روايات

رواية غرام في المترو الفصل الرابع 4 بقلم ولاء رفعت علي

موقع كتابك في سطور

رواية غرام في المترو الفصل الرابع 4 بقلم ولاء رفعت علي

رواية غرام في المترو الجزء الرابع

رواية غرام في المترو البارت الرابع

غرام في المترو
غرام في المترو

رواية غرام في المترو الحلقة الرابعة

أشرق نور الصباح ليبدأ يوم جديد، مازالت تلتزم غرفتها منذ أن عادت بالأمس، يهرب النوم من عينيها كلما تتذكر ما سيقع به من شر علي يد هذا اللعين رجب.
“أنتي لسه نايمة؟”
كان صوت عزيزة التي ينهش القلق فؤادها علي ابنتها
جلست بجوارها والأخرى تغطي جسدها كاملاً بالغطاء لا تريد رؤية أحد
“قومي يا بنتي كولي لك لقمة، ده من إمبارح الضهر و أنتي علي لحم بطنك و نايمة”
“معلش يا أمي ممكن تسيبني لوحدي، تعبانة ومش قادرة أتكلم”
“لو تعبانة قومي أخدك علي المجمع الطبي نكشف هناك”
صاحت بالرفض وصوتها وشيك علي البكاء
“أنا تعبانة نفسياً ومحتاجة أقعد لوحدي، حرام يعني تسبوني في حالي؟!”
نهضت عزيزة وتردد بحزن
“لا حول ولاقوة إلا بالله، يارب أبعد عنها الهم والحزن وريح قلبها”
استيقظت ابتسام وخرجت علي صوت والدتها فسألتها
“في إيه يا ماما مالها غرام؟”
جلست عزيزة علي الأريكة تخبرها والشجن يغزو ملامحها
“والله ما عارفة يا بنتي إيه اللي صابها، خايفة لتكون الولية اللي اسمها رشا جرحتها بكلمة ولا عملت معاها موقف، أصل أنا عارفة أختك نفسها عزيزة أوي”
صدح جرس المنزل فقالت ابتسام
“أهي هند جت، سيبينا إحنا هنفرفشها و نقومها تخلصلك علي التلاجة”
فتحت الباب و ولجت هند تلقي عليهم تحية الصباح، و سردت لها عزيزة حال ابنتها منذ أن جاءت من الخارج بالأمس حتي الآن، فأخبرتها هند
“ما تقلقيش عليها يا خالتي، أنا وابتسام عارفين هي بتفك إزاي”
ولجت كلا من ابتسام وهند بخطوات غير مسموعة إلي غرام التي تغمض عينيها وتمنع دموعها، يكفيها بكاءً منذ البارحة
لمست هند مشغل الموسيقي علي هاتفها
وبدأت الفتاتان في الغناء بشكل كوميدي، جذبت ابتسام الغطاء من فوق شقيقتها، نهضت و ظلت تنظر إليهما بغضب لن يكتمل فتحول إلي ابتسامة ثم ضحك من أفعال صديقتها وشقيقتها وطريقة غنائهم الفكاهية
“يعني الواحد ما ينفعش يقعد مع نفسه؟!”
جلست بجوارها صديقتها و عقبت بمزاح
“أومال لازمتي كصديقة ولازمة أختك إيه لما نسيبك حزينة مع نفسك؟!، ده يبقي حتي عيبه في حقنا، ما تقولي حاجة يا بوسي”
ضحكت ابتسام بمكر
“أنا ممكن أروح لخالتي عدلات وأقولها يرضيكي نسيب غرام زعلانة، و هي مش هيرضيها، هتيجي تعمل الواجب مع غرام”
ضحكت غرام رغماً عنها
“ده هيبقي عذاب مش اكتئاب”
ضحك ثلاثتهم فقالت هند
“بقولكم إيه، أنا النهاردة واخده إجازة من الشغل و جاية أخد غرام هننزل نشتري شوية حاجات و أهي منها نتفسح”
“و أنا معاكم”
كانت ابتسام فسألتها هند
“مش المفروض عندك مدرسة دلوقت؟”
“مش هتفرق من يوم إجازة أخده، ده بعد أذن غرام طبعاً”
و نظرت إلي شقيقتها تخشي أن ترفض، أومأت إليها الأخرى
“موافقة، بس قومي اعملي فطار لهند الأول”
ولجت عزيزة وتشعر بالفرح عندما رأت ابتسامة ابنتها
“أنتم خليكم قاعدين مع بعض و هعملكم أنا أحلي فطار هتاكلوه من ايدين خالتك عزيزة يا هند”
صاحت ابتسام بمرح
“الله عليكي يا ماما ياللي مدلعانا”
نظرت إليها غرام و ألقت عليها أمراً
“روحي ساعدي ماما”
ذهبت دون مجادلة أو رفض، فهي تدرك إنها تريد التحدث مع صديقاتها كاتمة أسرارها، و بالفعل بعد مغادرة ابتسام نهضت غرام وأغلقت الباب، سألتها هند بقلق
“إيه اللي حصل معاكي إمبارح؟”
بدأت تسرد غرام إليها كل ما حدث معها بالأمس، كلما تستمع صديقتها كلما تشهق من الصدمة
“يا ابن الـ… رجب، و إزاي سكتي ما روحتيش بلغتي البوليس ليه؟”
“أقولهم إيه؟!، لو راجعوا الكاميرات هايشوفوني أنا اللي داخله بإرادتي جوة المحل، و هو كلب وخسيس ممكن يأجر اتنين يشهدوا زور ضدي، و مش بعيد يلبسني سرقة حاجة من عندهم”
هزت هند رأسها بسأم
“غلطانة يا غرام، معني أنك ما تبلغيش عشان خايفة من فضيحة أو تهمة ده هيخليه يكررها تاني و تالت سواء معاكي أو مع غيرك”
“أنا مش هكمل شغل معاهم تاني، و هكلم مدام رشا هاقولها أي أعذار”
“و أنا بقولك قومي ألبسي وتعالي نروح القسم نعمل محضر عشان قلبي بيقولي إن الزفت اللي اسمه رجب مش هايسكتلك و زمانه بيدبر لك مصيبة عشان ينتقم منك”
“مش عايزة فضايح و لا بهدلة يا هند”
“و أنتي صاحبة حق، يعني هو اللي يخاف من الفضيحة مش أنتي، قومي بابا و جمال يعرفوا أمين شرطة هناك ممكن يخدمنا ويعلم رجب الأدب كمان”
ترددت غرام في الموافقة حتي رضخت في النهاية
“خلاص اللي أنتي شايفاه صح نعمله”
※ ※ ※
رائحة دخان الأرجلة يملأ المكان، صوت فقاقيع الماء داخل الوعاء الزجاجي يصاحبه صوت سعال شديد يتبعه نداء بصوته المزعج
“بت يا سماح، أنتي يا بت يا سماح”
خرجت من المطبخ تطلق زفرة بغضب تكبته داخلها خشية من الاحتكاك بوالدها وينتهي الأمر بتوبيخها بأفظع السباب والشتائم يصاحبها ضرباً مبرحاً ليصل صوتها إلي أهل الحارة.
“نعم يابا عايز إيه؟”
“مش أخوكي بعتلك فلوس إمبارح؟”
“أيوه، بس عشان تنكيس البيت اللي قرب يتهد في فوق دماغنا”
“ما عنه ما أتجدد و لا أتهبب، هاتي الفلوس”
أخبرته برفض تام
“ما ينفعش يابا، دي أمانة و ابنك لو لقاك أخدت الفلوس و معملتش حاجة في البيت مش هايبعت حاجة تاني”
نفث دخان الأرجلة من أنفه وفمه
“خلاص هاتي 500 جنيه”
“مش أنا لسه مديالك 200 إمبارح؟!، راحوا فين؟، طبعاً بتصرفهم علي الهباب اللي بتشتريه من سمير جوز أحلام الله يحرقه”
“أنتي مالك، أشتري بيهم هباب، أرميهم أتبرع بيهم ملكيش دعوة، هتجبيهم بالذوق و لا أهزقك و أبعتر بكرامتك الأرض و في الآخر برضو هاخدهم منك”
ذهبت إلي غرفتها وغابت قليلاً ثم عادت إليه
“خد”
أخذهم والدها موبخاً إياها
“ما اسمهاش خد، اسمها اتفضل يا بنت الـ… ”
ترك عصا الأرجلة علي المنضدة ونهض
“أنا نازل رايح مشوار، أرجع ألاقي الأكل جاهز، و ياريت تعمليه بنفس، جاتك البلاء”
ذهب وتركها تنفث غضباً، فتذكرت أمراً هاماً عليها أن تفعله و المنزل لا يوجد به أحداً سواها الآن!
※ ※ ※
“يعني يا عم حمدي لو عملنا له محضر دلوقت هايتقبض عليه و لا لاء؟”
سألت هند أمين الشرطة صاحب والدها و خطيبها، أخبرها الآخر
“هايتقبض عليه لو في حالة إنه دخلها المحل غصب عنها و متسجل في الكاميرات كدة و كمان فيه شهود، ده غير إن محصلش اعتداء يعني لمسها، يعني مجرد محاولة و هاتكون تحت بند التحرش”
عقبت غرام بحزن
“مش قولتلك يا هند، مكنش ليه لازمة إننا نيجي هنا”
“أستني بس يا غرام، إحنا عايزين نعمل محضر عشان ما يحاولش يقرب منك تاني”
ألتفت إلي الأمين وسألته
“ينفع نعمله محضر حتي لو مش هايتقبض عليه”
“ماشي هنعملكم بلاغ و لو صدر منه أي حاجة تتصلوا بيا فوراً و أنا اللي هاتصرف معاه”
“تسلم يا عم حمدي”
و بعد قليل… خارج القسم تمسك هند بورقة
“شيلي صورة المحضر دي معاكي وخبيها لأحسن خالتي عزيزة تشوفها، و خليكي في البيت لحد ما هانشوف أخرة الشيطان رجب ده هتبقي إيه”
※ ※ ※
ترتدي الحجاب أمام المرآة، تمسك بطرفه وتخبئ نصف وجهها، لا تظهر سوي محيط عينيها حتي لا يتعرف عليها أحد من الشباب والرجال كما تفعل علي مقاطع البرنامج الشهير.
تبتعد بمسافة وتلقي نظرة علي العباءة القطنية التي تلتصق بكل إنش بجسدها و نسيج القماش الشفاف يظهر ما أسفله كما جاء إليها في التعليمات من نيكول.
تقف أمام حامل الهاتف المثبت، تضغط علي الإضاءة وترسل إليها رسالة صوتية
“أنا جاهزة يا مدام نيكول”
جاء الرد كتابياً
“تمام، أول ما يچيلك إتصال cam أفتحي في الحال، چاهزة؟”
“أيوه جاهزة”
جاء لها بالفعل مكالمة مرئية من متصل مجهول الهوية، قامت بقبول الاتصال، لم ترَ سواها حيث المتصل يراها و هي لا تراه، جاء صوت رجولي بلهجة عربية
“ابغي ترجصين هالحين”
و كالآلة دون إرادة تنفذ الأمر كما يقال إليها، أخذ ترقص و تميل بحركات خليعة حتي ألقي عليها أمراً آخر
“أخلعي هذي العباية وأرجصين”
اذعنت إلي الأمر دون تراجع فالطمع لديها من أطل حفنة دولارات جعلها تتخلي عن خجلها مع كل قطعة ثياب تخلعها.
ظلت تنفذ دون اعتراض حتي جاء الأمر الأخير وهو أن تقف أمام الكاميرا بدون ملابس تماماً، توقفت لاستيعاب الأمر ولم تلبي نداء المتصل العربي حتي جاءت إليها رسالة من نيكول تخبرها بالآتي
«ليش ما بتردي علي الزلمة؟… هاد إتفاق من الأول بيني و ما بينك و أنتي وافقتي عليه… لو انسحبتي تخسري كل شىء… الدولارات وسمعتك يا حلوة لما العالم يتفرچوا علي المقاطع تبعك»
هذا تهديد صريح و عليها أن تتجنب حدوثه، فهي من اختارت هذا الطريق الخبيث وعليها أن تتراجع مع قليل من الخسارة بدلاً من التمادي مع كم هائل من الخسائر الفادحة.
«؟»
علامة استفهام تنتظر إجابة محددة منها، وقفت أمام الكاميرا وتحاول منع دموعها في التساقط، تمد يدها إلي حمالة صدريتها اليمني ثم اليسرى ثم مدت يديها إلي خلف ظهرها لتتحرر منها، احتضنت جسدها لإخفاء ما ظهر منها حتي جاء إليها الصوت آمراً
“و أخلعين القطعة الثانية الحين”
※ ※ ※
“السلام عليكم يا عم رمضان”
ألقي جمال التحية علي والد هند والذي رحب به بحفاوة
“يا دي النور، يادي النور، ده المحل نور”
“منور بيك يا عمي”
جذب الآخر كرسي وأشار نحوه إلي جمال
“أقعد لما أجيبلك ساقع”
“مفيش داعي يا عمي، أنا مش غريب”
“لا غريب إلا الشيطان يا بني، أنت في مقام ابني اللي مخلتفهوش”
“ده شرف ليا يا عمي، ربنا يباركلنا فيك”
فتح رمضان ثلاجة المشروبات الغازية و أخذ أسطوانة مشروب شهير وأعطاه إلي الآخر
“أفتحها وأشربها قبل ما تسخن، خطيبتك أول ما بترجع من الشغل تيجي تاخدلها واحدة و تخلصها في بوق واحد”
ضحك جمال فهو علي علم بعشق خطيبته للمشروبات الغازية
“حضرتك هتقولي عليها، ما أنا عارفها، يلا خليها تشرب براحتها و أول ما نتجوز هخليها تبطلها عشان صحتها لما تكون حامل”
“يارب يا بني يتمملكم جوازكم علي خير، و تملوا علينا البيت عيال”
“ما أنا جايلك يا عمي بخصوص موضوع جوازنا”
استمع الأخر إليه باهتمام بالغ
“خير يا جمال يا بني، لسه ما لقتش شقة للإيجار و لا فيه حاجة تانية؟”
نظر إلي أسفل والحرج علي ملامحه ونبرة صوته يشوبها الخجل
“أنا عارف حضرتك صابر عليا كتير أكتر من سنتين مهلة عشان ألاقي شقة إيجار، و للأسف مش لاقي حاجة تناسبني أنا وهند أو تناسب المبلغ اللي معايا”
“أنا عارف ومقدر ظروفك، عشان كدة عرضت عليك تتجوزوا و تعيشوا عندي، وخالتك أم هند تراعيكم وتاخد بالها منكم”
تبدلت ملامح جمال من الحرج إلي الامتعاض
“لاء طبعاً مش أنا اللي أقبل أعيش في بيت أهل مراتي”
“يعني إحنا غرب بالنسبالك؟”
“أبداً والله يا عم رمضان، أنا أصلاً عايز أعيش معاها في بيت لوحدنا زي كل اتنين بيتجوزوا، بس أنا بقول كحل مؤقت، و هو…
صمت، حثه رمضان علي المتابعة
“إيه هو؟”
“إننا نتجوز مع أمي لحد ما نلاقي إيجار مناسب”
كان يتوقع الأخر هذا الحل لكنه لا يريده بل لا يريد لابنته العيش مع والدة جمال، هذه السيدة ذات الطباع الحادة والكلمات اللاذعة التي تلقيها علي ابنته وكأنها اختطفت جمال منها.
“قولت إيه يا عمي؟”
تنهد رمضان و أجاب بحيادية
“بصراحة يا بني، الأمر ما يخصنيش، يخص خطيبتك و أمها برضو، أنا هابلغهم و اللي كتبه المولي هو اللي هايكون”
※ ※ ※
“لاء و ألف لاء يا رمضان، يعني بنتي الوحيدة و اللي محلتيش غيرها أسيبها تعيش مع عطيات العقربة؟!”
صاحت بها زوجة رمضان والذي عقب علي حديثها
“ما تسمعي للأخر يا أم هند، ما تبقيش مندفعة علي طول كدة، الجدع عايز يتلم مع بنتك في بيت واحد و مش استطاعتوا يأجر دلوقتي، نقوم إحنا و الزمن عليه؟!”
“و هو كان يحلم إنها تبقي ليه، لولا إن بنتك بتحبه و هو جدع محترم مكنتش هدخله البيت، و اللي خلينا مستحملين أمه و أخته الحرباية عشان خاطره هو”
ولجت هند من باب الشقة علي حديث والدتها، شعرت بغصة تخشي رفض والدتها
“و فيها إيه يا ماما لما نتجوز مع أمه لحد ما نلاقي مكان مناسب للي معاه”
رمقتها والدتها بغضبٍ عارم
“بت أنتي ما تتكلميش خالص، أنا سمعت كلامك في كل حاجة قبل كدة، المرة دي كلامي هو اللي هيتنفذ، مفيش جواز غير لما يلاقي شقة إن شاء الله أوضة فوق السطوح بس بعيد عن الحيزبونة عطيات”
فاض الأمر لدي هند و التي ألقت ما في جعبتها غير مبالية إلي العواقب
“أنا اللي قولتله كدة مش هو، أنا قولتله مفيش حل غير نتجوز في أوضتك في شقة أهلك بدل ما بقالنا سنتين خطوبة و قبلها كل واحد فينا كان هايتجنن علي التاني، و احترمتك و احترمت أبويا لما طلب مني إننا نتعرف و نحب بعض عقبال ما ظروفه تسمح ويجي يتقدملي، و أنا اللي قولتله لاء لو عايزني تدخل البيت من بابه”
“و أنا و أبوكي وافقنا عليه عشان أخلاقه وجدع، و اضطرينا نعصر علي نفسنا و نستحمل أمه عشانه، لكن لو كان حبيبك عسل ما تلحسهوش كله، و أنا مش مستغنية عنك لما الحربوءة أمه تحرق في دمك و لا تعمل فيكي حاجة”
“و هو بيحبني و مش هايسمح لحد حتي لو أمه نفسها إنها تأذيني، و أظن مرت مواقف كتير و شوفتي بنفسك”
زفرت والدتها بنفاذ صبر
“عندك أبوكي أهو أنتي حرة أنتي و هو، بس و الله يا هند لو جيتي قولتي حماتي عملت فيا و سوت مش هارد عليكي غير بالشبشب فوق دماغك الناشفة، طالعة عنيدة زي أبوكي”
احتضنها والدها معقباً
“ده العند و كل حاجة، حبيبة أبوها هنوده”
“حبيبي يا بابا ربنا يخليك ليا، و عشان الكلام الحلو ده جيبتلك صينية البسبوسة بالمكسرات اللي بتحبها”
أخرجت الصينية من الحقيبة، صاح والدها مهللاً
“أيوة بقي يا قلب أبوكي، و هاتصلك بجمال دلوقتي هقوله موافقين وكتب الكتاب و الدخلة آخر الشهر”
قفزت هند فرحاً بين ذراعي والدها
“حبيبي يا رمضان”
زفرت والدتها من الغيظ
“براحتك أنت وبنتك، بكرة تجيلك معيطة بالدموع من اللي هاتشوفه في بيت حماتها، أبقي خلي البسبوسة أم مكسرات تنفعكم”
ذهبت إلي غرفتها و صفقت الباب خلفها، ربت رمضان علي رأس ابنته
“ما تزعليش من كلام أمك، لو حصل أي حاجة بيت أبوكي مفتوح ليكي و لجوزك”
تعلقت بذراعيها حول عنقه
“يا حبيبي يا بابا”
※ ※ ※
تفتح منيرة باب غرفة نجلها فوجدته مازال يغط في النوم بملابسه منذ الأمس، جلست جواره بهدوء، أخذت تربت علي ظهره
“يوسف، يوسف”
همهم زافراً بضيق، تقلب علي ظهره، وبصوت يغلبه النوم
“ماما please سيبيني نايم مش قادر أفتح عينيا”
“لاء هاتصحي وغصب عنك، عايز أتكلم معاك شوية”
فتح عينيه بصعوبة، الرؤية لديه ضبابية
“و هو الكلام مش هايستني لحد ما أصحي؟!”
لكزته بحنق في كتفه
“ما أنت و لا علي بالك، نايم من امبارح لحد النهاردة المغرب، كل ده بسبب الزفت اللي شربته في النايت و راجعلنا سكران”
“طيب المطلوب مني إيه دلوقتي؟”
سألها و يقاوم النوم مرغماً
“مطلوب أنك تقوم وتصحصح عشان اللي هقوله لك مش هعيدو تاني، امبارح خليت رقبتي قد السمسمة قدام أبوك، عمال يقولي شوفتي تربيتك يا هانم، هو ده اللي أتفقنا عليه من شهر يا يوسف؟”
نهض و جلس مربعاً ساقيه، يدلك عينيه لعله يستعيد وعيه
“و هو اليوم اليتيم اللي سهرت فيه بعد شهر شغل خلاص أجرمت؟”
“اه طبعاً أجرمت، أنت شايل اسم العيلة و أي حاجة بتعملها في وشنا، أنا سيباك علي راحتك و مش راضية أضغط عليك في موضوع الجواز لأنك راجل مش بنت، لكن هتسوء فيها و هتعيش حياتك بالطول والعرض مش هسمح لك”
زفر متأففاً، صاحت والدته
“ولد، بدل تنفخ واتعدل أحسن ما أعدلك، و الله لو ما أتلميت يا يوسف وصلحت من حالك لأسلم مسئوليتك لأبوك و بعد ما كنت بحوشه عنك هخليه يعمل فيك اللي هو عايزه، أقل حاجة هايسحب منك رصيدك و مفيش عربية، و يسيبك تعتمد علي نفسك لحد ما تتعلم الأدب”
جاء حديثها بنتيجة عكسية، صاح بسخط
“و أنا مش عيل صغير عشان تهدديني باللي حضرتك قولتيه ده كله، أنا عندي 30 سنة مش عيل مراهق”
ابتسمت بسخرية
“و فيه راجل ناضج يعمل اللي أنت بتعمله ده؟!، ما أخوك نور أهو من و هو أصغر منك، محترم و مستقيم، في ضهر باباك علي طول و علي شرط باباك خلاه يطلع عينه في الشركة لحد ما بقي المسئول التاني من بعده”
نهض وبدأ يفك أزرار قميصه متجهاً نحو غرفة الثياب خاصته، ذهبت خلفه توبخه
“يوسف، أنا مش بكلمك؟، بتعمل إيه؟”
أخرج حقيبة السفر وأخذ يضع داخلها ثيابه
“زي ما حضرتك شايفة كدة بالظبط”
ألتفت إليها و أخبرها بإصرار
“هسيبلكم الفيلا و العربية و كل حاجة و هاروح أعيش مع نفسي عشان ترتاحي أنتي و بابا، معلشي بقي ما هي الدنيا مش بتدي كل حاجة عندك ابن محترم زي نور و أنا الفاشل الصايع اللي هجيبلكم العار”
※ ※ ※
كانت العاشرة مساءً، تجلس ابتسام تستذكر دروسها و تتابع رسالة واردة كل حين من عثمان يخبرها كم هو يعشقها و يريد الأيام تمر سريعاً حتي تصبح زوجته، بينما سعيد الذي علي مشارف سن المراهقة يختبئ أسفل الغطاء و يضع السماعات في أذنيه يشاهد مقاطع من التطبيق الشهير، تظهر فيه الفتيات و السيدات علي شاكلة ما تفعله سماح، وقع أمامه مقطع لها بالفعل و علي يقين إنها ابنة الجيران حيث أخبره أصدقائه المراهقين إنها صاحبة حساب علي الـ TikTok باسم
«Hot Soso»
يكفي هذا الاسم المستعار الذي يدل علي محتواها الفاضح والذي تجني من خلفه مئات الدولارات، سراباً يركض خلفه ذوات النفوس الضعيفة حتي يجدن أنفسهن علي حافة الهاوية، منهن تعود إلي رشدها و تختار التوبة و كثيرات من هوت في ظلام مدقع لا نهاية له في الدنيا و جزائه الجحيم في الآخرة.
تغفو عزيزة علي الأريكة أمام التلفاز، بينما غرام تمسك بدفتر ورقي و قلم تقوم بحساب ما تبقي معها من المال و ما هو مطلوب من مأكل و دروس تعليمية و مصاريف اخوتها.
اجفلها صوت طرق عنيف علي باب منزلهم، استيقظت والدتها فزعاً، خرج كلا من سعيد و ابتسام ليرى كل منهما من هذا الزائر المرعب.
ارتدت غرام حجاب علي عجالة وفتحت الباب، وجدت جدران بشرية أمامها يرتدون ثياب غير رسمية، سألها قائدهم
“ده بيت غرام المصري”
ابتلعت لعابها خوفاً، فأجابت
“أيوة هو البيت و أنا غرام”
أمرها الضابط بحدة
“معانا علي القسم”
سألته عزيزة و تمسك بابنتها
“فيه يا حضرة الظابط، بنتي عملت إيه؟”
“بنتك متهمة في سرقة 50 ألف جنيه”

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غرام في المترو)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى