روايات

رواية غابت شمسها الفصل السادس عشر 16 بقلم مايسة ريان

رواية غابت شمسها الفصل السادس عشر 16 بقلم مايسة ريان

رواية غابت شمسها الجزء السادس عشر

رواية غابت شمسها البارت السادس عشر

غابت شمسها
غابت شمسها

رواية غابت شمسها الحلقة السادسة عشر

– للأسف .. لم يثبت الحمل وتم الأجهاض .
أقترب منها والدها وعلى وجهه حزن شديد .. طوقها بذراعيه بحنان وهي تنزل عن سرير الكشف
قال الطبيب
– مازلت صغيره وليس لديك موانع تجعل الحمل مستحيلا مستقبلا .. صحتك كانت ضعيفة جدا لذلك ستستمرين على المقويات التى كتبتها لك من قبل حتى اذا ما حدث حمل آخر تكوني مستعدة له جيدا .
أبتسم لها الطبيب مشجعا فعجزت عن رد ابتسامته وهي تفكر بأنه لن يكون هناك مرة أخرى فقد أنتهى كل شئ .. فقدت طفلها .. وهو السبب .. ونظرت بحقد الى صالح الذي وقف بملامح جامده ينظر الى الفراغ .. لقد أصر على المجئ معها ليطمأن أنها لا تخدعه وأنها لا تدعي الحمل والأن أطمأن أنها لم تخدعه وأطمأن أكثر لأنها فقدت جنينها ولم يعد هناك ما يجبره على البقاء معها بعد الأن .
****
ذهبت الى غرفتها مباشرة
لا تريد مواجهة أحد ولا تريد رؤية شماتتهم فى موت طفلها .. الوحيد الذى تثق بحزنه هو والدها .
وجدت صالح فى اثرها .. أرادت أن تصرخ به أن يتركها وحدها .. تجاهلته ودلفت الى غرفة ملابسها وأخرجت ملابس نظيفة ومنها توجهت الى الحمام وهو يقف فى منتصف الغرفة يتابعها بنظراته صامتا حتى أغلقت باب الحمام بحزم فى وجهه ثم أنفجرت بالبكاء الذى كبتته بداخلها طوال الطريق .. وتعالى صوت نشيجها .
فتح باب الحمام ودخل صالح وعلى الفور أحتواها بين ذراعيه برقة ولم تكن تقوى على المقاومة فاستسلمت وظلت تبكي على صدره حتى جفت عيناها من الدموع .. ساعدها صالح على خلع ملابسها وملأ لها حوض الأستحمام وظل معها حتى غاصت به وقبل أن يخرج أنحنى وقبل رأسها وقال بصوت مخنوق
– اذا أحتجتني فأنا بالخارج .
خرجت من الحمام ووجدته ينتظرها .. عاصفة بكاءها كانت قد أنتهت وتركت خواءا عاطفيا بداخلها ومهما فعل ومهما يحدث لن تتأثر بشئ .. فما كان حلما وما كان أملا فكلاهما ضاعا مع ما فقدته .
– هل أنت بخير ؟
غلى صدرها .. كم كرهت هذا السؤال الذى يبدو أنه لا يعرف غيره لكي يبدأ به أي حوار معها
قالت ببرود
– أريد أن أنام .
– طلبت من أم عبيد أن تحضر لك كوب من اليانسون .
استدارت ونظرت اليه ببرود وقالت
– لا أريد شكرا .
سارت الى الفراش وانزلقت تحت الغطاء وأغلقت عيناها بحزم وظلت ترهف السمع وبعد دقائق وجدتها طويلة تحرك صالح أخيرا وترك الغرفة .
وهو يساعدها على خلع ملابسها ومن قبلها وهو يضمها بين ذراعيه لم تشعر بشئ تجاهه .. فيما مضى كان مجرد نظرة أو لمسة منه تشعل رغبتها وحاجتها اليه فتساءلت .. البرود الذى صارت تحس به تجاهه ما معناه ؟
****
راحت تتنقل بين قنوات التلفاز بلا هدف
جاءت نهال للأطمئنان عليها وعاملتها كما عاملت صالح .. ببرود وتجاهل
سألتها برقة
– مرام .. هل ترغبين فى الكلام عما حدث .. أعرف أن فقدان أول طفل لك شئ مؤلم و..
قاطعتها مرام
– وكيف لك أن تعرفي شيئا كهذا ؟
بهت وجه المرأة ولكنها تغاضت
– معك حق .. فأنا لم يسبق لي الحمل وبالطبع لا أستطيع أن أشعر بما تشعرين به ولكن ..
قاطعتها للمرة الثانية
– ولكنى أعرف شعورك جيدا .. أنت سعيدة بما حدث لي .
شهقت نهال
– أنا ؟ كيف أكون سعيدة بفقدان ابن أخي .
كان صوتها وكأنه ميتا لا حياة فيه
– لا تمثلي دور الطيبة معي .. أنت لم تحبيني أبدا ولم ترغبي فى أن يتزوجني صالح من الأساس وكنت تريدين أن يتزوج من رباب وكنت تشجعيه على تطليقي لتزوجيه لها .
أمتقع وجه نهال بشدة فقالت مرام بقسوة
– نعم .. لقد سمعتكما وأنتما تتحدثان واستغرب كيف لم يخبرك صالح بذلك .. أظن أنه كان يخشى على صحتك ومشاعرك المرهفة من التأثر ولكنه لم يخشى علي وتسبب فى فقداني لطفلي .. ولكن اطمئني سوف تتحقق أمنيتك قريبا فلم يعد هناك ما يربطني بصالح بعد اليوم .
ظلت نهال جالسه فى مكانها صامته وبلا حراك وعادت مرام الى برودها وتجاهلها وهي تقلب قنوات التلفاز بملل زائد . وقفت نهال أخيرا ببطئ وخرجت دون قول شئ وبعد أن سمعت الباب يغلق ألقت بجهاز التحكم من يدها .. لقد اتخذت قرارها ستهرب من هذا البيت وتبحث لها عن حياة جديدة حتى ولو كانت بين جدران السجن.
****
لم يجدها ..
جفت عروقه من الدماء .. أنها ليست بالبيت ولم يرها أي من العاملين فيه .. لقد هربت .
بدأ الحصاد وانشغل صالح فى بساتين الزيتون بين العمال .. يساعد بيديه ويحاول أن ينسى مآساته .. كان يرغب بشدة فى هذا الطفل ويأمل فى أن يكون السبب فى ربط مرام به طوال العمر .. خشى فى البداية من أن تكون غير راغبة به مثل أمها ولكنه رآى نظرة حنان فى عينيها عندما سألها عن الحمل ولكنه عاد يشك كالغبي عندما رفضت أخذه معها للطبيب وظن أنها عادت لألعيبها معه من جديد .
لا يستطيع أن ينسى ما شعر به وهو يقف فى عيادة الطبيب وهذا الأخير يعلن بأسف بأن الحمل لم يكتمل .. هزة عنيفة رجرجت كيانه .. كان الطفل نطفة صغيرة ولكنه كان حيا فى لحظة ما وبقلب ينبض وهو يكون ابنه وجاء شخص ليقول له انه لم يعد كذلك .. يعلن خبر وفاته بدم بارد ونظر حينها الى مرام ووجدها كما لو كانت قد فقدت حياتها معه .. رغب فى مواساتها ورغب أكثر فى أن تواسيه ولكنها بدت مبتعدة تلعق جرحها وحدها وعندما أنهارت وبكت بين ذراعيه بكى معها ولكنها لم ترى دموعه وظلت على بعدها .. فكر أن يتعامل معها بروية ويتركها تهدأ وتنصلح نفسيتها أولا ثم يتحدث اليها .. حديث جاد عن حياتهما .. يطلب منها أن تفتح معه صفحة جديدة شرط أن تكون صادقة معه وفى المقابل سيعطيها طفلا غيره .. بل أطفال ان كانت ترغب بأكثر من واحد .. ولكنها ذهبت .. هربت .
صاح فى وجه شقيقته وأم عبيد
– كيف لم يتفقدها أحدكم طوال اليوم ؟
ردت نهال
– منذ ما حدث وهي ترفض أن ترى أحد منا .
صرخ بغضب هادر
– فتتركوها طوال اليوم دون طعام وشراب .
ردت ام عبيد بخوف
– عندما كانت تريد شيئا كانت تذهب الى المطبخ بنفسها .
دلف أحمد الى حجرة الجلوس مزموم الوجه من القلق
– لم تذهب الى بيت خالها .. لقد أتصلت بمروان لتوي وأخبرني بأنه لم يراها ولم تتصل به .
سألت نهال
– وأين يمكن أن تكون قد ذهبت ؟
نظر أحمد الى صالح بنظرة أتهام وقال
– الى شقتها فى الأسكندرية بالطبع .. ليس لديها مكان آخر .
شحب وجه صالح أكثر وقال بصوت مخنوق
– مرام لم تعد تملك شقة الأسكندرية .
– ماذا تعني بأنها لم تعد تملكها .. هل باعتها ؟
ابتلع صالح ريقه بصعوبة
– لقد بعتها أنا وأخذت نقودها .
فعل ذلك بعد عودتهما من شهر العسل الكارثي .. أجبرها على عمل توكيل له لبيع الشقة ووافقت دون جدال .. كان فى ذلك الوقت يرغب فى معاقبتها بشتى الطرق .. نتف ريشها حتى لا تستطيع الطيران بعيدا عنه ويستطيع التحكم فى حياتها ولا يكون لها غيره تعتمد عليه .
حدق به أحمد بدهشة وهو لم يعد يفهم
– لماذا ؟ .. هذا ديني أنا لك .. لا ذنب لها فى أني أخذت المال منك .
تدخلت نهال تسأل
– عما تتحدثان .. أي شقة وأي مال ؟
لم تكن شقيقته تعلم شيئا عن المال الذى أختلسه زوجها ليعطيه لأبنته فنظر اليها
– فيما بعد يا نهال .
ولكن أحمد صاح به
– وعدتني أن تعتني بها .. هل تذكر ؟
نعم يذكر وكان يعني كل كلمه قالها وكان صادقا فى نواياه ولكن لا أحد يعلم شيئا مما حدث بعدها .. وما أكتشفه وما عاشه .
فكر بغضب .. لن يجعلها ترحل بتلك السهولة .. خدعته من جديد وذهبت .. الى أين ومع من ؟ بالتأكيد سوف تلقي بنفسها على رجل آخر ليلبي طلباتها فمن أين ستأتي بالمال لتعيش .. بركان غضب وغيرة نحوا الخوف والقلق عليها بعيدا وصاح بغضب هادر
– سأبحث عنها وأجدها .. وأعيدها الى هنا رغما عنها ثم أجعلها تدفع ثمن فعلتها وفضحها لي أمام الناس .
جذبه أحمد من ذراعه
– أنا من سيبحث عنها ويجدها ولن أعطيها لك مرة أخرى .. كنت أعمى .. كنت أرى حزنك وغفلت عن رؤية عذابها معك .. لا شأن لك بأبنتي بعد الأن .
لم تكن أعصابه تتحمل اللوم فيكفيه لومه لنفسه
– الأن أصبحت أبنتك .. أين كنت طوال حياتها .. لماذا تركتها وأنكرت وجودها .
– معك حق .. وقد كنت مخطئا .. ولكني لن أتركها الأن وسأقوم بتصحيح خطأي ولو كنت متأخرا .
ثم نظر الى نهال التى حدقت فى عيناه للحظات ثم قالت بهدؤ وتفهم
– نعم أذهب .. أبنتك بحاجة اليك أكثر مني .
خرج أحمد بسرعة وهم صالح باللحاق به فمنعته نهال بأن أمسكت ذراعه
فنظر اليها بحدة
– أتركها .. أتركها تذهب الى حال سبيلها يا حبيبي .. أتركها وعد صالحا كما كنت .
غامت عيناه بالعذاب وشعر بصدره يتمزق .. كيف سيعود كما كان .. لقد هربت ومعها روحه وقلبه .. فهل من دونهما يستطيع أن يعيش ؟
****
عاد أحمد الى البيت بعد ثلاثة أيام من البحث يساعده مروان فيه وقد فشلا فى العثور عليها حتى أنه تجرأ وتحدث الى أمها يسألها عنها .
راقبت نهال حزنه وقلقه وتألم قلبها من أجله .. العاطفة التى ظل يحبسها فى قلبه سنوات تجاه أبنته خرجت وشعت فجأة عندما أصبحت جزء من حياته .. حيث أقترب منها وتعرف عليها .. رأى حسناتها وسيئاتها وحاجتها الأكبر الى حضنه وحمايته .
ربتت نهال على كتفه وكانا فى حجرة نومهما .. نظر اليها وفهم نظرتها
– أنا أب سئ .. سئ جدا .. لا أستحقها .. منحني الله نعمة ورفضتها .. لو كنت أخذتها عندما كانت طفلة وربيتها على يدي لأختلفت حياتي وحياتها .
هزت نهال رأسها وابتسمت له بحزن
– كنت ربيتها أنت يا نهال وأصبحت أبنتك كذلك .
عضت على شفتها بقوة ولمعت عيناها بالدموع .. أن يكون لها أبنة جميلة كمرام تهتم بها وتعلمها الصواب والخطأ .. تثقل أخلاقها وتبثها حبها وحنانها كما فعلت مع صالح لكان شيئا رائعا أن تحصل عليه ولكان صالح يعيش معها فى سعادة الأن دون مشاكل .
– نعم .. ليتك أخذتها ولكنت أهتممت بها أنا .
تهدلت كتفاه بحزن
– ولكن أين هي ؟ أشعر بأنها لن تظهر مرة أخرى .
ثم استدار وذهب الى الفراش
– أنا متعب .. لم أنم جيدا خلال الأيام الماضية .
****
من المؤكد عودتها الى الأسكندرية ..
لقد رصدتها احدى كاميرات المراقبة بالقرب من أحد المولات وبعد ذلك لا شئ
حاول صالح تقفي أثر أصدقاءها ولكن أحدهم وأهمهم فى السجن وميمي ليست فى بيتها وقد سافرت لأبويها فى الخليج وآخر يدعى سامح سافر بعثة الى أمريكا وصديقتين أخرتين بعد مراقبة هواتفهم وتحركاتهم خلال أسبوع لم يسفر عن شئ فعاد الى البيت بدوره بخفي حنين .. ولكن جلال ذلك الضابط الذي قابله فى الكمين على الطريق وعده بأنه سيضع أسمها على قاعدة بيانات المطلوبين وبمجرد أن يظهر أسمها سيتتبعها وسيخبره على الفور .
عاد الى غرفة نومه .. لقد تركت كل شئ ولم تأخذ شيئا معها مما أشتراه لها .. بالطبع حتى لا تلفت النظر الى رحيلها ..
نام على الفراش يتقلب بين الشوق والقلق .. يمسك الخوف بخناقه .. ماذا لو لم يجدها أبدا ؟ كان أكثر ما يريده الأن أن يطمأن الى أنها بخير وأي شئ آخر يستطيع أن يتعامل معه فى حينه .
****

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غابت شمسها)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى