيناه الخضراء حتى اختفت عن ابصاره لداخل المنزل….تاوه تلك المرة
بحسرة وندم حقيقي على خسارته الكبيرة بها…..
……………………………………………………………
كانت مستلقيه على الاريكة وراسها في حجر امها التي كانت تقرأ لها عدة آيات قرآنية وهي تمشط شعرها بيدها……
“برضو مش هتاكلي ياسمر…..من ساعة ما رجعتي من عند ابراهيم وانتي على الحاله دي…هو قالك حاجة ضايقتك…..”
هزت راسها وهي مغمضت العين تخفي الالم عن امها التي تشعر بها بدون حتى ان تتحدث……
“مفيش حاجة يازوزو…..اديني شوفته واطمنت
عليها…. بيسلم عليكي أوي… وبيسلم عليك انت كمان ياخالي…..”
نظرت لخالها عارف الذي كان ينفث من الارجيلة ببطء وهو ينظر لسمر بطرف عيناه بتشكيك….
ابعدت عيناها عنه وهي تنهض من مكانها قائلة
لامها بهدوء…..
“الزيارة بتاعته كمان أسبوع… انا هروح مع اهله ياماا……. مش هتمنعيني صح……”رمقت والدتها بترجي…..
تنهدت زينب بقلة حيلة وهي تقول بحسرة على ابنتها…..
“همنعك إزاي………اللي انتي شيفاه صح اعملي
انا هدخل ابص على الأكل……..”نهضت من مكانها بجزع…….
نظر لها عارف وسحب من الارجيلة بقوة وهو
ينظر لها باستفهام وسريعاً سألها…..
“ناويه تستنيه الخمس سنين…..”
اجابت سمر وهي تنظر لعيناه بقوة….
“هستنا العمر كله ياخالي…….اللي حصله بسببي وكلكم عرفته كل حاجة…..”
لوى عارف شفتيه هازئاً….
“محدش قاله يوقف قدام القطر.. اللي حصله ده بسبب نشفيت دماغه……ودي بيدفع المشاريب….”
صاحت بقوة…..
“خالي…..”

 

 

اخبرها عارف وهو ينظر للامام بعجز وسأم من الحياة وما فيها……
“كلامي هو الحقيقه اللي خايفه توجهي نفسك بيها….هتفضلي في دايرة دي كتير لحد ما يجي الخلاص من عند ربك…..ادعي ان ربنا يرحمك من الراجل شراني ده ويتلهي في اي حاجة بعيد عننا…”
لم تعقب سمر تلك المرة بل ضمت ركبتيها لصدرها
بفعل يداها الاثنين واسندت فكها على ركبتها بشرود حزين وهي تفكر بجد…..
متى سياتي الخلاص ، وينتهي كابوس ماهر المحمدي؟!…..
صدح هاتفها ففتحت الخط وهي تبتعد عن المكان الجالسه به… كان رقم غير مسجل ظنت انه
ابراهيم يحدثها من احد الهواتف السرية للمساجين
في زنزانة……..
لكنها شعرت بالاختناق وهي تسمع صوت البغيض يعصف من خلال سماعة الهاتف….
“كويس انك رديتي عليا بسرعة ياسنيوريتا…
شكلك كنتي مستنيه مكالمتي….”
هدرت سمر بقرف وهي تنظر امامها…
“عايز إيه…….. وجبت زفت رقمي منين…..”
التوت شفتي ماهر وهو يقول ساخراً…
“بعد كل اللي حصل ده.. هغلب يعني في اني اجيب رقمك الجديد ياسمارة…… خلينا في الكلام المهم هنتجوز امته….. ”
أرادت حرق دماءه بكل الطرق وياليته يحفظ ماء وجهه قليلاً ويبتعد عنها ويتركها ويكفي ما سببه لها…..
“نتجوز !…. هو انت متعرفش اني حرمت على نفسي صنف الرجالة كله واني يوم ما تجوز هتجوز راجل
راجل ياماهر مش لمؤخذة…… وطبعا انت عارف ان مفيش راجل غيره في قلبي ابراهيم راضي …
ابراهيم وبس….. ”
قال عبر الهاتف بنبرة سوداء…..
“يعني لسه ركبه دماغك ياسمارة…..”

 

 

اكدت سمر المعلومة وهي تضيف بشراسة صارمة
بها لمحة من التحدي….
“آآه…. حاجة زي كده…… ولعلمك مهم عملت ومهم وصلت بيك الوساخه عمرك ما هتلمس شعره
مني…… وما تفكرش ان اللي عملته فيا في المستشفى هيعدي بساهل…. قسما بالله ياماهر لاخد حقي منك تالت ومتلت….. وعزة وجلالة الله ما هرحمك لو فكرت بس تقرب مني……سمعني… غور في داهيه ربنا يخدك ويريحني منك….. ” اغلقت الهاتف في وجهه وهي تستشيط غضباً……..
على الناحية الأخرى أجرى ماهر مكالمة كانت عبارة عن كلمة واحده…(نفذ)وبعدها ارسل لها رسالة على نفس الرقم محتواها…..
(بعد كده ابقي خلي البشمهندس ياخد باله وهو بيعدي السكه…….)
ركضت سمر للخارج بهلع بعد ان قرأت تلك الرسالة السوداوية التي تحكي عن كارثة ستكسرها تلك
المرة بكل تأكيد بل وستقضي على المتبقي بداخلها…….
صرخت وهي تنادي على امها بفزع…..
“اماااا فين أحمد……..فين احمد يامااا…..”
خرجت والدتها من المطبخ بهلع من وجه ابنتها الشاحب وحدقتيها الحمراء المتسعه بشكلاً
مخيف وكانها رأت شيطان……
“مالك ياسمر لونك مخطوق كدا ليه… ماهو في الجامعة مانتي عارفة…..”
صاحت سمر وهي تبكي برعب…..
“في الجامعة….. يعني ماهر….. يانهاااااار اسود…. يانهااااار اسود……يانهااااااار اسود… ” لطمت على وجنتبها وهي تركض للغرفة ارتدت اقرب عباءة في يدها وركضت للخارج وهي تنتحب وتلطم على وجهها بحسرة….
…………………………………………………………
امام الجامعة وقف أحمد بالخارج وهو يحدث
حبيبة عبر الهاتف بغيظ قائلاً…..
“خلينا نتقابل النهاردة…..”
رفضت حبيبة عبر الهاتف قائلة بتبرير حزين….
“مش هينفع يا احمد انت شايف البيت عندنا عامل ازاي وتعب مرات عمي كمان……. بلاش أجل اي حاجة دلوقتي.. هبقا اقبلك في الكافية اللي جمب الجامعة بكرة ولا بعده…… ماشي…..”
اوما برأسه بتفهم وهو يسألها باهتمام…
“ماشي يابيبه…. طمنيني عليكي انتي كويسه…”

 

 

 

هزت هي الاخرى راسها وهي تقول بوجوم….
“الحمدلله… تمام… بحاول ادفن نفسي في الدراسة يمكن انسى اللي بيحصل حوليا…… نفسي اعرف بس مين ابن المؤذيه اللي لبس ابراهيم القضية السودة دي……..”
تلجلج صوت أحمد وهو يقول…
“مصيرة يبان………. وربنا على الظالم…..”
كان يمر الطريق وهو يخبرها بحب محاول
تغير مجرى الحديث معها….
“وحشتيني اوي يا بطتي……”
ضحكت حبيبة من الناحية الأخرى وكادت ان
تعنفه بدلال كعادتها حينما يبدأ معها كلام الحب..
لكن الضحكة تلاشت بتدريج وهي تسمع صوت اصطدم سيارة متدخل في صوت تأوه كبير منه واغلق الخط بعدها….فلم تمر لحظات إلا وهي تنادي برعب عليها غير مستوعبه ان الخط اغلق بعد
هذا الصوت….
“الو أحمد………..أحمد….

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!