رواية غرام في المترو الفصل السابع عشر 17 بقلم ولاء رفعت علي
رواية غرام في المترو الجزء السابع عشر
رواية غرام في المترو البارت السابع عشر
رواية غرام في المترو الحلقة السابعة عشر
الفصل السابع عشر… والاخير
في سراي النيابة، تقف بين الفتيات جميعهن يلتفون داخل ملأه، تبكي بغزارة بكاء لا ينفعه الندم، فقد أزفت الآزفة وعليها أن تدفع ثمن ما ارتكبته من آثام.
“و أنتي يا سماح، شغالة مع عوني القرني من إمتي؟”
توقفت عن البكاء ونظرت بأعين يملأها الحسرة
“أنا، أنا يا بيه اللي وقعني مع قرني، التليفون، كان بداية أول خطوة وصلتني للي أنا فيه، حللت لنفسي الحرام و كنت بعمل مقاطع علي التيك توك وأنا مخبية وشي، قال يعني محدش هايعرفني، جريت ورا الفلوس بسبب الفقر والحوجة، أبويا كل ما يلاقي معايا قرش ياخده، عمري مالاقيت حنية و لا عطف من وقت ما أمي ماتت وأنا عيلة صغيرة، بقيت أعمل كل اللي عايزاه من ورا أبويا وأخواتي معرفش أنها خطوة بتجر خطوة والنهاية واقفة قدام سيادتك ملفوفة بملاية”
“أي مبرر هتقوليه و لا ليه لازمة يا سماح، طرق الكسب بالحلال كتيرة بس أنتي و اللي زيك استسهلوا و اختاروا الحرام أسرع طريق و في الأخر أديكم بتدفعوا التمن، و عار هايفضل ملازمك لحد أخر يوم في عمرك”
لم تجد تعقيباً أو رداً، شهقة انتابتها
“ممكن أشوف أبويا يا باشا؟”
“ما تقلقيش هاتشوفيه، لما يجي يزورك في السجن”
أمر وكيل النيابة بترحيل المتهمات علي سجن النساء حتي يتم تحديد جلسة حكم في قضية كل منهن.
خرجت من السرايا و يديها حولها الأصفاد، رأت عاطف واقترب منها أوقفه العسكري
“ممنوع يا كابتن يلا امشي من هنا”
“معلش مش هعطلكم، أنا جاي أقولها حاجة”
نظر إليها بكل ازدراء واحتقار
“فاكرة لما عايرتيني بفقري اللي هو كانت نفس ظروفك وكمان بشغل أمي اللي جذمتها أنضف منك، علي الأقل اشتغلت و كافحت بالحلال وربت تلات رجالة، لكن أنتي عملتي العكس بيعتي نفسك للي يدفع أكتر ونهايتك بقيتي……”
وبصق علي وجهها، كلماته بمثابة رصاصة قاتلة اردتها قتيلة وهي حية ترزق، فالأيام دول وجاء الجزاء العادل لتدفعه في الدنيا، فماذا عسێ ما ينتظرها في الآخرة؟!
❈-❈-❈
كان يغفو في سبات عميق منذ أمس، استيقظ علي لكز والدته في ذراعه
“أصحى يا للي أخرتي هاتكون بسببك”
استيقظ يوسف بفزع
“فيه إيه يا ماما؟”
“فيه أنك فسخت خطوبتك من غير ما تكبر أهلك و ترجعلهم، و كل ده عشان حتة بت جربوعة من حواري دار السلام؟!”
“أنا أصلاً من البداية مكنتش عايز ماهي، و دي كانت خطتك يا منيرة هانم، و لا نسيتي اتفاقاتك مع رامي صاحبي؟!”
ولت ظهرها إليه
“بتتكلم عن إيه مش فاهمة حاجة”
“لاء أنتي فاهمة، و اللعب كل بقي علي المكشوف، بس أحب أعرفك سواء انتي موافقة و لا لاء، أنا هاتجوز غرام، فأي محاولة هتعمليها عشان تبعديني عنها هاتكوني حضرتك الطرف الخسران فيها”
“أنت بتتحداني يا يوسف؟”
“ده مش تحدي، دي حياتي و أنا حر أعيشها زي ما أنا عايز، و أنا اللي هاكرر أعيش مع مين”
قاطع نقاشهم صرخات كاميليا التي دوت في الخارج، تركض في الرواق مذعورة
“ألحقوني نور عمل حادثة واتقلبت بيه العربية وخدوه علي المستشفي”
❈-❈-❈
بعد مرور ساعات، تم نقل نور من غرفة العمليات إلي غرفة العناية المشددة، يقف والده بالخارج ينظر إليه عبر النافذة الزجاجية، يبكي علي حال ابنه
“حقك عليا يا نور، والله ما كنت أعرف اللي هايحصل معاك، أنا اللي غلطان و المفروض كنت هادفع الغلط مش أنت يا حبيبي”
جاء صوت زوجته من جواره
“تدفع تمن اللي عملته معاه و لا اللي عملته في حقي، كنت عارفه كل اللي بيدور ورايا، ونزواتك القذرة و كنت ساكتة، بقول بكرة يكبر ويحترم نفسه، ده مهما كان جوزك أبو عيالك، و جد وعنده حفيدة، لكن الوضع بيزيد من سئ لأسوأ”
نظر إليها وتوقف عن البكاء
“أنتي السبب، جفائك و تسلطك المستمر علي كل واحد فينا، تحكمك و سيطرتك عشان تشبعي الأنا عندك هي اللي خلتني أخونك مرة و التانيه و التالتة و مش ندمان، أنا كل أسفي علي ابني اللي كان هايروح بسبب نزوة انتي السبب فيها، حتي ابنك التاني يوم ما لقي البنت اللي حبها وأتغير للأحسن علي إيديها تقومي تتدخلي كعادتك تدمري له حياته بدل ما تصلحيها”
“متوقعة ردك مش جديد عليك، أنا خلاص هاسيبك أنت وعيالك تعملوا اللي أنتم عايزينه، اتجوز و رافق براحتك وخلي ابنك يتجوز من بنت طماعة هي واهلها في ماله ونسبه، أبقي ماتنساش تعزم معارفنا وقرايبنا علي فرحه في الحارة، بكرة ابنك بنفسه هايعرف كان عندي حق ويندم أنه مسمعش كلامي”
“لاء، خليكي انتي مع عيالك انا اللي هاسيبلك كل حاجة، و ابقي شوفي حد تعرفي تتحكمي فيه، ده لو لاقيتي، عن إذنك”
❈-❈-❈
عادت هند برفقة أحلام من التسوق، تحمل كلتيهما أكياس
“هنستناكي يا هند علي العشا”
“حاضر، و سلميلي علي خالتي عزيزة عقبال ما أجيلكم”
“ماشي”
ولجت إلي الفناء فوجدت من يتبعها، تخشي أن يكون سمير فشهقت بفزع، ألتفت لتجده
“عاطف؟”
“آسف لو خضيتك”
“و لا يهمك، كنت بحسبك طليقي”
“أنا سمعت من أصحابي أنه رجع للبيع المخدرات بس علي نشاط أوسع لحد ما اتمسك في شحنة تقيلة، دي أقل حاجة فيها حكم تأبيدة”
“الله يسهلوا، كل واحد بياخد جزاء اللي عمله، الحاجة الوحيدة اللي ندمت عليها فيها حياتي يوم ما أتجوزته”
“و مش ندمانة أننا مابقناش من نصيب بعض؟”
نظرت إلي أسفل بحرج وخجل
“كنت هبلة و طايشة وقتها، لو كنت بعقلي كان زمانا مع بعض، ما بقاش ينفع كلمة ياريت”
“و ليه يا أحلام ما ينفعش؟، بكلمة منك نبدأ حياتنا من أول وجديد”
رفعت وجهها ونظرت بصدمة تحاول تفسير ما تنضح به عينيه
“تتجوزيني يا أحلام؟”
❈-❈-❈
ألقت هند الأكياس فوق الطاولة واتجهت نحو الغرفة لتبدل ثيابها، توقفت حينما سمعت طرق علي الباب، ألقت الوشاح علي رأسها وذهبت لتفتح الباب.
“أزيك يا مرات أخويا”
شعرت هند بانقباضه في قلبها، ابتسامة دلال تخفي خلفها شر دفين، و الأخرى حدسها يخبرها أن تتراجع
“خير يا دلال؟”
دفعتها من أمامها و ولجت عنوة
“مش عيب تكلميني علي الباب كدة من غير ما تقوليلي أتفضلي، ألا أخويا فين، أصلي مشفتهوش من وقت ماخدك ومشيتوا، أو بمعني أصح لما قلبتيه علينا و خلتيه يقاطعنا”
“أنا؟!، يعلم ربنا كنت مخبيه عليه عمايلكم معايا أنتي و طنط، عشان ما انكدش عليه و لا يشيل منكم وأبقي انا السبب، هو اختار البعد بسببك و لا فاكرانا مانعرفش أنتي اللي مديتي إيدك علي الفلوس وخدتيها”
“أيوه أنا اللي أخدتها، خير أخويا و أنا أولى بيه، و هانعرف نرجعه لينا، و لو مكنش بمزاجه يبقي بمزاجه برضو”
أظهرت زجاجة صغيرة كانت تخبأها في يدها وتابعت
“و خصوصاً لما ما يطقش يبص في وشك المشوه”
حين أدركت هند ما هي مقبلة عليه دلال، صرخت وركضت نحو باب الشقة والذي كان مفتوحاً من حسن حظها
“هاتعملي إيه يا مجنونة”
هبطت علي الدرج قاصدة شقة والدها
“افتحي يا ماما، ألحقوني”
ركضت الأخرى و تمسك بالزجاجة وعينيها تشع بالشر
“أنا لازم أدمرلك حياتك زي ما حياتي مدمرة”
الشر أعمى عينيها و لم تنتبه إلي الدرجة المكسورة، تعثرت و تدحرجت علي السلم مع انسكاب السائل الناري الذي طال وجهها و خاصة عينيها، فاطلقت صرخة مدوية خرج علي إثرها الجيران.
❈-❈-❈
مرت الأيام و قد نال كل ما اقترف شيئاً جزائه، سمير تلقي عقابه بالحكم المؤبد بينما سماح حكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات لكن سجن العار سيلحقها إلي الأبد، دلال فقدت بصرها و شوه وجهها فكانت تريد هذا الشر في زوجة أخيها، لا تعلم الجزاء من جنس العمل، و قد نالت جزاءها و جن جنونها بعد أن أدركت أنها ستظل ضريرة، كان الحال لدي والدتها ظلت تنعي حظها العسر و ندمت علي ما فعلته و ذهبت تطلب الغفران من زوجة ابنها وكذلك من ابنها، و لدي سوزان وقعت في براثن أحد رجال الأعمال الذي أذاقها الويل فكان شخصية سايكوباتية، يسقيها العذاب ألواناً فهذه نهاية كل من ركض وراء سراب يدعي الثراء عبر وسائل غير مشروعة.
و لدي غرام كانت الأخبار السارة تلوح في الأفق، قام عاطف بخطبة أحلام وتعلق صغيرها به ويدعوه -بابا-، انتهت ابتسام من أداء الاختبارات النهائية وحصلت علي مجموع يؤهلها للدخول إلي كلية الألسن كما أتى إلي حسن عقد عمل في أحد دول الخليج لذا قرر أن يتزوج ابتسام و يأخذها معه إلي الخارج وتكمل تعليمها الجامعي عبر الأنترنت وتعود إلي بلدها لأداء الامتحانات وتعود مرة أخرى إلي زوجها في الخارج.
و لدى أيضاً عائلة الشريف، تعافي نور من أثار الحادث واعترف نادماً إلي كاميليا زوجته، غفرت له لكن لا تنكر أن داخلها شيء قد تفتت و لا يمكن إصلاحه، و لنأتي إلي يوسف الذي اختار أن يعيش مع والده في منزل داخل أحدى الوحدات السكنية، وقام بالذهاب إلي عائلة غرام وقام رأفت بطلب يدها إلي نجله في وسط سعادة عارمة.
❈-❈-❈
يغسل آلاف من الصحون يومياً دون كلل أو ملل، يغني بسعادة بعد أن علم أصبح لديه اجازة لمدة أسبوع يمكنه العودة إلي بلاده وأول ما يتمناه هي رؤيتها!
و ها قد جاء اليوم المنتظر، داخل قاعة ذات مساحة شاسعة، المدعون من كبار رجال الأعمال والمعارف يخالطهم جيران الحارة الذين جاؤوا جميعاً لحضور حفل زفاف كلا من غرام ويوسف، و زفاف أيضاً حسن وابتسام
كان كلا العروسين يستقبلون التهاني و المباركات
“أنتم السابقون ونحن اللاحقون يا مستر حسن”
قالها عاطف وتمسك أحلام بساعده
“حد مانعكم يلا اعملوها”
“قولها بالله عليك يا أبو علي، هي اللي مش راضية، قال إيه لازم. سنة خطوبة نعرف بعض كويس، قال يعني ماتعرفنيش، ده إحنا متربيين مع بعض”
عقبت أحلام
“البني ادم بيتغير مع الوقت، افرض بتمثل عليا الطيبة أكون أنا اتدبست فيك”
ضحك كل من حسن و ابتسام التي اخبرته
“معلش يا عاطف بقي اتعلمت الدرس وعرفت التمهل والتأني هما الصح”
صاح حسن بسعادة
“الله علي بوسي يا ناس وهي بتقول حكم ما بتعملش بيها أصلاً”
لكزته في ذراعه وضحكت شقيقتها وعاطف، ولدي غرام ويوسف
“خد بالك منها يا يوسف بيه، غرام دي يعني القلب الحساس والحنية كلها”
“ما تقلقيش يا هند، المفروض توصوها هي عليا و لا إيه يا چيمي”
“ما هو بعد اسم چيمي ده مش عارف أقول رأيي، هم اللي بيقولوا و يقرروا أسألني أنا”
لكزته هند بمرفقها
“قصدك إيه يا سي جمال؟”
“و لا حاجة يا حبيبتي، بقول أن الدنيا من غيركم ماتسواش”
“ايوه كده اتظبت”
تقدم نور من شقيقه و همس إليه
“ماما واقفة بره عايزة تباركلك بس مش عايزة تشوف بابا و في نفس الوقت محرجة من غرام”
“محرجة منها و لا مستكبرة تيجي تباركلها”
انتبهت غرام إلي حديثهما الجانبي
“فيه حاجة يا يوسف؟”
أخبرها نور بما قاله لشقيقه، ابتسمت وأمسكت بيد يوسف
“أنا ويوسف اللي هانروح لحد عندها”
وفعلت ما قالت، تعجبت منيرة من رؤية غرام وتبتسم لها
“نورتي الفرح يا طنط، و بجد فرحتنا مكنتش هاتكمل غير بوجودك معانا”
امسكت بيدها وقامت بتقبيلها، نظرت منيرة إلي ابنيها وانتظر يوسف رد فعل والدته، فاجأته نقيض ما كان يتوقعه، قامت بعناقها
“ألف مبروك وربنا يتمملكم علي خير”
اقترب يوسف أيضاً من والدته وعانقها بقوة
“الله يبارك فيكي و يخليكي لينا يا أمي”
“يلا بينا ندخل جوه و ناخد لنا صورة جماعية”
و في الداخل عانقت الشقيقتان أمهما
“وأخيراً جه اليوم اللي كان بيحلم يشوفكم فيه أبوكم الله يرحمه، ربنا يباركلي فيكم يا بناتي”
“حبيبتي يا ماما، الله يرحمه و يخليكي لينا”
رددت كل من غرام و ابتسام
“يلا بقي ناخد صورة سيلڤي فيها كل الحبايب”
وقف الجميع، غرام وجوارها يوسف و والدته و جوارها السيدة عزيزة التي يقف علي يسارها حسن و جواره ابتسام، علي الجانب أحلام و عاطف و الجانب الأخر جمال و هند، أتى السيد رأفت فتركت غرام له مساحة بينها و بين يوسف ليقف بينهما
“يلا عشان هانصور”
التقطت الصورة والجميع ينظر مبتسماً نحو آلة التصوير لكن ابتسام كانت تنظر نحو نقطة أخرى و مازالت تحدق نحو هذا الذى دخل للتو، يحدق إليها بوعيد من نيران حارقه، لم يهدأ علي خيانتها لعهد الحب الذى أوهمته به، وحينما عاد إلي أرض وطنه، علم بأمر زواجها من معلم اللغة الإنجليزية، فالكل كان علي علم وهو آخر من يعلم، قرر حضور حفل الزفاف يكفي رؤية تلك النظرة في عينيها ورجفة شفتيها وهي تردد اسمه بخفوت
“عثمان؟”
تمت…
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غرام في المترو)