رواية غزالة في صحراء الذئاب الفصل السادس 6 بقلم رحمة سيد
رواية غزالة في صحراء الذئاب الجزء السادس
رواية غزالة في صحراء الذئاب البارت السادس
رواية غزالة في صحراء الذئاب الحلقة السادسة
تشـربت ملامحـه التوتـر الشديد، بحث عن اجابـة مقنعة ولكن لم يجد ابدًا، اضطر لأضافة كذبة جديدة الي قاموسه الغامض الذى بدى انه لا نهائـي، وقال بهدوء مصطنع :
_ البيت ده فيه ذكريـات كتير حلوة لينا
ولأول مرة تستقبـل حبـه وشوقه على وتيرة السخريـة، تتهكم على مشاعره الجياشة وإن كانت كاذبة حيث قالت بصوت قاتم :
_ يعنى وهى الذكريات عملت لنا اية ياخويا ؟
اجابها بصوت حاول إخراجه ثابتًا :
_ جابتلنا الهدوء وراحة البـال
يبدو أنه يتحدث عن نفسه فقط، فأى هدوء وراحة بال وهى لم تذق يومًا هانئًا، لم يمـر يوم إلا وتعكر صفوها بالمهانة والذل كونها زوجة حارس البناية !!
اجابته مبتسمة بتهـكم :
_ الذكريات مش هتمحى نظرة الناس لينا، مش هتمنعهم يقولوا لينا يا مرات البواب و يا بنت البواب، مش هتخرسهم !!
صاح فيهـا باهتيـاج :
_ لأ بس هتحفظ لنا سكينتنا، ممكن نبقي معانا فلوس الدنيا وأتـعس ناس
لم يرهـا يومًا بذاك البؤس، لم يسبق له أن لمح تلك النظرة فى عينيها، وكأن ذاك الزمن القاسى نجـح فى تغيرها تمامًا وتغيير نظرتها كاملة عن الحيـاة !
سألها بهدوء حاول خلقـه من بقايا الانفعال :
_ يعنى انتِ عايزة أية بالظبط يا كريمة ؟
تبدلـت الأدوار وحان دورهـا لتكذب هى تلك المرة، زاغت بعينيها مجيبة :
_ ما أنا قولت لك، نبيع البيت وبكام قرش نزودهم نجيـب بيت أحسن فى مكان تانى
تلقـت الصمت اجابة على كلماتها الغير مقنعة بالمرة، فدفعها ذاك الصمت لتكمل اكثر ظنًا منها انه يُفكـر :
_ يعنى انت عارف إنى بأشتغل فى المستشفى عاملة يعنى، ف حتى ممكن أدخل جمعية وأكمل على فلوس البيع
لا يبدو انه اقتنـع، اى هراء هذا، الذكريـات مجرد غطاء يغطى اسفله السبب الرئيسى والهام لذاك الرفـض، ولكن لن يكشفـه، والسبب مُهـين لكونه رجل .. الخوف !!
هـز رأسـه نافيًا بشدة قبل ان يحيد عنها بنظرة حادة متابعًا :
_ اوعى أعرف إنك عملتى كدة، ماتدخليش نفسك ف دوامة أنتِ مش قدها
مطـت شفتيها بضيق واضح، ما السبب لتلك الحدة، هى فقط ارادت العيش كأى امرأة في منزل متوسط يحتويها وابنتها، ولكن دائمًا ما يعاندهـا القدر لجعلها متيقنة وراضية بما قسمه الله لها ..
بينما راح يسألها هو مرة اخرى مستفسرًا :
_ لكن أنتِ هتبيعيه لمين اصلاً ؟
غمغمت بلوع :
_ عباد الله كتير، واكيد فى ناس هتشترى
جـز على اسنانـه بغيظ، ورغمًا عنه خرج صوته متهكمًا :
_ ومين هيرضي يشترى بيت زى ده، من حلاوته يعنى ولا أية ؟!
مطـت شفتيهـا بعدم رضا، ربما ينقسم لنصفين ظاهريًا، منذ ثوانٍ يمدحه والان يبدو أنه يمقتـه ؟! أيريد جنون جنبـات عقلى لأفقـده ويفعل ما يريد !!
قالت لنفسها هكذا قبل ان تتمتم بغيظ :
_ يوه، أنت مش عاجبك العجب ولا الصيام ف رجب !!!!
تنهـد بقوة، يأس من تلك المناقشة التى بدى انه هُـزم فيها فشل زريـع، لم يستطتع رَى زهور حبهم وايقاظها مرة اخرى لتحيى ذاك المنزل بداخلها، وإن كان الهدف مختلف ..
بأعيـن مهمومة ومكتفية سألها :
_ يعنى أنتِ مصممة على الى ف دماغك ؟
اومـأت مسرعة بأبتسامة متأملة، ليشقها بقوله البارد :
_ وأنا قولت لأ
كانت شمـس تتابعهم بأعيـن مُلهكة.. هادئـة .. ضائعـة .. لا يهمها منزل أو غيره، لا يهمها مظاهر واقنعـة، ما يهمها حقًا هو ما بداخل تلك الأقنعـة .. والديها ..
فجأة سألته بقلق وهى تشير على وجهه :
_ بابا اية ده مين الي عمل فيك كدة ؟
ظهر الارتبـاك عليه، ظل يزوغ بعيناه وجاهد أن يبدو ثابتًا وهو يجيبها :
_ ده آآ ده أنا آآ أنا وقعت لما كنت ف الحمام بس
_ يلا الزيــارة أنتهــت
هتف بها العسكـرى بصوته الأجش، منهيًا نقـاش كان على وشـك أن يودى بحياة عائلة كاملة الى الجحيم على قدم وسـاق مهلكة ..
******
يجـلس على فراشـه الناعم الكبيـر، في غرفة متوسطة المعيشة، ذات اثـاث حديث، الخشب باللون البنـي اللامـع، الفراش بجـوار أريكـة صغيرة وامامها الدولاب البنـي، والذى طلاهم هو مؤخرًا باللون الأسود ليدمر مظهرهم الجذاب، لتتلائم مع حالته المرزية، غرفة كاملة ساكنة كانت ذات يوم مصدر ومنبـع للسعادة والذكريـات الحنونة، ولكن الان .. اصبحت مصدر للآلآم والقهر فقط !!
يتوسط غرفته جالسًا على الفراش بجسد مُهلك من كثرة الركض، وأعـين لطالما ترجتـه أن يرحمها ويغلق عليها جفون الراحة ولو قليلاً، ولكن مهلاً .. لن ولم يرحمهـا إلا بعد أن يتمم .. انتقامه !!
مدد جسـده قليلاً، ينظر للأعـلي بشرود، مقتطفـات خائنـة ركضـت في جنبـات عقله لتلك المدعوة بـ ” خلود ” ..
صحيح أسمًا على مسمى، يبدو أنها خالدة فى هذا العقـل الذى لن يهدأ، ولكن رويدًا رويدًا، أيـن رأيتهـا من قبل ؟!
سأل نفسه هكذا وهو يحك ذقنـه بطرف اصبعه الابيض، لم يصل لاجابة مهدئة، واخيرًا اُغلقت اهدابه السوداء، لتعلن هدنة صغيرة لذاك المقاتل الشرس من اجل انتقامه الشنيـع ..
في مكان مُظلم .. هادئ ..فتـاة في اواخر العشرينـات من عمرها، وجهها أبيض ملائكـي يشـع نورًا غريبًا، وجسـد يدل على انوثـة صاحبته الصارخة التى لم تظهر لأى شخص، وحجاب صغير كان يومًا ما مُهـندم قبل أن يُمزق ليظهر شعرها البنـي الغزيـر، تشجنـت قسمـات وجهها وحاولت تحريـك شفاهها ولسانها لتصرخ ..
ولكن، أين تلك الصرخة التى خشيت الظهـور أمام تلك الوحوش التى تقترب منها رويدًا رويدًا بيدًا ممسكـة بـ ( سيخًا ) من النـار، يزداد الذعر ويفترش قسماتها قبل عينيها الزيتونية الخضراء وهو يقترب منها بأبتسامة شيطانيـة، همس بصوت أشبه لفحيح الأفعى :
_ اية يا حلوة، خايفة ؟
أشـار برأسه لليسَار حيث كان ” مراد ” يقـف مكبلاً بسلاسل حديدة، أطبقت على صدره وكتمت أنفاسـه بمفعول أقوى من الكمامات التى يضعوها على فمه، عيناه حمراء منذرة بأندلاع ثورة غاضبة ..
ثم قـال الرجل بجمود :
_ خليه يقولنا فين الفلاشة وأحنا نسيبكوا انتم الاتنين
هـزت رأسها نافية بسرعة كحركة معبرة عن عدم معرفتها بذاك الأمر، ولكن .. هل تعرف أن إبليس يرحم يومًا ؟!
بالطبع لا، هو مثلـه تمامًا، بلا قلب، ينفذ رغبة من أجل مصلحة تقودهم كالمنوم المغناطيسي نحو الشـر !!
أحتقـن وجهه بغضب هادر، وفي ثوانى كانت النـار على منتصف جسدها تكويـه بلا رحمة أو شفقـة، تحدث علامة اخرى مؤكدة ومُدلة على ذاك العذاب الذى وُشم على أقدارهم، صرخة مكتومة بقهر لم تخرج ابدًا، لم تسعفها حبالها الصوتية، وجرح غائر فُتح من جديد ليكوى قلبًا ادمى بعشق ابـدى، قبل الآمـه لهذا الجسد المنتهـك … نظراتها وكأنها تصرخ فيه بعنف :
_ ارجووووك أنقذنـي أرجووووك !!
…
هب منتصبًا على فراشـه والعـرق يتصبب منه بغزارة، خلايـاه المتألمة لم تنسي يومًا ذاك اليوم الذى أُصيبـت فيه بأبشع الاصابات، كانت وجهه متجهمًا شاحب، نظراتـه زائغة وعينـاه لامعـة بدموع قهرية، دموع لو سقطت لأحرقـت كل شخص لوث ذاك العشق، وجعل الايام التى من المفترض احلى ايامـه.. عبارة عن كابوس من الماضي يلاحقـه يوميًا .. حتى أقسم أنه لن ينام إلا عندما يذيقهم من نفس الكأس … !!
*********
يمدد جسده للخـلف على الأريكة الموضوعة في الركن في الصالة في منزلـه ومأواه الوحيد، كل ثانية تمـر يزفر فيها أكثر واقوى من ذى قبـل، وكأنـه يخرج همومـه في هذا الهواء، وضع يـده خلف رأسـه ناظرًا للأعلى بشـرود، شيئ ما جذبه لتلك صاحبة العيون الرماديـة، شيئ كره أن يستسلم له يومًا وإن كان مجرد اعجـاب، تجاعيـد وجهه وعينـاه الحادة كلما شعرت بطيف لمعة فيهم ألمـوه على الفور كنوع من التذكيـر فيمـا مضي، كالأنذار ينذر فور اقترابـه .. !
جلس امامـه صديقـه الوحيـد والشخص الوحيد الذى سمح له أن يطلع على جـوف حياتـه المظلـم، تنحنح مروان بهدوء قائلاً :
_ أية يا مالك .. فيك أية ؟
مطـت شفتيـه مجيبًا بلامبالاة مصطنعة :
_ مفيش عادى
سأله مرة اخـرى بأصرار لمـع في عينيه :
_ لأ مالك بجد، أية البت خشيت ف دماغك ولا أية يا برنس ؟
هـز رأسـه نافيًا، ثم استطرد بهمس اشبه لفحيح الأفعى :
_ هى خيشـت، جامدة بنت الاية، بس اكيد زيها زى غيرها مسيرها ليلة
رمقـه بنظرات ذات مغزى وتابع محذرًا :
_ بس خلى بالك يا مالك دى مش من البنات اياهـم
اومـأ مالك بهدوء، ثم أردف بخفـوت :
_ أيوة عارف، و ده الى مخلينى مُتمسـك وعايزهـا
نهـض مروان مقتربًا منه، ثم ربت على كتفـه برفق، وكأنه يزيـح ذاك الوباء الذى يفكر فيه فى تلك الثوانى، ثم قال بجدية :
_ أنسـي يا صاحبى، أنا عارف إنك لسة مانستش
تقـوس فمه بابتسامة ساخرة واجاب :
_ مش فارقـة يعنى نسيت ولا لا، منا عايش أهو عادى !
هـز رأسه نافيًا، وتجمدت ملامحه وهو يستطرد بخشونـة :
_ لازم تنسـى، وبعدين أنت لسة نضيف من جـوة، أنت لسة مالك بتاع زمان أنا متأكد
صـرخ فيه مالك بحدة تجلت في نبرتـه المتحشرجة :
_ لأ مش بتاع زمان، بتاع زمان مات، أنا دلوقتِ مالك تانى، بتاع شرب وبنات وسهر
ضحك بخفة سـاخــرًا :
_ لأ لأ ماتضحكش على نفسك، أنت ناسى إنك لحد الوقتى ملمستش ولا بنت، أخرك سجاير وحشيش ممكن بس يا برنـس !!
جـز مالك على أسنـانه بغيظ، بالفعـل هو لم يتخطـي ذاك الحاجـز يومًا، لم يستطـع كسره بقوة بالرغم من الهالات المجمعة حوله محاولةً لكسـره .. !
تابـع مروان بصوت أجـش :
_ مش حتت بـت هتعمـل فيـك كدة يعنى
تأفف متابعًا بألم حاول اخفاؤوه :
_ مش البت الى كسرتنى، الى كسرنى الحاج جمال الى مفروض إنه أبويـا، يعمل فيا كدة !!!!
سارع مروان مبررًا :
_ بس يا مالك هـ .. آآ
قاطعـه مالك بنظرة معلنة عن نهايـة تلك المبررات التى لن ولم تجعل جليده يلين ولو لبرهه، ثم ضغط على كل حرف قائلاً :
_ ايًا كانت المبررات، مفيش أب يعمل ف ابنه كدة
صمت برهه يستجمـع قواه التى كادت تخور ثم هتف :
_ مفيش أب يخلى مرات أبنه تخون أبنه مهما كانت الأسباب يا صاحبى !!!!!
*لاوعاوزين تخشو الجروب الروايات علي الواتساب كلموني علي الرقم ده*
*https://wa.me/+201288715026?text=ممكن-ادخل-جروب-الروايات-
تستجمـع شتـات نفسها المبعثرة، وأمـام مرآتـها التى تعكس صورتها الهادئة جلست على الكرسى الخشبي الصغير، تنظر لنفسها غرة وليدها التى شوهـت مسبقًا غرة اخرى، وكأنها تتأكد أن تلك المجروحة ما هى إلا سواها، تلقلقـت الدمـوع المتحجرة فى عينيهـا البنية وهى تتذكـر كل ما مـرت، ألم فوق ألم تعجـز عن إيقافـه حتى شعـرت أنه خُلـق لها فقط، ثانية اثنـان ثلاثـة ..بدأ قلبهـا يدق بصخب وقـوة شعرت أنه سيقف بسببها حتمًا، وهاجمتها سيل الذكريـات التى تعيد زراعة ذاك الألم مرارًا وتكرارًا بداخلها ..
فلاش بــاك
كانت تنـام على فراشهـا مغلقة الجفنين لتغطى عينيها المرهقـة، بملابسها التى تخـرج بها، وفجأة فى حلمًا ما من تلك الأحلام التى لا تعلم هى خير أم شر حقــًا ؟ ..
طفلة ذات اربعة سنوات، ذات ملابـس أنيقـة مهندمة، مكونة من جيب قصيرة وبلوزة نصف كم، شعرها أسود وملامحهـا معتادة كأى طفلة بعمرها بريئـة، كانت تركض على احدى الحشائش الخضراء لتبدو فراشة محلقة اعلى الزهور، واذ فجأةً تأتـى فتاة ملثمـة جسدها متوسط، بيدها قطعة قماش بيضاء، يبدو أنها مخدر، اقتربت من الطفلة رويدًا رويدًا من الخلف ثم فجأة انقضت عليها وسط بكاء الطفلة وخدرتهـا، لتتجه لأحدى السيارات السوداء التى كانت تنتظرها في جزء بعيد مُنقطـع، وهى تتلفت بين حين والاخـر، وبملامح باردة وقلب تعلم القسـوة بامتياز، مدت يدها لرجل ما يجلس بهدوء، امامه بعض الاجهزة الطبية، وكأنها سيارة للاسعاف، ثم خرج صوتها متحشرجًا :
_ انجز خلص شغلك بسرعة عشان اهلها
اومـأ موافقــًا وهو يمد يده ليحمل الطفلة ويمدد جسدها على فراش صغير جدًا بالسيارة، وبـدأ يعد كل شيئ ليسرق اعضاءهـا !!!!
تحت انظـار تلك التى سُميـت يومًا بالخطأ انثـى رهيفة المشاعر، ولكن اى مشاعر هذه !! .. مشاعرها كالصخر بين جنبات قلبها الذى ينبض بهدوء دون احتجاج على ما يحدث وكأنه اعتاده مؤخرًا ..
صرخت فيه مرة اخرى بحدة :
_ ما تنجز انت هتاخد اليوم !؟
اومـأ مؤكدًا وهو منشغل مع الطفلة، ليقول بضيق حقيقي :
_ ما تهدى يا بنتى، دى سرقة اعضااء مش سلق بيض
تأففت وهى تتفحص الاجـواء، وبعد فترة لاحظـت الهلع على قسمات وجهه لتسأله بتوجس :
_ في اية الي حصل ؟
اجابها بصوت مرتعـد :
_ دى آآ دى مـ ماتت !!!!!
هنا استيقظت هى من ذاك الحلم، بملامح تشربها الخوف والقلق والشفقة، وأعيـن كادت تبكى من قسوة ما رأت، لم تعطى لعقلها فرصة للتفكير ونهضت راكضة لذاك المكان الذى رأته في حلمها، ومن حظها أن والدتها لم تكن بالمنزل ذاك اليوم لتمنعها، استقلت سيارة اجرة تترجـاه أن يُسـرع، وتمنـع وتغلق باب جوف عينيها المتألمة بصعوبة شديدة، وصلت المكـان ووجدت ما رأته يتحقق بالفعل، ركضت باتجـاه الطفلة التى كادت تحملها الفتاة، وزمجرت في الفتاة بغضب وثبات مصطنع :
_ انتِ مين يا مجرمة انتِ، عايزة اية من بنتى ؟
لم ترد الفتاة وانما ركضت مسرعة بقلق، في هذه اللحظات تقـدمت سيدة ما في منتصف عمرها، ترتدى حجابها الذى يدير ملامحها المتوجسة، اقتربت من خلود ثم صرخت فيها بهلع عندما رأت ابنتها هكذا :
_ حرااامية مجرمة، عايزة تخطفى بنتى
هزت خلود رأسها بسرعة مبررة :
_ لأ آآ لأ أنـا آآ ..
قاطعتها السيدة فجأة وهى تخرج سكيـن صغير وتشوه يد خلود التى تحمل الفتاة، في حين أطلقـت خلود صرخة مدوية من شدة الألم ..
بـــــــاك
مدت يدها بأصابـع مرتعشة تتحـس ذاك الجرح الذى لم يـزول، ودموعها تغرق وجنتاها، ذاك الجرح الذى كان مكافأة على إنقاذها لطفلتهـا !!
علامة مشوهه تجعلها تتذكرهم دائمًا، أقسمت أنهـا اعتادت أن تستقبل المقابل القادم بأعين مغمضة وكرامة استعدت للمحو حتمًا، ضحكـت بسخرية عندما تذكرت صدمتهـا العميقة عندما علمت من هو والد تلك الطفلة، صدمتها التى لم يستطع اى شخص انتشالها منها لأكثر من خمسة شهـور !!!!!
…
قطع حبل أفكـارها المتين والذى يتعمد تذكرتها دائمًا حتى لا تقـع في نفس الحفرة مرة اخـرى ببلاهة، صوت هاتفها معلنًا إتصال من صديقتها الوحيدة ” شمس ”
اجابت بصوت اجتمع فيه الألم والكسرة :
_ ايوة يا شمس
_ اية يا بنتى أنتِ فين كدة ؟
_ في البيت
_ طيب يلا قومى ألبسي، ونتقابل فى الحديقة العامة الى عند البيت
_ طيب
_ مالك يا حبيبتي
_ مفيش عادى
_ أما أشوفك هعرف مالك بأذن الله
_ ماشي، سلام
_ سلام
أغلقـت تتنهـد بحزن تعمق وتمكّن منها، توغَل منها بقوة رغبةً فى تعليمها درسًا لن ولم تنساه يومًا، لتشعر بتلك الشفقة التى تكرهها تجتاحها تضامنًا معها هى !!
********
بعد فتـرة أنتهـت شمس من ارتـداء ملابسها بالكامل، ولم تضع اىً من مساحيق التجميل، خرجـت من غرفتها الصغيرة لتجد والدتـها تجلس على الأريكة تضع يدها أسفل خدها وتشاهد احدى الأفلام على تلفازهم الصغير، نظرت لها بهدوء ثم تنحنحت قائلة :
_ ماما
همهمت والدتها بتساؤل دون أن تحيد بنظرها عن التلفاز :
_ اممم، خير يا شمس ؟
اجابتها بجدية :
_ أنا رايحة أقابـل خلود صاحبتى
نظرت لها هنا بتوجس وقالت :
_ أنتِ متأكدة ؟
اومـأت شمس بهدوء، لتتابع والدتها بامتعاض :
_ طيب، أعملى الى يريحك
اتجهـت شمـس للخـارج بخطى ثابتة وهادئـة، وخرجت من المنزل، وقفت في بهو البناية لثوانى تلقي أخر نظرة على نفسها بالمرآة، وفجأة وجدته يسحبهـا من يدها ليدخلها امام باب منزل مغلق وفى اخر المدخل، شهقـت هى بصدمة، فوضع يده على شفتاها المنتكزتين ليمنع صوتها من الظهور، شحبت ملامحهـا وتشربها الرعب باستمتاع، بينما كان هو يراقب كل خلية في جسدها بأعين متلهفة، ابعد يده عن شفتاها يحيط خصرهـا بيده بحركة تملكيـة جعلت القشعريرة تسير بجسدها حتى عامودها الفقرى، لتهمس هى بصوت اشبه للبكـاء :
_ انت عايز منى اية ؟
كـان مثبتــًا نظراته على شفتاها، تنتقل عينيه السوداء بين بحر عينيها الرمادية وشاطئه الذى يجعله يكاد يفقده عقله .. شفتاها الكرزية، ثم اقترب منها اكثر حتى إلتصق بها واجابها بنشوة :
_ عايــزك انتِ
حاولت تحرير خصرها الذى احتلته يده القوية وهى تقول برجاء :
_ سيبنى فى خالى بقا يا استاذ مالك
هـز رأسـه نافيًـا، ليرسـو بسفينة شهوته على شاطئ لطالما كرهته وابتعدت عنه :
_ لأ مش هابعد، انتِ عايزة ده يحصل تحت مسمى الجواز ؟ أوك موافق
جهـر قلبها باعتراض شديد على هذا الحاكم الذى يترجم خوفها وإرتعاده جسدها بحروف معاكسة، لتستطرد هى باعتراض :
_ لأ لأ انا مش عاوزة اى حاجة، عايزاك تبعد عنى بس
لم يصغى لهـا، لم يكـن معها بالأساس، كانت حواسـه جميعها منشغلة بذاك الشيئ الجديد والذى لم يقابل منه حتى الان سواها برغبة جامحه في تعمقـه اكثر، ظل يقترب وهى تحاول إبعـاده حتى اصبح امام شفتاها تمامًا ليهمس برغبة :
_ انتِ حاجة حلوة أوووى
كلماتـه لا تجعلها تشعر بالفخر ابدًا كونها انثى، لا تشبع غزيرتها الانثوية وكبرياءها، بل تجعلها ترغب بشدة في تمزيق جسدها لأشلاء حتى لا تقهر اذنيها بسماع كلمات الغزل المسموم تلك ..
قطـع حبل افكارها بقبلـة عميقة وتملكية، قبلة تعدد زمنهـا وابتعد بها عن ذاك العالم، ليبدأ في تعلميها بالأبجدى حرفًا حرفًا من تلك التى تُدعى رومانسية، قلبها جعلت شفتاها تدمى دمًا امتعه بين شفتـاه الراغبـة، وفشلت محاولاتها في إبعاده، وفجأة سمعوا صوت تعرفه هى جيدًا جعل المعجزة تحدث ويبتعد مالك عنها :
_ الله الله، اية ده ان شاء الله يا ست شمس
كانـت فى موقف لا تحسد عليه، من جوف عميق أسود راغب لجوف اسوء واسوء تملكى متوحـش، غمغمت بأعين مذعورة :
_ يحيى آآ انـا والله آآ ..
قاطعها مالك بسؤاله ليحيى بأنفـاس لاهثة :
_ أنت مين أنت اصلاً، ملكش فيه
زمجر فيه يحيى غاضبًا :
_ لأ ليا يا حيلتها، دى مراتى
إتسعت حدقتا عيناها وهى تسمع لكلماته بتوجس، وقيدت الصدمة لسانها مرة اخرى، بينما قال مالك متساءلاً بجدية وسخرية واضحة :
_ لا والله، مراتك منين ان شاء الله، دى مش متجوزة
هـز يحيى رأسه نافيًا، وقرر أستغلال تلك الفرصة التى لن تأتى له مرة اخرى، واخرج من جيبه ورقة ما قائلاً بخبث وهو يمد يده بها لمالك المدهوش :
_ لأ مراتى من ورقة الجواز العرفى دى !!!!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غزالة في صحراء الذئاب)