روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الثاني 2 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الثاني 2 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الثاني

رواية غمرة عشقك البارت الثاني

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الثانية

أخيراً رد عليها باقتضاب
“وتوصليلي ليه ياستي انتي خطيبتي…انتي غريبه أوي يامنى…..بقولك اي اعمليلي بلوك…..انا ماشي…”
كانت ستمسك يده ولكن لحق بها قبل ان تفعلها تلك المجنونة أبتعد خطوتين وهو يقول بصوتٍ حانق…
“مُنى اعقلي…..”
“خلاص رد عليا…. عايز اكلمك ياحمد…… مش عارفه
اتكلم مع حد غيرك…..”
برم شفتيه وهو ينظر حوله بحنق فهي لن تستريح إلا
ان تضعه وتضع نفسها في شبهة تبان للاعمى قبل البصير…… زفر بجزع حتى ينهي تلك الوقفه المشبوهة……
“هبقى اكلمك يامُنى…….هكلمك… ”
“إمتى يأحمد……”
رد بملل…
“بليل الساعة حداشر…..”
“هستناك…..” قبل ان تذهب ودعته بأجمل نظرة لديها
لعله يستجيب ويرضخ لقلبها مثلما فعل بها منذ اول
مكالمه بينهم…..
العلاقة بينهم منذ خمسة عشر يوماً فقط اي بعد
ان مكث في هذا الحي بداخل تلك الشقة الحديثة… حديثة وملك لهم أيضا……….. رائع !…..
بمهارة حصل على رقمها من يدها هي… وبمهارة اكبر
استحوذ على تفكيرها…. وبمهارة حمقاء تركض خلفه الان كلما تجاهل مكالمتها… يبدو انه مل من تلك الحلوى ويريد بديل !….. لكن الان يقنع نفسه انها لا تزال حلوى حتى لو مل منها وأراد التغيير تظل حلوى ولا يجب الألقى بها……هذا يعد اسراف ! …..

 

 

 

 

لمح خاله (عارف) يجلس كما هو على الكرسي الخشبي امام مقهى الحي… نفس الجلسة… نفس النظرة الحزينة الشاردة… ونفس النارجيلة بيده…
عفواً يبدو انها تغيرت فهو كما يقال(حريقة)
ولا يكتفي منها أبداً…..
جلس بجواره وهو يقول بمزاح……
“احلى عارف عرفه قلبي واللهِ….. خالي وخال
الناس كلها……..”
نظر له عارف بوجوم ثم لم يلبث إلا القليل
وقال…
“نجحت ياخايب الرجا ولا لسه……”
قلب أحمد شفتيه بامتعاض ثم عدل ياقة قميصه الأسود وهو يقول بصلف….
“خايب الرجا……… انا هبقى بشمهندس على فكره ياعارف……….المهندس احمد جمال….. ”
“واي يعني أحمد جمال…. المهندسين كتير وعلى قفه من يشيل… قعدين على القهوة جمبك اهم……”اشار على بعض الشباب الجالسين بجواره على بعد مسافة……
اشاح بوجهه وهو يغمغم بضيق….
“خالي عارف…… كتلة تفائل…..”
“بتبرطم بتقول إيه يالا…..”
أجابه أحمد بسخرية ونفاق…..
“هكون بقول إيه بشكر فيك وفي روحك الحلوه واقبالك على الحياة وتشجيعك ليا… يالهوووي على تشجيعك ليا ياخالي…..”
رفع عارف يده وانزلها وعلى جانب عنق أحمد
وهو يقول بغضب…..
“انت بتتريق عليا يابن جمال…..”
صاح احمد بتشنج وهو يضع يده مكان الصفعة…
“آلله….. بتضربني تاني وفي شارع….. قدام الناس… والبنات…… انا ماشي….”
هدر عارف بعنف غريب..
“قعد هنا كل اللي همك البنات…. البنات ياصايع يا فالِت…………….يافاشل………”
صحح أحمد بتشنج….
“فاشل اي ياعم انا نجحت على فكرة….”
“انا خالك مش عمك….”
برم احمد شفتيه باستهجان….
“ياعم انت تطول تبقى ابو ابويه….”
“أبو أبوك و…… أبو ابوك إزاي يالا انتَ…..” ضربه مرة اخرى على جانب عنقه….. مرر أحمد يده على جانب عنقه بغضب وكبح حنقه وابعد الكرسي قليلاً بعيداً عنه…..
“يادي النيله…… عارف عشان انت خالي بس واللهِ……قسما بالله مافيش حد يعرف يعملها…. ”
رفع عارف كفه مستعد لضربه مره أخرى ولكن اكمل احمد بحرج وهو ينظر حوله بحرج وغضب اكبر…
“إلا انت طبعاً انت خالي… والخال والد ولا إيه….”
“ماكنت أبو ابوك من شويه…..”ضيق عارف عينيه وهو يرمقه بنزق….
“ابو ابوي مين ياجدع…. دا عمرك كله سبعين سنة متكبرش الموضوع……”
قبض عارف على النارجيله وهو يقول بتحذير….
“لم لسانك ياصايع…. يافَالِت….. يا…..”
اكمل عنه احمد ببرود…..
“ياخايب الرجا…. يابتاع البنات…… في حاجه تانيه جايه في سكه….” سأله بفتور….
حك عارف في شعره وهو يجيبه على مضض…
“لسه لم حضر حاجه هقولهالك متستعجلش انت كلك عيوب……”
تمتم احمد باستنكار…..
“انا برضو…..”
اتكأ عارف على اسنانه وزم بصوتٍ عالٍ وهو ينظر له
بغضب وتحذير ان تمادى……
غمغم بريبه من نظراته……
“خلاص ياعم انت هتاكلني…. عيوب… مفيش حد خالي من العيون…….”
“عيون؟…..” رمقه عارف بغرابه…
رد أحمد بخبث…
“عيوب…….. انت بتسمع إزاي….”
عاد الصمت مره اخرى والكل شارد بملكوت آخر….
“نجحت ياحمد…..” سأله عارف بنبرة هادئه حنونه تتناقض مع هذا الرجل العجوز المتسلط الذي كان عليه منذ دقائق فقد كان يتمادى معه بضرب امام اعين المارة…. ونعت بالشتائم….. بأسلوب لا يدل عن خال حنون كهذا الآن…. لم يستغرب أحمد نبرته وتقلبه مابين جيد لسيء……… لصامت…. وتلك الاضطربات النفسيه قد قراء عنها كثيراً…. فهو عاشق للقراءة منذ الصغر !….. يتذكر اعراضها كانت تحتوي
الشعور بالحزن أو الكآبة…….
التفكير المشوَّش وضعف القدرة على التركيز
المخاوف الشديدة أو القلق أو الإفراط في الشعور بالذنب….. تغييرات حادة في الحالة المزاجية
ارتفاعًا وانخفاضًا….. الابتعاد عن الأصدقاء والأنشطة المعتادة……..التعب الشديد وانخفاض الطاقة أو مشاكل النوم…….. الانعزال عن الواقع…..
كل شيء قراء عنه يراه بصورة واقعية على هيئة خاله الحبيب الذي بعد موت عائلته تحول الى
سراب… مجرد سراب أسود مجهول الهوية، برغم
من معرفة من صاحبه يظل مجهول ؟!….
رد احمد بعد فترة….
“آآه نجحت جبت سته وتسعين…..”
“شاطر……… عقبال التخرج…..”
“يارب ادعيلي……. كلية الهندسة… وأخيراً….” زفر وهو يرى انه اقترب…. اقترب وسينال الشهادة والوظيفة التي ستنتظره بعد تخرجه فوراً فهو سيعمل في شركة توفيق الشامي… والد يوسف
سيعمل هو ويوسف وكرم في تلك الشركة بعد التخرج… هذا وعد (توفيق الشامي) لهم ثلاثتهم
فبرغم من مستواه الإجتماعي هو وكرم والذي
لا يتساوى مع مستوى يوسف ووالده إلا انهم
أهل أصول كما يقال….و يوسف لا يتكبر على
صداقتهم…. ولا والده يرفض تلك الصداقة
بل انه يعاملهم كأولاده و دوماً يريد لهم
الأفضل…..وهو من بداية وعد (توفيق الشامي)

 

 

 

 

له بتلك الوظيفة بعد التخرج مباشرةً يشعر براحه تجتاحه ولم لا……..شركة عريقه فخمه لها اسمها
وسط القطاع الخاص….كل من تخرج من سنتين واربعه يتمنى ان ينال وظيفه بها ولو حتى خارج تخصص شهادته……سعيد ، ولماذ لا ؟ وقد نال وعد بوظيفة يتمناها غيره !…….
غمغم أحمد بشرود….
“يارب تفضل سهله كده علطول…..”
رد عليه عارف بتشأم …..
“بيتهيألك…..مفيش حاجه بتيجي بساهل….”
نظر احمد له نظره ممتعضه حانقة مُتسائلة وأيضاً للآسف مضحكه ان نظر لنفسه الان بالمرآة
سيضحك بلا أدنى شك……
“لا اله إلا آلله…..انا بقول كفاية تفائل وتعالى نطلع ناكل……..زوزو مستنياك فوق وقالتلي اعدي عليك عشان اخدك…. ”
وضع عارف النارجيلة على الطاولة الصغيرة القابعة بينهم بقوة وهو يقول بعصبية مفرطة….
“ليه هو انا عيل صغير ولا إيه…..بعتى ابنها الصايع الفالِت……خايب الرجا…..”
اضاف احمد ساخراً….
“نسيت تقول بتاع البنات…..”
صاح عارف بعصبية….
“لا منستش دي اول واحده قولتها…..”
أكد احمد باصرار….
“والله ما قولتها…”
“انت بتكدبني يابن جمال…..”توسعت اعين عارف وهو ينظر إليه شزراً…..
امتعض وجه احمد ودافع عن والده فقال….
“ألله وماله جمال بقه ياخالي….الراجل مات وساب سيرته الطيبه وراه……”
“فين السيرة وهو سايب وراه واحد زيك اسمه
احمد جمال……”مرر عيناه على هيئته بعدم رضا…
رفع أحمد حاجباه باندهاش…..
“وكمان بتتنمر على اسمي……دانت اسمك عارف…… عارف…….ولا مش عارف….”
رد عارف بعصبية مضحكه….
“عارف وهفضل طول عمري عارف…..يااااحمد يااااجمال…”
ضيق احمد عينيه ونظر له باتهام قائلا ببراءة…
“ربنا يسمحك………اشتم….. اشتم جواك اشتم… ”
صاح عارف بعصبية أكبر….
“اشتم جوايا ليه……..انت فكرني هخاف منك يالا…….دانت ابن جمال……”
سأله احمد سريعاً..
“هو جيمي عملك حاجه قبل مايتوكل…..”نظر له احمد بانتظار فضولي……
“عملي؟ عملي وعملي……. كفايه ان سابك في حياتي…”
نهض أحمد بحنق وهتف بمكر….
“لا كده كتير انا حرقت كتير معاك ……..انا طالع اكل………أكل محشي… ”
“روح كُل يامفجوع……. بتقول اي يالا محشي….”
أنتبه أخيراً لأهم نقطة…..
استدار أحمد وقال ببساطة خبيثة….
“ااه محشي ومن ايد زوزو…..تخيل انت بقه الطعم…”
نهض عارف خلفه وصاح….
“خدني معاك يابن جمال……. انا جوعت…..”
_____________________________________
عانقته امه بحنان وهي تفرغ فرحتها بزغاريد عالية
دليل على سعادتها لنجاحه… هتفت زينب بسعادة….
“مبروك ياحبيبي….. عقبال الشهادة الكبيرة ياحبيب امك…..”
“ايو يازوزو ادعيلي كده.. نفسي اغمض عيني افتحها ألاقي نفسي خلصت الخمس سنين بتوع
الجامعة…..”
رتبت على ظهره بشجيع قائلة…
“هيخلصه ياضنايا….. مفيش اسرع من الأيام بس انت شد حيلك وزرع عشان تحصد….”
هز أحمد راسه بايجاز وهو يقول….
“حاضر………. ادعيلي بس يازوزو……”
“دعيالك ياحبيبي…..” ربتت والدته على كتفه
فمسك يدها وقبلها وهو يقول بهدوء…
“هدخل اغير هدومي بقه واجي قعد معاكي… بس حطي الاكل ونبي يازوزو لحسان هموت من الجوع…… ” نظر احمد الى خاله( عارف) والذي يجلس على الاريكة ممدداً امام التلفاز يشاهد
فيلم قديم الطراز بصمتٍ قاتل…… صاح احمد
حين لكزته امه بخفة ونظرت له بمعنى مقروء
إليه…….
“انا هدخل اغير هدومي…. هتاكل معايا ياخالي
مش كده…..”
رد عارف بعد صمت بنبرة ممتعضة….
“خلص ياخايب الرجا………. انا مستنيك…..”
ابتسمت زينب بحزن وهي ترمق اخيها بشفقة قبل
ان تتوجه الى المطبخ قائلة بهدوء….
“انا هدخل اسخن…… خلص ياحمد…. متتاخرش…”
“حاضر يازوزو…. “قالها احمد وهو يدلف لغرفته…
خلع القميص الذي كان يرتديه والقاه على الفراش باهمال… سحب المنشفة ودخل للحمام بالخارج
ثم عاد للغرفة بعد ان اغتسل…. كان يجفف وجهه وشعره وهو يقف على بعد مسافة من نافذة غرفته التي تطل على المارة بالاسفل وبالامام بيوت
الجيران…… ترك المنشفة تطوق عنقه وظل عاري الصدر ببنطاله الجينز….كانتى عيناه شاردة بضياع وهي تتابع شعاع الغروب الذي يختفي بتدريج من امامه….. صدح هاتفه عند هذا التأمل فزم شفتيه وهو يلتقطه فكانت احد (حلويات حياته) كما يلقبهن…
” ايوا ياولاء…… لا مش فاضي هكلمك كمان ساعة
كده….. تمام……… باي…… ”
انزل الهاتف عن اذنه ورفع عيناه للأمام من خلال
تلك النافذة المفتوحة بغرفته ليجد من خلال شُرَف الجيران شرفة امام نافذته مباشرةً تطل من خلالها
فتاة على هيئة قمر بيضاء بياض الثلج…. هل هناك من يمتلك تلك البشرة حقاً ام انها احد المستحضرات التجميلية التي يستعملها النساء بكثرة مؤخراً والتي بات من خلالها صعب التعرف عليهما بعد غسل وجوههم بالماء !….
كانت تقف تلك الفتاة الجميلة أمامه لكن عيناها الزيتونية بمكان آخر لم تلاحظ وجوده خصوصاً
ان بينهم مسافة ليست قصيرة…. لكن الرؤية
واضحة على اية حال بينهم……
بيضاء البشرة كثلج الناعم…. عيناها زيتونية… وشعرها ناعم بني يصل لمنتصف ظهرها….
قصيرة القامة… يبدو ان طولها مناسب
لكن بنسبة له فهي قصيرة…… قصيرة جداً
نحيفة……. نحيفة جداً….. اين مفاتن الأنثى
الم تبلُغ بعد ؟! ، اظن ان عمرها لا يتجاوز
الثامنة عشر بل أقل يبدو انها من عُمر (مُنى)لكن
مُنى كتلة انوثة متحركة برغم من صغر سنها !….صحيح لا تمتلك جمال كهذا الذي تمتلكه( ملكة الثلج) تلك ولكنها يافعة الانوثة وهذا يكفيه ويرضي ذكورته…..
تمايلت الفتاة قليلاً واستدارت توليه ظهرها وقد رفعت الهاتف على اذنيها واستندت على حاجز الشرفة بظهرها……
فغر شفتيه وهو يتابع بخبث كل شبر بجسدها من خلال تلك الثياب التي كانت عبارة عن بنطال جينز
وشميز بني عليه واسع يكاد يبتلع جسدها النحيف….
عقب بسخط…
“شكلهم بيكلو اكلها …..”
استدارت الفتاة لناحية الآخرى بعد ان اغلقت الهاتف
لتشهق بحرج بعد ان اتت عيناها بعين أحمد….نظرت
له لثواني بصدمة من هيئته الفاضحة تلك خصوصاً
انه يعتبر عاري…. لا وينظر لها أيضاً بشكلٍ غريب……
غمز لها أحمد بعبث وهو يرفع يده لاذنه..وبالاشارة
اخبرها انه يريد رقم هاتفها بمنتهى الثقة والعبث…
برمت شفتيها والقت عليه بزيتونتان عينيها الحارقة نظرة مقت وغضب وامتعاض من أخلاقه وهيئته ثم دلفت لغرفتها واغلقت باب الشرفة خلفها لخصوصية اكبر بعيد عن عين هذا المتطفل قليل الحياء….
المتعجرف……عجرفة بلهاء مثله تماماً……
إبتسمت حبيبه وهزت راسها بجزع وهي تنظر لنفسها في المرآة فبرغم الغضب والحنق من غباء هذ الصبي الابله إلا انه وسيم…..وسامة تخطف الانفاس…..مابين وسامة وعبث…….وانحراف……نوع معقد يجذب اي مراهقة منذ اول لقاء……..
برم احمد شفتيه وهو يقول بصدمة وعدم تصديق وكانه طعن في كبريائه بعد رفض ملكة الثلج له…
“دي حلقتلي……..انا يتقفل في وشي شيش
البلكونه…….. أنا………”
ارتدى ملابسه وهو لا يصدق انه تلقى الرفض من فتاة……. أخيراً !….

 

 

 

 

غمغم بعدم تصديق…..
“دا رقم تليفون…… امال لو قولتلها عايز اقبلك…”
“هي مين دي اللي عايز تقبلها ياهندسه….”دخلت سمر الغرفة وضيقت عينيها وهي تنظر له بشك….
“ها…..لا مفيش….انت جيتي امته صحيح….”
“لسه جايه…….. مبروك….”فردت ذراعيها بحنان فتقدم منها احمد وعلى محياه إبتسامة سعادة ومحبة لعناق شقيقته الكبرى وامه الثانية….
ولكن سرعان ما وجد سمر تضربه بصدره وهي
تقول باستنكار وقوة …..
“رايح فين ياعسل…….هات ورقة النتيجة عشان
اشوف الدرجات…….”
نظر لها احمد بارتياع….
“أعوذ بالله…… وانا اللي كنت فكرك جايه تاخديني بالحضن وتبركيلي….”
ردت بجدية حادة….
“انا مش زوزو ياحبيبي…. اشوف الدرجات الأول وتأكد انك نجحت وبعدين أبارك وهني…. وماله….”
“لا شكراً مش عايزك تهني خدي شوفي النتيجة وريحيني…..”
مد يده بجيبه واخرج لها ورقة بها بيان نجاح في الثانوية…….
نظرت بالورقة ثم اتسعت ابتسامتها فوراً وهي تقول بسعادة وفخر حقيقي به…وكان شقاء السنين لم يمر هباءاً وها قد نجح أحمد وقريباً سيصبح
( المهندس/ احمد جمال) كما تمنت وكما أراد هو ووالدها رحمة الله……
“مبروك ياحبيبي….مبروك يابشمنهدس….”عانقته
سمر بحنان وهي تربت على ظهره بقوة وسعادة مفرطة……ربت على ظهرها هو أيضاً قائلاً….
“الله يبارك فيكي ياسوسو…… الحمدلله بفضل ربنا وجودك جمبي هدخل الكلية اللي كُنت بحلم بيها….”
“ربنا ينجحك كمان وكمان…….وتوصل لكل اللي نفسك فيه……”فصلت سمر العناق وهي تربت على وجنته بيدها الرقيقة….ثم فتحت حقيبتها واخرجت
منها ورقة بمئة جنية وقالت بحب…..
“خد حلاوة النجاح….انا عارفه انك تستحق اكتر
من كده بس…..”
اتجه احمد للمرآة ليمشط شعره وقال بامتناع…
“خلي فلوسك معاكي ياسمر… انا كلها يومين وهنزل اشتغل…”
رفعت حاجبها باستغراب….
“تشتغل……تشتغل فين؟…..”
رد بايجاز….
“في مطعم صغير فاتح جديد على قمة الشارع
بيعمل مشاوي…..”
قالت بتشكيك….
“وانت بتعرف تطبخ يعني…..ولا ناوي تروح تغسل مواعين…..”
رد بإختصار وبنبرة تحمل تخطيط مدروس….
“لا ده ولا ده هقف على الكاشير……وكرم كمان
هيبقى معايا…..هيشتغل نادل هناك يعني اهو اي حاجه لحد ما الأربع سنين دول يعدو….”
فغرت شفتيها بعدم تصديق وهي تحدج به
وتساءلت…..
“انت بتقول اي ياحمد انت ناوي تشتغل ايام الدراسة….”
رد بصوتٍ جاد مُصر….
“وليه لا مصاريف الجامعه هتبقى كتير تلخيص مادة كل دكتور بقد كده….. مصاريف المواصلات… كل يوم لبس جديد……. المصاريف هتبقى كتير عليكي وانتي منعتيني أشتغل من ساعة ما دخلت المدرسة خصوصاً في ثانوية….. دلوقتي معندكيش حجه ولا انا ليا حجه استنى اكتر من كده…. انا هخبط في اي حاجه لحد ماتخرج…… وكدا كده لو احتجت فلوس هاجي اطلب منك……”
تنهدت سمر بحنق منه يبدو انه قرر ويبلغها فقط ليكن عندها علم ليس إلا…. قالت بتحفز….
“وتفتكر انت هتعرف تشتغل وتدرس في نفس الوقت……”
شرح وجهت نظره وما سيفعله الفترة القادمة….
“متقلقيش ياسمر هعرف و هتعامل…. هحضر كل المحضرات في معادها وهظبط مع صاحب المطعم
هو معرفة يعني وجدع وعارف اني طالب في جامعة …..وكمان المطعم ده كذا وردية مش واحده يعني……… دا بيقفل الساعه خمسة الفجر… ”
“واضح انك قررت…..”
رد بايجاز…..
“سبيني براحتي…. انا مرتاح كده…..”
اشدت نبرتها وهي تقول بتحذير…..
حدثته بحنان به لمحة تحذير…
“وانا مش عايزه غير راحتك… بس لو حسيت
انك مقصر في دراستك ها…..”
“يلا ياسمر…..يلا ياحمد الأكل هيبرد ياولاد….”
صاحت والدتهم من الخارج بتافف ونفاذ صبر….
نظر أحمد لنافذة غرفته وهو يقول لاخته….
“نكمل كلام بعدين انا جعان…..”
اوامات له بابتسامة لم تلامس عينيها….
“ماشي ناكل الاول وبعدين نتكلم…. خد دي حلاوة
نجاحك…..”مدت له الورقة بمئة من جديد….
رفض بجدية وهو يبعد يدها..
“خليها معاكي مش عايز ياسمر…..”القتها على
الفراش وهي تقول…..
” انا خلاص طلعتها وخرجت بأسمك…. انسى اني ارجعها الشنطه…..ودي ملهاش دعوه بشغلك الجديد ياهندسة….. “فتحت باب الغرفة وهي تقول
“يلا أنجز………. عشان الاكل مايبردش…..”
“جاي وراكي أهوه……”نظر لنافذة غرفته لنقطة معينة وهو يرى الشرفة لا تزال مغلقة…..غمغم بحنق….
“روحتي فين……… ياكتلت التلج انتي كمان…..”
سمع صوت امه ينادي من جديد فخرج بسرعة
إليها…
_________________________________
“ماما انا هروح قعد مع مرات عمي شويه……” صاحت حبيبة وهي تفتح باب شقة والدها….
سمعت والدتها تهتف من المطبخ…..
“متتأخريش ياحبيبة ابوكي زمانه جاي…..”
“حاضر…. شويه وجايه….” فتحت حبيبة باب الشقة وهمت بالخروج….. سارت عدت خطوات معدودة بعد ان أغلقت…..كانت شقة عمها (راضي)مجاورة لهم
(الباب في الباب) كما يقال……
طرقت على الباب بقبضة يدها الصغيرة النحيفة….
فتحت لها زوجة عمها التي تهللت ملامحها بالسعادة
وهي تقول…..
“حبيبة تعالي ياحبيبتي وقفه ليه….عمك جوا…..”
دخلت حبيبة برفقة زوجة عمها لصالة الكبيرة لتجد إبراهيم يأكل هو ووالده على طاولة مستديرة
قصيرة تسمى بـ(طبلية)….
نظر لها عمها (راضي)رجل بشوش الوجه طيب السان
في اواخر الخمسينات ، قد مر الشيب على شعره
ولحيته فزاده وقار وكبرًا ، كبرًا مقامًا وسط جميع
من يعرفه سوى أهله او جيرانه …….قال راضي
بطيبة وحنان….
“تعالي ياحبيبة…انزلي كلي….حماتك بتحبك….”
إبتسمت حبيبة بلطف إليه لكن تلاشت ابتسامتها سريعاً بعد جملة زوجة عمها التي ربتت على كتفها بحنان الأم وقالت بعفوية….
“انا طول عمري بحبها ياراضي…..”
تنحنح إبراهيم وهو يمد يده ويأخذ كوب الماء ليرتشفه دفعة واحده لعله يبتلع به تلميحات أمه
الثقيلة إليه والى تلك الطفلة أمامه !…..
فهم راضي ابنه فغير الموضوع وقال….
“هتفضلي وقفه كتير ياحبيبة انزلي تعالي قعدي جمبي…..”
اتجهت والدت إبراهيم بجسدها الممتلاء بخفة وجلست بجوار زوجها لتعطي مساحة لحبيبة
كي تجلس بجوار ابنها……
“قعدي ياحبيبة جمب إبراهيم…..مكسوفه من إيه…”
بلعت حبيبة ريقها بصعوبة وهي تتوجه ناحية ابراهيم لتجلس بجواره…..
خرج نفس إبراهيم بصعوبة وقد اجتاحه الحنق من أفعال أمه….يبدو ان رأيه ليس له اية أهمية لديها
ولا تزال مصممة على زواجه من طفلة كما يراها…
فقط لأنها تحمل هواية موثقة (أبنة العم)….
رفع إبراهيم عيناه القاتمة على امه ليجدها تتابع
جلوسهم بجوار بعضهم بسعادة مبالغة….
“ليقين على بعض اوي ياراضي….” همست لزوجها بصوت خافت لكن للأسف لم يكن خافت لتلك الدرجة فقد سمعها ابراهيم وحبيبة ونظروا لبعضهم
بغرابة……
همست حبيبة بحرج لإبراهيم….

 

 

 

 

“هو في إيه يابيه…..”
اجابها ابراهيم بايجاز…
“ولا حآجه حاجات كبار ملكيش دعوة بيها انتي … المهم نجحتي….”
ردت بخفوت….
“لسه بكرة هشوف…. وهجيب النتيجة بالمرة…”
رد بمودة…..
“ربنا ينجحك ياحبيبتي……تحبي اجي معاكي… ”
هزت بنفي وهمست اليه…
“مش لازم انا هروح انا و واحده صاحبتي…. متتعبش نفسك يابيه هبقا اطمنك في التلفون….”
صاحت والدته بعفوية الأمهات….
“بسم آلله ماشاء الله…. آلله واكبر هتتحسد ياولاد ليقين على بعض اوي…..”
تبدلت حبيبة النظرات بحيرة مع إبراهيم
الذي أخبرها بعينيه
(ان لا تهتمي تلك طقوس امهاتنا )
تافف راضي وهو ينظر لها….
“وبعدين معاكي ياحاجه…….”
مطت زوجته شفتيها وقالت بتبرير…
“الله في اي ياراضي… مش لازم حبيبة تعرف ا….”
نهض ابراهيم بسرعة وقاطعها بخشونة ….
“الشاااي يام إبراهيم….. الشااااي….” اتجه للحمام لغسل يده وهو يتمتم بغضب من أمه وافعالها
معه…. وكان وضعه امام الأمر الواقع أفضل من إختيار حياته بنفسه كرجل راشد في منتصف الثلاثين…..
تابعته حبيبة وهو يبتعد عن المكان…. طويل القامة
ضخم البنية عريض الصدر والمنكبين….. وسيم وسامة حادة !…. به جانب همجي مهم تحدث
بلطف ومهم كان منمق في طريقته وهيئته يظل
به لمحة من الهمجية والحدة برغم من طيبة قلبه وشهامة أفعاله مع الجميع إلا ان (ابراهيم راضي)
يظل بعينيها… قاتل متسلسل…. قرصان أعور….
ذئب بشري…….هناك رهبة بداخلها كلما نظرت الى ملامحه الصارمة و…والوسيمة كذلك…كلما جلست بجواره ووجدت فرق الحجم الجسماني بينهم
هو كالوحش العملاق وهي كالعصفور المرتجف بجواره…..
لكنها لن تنكر انها تحبه كاخيها ولا تتمنى له إلا
كل خير وسعادة……
حملت الاطباق للمطبخ مع زوجة عمها وهي تشعر بالفضول لرؤية زوجة إبراهيم المستقبلية…كيف
ستكون؟….هل ستقع في حب هذا العملاق الضخم
وماذ ان احبته لأنه رجل عملاق وقوي…..
بعض الفتيات تعشق كتلة العضلات قبل حتى ان تتأمل الملامح وتتعايش مع الطباع….والبعض
الآخر يحب الرجل الكلاسيكي لا بأس بأن يكون
قوي ولديه جسد رياضي لكن بدون مبالغة كما
ترى تلك الفترة…
صحيح ان ابن عمها لم يسعى لان يكون هكذا إلا ان هناك فتيان لديهم هوس بالممثلين الأجانب والمصارعين كذلك سوى بالجسد او بقصات
الشعر الغريبة….
آآه كم تكره تلك الاشياء كم تعشق النوع الكلاسيكي
وتفضله….. شخصاً كذلك الأحمق الذي كان يريد رقم هاتفها…….
إبتسمت عند تذكره….. يبدو انه واثق من موافقتها على طلبه لذلك كان يشير إليها بمنتهى الصلف….
لو اخبرت إبراهيم الآن لكان ذهب وكسر عظامه وانفه الكبير المرفوع للاعلى وكأنه يمتلك الحي
بما فيه…….أبله !……
لن تفعل…..لا تريد مشاكل……فأبن عمها لن يرحمه
ان علم !……..وفي نهاية هي لا تحب المشاكل….
جلست على الاريكة بجوار عمها راضي الذي سألها
بحنان….
“قوليلي ياحبيبة راحه سنة كام في المدرسة….”
توسعت ابتسامة حبيبة وهي تنظر لعمها….
“انا في ثانوية ياعمي…. راحه تالته ثانوية…. ادعيلي
ربنا يقويني على اللي جاي…..”
عبث إبراهيم في هاتفه بملل وهو يجلس على احد المقاعد…..
قال راضي بهدوء….
“بقولك يابراهيم……. في واحد معرفة طلب مني اني اشوفله شقه كده إيجار……” صمت راضي بحرج…
أنتبه له إبراهيم وقال….
“وانا اي دخلي ياحاج في موضوع الشقق ده انا مش سمسار انا سواق ولا ناسي…..”
“مش ناسي بس يعني انا بقول… لو يسكنه في شقتك لحد ما تكمل تشطبها اهوه يفتحلك دخل….”
اتت عليهم والدته وقالت بترحيب للفكرة….
“اما فكره ياواد يابراهيم إزاي مجش في بالنا حاجة زي دي… اهوه الفلوس اللي تطلع كل شهر اعملك بيها
جمعية اول متاخد فلوسها تجيب الخشب
وتظبط شوية الحاجات اللي نقص الشقة…”
رد إبراهيم بعدم اقتناع….
“ملوش لزمه يام إبراهيم….مستوره والحمدلله…
وانا مش محتاج الفلوس دي….”نظر لوالده وتابع…
“وبصراحه ياحاج انا مش عايز حد يدخل الشقه
دي غيري انا وبنت الحلال اللي هتكون من
نصيبي……”
نظر له راضي وقال بهدوء…
“انتَ حُر يابني…دي شقتك وانتَ حر فيها….انا قولت ازق معاك….يمكن مأجل الجواز عشان الفلوس ولا حاجة…”
رد عليه إبراهيم بخفوت….
“انا مش مأجل ولا حاجة انا لسه بس ملقتش اللي بدور عليها…..”
قالت والدته باستهجان…
“هو انتَ بدور اصلا يابراهيم يابني….”
زفر ابراهيم وهو يجيبها باختصار…
“مش لازم ادور يام إبراهيم……النصيب لما بيجي مبيستناش ولا اي ياحاج…..”رمق والده يطلب
منه اتدخل في الأمر ولو قليلاً…
هز والده راسه وهو يقول بهدوء…
“عندك حق…….بس انا وامك نفسنا نفرح بيك انت عديت التلاتين يابراهيم و……من حقنا نشيل عيالك
زي ماشلنا عيال اخواتك…… ”
نظر له ابراهيم وغير الحوار ببراعة….
“هتفرح وتشيلهم وتجوزهم كمان يابركة….”
ضحك راضي وقال بوهن….
“ياااه يامين ياعيش يابني…..”
ترقرقت اعين والدته وهي تقول لزوجها بلهفة…
“ربنا يديك طولة العمر ياراضي ويخليك لينا….”
ابتسم لها راضي بحنان وحب….
“ويخليكي ليا ياحاجه……….وتفضلي دايما جمبي…”
نظرت حبيبة لإبراهيم وقالت بمزاح….
“واضح اننا مش موجودين يابيه….”
ابتسم إبراهيم وهو يحرك حاجبيه بتأكيد…
______________________________________
في الصباح ارتدى ملابسه ووقف امام المرآة يزرار
قميصة الكحلي…..دخلت والدته وهي تقول بحنان…
“يلا يابراهيم أبوك مستنيك على الفطار….”
أومأ لها إبراهيم وهو يقول….
“ماشي يأمي جاي….. بقولك ياحاجه انا احتمال ارجع متأخر النهاردة بلاش تستنيني…. ”
سألته والدته…
“لي ياحبيبي مسافر النهاردة….”
مشط شعره امام المرآة وهو يقول لها….
“آآه هسافر المينا….هطلع على الشركة نحمل البضاعه على التريله وخدها وسافر….”
قالت والدته بقلق وتحذير إليه….
“ربنا يقويكي…خد بالك من نفسك يابراهيم…السكه ياضنايا…..”
مالى عليها إبراهيم وقبلى قمة راسها ويدها
أيضاً وهو يقول….
“سلميها لله يام إبراهيم……….. ودعيلي…..”

 

 

 

 

قالت باعين تترقرق عاطفة الامومة….
“دعيالك ياحبيبي………دعيالك من كل قلبي….”
في شركة الشحن والتفريغ للمعدات الثقيلة….
وكافة أنواع البضائع…(البضائع العامة-أجهزة
كهربائية -امتعة الركاب-البضائع السائلة – المعبأه – والخ…..)…تكن بالمخازن والمستودعات ويتم نقلها في شاحنات كبيرة ضخمة لسفر للميناء مباشرةً لباخرة النقل البحري….او العكس يتم تفريغ الحمولة من الباخرة ثم تنقل للشاحنات الكبيرة لنقلها للشركة ليتم توزعها على أصحابها !……..
مضى إبراهيم على الأوراق وهو يقول لمدير تلك الشركة……
“كده محتاج حد معايا عشان الأوراق والذي منه…”
رد المدير بعملية…
“عبود هيطلع معاك وهو هيهتم بكل حاجة….بس يابراهيم براحه وانت سايق السكه طويلة…”
رفع إبراهيم حاجبه بأستغراب من تلك التوصيات المبالغ فيها….
“هي اول مره ولا اي ياحسين بيه….انا بقالي فوق الخمستاشر سنة معاك هنا……”
ابتسم حسين ببشاشة وقال بتوضيح….
“عارف يابراهيم وانت اهل ثقه وبتراعي ضميرك
في شغلك ومش اول مره تطلع ببضاعة زي دي
بس معلشي الشغل شغل ولازم اوصيك….”
هز إبراهيم رأسه بتفهم وقال…
“عندك حق…….. سبها على ربنا ودعيلنا نوصل بسلامة…..”
“ان شاء الله توصله بسلامة وانا هبقى على اتصال بعبود…..”
دخل في تلك الأوقات رجل في منتصف الثلاثينات
اصلع الرأس ممتلاء الجسد قصير القامة يرتدي حلة رسمية بسيطة الشكل وطراز ……
نظر المدير اليه وعقب…
“اهوه عبود جه……ها ياعبود كل تمام البضاعة اتحملت……”
أجابه عبود بعد ان سلم على إبراهيم….
“كل تمام ياحسين بيه….احنا جاهزين…..يلا بينا يابراهيم ولا إيه…..”نظر عبود لإبراهيم الذي
أومأ براسة وهو يرافقه للخارج……
صعد إبراهيم الشاحنة الكبيرة الضخمة وبجواره عبود الذي فتح ورقة به شطائر جاهزه ساخنة
عزم عليه عبود …
“تفطر يابراهيم قبل ماتطلع….”
أجابه وهو يدير محرك الشاحنة الكبيرة….
“لا بالهنا والشفا…. انا فطرت مع الحاج والحاجه
في البيت……”
رد صديقه بحسرة…
“يابختك ياسيدي انا بعد ماسبت بيت امي واتجوزت وانا نسيت وجبة الفطار دي…..وكل ما تكلم تقولي البيت والعيال والدروس والهم….. ”
تابعه إبراهيم وهو ياكل بشرهه وسأم كذلك
سأله بحيرة بعد الشكاوي الزوجية الذي لا
يمل رفيقة من سردها عليه…..
“هو الجواز وحش لدرجادي ياعبود…..”
هتف والاكل يملئ فمه….
“زي الزفت اوعى تجوز يابراهيم….. انت كده عايش ملك….”
كبح إبراهيم ضحكته وهو ينظر
له وعلق….
“لدرجادي ياعبود….”
وضع عبود قطعة من المخلل بفمه وقال بسخط….
“واكتر……… بصيلي كويس وانت تعرف….”
نظر ابراهيم له نظرة شاملة ثم ابتسم وهو يهز رأسه
لينطلق بسيارة بعدها بدون ان يتفوه بحرف آخر…..
لطالما كان التفائل بالحياة يأتي على هيئة رجل مستاءاً فيجعلك تتفائل بقوة لدرجة تكره شخصك
وشخصه وتفائل بالحياة على العموم !…..وكان الله
مع الصابرين بعدها ؟!….
_____________________________________
ارتدت سمر الزي الرسمي لمكان العمل الـ
(بيوتي سنتر)
ارتدت القفازات البيضاء وهي تتجه للزبونة الثرية
التي تجلس على المقعد بانتظرها.. لبدأ عمل
أحد صبغات الشعر باللون مختار منها على شعرها القصير…..
اراحت السيدة رأسها قليلاً على المقعد لتبدأ سمر بعملها…..
قالت السيدة بتعالي….

 

 

 

 

“عايزه الصبغة نفس اللون اللي اتفقنا عليه ياسمر ونفس الدرجة انتي عرفه انا عندي حفلة بليل وعايزه اخطف الانظار….”
“انتي خطفه الانظار من غير حاجة ياهانم…ومع ذلك هتشوفي لون شعرك وتنبهري باذن آلله….”نظرت سمر لي السيدة عبر المرآة واكملت بمجاملة….
“وبصراحة ماشاءالله عليكي بشرتك هيليق عليها اللون اوي……تحبي اعملك كيرلي….”
“كيرلي…..” نظرت السيدة لشعرها في المرآة وهي تفكر بجدية وقد بدات تمرر يدها على شعرها المنساب بحرية……
“فكرة برضو هيبقا لايق على لون شعري الجديد وهيبقا تغيير…..”نظرت لصديقتها التي تكوي
شعرها بجوارها….
“ولا انتي اي رأيك ياروما….”
اجابتها صديقتها باستحسان للفكرة…
“فعلاً هتبقى حلوه…….واو متحمسة اشوفك اوي بالوك الجديد يارودي…….هتلفتي انظار كل اللي بالحفلة وهايدي هتموت من الغيرة…”
ضحكت رودي بصلف….
“امال ياروما……. دا هتبقا الحفلة على حساها….”
ضحكت رفيقتها وقالت بغرور وحقد….
“هموت وشوف شكلها وغيرتها منك لم تشوفك باللوك الجديد….صحيح ياسمر خلصي مع رودي وتعالي اعمليلي تسريحة الشعر اللي عملتيها
لريماس عزام فكراها طبعاً…..”
اومات لها سمر وهي تقول بايجاب….
“ايوا طبعاً فكراها….هخلص لرودي هانم وهاجي اعملهالك من عنيا…. ”
اجابتها السيدة بهدوء….
“ماشي ياسمر……..هستناكي على ما عفاف تفرد شعري……”
بدأت سمر بالعمل وهي تستمع للاحاديث التي تحكى
امامها منهم عن حياتهم ومشاكلهم التي كانت
تدعي في سرها ان تكتب عليها من شدة سخاء اموالها !….
فعلاً انهم أشخاص تافهين لا يشعرون بميزة ما بين أيديهم…. كما ان المال كالتراب معهم يلقى في اي
مكان ليس له اهمية وحين يأتي القاءه في المكان المناسب يديرون وجوههم وكأنهم لا يرون المحتاجين ؟!…..
ليس كلهم سيئين السمعة وطماعين النفس ولكن الأغلبية يملئ قلوبهم الجشع ولا ينظرون لمن تحت الأقدام يدعس…..بمجرد نظرة وحكاية عن مدى الرفاهية التي يحيون بها……
حكايات تجعل المستمع يكره حياته ويلعن الفقر بل ويتمنى العيش في تلك الحياة لو لأيام معدودة قبل موته ؟!
تنهدت سمر باحباط وهي تتابع عملها بصمت
العمل الذي في ارقى وافخم مكان وقفت به
طوال حياتها….
سمر…
(لطالما كانت أغلب الأماني معلقه على (حياة مرفهة) وانا كُنت ممن يتمنون تلك الحياة…. تمني غريب اشبه بالهوس وليس ذنبي وانا اعيش معظم ساعات يومي بقلب تلك الحياة ، الرائحة الجميلة المحملة بعطور فخمة تتسلل لانفي ببطء ، عيني لا ترى إلا كل ماهو باهظ وفخماً وراقي ! لدرجة تشعرك بتناقض مابين المكان ووجدك به…
ليس ذنبي ان أبغض حياتي ومن أكون….وليس ذنبي ان اعيش بداخل (حياة مرفهة)ولا اكون جزءاً
منها، اشبه الوصف بتلفاز يمكن مشاهدة مايعرض عليه لكن لا يجوز اختراقه فمن فعل ذلك مختال ولن يجني من فعلته إلا الغباء وسخرية الألسنة !…..
لذلك اشاهد ولا أقترب لان قدرتي محدوده.. محدوده جداً فقط المشاهدة بصمت ! ….)
بعد فترة طويلة خرجت السيدتان بهيئةٍ اخرى جذابة غير التي دخلوا بها وعلى وجوههم علامات الرضا
نظرت سمر بسعادة للإكراميات التي حصلت عليها بعد تصفيف شعر كلا منهم….. رائع……….جيد !….
العودة للعمل…… العودة للروتين المعتاد.. مابين شعر تلك…. وتقليم اظافر تلك….. لظهر تلك ، ومساج
آخر لتلك…….. وقد ينتهي بعدها اليوم منهمكة الجسد والعقل……
______________________________________
بعد عدت أيام…..كان يقف احمد هو وصديقة في الحي المكاث به حديثاً……
ضحك كرم بسماجة وهو يقول بتشفي….
“اول مره اشوف واحده بتحلق لأحمد جمال…يالهووي على الكسفه….كان نفسي اشوفها وهي بتقفل في وشك شيش البلكونه يالهوي على المتعه ياجدعان…….”
عض احمد على شفتيه بغيظ وهو يقول….
“هو انا بحكيلك عشان تروشن عليا…. هي دي الصحوبيه…..”
صاح كرم بجدية امام وجهه…
“هي دي الصحوبية…. ياشيخ اتقي الله وارحم نفسك انت عندك اخت وام……… بنات الناس مش لعبه…”
برم احمد شفتيه بسخط وقال باستنكار…
“شوف مين بيتكلم…. طب ماتجيب رقم الباسورد بتاعك وتخليني اشوف الشعارات الدينية ياعم الشيخ…..”
توترت ملامح كرم وهو يقول باقتضاب…
“يسلام… طب ماتجيب انتَ الباسورد بتاعك
الأول…”
اجابه احمد ببساطة وقحة وهو يغمز له…..
“لا طبعاً مينفعش دا عليه حاجات للكبار فقط…”
امتقع وجه كرم وعقب وهو يبرم وجهه لناحية الأخرى….
“بجح….. وصايع……. صُحبة السوء… ربنا يتوب
عليا منك ياجدع….”
“مش هيتوب…. مانت ماشي على نفس النهج…” لمح أحمد تلك الفتاة التي رآها من الشرفة المقابلة لنافذة غرفته……
“مش معقول كتلة التلج…..”
“كتلة التلج؟….”ردد كرم الجملة وهو ينظر لتلك الفتاة الجميلة الحسناء ، بيضاء بطريقة تغيظ من ينظر لها…. نحيفة لدرجة انه استشعر الشفقة حين لمحها هكذآ…ساله كرم بأستغراب….
“لي بتقول عليها كتلة تلج…دي قمر…..”
رد بغيظ…
“عارف بس بياضها يغيظ…..زي تلج كده يجمد الواحد مسافة مايشوفها….. ”
“آآه بس حلوه……هي دي صح؟….”نظر لرفيقة وسأله
انتزع أحمد عينيه نزعاً وهو ينظر لرفيقه باصرار مشع ….
“ااه هي…..هي دي اللي مش هرتاح غير لم اخد رقمها
وحفظه جمب ارقام الحبايب….”
“انسى ياحمد دي شكلها بنت محترمة وملهاش في كلام ده……”قالها كرم وهو يعود مجدداً بعيناه إليها..
برم احمد شفتيه بثقة وعنجهة ذكورية…
“قبلت من النوعيات دي كتير….وبرضو باخد رقمها
ولم بزهق بقلبها بمزاجي…..”
هز كرم رأسه مُستاءاً وعلق….
“ولله الثقه الزايدة دي هي اللي هتجيبك الأرض….”
استقام احمد في وقفته وهو يهندم عنق قميصه الأحمر وقال بخبث…”بص واتعلم……”
مسكه كرم بقلق وهو يقول بارتياب….
“احمد بلاش….احنا وسط ناس انت اتجننت…”
“مالك يالاا…..هو انت شايفني رايح اخطفها….متبقاش غشيم…….شوف وتعلم…..”
غمز لرفيقه بغرور وهو يبعد يده عنه بالقوة…..
اتجه أحمد نحو حبيبة التي وقفت عند احد البائعين
وبدأت بانتقاء احد الفواكه الطازجة كما اوصتها والدتها……
مسكت حبيبة ثمرة المانجا تطلع عليها بهدوء قبل ان تضعها في الكيس لتاخذ غيرها شعرت بمن وقف بجوارها عن مسافة بينهم وقال بعبث ذكوري….
“بموت في المانجا…..”
احتدت ملامح حبيبة وتوسعت عينيها بصدمة وبرغم
من رجفت الخوف التي انتابتها خوفاً ورعباً من ان يكون احد المتحرشين الشاربين للممنوعات والمشهورين بالهمجية والبلطجه في تلك الحارة !…
لكن من يجرؤ على فعلها……فهي ابنة حامد علوان…وابنة عم إبراهيم راضي علوان…أوف اسم ابراهيم وحده يجعلهم يرتجفون بل ويضعون الف حساب قبل ان يرفع احدهم عيناه عليها او على شرفة غرفتها…
فهي خط احمر هي وشقيقات إبراهيم منذ زمن
فتلك الحارة أيام جدها كانت صحراء لا يسكنها إلا
اسرتين او ثلاثة غيرهم فلذلك لهم مكانه بها والكل يحترمهم وهم كبار هذا الحي….كبار بسمعة الطيبة
والسيرة المشرفة……..والأخلاق…… والشهامة….
من ذلك الابلة الذي يجرؤ الآن بمضايقتها وتحرش

 

 

 

 

الفظيّ بها……
رفعت عينيها أخيراً إليه لتجد أحمد يتابع بعينيه الخبيثة بعد غمزة شقية….
“حلو اوي المانجا بالعصير……مش كده
يا آنسه ا…”عض على شفتيه وهو يقول بأسى
بريء…
“صحيح انا معرفتش أسمك….”
لم ترد عليه بل امتقع وجهها بغضب وهي تضع ثمارة
المانجا مكانها بعد ان اخرجتها من الكيس…..ابتعدت عنه قليلاً بحنق واتجهت لتشتري فراولة لعلها تصعد لامها باي شيء حتى لا تعود فارغة الأيدي وتبدأ عليها بوابل الاسئلة الفضولية من أمها…….
ابتسم أحمد بسماجة وهو يتابع بعيناه أحمرار وجنتيها غضبٍ وارتباك منه كذلك…لم يجفل وهو يقول بمداعبة واغواء…..
“بصراحة خدودك احمرت شبه الفراولة اللي بتنقيها….بس بصراحة هي احلى من الفراولة….حرام نقارن بينهم برضو….. ايش جاب الشهد للفراولة… ”
اشاحت وجهها للناحية الاخرى وهي تكظم غيظها بصعوبة وبدات تسرع في انتقاء الفراولة حتى تبتعد عن هذا السمج …… الوسيم بانحراف….. قابل
لضياع شتاتها اكثر من السابق……فهي من يوم ان رأته من نافذة بيته وهو يقتحم عقلها كالصوص
كلما اختليت بنفسها بعيداً عن الجميع…….
زفرت بحنق…. احمق ابله… والله أبله وسيوقع نفسه في المشاكل وهي معه الأحمق لا يرى انهم يقفون في قلب حي شعبي يضج بالبشر…. الله يسامح المعتوه
ويصبرها لحين رحيلها من أمامه……
بلعت ريقها بصعوبة وهي تسمعه يتابع بهمس
خبيث وكانه يشغل يده بالعبث في الفاكهة امامه…..
“انا اشطر واحد يحفظ……… وبذات الارقام….”
لم ترد عليه بل اعطت البائع كيس الفراولة لوزن
إياها بمنتهى الصمت وكان لا احد يتكلم بجوارها……
اشتدت ملامح احمد بضيق واتون يحرق صدره من تجاهل حواء إليه… حواء صغيرة لا تحمل الكثير
من الأنوثة لكل هذ الصلف الواضح عليها… لكن
(ملكة الثلج) تلك بها شيء يجذبه ربما ثقلها
امامه…..او اتزان تصرفتها أمامه حتى بعد كل
ماقاله إليها……. متزنة هادئه…. برغم ان عينيها المرتابة ويدها المرتجفة تحكي عكس ماتريد
ان توصله إليه !….
خرج احمد عن قوقعة المغازلة الرخيصة وقال
ببرود وبصوتٍ عالٍ نصبياً قبل ان ترحل من
المكان…..
“هو احنا هنفضل في الفيلم الصامت ده كتير هو انتي خرسة ولا إيه…… مش هسمع صوتك يعني”
“وانت عايز تسمع صوتها ليه…”
قصف صوتٍ حاداً من خلف احمد وحبيبة…استدارت حبيبة برعب حقيقي وهي تنظر الى إبراهيم الواقف امامها بصلابة وبضخامة جسده وهمجية هيئتة التي دوماً ترتاب منها… قالت حبيبة بعد ثواني معدودة بتردد وبصوتٍ ناعم رقيق رقة تذيب الثلج
الذي وصفه بها الابلة الذي استدار يتابع الموقف ببرود وكانه لا يتأهب من هيئة ابراهيم المتوحشة
بل وكان الأمر برمته لا يعنيه وكانه لم يضايقها منذ قليل ويتحرش بها لفظياً …..
“ابيه انا……”
اشار لها ابراهيم بخفوت شرس وعيناه لا تبرح عينا أحمد الواقف بصمت يتابع….
“اطلعي على فوق………دلوقتي….”
قالت بنفس النبرة التي باتت لحن جذاب
راق أذان احمد !…….
“ابيه بس انا كُنت عايزا اقولك انـ…..”
اثارة غيظه فلفظ اسمها بشدة وكرر أمره…..
“حبيبة…………..على فوق…..”
(حبيبة!….لم ينقصنا إلا هذا الإسم)قالها أحمد داخله بعد ان اختفت ملكة الثلج….ذات الأبيض الامع عن مرمى عيناه الباردة….
اقترب منه ابراهيم بغضب وهو يمسك عنق قميصة بدون مقدمات وقصف بعنف امام وجهه….
“عايز تسمع صوتها ليه…وانت مين أصلا عشان تكلمك……وبعدين انت شكلك غريب عن الحارة انت مين يالا وعايز إيه منها…..”
صاح احمد بفظاظة….
“وانت مين أصلا ومسكني كدا ليه….”
هزه ابراهيم بخفة بين يداه وهو يقول بهدوء يسبق العاصفة…..
“اي البجاحه دي……ابن عمها يابجح….انت بقه مين وعايز منها إيه…..”
بلع احمد ريقه بخوف وتلعثم وهو يجيب
بكذب…..
“هكون عايز منها إيه…….هو انا كلمتها أصلا…..”
هزه ابراهيم بعنف واحتدت نبرة صوته بشراسة…
“يعني هتكدب عيني اللي شفتك….. ووداني اللي سمعتك……متخليك راجل وقولي عايز منها إيه….”
صاح احمد بشجاعة مفرطة بعد ان لمح طيفها
في شرفة غرفتها تتابع مايحدث بقلق على ابن
عمها وخوف من الفضائح القادمة بعد ان يعلم
والديها……
“انا راجل غصب عنك…..سيب القميص…. ”
بدأت المارة التجمع حولهم وقد لاحظ الجميع
الشجار القادم……صاح ابراهيم امام الجميع
بخشونة حادة متوحشة بعد الشيء……
“راجل؟….فين الرجولة دي وانت داير تعاكس وتضايق بنات الناس….. لا واول ماتقفشت
واقف قدامي شبه الكتكوت المبلول….لا وبتنكر انك كلمتها……شغل عيال…… وعيال صيع كمان لا تربت
ولا شافت تربية….انت مين يالا….وبيتك فين بظبط
لو ليك اهل يبقا ليا حق عندهم وهاخده ولو ملكش كبير يبقى هاخد حقي منك بدراعي ….”
صاح احمد بتهكم وهو ينزع يد ابراهيم بعنف
امام جميع الأعين المحيطة بهم….
“لا انا مليش اهل ياخفيف…..اللي عندك اعمله انا قدامك اهوه…..”
هدر ابراهيم بقوة اجفلت احمد….
“مع انك مفكش خبطة…بس دا ميمنعش انك
عايز تتربى بس برضو دا مش معناه اني مش هشتكي للكبير عليك دا لو ليك كبير يترد عليه أصلا….”لكمة إبراهيم بوجهه وركله
بين ساقيه ليزيد اضعاف الامه لعله يفهم هذا
المعتوة فرق الحجم بينهم والقوة…..

 

 

 

 

ليست من طباع ابراهيم التطاول على احد بضرب وبذات ان كان اضعف منه جسدياً لكن هذا الغبي استفزه بشجاعته المفرطة والتي لم تسعفه الان
بسد لو لكمة بسيطة نحوه دفاعاً عن نفسه…..
عضت حبيبة على شفتيها وهي ترى هذا المشهد امامها.. وقد استشعر قلبها الرقيق الشفقة والحزن على هذا المتحرش الأحمق !….قد وقع بين براثن شراسة وهمجية إبراهيم راضي علوان
ومن اين سياتي الخلاص الان ياترى……. سيموت الصبي حتماً بين يداه……
همست بخوف ورعب حقيقي وهي تنظر لسماء ….
” يارب استرها….. يارب….. استرها…. ”
كانت سمر ستدخل المبنى التي تقطن به لكنها سمعت
شجار حاد يختفي خلف دائرة كبيرة من البشر… عقدت حاجبيها بقلق ووقع قلبها في قدميها ولم
ياتي في ذهنها إلا شقيقها (احمد)
بلعت ريقها وهي تتجه الى الشجار بقلب يرتجف
قلقاً…….
صاحت سيدة بالنجدة وهي جارتها في السكن الحديث تعرفها وتعرف اخيها جيداً…..
“الحقي ياسمر اخوكي هيموت على ايد إبراهيم راضي…..الحقي اخـ….”
لم تستمع للمزيد ركضت بشراسة عشر رجال وسط الزحام…..انتبهت لاخيها الملقي على الارض وانفه تنساب منها الدماء وكرم رفيقه بجواره يبعده عن بطش يد هذا الضخم الشرس والتي لم ترى منه الى ظهره…….
سمعت احمد يلفظ عدت شتائم نابية عن إبراهيم
فجعلت ابراهيم يتحول لذئب بانياب مسننه وقد مالى لينال من اخيها مرة اخرى ربما الأخيرة فالقادم لا يبشر بالخير منه……… تحركت سمر بسرعة
واوقفت إياه بكلتا يداها التي تصلبت بشراسة
على ذراعيه القوية تمنع بقوة اي هجوم اخر على اخيها الذي طرح أرضا من كثرة الضرب وبسبب هي لا تعرفه بعد…..صاحت بشراسة….
“ايدك لحسان اقطعهالك…..متضرب حد قدك يابغل انتَ…….ايه بتستعرض عضلاتك على عيل صغير.. ”
انتبه ابراهيم لتلك الشابة المتشبثة بذراعيه بمخالب
حادة كالقطة بل وتهين اياه وتنظر له بشراسة وعنف وكانها قادرة على حماية هذا الوقح عديمة التربية بعد اساءته له والى ابنة عمه….ضايق ابنة عمه……وتبجح به حين تكلم معه بمنتهى الهدوء……ومنذ دقيقة انزل عليه بوابل من الشتائم
القذرة تمس امه وابيه……والآن تاتي تلك الغبية
وتكمل حلقة الإهانة إليه امام الجميع ……من هي ومن هو؟……. وهل تلك الوجوه الجديدة عليه
اقارب…….. لان نفس جينات قذراة السان مشتركة بينهم !….
سالها ابراهيم بوجه قاتم صلب الملامح….
“انتي مين ……”
نظرت له بسواديتين عينيها الصريحتان والوقتحان كذلك وببرود هتفت…
“سمر يعنيه…………أخته…..”اشارت الى أحمد وهي تنظر له بتحدي سافر من انثى لا تهاب شيءٍ….

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى