روايات

رواية غرام في المترو الفصل التاسع 9 بقلم ولاء رفعت علي

موقع كتابك في سطور

رواية غرام في المترو الفصل التاسع 9 بقلم ولاء رفعت علي

رواية غرام في المترو الجزء التاسع

رواية غرام في المترو البارت التاسع

غرام في المترو
غرام في المترو

رواية غرام في المترو الحلقة التاسعة

ما بين الأمل واليأس درب ملئ بالكثير من الأحداث، ونهاية الصبر علي الابتلاء نجاح جاء من الإيمان والرضا.
و هذا النجاح جاء إليها علي هيئة يوسف الذي وضعه القدر في دربها بعد معاناة، فبعد أن وافقت علي عرض العمل وتقديم إليها كل ما يسهل ذلك بشرط أن كل ذلك دين سترده إليه.
و كما أخبرها أن العمل يحتاج إلي المظهر الجيد دون مبالغة أو شيء خارج الأدب و الاحترام، اعطاها مبلغ من المال لشراء الثياب و كل ما تحتاجه، كما أعطي إليها أوراق تفيد بأنها قد حصلت علي شهادة جامعية تخصص إدارة أعمال و شهادات أخرى بأنها تتقن اللغة الإنجليزية و كل ما يؤهلها إلي العمل في شركة الشريف.
※ ※ ※
توقفت سيارة أجرة أمام مبني شاهق في حي الدقي الشهير، أعطت سماح إلي السائق الأجرة المتفق عليها و نزلت من السيارة، تنظر في شاشة هاتفها تقرأ رسائل هذا الرجل الذي قامت بالتعرف عليه من خلال البث المباشر التي كانت تقدمه في مقابل الحصول علي المال.
أخبرها إنه صاحب شركة إنتاج أغاني ويريد فتيات من أجل القيام بعرض فني خلف المغنى، و ما جعلها تنجذب لذلك العرض دون تفكير، هو وعده إليها أن يجعلها فنانة شهيرة غضون وقت قصير في مجال الغناء والاستعراض و ربما التمثيل أيضاً، كم تمنت أن تخرج من الحارة والحياة العفنة منها، لا تعلم أن العفن داخل الحي الشعبي الذي تقطن فيه أفضل من جهنم التي ستلقي نفسها بداخلها.
دخلت إلي الفناء فأوقفها الحارس وأخبرته
“أنا طالعة لمكتب عوني بيه”
سألها الحارس ليتأكد
“قصدك عوني القرني؟”
عبست وأجابت
“أنا كل اللي أعرفه اسمه عوني، لكن قرني دي ما أعرفهاش، ده اسم و لا لقب وغوغوشتني؟”
كانت نظراته تخترق العباءة التي ترتديها وتجسد منحنيات جسدها، و ملامح وجهها المطمس خلف مساحيق التجميل الرديئة
“لاء، ده اسمه ولقب عيلته، عيلة القرني”
وابتسم بسخرية يشوبها نظرة وكأنه يريد إلتهامها
“عن إذنك أنا طالعة يا… ”
“محسوبك عزب”
أطلقت ضحكة تجاوزت حدود الأدب ودون الأدب ثم استقلت المصعد حتي وصلت إلي الطابق المنشود.
و في الأعلى ولجت إلي المكتب كما اخبرها عوني، وجدت في استقبلها فتاة لا تقل عنها في المظهر المبتذل
“ممكن أقابل عوني بيه، أصله مديني ميعاد”
سألتها الفتاة
“أنتي سماح بتاعت التيك توك؟”
ابتسامة صفراء أصدرتها شفتيها
“أيوة أنا”
نهضت الفتاة وأخبرتها
“تعالي ورايا، المعلم عوني مستنيكي”
و في طريقها إلي مكتب القرني وجدت فتاتين يتجولان بثياب فاضحة في الرواق، انقبض قلبها وصوت يخبرها أن تتراجع، لكن كيف تتراجع والمال والشهرة في انتظارها و للحصول عليهم يجب تقديم التنازلات كما قدمت الكثير أمام شاشة الهاتف.
فتحت الفتاة باب المكتب
“معلم عوني، سماح جت”
نهض الأخر بثقل بسبب جسده السمين
“خليها تدخل يا دندش”
أشارت إلي سماح التي ولجت ومازال قلبها ينبض بقوة، رأت رجل بدين يقف خلف المكتب، ذو ملامح خليط ما بين الرجل والسيدة، يخط أسفل أنفه شارب رفيع، وحاجبيه يبدو إنه يعتني بهما بالنمص، مظهره المقزز جعلها تتراجع خطوة
“معلش يا عوني بيه أصل أنا… ”
قاطع حديثها بعد قراءة ترددها في عينيها
“معلش إيه بس، اتفضلي يا قمر، ده أنتي طلعتي حلوة أوي وأجمد من الفيديوهات كمان”
ابتسمت إليه
“شكراً”
أشار إليها نحو الكرسي أمام مكتبه
“أتفضلي، أتفضلي، ده المكتب نور بيكي و هيبقي وش السعد علينا و عليكي”
“إن شاء الله”
“تشربي إيه يا موحة، أيوة بدلعك، أصل مفيش حد بيشتغل معانا غير لما ندلعه و نشخلعه و يبقي مبسوط 24 قيراط، و أنتي هتجربي وهاتعرفي بنفسك”
أجري اتصالا
“واد يا سمسم هاتلي قهوة و للمزمازيل سماح شوب مانجا وصاية”
أنهي المكالمة وأسلوبه في الحديث أثار اشمئزازها، شعرت وكأنها تجلس مع رجل مخنث
“ها يا موحة، أحضر العقود و نمضي و لا إيه؟”
“مش لما أعرف هاشتغل إيه بالظبط و لا هاخد كام يبقي بعد كدة نمضي؟”
ضحك وقال
“ده أنا هخليكي بطلة الكليبات، تطلعي مع الفنان والمخرجين و المنتجين لما يشوفوكي هيشاوروا ويقوله إحنا عايزين دي، و من عندي هتدخلي لأبواب المجد و الشهرة، إحتراف هنا و بره، هاتسافري لأمريكا وأوروبا بس أبقي افتكرينا”
تراقص داخلها وتأهب سمعها لجوابه علي سؤالها
“طب هيبقي مرتبي بالشهر و لا بالغنوة الواحدة؟”
“بالشهر طبعاً و هيبقي 150 ألف جنيه و لو جالك أوردرات بره هتقبضي بالدولار”
لا تعي بواطن الكلمات وانجرفت في سيل الطمع الذي أعمى عينيها
“طب و هنبدء شغل أمتي؟”
“كنت لسه هقولك بكرة الساعة 12 بالليل تكوني هنا، هنصور أول كليب مع فنان مشهور أوي”
“الساعة 12 بالليل؟!، إزاي هقول لأهلي إيه لما انزل متأخر”
نهض من خلف مكتبه بخطوات ثقيلة ليجلس علي المقعد المقابل لها
“جري إيه يا موحة صحصحي معايا، هو أنا اللي أقولك برضو تنزلي إزاي، اللي خلاكي تعرفي تصوري الفيديوهات إياها بتاعت الروتين اليومي واللي مش الروتين من غير أهلك ما يعرفوا، هيخليكي تعرفي تنزلي في أي وقت حتي لو الفجر، و لسه كمان هيبقي عندك سفر”
أثرت الصمت تفكر بتردد
“أنتي بتفكري لسه؟!، أنا بقولك 150ألف جنيه، يعني في خلال سنة تقدري تشتريلك شقة هنا في الدقي و لا المهندسين أو عربية أحدث موديل و لا الشهرة”
من قال إن وسوسة الشيطان ذات تأثير علي الإنسان الضعيف!، فهناك من هم أشر و أقوي من الشيطان في السيطرة علي البشر، و من سواهم أعوان إبليس من البشر، شياطين الإنس علي مر العصور تركوا بصماتهم التي تفوقت علي معلمهم الذي يصفق لهم بجدارة وهو ينفذ وعده إلي خالقه في اغواء كل من انساق إلي خطواته بملء إرادته غير آبه لوعيد ربه وهو يخبره أنه سوف يملأ جهنم منه و من كل مَنّ أتبعه أجمعين.
“خلاص أنا هاتصرف”
تهللت السعادة علي محياه
“أهو ده الكلام المظبوط، كدة بقي فاضل نمضي العقود”
أخرج لها عدة أوراق وتابع
“كل حاجة جاهزة و واقفة علي إمضتك”
ستار من الظلام يكسو عينيها، تخط توقيعها أسفل كل ورقة، و مع كل توقيع تزداد ابتسامة هذا اللعين السمين.
※ ※ ※
عاد نور من الخارج يغني بصوت خافت كدليل علي سعادته التي تعلم زوجته سببها جيداً، توقف في بهو المنزل عندما وجدها تقف أعلي الدرج تعقد ساعديها و تحدق نحوه بنظرة باردة تثير مخاوفه من الذي تدبره له.
“حمدالله علي السلامة يا حبيبي، ما لسه بدري”
نظر في شاشة هاتفه فوجدها الثانية بعد منتصف الليل، عاد ببصره إليها ويصعد الدرج
“كان ورايا مصالح لازم أخلصها”
حدقت بسخرية إليه
“و هي المصالح دي ما ينفعش تخلص بالنهار؟”
زفر بضيق
“بس بقي يا كوكي، كفاية رغي صدعتيني و لازم تنكدي عليا”
نظرت إليه بازدراء وقالت
“أنا هاروح أنام جمب بنتي”
تركته وذهبت فقال في نفسه
“و لو روحتي لأهلك يبقي أحسن”
سار في الرواق فوجد باب غرفة شقيقه مفتوحاً، و يوسف يجلس أمام حاسوبه، ولج إلي الداخل
“إيه ده أنت رجعت؟”
نهض الأخر وفتح ذراعيه
“إيه جيت وراجع الشغل من جديد، وحشتني يا برو”
عانق شقيقه بقوة وأخذ كل منهما يربت علي ظهر الأخر، قال نور
“ربنا يهديك علي كدة دايماً”
“لو عرفت السبب هتتعجب، و عندي خبر حلو أوي”
سرد له عن غرام و الصدفة الغريبة والتي من خلالها تمكن من إنقاذ الشركة من الخسارة، كما قرر العودة إلي حياة أكثر جدية ومسئولية، كما أوصاه علي غرام بأن يجعل مسئول التوظيف يوافق علي تعينها في الشركة.
“تصدق عندي فضول أشوف اللي اسمها غرام”
لكزه يوسف في كتفه
“خد بالك دي مش زي البنات التانية، دي بنت في منتهي الأدب والإحترام، زي العملة النادرة، جدعة و بنت بلد”
“الله، الله، إيه يا چو، أنت لحقت توقع بالسرعة دي؟”
“أقع مين يا بني، أنا بساعدها مقابل وقفتها معايا مش اكتر”
ابتسم نور وسأله
“عليا أنا الحركات دي، يابني ده أنا حافظك، عموماً ما تقلقش اعتبرها اتعينت خلاص، و كمان هتبقي في القسم اللي أنت مسئول عنه، أي خدمة”
غمز بعينه ثم هم بالذهاب
“اسيبك أنا بقي وهاروح أنام، تصبح علي خير”
“و أنت من أهله”
و قبل أن يغادر نور الغرفة أخذ يغني
“يا سلام، يا سلام قد إيه حلو الغرام”
أمسك يوسف بقلم من فوق مكتبه وألقاه علي شقيقه الذي فر علي الفور قبل أن يصيبه القلم.
※ ※ ※
كانت تقف أمام المرآة ترتدي الثياب التي اشترتها وتنظر إلي مظهرها، تبدو كسيدة أعمال
“إيه ده، اش اش، إيه الحلاوة دي يا غرومه”
كان صوت ابتسام فألتفت إليها غرام
“إيه رأيك؟، اشتريتهم عشان الشغل الجديد”
“و من أين لك هذا؟”
تخشى أن تظن والدتها و شقيقتيها بأمر آخر فقالت
“دي فلوس استلفتها من واحدة صاحبتي، هارجعهم ليها أول ما هقبض”
دلفت والدتها تحمل صينية يعلوها أكواب
“العصير يا بنات”
انتبهت إلي ابنتها
“إيه ده يا غرام؟”
“دي هدوم لسه شارياها عشان الشغل الجديد، لازم يكون مظهري شيك و كدة يعني”
“و جبتي فلوسهم منين؟”
توترت فوجدت أن الكذب لا يفيد ويجب أن تسرد كل ما حدث لوالدتها، و بالفعل قامت بذلك حتي عقبت والدتها والقلق يبدو علي ملامح وجهها
“أنتي واثقة في الجدع ده يا بنتي و لا يطلع واحد نصاب و يضحك عليكي في الأخر”
“يا ماما ده ابن ناس و من عيلة معروفة، طلبت منه الشغل و بصراحة لاقيته كريم جداً و ما تقلقيش هو شخصية محترمة وبعدين بنتك بميت راجل، محدش يقدر يتكلم معايا أو يجي جمبه، ما أنتي مربياني و عارفاني كويس”
“ربنا يسعدك ويرزقك من وسع يا غرام يا بنتي، و يبعد عنك ولاد الحرام”
احتضنت والدتها
“آمين يارب”
وتذكرت هذا الوسيم الثلاثيني الذي ظهر لها في وقت عسير فابتسمت وخفق قلبها بسعادة، ربما هذه بداية السعادة القادمة مهما واجهت في طريقها من عثرات.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غرام في المترو)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى