رواية غمرة عشقك الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم دهب عطية
رواية غمرة عشقك الجزء الثاني والثلاثون
رواية غمرة عشقك البارت الثاني والثلاثون
رواية غمرة عشقك الحلقة الثانية والثلاثون
افرغت ما بمعدتها بقوة ووجع….الطعام لا يظل بمعدتها….منذ فترة وهي تعاني من الم المعدة التقيأ
الارق والنوم الكثير والاجهاد الدائم……….
لا تتحمل شيءٍ والاكتئاب يزيد اكثر عليها… وهو غافل عن ما تعانيه… حتى هي لم تحكي عن تعبها
حتى لا يشفق عليها ويظل جوارها او يأجل قرار
الطلاق حتى تتحسن……
اخفت تلك الاعراض عنه وكانت غرفتها في تلك الأيام ماوى وملاذ لها هروباً منه واخفاء
لتعبها……
فتح زجاجة الماء وصب القليل على يده وثم مسح وجهها بها وهو يقول بصوتٍ زال منه الجمود وبات القلق في المرتبة الاولى….
“انتي كويسه ياحنين………بترجعي ليه معدتك وجعاكي…..تعالي نروح المستشفى……”
قالت بايجاز…..
“لا انا كويسه…. شكراً…….”
اصر وهو ينظر لوجهها الشاحب….
“اسمعي الكلام يلا بينا هنعمل تحليل ونطمن…دي تاني مرة تحصل…….”
المرة الثانية !!!…….في الحقيقة تلك المرة التي لا تعرف عددها من كثرة تكرارها !….
لوت شفتيها ببسمة ساخرة التقطت عيناه
تلك الابتسامة المجهدة فسال باستغراب…..
“بتضحكي على اي ياحنين ….هو انا بقول نكتة…”
نظر لوجهها قليلاً ثم قال بشك…..
“انتي رجعتي قبل كده…..ردي عليا ياحنين…انتي تعبانه وكنتي مخبيه عليا الفترة اللي فاتت دي….”
كانت ستتفوه بشيءٍ لكنها توقفت حينما لمحت آية
قادمة عليهما بعد ان ابصرتهما يقفون بهذا الشكل الملفت وكان يبدوا عليها التعب مما جعل اية
تسأل تلقائياً……
“مالك ياحنين….انتي تعبانه……وشك لونه مخطوف……..انتي كويسة….”
اومات لها وهي تتقدم منها وتبتسم بصعوبة….فكانت الابتسامة في تلك اللحظة مجهود اكبر من تحملها…
“انا كويسة انتي عاملة إيه…….الف مبروك…..”
عانقتها آية بحرارة…ثم فصلت العناق قائلة….
“الله يبارك فيكي….بس حقيقي انتي شكلك تعبانه…. اكلم الدكتور ييجي يكشف عليكي….”
قالت حنين بفتور….
“متكبروش الموضوع انا كويسة……”ثم ادعت
المرح وهي تقول…..
“انا عايزة اشوف فستان الفرح دلوقتي…….”
مسكت آية ذراعها بحفاوة وهي تقول بجذل…
“فوق……..تعالي اورهولك……وبالمرة تشوفي علي سألني كذا مرة عليكي تصوري…نين… نين….مشوه اسمك…”
ابتسمت حنين مجاملة….
“دا كده بقا احلى بكتير……”
استدارت تعطي ظهرها لعز الدين متقدمه هي واية للامام…….نادى عليها عز الدين بهدوء…..
“حنين…….”
خفق قلبها بقوة ووجع وهي تقف مكانها ثم تستدير اليه ناظرة له بصمت تام….تبادلا للحظات النظرات امام عينا آية الواثقة ان هناك خلاف كبير بينهما
لهذا حنين ابتعدت تلك الفترة عن البيت……
وعن اخيها……قال بصوت متهدج……
“لازم تروحي تكشفي…. عشان اطمن عليكي…..”
قالت بنبرة باهته…..
“مش مستاهلة……”
“لا مستاهلة…….” قالها وعيناه تناظرا لها بقوة…..
جعلتها تقول بفتور….هروباً من الالحاح……
“خليها يوم تاني…. انا جايه تعبانه ومحتاجه انام….”
أدارت وجهها وتابعت السير جوار اية….
شعر بالقلق اكثر… فهي لا تتوقف عن النوم طوال تلك الايام…. انها تنام اكثر من اثنى عشر ساعة في اليوم ومع ذلك لا تكتفي…….
…………………………………………………………..
ابتسمت حنين بفرح وهي تلامس قماش ثوب
الزفاف الناعم برقة…..
“جميل اوي يا آية……انا واثقه ان هيبقى حلو
اوي عليكي…….”
ابتسمت آية وهي تتأمل الثوب…..
“خالد اول ما شافه قال انه كانه اتعمل عشاني…انا اول ما شفته قولت هو ده……”
قالت حنين بمودة….
“ربنا يسعدك يا اية…..انتي تستهلي كل خير……”
قالت اية بمحبة….
“وانتي كمان ياحنين…..تستهلي كل خير……”ثم اقتربت منها اية ووقفت امامها وسالتها بصوتها الاذاعي الناعم….وتلك المرة كان دافئ جداً
وهي تسالها برفق..
“قوليلي ياحنين…….. هو انتي زعلانه انتي وعز……..متخبيش عليا باين انكم زعلانين……”
لوت شفتيها بابتسامة متجهمة……
“باين اوي كده…..”
لم تعقب اية على ابتسامتها تلك بل أكدت….
“جداً شكلك وشكله متغير……النكد مرسوم على وشوشكم……احكيلي يمكن اقدر اظبط الدنيا بينكم…….”
قالت حنين بفتور…..
“لا مش مستاهلة دا كله….الموضوع بسيط وهيتحل ان شاءلله…ركزي انتي بس في فرحك وترتيبات دي
وانا وعز تمام…..يعني كل حاجة تمام بينا متقلقيش……”
نظرت اية اليها بشك اكبر…. ثم سائلة…..
“حنين……..انتي بتكدبي عليا…..”
قالت حنين هاكمة….
“مش مستاهله اكدب الموضوع انتهى…..”
رفعت آية حاجبها ونظرت اليها بصدمة…فحاولت اصلاح ما قالته بـ…..
“قصدي ان اتحل ومفيش اي حاجة تستاهل قلقك
احنا مع بعض وهنفضل كده……”
وضعت آية يدها على كتف حنين وقالت
بتمني……
“ياريت ياحنين…..انتي متعرفيش عز بيحبك قد إيه…….”
اتى صوتها الاذع بسخرية…..
“باين يا اية………….باين اوي……”
رفعت آية مجدداً حاجبها وسحبت يدها عن كتف حنين…..بينما حنين لعقت شفتيها بتردد وهي
تقول سريعاً…..
“انا هدخل اغير هدومي وبعدين اجي قعد معاكي….”
دخل في تلك الاوقات علي مع المربية… وصاح
وهو يدفع جسده نحو احضان حنين متمتماً
“نين……… نين……”
قالت حنين ببراءة وفرحة اخرجها الصغير من
كومة الاحزان عند نداءة اللطيف……
“قلبي…. عامل اي ياعلوش….. اي الجمال ده…” دغدغته بيدها فضحك الصغير بقوة وهو يحاول
جذبها من خصلات شعرها بشقاوة…..
ابتسمت آية وهي تراقبها تلاعب الصغير في وقفتها
بانسجام ومحبة… ومشاغبة بسيطه…. ربما هي هادئه
بطبعها ليست شقية ومشاغبة لكنها تحاول جاهداً
ان تصل لتلك الصفة كي تراضي الصغير الذي وقع
في حبها لأجل سكونها وسلامها مع الآخرين…
شعرت آية بان حنين ليست على مرام… وكانها ستفقد توازنها الان….. مسكت اية سريعاً ذراع
حنين تدعم وقوفها…. وبالاخرى سندت ابنها كي
لا يقع من يد حنين……. هتفت آية بهلع…
“حنين…. انتي كويسة……”
فتحت حنين عينيها بصعوبة وقالت بهدوء….
“انا كويسة متقلقيش…. خدي علي…..” اعطتها الصغير وهي تضيف بأرق….
“انا هروح اغير هدومي ورتاح شوية…….”
قالت اية بامر شديد…..
“حنين انا هتصل بدكتور……”
قالت حنين برفض قاطع…..
“لا يا اية لو سمحت….. سبيني براحتي.. اكيد هروح للدكتور بس مش دلوقتي…….”
حركت آية راسها بشك وقلق اكبر وسالتها…..
“انتي مخبيه حاجة عننا…..”
نفت حنين وهي تقول بنبرة مجهدة….
“لا….. لا هخبي ايه… دا شوية صداع… اكيد من
السفر بالعربية….. انا هرتاح شوية وان شاءالله هبقى كويسه…….”
اومات آية بقلة حيلة وقالت…..
“زي ما تحبي…… وانا شوية وهبقا ادخل اطمن عليكي….بس لو لقيتك تعبانه… ملكيش حجه
هتصل بدكتور اتفقنا….. ”
لم ترد بل اكتفت بابتسامة فاترة ثم خرجت بعدها
من الغرفة………
……………………………………………………………..
حينما دخلت الغرفة سريعاً تخلصت من السترة الحانقة والقتها على الفراش جانباً…..قد كلف نفسه أخيراً وجلب لها طاقم انيق كي تخرج به
لهنا…. بعدما قضت ايام تبدل في قمصانه ترتدي النظيف وتلقي المتسخ من سلة الغسيل حتى
اتى يوم وكان يبحث عن قميص البذلة وحينما لم يجده صرخ بغيظ رغم جفاءه معها بسبب
خلافهما……
“وبعدين معاكي…..مش لاقي ولا قميص البسه اخرج ازاي ياهانم دلوقتي…….”
برمت وقتها شفتيها وهي ترتدي احد قمصانه
رمادية اللون مهلكة عليها لدرجة تغيظه ويزيد
عذابٍ لكبح رغبته بها…….
“والله لو كلفة نفسك وجبتلي هدوم مكنتش لبست من هدومك……” لوحت بيدها وتابعت بانزعاج…
“هلبس اي انا يعني….. قعد بالمايوة……”
نظر عز الدين لساقاها المكشوفة بسخاء وفتحت القميص اللعينة من عند الصدر التي تتعمد او لا تلاحظ انها تفتح ثلاثة ازرار منه كاشفة عن مفاتن
تحرق صبره وثباته امامها……قال بنزق مغتاظ….
“يكون احسن……..احنا وصلين لنفس النتيجة برضو……مفرقتش كتير……”
احمرت وجنتيها وقتها غيظاً ينافسة وهي توليه ظهرها قائلة ببرود……
“ممكن تجبلي حاجة البسها وانا هبطل البس من هدومك……اصل حضرتك ساعة ما خطفتني…
مادتنيش فرصة حتى اني اغير هدومي………”
لوى شفتيه بسخرية ورد على حماقتها…..
“مانا خطفك بقا هستنا حضرتك ازاي على ما تغيري هدومك……..”
وقتها تركها وهو ينفث غضباً وقد اشترى بعدها عدد جديد من القمصان متجاهل طلبها في شراء ملابس لها….لذا عاندت وقتها وشاركته القمصان الجديدة
بوقاحة دون استئذان…..وكانت تظن انها
تغضبه بفعلتها لكنها رات العكس فكان مستمتع
بتلك المبادرة منها…….استمتاع ذكوري يبرق بعيناه
فقط…. ويظل وجهه امامها جامد التعابير متحجرة
بقساوة نحوها……..وكانها هي من أخطأت وغدرت
به !!…….
محقة سمر الرجال يتقنون دور الضحايا ببراعة…..
وتظل المراة المذنبة المهملة دوماً !!…….
تنهدت وهي تنظر لنفسها في المرآة بحنق….ملابسها الانيقة وبنطالها الأبيض والبلوزة ذات الحمالات الرفيعة عند الكتف و التي كانت ترتديها اسفل السترة……..
كانت مغرية وجميلة بهذا الطقم تمتلك هشاشة
غير طبيعية جذابه تجذب قلبه وعيناه إليها…..تلك المرأة حزينة العينين ، شفافة الملامح،
وتعابير الصادقة تاثر عليه بجنون…..تجعل
عيناه لا تبرح وجهها الحزين وجمالها العادي…
كل ماهو عادي يجذبة كل ماهو هش بها يهلكه….
كل ماهو بها يتعبه ويشقي قلبه ويظمأ حبه
نحوها…..
متى احبها بالقدر الذي يجعله يتأملها في وقفته المتجهمة تلك….
ولماذا أحبها وهي كانت تتشكل في سابق كنزوة سيخرج منها عاجلاً ام أجلاً كغيرها….حينما ينال
منها كما ظن في البداية …..
ها هو نال منها ونالت منه وجعلت منه عاشق أحمق
موجوع من فراق مولاته !!…..مدله في حبها لدرجة تثير الشفقة بينه وبين حالة…….
اين عز الدين الذي لا تهتز شعره من راسه لأجل أمرأه تطالبه بالهجر……..
ربما تهتز رغباته ويزيد جموحها في اجسادهن…
يعشق النساء ولا ينكر انه رجل كثير الملل ويحب التغير…..لكن بعد رؤيتها والعيش معها باتت تشكل السكينة و الدفء لحياته الجافة…… ولم يكن يطالب بغيرها كان مستكفي بها…. يجزم انه كان مكتفي بها وحدها……..لكن ماذا سببت له غير الخذلان والوجع
والفراق !……
حانت منها التفاته عند باب الغرفة المفتوح… فوجدته يقف عنده ينظر اليها بعيون شاردة….. ارتجف جسدها تلقائياً وهي تسحب السترة وترتديها على عجلة وهي
متذمرة……
ابتسم بزاوية شفتيه هازئا من حركاتها وهو
يقول……
“خدي راحتك البيت بيتك……..”
سالته بحنق مدعيه الكره…..
“انت مش هتنام معايا هنا مش كده……”
لوى شفتية وكبح غيظه من رغبتها في لفظه
خارج غرفته؟!….
“لا مضطر انام الليلة دي معاكي…….. آية معانا في نفس البيت…. وهتبقى مكشوفة اوي لما تلاقيني
بنام في اوضة تانية بعيد عنك……”
قالت حنين بنبرة مرتجفة وخفقاتها
متسرعة باضطراب….
“اتحجج باي حاجة…. المهم متنمش في نفس الاوضة اللي هنام فيها…….”
رد بجفاء ناتج عن رفضها له…..
“اطمني انا مش هنام جمبك انا هنام على الكنبة لحد ماليله دي تعدي وكل واحد يشوف حالة…..”
خطٍ من الالم والحزن امتد لوجهها وعينيها الذابلة
لذا قالت بجمود مصطنع……
“فعلاً لازم كل واحد يشوف حاله…. انا مستنية بكرة بفارغ الصبر……”
رد بحنق….
“هيجي متقلقيش……..”
اومات بازدراء. …مضيفة…
“اكيد ومبروك عليك……. ميرال مقدماً……”
جز على اسنانه… وهو يبتسم امامها ببرود….
“مم…..مبروك علينا الطلاق……يامدام……..”
اشاحت بعينيها وهي تبتعد عنه داخلة الحمام
صافقة اياه بقوة تدل على غضبها وغيرتها…
وحرقة دمها بحديثة………
زفر عز الدين بغيظ وهو يخلع سترته……ثم القى جسده المشتعل على الاريكة بتعب وارهاق…
كابح شوقه وحرارة مشاعره نحوها…….
بماذا جنى عليه الحب غير العذاب…كان سلطان زمانه
يشير ويلبي الجميع طلباته….وبنظرة واحده تقع اسفل قدميه افتن النساء….بماذا جنى عليه الحب
وماذا فعلتِ ياحنين !……
اتى الليل الحالك بقتامة باردة…..ظل طوال الساعات يتظاهر انه نائم لكنه لم يذق طعم النوم…….حتى اشارت الساعة لثالثة صباحاً….وهو يتقلب على الاريكة الضيقة بغيظ والهانم تنعم بنومها الثقيل
على فراشه الواسع….فقط لانها رفضت مبياته
جوارها الليلة مؤقتاً…….خشيت ان تصاب
بالجرب منه…..
شتمها بغيظ وهو يفتح عيناه وينظر اليها في نومتها الهنية…….ليته لم ينظر….الهانم المحترمة تنام بقميص نوم قصير جداً بل وانها ازاحت الغطاء بميوعة
فبان اكثر مما ستره القميص…..
اطبق على شفتيه غيظاً……هل كل هذا لا تتعمده….ربما تتعمد حرقة بنيران باردة……او ربما
تظن انه لن يبالي بامرها طالما تزوج غيرها……..
آآه ياحنين……والله ان تزوجت نساء العالم أجمع..
ساظل اشتهي قربك…… وسخونة جسدك باحضاني
سأظل اشتهي كل مابكِ حتى تنتهي نبضات قلبي
وحبك معها………
نهض بهدوء جالساً على الاريكة…ناظراً اليها في الظلام من بين ضوء بسيط يتسلل من الخارج
سواء بشرفة او من عقب الباب……
ارجع شعره محاول تهدات رغبته بها…شوقة لتقبيل شفتيها السخيه الشهية المسالمة مثلها..شوق في ان تسير يداه على جسدها كي يطمئن قلبه انها لم تبتعد……شوق بها وبكل شيءٍ بها…….
اظلمت عيناه وازداد التنفس حشرجة…ماذا يحدث معه……معتوة هو… ام ذئب بشري لا يستيقظ إلا
ليلاً باحث عن احد ضحاياه……
اقنع نفسه انه سينهض فقط ليغطي جسدها وسيعود للنوم او للشرفة كي يحرق اعصابة أكثر……فبات مدخن شراهة بفضلها……
حينما اقترب منها ورفع الغطاء على جسدها تمايلت في نومها بنعومة وهي تنادي عليه في نومها وكانه تحلم احد الاحلام الحميمية معه….
“عز…..”
خفق قلبه شوقاً وهو يرد مابين الحنق والتردد في البعد…
“عايزه إيه……”جلس على حافة الفراش كالمسحور
جوارها ثم وجدها تنهض نصف استلقاء وتعانق
عنقه وتقرب شفتيها منه ظناً منها انها مزالت تكمل
حلمها الغرامي معه……
“بحبك اوي…..”همست بها وهي تلامس شفتيه بشفتيها وتبتسم بنعومة……….
اغمض عيناه بعذاب وفوارن ساخن انفجر بجسده
مما جعله يلتقط شفتيها بقوة مقبلها بجموح….
جموح جعلها تستلقي على الفراش وهو فوقها ينهال… منها…… وشفتيه تسير بجنون على قسمات وجهها بقوة مفعمة برغبة الملحه والاشتياق لكل مابها…..
اغمضت عينيها بقوة وهي تستقبل تلك المشاعر الجياشة بضعف واستسلام له…….شيءٍ يخبرها ان مايحدث حقيقي… وشيءٍ يكابر في اظهار الحقيقة ناسج انه حلم وهي تكملة بقلبها الضعيف امام
سطوة عشقه…..
همس من بين قبلاته ولمساته التي تزيد جموحه كي تيقظها من الاوهام…….
” لي بتبعديني ياحنين….. لي عملتي كده…..انتي متعرفيش……. لما بتبعدي…… عني بيحصلي إيه…. ”
قالها بتقطع وهو يقبلها بين الحين والاخر بجنون ويتحسس جسدها بعنف مجبرها على الاستيقاظ
من كذبتها…. فهي الآن تعلم ان ما يحدث بينهما
بعيد تماماً عن الأحلام الهادئة التي تنعم بها….
فتحت عينيها بزعر وهي تواجه أخيراً الواقع وما سببته كي يكون في احضانها على الفراش الآن
هل اخبرته انها تحبه…. هل القت جسدها باحضانه
كي يشبع شوقها منه…. اي رخص هذا…. اي قاع
وصلتِ اليه ياحنين……..
دفعته بقوة وهي تصرخ بغضب…..
“بس……… كفاية….. كفااااية…..”
توقف وهو يشعر بدلو بارد نزل على جسد الذي اشتعل في احضانها……. تسمر مكانه جالساً وهو ينظر اليها بعيون عسلية ضارية…… قاتمة…….ووجه غاضب متحجر……..
نهضت واقفة وهي ترفع حمالة القميص الرفيعة وتبعد شعرها للخلف وهي تبكي بعجز… وحرج من غباءها امامه…… قالت بعد لحظات الصمت الطويلة بينهما وكانتا عيناه عليها بقوة منتظر تعليقها عن ما
بدر منها منذ لحظات…….
“انا مش هقدر……مش هقدر اكون كده…مش
هينفع نكون كده…..”
قال ببساطه….
“انتي اللي…….”
قاطعته بحرج….قائلة…..
“انا مش فاكرة حاجة…..اكيد كنت بحلم…..”
سالها بجسارة….
“ويترى الحلم عن إيه؟؟……”
“عن……..”ارجعت شعرها بحرج وقالت بخفوت…
“مش فكرة…….”
زاد جرعة الوقاحة قائلاً ببساطه….
“بس انا فاكر…….تحبي احكيلك بتفاصيل…..”
قالت بتلعثم وهي تشعر بالخزي من نفسها…….
“لو سمحت ياعز…….ارجوك…….دي غلطة…..”
نهض بقوة متجه نحوها ثم مسكها من خصرها
بكلتا يداه القوية وهو يقول بغيظ من حرجها الاهوج……
“غلطة !!……..انك عيزاني زي مانا عايزك….بتسميها
غلطة……”
صاحت بكراهية وهي تحاول التملص من بين
يداه…..
“انا مش عيزاك….انا عايزة اطلق منك…..انا مش عايزة أعيش كده…انا مش رقم في حياتك ياعز..ولا انا هكون اسطبل…….تلف لفتك وترجعله اخر اليوم…..مش عايزة اكون كده…… مش عايزة…….”
هتف امام عينيها الباكية بقسوة……
“انتي ظلماني….ولما ابراء نفسي قدامك ساعتها انا اللي مش هبقا عايزك ……”تركها بقوة نافراً منها
في لحظة ثم خرج من الغرفة شاتماً بكلمات لم تسمعها جيداً منه….
وتعاد الكرة وتسمع صوت سيارته الراحلة
وابتعاده عنها وعن البيت بأكمله………….
………………………………………………………………
واقفه بشرود في احد الاركان تكتفي بالعزلة وهي تضم شال الفرو الأبيض اكثر على صدرها…وكانها تشعر بالبرد رغم ان الجو صيفي ورائع…إلا انها تشعر
بخطٍ من الصقيع يتسرب لاطرافها ناتج شلل في
حواسها وهي تتفقد الناس من حولها…اناس مرفهة
في كل جزء بهم ترى الرخاء والثراء عنوانهم….لن تضيف وصف اكثر فهذا يكفيها…….
اجواء لم تحبها ، لم تحب عالمه يوماً ورغم هذا احبته بل عشقته حد الجنون…….
اخفت الالم وهي تغمض جفنيها بقوة……منذ حديثهما وهو لم يعود للبيت ولم تراه….حتى من احضرها لهنا
كان سائقه الخاص باوامر منه……حتى انها تقف وحيدة منعزلة عن الجميع…لانه ليس معها….وآية بالاعلى تكاد تنتهي من التزين لتنزل الى زوجها كي يتم عقد قرانها من جديد على خالد……
رفعت حنين عينيها فرأت خالد يقف باحد الزاويا مع احد الأصدقاء وقد رفع عيناه الخضراء حينما شعر انه تحت المراقبة………تفاجئ انها هي من تراقبة
اسبل عيناه ثم اعتذر من اصدقاءه وتقدم منها….
حينها توترت….وشعرت بحماقة النظر اليه واليوم تحديداً…..لكنها كانت تود ان تسأل عن عز الدين
ليس إلا………
وها هو وقف امامها بجاذبية رجولية لم تحبها يوماً فهي تحمل شيءٍ شهواني بنظراته……ربما لا ينظر لها
بهذا الشكل ولكن اكتسب تلك الصفة بالفطرة في ملامحه……ملاعب….غير مريح….وقح….ربما الرجال
جميعهم يمتلكون نفس الصفة( الوقاحة) لكن خالد
الوقاحة تضيء عيناه الخضراء……
مزال النفور يداهمها رغم ان ما حدث بينهما تناسى كلاهما لكنها مزالت تشعر بصدأ النفور بحلقها والانقباض بصدرها لمجرد رؤيته……..
كيف احبته آية ياترى؟….. هو جذاب ووسيم لا تنكر انه تخطى عز الدين في الوسامة….. لكنها لا ترتاح لملامحه لعيناه رغم انه لا يسيء لها بنظراته !!…
لكن هذا انطباعها عنه منذ القاء الاول وهي غير قادرة على محو ما تراه او ما تشعر به كلما تحدث اليها او نظر نحوها…….
بلعت ريقها وهي تجده ينظر اليها بهدوء بوسامته وبحلة العرس الغاية في الجاذبية المهلكة وكانه
نجم سينمائي ساطع اليوم تحديداً……..
سالها خالد برفق….
“مالك ياحنين…… وقفه لوحدك ليه…..”
شددت على الشال بتوتر وهي تقول…
“يعني انا معرفش حد هنا…….”
قال بصوتٍ لبن متفهم….
“تحبي اعرفك على قريبنا كلهم هنا……”
اشار على الضيوف بعشوائية….مما جعلها
ترفض بحرج……
“لا مش لازم…هبقا اتعرف عليهم لما يجي عز …….هو انت متعرفش هو فين… ”
“تقريباً هيبقا قاصد انه يتاخر عشان يأجل كتب الكتاب…….. انا عارفه….” قالها بغيظ وهو ينظر
لباب الدخول…..
بينما ابتسمت حنين عنوة عنها….. فهم لا يتفقان أبداً
معاً رغم انها تبرهن ان اذا احتاج أحد الاخر سيقف
بظهره………
وبداية مقابلتها بعز الدين في سابق اكبر دليل على ان خالد يعني له اكثر من ابن خال… وكان يود ان يبعدها عنه فوقع هو في شباك الهوى ؟!….
عاد خالد بعيناه اليها فوجد الابتسامة معلقة
بشفتيها مما جعله يبادلها البسمة قائلاً بجزع…..
“حقيقي تلج….انا مش عارف انتي مستحملاه إزاي……..”
حقاً هو ثلج….وسافل…..ونذل ولا يهتم لمشاعرها…ودت قول هذا كله ولكنها اكتفت
بابتسامة متعبة وكانها تخبره انها تعافر مع الثلج
كي يذوب يوماً بين يداها…..فقال خالد تلقائياً….
“ربنا يقويكي……”
اتسعت ابتسامتها وخرجت الضحكة عنوة عنها… ربما
خالد شهواني الملامح ولا تريحها عيناه الوقحة رغم براءة نظراته إلا انه شعلة نشاط ومشاعرة ظاهره لا يغلفها الجليد كمن وقعت بحبه ؟!……
فكان اي شيءٍ يقوله يلامسها رغم بساطته…. قال خالد وقتها بفتور…..
“كويس انك ضحكتي…..”
توسعت الابتسامة وهي تقول……
“هو علي فين مختفي…….مش ظاهر يعني.. ”
اخبرها بهدوء وهو يتابع بعيناه الحفل من
حولها…
“مع جده……آية بتقول ان بقا بينادي عليكي….”
اومات وهي تندمج معه في الحديث….
“أيوا…… نين…..” ضحكت بصفاء
مضيفة بمحبة….
“بجد علي دا عسل اوي…… ربنا يباركلكم فيه…..”
قال خالد تلقائياً…..
“ادعلنا نخويه……”
احمرت وجنتيها وهي تبعد عينيها عنه
قائلة…
“يارب……. ويسعدكم…….”
توترت نظرات خالد قليلاً… وهو يقول بخفوت…..
“حنين يمكن مش وقته ولا اوانه…. بس لازم اعترف ان لولاكي مكنتش خدت بالي اني بغرق وبغرق كل اللي بحبهم معايا…….”
قالت بنبرة لينة مهونه عليه وعليها حرج لقاءهما
الأول……..
“ملوش داعي الإعتذار….. كل شيء قسمة ونصيب وانت نصيبك مع آية وابنك… ودي القسمة الحلوة
من الدنيا…. مش كده……”
اوما لها وهو يقول بنبرة مترفقة…..
“انا بتمنالك كل خير ياحنين…. وربنا يسعدك مع عز…
رغم انه كتلة تلج…. لكن انا واثق ان يستاهل يكون
في حياته انسانة هادية ورقيقة زيك……. بتحبه..”
عند اخر كلمة ابتسم لها بحنو… وكانه يشفق على حبها لابن عمته الجلف !!……. او ربما يخشى عليها
من هذا الحب….. لا تعرف لكنها شعرت ان الابتسامة
تطيب خاطرها … وكانه يعرف انهما على وشك الانفصال !……
تبادلا قليلاً الأحاديث ثم استاذن منها بعد نداء
أحد الأصدقاء…..
شعرت بعد ابتعاده بالفراغ والاختناق… بكونها ستظل وحدها مجدداً وبين هذا الجمع…..
من بعيد كانتا عيناه العسلية بركتين من اللهيب الغيرة تنهش قلبه وكلما زادت احاديثهما
وضحكاتها لرجلا آخر زاد تشنج حلقة واشتعال صدره…….
بماذا كانا يتحدثا……. ولماذا تضحك هكذا اليه….
اي وقاحة تلك التي تجعلها تبحث عن البديل
قبل حتى ان يطلقها ؟!……
التوى فكه بغيظ……. وهو يشعر بمن تعانق معصمه
بنعومة من الخلف قائلة بدلال وصوت كخرير
القطط……
“هاي يابيبي…. اتاخرت عليك…..”
اغتصب ابتسامة باردة وهو يعزم النية على الدخول معها مشارك شيطانه لذة الانتقام منها قليلاً……
شعرت بان المكان انقلب فجأه بهمسات ونظرات البعض عند باب قاعة الفندق المقام بها الزفاف
رفعت حنين عينيها تلقائياً عند الباب فوجدته يقف هناك يسلم على بعضٍ من الاقارب وبين ذراعه.. تتعلق ميرال !…. بثوبها القصير العاري
وشعرها المصبوغ بالاحمر الناري…. ووجهها الفاتن باتقان فقد اتقن طبيب التجميل بروز ملامحها بشكلاً لافت….. حتى عدسات عينيها زرقاء مصطنعة…
كل شيء بها مصطنع ورغم ذلك تعجبه وترضي
رجولته… فقط لانها تشبه عالمه… وتتقن التاقلم
به تحت اي ظرف…… عكسها تماماً…..
آآه من وجع قلبها… لماذا تذل نفسها هكذا… حقاً لماذا
تجعل نفسها اضحوكة الجميع…..
يتقصد اهانتها بهذا الشكل امام الجميع…… حسناً يا عز الدين…. ربما تلك المرة واليوم الاخير الذي ساقبل
بالإهانة….. اليوم فقط ساضغط على نفسي.. حتى ينتهي هذا الحفل و أرحل…… للابد……وهنيئاً لك
بها…….ومبارك عليها رجوعك اليها من جديد……..
رفع عيناه عليها بثوبها البني الناعم كشخصيتها وملامحها….. وفروه الابيض المحيط بمنكبيها
ملائم لقلبها ونقاء روحها…….
كانت تلف شعرها بلفة انيقة للاعلى يتناثر بعض الخصلات على وجهها بفوضوية جميلة… تشبه
فوضة مشاعره وغيرته عليها……ام ملامحها فكانت
تحمل وجهة الرقه مع زينة زادت جمالها…….
ابعد عينيه عنها بصعوبة وهو يتحدث مع ميرال
التي تتدلل عليه بتملق امام الجميع……
تحملت اكثر من طاقتها وهي تنظر لمكان آخر وعند النظر لبعيد لمحة خالد يراقب ما يحدث بشفقة عليها وغيظٍ من ابن عمته لوحة الثلج كما يراه…….
……………………………………………………………..
هبوط الدرج الممتد بتاني راقي شيء لا يفعله إلا أميرة خرجت من الحكايات فقط لترمي سحرها
عليه ويكن حبيبها طوال العمر……
ابتسم خالد وهو ينتظرها اخر السلم وهي تنزل بفستانها الأبيض الرقيق الملائم لها بشكلا غير طبيعي…….
كانت تعانق ذراع اخيها عند نزولها وعيناها العسلية ترتفع ذاهبه اليه باضطراب وخجل أحمق…لا يحق لامراه تتزوج للمرة الثانية منه……
نظرت آية لعز الدين وسالتها بإبتسامة….
“هي حنين فين ياعز…..
رد بفتور…..
“وقفه تحت…..”
بينما قالت وهي عاقدة الحاجبين……
“لي مطلعتش معاك…..”
لم يرد وقد وصلا لنهاية الدرج فاخذها خالد من بين يدي عز الدين ومالى عليها مقبل راسها وهو يهمس
بسعادة وعيناه نافذة بمشاعر الحب……
“مبروك يا يويو…..”
بادلته ابتسامة تقطر عسلا وهي تجيبه بصوتها الناعم…..
“الله يبارك فيك …..”
رفع يدها وقرب كفها من فمه وطبع قبلة طويلة عليه حارة……. زادت التصفيق حرارة عند تلك النقطة…..فخجلت اية هامسة….
“خالد…….”
اهدى قلبها المعشوق ابتسامة عميقة تحكي عن سعادة لن يكفي الكلام تعبيراً عنها…….بادلته الابتسامة وهي تتشبث بذراعه وكانها تكتفي بهذا فكان دوماً الكلام محدود بينهما ومشاعرهما وافعالهما المتبادلة تغطي على كل شيء……
راقبت حنين العروس تبتعد مع زوجها لداخل القاعة…..
اقنعت نفسها انها ستسلم عليها وترحل من هنا سريعاً….. فقد تعبت من رؤيته مع ميرال… لا تقدر على الصمود اكثر…….
تحركت خطوة واحده فقط واحده ووجدته يقبض على ذراعها بقوة…..رفعت عينيها بغضب عليه….
فوجدته يجذبها من معصمها قائلاً بقوة….
“تعالي معايا…….”
“على فين…..سيب ايدي…..سيب ايدي ياعز…”سحبها معه لاحد الاركان الهادئه….. ثم ترك يدها قائلاً بغضب……..
“كنتي بتكلمي في إيه انتي وخالد…..”
قالت بازدراء وهي تدلك ذراعها…..
“ملكش دعوة…وبعدين انا مسالتكش عن ميرال….”
قال بتجهم…..
“ملكيش دعوة بميرال…وجودها هنا لسبب…”
قالت ساخرة…..
“واي هو السبب…..”
اجابها بنزق….وهو يحاصرها خلف الحائط الساندة عليه…….
“ما تستعجليش يامدام…… مصيرك تعرفي…..”
ضربت ذراعه بقوة صائحة…..
“ابعد عني متلمسنيش…..”
سالها وعيناه العسلية ضارية بغيرة…..
“مش لما اعرف كان بيقول اي….مخلي الهانم بتضحك جامد اوي كده……هو كان بيوزع نكت
عليكي ولا إيه…..”
قالت بتبرم…..
“قولتلك ملكش دعوة…..”
هتف بغضب أحمق والغيرة تسيطر على كل
حواسه….
“لا ليا….انا لسه مطلقتكيش…..ومن حقي اعرف ياهانم ……”
صاحت باستسلام وبنبرة منفعلة…..
“كلام عادي….هنكون بنقول اي يعني…مفيش بينا حاجة……وشيل اللي في دماغك عشان انا مش
عايزة اخسر آية بسبب شكك ده……لو سمحت…..”
مسك يدها بقوة واطبق على كفها وهو يقول
بتشنج وعيناه متوهجة بضراوة……
“لو سمحت انتي…..متكلميش مع حد لا خالد ولا غيره….. ساااامعه……”
قالت بانفعال جاف…..
“سامعه….آآه سامعة…وخليك انتَ مع الهانم
بتاعتك…..ابعد بقا ابعد….اللي تعرفك لازم
تكره صنف الرجالة كله….”ضربته في صدره
وهي تحاول ابعاده عنها….
“قصدك ايه…..”نظر لها بغيظ دافعها للمتابعة….
بينما هي اجابته بقرف……
“قصدي اللي وصلك……ابعد بقا…..”دفعته لكنه
لم يتحرك بل قال بغيرة وسطوة ذكورية لعينة…..
“انا عايزك تكرهي الصنف كله……. إلا انا…..”
“انت اولهم…….. سامع انت اولهم…..ياجوز الاربعة. ”
قالت اخر جملة بخفوت وغيظ مكبوت وكانها تسبه ولكنه سمعها جيدا ولبرهة وفي شدة الغضب ابتسم
بتهكم……..رغم ان عيناه لم تلين اعلى وجهه
الحجري الغاضب……….ومزالت الغيرة عاصفة
بصدره…….
تلك المرة اغتاظت اكثر بعد رؤية ابتسامته فدفعت اياه بقوة وهي تتجازوه بصعوبة هاربة منه……
…………………………………………………………….
وقفت بعيدة في احد الأركان….بعيدة عن الجميع
بانطوائية موجعه للقلب…….
راقبت آية وخالد وهم يرقصا معاً على اوتار الموسيقى الناعمة…..والهمسات الحارة متبادلة
بينهما……كانوا مثال للعشق وكانه تجسد بهما
فترك صورة جميلة خلفهما……
بلعت ريقها بوهن وهي ترى ميرال تميل على عز الدين بتملق وجسدها يحتك به بوقاحة……رفعت
حدقتيها عليه بغيظ والغيرة تذبحها… فوجدته يرمقها
ببرود وخزي وكانه ينتظر رد فعل آخر من امرأه
تحب زوجها ولا تقبل بالهزيمة امام غريمتها…….
لم تترك حنين عيناه بل ظلت واقفه مكانها وعيناها تتابع ما يحدث لتجد ميرال تنظر اليها بتشفي وهي تمهس لعز الدين بشيءٍ ما….
لتجد عز الدين بعدها يهز رأسه بالموافقة ويسير جوارها لساحة الرقص….وامام عيناها المندهشة
رقص مع ميرال على اوتار شاعرية…..
يذكرها هذا المشهد باليوم الذي اكتشفت به انها احمق واغبى امرأة على الإطلاق…بعد ان صدقت
ان امثاله ممكن ان يقعوا بحب امرأه يوماً…..
بلعت ريقها وكانها تبتلع شفرة مسننة وهي تراقب ما يحدث بصمت وانهزام…..مجبرة قلبها على رؤية الحقيقة كاملة لعله يتخلص بعدها من وهم حبه
لهذا الرجل الماثل امامها باحضان أخرى ………
عند ساحة الرقص انتبهت آية وهي ترقص في احضان خالد ان عز الدين يشارك تلك الرقصة مع ميرال بدلاً من زوجته……. حنين….
نظرت آية الى حنين بدهشة وحزن بينما انتبه خالد لملامحها المضطربة فحانت منه التفاته للخلف ففهم
ما يزعجها……..
ضمها الى صدره برفق وهو يحاول جذبها من كومة الأحزان تلك…… فقال برفق وهو يضمها لصدره
شاعر بجسدها الناعم باحضانه…..
“انتي كويسة يا اية……..”
نظرت بعسليتاها اليه قائلة بقلق….
“اللي بيعمله عز دا غلط….. حرام عليه….. دا بيكسرها
البنت وقفه بالعافية……. واخد بالك……”
نظر بالفعل لحنين فوجدها ليست على ما يرام وانها تمثل الصمد ولكن الهشاشة تجتاح حنايا وجهها الشاحب………
عادت عيناه لحبيبته وقال بنبرة لينة…..
“يمكن رقصة عادية مجاملة….. متكبريش الموضوع….”
برقة عسليتاها بالحظة قائلة بسطوة الحبيبة….
“مكبرهوش…. لو انت اللي عملت كده…. انا كنت كلتها باسناني…… ومكنتش سلمت انت كمان مني.. ”
كان يود ان يندهش بطصنع او يدعي الارتياب منها
لكنه ابتسم وهو يقول بتفهم موضح نظرته للأمر كرجل………
“يمكن دا اللي مستنيه اخوكي رد فعل واحد.. يثبت
انه من حقها هي بس…..”
عقدت آية حاجبيها بغرابة….
“ولي يستنى كده…. ويعمل لي من الاول كده…..”
رد خالد بقنوط…..
“متعرفيش اي اللي حصل بينهم…..”
القت آية نظرة عابرة على حنين ثم على اخيه
الذي يرقص مع ميرال…….وقالت بانزعاج…..
“انا نفسي افهم حنين بتصرف بسلبية ليه…
سيبا جوزها مع واحده تانيه كده عادي….. هي
اللي ليها الحق فيه…..”
همس خالد عابثاً……
“وانتي ليكي حق في مين يا يويو…..”
نظرت لعيناه وقالت بقنوط…..
“خالد……… احنا في اي ولا في إيه…..”
همس بنبرة حانية وهو يقرب راسه منها اكثر….
“ركزي معايا ياقلب خالد…… متضعيش اجمل يوم في حياتنا……سبيهم يحلو مشاكلهم هما مش صغيرين يعني…. ” ثم ضمها الى احضانه ومالى عليها دافن
وجهه بعنقها…. قائلاً بحرارة….
“بحبك…… يايويو……”
اغمضت آية عينيها وضاعت مع قبلاته الرقيقة على جيدها و الخفية عن اعين الجميع….. اخرجت
تنهيدة هامسة……
“وانا كمان ياحبيبي……….” ثم بادلته العناق و اكملا
الرقصة بنفس الصورة الجميلة للعشق… فكانا صورة
حية لترابط الحب بعد عواصف الحياة… عادا بقوة
ليندمج كلاً منهما مع الآخر مجددين مثاق الغرام
بينهما………
شعرت انها غير قادرة على التنفس او المتابعة بتلك الصورة المخزية لذا تحركت وهي تنوي المغادرة
يكفي…. اكتفت من هذا المكان وعالمه…..
القت نظرة اخيرة عليه وكانها الوداع وظنت انه منغمس مع ميرال لكنه كان ينظر اليها بقوة و..
وغضب…….
تجمعت الدموع بعينيها بضعف واشاحت وجهها
وهي تغادر القاعة…..
وفي الممر الطويل سارت منهكة متعبة وهي تبكي بصمت وتضم الشال بقهر لاحضانها لعله يداوي
الصقيع الذي يتخلل جسدها المنهك……
وجدت من يجذبها بقوة لاحد الاركان وشفتيه تطبق على شفتيها بقوة كاتم صرخة الصدمة….
لكن حينما اشتمت انفاسة الدافئة هدأ الزعر… وشعرت به يتعمق في تقبيلها اكثر… فحاولت الفرار
ودفعه… لكنه كان كالجدار ينهال من شفتيها بالقدر الذي يروي به ظمأ الايام الماضية وظمأ العمر القادم دونها……
كانت قبلة عميقة حثية… بها شيء من الشوق والوداع…. وكانها آخر ذكرى بينهما… هكذا شعرت
ورغم المعافرة الواهية في البعد إلا انها كانت
بحاجة لتلك اللحظة……
لحظة دفء بين يدي رجل احبته لابعد الحدود وجرحها بقدر الحب ولم يكتفي بعد من رؤية
آلامها على يداه……
فصل عز الدين القبلة وهو ينظر لوجهها الاحمر الحزين…….مرر اصابعه على وجنتيها ماسح دموعها برفق وهو يقول بنبرة متهدجه اثار جنون اللحظة وقبلة لن ينساها يوماً…. فهي الاعمق والاصعب بين
كل ما عاشه معها……..وكانه كان يريد شيءٍ اعمق حتى ينساها !!……
همس أخيراً دون مقدمات…..
“تعالي معايا ياحنين……..”
مسك يدها فجذبتها وهي تقول بوهن….
“على فين…. انا هروح كفاية كده…. انا عملت اللي
انت عايزة وحضرت الفرح…… خلاص كده مفضلش
غير انك تنفذ كلامك…. وطلقني……”
قال بغيظ……
“هطلقك….. بس قبلها لازم تعرفي الحقيقة….”
قالت بحنق….
“حقيقة اي……”
رد ببرود وهو يمسك يدها مجدداً…
“اسمعيها من اللي وصلتهالك احسن…….”
بلعت ريقها وهي تسير معه تاركه يدها باستسلام
بين يداه……..وحينما دخلت لاحد غرف الفندق وجدت ميرال هناك وحينما ابصرتها ميرال
رفعت حاجبيها بغرابة وهي تنظر لعز الدين
وسالته…..
“في اي ياعز……انت قولت انك عايزني في حاجة مهمة…. اي اللي جاب دي هنا…..” اشارت على
حنين بتعالي………
خلع عز الدين سترته والقاها أرضا ثم عكف معصم القميص وهو ينظر لميرال بتأهب وقد زادت قتامة
وجهه وكان غضبه المكبوت انفجر في لحظة امام سؤالها……
توسعت عينا حنين بزعر وهي تجد عز الدين يصفع
ميرال على وجهها بقوة….. صارخاً……
“هتتكلمي ولا اكمل عليكي……” سحبها من شعرها الناري بقوة صرخت وهي تنظر اليه برعب ثم لحنين
وقالت بمكر رغم الوجع وعدم شعورها بوجنتها بعد صفعته…….
“انا معرفش انت بتكلم عن إيه…..”
قبض عز الدين على ذراعها بقوة هادراً بصوتٍ
مهيب……..
“الرسالة اللي بعتيها لحنين… الفستان الأبيض اللي كنتي لبساه يوم حفلة عيد ميلادك…. الرقصة اللي طلبتيها قدام الناس عشان ميبقاش ليا عين ارفض الهانم……..انطقي احكلها……..اصلها صدقتك..
رغم انها عارفه انك المستفيدة الوحيدة من
طلاقي منها….”القى نظرة على حنين التي تسمرت
مكانها فاغرة شفتيها مصعوقة من ما تفوه به…..
بينما قالت ميرال بلؤم وهي تدعي الوجع…..
“آآه حرام عليك…انا معرفش انت بتكلم عن اي معرفش……”
صفعة اخرى اشد واقسى نزلت على وجنتها…جعلت حنين تنتفض وترجع للوراء بفزع وكانها هي من انضربت منه……..
صرخت ميرال وهي تتوعد له بقسوة وغل…
“اقسم بالله هتندم ياعز…..هفضحك في كل حته…
هعرفهم انك متجوز خدامه……شحاته عايشة في حارة محدش من اللي شاغلين عندك يستنضف
يعيش فيها……”
اسكتها وهو يمسك حفنة من شعرها بقوة……
“اخرسي****دي انضف واشرف منك……انتي اللي شحاته والوسـ.ـاخة ولـطمع بيجره في دمك…..كلـ.ـبة فلوس زي اللي جابك……..جتكم القرف…..”
القاها بقوة فوقعت على الأرض……. صرخت
ميرال بغل…….
“والله لافضحك وفضحها… وسود عيشتك وعيشتها…….”
رفع سبابته وهو يتوعد لها بشر يلمع بعيناه
الضارية كنمر غاضب…….
” انا اللي هسود عيشتك…لو فكرتي تلعبي بديلك تاني……..اعرفي اني ممكن ادمرك انتي واللي
جابك…..و زي ماكنت سبب شهرتك والخير
اللي نازل عليكي وعلى ابوكي….هكون سبب
فشلك وفقرك انتي ولي جابك…..سااامعه……”
لم تهدأ ميرال بل زادت صراخ وهي تتحس
وجنتها المشتعلة واصابعه الطابعة عليها…..
“انا مش هسكت……..وكل قلم هيتردلك
ياعز… ”
رد بنزق وهو يجذب حنين من ذراعها خارج الغرفة…….
“وانا مستني عشان اردلك القلم قلمين يابنت المسيري…….”
نزل بها للأسفل وكلاهما صامت غاضب…..مرتاب من القادم……والقلوب شاعره باخر نقاط الحكاية
توضع في مكانها الصحيح……..
اشار لها وهما خارج ابواب الفندق…على السيارة التي تصف امامها و سائقة الخاص واقف باحترام وبزي الرسمي جوار الباب وقد فتحه لها حينما راهما من بعيد…….
اوقفها عز الدين قبل ان يصلا للسيارة بعدت خطوات……..
وقف امامها وقال بصوتٍ رخيم هادئ……
“اللي طلبتيه هيتنفذ ياحنين….ورقة طلاقك هتوصلك في اقرب وقت…..وكل حقوقك هتاخديها
زي ما مكتوب في قسيمة الجواز…..”
رفعت عينيها اليه بعيون ذابلة وهي توما براسها بعجز وصمت……..
لوهلة تمنى ان ترفض وتصرخ عليه ثم تلقي راسها على صدره وتبكي….لكنها لم تفعل حتى الدموع جفت بعينيها ولم يتبقى الا الصمت وجمود الملامح………
اوما براسه وهو يحارب مشاعر التملك
وقال لها بفتور…….
“السوق هيوصلك…….اشوف وشك بخير……”
ابتسمت ساخرة لعيناه الباردة وكلماته المنمقة وكان
مابينهما كان هين لدرجة تجعله يودعها بفتور…لم
يكن بينهما يوماً……
هكذا هو طلاق الأثرياء غاية في البرود وتحضر
الذي يجعل المرأة تشعر بانها لم تكن موجودة
يوماً في حياة زوجها….الذي يودعها الآن وكانه
سيراها في المساء بعد انهاء عمله !!….
ادراة وجهها دون كلمة منه وحينما وصلت بخطواتها المتعثرة للسائق وللسيارة بداخل… شعرت بحقارة الموقف فانها تلبي طلبه كطفلة شاردة بائسه….
ربما هي بائسة لكنها ليست طفلة شاردة….يمكنها
الوصول دون مساعدته السخية…….
اغلقت الباب بقوة وهي تتجازو السيارة وتكمل سيرها………
لم تنظر وراها أبداً بل سارت في طريق الفارغ بسرعة اشبه بالركض…..ودموع تغطي وجهها الشاحب…..
غبية…….. غبية ياحنين…. ضاع كل شيء…..
غبية…….
………………………………………………………….
دخلت الجناح الخاص بهم بقلب الفندق الفخم.. بعد ان انتهت امسية الزفاف بسلام….. وقضت معه ساعتين بهم راحة وسعادة لا توصف….. وبعضٍ من الانتصار لعودته اليها بعد كل هذا الفراق…. جاعل كل من في الحفل يجزم انهما لم يكونوا إلا لبعض.. ولم
تكن اي أمرأه اين كانت ستنافس آية في حبيبها…
فها هو اتى راكع لأجل عيونها……وتستحق فمن هو الوغد الذي يترك امراة جميلة مثقفه حنونة ومتفهمة سوية التعامل مع الجميع مثلها…….
من الوغد هنا غيره ….. وها هو الوغد يتاملها بصمت
شاتم نفسه على سنوات الفراق التي انسابت من بين يداه هباءاً……..
ربما عوضها سيسعى للتعويض من الآن وصاعداً….
رآها تتقدم قبله… دلفت للجناح بفستان الزفاف الانيق والكومة الناصعة التي تلفها بجمال…..
وشعرها الاشقر القصير الذي التف بلفة غاية في الأناقة وتاج رقيق يلمع اعلى رأسها……. ملكة
خرجت من أجمل القصص حباً ودفئاً كي تجتاح
عالمه وتنيرة…….
شعر بطيف دافئ يشتبك بقلبه وشعر بالخفقات
تزداد بين اضلعه وهو يراها تلتف بفستانها وتنظر اليه بصمت وتلك الابتسامة الجميلة الحانية تشتبك
بشفتيها الشهيتين….. اللتين يلمعان بالحمرة الفاتنة..
بارزين لدرجة تسيل العاب لذا يشعر انه يود الانقضاض في لحظة على الملكة الجميلة سارق
من بين شفتيها الحب والدفء الذي تتمتع به
بالفطرة…..
ابتسمت آية عند شرودة الذي طال بها وصمته الغريب وعيناه الذي تغلفها كلها ولم تترك جزء بها
إلا ونظرت اليه بتمعن…….
“مالك ياخالد…. واقف كدا ليه……”
قالتها وهي تتقدم منه عند باب الجناح المغلق عليهم ممسكة بتنورة الواسعة وهي تخطو نحوه….. حينما
وقفت امامه تركت التنورة ورفعت يدها الدافئة لوجنته الباردة وتحسست لحيتة المنهدمة والجذابة برفق……
“مالك ياحبيبي انت كويس……..”
لم يجد تفسير لما يفعله الان فقد انقض على شفتيها
في لحظة جعلها تشهق بهلع من هول الدهشة منه…
ارتطم ظهرها في الحائط بفعل شراسة وعمق قبلاته…….. حاولت مجارته وتبادلة العاطفة بجموح
فهي أيضاً اشتاقت إليه….. ولطالما طالب جسدها
في لحظات الضعف قربه…. وكانت تنفر بعدها
من رغبتها تلك بغضب وكبرياء مهشم…..
لكنها امرأه وكانت لها نفس احتياجاته…. لكنها تختلف عنه فان كانت تريد تريده هو لا غيره…. اما هو فكان
يتنقل بين احضان الكثيرات قبلها… ولم يجد الراحة
والسكينة إلا معها في نهاية………
تاوهت وهي تشعر بان ثوب الزفاف ينزلك اسفل قدميها اغمضت عينيها شاعرة بيداه تجري بشوق على منحنايات جسدها كي يذكر نفسه انها هنا… حقيقة عادت إليه ولن يسمح لها بالفرار منه… ولن يسمح لنفسه بفعل حماقة اخرى معها……..
هي هنا ياخالد… آية بين يداك مسالمة لك….هل تشعر بجسدها بين يداك….هل تشعر بخفقات قلبها على صدرك……..هل مزال مذاق شفتيها كما هو لين
وسخي في العطاء….مزال واكثر….مزال واكثر يعطي
له كل ما يريد بسخاء وحب….حانية هي دافئة كالوطن……
وطن هي يعود اليه متعب بعد ان ارهقته الغربة…
لن يخون وطنه مرة اخرى ، لن يهجره أبداً سيظل…….. فالوطن لا يباع ولا يستبدل……
وآية وطنه عالمة بيته……. امه… واخته… ابنته…. صديقته….. زوجته وحبيبته….وام ابنه…هي الوطن هي الماوى والحياة……هي آية…..آية من الجمال…اية من الحب……آية من العطاء………هي آية………
حملها على ذراعيه ومزالت شفتيه تطوف على وجهها
وشفتيها باشتياق…. محاول الارتواء بقدر سنوات الفراق……..
وضعها على الفراش ثم تخلص من سترته و قميصه وشاركها تلك النومة التي نسجها خياله عديداً من المرات متخيل حلاوتها بعد الرجوع…….
همس خالد بحرارة فوق شفتيها الشهية الحمراء المنتفخة قليلاً اثار هجومة عليها……..
“بحبك يا آية…….”
ابتسمت بنعومة وهي تحيط عنقه باغواء مقربة شفتيها الشهية منه قائلة بهمس حاني……
“وانا بموت فيك ياحبيبي………”
تقريباً اخر شيءٍ نطق في تلك الليلة الجامحة………فبعضها لم يكن هناك إلا تاوهات وهمهمات حميمية تصدر منهما……….
………………………………………………………………
انسدلت اول خطوط الصباح بشمس مشرقة وجو
رائع بنسمات هواء منعشة وشمس دافئة……
خرج من الحمام وهو يلف نصفه السفلي بمنشفة
كبيرة…… وشعره المبلل يقطر قطرات من الماء
على صدره المشدود بالعضلات وذراعيه القوية
مسك منشفة اخرى وجفف شعره وهو ينظر لها…
بابتسامة رجولية رائقة وراضية لابعد حد……
قد جن جنونه امس وانقض عليها كثور الهائج…وهي
بطيبة قلبها وحبها وعطاءها الغير متناهي لم تمانع بل بادلته بقدر شوقها ورغبتها به……
اندهش قليلاً وهي تبادلة بنفس الجموح والشوق…
دهشة ذابت وهو يزداد وحشية في احضانها….
قد خشى عليها لليلة امس من نفسه وتصرفة الوحشي في احضانها ورغم ذلك كانت معه كما هي قادرة على التحمل لأجل ارضاءه……..حاول كثيراً ان يقلل من جنونه معها…. لكنها حينما تبادلة او تئن باسمه بحميمية تفقده ثوابه فيزيد الجموح وحشية بينهما…..
وحشية جميلة رغم فظاعة الكلمة…..ولكنه
متوحش بقلب طفل لن يؤذيها مهم زادت
وحشية رغباته نحوها…….
ابتسم وخفق قلبه وهو يعيد ماحدث بينهما ليلة امس بتأني وسعادة…..وبينما كان منغمس بتفكير بها
كان يرتدي ملابسه ويمشط شعره….حتى طرق
باب الجناح…….
اتجه إليه وفتحه بهدوء دخل احد العاملين بعربة الافطور….القى على خالد التحية وبارك له….
شكره خالد وهو يعطي له اكرامية اكثر من المستحق
ثم اغلق الباب ودخل بعربة الفطور لغرفة النوم……
تمايلت آية في نومها بنعومة وهي تفتح عينيها
بتعب……..لا تشعر بجسدها…..ماذا حدث أمس…
اشتبك الخجل بوجنتيها حمرة لذيذة وهي تعود متذكرة كل ما حدث بتدريج…….غطت وجهها وهي
غير مصدقة قلة حياءها معه…..
ربما هي لا تمتلك الحياء معه لا السابق ولا الآن
لكن كان يجب ان تدعي الحياء في اول مرة يلمسها
بعد فراق ثلاث سنوات…….ولكن كالعادة فقدت
القدرة في احضانه وبادلته بنفس الشوق
والحرارة………….
رفعت عينيها فوجدته دخل الغرفة بعربة الفطور ابتسمت باستحسان فهي جائعة جداً….
وكانه قراء افكارها بعد ان ابصرها جالسة على الفراش تراقب دخولة…..
“عارف انك جعانه……. عشان كده طلبت يطلعوا
الفطار اول ما صحيت……..تعبتي معايا اوي امبارح…… ”
همست بغيظ من وقاحته….
“خاااااااالد……”
ابتسمت شفتيه بخبثٍ وهو يتقدم منها بصنية الافطار ثم وضعها على ساقيها العارية المخفية
تحت الفراش……..
“يلا يايويو….. عشان نفطر سوا…. وننزل نتمشى شوية ….. ولا اقولك اي رايك نطلع على الغردقة
او شرم……… طالما رفضتي نقضي شهر العسل
في اي مكان مكان برا مصر…….”
بدات في الاكل بنهم امام عيناه المبتسمة….وقالت بنعومة وهي تمضغ الطعام بهدوء….
“انت عارف انا رفضت ليه عشان علي اكيد مش هسيبه…. واكيد هخاف يسافر وهو في العمر ده
لسه صغير ياخالد وممكن يتعب من تغير
الجو…..”ثم ابتسمت وهي تقترح عليه
” وبعدين موقع الفندق هنا حلو …….. خلينا
نقضي يومين هنا وبعدها نطلع اي مكان على البحر نقضي كام يوم هناك…… وعلي معانا…. اتفقنا…”
اوما بقلة حيلة…..
“اتفقنا……”
سالته وهي تقضم من التوست ثم تاخذ رشفة
من كوب العصير……
“قولي انت واخد اجازة قد إيه……”
ابتسم وهو يمسك قطعة خيار ويضعها بفمه
مجيب بوقاحة……
“مفتوحة لحد ما شبع…….”
لمعة عينيها وهي تقول بثقة…..
“كده هتفضل علطول جمبي……”
اندمج بالفة معها في الحديث وهو يضحك…..
“يا واثق انت…. عمتاً انا معنديش مشكلة افضل جمبك……… علطول……..”
همهمت وهي تقول بحنو….
“ممم ماشي بس بلاش تطول عشان عز الدين
ميزدش عليه ضغط الشغل…… ”
عبثت ملامحه وزالت الضحكة قائلا باقتضاب…
“يعني عايزاني اقطع اجازتي عشان اخوكي ميتعبش من ضغط الشغل… تحبي انزل النهاردة وبلاها اجازة خالص……”
ضحكت وهي تقضم من التوست قائلة
بشقاوة شهية……
“زي ما تحب ياروحي……”
ردد الجملة بغيظ…..
“زي ما حب….” اخذ منها التوست فجأه مما جعلها تنظر له بدهشة عقب وهو يحمل الصنية ويركنها جانباً امام عينيها المصعوقة من فعلته….وقال
“بلاها اكل خالص…….طالما وصلت لنزولي الشغل
تاني يوم فرحنا…..عشان خاطر اخوكي….”
همست آية بحنق له….
“على فكرة انا لسه جعانه……”
قال خالد بشر………
“على فكرة انتي يومك مش فايت……..” سحب الغطاء وحملها على ذراعه وكانت لا ترتدي الا
قميص حرير قصير جداً من اللون الأبيض….
مطت آية شفتيها بدلال قائلة بحنق وهي بين
ذراعيه…معلقه يداها بعنقه باستسلام…..
“انا جعانة ومفطرتش……”
نظر لها باستنكار قائلا…..
“انا بقا نفسي اتسدت بعد كلامك……”
ضيقت آية عينيها وهي تقول بشر….
“لو منزلتنيش هفطر بدراعك…..انت حُر… ”
جفل خالد وهو ينظر لها بفزع…..معقباً…..
“ياساتر…. دا انا على كده مش هلاقي نفسي
على العشا……”
مطت اية شفتيها وقالت بابتزاز عاطفي….
“انت وراحتك…….. نزلني… عايزة اكل….اخر مرة
كلت فيها كانت امبارح الصبح…. ”
لم يتاثر بل قال ساخراً….
“يعيني…… صعبتي عليا…. تعرفي انا مش فاكر انا كلت امتى أصلا تقريباً من يومين تلاته….”
نظرت للصنية والفطور الشهي بحسرة قائلة
إليه……
“الاكل قدامك اهوه…… نزلني وناكل سوا…….”
سار بها قليلا ثم نظر لها بسفالة……
“الاكل قدامي وهاكل لوحدي……” قالها وهو ينزلها على ارضية الحمام الباردة ثم التهم شفتيها بقوة
وركل الباب بقدمه مغلقه عليهما……
………………………………………………………….
قد انهت عفاف لمساتها الأخيرة وقد انتظرته في البيوتي سنتر الخاص بها والتي تم تزينها به….والذي
اغلق اليوم وفتح خصيصا لصاحبته كي تتزين به…
كان يشاركها في تلك الجلسة رحمة وحبيبة وعفاف
واخريين عاملين وزملاء لها منذ زمن….كعفاف تماماً
حتى حنين اتت اليوم كي تحضر حفل الزفاف معها بعد ليلة أمس التي قضتها في قهر بعد اخر لقاء بينهما……..
قررت تأجيل الأحزان وتوقف عن التفكير بنفسها اليوم تحديداً…حتى تكن مع صديقتها في هذا
اليوم كما تمنت سمر……فصديقتها تستحق
ان تكون لها سند ودعم في هذا أليوم…….
ابتسمت حنين وهي تميل على سمر وتقبل وجنتها وهي تمسك يداها كي تنهض……
نهضت سمر معها بابتسامة واسعة وهي تسالها
بعيون لامعة بالفرح……
“اي يابنتي وقفتيني ليه……”
عانقتها حنين وهي تبتسم بسعادة لأجلها..ثم رفعت الهاتف امامهم وهي تقول بجذل……
“تعالي نتصور سوا……….اليوم ده ميتعوضش….”
طالت البسمة في عينا سمر وهي تعانق خصر صديقتها ناظرة هي وحنين للكاميرا….التقطت
حنين عدت صور لهم بوضعيات مختلفة معظمها
مضحك والاخر لم يظبط بسبب اهتزاز يداها
والقليل جيد جداً……..
ان الصور تخرج جميلة فقط لان جاذبية سمر تعطي للصورة نكهة خاصة……….
وان وقفت سمر جوار الجميلات ستكن امامهم المراة الاكثر جاذبية والملفته للانظار بجمالها الخلاب….. فكيف لا تغطي جاذبيتها على حنين…..وكيف وهي
ترتدي ثوب زفاف غاية في الانقة والجمال بتنورة متسعة كفساتين الاميرات….وشعرها الاسود المموج انساب على ظهرها بتسريحة انيقة وقد وضعت فوق راسها طوق بورود الالماس البراقة ذادت تألق به
وكان باخر الطوق من الخلف تشتبك به طرحة الزفاف البيضاء الشفافة المتدليه خلفها حتى الارض………
هذا الفستان هو بعينه الذي اهداه ابرهيم لها في سابق…..كان يود تغيره حتى لا يذكرها بما مرا
به معاً……ولكنها رفضت واصرت على ارتداءه كما
تمنت في احلام اليقظة !!……
اليوم ارتدت اياه محاولة تخطي الماضي والقاء الوجع خلف ظهرها……حتى تتابع حياتها معه…
وتقتنص حلمها اجبارياً من الدنيا حتي يدخل
الفرح قلبها وتكن قادرة على اسعاد قلبه بعدها….
فهما يستحقا الافضل بعد تلك المحن المؤلمة……
ابتسمت سمر بشفتيها القرمزيّة الرقيقة….وطالت البسمة الحلوة في عينيها السوداء الامعة
المكحلتين بجمال زادت البهية فتون للعيون……
“الصور حلوة اوي…….”
“عشان انتي فيها ياسمورة……”ثم تطلعت حنين
على الفستان واضافت بسعادة منكسرة قليلاً من كثرة اوجاعها…….
“الفستان حلو اوي عليكي…….”
قالت سمر وهي تتفقد ثوب حنين البني والفرو الأبيض المحيط منكبيها……
“انتي كمان فستانك حلو اوي……”
ابتسمت حنين باقتضاب فهي اضطرت لارتداءه مجدداً فلم يتوفر وقت لشراء ثوب سهرة مناسب لعرس سمر…. وهي في الاساس متعبه ولن تتحمل جولة بحث وشراء… فقد أصبح مجهودها في
الاونه الأخيرة مقتصر جداً……
تقدمت منهم حبيبة بفستانه الانيق البنفسجيّ الفاتح
الهفهاف الطويل وكان ملائم لها وبازر حلاوة رشاقتها التي تتمتع بها……وكذلك حجابها كان ملتف حول وجهها برقة مغطي شلالها البني عن العيون……
ذوقها راقي ناعم مثلها….. حتى ملامحها هادئة راقية
ناضرة تكمل صورة ملكة الثلج كما يلقبها من وقع بالهوى قبل أوانه………
“انا كمان عايزة اتصور مع سمر…….”
صاحت رحمة بغيظ وهي ممسكه بابنها الصغير(ابراهيم) بين يداها وهي تتقدم منهم….
“وانا كمان عايزة اتصور مع العروسة……..”
ضحكت سمر وهي تاخذ الثلاثة صفين في احضانها
وحنين على الجهة اليمين وحدها وحبيبة ورحمة من الجهة الأخرى…..
التقطت حبيبة لهم الصورة (سيلفي..)وقبل ان
يبتعد الجمبع نادت سمر على زملاءها وعفاف اولهم كي يتصور الجميع معها…..فشارك الجميع الصورة على شرف العروس الجميلة………سمر……………
سمعت الزغاريد وصوت ابواق السيارات والدرجات البخارية بالخارج……
خفق قلب سمر باضطراب واهتزت ابتسامتها بينما اقتربت منها حنين وابتسمت لها وهي تبث الطمانينة لقلبها…..
“مالك ياسمورة………. دا ابراهيم حبيبك……فكي التكشيرة…. ”
صاحت حبيبة ورحمة بسرعة لهم…..
“سمر ادخلي في اي حته مش عايزين ابراهيم يشوفك دلوقتي……”
عقدت سمر حاجبيها بحيرة……. قالت حبيبة بغيظ من سمر لاول مرة…….
“اسمعي الكلام ياسمر ونبي ماتبوظيش الدنيا….”
نظرت سمر نحو حنين بحيرة….
“هو في اي ياحنين…….”
ابتسمت حنين وهي تخبرها بخبث……
“اسمعي كلامهم شكلهم… عايزين يلعبوا شوية باعصاب العريس……..”
مطت سمر شفتيها باستنكار معقبة…..
“هو دا حد يقدر يلعب باعصابه…….”
صاحت حبيبة بسرعة….
“ابراهيم داخل…..”
برمت سمر شفتيها وهي ترفع تنورة الفستان
وتدخل احد الزوايا قائلة….
“امري لله………….. ام نشوف اخرتها……”
دخل ابراهيم بحلة انيقة غاية في الوسامة عليه…
وشعره مصفف للخلف بجاذبية…. وقد حلق لحيته
فباتت بشرته صافية ناعمة اكثر…وملامحه تنبض
بسعادة والراحة…….وعيناه تلمع بلهفة وشوق وهو يبحث عنها في ردهة المكان……
سمع ضحكات نسائيه ماكرة مما جعله يشتم رائحة غدر وهو ينظر لبوكية الورد الاحمر الذي اشتراه
لها كي يقدمه كما تقول الطقوس حينما يراها بثوب الأبيض……
نظر ابراهيم للبوكية بحماقة فهو لا يفضل تلك السخافات ولكنه يحاول ان يظهر بصورة زوج رومانسي كما يقول الكتاب………..
عادت عيناه القاتمة للكاتمين ضحكاتهما بايديهم وهما ينظرون اليه…. لوى شفتيه وسال بهدوء….
“فين سمر؟…..”
ردت حبيبة بمكر…..
“سبقتك على القاعة……”
ابتسم ابراهيم ببرود قائلاً بالامبالاة…..
“حلو اوي……… وفرت……”
عضت سمر على شفتيها وتوسعت عينيها وهي تسمعه جيداً من موقعها…. وكانت تنوي الخروج وخنقه بيداها لكنها تحملت لتراه سيخرج بدونها
ام سينتظرها كما يفعل دوماً !!……
عاد إبراهيم وسال حنين مباشرة عن مكانها….
“فين سمر ياحنين……”
حركت حنين كتفيها وقالت ببساطه….
“دور عليها بنفسك…….. لو عايزها….”
تجهمة ملامحه قائلاً بنزق….
“اي لعب العيال بتعكوا دا بقا…. طب ما تخرج
هي اسهل…….”
اقتربت منه حبيبة وقالت برفق…..
“بص يابيه…. احنا هنخرجها…. بس ادينا ضهرك…”
رفع احد زوايا شفتيه مستنكراً وسال تلقائياً……
“ليه هي كل دا مالبستش الفستان؟……”
احمرت وجنتي حبيبة بخجل وتوسعت عينيها بصدمة مما جعله يشعر بحماقة ما قاله
للصغيرة….
تدخلت رحمة في الأمر وهي تتقدم منه….
“اسمع الكلام ياهيما… عايزين نصور اللقطه دي…
اول ما تشوفها بالفستان….. ”
ردد نفس كلمات سمر بنفاذ صبر وهو يدير وجهه لجهة الخروج…….
“امري لله……… خلصوا عشان زهقت منكم ومنها…”
اطبقت سمر على اسنانها هامسة له بتوعد
من خلف الباب…..
“كلمة تانيه وهاخد بعضي وروح……..”
اتجهت حبيبة لسمر وساعدتها على الخروج ثم بدات
رحمة بتصوير اللقطة التاريخية……..
سالته رحمة بلؤم…..
“قولي يابراهيم اي اكتر اكله سمر بتحبها….”
صاح بغيظ في وقفته الشامخة كتمثال حجري….
“احنا في برنامج اديني عقلك ….. ما تخلصي يارحمة وبطلي غتاته…….”
صاحت رحمة بتهكم وهي تقلب شفتيها….
“مين فينا اللي غتت دلوقتي بقولك بصور… كل ده بيتسجل انت حر……”
كانت سمر تقف خلفه عن بعد ثلاث خطوات وقد وضعت يدها على فمها تكبح ضحكاتها من غيظة
ومشاكسة الجميع له في هذا اليوم تحديداً…
سمعته يجيب على مضض…..
“سمر بتحب المكرونات….. والشوكلاته…..
والنسكافية……. وكابتشينو……..”
توسعت عينا سمر وهي تنظر لظهره بصدمة وقد شعرت بفرشات تدغدغ معدتها….. وخفقات تشعل
قلبها حيوية غريبة….. كغرابة رده وتفاصيله بما تحب…….. ربما يعرف الكثير بسبب احاديثهما
الطويلة على الهاتف في فترة الخطوبة…حقاً
مزال يذكر التفاصيل الدقيقة والبسيطه بينهما…
مزال يذكر انوع الاكل والحلوى والمشروبات التي تفضلها………مزال يذكر……رغم انها لم تذكرها إلا
مرة واحده !!….وفي احاديث استثنائية لا تتكرر
كثيراً بينهما……
توسعت ابتسامة رحمة وهي تزيد العيار
قائلة…
“واي اكتر لون بتحبه……”
رد إبراهيم هاكماً مغتاظاً منهن جميعاً…..
“انا مش عارف اي اللي جابني بصراحه….بتحب اشارات المرور احمر اخضر أصفر……واي حاجة فيها ترتر……”
خرجت ضحكة خافته من بين شفتيها فوقع قلبها وخشت ان يستدير ويراها….ولكنها انصدمت مرة اخرى وهو يقول دون ان يلتفت اليها….
“اضحكي اضحكي…مانتوا متفقين……هيطلع عليكي…….في الاخر…….”
وضعت يدها بخصرة قائلة……
“الله انت بتهددني قدامهم يابن راضي…..”
صاحت حبيبة تلك المرة وهي تقول بلهفة
مترجية….
“ونبي يابيه اخر سؤال…اخر سؤال قبل ما تلف
لسمر ونبي…….”
مط شفتيه حانقاً….. ثم قال….
“الاسئلة احلوت النهاردة…. المايك معاكي
يابنت عمي….”
ضحكت حبيبة وسالته بحماس….
“اي اكتر جاجة بتحبها في سمر……..اذكر تلات حاجات… ”
رد بصيغة ابراهيم راضي المبسطه في حبه….
“عنيها… شعرها…. تقريباً كل حاجة…….هو انا خدتها على بعضها كده بالبركة مش هقعد انقد فيها….”
توسعت عينا سمر بصدمة ووضعت يدها على
وجنتها معقبة….
“تنقد !!……انت بتشتري كيلو طماطم يابراهيم…..
ياحظك ياسمر….. ”
سالها باستغراب ولم يستدير بعد….
“مالوا حظك ياسمر…..دا انتي هتجوزيني….في بعد كده حظ……”
دبت بحذاءها بالارض غيظٍ منه…..
“روحني…….روحني يابراهيم….”
“روحني… هو احنا لحقنا…..” قالها وهو يستدير اليها أخيراً ليجدها بكامل اناقتها بثوب الزفاف الأبيض
بجمالها وجاذبيتها المعهودة……
انها أجمل مما تخيل… رسم آلاف الصور بعقله وهو اتي اليها وصورة الواقع فازت بجدارة……..
ظل للحظات يتاملها بصمت و…. وعيناه تلمع
بالحب باللهفة….. تنطق نظراته نحوها قصايد
غرامية جريئة قوية تلامس قلبها بقوة.. مما جعلها ترتبك وهي تنظر الى جاذبيته كالمسحورة….فهي دوماً تقع اسيرة شموخ الوسامة الحادة به…وبقلب عيناه القاتمة تحلق لابعد حدود محاولة اضافة بريق خاص بها لا ينير إلا حينما ينظر إليها……
تلاشى غيظها منه وحل الخجل وتسارعت نبضات قلبها وهي تجده يتقدم منها ملقي البوكية خلفه
ببساطه……..
توسعت عينا سمر وهي تنظر الى البوكية الملقي أرضا بحسرة ثم عادت اليه بعينيها لتجده يجذبها لاحضانه بعدما وصل اليها…… ضمها بقوة وشعرت
بساقيها ترتفع عن الأرض بفعل يداه القويتان….
صفق الفتيات لهم بحرارة وهو وهي كانا بعالم آخر
منفصل وهي تشعر باحضانه الدافئة تغلف جسدها الانثوي بحميمية اهلكت كلاهما واشعلت القلوب اكثر من السابق…….
بعد ان مرت لحظات مسروقة من عمرهم ترك قدميها تلامس الارض…. حينما وقفت امامه ترك خصرها وعانق وجهها بكفيه وهو يميل على جبهتها مقبلها
بحب قبلة طويلة اوشكت على ان تفقد ثوابها
معها….. لقوة المشاعر الناتجة عنها رغم بساطة
اللمسة بينهما…….
“مبروك ياحبيبتي…….”
اهدته ابتسامة تقطر عسلا وهي تقول بعيون لامعة بالحب…..
“الله يبارك فيك يابراهيم…..”
همس لها دون ان يلاحظ أحد…..
“الابيض هياكل منك حته ياشبح……”
رفعت انفها وقالت بتعالي…
“عشان تعرف بس انت متجوز مين……”
رد ابراهيم بنبرة مستفزة وهو يجعلها تعانق مرفقة بيدها الناعمة……
“متجوز مين يعني شبح…..شبح في نفسه…يلا قبل ما تغيري رايك……”
ضحكت وهي تلكزه في كتفه وتخرج معانقه ذراعه
والفرقة الموسيقي تعزف خلفهم……
………………………………………………………….
وصلا صالة القاعة الشاسعة الفخمة وتمت فقرات
إستقبال العرسان على اكمل وجه……..
وقد بدأ الجميع بتهنئة اياهما بحرارة ومحبة…….
تقدمت نوال منهما وهي تشعر ببعض الحرج….
فقد اوصلت رحمة الحديث الذي سمعته على
لسان سمر لهما…….
ربما كبرياءها كأم وسنها يمنع اعترافها بحقيقة انها أخطأت في حق سمر….وحتى بعد ان حكت رحمة
لم تبدي رد فعل حيادياً…..بل كانت صامته وكانها مصممة على اتهام سمر بابشع الصور…….
هذا ما كانت تظنه رحمة…..لكن نوال شعرت بندم لكونها امراة ظالمة !!….تعرف جيداً عقاب
الظالم عند آلله……..وهي حكمت واصدرت الحكم
دون التأكد او حتى سؤال ابنها مباشرةً عن حقيقة
زيجة سمر…….
كانت مضطرة لاجل ان تنقذ ابنها…. وتحافظ على
اخيها…….لم تكن طامعه في المال كما ظنت…ولم تحرض هذا الرجل على ابنها كما توقعت……
وقفت نوال امامهما….. وقع قلب سمر وهي جالسة
على الاريكة جوار ابراهيم (الكوشة)….. الذي
رفع عيناه على امه ولكن رد فعله كان مختلف
لانه نهض سريعاً وعانقها متمتاً….
“كنت متأكد انك هتيجي يامي……. عارف اني مش
ههون عليكي……”
رق قلب نوال وترقرق الدمع بمقلتيها وهي تبادلها العناق قائلة بحنان الام…..وهي تربت على كتفه
“مبروك ياحبيبي……. ربنا يسعدك…..”
بينما نهضت سمر ووقفت منتظرة رد فعل قاسي يكسر فرحتها أليوم……. بلعت ريقها بتوجس
حينما وجدتها تفصل العناق بينها وبين ابنها…..
ثم نظرت اليها نوال وخطت خطوة نحوها
ورفعت يدها…….
حينها شحب وجه ابراهيم واغمضت سمر عينيها بخوف……. ولكنها تفاجئت بان نوال تتحسس
وجنتها برفق قائلة بمحبة…..
“مبروك ياسمر……….. ربنا يسعدكم……..”
فتحت سمر عينيها ونظرت لنوال بدهشة…بادلتها نوال النظرة بابتسامة معتذرة حانية…..ثم
ابتعدت عنهما………
عادت عيناها لابراهيم الذي ابتسم ابتسامة واسعة حتى برزت اسنانه وتلك طفرة لا تتكرر كثيراً..ثم وجدته يحيط كتفها وهو يخبرها هامساً…..
“مش قولتلك……..”
بادلتها الإبتسامة براحة وسعادة وهي تعود
للجلوس لتتابع ما يحدث عند ساحة الرقص…….
قد وصلا يوسف ونور الى القاعة كذلك بعد ان
دعاهم احمد للحضور…….
ابتسم يوسف وهو يناكف اخته….
“فستان روبنزور ده هيكفيكي على وشك….”
مطت نور شفتيها وهي تنظر لفستانها الوردي والكومة الكبيرة المحيطه بها من الأسفل……
كان طفولي قليلاً بلونه الوردي والورود المطبعة
عليه….حتى شعرها الاسود الطويل عقدته بضفيرة
غليظه انيقة تتدلى لاخر ظهرها بجمال…..ردت على اخيها بغيظ…….
“اسمها رابونزل…….وبعدين عجبني..وبابا قال انه
حلو عليا…….”
مط شفتيه ساخراً……
“بابا لازم يطبل لدلوعه……”
كانت سترد عليه لكنها رات حبيبة تتقدم منهم هي وصديقتيها (شذى وهنا….) لوحت نور بيدها لها…
“حبيبة…..”
قالت حبيبة بابتسامة واسعة وهي تتقدم منها…
“نور أخيراً جيتي…. كُنت لسه هرن عليكي….”
سلمت هنا وشذى كذلك عليها وعيناهما معلقه
على يوسف ذاك الوسيم وسامة تعلق عيون وقلوب الفتيات عليه……قالت شذى وهي تعانقها بحرارة….
“هاي يانور….. كنا لسه بنسأل حبيبة عليكي…” ثم همست بالقرب من اذنها….
“مين القمر……”
همست هنا من الناحية الاخرى بوقاحة….
“شكله تايه وعايز حد يوصله….. انا معنديش مشكلة اوصله…….”
همست شذى لنور وهي تعانق كتفها بتملق….
“خليكي انتي ياست انا هوصله…. قريبك دا ولا خطيبك…….”
اجابتهم نور بهمس….
“دا اخويا…….”
عانقتها شذى فجأه بقوة….
“حبيبتي حبيبتي…. انا اول ما شوفتك اصلا
حبيتك جداً……… ”
برمت هنا شفتيها متدخلة….
“متهزريش ياشذى انا اللي حبتها الأول…..”
قالت شذى من تحت اسنانها…..
“اكتمي ياهنا…. ان شاء الله يكون عندها اخوات
ولاد تانين…….”
كتمت حبيبة ضحكاتها وهي تراقب تصرافهم
المتملق ناحية نور بعد رؤية اخيها……..
وحينما كانت هي تضحك وتتابع صديقاتها كان يوسف ينظر اليها بقوة محاول تذكرها فهو يشعر
انه راها من قبل…. لكن أين……..
في تلك الاوقات تقدم منهم كرم مرتدي طاقم شبابي انيق…. وشعره الاسود المجعد تاركه بجنون فوق راسه…….
اول من لاحظ وجوده نور التي نظرت لملامحه السمراء الوسيمة بهيام….. مهما رات سيظل كرم
حضور و وسامته يرتجف عندها قلبها الصغير….. وضعيف في الهوى……
“اي ياجماعة لسه جاين ولا إيه…..”قالها كرم وهو يسلم على يوسف وينظر لنور باعجاب فطلتها
اليوم تصنف باميرة الاساطير كما يراها دوماً…..
اجاب يوسف ساخراً وهو يبتعد عن صديقة…
“آآه…. لسه دلوقتي…… بس نور بتسلم على
صحابها اللي انا أصلا معرفش صاحبتهم امتى….”
تلك المرة تكلمت حبيبة إليه موضحة بهدوء…
“اتقبلنا صدفة في مطعم كنتاكي ومن بعدها
بقينا صحاب…….”
لانت ملامحه عند سماع صوتها فحاول اطالت الحديث متسائلاً…….
“مين بقا عرفكم على نور……”
أشار كرم على نفسه بهدوء محاول حذف أحمد
من الصورة…….
“انا ياسيدي…. شوفتها صدفة وعرفتهم على بعض… حبيبة جارتنا وشذى وهنا صحابها…..”
اوما يوسف بتفهم وهو يبعد عيناه عن حبيبة متسائلاً……
“هو فين أحمد صحيح…….”
مط كرم شفتيه بحيرة…..
“مش عارف انا مش لقيه أصلا من ساعتها…على العموم ادخل الشلة بتاعتنا كلها جوا…..”
“بجد……طب يلا بينا…..”ثم نظر لاخته قائلاً…
“خليكي انتي مع صحابك…. بس قدام عيني متبعديش……” ثم عادت عيناه لحبيبة التي توترت
تلقائياً من نظراته لذا اشاحت بوجهها بعيداً عنه….
بينما راقه خجلها وهو يبتسم ابتسامة جذابة ثم رافق صديقه للداخل………
لفت نور امام اعيناهما متسائلة ببراءة….
“اي رايكم في الفستان…..”
ردت شذى باعجاب….
“جميل أوي…..”
بينما رفعت حبيبة الهاتف على اذنها….وحينما
فتح الخط قالت بغيظ
“انت فين يا احمد…….”
رد بغلاظة وفمه ممتلاء بطعام…..
“باكل يابنتي…… في إيه…….”
سالته بدهشة.. “بتاكل فين…..”
رد ببساطة…… “في البوفيه…..”
عقدت حاجبيها متسائلة…. “هو البوفيه فتح…..”
رد بمرح وهو يمضغ الطعام…..
“فتحلي مخصوص……..تعالي كُلي……الاكل طعمه حكاية….. ”
مررت يدها على بطنها وهي تشعر انها
تشتهي الطعام……
“انا فعلاً جعانه يا احمد…..قولي اجي فين…..”
وصف لها المكان سريعاً …وقد هربت من اصدقاءها بحجة دخولها للحمام……..
وقفت عند أحد الأبواب المغلقة وطرقت عليها
فوجدته يجذبها من يدها صرخت برعب ولكنه
كمكم فمها وهو يسحبها معه برفق….
“هشش هتفضحينا…….. تعالي……”
جذبها لأسفل أحد الطاولات الطويلة العالية المغطى بفرش أبيض….جلسا الاثنين تحتها لتجده يحتفظ بصنية كبيرة من الطعام عليها كل مالذا وطاب………
ضحكت حبيبة وهي تمسك قطعة من
اللحم …
“انت حرامي…….”
سحب منها قطعة اللحم بغلاظة…..قائلاً….
“الطبق بتاعك قدامك بطلي نصب….”
ضحكت وهي ترفع الطبق وتبدأ بالتهام ما به……
ثم سالته بمناغشة…..
“مقولتليش اي رايك في الفستان……”
مضغ الطعام وهو يقول ببساطة….
“مم حلو………شغال…..”
سالته وهي تنظر اليه ببراءة….
“انت لسه زعلان…….”
رفع معلقة الارز على فمه مجيباً…..
“لو زعلان هكلمك ليه في التلفون…..”
قالت حبيبة باقتضاب…..
“ايوا بتكلمني بس من غير نفس……وخمس
دقايق وبتقفل… ”
اجابها بغيظ….
“عشان للاسف مش بتسمعي الكلام……”
قالت بانزعاج منه….
“على فكرة انا مسحت الصورة…وبعدين كل
اللي عندي على الصفحة بنات……”
رد بحنق وهو يبتلع الطعام….
“انتي مسحتي الصورة بس امبارح….وكمان ياهانم انتي آآه كل اللي عندك بنات بس كل نص ساعة القيكي مشيرة حاجة على صفحتك دا غير تعليقات
اللي بشوفهالك…”
زمت شفتيها وقالت بضيق…..
“انا مش بشير كل ساعة يا احمد…..”
اوما وهو يضيف بسخط……
“قسماً بالله ياحبيبة انا بعرف اخبار الدنيا كلها
من صفحتك……”
كتمت ضحكتها وهي تنظر إليه قائلة
بشقاوة….
“بطل زولم……”
ضحك عليها وهو ينهي طعامه واضعاً الطبق
فارغاً….
“لو خلصتي يلا نخلع قبل ما نغسل الاطباق….”
هي أيضاً تركت طبقها شبه منتهي وهي
تقول….
“شبعت انا كنت جعانه اوي…..”
“عدي الجمايل…….”قالها وهو يخرج من أسفل الطاولة ثم مسك يدها وخرجت معه……سمع
الاثنين صوت احداً قادم من باب المطبخ الآخر…..
جذبها أحمد سريعاً من باب الخروج التي دخلت
منه ليركضا الاثنين سريعاً وهم يضحكا…….
……………………………………………………………
وقف كرم بشرفة شاسعة المتواجدة بقلب صالة القاعة……..
ظلت عيناه البنية ترمق الجو الحالك المنير بالمصابيح البعيدة امامه…….كان يرى الأفق
من خلال تلك الشرفة العالية…وكان السماء
ملتقيه بالأرض عن بعد…..كانت النجوم تزين
قتامة السماء الصافية…..وتلمع بها مضيفه نكهة
لتأمل…….
وقفت نور خلفه تتأمل ظهره وصمته وهو ساند على جدار الشرفة بيداه…. يتأمل البعيد بعينين حزينتين
ساكنتين………..
وجدته يغني بصوتٍ رخيم وبهمساً…..
(هاتي ايدك نشوف…….دنيا جديدة بتلمع……)
ابتسمت نور حالمة فهي تعشق تلك الأغنية….وهو دوما يذكرها ببطل تلك الحكاية(علاء الدين….)
تفاجئت به ينظر اليها وكانه يعلم بوجودها خلفه….
وجدته يتابع الاغنية وهو ينظر إليها بحنان…
(يا اميرة……امتى قلبك كان ليكي يوم دليل….)
خفق قلبها وهي تتقدم منه وتشاركة الخلوة وهي تنظر اليه بعيونها الامعة المنبهرة بفارس احلامها…
تابع كرم وهو ينظر للافق البعيدة…
(سيبي قلبك ليا….وشوفي الدنيا عجيبة…..دنيا
بعيدة وقريبه….على البساط السحري نطير….)
نظر اليها بحب ثم لساحة الواسعة من امامها….
(دي دنيا فوق….. دا عالم تاني مش معروف… منحسش بيا بخوف وفيه نشوف… الحلم يبقا حقيقية…..)
شاركته نور الغناء بصوتها الناعم…..
(دي دنيا فوق…دا عالم تاني معرفوش…وانا وياك بعيد….. اكيد اكيد….بقيت في عالم تاني معرفوش…)
ابتسم كرم وهو ينافسها بقوة….
(بقيت في عالم تاني معرفوش……)
تابعت نور وهي تنظر لعيناه….بصوتٍ ناعم مفعم بالمشاعر….
(دنيا متقولش حلم…..حلم وانت اهو صاحي…فوقي
وتحتي حواليا….بشوف سما صافية مالها حدود…
دي دنيا فوق…..)
(نفسي اشوف حاجات كتير….. طايره بلا جناح
قلبي مرتاح……مش عايز يرجع تاني يبقا أسير…….)
ابتسمت نور واحمرت وجنتيها وهي تبعد
عينيها عنه……وقالت بلطف…..
“صوتك حلو…..ودي اقرب أغنيه لقلبي……”
مط شفتيه وهو ينظر للبعيد
“عارف………. بريئه زيك……..”
توسعت ابتسامتها وهي تنظر اليه بانبهار……
“تعرف انك بتفكرني بعلاء الدين……”
قال كرم ساخراً…..
“ربنا يوعدنا بالمصباح السحري…….عشان نفوز
بقلب الأميرة…….”
قالت نور بحنق…..
“مين قال ان فاز بقلبها بسبب المصباح……”
قال هازئاً…..
“هي حبته عشان أمير…..”
قالت نور بدفاع قوي عن بطلتها…..
“هي حبته من أول مرة شافته فيها…في سوق…لما انقذها……”
قلب شفتيه قائلاً بغلاظة….
“في نهاية برضو………اختارته عشان هو أمير….”
هزت راسها قائلة بانفعال……
“غلطان هي اختارته عشان بتحبه…..مش عشان
هو أمير…….”
نظر لانفعالها المبالغ فيه لبرهة….ثم حدثها
برزانه….
“متعلقيش نفسك بالاوهام يانور….انتي لسه صغيرة……..”
هتفت من بين اسنانها المطبقة عليهم بغيظ….
“وانت كمان لسه صغير…….ومش محتاج مصباح سحري عشان تثبت انك تستحقني……انت بس محتاح تفتح عينك ياكرم…… محتاج تفتح
عينك…..”
تركته وابتعدت وعيناها تلمعان بدموع…..زفر كرم وهو يرجع شعره للخلف بتشنج……..ضارباً سور
الشرفة بعدها بعصبية…….
……………………………………………………………
وقف هو وهي عند ساحة الرقص وقد بدأ بالرقص على اوتار موسيقية ناعمة….من بين الاضاءه الخافتة
واجهزة البخار الملونة التي تخرج كغمام ملون يطوف من حولهم……. وتتساقط عليهم بعضٍ
من اوراق الورود الحمراء بين الحين والآخر…….
عقب ابراهيم بمزاح وهو يرى ابتسامتها تتسع
بانبهار وسعادة وهي تسند راسها على صدره……
“عشان تعرفي بس اني صارف ومكلف…..”
ضحكت سمر وهي تختبئ بصدره بنعومة قائلة…
“قول ان كل ده مش حلم………احنا اتجوزنا
فعلاً يابراهيم…….”
ضمها اليه باشتياق وهو يقول بحرارة…..
“اتجوزنا ياحبيبتي…….. اتجوزتك اخيراً…….”
إبتسمت وهي توصف شعورها ببساطه……
“حسى ان قلبي هيقف من الفرحة……”
أسند جبهته بخاصتها وداعبها بانفه قائلا
بصوتٍ أجش……..
“بعد الشر عليكي…….”
نظرت إليه بحب قائلة بحرارة…..
“انا بحبك اوي ياهيما…..”
“وانا بموت فيكي ياسمر……..”قالها وهو يعانقها بقوة رافعه قليلاً عن الارض ليدور بها عدت مرات بينما يصفق لهما الجميع بحرارة وحماس……
على الطاولة الأخرى لانت ملامح نوال الجالسة
على احد المقاعد…… تتابع ابنها وسعادة
الواضحه عليه…….تمتمت بقلب أم……
“ربنا يسعدك يابني………ويعوضكم خير……”
…………………………………………………………
بعد رقصة العرسان….كان يقف أحمد مع اصدقاءه الشباب عند ساحة الرقص… بدأت الاغاني الشعبية تصدح من حولهم وبدأ الجميع برقص شباب وبنات……
وقف هو وكرم ويوسف جوار بعضهما…. وكانت حبيبة والفتيات الثلاثة واقفين في احد الزوايا
بعيداً عن تجمع الشباب والرقص لكي يرون جيداً
ما يحدث……
همس أحمد بخبث…..
“شايف البط البلدي…. ”
رفع كرم شفتيه للأعلى وقال هاكماً……وهو يذكره بحديثه……
“يابني هو انت مش توبت….توبه نصوحه ولا إيه….”
اوما أحمد بخبث وعيناه تسير على كل فتاة تمر
بجواره…….ومع ذلك ملامحه ثابته لا تهتز
حتى لا ينكشف أمره امام من تراقبه من
بعيد…..
“آآه حصل….بس دا ميمنعش انك تمتع عينك برضو……….يخربيت الدريسات جامد…. ”
لوى يوسف شفتيه وهو يشاركهم الحديث ناظر لاحمد بطرف عيناه بتساؤل……
“الدريسات برضو؟…..”
رد أحمد بوقاحة وتلاعب صبياني…..
“لا اللي لبسنها………الحشو فاخر بيجيب من
الاخر….. ”
اتت مُنى عليهم همس كرم بخبث وهو يضرب كتف
أحمد….بعد ان رآها تتقدم منهم بثوب أحمر ناري
ملتصق بها وحجاب تقريباً يغطي نصف
شعرها……..
“أحمر وانا شقيان يالالالي……قابل يابرنس……”
نظر لها أحمد ثم لصديقه كرم وهمس حتى
لا ينتبه يوسف….
“حلاوتك…….هي حبيبة لسه وقفه مكانها…..”
صاح كرم بمكرٍ…..
“وعينها عليك يامعلم……”
اقتربت منهم مُنى وقالت بصوتٍ ناعم
متملق…..
“ازيك يا أحمد……. عامل إيه…..”
لوح أحمد بيده متجاهل النظر إليها وهو يحدث
صديقة بسأم….
“هشش….. هشش…..النموس مالي القاعة ياجدع….”
تجاوب كرم معه في الحديث وهو ينظر لمنى
بجرأة…..فكان الثوب ملتصق بجسدها بشدة
بارز قوامها الفاتن للاعين…….
“نسيوا يرشه ولاد إلا……………ازاك امُنى…….”
ابتسمت مُنى بنعومة….
“الحمدلله يا كرم……”ثم نظرت لاحمد وقالت
بحنق…..
“انت مبتردش عليا لي يا احمد….بكلمك على فكرة….”
لوح أحمد مجدداً بيده متجاهلها…..
“النموس…هششش….هششش بقا دا انت بارد….”
وضعت مُنى يدها بخصرة قائلة
بضيق….
“ممكن تبطل هزار وترد عليا…..”
غمز يوسف لصديقه ناظراً لمُنى…..
“ما ترد على القمر يا احمد هي دي جارتكم بقا اللي كنت بتحكيلي عنها…..ودي اللي ضربت عشانها.. ”
اوما كرم سريعاً وهو يكبح ضحكته……
“آآه هي دي اللي اضرب عشانها….”
نفى احمد الأمر سريعاً وكانها تهمه
شنيعة…..
“لا طبعاً…… انضرب عشان دي انت عبيط…..”
ضيق كرم عيناه وقال بمكر…..
“ياعم مشيها مُنى حد طايل……”
ضحكت مُنى قائلا بمراوغة….
“قوله ياكرم….”
اوما لها كرم وهو يميل عليها بوقاحة قائلاً
بتلاعب صبياني……
“والله بقوله…..بس اي الاحمر ده….. شقيتي القلوب يامُنى……”
مدت مُنى يدها ومررتها على ياقة قميص أحمد
قائلة بجرأة……
“إلا قلب واحد تقلان عليا……….أحمد….”
ابعد أحمد يدها عنه سريعاً وهو ينظر نحو
حبيبة بين الحين والاخر…..
“ايدك بعيد ونبي احنا مترقبين……”
نظرت مُنى حولها بخبث….وهي تضع يدها
على كتفه…….
“مين مرقبنا بقا…….محدش شايف حاجة… ”
ابعد يدها بغيظ وهو يقول بحزم….
“وبعدين يعني في ام ايدك اللي هقطعهالك دي….”
تهلل وجه مُنى وهي تقول فجأه…..
“آلله…….بحب الاغنيه دي اوي…..وبحب ارقص عليها…….”ابتعدت عنهم كالمجنونة الذي اصابها مس
وبدات تتمايل عن بعد وهي تنظر لاحمد بشقاوة….
قال كرم هو يبتلع ريقه بصعوبة ناظراً نحو
مُنى….
” انا اعصابي باظت ياجدعان……”
قلب أحمد شفتيه بازدراء معقباً……
“جتك القرف….اللهي تعجبها وتقرفك في راحه والجايه…..”
اوما كرم وهو يتحسس صدره بوقاحة….
“ياريت……بحب البت الساهله اللي مش هتمانع
مهم طلبت…….”
تلك المرة تحدث يوسف بتهكم…..
“و ربنا بقا……….نسيته…….”
عدل كرم جملته قائلاً بحرج….
“في اي ياجدع فك كده…..دا انا بهزر……اكيد
مش اخلاقي…….”
ربت أحمد على صدر كرم قائلاً بسخرية…
“لا وانت ماشاء الله ياكرم اخلاقك عالية…..”
اقتربت مُنى منهم وهي تتمايل بوقاحة…..جز
أحمد على اسنانه وهو ينظر اليها قائلاً
لاصدقاءه بغيظ……
“اروح فين ياجدعان منها…..افتح تربة ودفن نفسي…..”
اقترح كرم ببساطه……
“ياسطا ارزعها قلمين وخلص……..”
زم أحمد شفتيه بسخط…..
“وبوظ فرح اختي ياغبي……”
اقتربت منه مُنى بميوعة وسحبته من يده لساحة الرقص امام الجميع وظلت تتمايل بخصرها على الأغاني الشعبية الصاخبة…. وتتلاعب بعيناها
بنظرات جريئة تدعوة للهو معها مجدداً كسابق…
لكنه كان ينظر اليها ثم ينظر لحبيبة التي تتابع ما يحدث بوجهاً جحري وكانه بات لا يعنيها
الان !!……
همس أحمد لها من بين اسنانه….
“انتي عارفه لولا ان احنا وسط الناس انا كنت
عملت اي فيكي…..”
اقتربت منه ومالت عليه وهي ترقص……
“كنت عملت اي ياحبيبي…..”
قال بشر مغتاظ…..
“كنت لعبت في وش امك البخت……”
نظرت له مُنى بقوة رافعه حاجبيها للاعلى بنفاذ
صبر وقالت….
“انت جابت اخرك معايا…وانا زهقت من اللف
وراك….”
رفع احد حاجبيه قائلاً بسخرية…..
“ريحي نفسك ياختي وقعدي في بيتكم واحترمي اللي جبوكي…..”
اومات برأسها وهي تقول بنبرة سوداوية…..
“هقعد في بيتنا يا أحمد….بس قابل اللي هيحصلك بعد كده…..يا روميو……”توقفت وقتها عن الرقص ونظرت اليه بشزرٍ ثم ابتعدت عنه تاركه اياه واقف مكانه وبعض الشباب والفتيات يرقصا من حوله على الموسيقى الصاخبة……..
عادت عيناه على مكان حبيبة فلم يجدها بمكانها…
زفر بغيظ وهو يبتعد عن الجميع…..
……………………………………………………….
دخلا معاً الشقة بعد امسية الزفاف الحافلة…..
خفق قلب سمر باضطراب وهي تراه يغلق الباب بالمفتاح !!…….
فسالتها وهي تنظر اليه بتوجس…..
“ليه قفلته بالمفتاح……”
نظر لها باستغراب….
“عادي…….. مالك انتي خايفه……”
حركت كتفيها بتعجب….
“خايفه !……. هخاف من إيه عادي……”
ابتسم ابراهيم وهو يقترب منها…. ويقفا امام
بعضهما في صالة الشقة…. نظر لعينيها السوداء الامعه بشغف قائلاً بنبرة عميقة…….
“مبروك ياحبيبتي……..”
لعقت شفتيها بتوتر وهي تغمض عينيها….
قائلة بهمس…..
“الله يبارك فيك……”
نظر لشفتيها الشهية ثم لعينيها البراقة كنجوم
المضيئة في سماء قاتمة…… بلع ريقه وهو يمد يده
لبشرتها الناعمة وتحسس وجنتيها وهو مغمض العينين بتأثر……. هي أيضاً اغمضت جفنيها
بخجل لتشعر بانفاسه الساخنة تلفح صفحة وجهها
ومن ثم تشعر بشفتيه الغليظة تلامس بشرتها برفق
وكانه يلامس أوراق آلورد….كان ناعم لين في الوصول لمبتاغاه………
شفتيها…… حينما وصل اليها قضمها بقوة ويداه تعمل
على دس جسدها كله في احضانه……
غرقت معه باستسلام لكن قلبها مزال مضطرب…
تخشى نقطة معينه معه…. تخجل من ان تكن امامه
كما يجب ان تكون……. كيف رغم كل شيءٍ تخجل
من تلك النقطة……….
شعرت بيداه تخلع طرحة الزفاف من شعرها لتقع أرضا ثم عند سحابة الفستان صدح جرس
الانذار وهي تبتعد عنه للهثة…….
ابتعدت عنه وهي تضع يدها على صدرها من شدة مشاعره القوية معها…..حتى لمساته وقبلاته كحبه……..قوية…… عميقة……..
نظر لها باعين مظلمة وسالها بقلق عليها….
“مالك ياسمر….انتي كويسة…….”
فركت في يداها محاولة إيجاد كلمات مقنعة لابتعادها المفاجئ عنه……
“انا…………..انا…….”
اكمل الجملة بتفهم….
“خايفه !………..تعالي…….”فرد كفه الكبير
لها وقال بنبرة مترفقة……
“تعالي ياسمر…..خلاص مش لازم النهاردة…….”
اقتربت منه فضمها لصدره وهو يهمس…….
“انسي ياسمر……..انا عمري ما هأذيكي…انتي
عارفه كده كويس……..مش انا ابراهيم حبيبك…..”
ابتسمت وهي تمرغ راسها في صدره متنهدة
براحة…….
“حبيبي وجوزي……. وكل حاجة ليآ…. ”
ابعدها عنه وهو يحاول افتعال المرح….رغم
مشاعره المشتعلة في احضانها……..
“خلاص يبقا تدخلي تغيري الفستان ده….وبعدين تسخني الاكل عشان ناكل سوا………و…….”
سالته بريبه
“وإيه….”
قال بصعوبة من خلف قلبه…..
“ونتفرج على التلفزيون……….حلو كده…..”
تهلل وجهها فرحاً…..
“حلو اوي………..انا هدخل اغير………”مسكت تنورة
الفستان ودخلت الغرفة….سالها بصوت حار….
“مش محتاجه مساعده…….”
اتى الرفض على الفور….
“لاااااه……”
“لاااااه !!…….”ارجع شعره للخلف مغتاظٍ وهو
يصبر نفسه بحزم…..
“اصبر يابراهيم……عادي مكسوفة…..بتحصل…
دلوقتي تفك……”زفر وهو يخلع سترته ثم اتجه
للاريكة والقى جسده عليها…..محاول تهدأت
نيران اشعلتها البهيه باحضانها……..
على ناحية الأخرى اغلقت سمر الباب بتوتر وهي
تفرك في يداها ببعضها بخوف…..
“يارب….يارب عديها على خير….انا هموت من الرعب…….”
حانت منها نظرة على شكلها في المرآة فوجدت انها شاحبة الوجة وعينيها مهتزة وصدرها يتحرك
بقوة مؤلمة من شدة تنفسها السريع…….
عضت على شفتيها وهي تقوي نفسها امام
المرآة بحزم……
“هو انا مالي….مرعوبة كدا ليه……دا ابراهيم…
ابراهيم ياسمر مالك……آلله……..”
اغمضت عينيها وسحبت نفساً عميقاً ثم زفرت مرخية اعصابها ومهدئه من مشاعرها المضطربة قليلاً…….
ثم فتحت عينيها وقالت امام المرآة لنفسها
بخفوت قوي……
“سمر…..مش هينفع……..مش هينفع تزعليه وتبعدي عنه في يوم زي ده……كل حاجة هتعدي…ابراهيم
مش زي ماهر…..ابراهيم حنين وهيحاول يتفهم خوفك وترددك آآه……….توكلي على آلله ودعي…”
شعرت بان قلبها يخفق رعباً اكثر من الازم… ولكن شجاعتها في كسر هذا الحاجز بينهم وعلاج نفسها
من تلك الرهبة التي اكتشفتها اليوم تقريباً حينما اغلق الباب عليهما… جعلها تخشى ان يزيد الأمر
سواءا بالبعد…….
خرجت ولم تغير الثوب بعد…… نادته عند
عتابة باب غرفة النوم……
“ابراهيم…….”
تقدم منها ابراهيم بهدوء وحينما ابصرها بثوب الزفاف عقد حاجبيه بحيرة….
“مالك ياسمر…… وقفه كدا ليه…..مش عارفه تقلعي الفستان…….”
لعقت شفتيها بحرج وقالت بتلعثم..
“تقريباً……. مش عارفه اقلعه….. ينفع تساعدني…”
تاوه بداخله فهي تعذبه أكثر…. فهو يود الاقتراب
اكثر من مجرد مساعدة في خلع ثوب الزفاف !!…
اوما لها وهو يكبح رغباته ويسكت شياطينه….
“حاضر افتحي الباب طيب عشان ادخل…..”
انتبهت انها لا تفتح إلا جزء بسيط من باب الغرفة
والذي تظهر منه… وبيداها الاخرى تمسك الباب
بقوة……. نظرت اليه بتردد ثم بلعت ريقها وهي
تفتح له الباب وتبتعد……
وقفت امام المرآة وهو خلفها بطوله الفارع ووسامته الحادة التي تربكها كحضورة……. اسبلت جفنيها
وهي تراه يمسك سحابة الثوب وينزلها ببطىء
مزال القلب يخفق بجنون ولا تعرف خوفاً او تاثراً
من ملامسته البسيطه لها…..
هي تريده تجزم انها تريد ان تعيش وتشعر بتلك المشاعر معه وتشاركه اللذة كاي زوجين…..
لكنها تخشى قوته الجسمانية داخلها رهبة من
قوته معها……..ورهبة من نقطة حدثت معها
سابقاً……..
انكشف ظهرها امام عيناه…. اسبل جفنيه وهو يحاول الخروج من هنا قبل ان ينقض عليها كالثور
الهائج ويفسد كل شيء بتسرعه……..
قال وهو ينظر اليها عبر المرآة….
“كده هتعرفي تقلعيه….. انا هستناكي برا……”
كانت ستتركه ولكن شيءٍ دفعها للحاق به…
مسكت ذراعه هامسه باسمه بصوتٍ ناعم…..
“ابراهيم………”
اغمض عيناه وجز على اسنانه بقوة وقد تحشرجت انفاسه….. وهو يراها تقف امامه وتنظر اليه
بحب….. ثم مدت يدها وتحسست وجنته
الناعمة……
اظلمة عيناه وهو ينظر اليها بشوق قائلاً بخفوت
يصارع الكلمات كي تخرج……
“متعذبنيش يابنت الناس…….”
ثبتت يدها على وجنته وهي تقول بتردد…..
“مش بعذبك…… انا بس عيزاك تطمني…..”
عانق خصرها بيده مقربها اكثر منه…..ثم مال
براسه عليها وداعبت انفاسه وجنتيها الحمراء……
هامساً بعدها بعمق آثر على قلبها الضعيف
بحبه……
“عايزه تطمني……. طلعي من دماغك اي حاجة… ومتفكريش غير فيا…. فيا انا وبس……”
همست امام شفتيه بريبة….
“وساعتها هطمن……”
اوما لها وهو يميل عليها مقبل وجنتيها برقة لا تناسب جموح رغباته نحوها…. ولكنه حاول ان
يكون اللين والحنان طريق للوصول إليها حتى يشعرها بما يريده وما هي بحاجة اليه وتجهل
تفسيرة……….
اغمضت عينيها بضياع وهي تشعر به يسير بشفتيه
الدافئة بحرية على عنقها بنفس الرقة التي أذأبت قلبها ومشاعرها… وكسرت حواجز الخوف
بينهما…..
لم تشعر بشيء إلا عناقه بعد ان تخلصت من ثوب
الزفاف….. احاطت عنقه بيداها برقة وهو حملها
بيد واحده من خصرها حتى الفراش وشفتيه
تسير على وجنتيها وشفتيها برفق محاول تخدير
حواسها ومشاعرها حتى لا تشعر إلا بالذة قربه منها كما هو يتعلق الان بين للذة احضانها…. غير مصدق انه تزوجها أخيراً وأصبحت حلالاً له… زوجته امام
آلله وامام الجميع……..
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)