رواية غفران هزمه العشق الفصل الأول 1 بقلم نور زيزو
رواية غفران هزمه العشق الجزء الأول
رواية غفران هزمه العشق البارت الأول
رواية غفران هزمه العشق الحلقة الأولى
♡♡ غفران هزمه العشق ♡♡
الفصل الأول (1)
___ بعنــــوان ” فتـــاة استثنـــــائيـــة ” ___
ماذا إذا قبل كل شخص بما قُسم له وأدرك أن الأرزاق وزعت على الجميع بالتساوى؟، ماذا إذا ملكت كل شيء وسلبت شيء بالكل؟ إذا كان الخيار بين المال والصحة، إذا كان الخيار بين الحُرية والآسر؟ فقط خيار واحد سيغير مجرى الحياة….
داخل مطار القاهرة بطيارة خاصة تحمل عليها شعار النسر مزخرف أسفله حرف الـg تعبيرًا عن اسم “غفران” برسم جميل، ترجل من داخلها رجل فى أوائل الثلاثينات من عمره يرتدي بدلة رمادية بقميص أسود، طويل القامة وعريض المنكبين يملك جسد ممشوق رياضي، مفتون بالعضلات التى تظهر فى ذراعيه، شعره الأسود الناعم مُصفف للأعلى كلون لحيته الناعم رغم كثافتها ورائحة عطره الفرنسي فريدة من نوعها تفوح من جسده، نزع نظارته السوداء عن عينيه العسليتين المائلة للذهب بكبرياء وخلفه “عُمر” شاب بعمره تقريبًا مُرتدي بدلة كحلى اللون بشعر رأس قصير ونحيل جدًا طويلًا ذات العيون البينة الداكنة وبدون لحية، كان بجوار الطائرة سيارة سوداء مرسيدس طويلة جدًا يظهر من هيئة ثراء هذا الرجل، فتح “سمير” سائقه الشاب الباب الخلفي من أجله وهو يقول برحب شديد:-
_ حمد الله على السلامة يا مسيو غفران
صعد “غفران” إلى السيارة ببسمة خافتة بينما صعد “عُمر” مساعده فى المقعد المجاور للسائق، أنطلق “سمير” بالسيارة حيث قصر “الحديدي”، كان “غفران” شاردًا طيلة الطريق وينظر من نافذة سيارته المُغلقة بعد أن خاب أمله فى هذه الرحلة ولم يجد علاج لعينيه المريضة، وصلت السيارة إلى بوابة حديدية طويلة وضخمة تلقائي أن تكن بوابة قصر حتى فُتحت البوابة إلكترونية وولجت السيارة بها كان خلفها مساحة خضراء كبيرة جدًا على الضفتين حتى مرت السيارة على قصر ذات اللون الأبيض فبدأ “عُمر” يتحدث بلهجة ثابتة:-
_ السيدة نورهان مخرجتش من قصرها من أمبارح بعد الشجار اللى دار بينها وبين مدام كندا، دخلت قصر اللؤلؤ وقفلت الأبواب
نظر “غفران” على قصر والدته من السيارة وتنهد بضجة من والدته سيدة الأعمال التى لم تقبل بزوجته رغم مرور الكثير من العمر على زواجه من “كندا” لكنها ما زالت تكن الضغينة إليها، كان مقابل قصر اللؤلؤ قصرًا أخر يطلق عليه قصر الحديقة وقد أطلق عليه هذا الأسم بسبب حُب “تيا” مالكته إلى الحديقة وهى الأخت الصغري إلى “غفران”، وصلت السيارة إلى قصر الحديدي فترجل “غفران” من سيارته وحدق بقصره مُطولًا، يهندم سترته فقدم “عُمر” إليه الجهاز اللوحي (التابلت) بصور إلى امرأة جميلة مُرتدية فستان أزرق اللون قصير يصل لركبتها ضيق بنصف كم وشعرها البنية القصير مُموجًا، لم يرى من ملامحها شيء حتى قال “عُمر” :-
_ مدام كندا ، دى صور ألتقطت كاميرات المراقبة وفى أنتظار حضرتك
أومأ إليها بنعم ثم دلف إلى القصر وكان “عُمر” مهمته الأكثر أهميه تعريف الناس إليه كعينيه الأصطناعية التى يرى بها، لم يتمكن من رؤية وجوه البشر لذا يتعمد “عُمر” أن يعرفه على الأشخاص من ملابسهم، تحدث بنبرة خافتة:-
_ غيرت قصة شعرها
أومأ “عُمر” إليه بنعم، أستقبلته “فاتن” رئيسة الخدم فى قصره ببسمة مُبهجة تقول:-
_ حمدالله على السلامة يا مسيو غفران
نظر “غفران” على شارة اسمها الموجودة على قميصها الأسود ليعلم من هي؟، أجاب عليها بنبرة خافتة:-
_ الله يسلمك يا فاتن
ركضت إليه فتاته الصغيرة التى تملك من العمر 10 سنوات تنادية بحماس:-
_ بابى …بابي
نزل على ركبته بلطف من أجل فتاته الصغيرة ليطوقها بذراعيه، فتاة تملك زوج من العيون البنية كوالدتها وشعرها البني الفاتح طويلًا ترفعه للأعلي على شكل كعكة دائرية، أستنشق رائحة عطرها بهذه الضمة التي تعيد النبض إلى حياته، طفلته “نالا” الشقية ببرائتها وعفتها التى تنير القصر بأكمله، أميرته ومدللته الأولى ذات صاحبة الجمال، أتاه صوت زوجته “كندا” تقول بنبرة جادة:-
_ حمد الله على سلامتك
وقف “غفران” من مكانه يحدق بوجهها الضبابي بعينيه المريضة، نظر إلى فستانها الذي رآه فى الصورة؛ ليدرك أن هذه المرأة زوجته وهكذا صوتها الذي يميزه فقال بهدوء:-
_ الله يسلمك
قبل جبينها بلطف ثم غادر مع “عُمر” إلى حيث مكتبه لتأفف “كندا” من بروده الثلجي معها لطالما كان يعاملها بلطف كواجب عليه كزوج لها، لم تشعر لمرة واحدة أن زوجها يكن لها المشاعر أو يحبها فألتفت بغيظ شديد تقول:-
_ فاتن، خدي نالا لأوضتها وخلى بالك منها لحد ما أرجع
أشارت “فاتن” إلى خادمة كي تأخذ “نالا” إلى الغرفة تنفذ طلب “كندا” الملكة بهذا القصر…
__________________________________
فى حليمة الزيتون، داخل مدرسة خاصة رن جرس أنتهاء الحصة ليُفتح باب الفصل بالصف الثاني الابتدائي وخرجت “قُسم” تحمل دفاترها وحقيبتها، وضعت الهاتف على أذنها مُتصلة بصديقتها “ملك” وتقول:-
_ معلش يا ملوكة كنت فى الحصة، عملتي اي؟
أتاها جواب صديقتها “ملك” فى الهاتف تقول:-
_ استلمت الفساتين أهو من الأتيليه وكلمت الراجل بتاع العربية عشان أكد على الحجز، فرح صاحبتنا معمول فى أغلى فنادق النيل يا حبيبتي بتحب المنظرة زى أهلها
تبسمت “قُسم” بعفوية على حديث صديقتها وقالت:-
_ خلاص يا ملك خلى كل واحد فى حاله، تحب المنظر تكرهه مش فارقة كتير
_ماشي يا أختى، بتاع العربية قالي هيكون عندنا الساعة 3 والمحروسة حاجز لنا أوضة فى الفندق نجهز فيها، بالله عليكِ بلاش الحصة الأخيرة والدرس اللى بعد المدرسة يا ست الميس
أومأت “قُسم” إليها بنعم بعد أن وصلت غرفة المُدرسات وأغلقت الخط، جمعت أغراضها من فوق مكتبها ثم خرجت بعد أخذ الأذن بالمغادرة حتى تستعد لزفاف صديقتها التى تتفاخر بزواجها من مهندس يعمل فى الأمارات، وصلت إلى حيث “ملك” وبعد الترحيب العناق المعتادة لهما ذهبوا إلى الفندق…..
____________________________________
بمقر شركة الحديدي للسيارات، كان “غفران” مندمجًا فى عمله والأوراق الكثيرة منثورة على المكتب أمامه بسبب سفره الذي أجل الكثير، ولج مساعده مع رئيس الحرس الخاص به، تنهد “عُمر” بلطف قبل أن يتحدث ويخبره أن زوجته “كندا” لم تعود للمنزل من الأمس، تحدث “غفران” بنبرة جادة:-
_ قول اللى عندك يا عُمر
تنحنح بهدوء ثم قال:-
_ ميسو غفران، فى خبر كدة مش كويس
رفع “غفران” نظره إلى “عُمر” بصمت منتظر بفضول معرفة الخبر وعينيه لا تعرف من هذا الشخص الواقف جوار مساعده، تحدث “عُمر” بنبرة خافتة:-
_ مدام كندا خرجت أمبارح بعد وصول حضرتك من المطار ومرجعتش لحد من ساعة
_ قُلت أي؟! عُمـــر أنت مُدرك أنت بتقول أي؟
قالها “غفران” بنبرة حادة مُرعبة كنظرته القاسية التى جعلت “عُمر” يبتلع لعابه من الخوف بسبب نظرة رئيسه الثاقبة له كالصقر الذي يحدق بفريسته قبل أن يلتهمها، تنحنح “عُمر” قبل أن يُعيد الحديث بهذا الموضوع من جديد وقال:-
_ بقول لحضرتـك أن مدام كندا مرجعتش القصر من أمبارح ولما رجعت من ساعة ……
ضرب “غفران” سطح المكتب بيده لينتفض “عُمر” ذعر مُبتلع بقية كلماته فى حلقه قبل أن يتفوه بها بحماقة ويكتب نهايته بيده الآن، وقف “غفران” من مكانه وألتف حول المكتب بهدوء واضعٍ يديه فى جيوب بنطلونه الرمادي وعيني “عُمر” ترمقه بهدوء خائف من هدوء ما قبل العاصفة حتى وصل أمام رئيس الحرس الخاص به بعد أن علم ماهيته من شارة الأسم والوظيفة المُعلقة بسترته؛ ليسحبه “غفران” من لياقة سترته السوداء وقال بحزم مُستاء من هذا الحديث:-
_ سلامة كندا من مسئوليّة رجالتك ولو مكنتش عارف تسيطر على رجالتك وتشغلهم صح، قولي وأنا أتصرف
أبتلع الرجل لعابه بهدوء شديدة خائفًا من غضب هذا الرجل ليقول:-
_ غفران بيه، مدام كندا هى اللى أمرتنا منرافقهاش فى مشوارها وأصرت على أنها لازم تخرج لوحدها
صرخ “غفران” به غاضبًا أكثر:-
_ ومين اللى ألزمه؟ ما دام أنا مأمرتش بـ دا، هااااا
أقترب “عُمر” من رئيسه الغاضب وقدم له الجهاز اللوحي (التابلت) مفتوح على كاميرات المراقبة بالقصر بلحظة وصول زوجته فى الصبح وقال:-
_ مسيو غفران!!
ترك “غفران” لياقة رجله ثم أخذ التابلت ليُصدم حين رأى زوجته تعود للقصر بصبحة رجل أخرى وفى حالة من الثمالة بسبب الخمر الذي أرتشفته ليُدرك أن السبب فى أختفاء زوجته هى حالة السُكر والسهر الذي كانت به، كان تسجيل الكاميرات كفيل بأن يرغمه على المغادرة إلى القصر حيث زوجته، وصل كالشرارة المُلتهبة التى على وشك تأكل الجميع بباطنها الناري حتى وصل إلى غرفة زوجته وكانت نائمة بعمق من التعب وسهر طيلة الليل، سحب الغطاء عنها لتتأفف بضيق وحين رأت وجه “غفران” أتسعت عينيها بذهول من وجوده بغرفتها لتقول:-
_ غفران!! ههههه معقول دا، غفران بيه بجلالة قدره في أوضتي المتواضعة
صعد بركبته إلى السرير يمسك ذراعها بقوة حتى قال بعيني نارية جاحدة:-
_ كنتِ فين؟، مين اللى وصلك وكنتِ معاه طول الليل، وأوعاكِ تقولي التمثيل والتصوير لأن لو التصوير هيخليكِ تسكري همنعك منه يا كندا
أبتلعت لعابها بخوف من جبروت هذا الرجل وحدته فدفعت يده بعيدًا عنها بينما وقفت من مكانها غاضبة لتقول:-
_ أنت بجد شايف نفسك بتقول اي؟، تمنعني من التمثيل ودا الشيء الوحيد اللى بعوضني عن غيابك وبينسيني قد أي أنت ظالم وقاسي وبعيد عني، ما تبص لنفسك يا غفران بيه وتفتكر كدة أمتى أخر مرة خدتني فى حضنك ولا نمت معايا على سرير واحد، دا أنت مُستقل بأوضة لوحدك وزعلان أوى أني بشرب وأسكر، ما أنا لازم أنسي القرف اللى عايشة فيه معاك
ظل يحدق بوجهها الغاضب وربما مرض عينيه نعمة له بهذه اللحظة التى حرمته من رؤية تعابير وجهها العابس، لا يُصدق أن زوجته تكن له هذا الكم من الكره والحزن وتعاتبه على ما تفعله من منكر، غادر الغرفة حزينًا مما ألت إليه الأمور لينزل الدرج للأسفل وكان “عُمر” بأنتظاره أول الدرج فتمتم “غفران” بوجع يستحوذ عليه:-
_ أنا سيء وأتكره أوى كدة؟!
هز “عُمر” رأسه بالنفي مدافعٍ عن رئيسه ليترك “غفران” القصر بأكمله وذهب إلى فندق يقيم به……
__________________________________
فى حفل زفاف بقاعة الفندق، كانت تجلس “قُسم” مع صديقاتها من الجامعة على طاولة واحدة مُتعجبة من هؤلاء الفتيات، جميعهن جاءوا إلى حفل الزفاف رغم حديثهن المتواصل عن العروسة بنفور من كبريائها وغرورها وغيره من الصفات البذيئة، همست “ملك” لها بنبرة خافتة:-
_ ما لكِ يا قُسم؟
_مستغربة كم الغل اللى جواهم ومع ذلك جيين برجليهم الفرح، كان من باب أفضل ميجوش أحسن، كم السيئات اللى عملين يلموها فظيع يا ملك، يلا أنا هقوم أطلع الأوضة أغير هدومي
قالتها “قُسم” بنبرة جادة وقد فاض بها الأمر من تحمل هذا الحديث الخبيث، صعدت إلى الأعلى ورنت الهاتف على “ملك” تسالها :-
_ ملك هى أوضتنا رقم كام ؟
_ مش فاكرة باين 525 أو 552 هسألك فى الريسبشن
قالتها “ملك” بحيرة وتحركت من مكانها …..
_________________________________
خرج “عُمر” من غرفة “غفران” بالفندق وسحب الباب خلفه بتعجل للنزول إلى الأسفل لكنه لم يغلق الباب جيدًا، أقتربت “ملك” من غرفة رقم 552 ووضعت المفتاح بها لتجد الباب يُفتح معها فتبسمت على فتح الباب ولم تتنبه للحظة أن الباب كان مفتوح من البداية ….
خرج “غفران” من المرحاض الخاص بغرفته فى الفندق مُرتدي بنطلونه الأسود القطني بصدر عاري يجفف شعره الأسود بمنشفته حتى ألقي بها على حافة السرير وجلس عليه، وجد كوب من العصير على الكومود المجاور للفراش فأخذ منه رشفة وعينيه تحدق بالهاتف عن صور أرسالها “عُمر” له يخبره أنها صور المجلة الجديدة لزوجته ورغم وجهها الضبابي لكنه تأمل فستانها وشعرها بغضب من فعلتها التى جعلته يغادر القصر ويُقيم بفندق، شعر بالنعاس ليغلق الهاتف ومدد جسده على الفراش لكنه سمع صوت أغلاق باب غرفة، أعتقد أنه يتخلي فغاص فى نومه
دلفت “قُسم” للغرفة بفستانها الأحمر مُنهكة من التعب ونزعت حذاءها ذو الكعب العالي لتلقي به بفوضوي وأتجهت إلى غرفة النوم وأول شيء فعلته رمت بجسدها على الفراش وتتسلل أسفل الغطاء بخمول شديد لكنها صُدمت من دفء فى الفراش فحركت يديها قليلًا حتى لمس صدره البارد من المياه ليفزع الأثنين معًا ويفتح “غفران”ضوء الغرفة ووقف من مكانه بعيني شبه مغلقتين ليُصدم بوجود فتاة فى غرفته ومع أن رأسه يدور لكن صدمته الأكبر بوجه هذه الفتاة كانت كفيلة بأن يفتحهما على مصراعيه، صُدمت “قُسم” من وجود رجل بغرفتها وكادت أن تصرخ لكن أستوقفها “غفران” تتطلع بها يحفظ ملامحها جيدًا أو بالأحري مُشتاق لرؤية أى عيونه ووجه، مُنذ سنوات وهو عالقًا فى الضباب وحده أبتلعت “قُسم” لعابها من هول الصدمة وقربه فقالت:-
_ أنت دخلت هنا أزاى؟
_ أنتِ مين؟
قالها بدون وعي شاردًا بملامحها ورموشها الطويلة التى تجمل عينيها، شعرت برجفة فى أرجاء جسدها بعد أن نظرت للغرفة وأيقنت أنها لم تكن لها فهرعت نحو الخارج لكنه أمسكها من يدها مذعورًا لا يعرف كيف تمكن من رؤية ملامحها وقال:-
_ أنتِ أسمك اي؟
_ أنا أسفة والله جت غلط أسفة
قالتها وفرت هاربة من أمامه فكاد أن يركض خلفها لكن توقف عندما شعر بضعف جسده ودوران شديد به فأتكأ على الحائط عاجزًا عن الإمساك بحورية هبطت من السماء لا يعرف عنها شيء سوى ملامحها…..
___________________________________
أشرقت الشمس صباحًا وترجلت “كندا” من الأعلى فوجدت “نورهان” والدة “غفران” بقصرها مما جعلها تبتلع لعابها خوفًا من وجود هذه السيدة بقصرها، تملك “نورهان” شخصية جادة صارمة وصاحبة أكبر شركة منتجات تجميلية فى مصر كما أنها طبيبة تجميل من أشهر 10 أطباء فى العللم، شخصيتها مُرعبة ويمكن أكثر من “غفران” ابنها، تكاد تجذم “كندا” أنها طيلة الـ 10 سنوات زواجها لم ترى وجه “نورهان” تبتسم مرة واحدة، امرأة تملك الستين عامًا لكنها أصبي من “كندا” فالتجميل وظيفتها، ترتدي بدلة نسائية وردية وشعرها الذهبي مصفف على شكل دائري من الخلف وغرتها الطويلة مصففة على الجانب الأيمن وتضع حلق من الألماس فى أذنها وبعنقها طوقه الرقيق، عيني عسلية وبشرة بيضاء، جالسة على الأريكة وتضع قدم على الأخرى، تنهدت “كندا” بهدوء قبل أن تتحدث حتى وصلت أمامها وقالت:-
_ صباح الخير يا سيدة نورهان
_ خير!! ليكن فى علمك يا كندا أنا متحملة وجودك فى العيلة دى لأن غفران مُتمسك بيكِ مش أكتر لكن توصل لأن بسببك ابنى يبات برا قصره دا لا يمكن يمر على خير أبدًا
قالتها “نورهان” بنبرة غاضبة رغم هدوءها وصوتها الخافت الذي لم يرتفع نهائيًا ومع ذلك تمكنت فى إخافة “كندا” التى أزدردت لعابها الجافة وتابعت الحديث بنبرة هادئة:-
_ أنا مطلبتش منه يبات برا قصره لأنه بالفعل مُستقل بجناحه مكنش محتاج أنه يسيب القصر عشان مجرد حوار دار بينا
ضحكت “نورهان” ضحكة مُخيفة وقالت بصرامة:-
-ساذجة يا كندا، ساذجة وسذاجتك دى هتوصلك للنار اللى من يوم ما دخلتي القصر دا وأنتِ بتحومي عليها
تأففت “كندا” بضيق من تهديد “نورهان” لها فقالت بغضب:-
_ ليكن فى علمك يا دكتورة النار دى لو هتحرق حد فهى هتحرق ابنك المصون، أنا مُمثلة والعيون عليا كتير وأكتر اللى مُنتظر كلمة منى، تخيلي أنى أطلع فى أى حوار من دول وأقول أن غفران بيه الحديدى مقربش مني من يوم جوازنا وأن نالا جت غلطة بسبب أنه شرب يومها ومكنش فى وعيه وأن معندوش ميول للنساء….
لم تكمل كلمتها التالية بعد ان تلقت صفعة قوية على وجهها من يد “نورهان” التى أحتدت عينيها من الكره الذي تحمله بداخلها لأجل هذه المرأة فقالت بنبرة تهديدية ويدها اليمني تمسك عنق “كندا” تخنقها بقوة:-
_ غفران ابني سيد الرجالة كلها وحذري تنطقي بكلمة من دول تاني، ومتنسيش أن كونك مُمثلة فشغلك كله معتمد على الوجه الملاكي دا، بلاش تخبرني أخذ الجمال دا منك وتبقي منتهية الصلاحية
دفعتها بقوة فى الحائط ثم غادرت القصر مُنفعلة وكان بأنتظارها سيارة bmw فخمة ومساعدتها “رزان” التى قالت بهدوء:-
_ عندك ميعاد النهاردة ….
قاطعتها “نورهان” بحدة تقول:-
_ سيبى كل دا وأعرفي ليا غفران فين؟
أومأت إليها “رزان” بنعم وصعدوا للسيارة معًا …..
_________________________________
وصل “عُمر” إلى غرفة “غفران” بعد أن قلب الفندق رأسًا على عقب على هذه الفتاة التى لا يعرف عنها شيء حتى شكلها لا يعرفه، يبحث عن المجهول ولذا فشل فى العثور عليها، عاد خائبًا الأمل إلى رئيسه وقال:-
_ قلبنا عليها الفندق ومعرفش نلاقيها
لم يُجيب عليه “غفران” بينما نظر إلى الرجال بحيرة وألتزم الصمت، وقف “عمر” مُتشابكًا الأيد ببعضهم فى صمت وخلفه رجلين من الحُرس صامتين بخوف من غضب هذا الرجل فألتف “غفران” إليهم يحدق بهم؛ ليُتمتم بنبرة هادئة:-
_ قُلتوا ملاقتهوش، يعنى أنا كذاب ولا مجنون، تكنش هي جنية نزلت من السماء وطلعت تاني
_ غفران بيه!!
قالها أحد الرجال ليُثر غضبه أكثر وأطلق العنان لـغضبه يفتتهم هذه المرة من الرعب فقال صارخًا بنبرة عالية أفزعت قلوبهم وهزت شواربهم:-
_ أقلب الأرض كلها وتجيب ليا البنت دى لو فى بطن الحوت، أنا كان فى أوضتي بنت ودا مش تخاريف ولا تهيوات، البنت دى لازم تجيبوها، عاوز كل المعلومات الكافية عنها والأهم من كل دا، أزاى البنت دى وصلت إلى أوضتي
أشار “عمر” لهما بأن يذهبوا ويعثروا على هذه الفتاة فى أرجاء المدينة ومحيطها، تأفف “غفران” من غباء هؤلاء الرجال وأخذ هاتفه من فوق الكومود ثم أتجه إلى الباب مُغادر الغرفة لكن اوقفه حذاءها الذي تُرك خلفها، ركله بقدمه بغيظٍ مُنفعلٍ ويتحدث بنبرة خَشنة وأقتضاب:-
_ أنا اللى جبت الجزمة دى هنا ولا الجنيات بقوا يسيبوا وراهم جزم يا شوية أغبياء
تحدث “عمر” مساعده بصوت عفوي مازحًا:-
_ لا، دي سندريلا اللى سابت الجزمة
ألتف “غفران” يرمقه بنظرة ثاقبة جعلته يرفع يده إلى عنقه يهندم رابطة العنق وازدرد لعابه، خرج “غفران” من غرفة الفندق وأتجه إلى المصعد عقله شاردًا بهذه الفتاة المجهولة، فتاة مجهولة لكن الوجه الوحيد الذى تعرف عليه “غفران”، هذا الرجل الذي يملك كل شيء فى العالم، لديه مال ومكانة وعِزة، ضغط “عمر” على زر المصعد ووقف خلفه بخطوةٍ واحدةٍ ثم قال:-
_ ممكن اسأل سؤال واحد
أدار “غفران” رأسه لليمين قليلًا مما جعل “عمر” يبتلع كلماته بخوف من تجاوز الحد لكن أدهشه كلمات “غفران” حين قال:-
_ قول؟!
_ هتعرف أزاى أن هي نفسها البنت وحضرتك…..
فتح المصعد أبوابه فوجل الأثنين؛ ليُجيب “غفران” على سؤال ببرود قاتل يجحم من يسمعه ويبلد المشاعر:-
_ وحضرتي عندي عمى وجوه!! مش كدة يا عمر، أهو اللى عنده عمى وجوه دا جت له بنت والأعمى شاف وشها يا عمر، البنت دى وشها وملامحها كانوا واضحين فى عينيا، عينيها الخضراء الضيقة ورموشها الطويل وحواجبها الرفيعة وشفايفها الصغيرة ولون بشرتها البيضاء والنمش البنى اللى ملأ خدودها وشعرها الكستنائي الناعم، طولها اللى لغاية هنا
أشار بيده إلى ساعده يعبر عن قُصر قامتها بينما “عمر” يستمع بصدمة لجمته مما يحكيه “غفران” رئيسه مُصاب بمرض عمى الوجوه ولا يمكنه التعرف على أحد حتى أبنته لم يعرف ملامحها حتى الآن وزوجته، الأقارب والأغراب جميعهم لا يستطع “غفران” رؤية وجوههم لكن الآن يقول أن هناك فتاة تمكن من رؤية وجهها، تابع “غفران” الحديث قائلًا:-
_ مش رفيعة ولا تخينة، ملامحها وصوتها الهادئ بيقولوا أن عندها من ١٨ لـ ٢٣ سنة، أنا عايز البنت دي من تحت الأرض يا عمر
أومأ إليه بنعم، فتح باب المصعد فخرج الإثنين وكانت سيارة “غفران” المرسيدس السوداء مُنتظرة بالسائق أمام باب الغرفة، أنطلق السائق به فى الممر الدائري أمام الفندق، نظر “غفران” من النافذة بملل وعقله شارد الذهن بهذه الفتاة المجهولة
رن هاتف “عمر” فقال بهدوء بينما يجلس جوار السائق فى الأمام:-
_ مدام كندا بتتصل
لم يبالى لزوجته التى تتصل كثيرًا من الأمس، أنتفض جسده من مكانه وأتسعت عينيها حادقٍ بالنافذة حين رآها، هذه الفتاة المجهولة تنزل إلى سلالم المترو فصرخ بسائقه:-
-أوقف على جنب
ضغط السائق على المكابح بفزع من صرخته ليترجل “غفران” من سيارته وهكذا رجال الحراسة الذين ركضوا خلفه إلى المحطة، رآها فى عربة السيدات ليقفز من فوق ماكينات التذاكر بينما فزع مؤظفين الأمن داخل المحطة، ركض إلى المترو كالمجنون وجميع الوجوه أمام كالضباب، لا يرى سواها كالغريق الذى حصل طوق النجاة للتو، رغم ما يملكه لكن هذه الفتاة العابرة تملك نجاته التى لا يمكن شراؤها بالمال لكن للقدر رأى أخر حين أغلق المترو أبوابه، رأته الفتاة من خلف الزجاج وهي تقف خلف الباب مباشرة فكتبت بسبابتها على الزجاج
_ قُسم
ردد اسمها بصوت خافتٍ حادقٍ بوجهها الواضح كشروق الشمس أمام عينيه يقول:-
_ قُسم
تبسمت على لفظ اسمها من حركة شفاهه ثم أنطلق المترو بها بعيدًا قبل أن يحصل عليها “غفران” تاركة له بسمتها واسمها الاستثنائي كوجهها، كأن هذه الفتاة جئته أستثنائية بكل شيء لتكن جميلة كملامح وجهها الجميل، لأول مرة من سنوات يرى وجه أحد فحتى لو كانت قبيحة ولا تملك شيء من الجمال لكن بنظره وعينيه المريضة كانت أجمل بنت على الكون ……..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غفران هزمه العشق)