رواية غفران هزمه العشق الفصل الخامس 5 بقلم نور زيزو
رواية غفران هزمه العشق الجزء الخامس
رواية غفران هزمه العشق البارت الخامس
رواية غفران هزمه العشق الحلقة الخامسة
___ بعنــــوان ” ظهــر للحمــاية ” ___
جلست “نورهان” تحدق بوجه ابنها فى صمت سائد بينهما بعد مُغادرة “قُسم”، تنحنح “غفران” مُحرجًا من نظراتها ثم قال:-
_ قولي اللى عندك يا دكتورة
تبسمت “نورهان” بخباثة على ابنها وربكته أمامها فقالت بلطف:-
_ معنديش، الكلام كله عندك أنت يا غفران بيه، لتكون فكرت فى كلامي وناويت تتجوز
وقف “غفران” من مكانه مُتأففٍ بسبب حديث والدته عن الزواج مرات عديدة ومؤخرًا بات هذا حديثها المُفضل فى كل لقاء، جلس أمامها على المقعد المقابل للمكتب ثم قال:-
_ أرتاحي يا أمي أنا مش هتجوز على كندا، ورجاءً متفتحيش الموضوع دا تاني ، نتكلم فى المُفيد… أنا عايز منك توكيل عشان حصتك فى الشركة من بابا الله يرحمه، داخل على صفقة عربيات كورية كبيرة ومحتاج دعم أسهمك الفترة دى
وقفت “نورهان” من مكانها ببرود مُتجاهلة النقاش فى هذا الأمر ثم قالت:-
_ لو كنت أعرف أن دا سبب رغبتك فى مقابلتي مكنتش جيت يا غفران …سلام، واه فكرة مرة تانية فى موضوع الجواز ولا أنت شايف أن نالا هتكون ذكية كفاية لأنها تكون ولية عهد وورثتك المستقبلية
غادرت المكتب بوجه جاد شاحبًا، ألتف “عُمر” الذي كان يقف مع السكرتيرة بأنتظار المغادرة فتنهدت الفتاة بأريحية وقالت ” ليلي” السكرتيرة بعفوية:-
_ أخيرًا، دا أنا بحط أيدي على قلبي لما السيدة نورهان بتيجي هنا
نظر “عُمر” لها مُندهشًا فقال بفضول:-
_ غريبة يا ليلي مع أن الكل بيخاف من لقاء غفران بيه أكتر
ضحكت “ليلي” هذه الفتاة التى تحمل ملامح مصرية جميلة بشرة قمحاوية وعيون بنية داكنة واسعة وأنف مُستقيمة ووجنتين مُمتلئتين بوجهها المُستدير على عكس جسدها الممشوق متناسبًا مع طولها فكانت طويلة مُرتدية بنطلون أحمر فضفاض وقميص نسائي أسود اللون وتلف حجابها الصغيرة للخلف تظهر حلق أذنها الأحمر وخصلتين من الأمام بحجم عقلة الأصبع، أجابته “ليلى” بنبرة خافتة:-
_ بالعكس إحنا كلنا هنا بنحترم مسيو غفران جدًا هو حقيقي صارم شويتين لكن ما دام أى شخص فينا مُلتزم بالقواعد بتاعته ومخلفهاش عمره ما بيأذي أو يجي على حد ظُلم، ويمكن دا اللى محبب المؤظفين هنا فيه رغم أنه بترعبه منه لكن السيدة نورهان بقي أنك تقولها صباح الخير دا رعب فى حد ذاته، ست قوية بجد ووشها دائمًا غضبان وكبرياء ست عمري ما شوفته فى أى حد
تنحنح “عُمر” بلطف وهو ينظر حوله ثم أقترب منها بعفوية وقال:-
_ طب وعُمر مالهوش حاجة فى الكلام دا
نظرت إلى “عُمر” حبيبها الوسيم الذي تسلل إلى قلبها مُنذ أول لقاء لهما وبسبب ثقة “عُمر” لها، حصلت “ليلي” على وظيفة السكرتيرة الشخصية لمكتب “غفران” بعد أن كانت قادمة لتُقدم على وظيفة العلاقات العامة، تمتمت بخجل وقلبها يُرفرفودقاته تتسارع كلما نظر إليها أو حدثها بنبرة الحُب الناعم التى تُذيب القلب قائلة:-
_ أنت يا عُمر، أنت ليك الحُب والقلب كله يا حبيبي
حَك عنقه بسبابته مُبتسمًا وعينيه لا تفارق نظرة عينيها ثم أخذ يدها فى راحة يده خلسًا لتضربه بيدها الأخري بلطف وهمست بخجل:-
_ عُمر، حد يشوفنا عيب
ترك يدها عابسًا وهو يُجيب على كلماتها الغليظة:-
_ ما الشركة كلها عارفة أنك حبيبتي
_ طب شد حيلك بقي وخدلك يوم إجازة عشان تيجي لبابا يا عم عُمر عشان تبقي خطيبتك
قالتها بلطف ليؤمأ إليها بنعم مُتذمرًا من إنشغاله مع “غفران” ثم قال:-
_ حاضر والله يا حبيبتي قريب بس أظبط الأمور مع غفران بيه وأجيلك على طول
هزت رأسها بنعم وقبل أن تتحدث رن جرس مكتب “غفران” فدفعته بتعجل لكي تدخل المكتب ….
_________________________
فى مطعم للدجاج المقرمش بوسط البلد، كانت “قُسم” جالسة مع “ملك” يتناولوا الغداء معًا فقالت “ملك” بعبوس بعد أن سمعت ما حدث من “قُسم”:-
_ أنتِ دائمًا كدة مُنفعلة يا قُسم، فيها أي لما الراجل عرض عليكِ المُساعدة لما شافك متعصبة، يا شيخة دا أنا أتخضيت من نبرة صوتك فى التليفون معايا ما بالك بيه هو اللى كان قاعد معاكِ ، تحرجيه وتكسفيه كدة وزعلانة أنه نزلك فى نص الطريق
أبتلعت “قُسم” لقمتها بضيق ثم قالت مُجيبة عليها بإقتضاب:-
_ أنا عارفة أني كان دمي محروق والحرقة طلعت فيه، معاكِ فى دا أنا لكن أسلوب معايا كان مُستفز وأنا ردت بناءً على أسلوبه
أومأت “ملك” بنعم وهى تهز رأسها بدون أقتناع من السبب الذي تتحدث عنه “قُسم” فتاتها المتمردة صعبة المنال، تناولت “ملك” الطعام أكثر و “قُسم” تنظر إلى صديقتها بعيني ثاقبة فقالت بلا مبالاة:-
_ هاتي يا ملك اللى فى جوفك، قولي عايزة تقولي أيه وماسكة فى زورك لأحسن تشرقي وتموتي بيه
تركت “ملك” قطعة الدجاج على الصينية بغيظ ثم قالت بغضب وعيني حادة تلتهم صديقتها:-
_ بصراحة بقي، أنتِ هزأتي الراجل مع أنه كان ذوق معاكِ، دا غير أن الشغل دا كان مهم جدًا ليكِ وخصوصًا أنكِ داخلة على جواز والدرس دا كان هيبقي كفيلة أوى مع المدرسة عشان وقت بيتك ومش هتحتاجي تروحي الحضانة ولا تلفي على البيت للدورس، أنا شايفة أنكِ تروحي تعتذري له على قلة ذوقك
_ وأستسحمه كمان يرجعني أدي بنته الدرس وبالمرة أبوس أيده ولا رجله، أنتِ أتهطلي يا ملك ولا مش سامعة أنتِ بتقولي أي
قالتها “قُسم” بغضب سافر جعل جميع من بالمكان ينظروا إليها، وضعت “ملك” يدها على فم صديقتها تُسكتها عن الحديث بصوتها العالي، تأففت “قُسم” من الحديث وذهبت إلى المرحاض وعندما خرجت رأت فتاة تجلس مع “ملك”، أقتربت أكثر لتنتبه لملامح “رزان” نفسها الفتاة التى رأتها فى القصر مع “نورهان”، جلست بهدوء تقول:-
_ نعم!
_ السيدة نورهان فى أنتظارك فى قصر اللؤلؤ
قالتها “رزان” بهدوء شديد وهذه الفتاة لم تدخل قلب “قُسم”، بل أثارت قلقها أكثر من حدتها وغلاظتها كانت فتاة بنهاية العشرينات تقريبًا شعرها الأسود قصير يصل لعنقها ناعم جدًا لدرجة ان كل خصلة وحدها بعيني عسليتين ضيقتين، بشرة متوسطة البياض تضع مساحيق التجميل، ترتدي بدلة نسائية رمادية اللون تتعامل كأنها بلا مشاعر كإنسان ألي يُبلي أمور “نورهان” فقط، تنحنحت “قُسم” بحيرة من قبول هذا اللقاء أم لا، وبنهاية المطاف ومع ألحاح “ملك” ذهبت إلى القصر بصحبة “رزان”
___________________________
لم تبالي “كندا” لمشاعر “غفران” ورفضه الدائم للقاءاتها مع “عفيفي” وذهبت إلى رؤيته، نظرت فى المرآة الأمامية على سيارة رجاله التى تتبعها مما أثر غضبها وتذكرت حديثها الأخير عن “عفيفي”، صفت سيارتها جانبًا بالمرأب الخاص بأحد المراكز التجارية ووضعت قناع أسود على فمها وأنفها تحمي وجهها المعروف عن المارة ثم ترجلت من السيارة، رأت الرجل يتتبعها إلى الداخل فولجت إلى محل ملابس نسائية وأشترت ثياب جديد تبدل ملابسها وقبعة نسائية ثم خرجت مُتسللة منهما وأوقفت سيارة أجرة تأخذها إلى الأستوديو الخاص بـ “عفيفي”
_____________________________
ولجت “قُسم” إلى قصر اللؤلؤ وكان قصر أبيض اللون وأثاثه أبيض كالجدران، مودرن وأنيق جدًا، أرشدتها “رزان” إلى الصالون وكانت “نورهان” جالسة مع رجل فى الستينات من العمر وأمامها على الطاولة الكثير من المجوهرات المصنوعة من الماس وتحمل فى يدها عقدٍ رقيق جدًا، تحدثت “نورهان” بهدوء:-
_ أتفضلي أقعدي، خلاص يبقي أنا هأخذ المجموعة اللى أختارت يا بشير
أومأ الرجل لها بنعم وبدأ يجمع المجوهرات فى حقيبته للمغادرة، نظرت “نورهان” إلى “قُسم” الجالسة أمامها بهدوء لم ترفع نظرها بالمجوهرات، تحدثت “نورهان” بجدية صارمة وهى تضع قدم على الأخري:-
_ نالا قالت ليا أنكِ مش هتيجي تاني
_ اه دا حقيقي حسب رغبة غفران بيه
قالتها “قُسم” بهدوء فأومأت “نورهان” إليها بنعم بينما جلبت “رزان” القهوة للأثنتين فقالت:-
_ اتفضلي القهوة ، بصراحة يا قُسم أنا عايزاكِ تيجي لـ نالا تاني وبالمبلغ اللى تحبيه أنا مش هفرض عليكِ سعر أو أقولكِ أنا هدفع لكِ ضعف السعر اللى عرضه غفران
أتسعت عيني “قُسم” من هؤلاء الناس وهم يشترون كل شيء بالمال الذي لا يعني لهم الكثير فى حين أنها تعافر لجمع القليل لأجل الحياة، سألت بوضوح قائلة:-
_ كمان!! ليه؟
_ لأن نالا بنت وحيدة جدًا ومعندهاش أصدقاء وفى الحقيقة هى حبتك جدًا وكل مُدرسة تيجي حصة مبتجيش تاني ودا شيء بيضيق نالا وبيخليها دائمًا محبوسة فى أوضتها لأنها بتعتقد أنها السبب وأن المُدرسين مش بيحبوها ودا شيء الدكتور النفسي نصحنا أننا نهتم بيه عشان ممكن يسبب لها الكثير من الأمراض النفسية أولهم التوحد
حدثتها “نورهان” بهدوء واثقة أن هذه الفتاة تُحب الأطفال جدًا حسب ما قرأت فى الملف الخاص بها وأن “نالا” هى الطريقة الوحيدة حتى تعود “قُسم” للقصر ورغم قلة معرفتها بـ “قُسم” لكنها مُدركة أن “قُسم” فتاة استثنائية جعلت ابنها يطرف عينيه عن “كندا”، تنهدت “قُسم” بحيرة من أمرها فى قبول هذا العرض المُغري أكثر من عرض “غفران” ونظرت مطولًا بقلق إلى “نورهان”
وصلت سيارة “غفران” إلى القصر ففتحت البوابة الخارجية وأستوقفه موظف الأمن حتى فتح “عُمر” النافذة إليه ليقول بهدوء:-
_ أنسة قُسم موجودة فى قصر اللؤلؤ بقالها نص ساعة
أتسعت عيني “غفران” بعد أن سمع وترك الجهاز اللوحي من يديه، رفع رأسه إلى الموظف بدهشة وقليلًا من يأتي إلى قصر والدته، ويعتبر قصرها هو الأكثر رعبًا فى القصور الثلاثة، وتسأل بقلق مكبوح بداخله:-
_ ليه؟
أجاب الموظف بنبرة هادئة:-
_ فى الحقيقة معرفش لكنها وصلت من شوية مع رزان فى العربية
أتجه “غفران” إلى القصر بقلق من تفكير والدته وخصيصًا أن “قُسم” فتاة فقيرة ووالدتها المُتكبرة تكره الفقراء بل تشمئز منهم والآن تدعي “قُسم” إلى قصرها…
_ ها قُلتِ أي؟
سألتها “نورهان” بنبرة غليظة ليقاطع جوابها صوت “غفران” بنبرته الحادة يقول:-
_ فى أى يا دكتورة
رأته “قُسم” يتجه نحوهما غاضبًا بل وجهه عابسًا جدًا ويبدو عليه الغيظ، أرتشفت “نورهان” رشفة من فنجانها ببرود ورمقت ابنها بعينيها حتى وصل إليها لتقول:-
_ رزان أطردي موظف الأمن اللى سمح لحد يدخل قصري بدون أذني
نظرت “قُسم” بها بصدمة من قساوة هذه المرأة التى تقطع رزق رجل لأن ابنها دخل المنزل فتحدث “غفران” بنبرة جادة صارمة:-
_ ودا هيمنعني مثلًا، أنا حذرتك متتدخليش فى أى حاجة تخصني؟
تركت “نورهان” الفنجان على الطاولة ببرود وعينيها ترمق “قُسم” من الرأس لأخمص القدم ثم قالت ببرود اثناء وقوفها:-
_ هى المس تخصك؟!!، صحيح يا رزان أفصلي ولاد الموظف دا من المدرسة اللى إحنا مدخلينهم فيها عشان يكون عِبرة لغيره
_ دا ظُلم ، محصلش حاجة لكل دا، حرام تقطعي عيشه
قالتها “قُسم” وهى تقف بحزن من جبروت هذه المرأة، أندهش الجميع من جراءتها التى جعلتها تقف أمام “نورهان”، رمقتها “نورهان” بنظرة باردة جعلت “غفران” يتقدم للأمام يقف أمامها يحميها من عيني والدته التى رمقته بغيظ وقالت:-
_ أطلع برا القصر يا غفران وأخر مرة تتجرا وتيجي هنا بدون أذن مني أو طلب مُسبق مني لأن دى أخر مرة هتغاطي عن عصيانك
لم تُصدق “قُسم” أن هذه السيدة الجاحدة هى والدته وتطرده من قصرها، بل الجحود الأكثر أن ليس له الحق فى رؤية والدته ألا بأمر منها، دفعته عن طريقها لتظهر إلى “نورهان” بعد أن كان يخفيها وقالت بضيق تبوح عن غضبها من غلاظة هذه المرأة:-
_ أنتِ أمه بتكلميه كدة ليه؟ أنا برفض طلبك يا مدام
أتسعت عيني “رزان” من شجاعة “قُسم” التى لم تفهم بعد شخصية “نورهان” والحدود التى لا يجيب تخطي فحتى ابنها لم يتجرأ على تخطي هذه الحدود، نظر “غفران” إلى “قُسم” مُندهش وخائف بآنٍ واحدٍ، أنها الشخص الأول فى الحياة الذي تجرأ على الواقف أمام “نورهان” ومعارضتها وخائفًا من رد فعل “نورهان” التى أقتربت من “قُسم” وتبسمت بمكر مُعجبة بهذه الفتاة:-
_ أنتِ جريئة أوى يا قُسم، لكن تعرفي أنكِ مش قد الجراءة دي
تبسمت “قُسم” بغرور مُصطنع تخفي خوفها من نظرة “نورهان” إليها وعقدت ذراعيها أمام صدرها بتكبر هاتفة ببرود شديد:-
_ أنا قد كل حاجة بعملها وبقولها يا دكتورة وألا مكنتش عملتها
رفعت “نورهان” حاجبها بإعجاب شديد ليتحدث “غفران” بحزم يقول:-
_ أنا بحذرك يا دكتورة وأوعي تنسي أني ورثت الحجود والقسوة منك
مسك يد “قُسم” وأخذ حقيبتها بيده الأخرى ثم سحبها معه للخارج بضيق وفور خروجهما من القصر، تركها غاضبًا والخوف يتملكه من رد فعل والدته فصرخ بوجهها يقول:-
_ أنتِ أتجننتِ، أزاى تيجي لحد هنا برجلك وكمان تردي عليها، أنتِ اي غبية مسمعتش كلامها عن الحارس راجل معملش حاجة عشان تقفي تنطحي فيها زى الثور
كزت “قُسم” على أسنانها غيظٍ من كلمته الأخيرة وقالت بغضب سافر:-
_ أنا همسك لساني عنك بالعافية مش هبقي أنا والست الوالدة عليك لكن كلمة تانية هوريك الثور بحق وحقيقي
تأفف بضيق وهو يضع يديه فى جيوب بنطلونه وينظر للعدم بحيرة وعقله يفكر فى أى رد ستقدمه والدته الغليظة، ظلت “قُسم” ترمقه بينما يقف صامتًا فتنحنحت بحرج وقالت بنبرة أقل عدوانية:-
_ آسفة
استدار ينظر إليها فقالت بضيق من تنازلها للأعتذار:-
_ خلاص قُلت لكَ آسفة بس حقيقي دمي أتحرق أوى، هو عشان ربنا مديها يتتحكم فى أرزاق الناس وعياله ذنبهم أي، دى ست مُفترية
أحتدت عينيه بضيق أكبر من لسانها المغلوب على أمره فقالت بعبوس:-
_ يووووه آسفة كمان مرة عشان خاطر والدتك بس هبقي أشتم براحتي لما أمشي
تبسم بخفة على عفويتها وهى تخبره أنها ستسب والدته لاحقًا حتى بعد أن قدمت الأعتذار له، تنحنحت “قُسم” بلطف وقالت بحرج:-
_ أتفضل وصلني عشان مش هلاقي تاكسي فى الهو اللى إحنا فيه دا، مش كُنتوا تسكنوا فى حتة فيها حياة
ضحك “غفران” أكثر على تمردها ليقترب من سيارته وكان “عُمر” يقف أمامها بينما “سمير” فى مقعد السائق كما هو، فتح مقعد السائق وقال بجدية:-
_ أنزل يا سمير ، أركبي
ترجل السائق من السيارة فقال “عُمر” بهدوء:-
_ عنك يا مسيو غفران، أسوق أنا
هز رأسه بلا وصعد بمقعد السائق بنفسه وجلست “قُسم” فى المقعد المجاور له، قاد سيارته بها إلى حيث تسكن، كانت “قُسم” ترمقه بنظراتها خلسٍ والفضول يقتلها لما تعامله والدته بهذه القسوة والجحود، هل يوجد سبب يجعل الأبن لا يرى والدته متى يشاء؟، سألها بنبرة خافتة:-
_ ما لكِ؟ عايزة تقولي حاجة؟
نظرت “قُسم” للأمام بحرج من معرفته بنظراتها، أحمرت وجنتها خجلًا فتبسم “غفران” بخفة وظل الصمت سائدًا بينهما حتى وصل أمام العمارة فتحدثت “قُسم” بهدوء:-
_ شكرًا على التوصيلة، تعبتك
نظر “غفران” إلى وجهها بإمتنان لهذا الوجه الذي أعطاه الأمل من جديد فى عودة عينيه، تورد وجنتيها وبريق عينيها الخضراء هذه العيون الوحيدة التى يرأها فى حياته ؛ لتزداد حمرتها من عينيه المُسلطة عليها ثم قالت بتوتر:-
_ سلام
_ قُسم
قالها بنبرة خافتة لتستدير له مُندهشة من لفظ أسمها وتذكرت حين لفظه فى محطة القطار، تابع حديثه بهدوء:-
_ متتأخريش على نالا عشان سألت عليكِ
_ أكيد
قالتها “قُسم” بعفوية وبسمتها أنارت وجهها الجميل بعد أن طلب عودتها للعمل كما طردها بنفسه، شرد ببسمتها حتى قاطع شروده صوت “حازم” القوي الذي يقف قرب باب السيارة بوجه مُشتعل من الغضب والغيرة يقول:-
_ أسم النبي حرسك وصاينك، أنتِ راجعة ليا مع راجل غريب بروح أمك
ألتفت “قُسم” تنظر إلى النافذة جوارها على صوتها بصدمة ألجمتها من طريقة حديثه لها أمام “غفران” فقالت بحرج شديد:-
_ أنت بتكلمني كدة يا حازم
_ لا أزاى أكلمك كدة يا برنسيسة، أنزل… أنزليلي عشان أربيكي
قالها بحدة ويده تفتح الباب بقوة فقال “غفران” بضيق من طريقته:-
_ ما تتكلم بأدب يالا
ضحك “حازم” بسخرية ويديه تضرب سقف السيارة بقوة ويقول:-
_ كمان بتقل أدبك، دا بجاحة بقي، أنزلى يا روميو زمانك وأنا اوريك الأدب
ترجلت “قُسم” من السيارة سريعًا وصوت “حازم” جمع الناس حولهم، تحدثت “قُسم” بحرج وهى تنظر حولها على تجمع الناس قائلة:-
_ أنت أتجننت يا حازم لمت الناس علينا، أفهم الأول بدل ما تفضحنا فى وسط الناس…. معلش يا أستاذ غفران أنا آسفة ليك
سحبها “حازم” من ذراعها والغيرة تنهش فى قلبه من رؤيتها تعتذر لهذا الرجل وقال بضيق:-
_ كمان بتعتذري له، دا أنتِ عايزة تتربي بجد، ما هو لو كان أبوكِ رباكي مكنتيش عملتي كدة لكن هقول أي ما هو مربكيش
دفعته “قُسم” بقوة بعيدًا عنه بغيظ شديد من كلماته المُهينة لها أمام الجميع وقالت بانفعال:-
_ أخرس أنا متربية غصب عنك، وكلامك دا أنا مش هرد عليه بالكلام يا حازم
كانت “صفية” تجلس على السفرة تلف ورق العنب من أجل طلبات الزبائن حتى سمعت صوت ضجة كبيرة بالشارع فخرجت إلى النافذة كبقية الجيران وصُدمت عندما رأت ابنتها تقف مع “حازم” والشجار بينهم فصرخت بهلع وترجلت للأسفل…
ألتفت “قُسم” لكى تصعد لشقتها بعد أن تجمع الناس والجيران حولها من أفعال خطيبها ليمسكها “حازم” من ذراعها بغضب سافر وقال:-
_ تعالى هنا
دفعته “قُسم” بعيدًا عنها بغيظ وعينيها على وشك البكاء من غرغرة دموعها الأسيرة فى جفونها وصرخت به بأنفعال:-
_ أبعد عني، فضحتنا ولميت علينا الناس
ألقت بدبلتها فى وجهه ليزداد غضبه من تصرفها وقال بانفعال:-
_فضحتكِ، عايزة ترجعلي مع واحد وأخدك بالأحضان
_ لا، أنت مريض وميتردش عليك
قالتها بغضب سافر مما أفقده صوابه ليرفع يده كي يلطم وجهها ، أتسعت عيني “قُسم” على مصراعيها حين رفع “حازم” يده كي يصفعها بمنتصف الطريق لكن ما ألجمها وجعلها تنتفض ذعرًا حين ظهر “غفران” يسحبها من أمام “حازم” ؛لتقف خلفه وبيده الأخري يمسك يد “حازم” قبل أن يفعل هذه الجريمة، نظر “حازم” إلى هذا الرجل الذي دخل بينه وبينها وتفوح منه رائحة عطره القوية وزيه فاحش الثراء ببدلته الزرقاء وقميصه الأبيض، عيني “غفران” تكاد تلتهمه من جراءته على ضرب فتاة وممارسة قوته البدنية عليها وليست باى فتاة بل هى “قُسم”، رمقها “حازم” بنبرة ثاقبة كالصقر الجائع وعلى وشك أفترسها ليقول بنبرة قوية مُستفزة:-
_ هو دا بقى اللى جاي يوصلك لحد بابا البيت بكل بجاحة، والله وعيارك فلت يا قُسم وعرقك مد لبرا يا بنت الأصول
ترك “غفران” يده ليسحبه من تيشيرته إليه وكز على أسنانه بينما يهدد “حازم” بوضوح قائلًا:-
_ كلمة تانية وهقل من رجولتك قدامها ودا مش لمصحلتك
رفع “حازم” حاجبه بدهشة من تهديد “غفران” إليه وتحولت الدهشة إلى صدمة عندما ألتف “غفران” وأخذ “قُسم” إلى باب العمارة فقابلت والدتها على الباب ومعها “ملك”، أعطاها إلى والدتها بلطف وأعتذار من والدتها ثم غادر فى هدوء…..
___________________________
وصلت “كندا” إلى القصر ليلًا وأخبرتها “سمرة” عما حدث وقدوم “قُسم” إلى قصر اللؤلؤ فأندهش بقوة وقالت بتمتمة:-
_ دخلت قصر اللؤلؤ، أنا بقالي 10 سنين جواز فى القصر دا متجرأتش أعدي من قصاد القصر، لا دا قُسم دى حكايتها حكاية ووراها سر كبير
تركت السيناريو على الطاولة وصعدت تبدل ثيابها، وصل “غفران” إلى القصر غاضبًا مما حدث ويتحدث فى الهاتف مع “عُمر” قائلًا:-
_ اسمه حازم معرفش اي، عنده محل موبيلات فى الحليمة، عايز كل المعلومات عنه الصغيرة والكبيرة، تكون عندي على المكتب الصبح
وقعت عينيه على السيناريو فمسكه وأدرك أن زوجته عصت أمره من جديد وذهبت لهذا الرجل فقال بحدة:-
_ أقفل يا عُمر
أغلق الخط وأخذ السيناريو معه للأعلى مُقتحمًا غرفة “كندا” بقوة فرآها تخرج من المرحاض بروب الأستحمام ليرفع يده بالورق وهو يقول:-
_ الورق دا وصل هنا أزاى
أبتلعت “كندا” لعابها بتوتر ثم قالت بتلعثم:-
_ دا شغلي يا غفران
بتر حديثها بفزع حين أسرع بخطواته نحوها يمسكها من ذراعها بقوة ويُتحدث بنبرة قوية وعينيه علي وجهها الضبابي:-
_ روحتي له يا كندا، برضو بتعصيني!!
أخذت تنهيدة خافتة تبتلع الخوف ورفعت ذراعها الأخر إلى صدره تداعبه بأناملها وتحدثت بنبرة دافئة:-
_ سيبك من الخناق يا غفران، أنت وحشتني، نفسي تضمني يا حبيبي
هدأ من روعته وسارت القشعريرة بجسده مُسيطرة هذه المرأة على مشاعره وأشعلت نيران قلبه بذكاءها ودلالها الناعم، أبتلع لعابه لطالما تمكن من مقاومة أنوثتها وإثارتها طيلة هذه الفترة، تبسمت بعفوية وعينيها ترى خمود نيرانه فرفعت يديها الأثنين إلى كتفه تسقط سترته عن أكتافه بدلال وتقول:-
_ خليك معايا الليلة يا غفران وأنا هطمنك
أقتربت أكثر منه حتى ألتصقت بجسده وأرتجف قلبه برجفة الحُب ليفقد عقله مسحورًا بجمالها وتناثرت الأوراق على الأرض حين تركها ليضم زوجته بيديه ويشعر ببرودة جسدها وشعرها المُبلل، وضعت قبلة على وجنته لينتفض فزعًا من القادم فأبعدها عنه بضيق وقال:-
_ مينفعش يا كندا
غادر الغرفة لتغلق قبضتها بأحكام حتى جرحت أظافرها باطن يدها من قوة الضغط وقلبها قد دهسه “غفران” من جديد فجلست على الأريكة وسكبت فى كأسها الكثير من زجاجة الخمر الموجودة أمامها وبدأت دموعها تتساقط على وجنتيها بكسرة تعتصر قلبها وتمزق ما تكنه بداخلها إلى “غفران” وعينيها تنظر إلى سترته الموجودة على الأرض ….
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غفران هزمه العشق)