رواية غفران هزمه العشق الفصل السادس 6 بقلم نور زيزو
رواية غفران هزمه العشق الجزء السادس
رواية غفران هزمه العشق البارت السادس
رواية غفران هزمه العشق الحلقة السادسة
___ بعنــــوان ” قلب موازين القلوب ” ___
كانت “قُسم” مُنهارة فى البكاء بين ذراعي “ملك” فى صالون شقتها بعد ما فعله “حازم” وصوت بكاءها يملأ المكان، نظر “قاسم” إلى أخته بينما يقف متكأ على عكائزه الطبية بوجه عابس مُستشاط غيظًا من هذا الرجل ليقول بضيق:-
_ هو فاكر نفسه أيه؟ مهما كان اللى حصل يا أمى هو مالهوش الحق أنه يلم عليها الناس بالطريقة دى ولا يرفع أيده عليها دى ليها أهل برضو
تنهدت “صفية” بضيق مُرتدية أسدال الصلاة بعد أن نزلت على سهو من رؤيتها لطفلتها فقالت بضيق:-
_ أدخل أوضتك يا قاسم
_ بس
قالها مُعترضًا على حديث والدته لتقول “صفية” بانفعال:-
_ سمعت ولا هتقف ترد عليا وتعمل راجل عليا
تأفف “قاسم” بضيق ودلف إلى غرفته، نظرت “صفية” إلى ابنتها المُنهارة وقالت بنبرة حادة صارمة:-
_ مين دا اللى كان بيوصلك يا بنت جميل؟
أبتعلت “قُسم” لعابها بتوتر وأخرجت نفسها من أحضان “ملك” وقالت بضيق:-
_ دا واحد متجوز يا ماما وبدي بنته درس، يعنى مفيش اى حاجة من اللى فى خيالك
تحدثت “صفية” بضيق من تصرف أبنتها غاضبة
_ أه مفيش حاجة من اللى فى خيالي بس بقيت فى خيال خطيبك وخيال كل الناس فى الحتة اللى اتفرجوا علي السنيورة وهى بتنزل من عربية ما شاء الله سدت الشارع كله، عربية مبنشوفهاش غير فى الأفلام بس الحمد لله اتكتب لنا نشوفها على أيدك يا ست قُسم
_ يا ماما والله المكان هناك مفهوش موصلتش، دا مكان راقي جدًا ومبدخلهوش تاكسيات حتى ولو طلبت أوبر مش هيدخلوه من باب الكمبوند نهائيًا والرجل كتر خيره وصلني
وقفت “صفية” من مكانها بانفعال تنزع خفها من الغيظ لكي تلتهم طفلتها وهى تصرخ بها بغضب:-
_ ولما يا بنت الكـــ لب مكان راقي بتروحيه ليه؟ وكتر خيره أي دى ها، فضحتينا وجرستينا فى المنطقة
فزعت “قُسم” تقف خلف “ملك” التى باتت درع الحماية لها من ضرب والدتها فقالت “ملك” بلطف:-
_ أهدي بس يا طنط، محصلش حاجة هى تقصد ان الراجل ذوق يعنى وبعدين بتقولك متجوز
_ أه والله يا ماما ومخلف ما أنا بدي بنته درس، واللى فضحك ابن أخوكي مش أنا
قالتها بانفعال مما زاد غضب “صفية” التى جلبتها من شعرها لتصرخ “قُسم” من الألم خوفًا من والدتها فقالت “صفية” بضيق:-
_ يا أختى كنت أطلبي تاكسي ولا أوبر أول ما تخرج ما الزفت اللى بتقولي عليه كمبوند دا، اسمعي يا بت إحنا محلتناش غير شرفنا وسمعتنا وعزة وجلالة الله لو ما اتعدلتي يا قُسم لأحبسك فى البيت هنا تمسحي وتغسلي لحد ما تروحي بيت عدلك يا أختى
دفعها بغيظ بعيدًا بعد أن أذاقتها مرارة هذا الخف على جسدها بطريقة عشوائية فتألمت “قُسم” من قساوة والدتها وصرخت بضيق:-
_ أنا مش هسيب شغلي يا ماما وأنتِ عارفة ليه ؟
دلفت إلى غرفتها لتبحث “صفية” عن حقيبتها ورأتها على الأريكة لتأخذها ومنها أخذت الهاتف ثم فتحت درج المكتبة وأخرجت مفتاح لتغلق الباب علي “قُسم” بعد أن جعلتها سجينة غرفتها وتقول بنبرة عالية:-
_ أبقي وريني بقي هتروحي الشغل أزاى يا سندريلا ، كتكم البلاوي يا ريتني قعدت عليكم فطستكم لما ولادتكم كتكم القرف
دلفت إلى غرفتها غاضبة وغادرت “ملك”……
________________________
[[ شركـــة الحــديــدي للسيارات ]]
ولج “عُمر” إلى مكتب “غفران” بالشركة وكانت “ليلي” تقف جواره بينما “غفران” يوقع الأوراق لها فى هدوء فتحدث “عُمر” بهدوء:-
_ اسمه حازم الغريب، 29 سنة ابن خال قُسم وفاتح محل موبيلات وخاطبها بقاله 3 سنين
رفع “غفران” رأسه بهدوء بعد أن أخبره “عُمر” أن هذا الشاب الغليظ هو خطيبها ، أعطى الأوراق إلى “ليلي” فغادرت ليقول “غُفران”:-
_ وماله، شوفي ليا سواق كبير فى السن شوية
دُهش “عُمر” من طلبه فسأل بقلق:-
_ ليه يا مسيو غفران هو سمير غلط فى حاجة؟
_ لا أنا عايزه مع سمير، يعني عشان يوصل قُسم بعد كدة وميحصلش مشاكل
قالها “غفران” بقلق عليها، ليؤمأ “عُمر” بنعم مُتعجبٍ أهتمام “غفران” الزائد بهذه الفتاة التى أقتحمت حياته فجأة وبدون سابق إنذار أحتلت عقله وجزء كبير من تفكيره، ألتف “عُمر” لكي يغادر لكن أوقفه “غفران” يقول:-
_ أستن يا عُمر، أقعد أنا عايز أتكلم معاك شوية
جلس “عُمر” على المقعد المقابل للمكتب، رجع “غفران” بظهره للخلف بأسترخاء وقال بهدوء:-
_ أنا عايزك تشوف دكتور نفسي بس الموضوع دا يكون سري جدًا
أتسعت عيني “عُمر” على مصراعيها من طلبه فسأل بفضول قاتل:-
_ أشمعنا؟
_ عايز أشوف اللى فيا دا أي، كندا بتدأت تتعب يا عُمر من الصبر وحقها أستحملت كتير، مش عايز يجي اليوم اللى اخسر فيه أغلى إنسانة فى حياتي، لو فى علاج لحالتي وأقدر أستقر هيكون أفضل
قالها “غفران” بتهكم وقد تعب فى رحلته الشاقة على مدار كل هذه السنوات ليؤمأ غليه “عُمر” بنعم فقال “غفران” بحذر:-
_ دكتر يتوثق فيه يا عُمر دا هيكون أول حد يعرف بمرضي بعدك
أومأ “عُمر” بنعم ثم قال بحزم بينما يقف مُهندمًا سترته:-
_ أكيد يا مسيو غفران، عن اذنك
غادر “عُمر” من أمامه، فتح “غفران” هاتفه وتحديدًا على رقم “قُسم” أراد ان يطمن عليها بقلق يحتله من الأمس مما حدث أمامه ولا يعلم ماذا فعل بها هذا الأحمق وأهلها؟، تراجع عن الاتصال فى أخر لحظة حتى لا يسبب مشاكل أخرى لكنه تبسم بذكاء ووقف من مكانه بحماس …..
كانت “ليلي” جالسة على مكتبها مُتبسمة وتُحدث “عُمر” قائلة:-
_ لا، كمان اشترت فستان تحفة جدًا هيعجبك ، اه صحيح أعمل حسابك هتوصلني عشان عربيتي فى المغسلة
ضحك “عُمر” بعفوية بينما يرتشف القليل من كوب النسكافية الخاص بها أثناء جلوسه على حافة المكتب من الأعلي جوارها، قال بلطف:-
_ بقيتي طماعة أوى يا لولو
ألتفت بمقعدها صاحب العجلات من الأسفل كي تنظر إلى “عُمر” وقالت بدلال:-
_ لا يا حبيبي الطماع الحقيقي لما تعمل حسابك تغديني برا النهار دا
ضحك أكثر على طموحاتها الكثيرة، فهمت “ليلي” معنى طموحاته وأنه لن يتمكن من فعل أى شيء من رغباتها وأحلامها فأخذت كوب النسكافيه من يده بغلاظة وقالت بضيق:-
_ أضحك، أضحك شوية كمان
_ طب والله بحبك يا قطتي
قالها بحُب وهو ينحني قليلًا إليها ويربت بيده على رأسها من فوق حجابها فدفعت يده بعيدًا مُتذمرة على رفضه الدائم ، فتح باب المكتب وخرج “غفران” ليقف الأثنين باستقامة فقال “غفران” بجدية:-
_ تعالى يا ليلي عايزاك، اه وهاتي تليفونك
أومأت إليه بنعم ثم نظرت إلى “عُمر” مستغربة لطلب “غفراب الغريب، دلفت مع “عُمر” تحمل هاتفها، تنحنح “غفران” بحيرةٍ مُحرجٍ مما سيقول أمام هذان فقال بتلعثم:-
_ خليها تتصل بقُسم
_قُسم
قالتها “ليلي” بتعجب وهذا الأسم أول مرة تسمعه ولم يمر عليها من أسماء العملاء أو غيره، تبسم “عُمر” بخفة على تصرف رئيسه المتعجرف وعقله مشغولًا بالأطمنئان عليها فأعطى الرقم إلى “ليلي” وقال بجدية :-
_ دى مُدرسة نالا بنت غفران بيه، كلميها أطمني عليها واسأليها العربية تروحلها فين
لم تفهم “ليلي” شيء فأتصلت على الرقم، وضعت الهاتف على أذنها ليقول “غفران” بقلق:-
_ ردت ، ردت
_ مغلق
قالتها “ليلي” مما زاد قلق “غفران” ، غلق الهاتف بعد ما حدث شيء غير مُبشر بالخير أبدًا ولكن الأسوء حين تغيبت “قُسم” عن موعد الدرس وزال الهاتف مُغلقًا لليالي كثير..
وقف “غفران” قلقًا أمام نافذة الشرفة فى شركته التى تطل على ساحة مليئة بالسيارات المعروضة، دلف “عُمر” إلى المكتب فألتف “غفران” سريعًا مُتلهفًا وقال:-
_ ها عملت اي؟ ليلي جت؟
أومأ إليه بنعم ثم قال بهدوء:-
_ اه قالولها فى المدرسة أن قُسم غايبة من الأسبوع اللى فات تعبانة
أغلق “غفران” قبضته بضيق من أختفاءها ولأول مرة يشعر بغصة تضرب قلبه وعقله، عينيه المريضة أحبت رؤية وجهها وبعد أن فهم شعور رؤية تعابير وجه أحد كيف يكون الأبتسام والغضب، لم ينسي لوهلة غضبها وبسمتها مع “نالا” هذه التعابير كانت بمثابة النعمة له والآن قد سُرقت منه، لم يرى عيون بشرية من سنوات طويلة والآن سُرقت منه كل هذه النعم، حك جبينه بغيظ من شعور الفقد الذي يحتله فسار نحو مكتبه ليقترب “عُمر” بلطف يقول:-
_ بالمناسبة أنا لاقيت دكتور نفسي كويس….
قاطعه “غفران” يقول بضيق:-
_ بعدين يا عُمر، بعدين
__________________________
[[ قـصـــر الحديقــة ]]
ترجلت “تيا” الدرج ركضًا بسعادة تغمرها بعد أن علمت بوصول “أنس” من رحلته الطويلة فى العمل، قلبها يرفرف ويسابق قدميها بنبضاته من أجل اللقاء وأخيرًا بعد ليالي طويلة، فتح باب القصر وكان “أنس” يسحب حقيبته السوداء الضخمة معه حتى رأي زوجته تركض على الدرج مُرتدي فستان بألوان زاهية كثيرة بأكمام لكنه مفتوح من منتصف القدم للأسفل وشعرها مسدولا على ظهرها حافية الأقدام وتناديه بسعادة:-
_ أنس
فتح ذراعيه لأجلها بسعادة تغمره من الشوق حتى ارتطام جسدها بصدره الصلبة فطوقها باستماتة مُستنشق عبيرها الناعم وقلبه أوشك على الأنفجار الآن بعد أن ألتقاء بمحبوبته التى تسكنه، تحدثت بسعادة:-
_ وحشتني أوى يا حبيبي، وحشتني، حمد الله على سلامتك
أخذ وجهها في يديه بسعادة ناظرٍ بعينيها الجمليتين وقال بنبرة دافئة:-
_ أنتِ وحشتني أكثر، وحشتيني أوووووى يا توتا ، أي الحلاوة دى يا بت، اي هو أنا كل ما أغيب شوية أرجع ألاقيكي بتحلوي أكثر
ضحكت بعفوية على مغازلته إليه وقالت بلطف:-
_ بس يا أنس، أنت كل ما ترجع تسحرني بكلامك الحلو دا
مرر يديه على وجنتيها بدلال ليقول بلطف:-
_ لا كلام اي، دا في اللى أكثر من الكلام، تعالي عايز أوريكي جايبلك أي بس مينفعش هنا
ضحكت عليها وهى تفهم خباثة زوجها المُشتاق إليها فحملها على ذراعيها صاعدًا للأعلى فهمست بعفوية:-
_ مش هتجيب الشنطة اللى فيها الحاجة ولا اللى جايبهولى فى جيبك
همس بأذنيه بإثارة يُذيب ما تبقي من قلبها البريء بنبرته الهائمة:-
_ لا فى قلبي
دفنت رأسها بكتفه خجلًا من كلماته ليضحك أكثر على فتاته المُدللة لطالما كانت “تيا” مُدللته المحبوبة التى تستمد دلالها وجمالها من العشق، جمال لن يفهم سوى عاشقها وحدها ومالك هذا العشق الكامن بكل أنش فى جسدها وليس قلبها فقط…..
_____________________________
فتحت “صفية” الباب بوجه عابس لترى “قُسم” جالسة على الأريكة المجاورة للشرفة بحزن من معاقبة والدتها لها فقالت بضيق:-
_ حازم برا
_ مش هشوفه، برضو مش عايزة أشوفه مش كفاية أنه السبب فى القرف اللى أنا فيه دا
تحدثت “قُسم” بنبرة عالية لعل “حازم” يسمع غضبها من الخارج لتقول “صفية”:-
_ جرا أي يا قُسم، من أمتي وأنتِ قليلة الأدب كدة، والقرف دا يا هانم أنتِ السبب فيه ولا يكنش حازم اللى ركبك العربية مع راجل غريب
ألتفت “قُسم” لها بغيظ من حديثها وقالت بضيق:-
_ يعنى هو لو طلبت أوبر مش هركب مع راجل غريب، دى توصيلة يا ماما والراجل كان ذوق جدًا
_ شكل شبشبي وحشك يا قُسم، بدفعني عنه برضو يا بت دا أنتِ فى الأنفرادي بسببه ولسه مطلعتيش
قالتها “صفية” بغيظ ليقاطع حديثهما “حازم” الذي دلف للغرفة وقال بهدوء:-
_ ممكن أتكلم معاها شوية يا عمتي
_ ماشي هروح اعملكم شاي
قالتها “صفية” بلطف ومرت من جواره لتهمس فى أذنيه قائلة:-
_ حاولى تخليها تأكل حاجة
غادرت “صفية” الغرفة فنظرت “قُسم” للشرفة مُتحاشية النظر إليه بتجاهل يقتله فجلس أمامها على الأريكة وعينيه على الصينية الموجودة على الطاولة بالطعام كما هو لم يتلمسه “قُسم” فقال بهدوء:-
_ هتفضلي زعلانة كدة؟
_ أطلع برا يا حازم لأن معنديش كلام أقولهولك ولا ينفع أنك تكون هنا لأان زيك زى الغريب اللى وصلني وبسببه أنا هنا بفضلك
أشار على صدره بغلاظة من حديثها وقال بضيق:-
_ أنا زي زيه !!
_ أه ولا مكنتش تعرف يعنى أنك اجنبي عني زيه بالضبط
قالتها بضيق وغادرت الأريكة من أمامه ليقف “حازم” بهدوء يكبح غضبه لأجل مصالحتها فقال:-
_ ماشي يا قُسم، أنا غلطان عشان عليت صوتي فى الشارع كان لازم نتكلم فى البيت مش أفرج الناس علينا، خلاص بقي متزعليش وبعدين المفروض تفرحي أني بغير عليكِ
رفعت “قُسم” حاجبها بدهشة من كلمته وقالت بغلاظة وهو يفقدها أعصابها أكثر مُنفعلة :-
_ أفرح!! أنت كنت هتضربني لولا الراجل مسك أيدك
تأفف “حازم” من حديثها ونفد صبره من عنادها أكثر ليقول:-
_ ما قولنا خلاص يا قُسم، أنتِ مش شايفة غلطك خالص لكن شايفة غلط الناس بس، شايفة أنى كنت هضربك وشايفة أن عمتي حبساكِ لكن أنتِ ملاك مبتغلطتيش
أقتربت خطوة منه بعنادٍ وتحدٍ ثم قالت بغرور:-
_ أنا شيطان يا حازم وأديني رميتلك دبلتك، أفرح أنك خلصت من شيطانة زى بقي
دفعته تجاه الباب لتشعر بدور فى رأسها بسبب أنقطاع الأكل فقال “حازم” بغلاظة:-
_ أنتِ حرة يا قُسم، أنتِ فاكرة نفسك أى عشان تقرفي اللى خلفوني معاكِ وأنا كدة عملت اللى عليا وجت أعتذرتلك لحد عندك بس أنتِ متستاهليش
لم تهتم بكلماته كثيرًا والدوار يزداد أكثر فأتكأت بيديها على الفراش لكن غلبها جسدها الهزيل بعد أنقطاع 10 أيام بدون طعام، فلتت يديها لتسقط أرضًا فاقدة للوعي مما أفزع “حازم” حين سمع صوت أرتطام جسدها بالأرض وألتف رآها هكذا، صرخ باسمها قائلًا:-
_قُسم
_ الشاي
قالتها “صفية” وهى تتدخل من باب الغرفة لتصرخ حين رأت ابنتها هكذا، حاول “حازم” إفاقتها لكن لا جدوى من المحاولة فحملها على ذراعيها وخرج من الشقة مع والدتها ليأخذها لأقرب مُستشفي….
_________________________
[[ قصــــــــر الحـديــــدي ]]
فى حالة من الصمت الذي يعم المكان كان “غفران” جالسًا على السفرة يتناول العشاء مع “كندا” و”نالا” فتحدثت طفلته ببراءة:-
_ بابي مش ممكن تيجي معنا الملاهي بكرة
أجابها ويديه تقطع شطيرة اللحم السميكة بلطف :-
_ مرة تانية يا نالا، معلش بابي عنده شغل
رمقته “كندا” بلا مبالاة وتمتمت بضيق أكبر:-
_ بابي مشغولة يا روحي، سيبه أنا هجي معاكي زى ما أتفقنا
رمقها “غفران” بضيق رغم وجهها الضبابي فى عينيه لكن فى عينيها ترى غضبه بوضوح من نبرتها الغليظة، وقفت من مكانها تاركة الطعام إلى الحديقة فقالت “نالا” بهدوء:-
_ هى مس قُسم مش هتيجي تاني؟
نظر إلى فتاته حين ذكرت أسمها بدهشة وذكر أسمها وحده كفيل بأثارة أفكار عقله التى يكبحها قدر الإمكان فقال بهدوء:-
_ لا، يا حبيبتي هتيجي بإذن الله، كملى أكلك وأنا هروح لمامي
ذهب خلف “كندا” ليراها تسير فى الحديقة معقدة الذراعين أمام صدرها وشعرها يتطاير مع نسيم الهواء فتقدم نحوها بلطف وقال:-
_ كندا
نظرت إليه بصمت فرأت بعض الصوص على لحيته قرب شفتيه، تحدث “غفران” بهدوء:-
_ ممكن أتمشي معاكي شوية
هزت رأسها بنعم مُبتسمة على طلبه فمد يده إليها لتنظر بدهشة إليه ، وضعت يدها فى راحة يده ليعانقها بدفء مما أشعل نبضات قلبها العاشق مر وقت طويل على أخر مرة مسك يديها هكذا فسار جوارها بهدوء وقال:-
_ اتكلمي، أفتحي أى موضوع حابب أسمعك وأتكلم معاكي، حاسس صوتك واحشني يا كندا
سارت معه فى الحديقة مُتشابكين الأيادي وبدأت “كندا” تتحدث عن ذكريات الماضي عنهما كثيرًا وهو يستمع فقالت بعفوية وحماس بنبرة عالية:-
_ فاكر لما جبتلى ورد فى المسرح ، يومها بوظت المسرحية ودخلت بدل البطل ببوكيه ورد وقولتلي بحبك قصاد كل الناس
تبسم وهو يتذكر أفعاله العفوية ثم قال:-
_ كانت أول مرة أقولك بحبك
توقفت عن السير لتقف أمامه مباشرة حادقة بوجهه بحُب لتقول:-
_ كانت اجمل وأحلى بحبك أتقالت يا غفران، يومها كنت طايرة من الفرحة
رفع يده إلى وجنتيها يلمسها بأنامله لتغمض عينيها مُستسلمة لهذا الدفء والشعور الذي يضرب قلبها المُتراقص الآن بداخلها، قال “غفران” بنبرة خافتة:-
_ أنتِ جميلة أوى يا كندا وأنا بحبك
_ وأنا كمان بحبك يا غفران، بحبك اوى
قالتها “كندا” ثم رفعت يدها تلمس لحيته وتمسح الصوص عنها بسبابتها ليدق قلبه كالمجنون أمامها لأول مرة منذ سنوات طويل يبدأ هو بالحُب وسرق تلك القبلة من شفتيها لتنتفض “كندا” من الدهشة وتشبثت به بقوة حتى قاطعهما رنين هاتفه ليبتعد عنها وهو يمسح على شعرها بحُب ثم قال:-
_ أطلعي أستنيني فى أوضتي
_ على طول يا حبيبي متتأخرش
قالتها بشغف مشتاقة لهذه اللحظة منذ أن تزوجته وأخيرًا سيضمها اليوم، ركضت كالمجنونة من أمامه فنظر بهاتفه وكان “عُمر” الذي قال:-
_ اى يا عُمر؟
_فى خبرين عندين وحشين
_ قول يا عُمر، أنجز
_ الأول أن قُسم محجوزة فى المستشفي
قالها بهدوء ليفزع “عفران” مما سمعه وشعر بغصة بداخله وكأن ضميره يمزقه أربًا الآن مُدركًا أنه حتما السبب فى ألت إليه الأمور معها، فركض نحو سيارته لينطلق بها كالمجنون وهو يقول:-
_ مستشفي أي؟
لم ينتبه إلى زوجته التى قطع لها وعدًا الآن وتنتظره على أحر من الجمر…
______________________________
_ صدقيني يا أمي هى كويسة والصبح ممكن تخرج معاك لكن دلوقت مينفعش، لازم نعملها التحاليل عشان نطمن عليها
قالها الطبيب مُحدثًا “صفية” التى ترتجف فزعًا على طفلتها لتقول:-
_ يعنى بنتي هتخرج بكرة كويسة معندهاش حاجة خطيرة
_ لا متقلقيش، ممكن تروحوا وتيجوا الصبح تأخدوها
قالها الطبيب بلطف ثم غادر المكان ، دلفت “صفية” إلى الغرفة وكان بها مريضتين مع أبنتها التى نائمة على الفراش والمحلول الطبي مُعلق فى الكانولا بيدها وبجوارها “ملك” تقف قربها، سألت بقلق:-
_ عاملة أي دلوقت يا حبيبتي
_ كويسة
قالتها بهدوء لم تنسي غضب والدتها عليها فقالت “صفية” بهدوء:-
_ قومي يا ملك روحي مع حازم وأنا هقعد معها
كادت “ملك” أن تتحدث ليقاطعها “قُسم” بضيق تقول:-
_ تروح مع راجل غريب لوحدها ميصحش ولا عايزها تيجي تنام جنبي الصبح
فهم الجميع أن “قُسم” ترمي بالحديث عما حدث معها وأن الظروف ما أجربتها على الركوب معه، تابعت “قُسم” الحديث تقول:-
_ روحي يا ماما وكمان مفيش مكان تقعديه فيه هنا ولا حتى كرسي هتفضلي واقفة طول الليل ، روحي وتعالى الصبح
وبعد ألحاح كبيرة وعناد من “قُسم” رحل الجميع لتبقي وحدها لتبدأ فى نوبة من البكاء على خسارة عملها وسجن والدتها لها و”حازم” التى باتت ترتعب منه وعقلها يفكر فى المستقبل إذا تجرأ على رفع يديه الآن ماذا سيفعل بعد أن تكن زوجته، كانت الأفكار المُخيفة تمزقها وتضرب بعقلها حتى دق الباب ودلفت الممرضة تنادي باسمها :-
_ أنسة قُسم جميل الطاهر
_ أيوة
قالتها “قُسم” وهى تجفف دموعها بحزن لتفتح الممرضة الستارة التى تفصلها عن المرضي ودُهشت عندما رأت “غفران” قادمًا مع الممرضة، غادرت الممرضة وأقترب “غفران” أكثر كان مُرتديًا تي شيرت كحلى اللون وبنطلون جينز لأول مرة تراه بدون بدلته الرسمية، أحضرت الممرضة مقعدًا حديدًا لأجله بعد أن أعطاها الكثير من المال ليري “قُسم”، جلس على المقعد بهدوء عينيه لا تفارقها فحاولت الجلوس ليقول بهدوء:-
_ خليكِ مرتاحة
نظرت “قُسم” إليه بحيرة وكيف علم بمرضها؟ وسبب حضوره لها بعد منتصف الليل؟ تنحنح “غفران” بهدوء وتحدث بنبرة خافتة:-
_ أنا حاولت أتصل بيكِ كتير عشان أعتذارلكِ على اللى حصل بسببي، بس معرفتش أوصلك
تنحنحت “قُسم” بصعوبة وعينيها ما زالت الدموع عالقة بها فقالت بتعب:-
_ لا مش بسببك بسبب بنى أدم متخلف ومخافش عليا ولا على سمعتي وهو واقف يزعق فى نص الشارع
زادت غصته لتتحول لألم شاق بقلبه من رؤية دموعها لأول مرة يرى عيونًا باكية وكان الحزن وخيمًا بهما وتساءل بسرود هل تكن عيني “كندا” هكذا كلما بكت بسبب؟ فاق من شروده على صوتها تقول:-
_ عذبت نفسك
_ لا، متقوليش كدة، اللى يبوظ حاجة لازم يصلحها وأنا بوظت حياتك
قالها “غفران” بنرة لطيفة نادمًا على ما حدث وشعور الذنب يراوده الآن بسبب وجودها هنا، رق قلبها الناعم الذي لمس الأسف فى نبرته وعينيه لتقول:-
_ هى كانت بايظة أصلًا
_ لا متقوليش كدة إن شاء الله تخرجي من هنا وترجعي شغلك، نالا كمان بتسأل عليكِ
قالها بجدية لتهز رأسها بلا رافضة القدوم إلى منزله مرة أخرى فقال بحزم:-
_ متقلقيش اللى حصل مش هتكرر والسواق هيوصلك لأقرب محطة اتوبيس أو مترو
صمتت “قُسم” بحيرة من أمرها حتى سمعت صوت “عُمر” الذي ظهر من العدم ولديه الكثير من الطعام الجاهز ووضعه على طاولة الطعام الموجودة بجوار السرير وقال:-
_ تأمرني بحاجة تانية يا مسيو غفران
_ لا أستناني برا يا عُمر
غادر “عُمر” فقال “غفران” بعيني لامعة ترمقها بلطف:-
_ الدكتور قالي أن سبب وقوعك منع الأكل، يا ريت تاكلى وتشدي حيلك عشان تقومي بالسلامة
تذكرت “حازم” الذي لم يجلب لها كوب ماء حتى، لم يهتم بشيء أو لرعايتها، بل حسم أمره بالمغادرة مع والدتها لتذرف الدموع من عينيها فسأل “غفران” بقلق:-
_ ما لكِ؟
_ مفيش
أومأ إليها بنعم ثم وقف جوارها لكي يغادر فقال بجدية:-
_ هستناكِ لما تقومي بالسلامة تكلمنى عشان أبعت لك العربية فى المكان اللى تحبيه
أومأ إليه بنعم فغادر “غفران” تاركها خلفه تبدأ رحلة المقارنة بينه وبين “حازم” ولا تُدرك أن باب المقارنة أول باب يُفتح للخسارة وأنكسر القلب ودهس مشاعره الجميلة …..
خرج “غفران” من المستشفي مع “عُمر” ليقول بجدية:-
_وصلني للقصر بسرعة بس قبلها نعدي على أى محل هدايا أشتري هدية لكندا عشان تقبل أعتذاري…. صحيح أي الخبر التانى؟
توقف “عُمر” بخوف ظهر فى ملامحه لكن لحُسن حظه أن “غفران” لن يرى هذا الوجه المُرتعب وأبتلع لعابه قبل أن يتحدث ليقول:-
_ شك حضرتك أتقطع باليقين من يومين
توقف “غفران” عن السير بصدمة ألجمته وضرب عقله بالأرض وشعر بخنجر غرس فى قلبه للتو وبات يلفظ نبضاته الأخير حين قال بتلعثم:-
_ كندا بتخوني؟!!
أومأ “عُمر” بنعم بحزن شديد خائفٍ من القادم لطالما حذرها بأنه سيحرقها بنيرانه حين يتأكد من خيانتها، ألتقط أنفاسه بصعوبة غير مُصدقة أن النار التى لطالما ركض بعيدًا عنها مُحاولًا إصلاح حياته وتجاهلها قد حرقته للتو وألتهمت قلبه عقله ليقول:-
_ عفيفي صح؟
هز “عُمر” رأسه بنعم ليغلق “غفران” قبضته بأحكام شديد ربما يعتصر عظام أصابعها من شدة الغضب التى ألتهمه للتو وأنطلق إلى القصر وهو يقول:-
_ طلبتها وهتنولها …. والله لأقتلها
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غفران هزمه العشق)