رواية غمرة عشقك الفصل السادس والعشرون 26 بقلم دهب عطية
رواية غمرة عشقك الجزء السادس والعشرون
رواية غمرة عشقك البارت السادس والعشرون
رواية غمرة عشقك الحلقة السادسة والعشرون
بعد مرور خمسة أشهر قد تغير بهم أشياء عديدة وانقلبت بعض الموازين بنسبة لها فها هي تقف الآن
امام المرآة تهندم الطاقم الكلاسيكي الانيق مستعدة
ليوم حافل من العمل ككل يوم… منذ ان فتحت
صالون التجميل من شهر تقريباً وهي تعمل على
قدمٍ وساقٍ…….فكان المبلغ الذي اخذته من المحامي كافياً جداً لشراء صالون تجميلي في منطقة اقل
مايقال عنها فخمة اصحابها اثرياء.. والسيدات بها
غاية في الكرم ومبالغين جداً في تلك الأشياء وفتح صالون تجميل انيق كهذا وصاحبته هي سمر تلك التي يداها تلتف بالحرير وتتقن المهنة بطريقة غير طبيعية تجعلهن يتهاتفنا عليها ويترددون على الصالون باستمرار…….
حتى هي استغلت ارقام بعض الزبائن التي تعرفت عليهم في العمل السابق عن طريق رزان…. استغلت
تلك المعرفة وسحبت اياهن لعندها وكانوا مرحبين
جداً بالأمر…. لان على حسب ما سمعته سمر ان
رزان اصبحت مهملة في عملها وكذلك سمعتها تشوهت بعد علاقتها المشبوهة بالمراهقين الصغار…. فأصبح الجميع ينفر منها واصبحت وجهة غير مشرفة لبعض سيدات المجتمع…. لذلك صالون سمر كان افضل حل لهم خصوصا انهم يحبون سمر ويمدحون في عملها المتقن…………
دخلت والدتها عليها الغرفة وحين ابصرتها قالت
بفخر……
“بسم الله ماشاءآلله……….عيني عليكي برده
ياحبيبتي……انتي نزله ولا إيه؟…وبدري كده؟… “
اومات لها سمر وهي تعكس شعرها المنساب بفعل مكوة الشعر على كتفها وهي تخبر امها بإبتسامة
فاترة……
“أيوا يازوزو……عندي شغل كتير النهاردة وعفاف وهاجر مش هيسده لوحدهم لازم اكون معاهم……..”
دعت لها والدتها بحنان قائلة
“ربنا يفتحها في وشك ياحبيبتي……ويسعدك ويريح بالك…..طب تعالي بقا افطري لقمه قبل ما تنزلي….”
امتنعت سمر سريعاً…..
“لا…..لا مش هينفع هبقا افطر مع البنات في البيوتي سنتر…….يلا سلام يازوزو……”مالت على والدتها وقبلتها وهي تخرج من الغرفة ثم من الشقة
بأكملها…….
نزلت على السلالم وهي تتحدث عبر الهاتف….
” ايوا ياعفاف…. شويه وجايه مسافة السكة… “
اغلقت الخط فوجدت رسالة على الوتساب منه محتواها فاتر بسيط ككل رسائله في خلال تلك الأشهر……(صباح الخير…….)
ردت بنفس الفتور…..
(صباح النور يابراهيم…… انت كويس…….)
اتت رسالته سريعاً……
(الحمدلله……. انتي راح الشغل…..)
ردت بسؤال مثله….
(آآه……. وانت طالع……)
رد برسالة مختصرة مقتضبة كذلك….
(ايوا…….. تمام خدي بالك من نفسك…..)
زفرة وهي تبعد خصلاتها عن عينيها قليلاً بحنق….
خمسة اشهر يتواصل معها عبر الرسائل باسئلة
مختصرة جافة عن احوالها وتنتهي بسلام كالاغراب…..
حتى هي كانت تود تجاهل الأمر في البداية ولكنها
لم تقدر على الامتناع عن الرد مجرد رؤية اسمه في
رسالة تشعرها بطيف من الدفء والامان يطوف
حول حياتها المملة من بعده……
حتى هي كانت ترد بسؤال مختصر وكانها تخشى الخروج من تلك القوقعة وتنفجر به وتجرحه وتجرح قلبها قبله لذلك فضلت التواصل المختصر
كالاغراب………. كما أراد !…….
خرجت من البنية فوجدته بداخل يستلقي سيارته
الجديدة…. ربما ليست موديل السنة ولا ذات ماركة
غالية ولكنها سيارة…… افضل بكثير من تنقله
بدراجة بخارية…. برغم من حبها الشديد لتلك الدراجة وذكرياتها معها إلا انها سعيدة انه اصبح
في معيشةٍ افضل من السابقه يمتلك مصنع خاص به
ومشروعه جيد وناجح كما سمعت من حبيبة التي تعتمد عليها في معرفة بعض الأخبار عنه……تلك الاشياء التي تصبرها على كونها اصبحت بعيدة
جداً عنه وعن عائلته……..
بداخل السيارة اشار لها بكفه كنوع من سلام الاغراب
المتعب لاعصابها ردت السلام بابتسامة مقتضبة….
اتت سيارة الاجرة بسائقها التي اجرت اياها لمشاوير العمل…..استلقت بها امام عيناه وانطلق السائق
بعدها………
راقب ابراهيم ابتعاد السيارة فتافف بغيرة وغضب
وهو ينطلق كذلك بسيارته لكن باتجاه آخر…….
………………………………………………………………
وصلت مقر عملها ترجلت من السيارة وهي تشكر السائق بلطف…….
دخلت الصالون وسلمت على الفتيات العاملات معها واللتينِ كانوا اصدقاءها عند رزان…..لم تتغير سمر
مزالت كما هي الشابة الجميلة صاحبة الكرم الحنونة ذات الإبتسامة الودودة لم تغيرها الاموال ولا امتلاك
حلمها بمكان كهذا اصبح ملكاً لها…..ربما بعض الراحة
والاطمئنان بانها اصبحت حُرة ولن يؤذيها احد بعد الان…….
شعورها الان في تلك اللحظة كشعورك حينما يداهم نومك ابشع الكوابيس وتستيقظ منها فتجد نفسك ببيتك مع عائلتك ولم تصاب بمكروة……..
هي الآن تشعر بالامتنان لانتهاء الكابوس…برغم اثار ما حية بداخله في زيجة ماهر وقبل الزواج منه
إلا انها تحارب كي تتخطى الأمر تحارب وهي تحفز نفسها انها نجت من براثن الذئب نجت وها هي
تعمل وتعيش بقلب الحارة وكل من حولها بأفضل حال…..لولا الفراق لكانت الآن تلمس النجوم لكن
رغم كل هذا الهناء يبق البُعد عنه الشيء الذي
يمنعها من الفرحة بكل ما وصلت إليه في تلك
الفترة القصيرة……
سمعت صوت عفاف احد العاملات تقول….
“بقولك ياسمر اعملي حسابك مدام ريماس جايه النهاردة وطلباكي مخصوص عشان تعملالها قصة جديدة لشعرها عشان راح حفلة تخرج ابنها
بليل…..”
اومات لها سمر وهي تجلس على مكتبها الصغير والانيق كذلك…..
“اي اخبار الشغل………في حاجة عندنا من
المنتجات نقصه…..”
اومات لها عفاف وهي تمد لها احد الأوراق…..
“في كذا منتج ناقصين كتبتهملك في الورقة
دي…..”
اخذت منها سمر الورقة وهي تنظر لها…..
“تمام هكلم نبيل يجبهم…….”
بعد مرور ثلاث ساعات نظرت سمر للساعة و زفرة
باقتضاب سالتها عفاف وهي تمسح المكان بعد ان خفت القدم قليلاً في تلك الساعة……
“مالك مضايقه كده ليه……..”
ردت سمر عليها بوجوم….
“مفيش يعني………عايزه امشي…….”
سالتها عفاف بغرابة….
“هتروحي فين…………”
ردت سمر وهي تنهض وتضع نظارتها على عينيها
وتحمل الحقيبة بيدها……
“مشوار ياعفاف……بس مش هتأخر ساعة ورجعه… “
بعد مدة وصل سائق الاجرة بها الى أحد المناطق الصناعيه حيثُ مصنع (…..)…
ضاعت عينيها في تامل المكان وبين يداها كانت تحمل باقة من الورود الانيقه……حتى الان لا تعرف
لماذا اتت الى هنا ولماذا تريد رؤيته الآن….
وهل بعد افتتاح المصنع بثلاثة اشهر ستهناءه
الان على المشروع……
مجرد ان تظهر امامه الان بتلك الحجة امر في غاية السخافة لكن ماذا تفعل تريد ان تراه وترى مصنعه لو لم يفترقان لكانت اصرت على العمل معه باي حجة كي تراه صباحاً ومساءاً……
ااه من هذا العشق الن ترتاح ويعودان ؟……
خطت قدميها المصنع فاوقف اياها رجل من الامن يقف عند الباب الرئيسي…..
“ايوا يامدام اي خدمة…….”
ذاب التردد وهي تحسم الأمر قائلة
بهدوء….
“عايزه اقبل صاحب المصنع………”
لم يجادل رجل الامن بل افصح لها الطريق وهو يشير لي الدور الخاص بالاداره فقد ظن من هيئة سمر الانيقة انها احد المناديب لاحد المتاجر الفخمة
التي يتعامل معهم صاحب المصنع………
“اتفضلي يامدام…….”
اصطحبها الرجل للاعلى واشار لها على احد المكاتب دخلت بهدوء وتردد ورفعت عينيها بعد ان اغلق الرجل الباب……..
عند رفع عينيها وجدت رجل يرتدي جلباب رمادي بلحية سوداء كثيفة يمسك بين يده احد السبح والآخرة مسواك يفرشِ به اسنانه وهو يتطلع على الحاسوب عاقد حاجبيه الكثيفين ويبدو عليه
التركيز الشديد فيما بين يده …….
تنحنحت سمر بحرج كي ينتبه لها… رفع عمار عيناه البنية وتلقائياً تمتم حينما لمح جمالها وجاذبية الغريبة التي تتمتع بها…
“بسم الله ماشاء الله…..”غض بصرها سريعاً وهو يتنحنح بحرج…….
“لمؤخذه مين حضرتك……..”
ردت سمر بهدوء في وقفتها……
“سمر………هو انا كنت عايزه اقبل صاحب المصنع
بس شكل بتاع الامن اتلغبط في الاوض….”
رد عمار بفضول….
“انا صاحب المصنع خير يانسه سمر……”
تبلدت ملامحها للحظات ثم سألته…..
“ازاي انت صاحب المصنع….هو مش ده مصنع(…)
وصاحبه ابراهيم راضي…….”
أومأ عمار وهو يغض بصره عنها……
“ايوا مظبوط كلامك…….واحنا شُركه……”
معلومة صادمة بنسبة لها لم تذكرها حبيبة سابقاً….
بللت شفتيها بحرج وهي تقول…..
“انا آسفة……. مكنتش اعرف……..ياستاذ ….”
اخبرها بالباقة وعينين متفهمتين لسوء
التفاهم المسبق …..
“عمار…….. اتفضلي شرفيتنا…….” اشار لها على المقعد تقدمت منه وجلست ببعضاً من الحرج…. قال عمار
“ابراهيم تحت….. بيباشر الشغل مع العمال وبيشوف المكن هو والخبير……… انتوا جيران مش كده….”
اوما له ببساطة ولم ترفع عينيها عليه… حتى هو لم يطيل النظر اليها كان يحدثها بتهذيب وعيناه كانت
تسترق النظر اليها بين الحين والاخر لمجرد ثانية ويغض بصره عنها بحرج…..
بعد اجابتها تأكد عمار من ظنه فقد ربط اسمها ببعض الاشياء الذي ذكرها ابراهيم عن المرأة الوحيدة التي
احبها في حياته ولم تكن من نصيبة……..
“تحبي تشربي إيه……”سالها عمار وهو يرمقها هي وباقة الورد بيدها……
تنحنحت وهي تلعن نفسها على هذا الغباء وتهور منذ متى وهي تنساق بغباء خلف متطلبات قلبها الابلة منذ متى ؟…….
“ولا حاجة…..شكراً……”
اصر عمار بمودة…..
“لا……. لازم تشربي حاجة انتي ضفتنا…..”
تجاهلت سمر اصراره وهي تقول
بتردد….
“هو ابراهيم هيتاخر تحت…….”
رد عمار وهو يمسك احد الملفات
ويتفحصها……..
“لا يعني شوية…….. هو لازم كل يوم يلف على
المصنع والمكن… البنات اللي شغاله تحت لسه
جداد ومعندهمش خبرة اوي في الشغل فلازم يبقا
معاهم عشان المكن ميبوظش لحد ما يتعوده على الشغل بتاعنا……..”
رفعت راسها اليه سريعاً كطلقة الرصاص وقد برقة عينيها بتوهج مريب……
“بنات !….. هو المصنع ده شغال فيه بنات….”
أجاب عمار وهو ينظر اليها
بتوجس…
“ستات ورجالة……. في حاجة……”
نهضت سريعا وهي تلفظ من تحت اسنانها
بغيرة مكبوته…..
“لا…. بس ممكن انزله…. عشان مستعجلة وعايزة اشوفه ضروروي قبل ما مشي……”
لم يتحرك عمار عن مقعده بل قال بهدوء اشعلها….
“تمام ياخت سمر…..انا ممكن اكلمه يطلع علطول
عـ…….”
مالت على سطح المكتب كالمجنونة وهي تنظر
له بشراسة……
“ولي تكلمه انا هنزله……..اي عندك مشكلة…..”
رجع عمار في مقعده بخوف وهو لا يفهم سر هذا الهجوم…….. فعقب بارتعاد….
“لا اله إلا الله…. استهدي بالله ياخت سمر….”
استقامت سمر في وقفتها وهي تحرك شفتيها
بعنف….
“نعم………… اي شايفني بشد في شعري…..”
حدثها عمار بمزاح وهو يمثل الفزع منها….
“لا ولكن والله اعلم اشم رائحة شياط……. “
تاففت سمر بنفاذ صبر…..
“استغفر الله العظيم……ممكن انزل لابراهيم…..”
نهض عمار وهو يكبح ضحكته بصعوبة….
وغمغم بمزاح…….
“سلم على الشهده اللي معاك يابن راضي……”
سالته سمر بحنق…..
“انت بتقول إيه……”
رد وهو يفتح لها باب مكتبه كي تخرج….
“ولا حاجة اردد المعوذتين لعل وعسى تطرد الشياطين…….”
برقة عينا سمر بشراسة نحوه…. مما جعله يجفل
وقال بتصحيح….
“ليس انتِ ياخت سمر فأنتِ الخير والبركة
واللهِ……”
…………………………………………………………….
نزلت لصالة الكبيرة حيثُ المصنع والمكينات والعمال
منهم الرجال والسيدات واكثرهم فتيات كانت اعمرهم مابين الثامنة عشر للخامسة والعشرون…..
اشار لها عمار على ابراهيم الذي كان يقف عند احد المكينات بجوار احد الفتيات الصغيرات من سن حبيبة تقريباً يريها كيف تعمل على المكنة…وكانت طريقته غاية في اللطف والمرح حيثُ كان يضحك ويمزح معها والفتاة كانت تبتسم بخجل وعيناها قاربت على اخراج قلوب وهي بجوار صاحب العمل الوسيم الغاية في الكرم وذوق مع العمال…….
عاد عمار ادراجه وطرق سمر واقفه مكانها تتابع الموقف بغيرة تشتعل بقلبها ولمحة الالم تظلل
عينيها….وحمدت الله ان النظارة تخفي بعضاً من ملامحها المتبلدة الحزينة……
ترك ابراهيم العاملة بابتسامة فاترة وهو يستدير كي
يتابع تلك الجولة الصباحيه……..لكنه تفاجأ بوجودها خلفه…….. متسمرة مكانها بجمالها الأخذ وطاقم الكلاسيكي والشعر المصفف والنظارة السوداء غالية الماركة التي تخفي معظم وجهها وتزيد غيظه هي وشعرها المكوي !…….
انتبه لصمتها الغريب ولباقة الورد التي بين يداها تلك……تقدم منها بملامح هادئة محاول السيطرة على الدهشة والفرح كذلك لرؤيتها…….
“سمر……..اي المفاجأة الحلو دي….نورتي المصنع….”
ردت باقتضاب وهي توزع نظراتها عليه وعلى العاملة التي كانت أيضاً تسترق النظر اليهما بفضول…..
“منور بيك…..وبيها……خد……مع انها خسارة فيك….”
القت في احضانه باقة الورد وخرجت سريعاً من أمامه……
“سمر…….”نادها بغضب من ما فعلته امام العاملين
نادى احد العمال وهو يعطي له باقة الورد…..
“طلعلي دي فوق…….”
حينما اخذها العامل منه انطلق ابراهيم خلفها سريعاً…….
كانت ستخرج من باب المصنع الداخلي لكنه اوقفها
وهو يجذبها لاحد الزوايا الصغيرة كممر مغلق
في نهايته……..
صرخت بجنون وهي تبعد يده عنها….
“أبعد عني…… عايز إيه مني…..”
صاح ابراهيم بصدمة منها……
“انتي مجنونه……..انا اللي جايلك ولا انتي اللي جيالي……..”
ردت بغضب ونظارة تظلل شراسة عيناها….
“انا اللي جيت وغلط فعلاً اني جيت سبني بقا…..”
سحب النظارة والقاها أرضا بهيجان وهو يصيح….
“ممكن تبطلي هبل وتهدي……”
توسعت عيني سمر وهي تنظر للنظارة المحطمة
أرضاً فقالت هائجة……
“كسرت النضارة يابراهيم…….”
“تولع…….”رد باهتياج وهو مزال يمسك كتفيها
بقوة……ضربته في صدره بعنف فتحرك شعرها بعنفوان حول رأسها وظللت خصلاته عيناها…..
تاوه ابراهيم وهو يضحك تلك المرة ولم يمنع نفسه من الاستمتاع ونسيان كل شيء وتوقف عند تلك اللحظة…..
صاحت سمر بغضب وهي على وشك البكاء…
“بتضحك…..ليك عين تضحك كسرت النضارة……”
ضيق عيناه بمكر لذيذ…..
“يعني انتي بجد زعلانه على النضارة…..”
اومات وهي تهرب بعيناها من حصارة…..
“ااه هكون زعلانه على اي يعني……”
اظهار جسارة غير منتهيه وهو يرجع خصلات
شعرها للخلف…..
“وقبل النضارة رميتيلي الورد ومشيتي ليه…..”
توترت من خطورة ما يفعله فقالت……
“عـ عشان……ابعد ايدك……”ابعدت يده بضيق وضعف وهي تقول بغيرة……
“عشان اسيبك تاخد راحتك اكتر مع العمال خصوصا البنات الصغيرة…….”
رجع قليلاً للخلف ووضع يداه بجيبه واجاب بصلف واستمتاع بغيرتها عليه……
“اديكي قولتي صغيرين….يعني مش مستهله تاخدي في وشك اوي كده……”
ازداد بريق الحنق منه فقالت باندفاع……
“هاخد في وشي ليه……انت فكرني مضايقه منها….”
تأتأ بشفتيه بنفس الاستمتاع وكان الفراق لم يحل عليهما يوماً ومزالا على عهدهما في الحب……
“تؤ…. تؤ….انتي غيرانه شويه…مش شويه…. شويات…..”
اهتزت حدقتيها وتبلدت مكانها لبرهة ثم قالت بنبرة اشبه برشاش رصاص…..
“اغير….اغير عليك….ليه..احنا…احنا جيران وانا جيت بس عشان ابركلك على المشروع ولما لقيتك مش فاضي قولت اجي وقت تاني……. تكون خلصت كلام وضحك ….” سكتت قليلاً ثم تابعت بنفس العنف والغيرة وهو واقف امامها بالقرب منها قليلاً
مستمتع بقربها بانفاسها بسماع صوتها وعنفوان شبابها الجميل يحرق فتيل صبره بقربها………
“بتعرف تضحك اهوه وتهزر وبالك رايق..امال ليه في الشارع بوزك شبرين بذات لم بتشوفني…….”
رد بتسلية وعيناه تتشرب من ملامحها الشهية….
“محصلش…….انتي اللي بتظهري في وقت غلط….”
رفعت حاجب واحد وسالت باتهام….
“ودلوقت برضو ظهرت في وقت غلط……”
اوما بـ…..
“تقريباً……”
في غمرة انفعالها تهورت وهي تركل بركبتها
بطنه فمسك بطنه بتالم حقيقي…….صاحت سمر بشماته
“اوه معلش…………. هي وجعتك……”
رفع ابراهيم عيناه عليها بملامح يعتليها الغضب والاهتياج…….
بلعت ريقها بتوجس وهي تراه يقترب منها ويقبض على شعرها برفق وقربها منه بغضب وهو يهتف
من بين انفاسه الساخنة التي تلفح صفحة وجهها
بعذاب…….
“اي الجنان ده……اتهبلتي بترفعي ايدك عليا…..”
ردت بعناد وهي بالقرب من وجهه….
“وانت اتهبلت ماسك شعري……سبني يابراهيم……. سبني يابراهيم انا عايزه أروح… “
لاحظ اللامعة القوية بعيناها المهددة بدموع غزيرة على وشك الهبوط….ترك شعرها ومرر يده عليه بحنان ونفاذ صبر وهو يقول بخشونة خافته…..
“مفيش مرواح دلوقتي…..اطلعي معي فوق على المكتب نشرب حاجة سوا…..”
ردت بحنق وهي ترجع خصلاتها للخلف
باناقة….
“لا مش عايزه شكراً……”
اصر ابراهيم بحزم وبعيني ثاقبة عليها…..
“مفيش شكراً في حاضر………اسمعي الكلام انا لسه مشكرتكيش على الورد اللي اترمى في وشي……”
لوى شفته بسخرية وهو يسبقها في الخطى وعلى كامل الثقة انها ستأتي خلفه……..
في المكتب……..دخلت مكتبه الخاص بتأني وحرص سواء بالخطوات او النظرات وهي تطلع بكل شبر به
ليس فخم بالقدر الذي يعجزها عن الكلام لكن فخامته تكمن بانه ملكاً لابراهيم راضي فخامة مالكه تجعلها مهتمة بشكلا مذهل وهي تنظر لكل جزء به بانبهار لمجرد انه مكتب الغالي على قلبها…حبيبها وعشقها الأبدي…….
جلس على مقعد خلف مكتبه الكبير بسيط الشكل ككل شيءٍ بهذا المكان الذي من اول وهلة تعرف
انه حلم يسعى له اصحابه كي يكتمل على
خير……..ومزال طريق طويل لنيل ما يستحقه
الجميع….. وصبر ورضا مفتاح الفرج وهذا ليس صعب على إبراهيم وشريكه الشيخ عمار ومسواكه الغريب !….
كان ينظر لشرودها الغريب بحيرة ثم عقب بهدوء
وهو يحدثها بصفاء نفسي غريب……
“عجبك المكتب…….هو صغير ونقصه شوية حاجات بس بكرة يكمل ويكبر هو والمشروع اي رأيك…”
ردت وهي تتقدم منه وتجلس امام مكتبه على احد المقاعد………
“جميل…….كل حاجة هنا حلوة تفتح النفس….وتعلمك الصبر ورضا….. مفيش حاجه بتبني من يوم وليله ولا نقدر نطلع السلم بخطوة واحده…… ان شاء الله ربنا هيكرمك يابراهيم انت تستاهل كل خير…. “
عند تلك النقطة جامل إياها باقتضاب واضح…..
“وانتي كمان تستهلي كل خير مبروك على الصالون اللي فتحتيه في (……) مكان كويس ومش اي حد
يعرف يشتري فيه…….. مبروك ياسمر……” كان يضغط
على نفسه كي يبارك لها فهو على علم ان هذا المشروع من ميراث زوجها بمال ماهر…… الأمر يهينه جداً كلما فكر به كما يشعر بالاهانة كلما ذكر نفسه انه
ليس الأول…… هذا حاجز يمنعه عنها وهناك حاجز اقوى واكبر عائلته التي ترفض رفض قاطع تلك الزيجة واكثرهم تصلباً والدته الغالية…..
حتى الان لا يعرف هل يمنع قربها لأجله هو
ام لأجل عائلته ام ان ما بينهما بات صعب تجاوزه مهما تظاهرا بالعكس……..
سالها إبراهيم بهدوء….
“تشربي إيه……”
“ممكن شاي……”
عقد حاجبه ذاهلا وعقب بمرح…..
“شاي…..انتي مفكرانا فقر ولا إيه…..انا هطلبلك عصير برتقان ولا لمون………”
هز راسها وهي تبتسم…..
“ماشي برتقان…….”
طلب عبر الهاتف من البوفية المشروبات واغلق الخط
وهو يضع يداه على سطح المكتب وسالها بخفوت وعيناه تتشرب من حسن ملامحها…..
“اي اخبارك…. كله تمام…..”
ردت ببساطه وملل واضح…..
“تمام….. كل تمام…… بخرج الصبح اروح البيوتي سنتر وبرجع البيت بليل هلكانه اكل لقمة ونام وانتَ؟……”
“نفس الكلام…..” تنحنح قليلاً وهو يقول….
“حاولي تروحي بدري البيت مش لازم شغل لحد بليل…….”
ردت بتلقائية وتبرير للأمر…..
“مش بمزاجي والله….الشغل كله اصلا بيبقا بليل….”
نظر لها بقوة واندفع بالحديث…..
“واي لازمة التعب دا كله يابنت الناس…. قعدي في البيت واللي انتي عيزاه انا هجبهولك……”
طرقت باصابعها على المكتب وهي
تساله بمكر انثوي….
“بصفتك إيه……”
اجابها ببرود رغم دفء عيناه وهو يحاصرها
بنظرات……
“بصفتنا……… بصفتنا جيران واخوات……”
برقة عيناها واشتدت وهي تصيح بانزعاج….
“أخوات !….. بس احنا مش اخوات يابراهيم…..”
رد بنبرة جافة…..
“دلوقتي بقينا أخوات……”
عضت على شفتها وهي تحاول ملياً الانتقام منه في وقتها…….
“بجد…. على كده لازم اخد رايك في العريس اللي متقدملي…….”
هاج كاسد مجروح وهو يهدر بانفاس متهدجه….
“مين ياختي…. عريس… دا بموتك ان شاء الله انتي اتهبلتي ياسمر…. عايزه تجوزي…….”
ظهر طيف من سعادة سادية على ملامحها فقالت
بترفع يغيظ……..
“اي فيها مش انت اخويا ولازم تقف جمبي في قرار زي ده……”
ضرب ابراهيم على سطح المكتب فجأه
بعصبية……
“اعقلي يابنت الناس وما تستفزنيش…..”
مالت براسها عليه بنفس العصبية خاصته….
“وانت متستفزنيش وتقول جيران واخوات….عشان احنا مش اخوات…..”
توسعت عيناه واستنكر الأمر بزمجرة…
“يعني مفيش عرسان وانتي بتحوري……”
هزت راسها بسأم وهي تسأله ببرود….
“ولو في عرسان يعني هتعمل إي؟…..”
اخبرها بعينين قاسيتين وهو يقول بصوتٍ اجوف منفعل…..
“هكسر رقبتك ورقبة ابن الكلب اللي عايز يتجوزك
اعقلي كده وقولي عقلت……”
“عقلت…….”اشاحت وجهها بضيق محاولة
تنظيم انفاسها العالية الغاضبة…..لماذا الشرارة
بينهما قويةٍ لتلك الدرجة لماذا الشجار لذيذ
والبعد رغم عذابه جميل وقربهم كانا الافضل
من وسط تقلباتهما المزاجية…..لماذا كل ما في
تلك العلاقة كامل متكامل حتى العذاب فيها
مقبول بشكلاً لا يصدق…..
تفهمه ويفهمها من نظرة من كلمة….ورغم كل شيء سار معاهما مزالا هنا معاً رغم انقلاب الحياة والعلاقات هي هنا وهو معها…….
اتى الساعي ووضع العصير وخرج من الغرفة….
تنهد ابراهيم بحنق وهو ينظر لجانب وجهها الأحمر
فقد اشاحت وجهها عنه وحرمت عليه رؤية عيناها
“بصيلي ياسمر……..”
نظرت اليه وقالت بتشنج……
“عايز إيه……”
امرها بهدوء….
“اشربي العصير……”
هزت راسها بعناد كالاطفال
“لا مش عايزه……شكراً… “
امرها مجدداً وهو يشير بعيناه على الكوب
بخطورة…
“اشربي ياسمر…. ولا تحبي اشربهولك بالعافية…….”
نفخت بغيظ وهي تمسك الكوب وترتشف منه القليل امام عيناه الثاقبة وابتسامته الدافئة……
اثناء تلك الجلسة الهادئة المشحونة بالمشاعر..طرق الباب وظهر منه احد الموظفين الذي قال لرب عمله باحترام…..
“لمؤخذة يافندم…..بس في واحد عايز يقابل
حضرتك بيقول انه اسمه عبود……”
تهلل وجه ابراهيم بابتسامة رائعة خفق قلبها بقوة لاجلها وهو يسمح للضيف بدخول…..
“دخله يامجدي…. سيبه برا…..”صاح بصوتٍ قوي…
“ادخل ياعبود….تعالى…..”
نهض ابراهيم ودار حول المكتب وكانت سمر تتابع ما يحدث وهي مكانها……
دخل عبود اليه وكانت ملامحه باهته يعتليها العجز والحزن ولحيته مهملة غير حليقة وعيناه حمراء
واسفل عيناه أسود باهت وكانه لا ينام ويبكي ليلاً
ونهاراً………
تقدم منه ايرهيم وكان على وشك عناقه ولكنه توقف وهو ينظر اليه ويرمق هيئته بتوجس وقلق…….
“مالك ياعبود…. مالك متبهدل كدا ليه….. في حاجة حصلت معاك……”
نظر عبود اليه ثم الى سمر الجالسة خلف ابراهيم
فقال بصوتٍ ضعيف….
“ازيك يابراهيم…………ازيك ياسمر………”
نهضت سمر من باب الذوق وهي تسلم عليها فهي تعرفه شخصيا هو وزوجته فهم من جيران الحي….
“ازيك ياعبود…….. مالك الف سلامه عليك شكلك تعبان……”
اسبل عبود جفنيه بحرج وهو يقول بصوتٍ متحشرج…..
“انا جاي اعترفلكم اني غلط في حقكم واني
اذيتكم انتوا الإتنين……وعشان ربنا كبير ومبينساش
المظلوم…..دوقني نفس الكاس اللي دوقته لغيري….
حقكم عليا…….”
اشار ابراهيم للموظف ان يخرج ويغلق الباب ونفذ الأمر واغلق الباب خلفه…….
مسك ابراهيم يد عبود وساعده على الجلوس
وهو يسأله بعدم فهم……
“تقصد اي ياعبود انا مش فاهم حاجة…..”
جلس ابراهيم على المقعد المقبل له واشار ابراهيم لسمر ان تجلس على المقعد الكبير خلف مكتبه فلم
يكن هناك الا ثلاثة مقاعد فقط حول المكتب الخشبيّ…….
برغم من اضطرابها من مظهر عبود وحديثه المبهم الا انها لوهلة نست ما يحدث وابتسمت بحفاوة وهي تجلس على مقعده شاعرة بامتلاك العالم لمجرد
انها جلست على مقعده هو بأمر منه !……
وكانهم وآحد حقاً…….حاولت السيطرة على فرط
مشاعرها العاطفيه الآن وهي تتابع ما يحدث
بنفس الاضطراب الذي لم يمحى في غمرة
مشاعرها……
جلس عبود خائر القوى واطرق براسه بذل وهو يقول…..
“انا اذيتك ياصاحبي……انا….انا اللي حطتلك فرش الحشيش في كبينة العربية…..”
توسعت عينا سمر وصاحت بغضب….
“انت… انت اللي عملت فيه كده….. انت اللي بعته ليهم….”
بوجها جامد وبعينين قاسيتين اشار لها بنظرة واحده بان تصمت…….انصاعت على مضض لطلبه والتزمت الصمت وهي بحالة قويه من الانفعال والغضب من هذا العبود…….
نظر إبراهيم الى انحناءه وضعفة وسأله مباشرةً….
“المبلغ كان يستاهل انك تبعني ياعبود….”
رفع عبود عيناه الدامعة بمواجهة عينين إبراهيم الصلبتين…….
لم يرد عبود مما زاد انفعال إبراهيم وهو يصرخ فجأه
اجفلت سمر وارتعدت للخلف تلقائيا……
“انطق………المبلغ كان يستاهل انك ترميني في سجن ظلم………انطق……”
مسكه إبراهيم من ياقة قميصه وهز إياه بعنف وانفعال ومزال تحت تاثير الصدمة فهو طيلة تلك الاشهر لم يتوقع ولو للحظة ان يكون عبود هو
من سهل ترتيب تلك المكيدة له…….
صاح عبود وهو يرتجف بين يدي إبراهيم ويبكي بخوف……
“ابوس ايدك يابراهيم سامحني انا غلطان وطماع وندل….انا ربنا بيعاقبني بسبب اللي عملته فيك…انا دخلت على عيالي فلوس حرام واكلتهم بالحرام وربنا سبني شهر واتين وتلاته لحد…….لحد ما كتشفت ان بنتي الكبيرة عندها سرطان…..بنتي عندها سرطان بسببي…و مراتي…. مراتي لم حكتلها على اللي عملته فيك سابت البيت وخدت العيال ومشت…. ومعرفش عنها حاجة لا هي ولا عيالي…….انا بيتي اتخرب وحياتي اتقلبت عشان قبلت على نفسي الحرام
وكنت سبب انك تترمي في سجن ظلم….”مال عبود على يد إبراهيم وقبلها بذل وهو يبكي….
“سامحني ابوس ايدك تسامحني……..سامحني يابراهيم……”
سحب إبراهيم يده ونهض من مكانه بتشنج واولاه
ظهره بغضب….وبغض…. وصدمة…. وحزن…. عدت مشاعر مختلطه بشكلا متعب يجعل التشتت والعجز هما اسياد الموقف…….
اطرقت سمر راسها ونزلت دمعه تلو الآخرى لا تعرف
هل الدموع لأجل ظلم عبود لحبيبها ام الدموع حزناً
على عبود وضريبة العقاب التي يدفعها هو
وعائلته الصغيرة……
قال إبراهيم أخيراً في غمرة غضبه وعجزة…..
“روح لحال سبيلك ياعبود…..و ربنا يسامحك ويسامحنا جميعاً……..”
نهض عبود بساقين خائرتين وهو ينظر لظهر إبراهيم
قائلاً……
“قول انك سامحتني يابراهيم انا مبعرفش انام….”
مسح إبراهيم على انفه بتردد وهو يقول بنبرة خافته وحاسمة….
“روح ياعبود…….ربنا يفك كربك ويشفيلك بنتك…..”
اطرق عبود راسه وخرج من الغرفة منهزم ضعيف
وكان العالم اصبح اضيق من التابوت بنسبة له….
نهضت سمر بعد ان خرج عبود اتجهت الى إبراهيم الواقف مكانه بصمت يوليها ظهره وعيناه على النافذة الزجاجيه المطلة على الشارع……
بدون ان تلمسه سألته بتردد…..
“انت كويس يابراهيم……”
سالها بدون مقدمات…..
“قوليلي لحد امتى هفضل اتصدم في اقرب الناس ليا……..”صمت قليلاً ثم قال بحزن مرير…
“دا كان صاحبي……….كنت بعتبره اخويا….وعمري ما شكيت فيه ولو للحظة… “
اتجهت إليه ووقفت امامه ناظرة لعيناه القاتمة بحب
وحنان امرأة تعشقة لابعد حد…….مدت يدها ووضعتها على وجنته وقالت باعين لامعة…..
“انسى اللي فات يابراهيم…..عشان خاطري انسى…
محدش يستاهل انك تزعل نفسك عشانه…. “
اغمض عيناه بضعف ثم فتح جفنيه ونظر اليها
عن قرب بعشق وضياع……مسك يدها التي تحتل
صدغه وقربها قليلاً من شفتيه الدافئة وطبع
قلبه طويلة بداخل كفها……..اثارت مشاعرها
وشعرت بحرارة تثري بجسدها فوراً وهي تتذكر
تلك القبلات الدفئة بينهما كلما مسك يدها……..
نظر لها وقال بصوتٍ اجوف متاثراً……
“يلا عشان اوصلك……”
“إيه………توصلني…..”وكانه اوقع عليها دلو بارد جعل جسدها تيبس للحظات وهي تنظر له بحيرة…….وضعف……
سألها بفتور……
“اي مش عايزة تروحي…….”
فاقت من وقاحتها وهي تبتعد خطوة وتدلك رقبتها
بيدها بحرج……
“لا أكيد عايزه أروح……….بس انا لسه عندي شغل….”
اتجه الى مكتبه بشموخ وهو يلتقط الهاتف والمفاتيح…….
“تمام هوصلك…………يلا بينا…..”
سبقها وخرج من المكتب ارجعت خصلاتها للخلف قليلاً وبللت شفتيها وحاولت تنظيم انفاسها وهي
تحاول نسيان مشاعرها واحتياجها لقربه….
……………………………………………………………..
كان يسير بجوار صديقة كرم وقد قاربا على الدخول للحي……. حدثه كرم بتافف….
“ياعم انت ارسه على حل….. هنخرج فينا في
العيد…..مانا مش هقعد في البيت عشان خاطر حضرتك……هتخرج معايا عافية ماشي……”
رد احمد اثناء سيره بالامبالاة….
“ياعم فكك بقا….دا عيد لحمه اصلا انا هاكل ونام……”
رد كرم بحنق وهو يرمقه بضجر….
“لا اله إلا آلله….يابني احنا نضرب الفته من هنا وننزل نصيع من هنا الله يخليك انا تخنقت من المحاضرت والجامعه والغفر اللي بنشفهم فيها…..خلينا نفك كده ونطلع نصيع مع اي موزه……..”
رفع أحمد عيناه الماكرة وهو
يقول ببراءة…
“استغر الله ياجدع……….. انا توبت…..”
رفع كرم حاجبه وتشدق هازئاً….
“معلوم….. بامرة بصاتك اللي من تحت لتحت لاي واحده معديه……..”
رد أحمد بتبرير…..
“وربي عيني بتقع عليهم بالغلط اتقي الله ياكرم…انا توبت توبه نصوحه…. عقبالك…….”
برم الاخر شفته باستهجان….
“بعد الشر لما اتجوز نبقى نشوف….المهم يعني متوهش الحوار…..هنخرج فين اول يوم العيد….”
القى أحمد عليه نظرة ثم قال بصلف….
“عندي خروجه جامده بس اي ملهاش حل……”
لوح كرم بيده وهو يضيق عيناه بتوجس….
“لا المقدمات دي انا عارفها كويس…. قول يا احمد ناوي تخرجنا فين…….”
رد بفخر….
“بحه……”
فغر كرم شفتيه ذاهلاً…
“نعم…..”
اضاف أحمد ببساطه….
“ايه مسمط بحه…..مش هو عيد الأكل خلينا ندلع نفسنا وناكل من عند بحه……. انا بقالي كتير مرحتش….”
برم كرم شفتيه بقرف وهو يقول….
“ياعم الله يقرفك….مش عايز اخرج خالص ياعم…”
حدثها احمد باستهزاء….
“لا ونبي بلاش الفيلم ده عليا دا انت بتروح تطلب مخاصي انت هتصيع……”
نظر له كرم بحرج وبرر الأمر…..
“ماهي طعمها حلو بصراحه………”
حاول احمد اقناعه فقال….
“خلاص تعالى معايا وهنزلك طبق مخاصي مخصوص ليك……….اشطا…….”
اوما له كرم بسعادة وحماس….
“اشطا طبعاً بس احنا عايزين منيو محترم بمبار كبدة فشة كرشة لحمة راس مخ كده يعني ظبطين
دا انا هفتان…..”
اوما له أحمد بمزاح…..
“ياعم الهفتان بطن العجل كلها هتبقى على التريبزه
قدامك احنا عندنا كام كرم…….”
نظر له كرم بامتنان…..
“الله يخليك يا أحمد……جدع بصحيح…. “
اقترب منه احمد واحاط مؤخرة عنقه بذراعه وهو يقول……
“حبيب قلبي…….المهم يعني الخروجه دي هتكلف شويتين…….”
امتقع وجه كرم ورفع حاجبه وهو يعقب….
“الله ينعل ابو شكلك….واطي بصحيح…..”ثم
اضاف سؤالاً بتبرم…..
“هو انت مش عزمني ولا إيه…….”
اتكأ احمد على رقبته وهو يقول بخشونة….
“نعم ياخويا اعزمك ليه بحب فيك ويوم ما عزمك اعزمك على مخاصي انت دماغك راحت فين يالا
انت اخرك معايا طبق كشري وواحد كنز دي العزايم
اما التقيل ده نشيلوا سوا……….ماشي… “
فك كرم حصاره وهو يقول على مضض…
“ماشي ياخويا……الصحاب بتبان برضو وقت الشده…..”
رد احمد بسماجة….
“عشان تعرف اني خيري عليك……”
رد الاخر عابساً….
“اصيل يابو حميد……”
لمح كرم اثناء سيرهم شيءٍ فنبه احمد اليه
سريعاً….
“اوبا………..شوف مين جاي علينا…….”
رفع أحمد عيناه فوجد مُنى تتقدم منهم وكانت
ترتدي بنطال جينز ضيق جداً ويعتليه كنزة لا تقل ضيق على خصرها وصدرها الممتلئ المرفوع باغراء امامها…… حتى حجابها كان مُلفة وهو يكشف نصف شعرها الناعم المصبوغ باللون الأحمر…….
كانت تنضغ العلكه بوقاحة مستفزة وهي تتقدم
منهم ثم وقفت امامه وكانوا على اول اعتاب
الشارع اللذين يسكنا به……
“مسا الخير عليكم….ازيك يا أحمد……”نظرت له
بدلال ومزالت تمضغ العلكة بشكلاً ثابت مغري…
لكزه كرم بخبث وهو يقول بنعومة ويمضغ
علكة وهميه بفمه مقلد إياها….
“ازيك يا احمد………ما ترد يا احمد……”
رد أحمد بانزعاج من رؤيتها…..
“انا زي زفت…..خير يا مُنى……هو يوم مش باين
من اوله انا عارف…….”
طصنعة مُنى الحزن وهي تشهد كرم عليه
بأسى…
“مبتردش عليا لي في التلفون….يرضيك ياكرم يرضيك يعلقني بيه وفي الآخر يديني خزوق
معتبر….يرضيك……..”
تاثر كرم بدلالها ومافاتنها البارزة امامها بسخاء
مما جعله يعلق بحزن مصطنع……
“خزوق !….القمر ده برضو ياخد خازوق….آآه يا
قاسي يامتوحش……”لكز صديقه وهو يوزع نظرات العطف والمواساة على مُنى…….
هدر احمد بشر له…..
“كرم اتلم عشان متغباش عليك……”
تنحنح كرم بتراجع وقال لمُنى……
“احم….معلش بقا يامُنى المسامح كريم سبيه ودوري على غيره……”
مالت قليلاً في وقفتها نحو احمد وقالت
هائمة…
“لا مقدرش…………انا بحبه…….”
رفع كرم شفته باستهجان وعقب…..
“هتتخزوقي تاني وهترجعي تزعلي…… انا بقولك اهوه……..احمد والخوزيق صحاب……”
“كرم…..”ناداه احمد بتحذير……فرد كرم ببراءة…
“بفهمها عشان شكلها غبية……”
تركه احمد ووجه النظرات النارية نحو مُنى وقال
بوجوم….
“عايز اي يا مُنى وموقفانا كدا ليه في الشارع….”
سالته بنعومة…..
“بكلمك مبتردش…..”
ارتسم على وجهه الاستهانه وهو يقول ببرود….
“مشغول……ومبقاش عندي وقت للهري… مذكره وجامعه والذي منه…….كده يعني.. “
وضعت مُنى يدها بخصرها واستعادة كيدها وهي تقول……
“مش حجه دي يا أحمد لو مردتش عليا المرة الجايه هتزعل جامد مني……”
رفع احمد حاجبه ونظر لصديقة ساخراً…..
“دي بتهددني ياكرم……ياما ياما خوفت…. “
ربت كرم على كتفه وهو يقول وعيناه على مُنى بوقاحة….
“اهدى ياصاحبي معذورة ماهي متعرفكش…أحمد
دا بتاع نسوان قديم يعني صايع يعني مفيش واحده تقدر تمشيه على هواها آآه…..”
نظرت له مُنى بحزن وقالت بميوعة…..
“اخص عليك ياكرم…….بتزعقلي……”
نظر لها كرم بخبث وهو يخفف نبرته قائلا…
“انا زعقت… انا اقدر برضو…..دا انا بفهمك بس…..”
ضرب احمد قدم كرم وقال بحدة…..
“اتلم ياكرم واتعدل انا وقف معاك……”
رفعت مُنى حاجبها الرفيع وهي تسأله…..
“اي ده…. انت بتغير ولا إيه…….”
رفع احمد شفته باستنكار ثم نظر لصديقه وقال باهانه….
“بغير إيه !……اتفضلها ياصاحبي وشرب بعدها كوباية ميه بملح عشان تغسل معدتك……”
نظرت له بطرف عيناها وقالت بميوعه….
“اخص عليك يا أحمد……كده… “
رد كرم بميوعه مقلدها…..
“ايوا اخص عليك يا احمد…….كده… تزعل مُنى بونبوناية الحارة…… “
ابتسمت مُنى بدلال وقد راق لها كلام كرم فقالت لاحمد بعتاب……
“اتعلم شويه من صاحبك…….”
عدل كرم ياقة قميصه وهو يقول بفخر…..
“آآه اتعلم مني دا انا بتاع نسوان قديم……”
في لحظة لمح كرم حبيبة من بعيد فصاح
بصدمة….
“ينهار اسود حبيبة يا احمد…..حبيبة… “
نظر أحمد سريعاً فوجدها بالفعل تتقدم منهم ولكنها كانت تتحدث في الهاتف وغير منتبها لهم…مسك أحمد منه سريعاً وادخلها في احد الازقة الضيقة
وهو يصيح بغضب….
“الله يخربيتك يامُنى………الله يخربيتك والبيت
اللي جمب بيتك……”
صاحت مُنى بحنق وهي تنظر له بغل…..
“مالك خايف منها كدا ليه اي يعني لو شفتنا……”
رفع قبضته مهدد بضربها وهو يقول بغضب….
“اخرسي لحسان وعز وجلالة الله اديك بونيه اطير سنان امك…….اترزعي مكانك وكتمي…..”
نظرت له مُنى بحزن وحاولت التاثير عليه عاطفياً…
مدت يدها ومررتها على ازرار قميصه وهي تقول بلوعة……
“اخص عليك ياحمد بتزعقلي عشانها……”
انزل احمد يدها بقرف وهو يقول بسخط….
“آه بزعقلك عشانها اهدي شوية بقا……”
مدت يدها من جديد ومررتها على وجنته
وهي تقول بميوعه…..
“اهدى ازاي دا انت وحشني اوي……”
انزل يدها مجدداً بنفاذ صبر….وهو يقول بتبرم….
“الله يخربيت الشيطان اللي لبسك…يابت اعقلي بقا واحترمي نفسك شويه…..انتي مهزقه كدا ليه…”
نظرت لعيناه هائمة وهي تقول بوقاحة….
“مهزقه !…….اخص عليك….دا انا بحبك…..”
أشاح بعيناه عنها وهو يحاول التملص منها وهي
تكاد تكون ملتصقه به بمنتهى الوقاحة……قال احمد بازدراء……
“انا فضلي دقيقتين كمان وكره الحب وسنينه….اهدي ها اهدي……”
مالت مُنى عليها بدلال قائلة…..
“اهدى ليه…. هو انا بشد في شعري دا انا بقولك بحبك……اي اغنيها……”
رد احمد ساخراً وهو ينظر لها بسخط…
“مش مستهله تغني انا فاهم بس مش مصدق….”
تحسست وجنته باغراء…..
“وازاي اخليك تصدقني……”
انزل أحمد يدها مجدداً وهو يقول بخفوت….
“والله العظيم ما عايز اصدق اعقلي بقا ياخربيت شيطانك…..”
ضحكت مُنى بميوعة…..فكتم أحمد فمها وهو يهمس
لها بحذر…..
“اخرسي يابت….هتفضحينا…..احنا في منور الجيران
ينعل ابو شكلك……”
فتحت احد السيدات شباك منورها وهي على استعداد لنشر بعض الملابس……..لكنها
توقفت سريعاً وهي تشهق بفزع….
“بسم الله الرحمن الرحيم….انتوا مين وبتعمله
اي هنا……”
دفع احمد مُنى وهو يستعيد ثباته وهو يتنحنح بحرج…….
“احنا…..احنا….آآه بنصلح موتور هنا جمبكم….”
ردت السيدة وهي ترفع حاجبه بدهشة….
“آآه موتور ام احسان ياخوي دا صدعني….أخيراً حنت على نفسها وجابت واحد يصالحها…….هو عيب إيه ياخويا…….”
القى أحمد نظرة على مُنى وقال باهانه….
“عيبه انه شمال……شمال ياحاجه….. عن اذنكم… ”
تركهم وخرج من من الشارع الضيق…..
عضت مُنى على شفتها وهي تتوعد له في
سرها….
“ماشي يا احمد وربي ما معديهالك……”
خرج أحمد لكرم الذي وضع يده على صدره وقال….
“الحمدلله حبيبة مشكتش في حاجة…..”
نظر أحمد للشارع وساله بقلق….
“متاكد ولا تكون شافتنا وعامله عبيطه…..”
هز كرم راسه بنفي مؤكداً….
“تقريباً لا عشان سلمت عليا ومشيت عادي….”
ساله احمد بغيرة…..
“سلمت عليك ازاي….. بايديها……”
رد كرم ببساطه….
“لي ياعم مش لدرجادي هتقف تسلم عليا يعني…. بصت عليا كده ورمت السلام ومشت علطول……”
نظر كرم لشارع الضيق المجاور لهم
وساله بحيرة…
“هي فين مُنى صحيح….”
اجاب احمد بامتعاض…..
“غارت في داهيه يلا ياكرم نروح…لحسان انا اتقفلت من اليوم دا كله……”
…………………………………………………………..
جالسه شاردة في احد غرف الاستديو….. الغرفة الخاص بها لتبديل الملابس ولتهيئة نفسها كي تخرج
لاستديو التصوير كي يتم أذاع برنامجها الخاص على الهواء مباشرةً مرة من كل أسبوع……
تصعد بضراوة للشهرة والنجاح واصبحت وجه إعلامي لأحد الشركات وبعض الاعلانات تتهاتف عليها حتى قد تم العرض عليها لتعمل في احد الاعمال السينمائيه و رفضت بدون تفكير…. حصة النجاح
تتزايد وشهرة التي تمنتها الان بين يداها… لكن….
لكنها تعيسة…. لا تشعر إلا بالمرارة في حياتها شيءٍ
يعكر صفوها ويجعلها لا تستمتع بهذا النجاح….
ربما هو…. حديثه منذ ستة اشهر….. حديثه واعترفاته
التي كانت كالسوط يقسم ظهرها لنصفين…… تبريره وحقيقة مشاعره كانت تذبحها بدون هوادة……. ولم يرأف بقلبها وظن ان ما قاله سياتي بنفع ويداوي وجعها……
اخرجت زفرة تعب وهي تغمض عينيها بامر من الفتاة التي تعمل على وضع زينة وجهها كي تخرج للاستديو وتبدأ عملها الاسبوعي……..
مررت الفتاة الفرشاة الناعمة برفق على وجنتها وهي غارقة بين موجة الأوجاع تقذف بها يميناً ويساراً
حتى خارت القوة ونزلت دمعه منفردة على وجنتها
جعلت الفتاة تتوقف وهي تنظر لها بتوجس وقلق…
“انتي كويسه ياستاذ اية… حضرتك بتعيطي؟!…”
فتحت آية عينيها بحرج ومسكت منديل ومسحت عينيها بقوة مصممه بعناد وعصبية ان تفسد زينة
وجهها التي تعبت بها الفتاة لساعة كامله…..
لم يكون هجوم عدائياً على الفتاة بل كان الهجوم عليها وهي تبغض رفضها له وتلعن قلبها الذي مزال
في الهوى متعلق……..
تراجعت الفتاة للخلف بهلع وهي تسألها بدهشة….
“ليه عملتي كده ياستاذه اية… انتي هتطلعي على الهوا كمان ربع ساعة بظبط…….”
مسحت اية انفها بمنديل آخر وهي تقول للفتاة بتعب……
“هدير لو سمحت سبيني شويه لوحدي…….”
قالت الفتاه بشفقة…….
“تحبي اقول للمخرج انك تعبانه ومش هتقدري تطلعي النهاردة على الهوا…. هو ممكن يتصرف
وينزل اي حلقه من الحلقات القديمة…….”
هزت اية راسها بنفي وهي تنظر للمرآة بصمت غريب….
“لا مفيش حاجه هتتأجل النهاردة حلقه مهمة وضيوف مستنيين برا….. اخرجي بس ياهدير
خمس دقايق ورجعي كملي شغلك…..”
رمقت هدير زينة وجهها التي فسدت بحسرة
وهي تقول بانصياع…..
“اومرك ياستاذة خمس دقايق وهدخلك…..”
اغلقت الفتاة الباب خلفها…..وظلت اية امام المرأة تمسح الكحل من حول عينيها بصمت وعقلها شارد فيما حدث بينهما منذ ستة اشهر حينما اخبرته انها ستنتظرة حتى يعود من اجتماعه….. وهو برهن
بعودته مباكراً……
وبالفعل اتى بعد ساعتين فقط… ووصل الفيلا فوجد والده يلاعب علي الصغير ببعض الالعاب الجديدة والصغير يضحك ويردد بعض الكلمات مع
جدو……
دخل خالد والقى السلام وهو يقبل والده كما اعتاد منذ فترة قريبة بعدما بدات العلاقة تتحسن بينهما بتدريج……
(سلام عليكو يافؤش……)
ردد فؤاد السلام وهو يسلم عليه بمحبة….
(وعليكم السلام…..جاي بدري يعني…..) نظر له
والده بمكر….
جلس خالد مسترخي على الاريكة وقد اخذ علي بين يداه وبدا يقبله ويلاعبه واثناءها رد على والده…
(يعني بذمتك علي يبقا هنا ومجيش اشوفه وقضي اليوم معاه…….دا كان وحشني اوي……)
رد والده بخبث…..
(هو بس اللي وحشك….عشان كده جاي على ملى وشك عشان تشوف علي بس……)
اطرق خالد راسه وهو يضحك ثم نظر لعينا
والده وقال…….
(على ويويو…….هي فين صحيح…….)
اجاب فؤاد بمكر…..
(في المطبخ بتعملك الكيك……..)
نهض خالد وهو يضع ابنه بجوار الألعاب…..
(هي لحقت قالتلك…….)
رد فؤاد وهو يلاعب حفيدة مجدداً…..
(من غير ما تقولي انا عارف….)
(ماشي…..يافؤش…….)ابتسم خالد بحرج وهو يتجه اليها عبر المطبخ الذي لا يدخله إلا حينما يعلم انها بداخله……..
كانت توليه ظهرها وهي تشعل مضرب الكهرباء وتمزج عجينة الكعكة قبل وضعها بصنية…..
لم يقدر على منع نفسه من التقدم منها والميل عليها وطبع قبله على وجنتها الناعمة وهو يسألها…..
(بتعملي اي يايويو في مطبخنا…….)
شهقت اية سريعاً وهي تنظر له بفزع واضعه يدها على صدرها…
(خالد…….حرام عليك ياخي خضتني….)
قد تناست امر القبلة للحظات ثم عادت ووضعت يدها على وجنتها قائلة بحنق….
(اي اللي انت عملته ده……)
سالها بمراوغه….
(عملت إيه…….قوليلي كده…)
اتجهت للصنبور وغسلت يداها وهي وتوليه ظهرها قائلة بكبرياء…..
(مش هقولك….انت عارف…..وياريت متكررهاش تاني…)
سيطر على انفعاله في تلك اللحظة وهو يدعي المرح……
(تمام….بس قوليلي….عمله الكيك متاخر كدا ليه…)
ردت وهي تتقدم منه وتقف امامه وجوارها الطاولة الموضوع عليها طبق عجينة الكيك….
(الوقت سرقني مع خالو وعلي…ويدوبك لسه فكرة موضوع الكيك……خلصت اجتماعك……)
اوما لها بفتور….ثم راقبها تغمس اصبعها في طبق لتاخذ ما يعادل القطرة من العجينة وتتذوقها بتمهل امام عيناه الخضراء المشتعلة بمشاعر ملتهبة تكاد تحرقه
وهو واقف بمكانه يراقبها بشوق !…..
علقت آية بتلقائية وهي تنظر اليه…
(سكرها معقول…….زي ما بتحبها….)
بلع ريقه وهو يشعر بالخفقات تزيد صخباً
فقال بخبث غير مرأي…….
(دوقهاني كده……..)
غمست طرف اصبعها في العجينة ورفعتها على فمه فمسك يدها برفق وامتص اصبعها ببطء اهلك كلاهما
شوقاً واشعل مشاعر حميمية جامحة بينهما…….
رفعت عسليتاها ناظره لعيناه المظلمة بالرغبة والاشتياق لها….وكان لسانه دافئ أملس وهو يمرره
حوله اصبعها بوقاحة تعلم انه يرسل بعيناه وحركاته رسائل غاية في العبث والوقاحة الذي يمتاز بها عن غيره…….
رسائل غاية في العبث والوقاحة التي يمتاز بها عن غيره…….
سحبت يدها وبلعت ريقها بارتباك وهو تقول بعجلة…
(هي كويسه……. انا هحطها في الفرن……)
عض خالد على شفته وهو يقاوم هذا الاحتياج بينهما
فهي تحرقه حياً…. ولا تعلم انها تنتقم منه اشد انتقام ببعدها وجفاءها والاشهر التي تمضي عليهم وهي مصممه على الهجر……….
وضعت اية الكعكة بالفرن وبدات باعداد صوص الشوكلاته……. وهي تتحاشى النظر إليه….
اقترب خالد منها ووقف امامها وظل ينظر اليها بصمت مما دفعها لرفع عينيها ونظر له بتردد
(مالك بتبصلي كدا ليه…….)
سألها خالد بحنق….
(اية انتي عايزاني في حياتك ولا لا……)
ردت بضيقاً وهي تهرب منه بعيناها…..
(اي لازمة السؤال ده…….. احنا اتكلمنا قبل كده اني لسه بفكر…. اديني وقتي ومتضغطش عليا…..)
قاوم انفعاله في تلك اللحظة محاول الصبر
وتحمل نتائج ما ارتكبه فهو يستحق عناء نيلها
من جديد……
(تمام…. تحبي اساعدك……)
رفعت عينيها بدهشة فقد ظنت انه سيبدأ نوبة من الشجار والانفعال الزائد لكنه صمت… وتعامل بصبر وتحضر وهذا جديد عليه كلياً…….ترردت لبرهة ثم قالت بفتور……
(تقدر تجبلي اللبن من جمبك…..)
نظر جوراه على الرخامة… احضره لها فقالت
وهي تخفق مكونات الصوص……
(نزلو واحده واحده……)
بدا بسكب الحليب وهي تخفق بالمضرب…. حتى تناثرت بعضاً من المكونات الجافة على بذلته
وحين انتهت نظر لحاله بضيق……
(عجبك كده…….. وسختي البدلة……)
ضحكت بشقاوة خفق قلبه وهو يراها تبتعد عنه بدلال قائلة بغرور…..
(اي يعني بوظتلك بدله فدايه الف بدله……)
اجاب بصدق ومحبة….
(فداكي خالد نفسه يايويو…..)
نظرت اليه واهدته اجمل إبتسامة وهي تضع
الصوص في المبرد……..
ثم عادت اليه فوجدته ينفض البذله بيده وينظر لحاله بتافف وحنق…….
زادت ابتسامة سادية سعيدة وهي تساله بهدوء…
(عملت اي في الاجتماع…. الامور تمام…..)
رد عليها وهو يجلس على احد المقاعد حول طاولة بداخل المطبخ…….
(مش اوي….. يعني في مناقصة وقفه في سكتنا…
ومحتاجانها باي طريقة…..)
شاركته الجلسة وهي تسند ذقنها الى كفها….
وسألته باستفهام…..
(واي اللي اللي منعكوا عنها……)
قال خالد وهو ينظر اليها….
(اللي يقدر يمشيها الميسيري……)
فغرت اية شفتيها بذهول….
(إيه…. ابو ميرال……… هيرجع عز الدين يحط
ايده معاهم من تاني………)
اوما خالد وهو يقول بجدية….
(دا شغل يا اية….. وشركة محتاجة المناقصة دي….)
نظرت له بتراقب وتساءلت…
(وراي عز ايه موافق……)
رد خالد هازئاً…..
(مرحب اوي شكله عايز يرجع الوصال بينه
وبين طلقته……)
هزت آية راسها بامتناع وتصميم كذلك….
(لا طبعا عز بيحب حنين…. ومش معقول هيرجع لميرال ما كانت قدامه…….) ثم تنهدت بجزع….
(بس ربنا يستر من حوار المناقصة دي… يعني
دا هيفتح باب جديد لميرال……واحتمال عز..)
صمتت بشرود وحزن ان ضعف شقيقها امام
طليقته والاعيبها الخبيثة ، كالحرباية تتلون كما تفضل……..ممكن ان يخسر حنين….وخسارة
حنين كبيرة وهي تيقن ذلك جيداً….
لوى خالد شفتيه وقال باستنكار….
(لو اتفتح لميرل بدل الباب عشرة… مش هتدخل غير باذن من اخوكي…. على حسب ماهو عايز مش على حسب ماهي عايزه……)
اختصصت تلك الكلمات اليه وهي تنظر لعيناه
قائلة بجمود….
(صح مفيش للخيانة تبرير……. الخاين خاين…..)
نظر لعيناها لبرهة بعدم فهم ولم تمر الثواني الا وفهم قصدها…. جز على اسنانه وزداد احمرار وجهه غضبا
وليس احمرار بالفطرة كما تحبه….. كان يغزو
الاحمرار القانٍ وجهه باكمله وملامحه تحكي عن انفعال وشيك ضرب الطاولة في لحظة تراجعت هي في مقعدها بصدمه وتوجس مما جعله ينهض ويكبح
غضبه بعيداً عنها…
خرج من المطبخ بخطوات عصبية تحت انظارها المرتعبه النادمة على غباء ردها……
بعد ساعتين من الانتظار لم ينزل من غرفته وظل
بها مغلق الباب عليه ولم ينزل حتى ليرى ابنه…..
كانت تود الذهاب بعد تجاهله لها لكنها سيطرة على
تسرعها وصعدت اليه بيدها طبق به قطعه من كعكة
الشوكلاته……
كانت تسير بخطوات واثقه انيقة ببنطال من الجينز وعليه قميص فضفاض يغطي نصف وركها من جهه
واحده والجهة الاخرى تضع طرف القميص بداخل البنطال كنوع من الموضه الحديثة التي تتبعها…
كان شعرها القصير حوله وجهها يتارجح بدلال كصاحبته..صاحبة الجمال و الراقة والوجه الحسن
ككل شيءٍ بها…..
طرقت على الباب بعد ان اخذت نفساً عميقاً….فتح خالد الباب وكان مرتدي بنطال قطني مريح ويعتليه قطعة داخليه بحمالات عريضة اظهرت عضلات ذراعيه النابضة بالقوة والصلابة وكذلك اظهرت عرض صدره الصلب وجسده الرياضي المشدود القوي…..
بلعت ريقها من هذا الموقف المحرج…مدت له الطبق
قائلة…..
(انا قولت اطلعلك الكيك وسلم عليك قبل ما مشي…)
رفع حاجبه فوق ملامح عابثة….
(انتي هتمشي دلوقتي……)
نظرت له بانزعاج…..
(هقعد اعمل ايه يعني…… لازم أروح…..)
اخذ منها خالد الطبق وقال بخشونة…..
(ادخلي عايزه اتكلم معاكي…..)
سالته وهي على اعتاب الباب….
(في اي بظبط…….)
وضع الطبق على المنضدة ونظر لها بتعجب فهي واقفه مكانها متردده بدخول….
(ادخلي يا اية…………خايفه كدا ليه…..هنتكلم شويه مش هاكلك…)
رفعت انفها بكبرياء وهي تدخل الغرفة وتغلق الباب خلفها……
(هخاف من إيه….انا بس مستعجله ومش عايزة اتاخر اكتر من كده……)
(مش هاخد من وقتك كتير…..)
كبح الغضب وهو يجلس على المقعد امامها فقد جلست على حافة السرير تنظر له بتراقب…..
قال خالد بدون مقدمات فارغة…..
(انا مخونتكيش يا اية…..)
اثار التساؤل بداخلها فقالت باستفهام…
(نعم… ازاي يعني؟…….مش فاهمة…..احنا اطلقنا من هنا وانت اتجوزت بعدها بيومين…..دا معناه انك
كنت على علاقة بيها وانفصلنا عشان تبقا معاها….)
هز خالد راسه وهو يوضح…
(محصلش….انا مكنش ليا اي علاقة بمروة وانا
معاكي ا…..)
قاطعة آية بتشنج…
(كفاية كدب ياخالد ارجوك…..اللي انت بتقول ده مش هيصلح حاجة…..)
تحدث خالد بجدية وهو ينظر لعينيها بقوة
متعبه لاعصابها…..
(لازم تعرفي اني مش بكدب ولا بقولك ده عشان ترجعيلي…..خليني احكيلك وسمعيني للآخر …
انا كنت اعرف مروة من مصنع البسكوت اللي انا شريك فيه…..وكانت دايماً بتحاول تلفت انتباهي
بس انا مكنتش بديها سكه….وبعد ما طلقتك
حسيت اني تايه….. وعايز ارمي نفسي في حضن
اي واحده وسلام…. وكانت اسهل واحده مروة…..
اتجوزتها وشهرين وطلقتها……بعد ما دتها مبلغ مكانتش تحلم بيه كعربون عن الايام اللي قضتها معاها……..انا خونتك لما مقدرتش احبك لما
مقدرتش افهم انا عايزك ولا لا…خنتك لم اتجوزتها
فعلاً….لاني كنت بعمل كده بس عشان انتقام منك
ومن ابويا واخوكي وناس كلها…وطلع اني مش بنتقم من حد غير نفسي………انا نمت مع كذا واحده غير مروة يا اية……….وفي الحرام…….وكنت بدور على نفسي فيهم………ومن غبائي كنت بدور عليكي في حضن كل واحده بقبلها………..بس ملقتكيش…..
وملقتش راحتي بعدك……انتي بتجري في دمي يا اية…..زي حته وتبترت من جسمي….ملهاش بديل
ولا ينفع تتعوض…..وحتى لو ليها بديل عمره ما هيبقى زيها…….)بلع غصة حادة يتابع….
(انا غلط واذيتك……وجرحتك وخونتك عارف….بس خيانة عن خيانة بتفرق…..انا منمتش مع واحده وانتي على زمتي…..ولا عمري خنتك بمشاعري….
قلبي وعقلي وكل حاجة كانت ليكي……)انزل عيناه للاسفل واضاف….
(بس كنت غبي….كنت غبي اني مش قادر اكون معاكي لمجرد انك كنتي مفروضه عليا……)
نظرت آية اليه بوجع فوق ملامح جامده تشع برقي رغم الاسى الواضح عليها…..
اوما وهو يتابع بقسوة على نفسه….
(آآه كنتي مفروضه عليا…..مكنتش عايزك رغم اني كنت بحب قربك…..وكنت بموت من الغيرة لم كنت بشوفك وقفه بتكلمي مع زميل ليكي في الجامعه……انا بحبك…..واكتشفت ده بس لما
بعدتي عني لما حرمت نفسي منك………بحبك يا اية…….حتى لو شيفاني مستحقش اكون معاكي…… هفضل احبك……وهتفضلي حبيبتي وام ابني لاخر يوم في عمري….)
نزلت دموعها أخيراً وهي تنظر اليه ثم أسبلت جفنيها وذرفت الدموع أكثر بحزن وهي لا تعرف هل يجب ان تكون سعيدة لاعترافه فهي لاول مرة تتلامس بقلبها صدق كلماته…… لكن اين تاتي السعادة وهي تسمع انه القى نفسه في احضان الكثيرات مارس معاهم العلاقات الحميمة وحينما اكتفى اتى إليها وكانها اسطبل يعود فرسها الجامح الطائش ليلاً بعد يوماً حافل من التسكع مع الغير !……..
اين تاتي السعادة في مثل تلك الحقائق ياترى… اين تاتي……… فهي لا تعرف على اي درب تريد السير…
شتاتها وعجزها وجعلها لا تعرف الا البكاء
والهروب منه بعيناها الحزينتين النافرتين منه
ومن قلبها الذي يهواه حد المرض…..
اقترب منها خالد وجلس جوارها على حافة الفراش وهو يحاول تهدئتها…. مسح دموعها بيداه وهو يقول بندم……
(انا اسف…. حقك عليا…… انا غلطان…. دي اخر مرة هضايقك فيها وهكلمك في الموضوع ده… انا هطلع من حياتك تاني يا اية وزي مانتي عايزه…. بس كفاية عياط……)
نظرت إليه بعيون مبللة تتألم بقوة.. وشفتيها الحمراء ترتجف بعذاب تكتم خلفها صراخ امرأه مقهورة…..
ماذا فعل بها هل أخطاء حينما اخبرها بكل شيء.. هو فعل ذلك فقط كي يحسن صورته امامها لكن بمنتهى الغباء وتهور في الحديث حكى اشياء لا يجيب ان تذكر لذلك اصبح الأمر اسواء من السابق…….
مرر يده على وجنتها يمسح الدموع وهو ينظر لها بقلق واعتذار…
(انا اسف يا اية…….. والله ما كنت اقصد…..)
مالى عليها وقبل جبهتها… ثم وجنتها من الناحيتين
سارت شفتيه عليهم بعذاب وهي بين يداه جامدة كتمثال بلا روح…. ود لو يتوقف فليس وقتاً
لتلك الطلبات العاطفيه اللعينة ولكن اشواقه
وحبه ساقاه اليها ولم يكن جيد في ترويض شيطانه….
التقط شفتيها في قبلة اطاحت مشاعرها المهمشة وحزنها في مكاناً ما…..
ولم تشعر إلا بدفء شفتيه السليطة المهيمنة وهي
تسير على شفتيها الناعمة بعذاب…. تاوهت وهي تحاول ابعاده ولكنه زاد جنونه ولم يقدر على الانسحاب زادت القبلة قبلات متلاحقه كلاهما أعمق وادفى من الأخرى شعرت بظهرها يستلقي على الفراش وهو فوقها يبث اشواقه وحبه ولهفته عليها
وهي كانت بين يداه كريشة في مهاب الريح…..
لكن كلماته واعترفاته تتردد في اذنيها باصرار تجعلها تتذوق الصدى بين قبلاته العنيفة….. وكانها
تريد ان تعذبها وتشقي قلبها الذي يخفق
باثارة اثار ما تحياه بتلك اللحظة على يداه….
اغمضت عينيها وهي تشعر به يقبل جيدها باشتياق
وجموح رجل حرم من النساء لاعوام طويلة !….
لحظة لحظتين صرخت فجأه وهي تبعده عنها
نهضت من مكانها فنظر خالد لها باعين مظلمة
وتساؤل يلوح على وجهه النابض بقطرات العرق
اثار ما عاشه منذ لحظات في احضانها… في بيته
الذي هاجره بغباء واشتاق اليه حد الجنون !……
قالت آية وهي ترجع شعرها للخلف بغضب
وكره لم حدث منذ لحظات…..
(مش هينفع……. انا مش عيزاك….. مش عايزه ارجعلك……. مش عايزه…. سبني في حالي وبعد
عني وكمل مع اللي كنت معاهم…….)
خرجت من الغرفة سريعاً وهي تبكي وتركته مكانه جالساً ينظر بصدمة وعجز لأخر مشهد في نهاية
القصة……
عادت من شرودها على صوت الفتاة التي اخبرتها
بهدوء….
“كده تمام اوي كلها دقيقتين وتطلعي على الهوا… جاهزه صح…..”
اومات لها اية وهي تنهض بعد ان ارتدت طاقم كلاسيكي فخم انيق يليق بالعمل…. كذلك عدلت
الفتاة زينة وجهها مجدداً فاصبحت آية اكثر جمالاً
ورقياً برغم النظرة الحزينة الباهته في عينيها العسلية……
………………………………………………………………
كان يجلس على المقعد يشاهد التلفاز….يواظب على رؤية برنامجها ككل أسبوع….يشبع شوقه برؤيتها عبر شاشة التلفاز…الى هذا الحد وصلا….وأصبح مثل الغريب في حياتها…..
ستة اشهر عذاب بمعنى الكلمة لا يراها ولا يعرف عنها شيءٍ حتى حينما يريد رؤية ابنه يكلف والده بتلك المهم فياتي علي اليهم مع المربية التي تراعيه
طوال اليوم حتى يعود لوالدته……والدته التي تحرمه من رؤيتها وتهرب منه باستمرار……
حتى هو سمح لها بالهروب واحترم قراره برغم غضبه
ورغبته في استعادة عائلته إلا انه يحاول تمثيل احترام رغبتها بالبعد ويكتفي برؤيتها على شاشات كغيره من ملايين المتابعين لها………
يسعد لنجاحها ويتباهى بها…. لكنه يغار لمجرد انه شريك او منافس قوي يستحوذ عليها اكثر منه !…..
ظهرت اية في التلفاز بطاقم كلاسيكي انيق وشعرها القصير مصفف بجمالاً يحيط رقبتها ويداعبها بدلال
يليق بها بحسنها ورقي ملامحها وصوتها الاذاعي الناعم وهي تتحدث الآن وتعلن عن اسماء ضيوفها
بمنتهى العملية المتقنة والثقة البارزة في
عينيها رغم حزنها الطاغي عليهم…….
تاملها خالد بحب وندم لأجل ضياعها منه ولاجل الايام الطويلة التي تقطع من عمرهم وهما في البعد
متمسكين………
انتبه خالد بانها ليست على ما يرام…..كانت تقف بصعوبة كي تعلن عن الضيوف لكن جفنيها
ثقيل تفتح اياهم بصعوبة انها حتى ترنحت لبرهة
براسها لكنها عادت وقاومت وهي تتابع تقديم الضيوف…….
نهض خالد من مكانه ومع وقفته وقعت هي مغشياً عليها امامه عبر شاشة التلفاز…. هوى قلبه معها وهو يرى الشاشة اغلقت واتت اعلانات……
اتجه سريعاً لغرفته وبدل ملابسه على عجله وخرج
من الفيلا الى السيارة سريعاً قادها الى موقع الاستديو……..
وصل للمبنى المقام به التصوير وصعد للطابق
المنشود وهو لا يرى امامه من شدة القلق عليها……
اوقف فتاة تمر بجواره تمسك دفتر بيدها…
“لو سمحت…..اية الخولي فين…….نقلتوها المستشفى……”
ردت الفتاة وهي تعدل نظارتها الشفافة…..
“لا يافندم هي كويسه دي كانت اغماءه بسيطه الدكتور كشف عليها وقال ان ضغطها واطي شويه….”
سالها بلهفة…..
“طب هي فين لو سمحت…..”
اشارت اليه الفتاة بابتسامة فاترة…..
“تاني اوضه على اليمين…….هي موجوده هناك لوحدها… “
اتجه اليها سريعاً واقتحم الباب بدون استأذن…..
رفعت اية عينيها عليه وكانت ممدة على الاريكة بتعب بوجهاً شاحب فاقد للحياة وعيون فاقدة
بريق السعادة……
فقدت هوايتها في البعد……. وضاعت من كثرة
الهجر والقسوة عليها وعليه……وتمر الاشهر وهم
في نفس الصراع……… وليس هناك مكسب إلا
الوجع و الأذى….وتظل الدائرة تدور عليهم بعدائيه
غريبة ستنتهي بموت أحد او كره الاخر ؟!…..
أغلق الباب واتجه اليها بلهفة وهو يمرر يداه على وجهها بخوف……
“انتي كويسة يا اية….في حاجة وجعاكي…..مالك بتعيطي ليه……”
انهمرت الدموع بعد رؤيته….وشعرت بغزو من الالم
يداهم قلبها….اشتاقت إليه وتعبت من ما يحدث بينهما تعبت كثيراً من هذا الصراع…… تعبت من
غمرة عشقها له……تعبت بقوة………
مسح دموعها وهو يسالها بقلق…..
“اية ردي عليا في حاجة وجعاكي….تعالي نروح المستشفى…….”
مالى عليها كي يحملها لكنها منعت اياه وهي
تقول بصوت متهدج…..
“ملوش لازمه يا خالد انا كويسه…..”
جثى على ركبته جوارها على الاريكة ومسك
يدها وهو يسالها بقلق……
“بجد انتي كويسه…….”
قالت وهي تتكأ على يداه بضعف لاول
مرة….
“ممكن متبعدش عني تاني………..”
رفع يدها الى شفتيه وطبع قبله عليها وهو
يقول بصوتٍ حاني……
“لو عليا نفسي افضل جمبك علطول…”
سالته بنبرة باهته….
“واي اللي منعك……”
نظر لها ذاهلا من هذا التغيير
الغريب……فأجاب…..
“انتي يا آية……….. اخر مرة قولتي……”
قاطعته اية وهي تقول بحرج….
“انسى اللي قولته……… انسى الكلام اللي قولته ومتبعدش…….”
غز عينيه الحزن فقال بعتاب….
“انتي عارفه اني كنت بحاول اشوفك الفتره اللي فاتت دي كلها وانتي اللي كنتي بتهربي مني….”
قالت اية بوهن…..
“دي اخر مرة ههرب فيها…….انا تعبت ومش عايزه اهرب تاني…. “
لمعة عيناه بالفرح وسالها بتشكيك….
“يعني موافقه اننا نرجع…….”
اومات له وهي تبتسم لعيناه بصعوبة فوق ملامحها المجهدة….
ظل يرمقها للحظات بعدم تصديق ثم حينما وجد لسانه سألها بحماقة…..
“لا………… انا برضو مش مصدق…..هنرجع لبعض.. “
وضعت اية يدها الناعمة على وجنته واشارت له بعيناها ان يقترب اقترب ببلاهة فوجدها تطبع
شفتيها على شفتيه وتقبله بحب ونعومة…لحظة وحدة و أدرك مايحدث منها معه…….ذأبت
الصدمة من عليه وحرك شفتيه معها متجاوب وبهيمنه وخبرة ذكورية للعينة قاد القبلة بقوة
أعمق….. تاوهت بضعف وهي تحاول الافلات من
بين يداه القويتين التي تحتجزها في
احضانه……… حين ترك شفتيها وظل يسير على وجهها بشفتيه الساخنة… قالت بضعف وهي
مغمضة العينين….
“خالد…………… كفاية………..”
انصاع لامرها بصعوبة وتوقف وهو ينظر لها بلهفة وشوق يحرقه بقربها…. ومن بين انفاسه العالية
مسك يدها وطبع قبله عليها وهو يعود بعيناه الخضراء اليها…
“بحبك………….بموت فيكي يا آية……”
ابتسمت ابتسامة تقطر عسل على قلبه وهي
تقول بنعومة اهلكت فؤادة…..
“وانا كمان ياخالد………. بحبك اوي…..”
القت نفسها في احضانه وسندت راسها على كتفه وهي تشعر براحة وسعادة تجتاح قلبها الحزين…….
………………………………………………………………
جالسه على احد المقاعد ممددة الساقين امامها المسبح مباشرةً…..
كان هو بداخل المسبح يستمتع بالماء ويسبح بمهارة وجاذبية تليق به وتجعلها عنوة عنها تراقبه باعجاب يلمع بعيناها مذكرة نفسها في كل دقيقة ان هذا الوسيم القوي ذو الشباب المدغدغ لانوثتها هو
زوجها….عز الدين زوجها….دعوتكِ يامي تحققت حينما امتلكت العالم ومافيه بحب رجل كعز الدين الخولي……..
انتبه عز الدين لشرودها المفاجئ فابتسم بخبث وهو يشاكسها ببعض قطرات الماء التي اتت بنفع وقد افاقت من شرودها وهي تنظر اليه ذاهله…..
“اي دا ياعز……….غرقتني…….”
ارجع عز الدين شعره الاشقر للخلف وهو يبتسم بوسامة قائلاً…..
“مش ناويه تنزلي……..المايه حلوة اوي…..تعالي… ”
مد يده وهو يغمز لها بوقاحة……هزت حنين راسها
بامتناع……
“لا مش عايزة…….”
“براحتك…..انتي اللي خسرانه……”قالها وهو يدفع جسده للماء بحركه متقنة فاختفى تحت الماء للحظات وكان المسبح عميق جداً….ربما السبب الذي جعلها تخشى النزول عمق المسبح واللذين يفضلا
هكذا عز الدين وشقيقته فهما حتماً ماهرين في سباحه عكسها تماماً…….فاشلة وجبانة !…..
رفعت راسها بقلق من اختفاءه كل هذا تحت الماء
نهضت من مكانها واقتربت من المسبح كي تراه
عن قرب……..
انتابها الرعب وهي تنادي بحنق…..
“عز….متهزرش….هتنام تحت يعني……..هتتخنق يامجنون……”
دارت حول حافة المسبح تبحث عنه بعيناها البنية الخائفتين…….قالت بحنق…..
“عز……….وحياتي عندك اطلع انا مبحبش الهزار ده….”
فجأه امتدت يد قوية من اسفل الماء ومسكت يدها ولا تعرف كيف انزلقت تحت الماء في لحظه….وكل ذلك في اقل من ثانية حتى الصرخة لم تلحق اخراجها بعد تلك السحبه المجنونة….. والمرعبة…….
رفعها بيداه الاثنين للأعلى فشهقت بقوة وظلت تسعل………مرر يده على ظهرها وهو يقول بقلق…
“اهدي خدي نفسك…….”
ضربته في صدره وهي تسعل بقوة…..
قال وهو يضحك….
“يامفتريه….خدي نفسك الاول……”
وضعت يدها على صدرها وهي تسعل…..
“حرام عليك ياعز………كنت هموت……”
حرك يده اكثر على ظهرها وهو يقول بحنان….
“بعد الشر ياعيوني……خدي نفسك بس واهدي…هو الواحد ميعرفش يهزر معاكي أبداً……”نظر لها بعتاب
مصطنع…….
تلعثمت وهي لا تعرف الكلمة المناسبة
لم فعله معها……
“دا مش هزار……….دا….دا……”
اكمل عنها وهو يقترب منها أكثر…..
“دا…..حب……فهمتي……..”
“ها…..”انفرجت شفتيها باستفهام….
“ها اي……. فتحه بؤك كدا ليه…..”طبع قبله على شفتيها المنفرجة بدهشة…فاغلقت اياهم بخجل والحمرة تغزو وجهها بجمال خلق لتأمل ليقع العاشق في عشقها اكثر من ذي قبل……..
زمت حنين شفتيها وقالت بتبرم……
“يعني اللي بيحب حد بيعمل في كده…..”
لم يرد عليها بل قربها منه واحاط خصرها بيداه
وهو يقول ببحة عميقة……
“وحشتيني………”
وضعت يداها برقة على صدره وقالت بدلال….
“وحشتك ازاي……..دا انا جمبك طول الوقت…..”
طبع قبلة على جيدها وهو يعود لعينيها قائلاً….
“حتى وانتي جمبي بتوحشيني…….”
سالت بحماقة….
“بجد……”
اوما لها ونظراته تنهال من جمالها…ارجع خصلة
مبللة عن وصدغها وقال…..
“بجد ياعيوني…..هكدب يعني…….”اقترب من شفتيها اكثر وهمس بعذوبة اهلكت فؤادها…..
“انا بحبك……….بحبك ياحنيني…….”
خفق قلبها بجنون وبين يداه شعرت بشيءً قوي يثري بداخلها وكانه سكب شيءٍ حلو في اعماقها
فجعلها سعيدة مستمتعه بما قيل على لسانه وما
يروى في عيناه……..بلعت ريقها وبكل غباء
سالت سؤالها الشهير…..
“بجد؟……”
ابتسم باستياء ثم أكد مجدداً بنفس النبرة العذبة الحانية….
“هي دي كمان فيها بجد !…..اعمل اي فيكي بس…
آآه بجد ياحنين بحبك مش كده وكده….. “
ابتسمت بخحل وهربت بعينيها محاولة وجود كلمات تليق بالموقف لكنها نظرت للماء الازرق المحاط بهم ثم لعيناه وعقبت…..
“يعني ملقتش غير البسين……. وتقولي فيه بحبك…”
رد ساخرا من سؤالها الغير متوقع….
“امال اقولها فين……. في الحمام……”
لكزته في ذراعه وهي تقول باقتضاب…..
“انت غلس على فكره…….”
تغاضى عن ردها….وقال بغزل…..
“مفيش اجمل من كده أعترف…..حولينا المية فوقينا
السما…..قدمنا القمر فاضل اي تاني……عشان اقول اني بحبك………”
بلعت ريقها بصعوبة ثم في لحظة القت نفسها في احضانه وهي تخبره بصوتٍ عذب عاطفيّ……
“انا…….انا كمان بحبك……….بحبك اوي ياعز…….”طبعت قبلة على عنقه ودفنت وجهها في عنقه فزاد هو ضمها اليه وهو يتأوه من قوة احساسه في تلك اللحظة النادرة……..
“آآه ياحنيني………وأخيراً نطقتي…….من امته؟….”
سالها بلهفة عاشق…..
ردت حنين بتلقائية وهي تحاول ان تكون رومانسية في تلك اللحظة لكن مع الاسف خجلها وصدمتها بعد اعترافه جعلها بلهاء في تلك اللحظة…لكنها كانت تحاول السيطرة على صخب مشاعرها…….
“مش عارفه………يمكن بعد جوزنا حسيت اني بحبك
ومقدرش اعيش من غيرك………وانت من امتى؟… ”
نظرت اليه بتراقب بعيون تلمع و رموش مبلله وشعرها يقطر الماء على كتفها وصدره فباتت شهية في سؤالها المرتبك نحوه……
رد عز الدين عكسها تماما بمنتهى الثقة والبساطه وكانه يحكي عن طقس اليوم !…..
“من اول يوم شوفتك فيه……….”
عقدت حاجبها بغرابة…..
“بجد……. انت بتهزر……”
رد بتاكيد عميق وهو يسند جبهته على خاصتها…….
“ههزر ليه….من اول يوم شوفتك فيه وانا متلغبط وعايز اعرفك اكتر……. وكل مرة كنت ببرر لنفسي الاحساس ده…..بس بعد جوزنا اتأكدت اني بحبك
ودي اول مرة احب من اول نظرة….”
ردت حنين بهمساً بعد ان بعثر مشاعرها بانفاسه الساخنة………
“وانا كمان اول مرة احب الحب دا كله……..”عادت والقت نفسها في احضانه….. قال عز الدين
وهو يقبل كتفها ويشدد في العناق بينهما…..
“انسي اي حاجة اتفقنا عليها…….انا عايزك ياحنين…….عايز اكمل حياتي كلها معاكي….”
تنهدت بعمقاً وهي تمرر يدها على شعره حتى مؤخرة عنقه بدلال وحب وهي تقول…..
“وانا ياحبيبي…… عايزه اكمل عمري كله معاك…..”
ابعدها عنه وقرب راسه منها وافرغ تلك المشاعر الساخنة المشحونة بالحب على شفتيها بقوة جعلت
جسدها باكمله يذوب وتفقد القدرة على الصمود
وتهوى في الماء بنعومة وهو معها….وشفتاه مشتبكه بشفتاها بهيمنة…… مُصر على أخذ اكبر قدر من السعادة والحب من هتانِ الشفتانِ اللتانِ كانوا
للعشق سبيل كي ينجو من سوء نفسه
وافعاله…..
بعد قليل كانت تقف امام المرآة تلف جسدها بمنشفة
طويلة تصل لفوق ركبتها تمسك المجفف بين يدها
وتمرره على شعرها…رفرف شعرها البني الداكن
حولها بجمالاً ومع عينيها الشاردة اثارت مشاعره
فتقدم منها بثوب السباحة الذي لم يكن الا سروال
قصير يخفي نصفه السفلي…..
احاط خصرها بيداه القويتين ومرر شفتيه الشهوانية
على طول عنقها وهو يسالها بتسلط ذكوري….
“سرحانه في اي ياحنيني……”
اغلقت المجفف ووضعته على طاولة الزينة ثم استدارت اليه وعلى محياها ابتسامة حالمة
حلوة كحلاوة عينيها وهي تنظر إليه…..
عانقت بيداها عنقه وهي تقول….
“تعرف انا نفسي في اي دلوقتي……”
تعمق بعينيها بحب وقال…
“اطلبي وطلباتك أوامر……..”
“نفسي اكون أم…….نفسي اجيب ولد شبهك… عايزه يكون نسخه منك……” انتظرت ردة فعله على احر من الجمر…….
وكانت ردة فعله طبيعية لجمت لسانها لوهلة…..
ضمها عز الدين اكثر اليه وهو يقول….
“وانا كمان نفسي اكون اب….. بس اجيب بنت شبهك……… شبهك بظبط……”
نظرت له بتساؤل وصدمة…..
“بجد نفسك تكون أب ياعز…….”
أومأ لها بصدق وهو يتكا على خصرها بحب…..
“نفسي ياحنين….عشان هيكون منك…….”ثم اضاف
بعد ان رأى السؤال يتراقص في عينيها بتصميم….
“يمكن لو كنت اتسالت السؤال ده قبل ما عرفك
كنت قولت لا مش مستعد اكون اب ولا هينفع
اجيب ابني من اي واحده بتجوزها……اكيد كنت عايز بس انا كنت بدور على حبيبتي قبل ما ادور على ام لولادي……يعني لو لقيت حبيبتي يبقا انا كده لقيت ام ولادي…….ومش محتاج ادور مرتين……مرة واحده كفاية……وديكي قدامي اهو….. لي متمناش اكون أب طالما ولادي هيكونه منك…… “
ابتسمت بسعادة ولمعة عينيها تاثراً وهي تمرر يداها على وجهه بحب وكانها ترسم ملامحه بيداها…..
وعيناها مشتبكه بعيناه بعاطفه جارفة….
“انا بحبك اوي………اوي يا عز………” داعبت انفه بانفها وهي تطلب منه بهمساً…… “احضني…. ”
جذبها لاحضانه بشوق متقد يغمرها عشقه
بقبلات متفرقة راغب بها وبكل شيءٍ بها
استسلمت لتلك المشاعر وبادلته بنفس اللهفة والجنون…..
وجدت جسدها يرتفع عن الأرض…وفي لحظة شعرت بالمنشفة تنزلق من عليها ثم شعرت بالفراش أسفل ظهرها وجسده فوقها وبعد ان كانت تشعر بالبرد
بعد انزلاق المنشفة إلا ان ثوانٍ وشعرت بدفء
يثري بكامل جسدها ومتعه غير منتهيه في
احضانه ومع كلمات حبه وكلماتٍ جريئة تعزز
انوثتها وثقتها بنفسها وتجعلها ملكة تمتلك قلب زوجها وبأقل حركة منها تاثر عليه بجنون ،
كانت تحلق في أبعد مكان عن الارض وهو معها يبث شوقه وعشقه وادمانه لتلك المرأة التي امتلكت قلبه
بدون بذل مجهود واحد يذكر !……
………………………………………………………………
بعد ان انتهى يوم العمل رحل الفتيات اللواتي يعملن في صالون التجميل معها لمنازلهن……..
نظرت سمر للمكان المرتب النظيف برضا……..
ثم اتجهت للمرآة الكبيرة التي يزين حافتها مصابيح
صغيرة مضاءة تساعد اكثر على رؤية نفسك بصورة أوضح…….هندمت ملابسها وارجعت شعرها للخلف وهي على استعداد للرحيل……
صدح هاتفها برسالة منه عبر الوتساب محتواها…
(روحتي ؟…)
شعرت بالغيظ من طريقة التواصل الغريبة بينهما والذي يفرضها عليها بمنتهى القسوة….
تجاهلت أمر الرسالة بعد ان فتحتها متعمدة اثارت غضبه وقلقه كذلك…….
لم تمر الثواني إلا ووجدت رسالة اخرى…..
(بتفتحي الرسايل ومبترديش لي ياسمر؟…. انت كويسه…..)
للمرة الثانية فتحتها وتجاهلت الرد ببرود…….
كانت ستغلق انوار الصالون وترحل لكن رنين هاتفها اوقفها….. جعلها تجلس على أحد المقاعد الدواره امام مرآة التزين…….. لاحت ابتسامة خبيثة على شفتيها وهي تتجاهل اتصاله الأول ثم يصر بلهفة
الحبيب على الاتصال لاربع مرات وفي الخامسة
ردت لياتي صوت ابراهيم بلهفة عليها……
“مبترديش لي ياسمر…….. انتي كويسه….”
اشفقت لبرهة عليه لكنها قوة قلبها وهي تقول….
“مش فاضيه…. كنت عايز ايه…..”
انصهر القلق واللهفة وحل محلهم الغضب وهو
يصيح بهيجان……
“يعني اي مش فاضيه……. اللي خلاكي تدخلي تشوفي الرسايل يخليكي تردي ياهانم…..”
اجابته سمر باقتضاب……
“وبعد ما رد….. هيحصل اي……. انا لحد دلوقتي مش فاهمه أصلا اي لازمة الرسايل دي……”
ضيق عيناه وهو يسالها….
“يعني إيه……… مش فاهم…..”
ردت سمر بصلابة……
“لا انت فاهم يابراهيم…… انا وانت مش صغيرين وفهمين بعض كويس……..”
زفر بكبت وهو يقول بنفاذ صبر…..
“جيبي اللي عندك يابنت الناس ومتستفزنيش….”
سالته بجرأة……
“انت عايزني ولا لا……” حين طال صمته على الخط برمت شفتيها باستهجان وهي تقول….
“ساكت لي يابن راضي…. ماهو حاجة من الاتنين..
مش عايزني…. ابعد ولا رسايل ولا غيره اقطع الوصال خالص بينا………”
“ولو عايزك……..”قد سألها بنبرة خشنة……
واتى ردها الحاسم بقوة…….
“سهله برضو العنون ميتوهش احنا جيران… عايزني خبط على بابي وانا هكون اول واحده مرحبه بيك
وهقف قدام الكل عشانك…. بس اعرف نيتك من ناحيتي الاول ومنها نشوف……..” إضافت بجمود…
“قولت اي…….. سمعني ردك دلوقتي…..”
لجم لسانه ولا يعرف ماذا يقول فقد فازت عليه
بكلامها وطلبها الجريء….. ربما يعشقها لانها سمر
(الشبح) تلك التي لا تهاب شيءٍ وتدخل في
الحروب بصدر رحب……تلك التي تتحمل وتصبر وتعشق وتروي وتشقي في انٍ واحد تلك هي سمر
حبيبته……….
صفاتها لم تكن محببه اليه من قبل لكن حين وقع في حبها شعر انه يحب قوتها شراستها صراحتها التي تصل للجرأة في بعض الأحيان…..أحب فتاة بمئة رجل وفي سابق كان يتمنى فتاه تخشى السير بين المارة بدونه !……..
الحب يغيرك يجعلك تحب حسب الهوى لا حسب
متطلبات قياسية……….
حين طال صمته على الخط… قالت بنبرة خافته
رغم قوتها….
“ردك وصلي يابراهيم….ربنا يسهلك ويسعدك مع واحده ا………اي ده…….”نظرت سمر الى تلك القنينة
الزجاجيه الخضراء التي القت من النافذة وكانت تشتعل بنار وبداخلها سائل قابل للاشتعال….
انتبه ابراهيم لما قالته فسالها بقلق…..
“سمر….في ايه.. ….مالك…….”
قالت بصدمة وهي تشاهد النيران تشتعل امامها…..
“نار…..الصالون بيولع…….بيولع……..”
“انتي فين……”
سالها بلهفة وهو ينطلق بسيارته فقد كان يحدثها
وهو امام المصنع ولم يكن يصل للبيت بعد……
وجدت قنينة اخرى ترمى من الخارج فتراجعت بخوف وهي تستنجد به……..
“جوا…..أبراهيم الحقني……في حد بيرمي عليا
ازايز بنزين المكان بيولع…….”سعلت وهي تتراجع مختبئه في احد الزوايا التي لم تصاب بعد…
والنيران كانت تاكل الاخضر واليابس امامها وهي واقفه مكانها تشاهد الحريق بصدمة وهلع……وقد توقف عقلها في تلك الثوانٍ عن التصرف حتى…….وبداخل حدقتيها السوادء كانت النيران تتوهج بضراوة وهي ثابته مكانها كالوحٍ من الرخام………
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)