رواية غابت شمسها الفصل الخامس عشر 15 بقلم مايسة ريان
رواية غابت شمسها الجزء الخامس عشر
رواية غابت شمسها البارت الخامس عشر
رواية غابت شمسها الحلقة الخامسة عشر
وجدها تجلس بجوار النافذة ترتدي قميص نوم قطني طويل وبلا أكمام وبدا واسعا عليها قليلا بسبب فقدانها لبعض الوزن وكانت ترفع شعرها بمشابك الشعر بأهمال فبرزت خطوت عنقها الرقيق .. بدت هادئة وساكنه تحدق فى الفراغ
اقترب منها وسألها بهدؤ بعد أن أجلى حنجرته بعد الغصة التى أصابته لرؤيته ضعفها
– متى عدت ؟
لم تلتفت اليه وهي تجيبه بفتور
– منذ قليل .
– ماذا بك ؟
– أنا بخير .
– أخبرتني نهال على الهاتف أنك كنت مريضة وقد أخذك والدك للطبيب .
ابتسمت بسخرية لم تستطع كبتها
– وهل قلقت علي ؟ .. لا داعي لقلقك فأنا بخير .
أصر عليها قائلا
– ماذا قال الطبيب اذن ؟
قالت ببعض الصدق
– طلب مني أجراء بعض التحاليل .. أجريتها وعندما يراها سيصف لي العلاج .
قال بنفاذ صبر
– ومما تشتكين .
ألتفتت اليه بحدة قابضة على ذراعي مقعدها بقوة وأحشاءها تتلوى بعصبيه
– لماذا لا تخبرني أنت ؟
عبس بحيرة
– أخبرك بماذا ؟
– بما أتفقت عليه مع شقيقتك بشأني .
شحب وجهه بغضب
– هل كنت تتجسسين علينا ؟
رفعت حاجبيها بتحدي
– نعم .
أحتقن وجهه وصاح بغضب
– ليس لديك الحق لتفعلي شيئا مشينا كهذا .
وقفت عن مقعدها وصاحت به بغضب مماثل
– بل من حقي .. عندما تتكلمان عني .. فهو من حقي .. عندما تجلسان تخططان للغدر بي .. فهو من حقي .. عندما تتفقان على زواجك من أخرى فى نفس الوقت الذي تتفقان فيه على طلاقي .. فهو من حقي .. وبدلا من الذهاب للبكاء فى حجر شقيقتك كنت تعال الي وقل فى وجهي انك لم تعد تريدنى وانك أنتهيت مني .. كان يجب أن تكون رجلا بدل من نذل لا قلب له .
فقد السيطرة على نفسه تماما وصفعها بقوة وجسده ينتفض من شدة الغضب
– صالح .
صيحة غاضبة جاءت من عند الباب .. تقدم والدها الى الداخل بخطوات سريعة وغاضبة .. دفع صالح بعيدا عنها
– هل جننت .. كيف تسمح لنفسك أن تضربها وهي فى تلك الحالة ؟
كان والدها غاضبا بشدة كما لم يراه أحدهما من قبل .. أخذها بين ذراعيه وضمها اليه بحنان وهو يسألها بقلق
– هل أنت بخير .. هل تأذيت ؟
ألقت مرام بذراعيها حول عنقه وأجهشت بالبكاء بحرقة .. راح يمسح على ظهرها برقة
– هشششش .. أهدأي .. ستأذين نفسك هكذا .. قال الطبيب أن المجهود والأنفعال سيضرون بك وبالطفل .
– أي طفل ؟
وقف صالح مصدوما ومذهولا مما سمع وعندما لم يجب عليه أحدهما عاد يقول بحدة
– قلت أي طفل هذا الذي تتحدثان عنه ؟
نظر اليه والدها موبخا
– طفلكما .. ألم تخبرك مرام بأنها حامل .
تجمد صالح فى مكانه وهو شاحب الوجه فى حين أحاط والدها بكتفيها وسحبها تجاه الفراش
– تعالي .. تمددي على السرير .. أحضرت لك الفيتامينات .. لقد نسيتها فى السيارة فعدت من أجلها .
لم تكن تشعر بأطرافها ووالدها يساعدها على الأستلقاء فى الفراش ثم أستدار الى صالح الذي مازال واقفا كالحجر فى مكانه وقال بعدوانية
– أتركها تستريح .
كان يقف فى وجهه بتحفز .. انسابت دموع مرام من جديد مع ابتسامة حزينه وهي تقول فى نفسها .. أين كنت من زمان ؟
خرج صالح بلا جدال وأثار الصدمة مازالت على وجهه .
عاد والدها اليها ودثرها جيدا رغم حرارة الجو ولكنه أصر ولم تعترض فقد كان هناك قشعريرة برد تنتابها من حين لآخر
– هل تحتاجين لشئ تشربيه أو تأكليه .
هزت رأسها نفيا وقالت بأعياء
– أريد فقط أن أنام .
ناولها كوب ماء وأصر عليها أن تشرب القليل منه ثم قال
– نامي واستريحي .. وسأطلب من أم عبيد أن تتفقدك وتحضر لك الغداء الى هنا .
وأستدار ليخرج فنادته
– بابا .
ألتفت اليها بسرعة وسألها بلهفة
– نعم ؟
قالت بضعف
– أنا لست مثل أمي كما كنت تعتقد .. ولست مثل جدتي أيضا كما كان خالي يقول … أنا فى الحقيقة .. مثلك أنت .. قادرة على منح قلبي لمن لا يريده .
****
عندما خرج أحمد من غرفة مرام كانت مشاعره مشحونة .. لم يجد صالح فى أي مكان فتوجه الى غرفة نومه ليتكلم مع نهال ويشكو لها ما فعله صالح بأبنته الحامل
أستقبلت نهال الخبر بصدمة وقالت
– لا اله الا الله .. حامل ؟
– نعم .. ودخلت ووجدته يصفعها .
نظرت اليه بحيرة
– ولماذا يفعل صالح هذا ؟
قال بعصبيه وهو يلوح بيده
– لا أعرف ولكنني لن أسمح له بأن يمد يده عليها مرة أخرى .. أنها أبنتي وكرامتها من كرامتي .. وهي كذلك حامل .
قال الجزء الأخير من جملته بفخر وظلت نهال تشعر بالذهول من تدابير القدر ففى الوقت الذي كانت تشعر فيه بالقناعة والرضى لقرب أنتهاء ذلك الزواج الذي يتآكل شقيقها من الداخل ويحزنه .. تصبح مرام حامل .. وتساءلت أين صالح وما موقفه مما يحدث ؟
****
هرب الى حجرة الحديقة
الى صومعته التى قضى فيها أسوأ لياليه .. ليعود نفسه على بعادها ويسحب سمها من شرايينه بالتدريج وظن أنه كاد ينجح الى درجة جعلته يصارح شقيقته برغبته فى تطليق مرام وليرى ردة فعلها على قراره .. ومن داخله كان صوت ضعيف يدعو لأن تعارضه ولكنه وجدها مرحبه فاعتراه الفزع والخوف .. ولكن لم يعد هناك مجال للتراجع .. فقد وجد أنه أسلم طريق لكي تستقيم حياته مرة أخرى ويبدأ حياة جديدة مع انسانه واضحه لا تعقد حياته وليس لها تأثير مهلك على قلبه وعقله .
ولكن .. كيف سيتركها الأن ؟ أنها حامل بطفله .. ولكن كيف وهي تأخذ تلك الحبوب التى تمنع الحمل الا اذا كانت قد أمتنعت عن أخذها عن عمد وهذا معناه أنها تريد البقاء معه … هز رأسه رافضا أن يصدق أو يعشم نفسه بوهم آخر .. ربما حملت رغما عنها فمعظم هذه الوسائل ليست مضمونه مئة بالمئة .. رفع يده التي صفعها بها ونظر اليها بكره .. لقد غضب فى الأساس لأنها أستمعت الى شئ لم يكن يود أن تستمع اليه بتلك الطريقة .. جرحته نظرة الألم فى عينيها .. كانت هشة وبدت بالفعل ضعيفة ومريضة فأستقوى عليها بدلا من تطيب خاطرها .
جلس بجسد منهك ودفن وجهه بين راحتيه .. لا يعرف اذا ما كان عليه أن يفرح لأنه وجد حجة كي يبقها معه أو يلعن حظه ففى الوقت الذى استجمع فيه شجاعته أخيرا وقرر محاربة ضعفه وذل نفسه عاد ليبدأ دوامة الألم من جديد .
****
كرهت أم عبيد ..
تستطيع أن تتحمل نظراتها المحتقره والغاضبة ولكنها عاجزة كلياعن تحمل أهتمامها
.. كانت تحوم حولها ليس كحارس الأمن كما كانت تلقبها فى سرها ولكن كالدجاجة الأم .. تذهب وتجئ محملة بالطعام والشراب .. وكل شئ تراه مفيد لأمرأة حامل بحاجة الى تغذية جيدة تجلبه لها …
وكان آخر شئ ترغب به مرام هو الطعام .. وها هي تكره الأهتمام أيضا بعد أن كانت تتمناه .
أعتادت على تغير معاملة والدها لها .. وفوجأت بأنه هو من يمنع صالح من زيارتها حتى تهدأ أعصابها التى أنهارت بسببه فشعرت تجاهه بالأمتنان ..
وكان يعود من العمل كل يوم مبكرا ويتصل على هاتف البيت ليطمأن عليها أثناء وجوده هناك وقد خفف ذلك من بؤسها قليلا ..
باركت لها نهال على الحمل ولكنها لم ترى فرحة حقيقية فى عينيها رغم أنها أجتهدت فى ذلك ولو لم تكن مرام قد أستمعت الى حديثها مع صالح لظنت أنها سعيدة حقا .
ولكي تتجنب رؤية صالح .. كل ليلة عندما تأتي الساعة السابعة تذهب الى غرفتها فهذا هو موعد عودته الى البيت .. لا ترغب فى مواجهته وقد واظبت على فعل ذلك خلال الأيام الماضية .. تخشى من رؤية رفضه لها ومرارته لأنها أفسدت عليه ما كان يخطط له ولكنه هذه الليلة سعى خلفها ووجدته أمامها فى غرفة نومهما وكانت ممدده على الأريكة المواجهة للتلفاز الذي كان مغلقا فى هذه اللحظة.
سألها وقد بدا متوترا ومرهقا
– كيف حالك ؟
ها قد بدأنا من جديد .. هكذا فكرت بحنق
– بخير .. أنا بخير .
وضع يديه فى جيب سرواله
– والحمل .. كيف هو ؟
وجدت عيناه تستقر على بطنها فتتبعت نظرته ثم قالت بحنان رغما عنها فهكذا تشعر كلما فكرت بطفلها
– جيد .
رفعت وجهها فألتقت نظراتهما .. خفق قلبها أستجابة لنظرة الشوق فى عينيه حاولت ابعاد عيناها عن عينيه وفشلت وقد عكست عيناها شوقا يائسا لشوقه .. وفكرت ببؤس ألا نهاية لغباءها هو لا يهتم سوى برغباته ولا يهتم بها حقا ولم تكن تدري أن صالح يوجه لنفسه نفس اللوم فما أن يراها حتى ينفجر شوقه اليها بطريقة يائسه وهو يكره أن ترى ضعفه تجاهها .
مالت الى الأمام وتناولت جهاز التحكم عن بعد من فوق المنضدة لتجد شيئا تلهي به نفسها ومع ارتباكها سقط على الأرض .. انحنت لتأتي به ولكنه سبقها اليه قائلا بصوت أجش
– لا .. لا تنحني أنت .
رفعت حاجبيها بدهشة وتراجعت الى الخلف , أعتدل وهو يناولها اياه فأخذته منه وهي مازالت على دهشتها .. تراجع الى الخلف وجلس على المقعد المجاور لها
– آسف لأنني صفعتك .
صفعته لم تؤذها كما فعلت صفعته لقلبها وكرامتها .. الشعور بالغدر شيئا قاسيا حقا .. فهل هكذا شعر عندما ظن أنها كانت تتآمرعليه مع فودة وأنها كانت تنوى تركه بعد أن تنتهي من حاجتها اليه ؟ .. هل أحترق قلبه وتألم عندما ظن أن فى حياتها رجال آخرين وأنها لم تحبه أبدا ؟ .. هل حطمت بذلك كبرياءه وأهينت كرامته ولهذا كرهها ؟
– ممارسة العنف ضد النساء لم يكن من شيمي يوما .
كان صوته متكدرا حقا فنظرت اليه بتمعن ورأت الندم على وجهه وتابع بمرارة ساخرة
– لكنك قادرة على أخراج أسوأ ما في طباعي .
وعندما ظلت صامته سألها
– متى سوف تذهبين الى الطبيب ؟
سألته بحذر
– لماذا تسأل ؟
أحمر وجهه قليلا وقال
– حتى أذهب معك .
قالت بعنف
– لا .. لا أريدك أن تذهب معي .
ضاقت عيناه عليها بحده وسألها بجمود
– ولماذا لا تريديننى أن أذهب معك ؟
حتى هي لم تعرف سبب رفضها .. ربما لنفس السبب الذي يجعلها تتجنب رؤيته .. لأنها مازالت غاضبة مما سمعته يقوله ولا تريده أن يفرح برؤية طفلها , فقالت بارتباك
– هكذا فقط .. لا أريد .
قال بأنفعال وقد عاد غضبه للأشتعال
– ربما كنت كاذبة ولست حامل بالمرة وتخططين لخداعي من جديد .. وقد أخترعت هذه الكذبه عندما علمت بأنني سأتركك .
حدقت فى وجهه بذهول فتابع بأحتقار ومرارة فى عينيه
– بالطبع .. فحبيبك فى السجن ووالده قد أكتشف حقيقتك من ابنه فلم يتبقى لك غيرى .. فأمثالك كالعلقة تلتصق بظهر الرجل ولا تخرج الا بدمه .
وقفت عن الأريكة بجسد يرتجف من شدة الغضب وأعصاب معدتها تتشنج وتلتوي
– أخرج من هنا .
وقف بدوره وقال بحدة
– لا تأمريني بالخروج من غرفتي ولا من أي مكان أملكه .. أريد أن أعرف الحقيقة والأن .
صاحت به ودوع الغضب تترقرق فى مقلتيها
– الحقيقة أنني أصبحت أكرهك .. ولا أريد البقاء معك .
أشار الى بطنها
– ليس قبل أن أتأكد من أنك تحملين طفلي حقا .
– فى كلتا الحالتين .. لا أريد الأستمرار معك .
صرخ بشراسه
– أرحلي كما تشائين ولكن من دونه .
سقطت جالسة مرة أخرى على الأريكة وهي تحتضن نفسها فقد ضعفت ركبتاها وهو يتابع بلا رحمة
– لن أسمح أن يربى طفلي على يد شخص مثلك .
مع ذهولها لم تستطع استيعاب كلماته الا ببطئ شديد فعاد يسأل بهدؤ أكثر وبنظرة تهديد
– متى موعدك مع الطبيب ؟
فأجابته بصوت بالكاد سمعه .
****
اقترب منها وسألها بهدؤ بعد أن أجلى حنجرته بعد الغصة التى أصابته لرؤيته ضعفها
– متى عدت ؟
لم تلتفت اليه وهي تجيبه بفتور
– منذ قليل .
– ماذا بك ؟
– أنا بخير .
– أخبرتني نهال على الهاتف أنك كنت مريضة وقد أخذك والدك للطبيب .
ابتسمت بسخرية لم تستطع كبتها
– وهل قلقت علي ؟ .. لا داعي لقلقك فأنا بخير .
أصر عليها قائلا
– ماذا قال الطبيب اذن ؟
قالت ببعض الصدق
– طلب مني أجراء بعض التحاليل .. أجريتها وعندما يراها سيصف لي العلاج .
قال بنفاذ صبر
– ومما تشتكين .
ألتفتت اليه بحدة قابضة على ذراعي مقعدها بقوة وأحشاءها تتلوى بعصبيه
– لماذا لا تخبرني أنت ؟
عبس بحيرة
– أخبرك بماذا ؟
– بما أتفقت عليه مع شقيقتك بشأني .
شحب وجهه بغضب
– هل كنت تتجسسين علينا ؟
رفعت حاجبيها بتحدي
– نعم .
أحتقن وجهه وصاح بغضب
– ليس لديك الحق لتفعلي شيئا مشينا كهذا .
وقفت عن مقعدها وصاحت به بغضب مماثل
– بل من حقي .. عندما تتكلمان عني .. فهو من حقي .. عندما تجلسان تخططان للغدر بي .. فهو من حقي .. عندما تتفقان على زواجك من أخرى فى نفس الوقت الذي تتفقان فيه على طلاقي .. فهو من حقي .. وبدلا من الذهاب للبكاء فى حجر شقيقتك كنت تعال الي وقل فى وجهي انك لم تعد تريدنى وانك أنتهيت مني .. كان يجب أن تكون رجلا بدل من نذل لا قلب له .
فقد السيطرة على نفسه تماما وصفعها بقوة وجسده ينتفض من شدة الغضب
– صالح .
صيحة غاضبة جاءت من عند الباب .. تقدم والدها الى الداخل بخطوات سريعة وغاضبة .. دفع صالح بعيدا عنها
– هل جننت .. كيف تسمح لنفسك أن تضربها وهي فى تلك الحالة ؟
كان والدها غاضبا بشدة كما لم يراه أحدهما من قبل .. أخذها بين ذراعيه وضمها اليه بحنان وهو يسألها بقلق
– هل أنت بخير .. هل تأذيت ؟
ألقت مرام بذراعيها حول عنقه وأجهشت بالبكاء بحرقة .. راح يمسح على ظهرها برقة
– هشششش .. أهدأي .. ستأذين نفسك هكذا .. قال الطبيب أن المجهود والأنفعال سيضرون بك وبالطفل .
– أي طفل ؟
وقف صالح مصدوما ومذهولا مما سمع وعندما لم يجب عليه أحدهما عاد يقول بحدة
– قلت أي طفل هذا الذي تتحدثان عنه ؟
نظر اليه والدها موبخا
– طفلكما .. ألم تخبرك مرام بأنها حامل .
تجمد صالح فى مكانه وهو شاحب الوجه فى حين أحاط والدها بكتفيها وسحبها تجاه الفراش
– تعالي .. تمددي على السرير .. أحضرت لك الفيتامينات .. لقد نسيتها فى السيارة فعدت من أجلها .
لم تكن تشعر بأطرافها ووالدها يساعدها على الأستلقاء فى الفراش ثم أستدار الى صالح الذي مازال واقفا كالحجر فى مكانه وقال بعدوانية
– أتركها تستريح .
كان يقف فى وجهه بتحفز .. انسابت دموع مرام من جديد مع ابتسامة حزينه وهي تقول فى نفسها .. أين كنت من زمان ؟
خرج صالح بلا جدال وأثار الصدمة مازالت على وجهه .
عاد والدها اليها ودثرها جيدا رغم حرارة الجو ولكنه أصر ولم تعترض فقد كان هناك قشعريرة برد تنتابها من حين لآخر
– هل تحتاجين لشئ تشربيه أو تأكليه .
هزت رأسها نفيا وقالت بأعياء
– أريد فقط أن أنام .
ناولها كوب ماء وأصر عليها أن تشرب القليل منه ثم قال
– نامي واستريحي .. وسأطلب من أم عبيد أن تتفقدك وتحضر لك الغداء الى هنا .
وأستدار ليخرج فنادته
– بابا .
ألتفت اليها بسرعة وسألها بلهفة
– نعم ؟
قالت بضعف
– أنا لست مثل أمي كما كنت تعتقد .. ولست مثل جدتي أيضا كما كان خالي يقول … أنا فى الحقيقة .. مثلك أنت .. قادرة على منح قلبي لمن لا يريده .
****
عندما خرج أحمد من غرفة مرام كانت مشاعره مشحونة .. لم يجد صالح فى أي مكان فتوجه الى غرفة نومه ليتكلم مع نهال ويشكو لها ما فعله صالح بأبنته الحامل
أستقبلت نهال الخبر بصدمة وقالت
– لا اله الا الله .. حامل ؟
– نعم .. ودخلت ووجدته يصفعها .
نظرت اليه بحيرة
– ولماذا يفعل صالح هذا ؟
قال بعصبيه وهو يلوح بيده
– لا أعرف ولكنني لن أسمح له بأن يمد يده عليها مرة أخرى .. أنها أبنتي وكرامتها من كرامتي .. وهي كذلك حامل .
قال الجزء الأخير من جملته بفخر وظلت نهال تشعر بالذهول من تدابير القدر ففى الوقت الذي كانت تشعر فيه بالقناعة والرضى لقرب أنتهاء ذلك الزواج الذي يتآكل شقيقها من الداخل ويحزنه .. تصبح مرام حامل .. وتساءلت أين صالح وما موقفه مما يحدث ؟
****
هرب الى حجرة الحديقة
الى صومعته التى قضى فيها أسوأ لياليه .. ليعود نفسه على بعادها ويسحب سمها من شرايينه بالتدريج وظن أنه كاد ينجح الى درجة جعلته يصارح شقيقته برغبته فى تطليق مرام وليرى ردة فعلها على قراره .. ومن داخله كان صوت ضعيف يدعو لأن تعارضه ولكنه وجدها مرحبه فاعتراه الفزع والخوف .. ولكن لم يعد هناك مجال للتراجع .. فقد وجد أنه أسلم طريق لكي تستقيم حياته مرة أخرى ويبدأ حياة جديدة مع انسانه واضحه لا تعقد حياته وليس لها تأثير مهلك على قلبه وعقله .
ولكن .. كيف سيتركها الأن ؟ أنها حامل بطفله .. ولكن كيف وهي تأخذ تلك الحبوب التى تمنع الحمل الا اذا كانت قد أمتنعت عن أخذها عن عمد وهذا معناه أنها تريد البقاء معه … هز رأسه رافضا أن يصدق أو يعشم نفسه بوهم آخر .. ربما حملت رغما عنها فمعظم هذه الوسائل ليست مضمونه مئة بالمئة .. رفع يده التي صفعها بها ونظر اليها بكره .. لقد غضب فى الأساس لأنها أستمعت الى شئ لم يكن يود أن تستمع اليه بتلك الطريقة .. جرحته نظرة الألم فى عينيها .. كانت هشة وبدت بالفعل ضعيفة ومريضة فأستقوى عليها بدلا من تطيب خاطرها .
جلس بجسد منهك ودفن وجهه بين راحتيه .. لا يعرف اذا ما كان عليه أن يفرح لأنه وجد حجة كي يبقها معه أو يلعن حظه ففى الوقت الذى استجمع فيه شجاعته أخيرا وقرر محاربة ضعفه وذل نفسه عاد ليبدأ دوامة الألم من جديد .
****
كرهت أم عبيد ..
تستطيع أن تتحمل نظراتها المحتقره والغاضبة ولكنها عاجزة كلياعن تحمل أهتمامها
.. كانت تحوم حولها ليس كحارس الأمن كما كانت تلقبها فى سرها ولكن كالدجاجة الأم .. تذهب وتجئ محملة بالطعام والشراب .. وكل شئ تراه مفيد لأمرأة حامل بحاجة الى تغذية جيدة تجلبه لها …
وكان آخر شئ ترغب به مرام هو الطعام .. وها هي تكره الأهتمام أيضا بعد أن كانت تتمناه .
أعتادت على تغير معاملة والدها لها .. وفوجأت بأنه هو من يمنع صالح من زيارتها حتى تهدأ أعصابها التى أنهارت بسببه فشعرت تجاهه بالأمتنان ..
وكان يعود من العمل كل يوم مبكرا ويتصل على هاتف البيت ليطمأن عليها أثناء وجوده هناك وقد خفف ذلك من بؤسها قليلا ..
باركت لها نهال على الحمل ولكنها لم ترى فرحة حقيقية فى عينيها رغم أنها أجتهدت فى ذلك ولو لم تكن مرام قد أستمعت الى حديثها مع صالح لظنت أنها سعيدة حقا .
ولكي تتجنب رؤية صالح .. كل ليلة عندما تأتي الساعة السابعة تذهب الى غرفتها فهذا هو موعد عودته الى البيت .. لا ترغب فى مواجهته وقد واظبت على فعل ذلك خلال الأيام الماضية .. تخشى من رؤية رفضه لها ومرارته لأنها أفسدت عليه ما كان يخطط له ولكنه هذه الليلة سعى خلفها ووجدته أمامها فى غرفة نومهما وكانت ممدده على الأريكة المواجهة للتلفاز الذي كان مغلقا فى هذه اللحظة.
سألها وقد بدا متوترا ومرهقا
– كيف حالك ؟
ها قد بدأنا من جديد .. هكذا فكرت بحنق
– بخير .. أنا بخير .
وضع يديه فى جيب سرواله
– والحمل .. كيف هو ؟
وجدت عيناه تستقر على بطنها فتتبعت نظرته ثم قالت بحنان رغما عنها فهكذا تشعر كلما فكرت بطفلها
– جيد .
رفعت وجهها فألتقت نظراتهما .. خفق قلبها أستجابة لنظرة الشوق فى عينيه حاولت ابعاد عيناها عن عينيه وفشلت وقد عكست عيناها شوقا يائسا لشوقه .. وفكرت ببؤس ألا نهاية لغباءها هو لا يهتم سوى برغباته ولا يهتم بها حقا ولم تكن تدري أن صالح يوجه لنفسه نفس اللوم فما أن يراها حتى ينفجر شوقه اليها بطريقة يائسه وهو يكره أن ترى ضعفه تجاهها .
مالت الى الأمام وتناولت جهاز التحكم عن بعد من فوق المنضدة لتجد شيئا تلهي به نفسها ومع ارتباكها سقط على الأرض .. انحنت لتأتي به ولكنه سبقها اليه قائلا بصوت أجش
– لا .. لا تنحني أنت .
رفعت حاجبيها بدهشة وتراجعت الى الخلف , أعتدل وهو يناولها اياه فأخذته منه وهي مازالت على دهشتها .. تراجع الى الخلف وجلس على المقعد المجاور لها
– آسف لأنني صفعتك .
صفعته لم تؤذها كما فعلت صفعته لقلبها وكرامتها .. الشعور بالغدر شيئا قاسيا حقا .. فهل هكذا شعر عندما ظن أنها كانت تتآمرعليه مع فودة وأنها كانت تنوى تركه بعد أن تنتهي من حاجتها اليه ؟ .. هل أحترق قلبه وتألم عندما ظن أن فى حياتها رجال آخرين وأنها لم تحبه أبدا ؟ .. هل حطمت بذلك كبرياءه وأهينت كرامته ولهذا كرهها ؟
– ممارسة العنف ضد النساء لم يكن من شيمي يوما .
كان صوته متكدرا حقا فنظرت اليه بتمعن ورأت الندم على وجهه وتابع بمرارة ساخرة
– لكنك قادرة على أخراج أسوأ ما في طباعي .
وعندما ظلت صامته سألها
– متى سوف تذهبين الى الطبيب ؟
سألته بحذر
– لماذا تسأل ؟
أحمر وجهه قليلا وقال
– حتى أذهب معك .
قالت بعنف
– لا .. لا أريدك أن تذهب معي .
ضاقت عيناه عليها بحده وسألها بجمود
– ولماذا لا تريديننى أن أذهب معك ؟
حتى هي لم تعرف سبب رفضها .. ربما لنفس السبب الذي يجعلها تتجنب رؤيته .. لأنها مازالت غاضبة مما سمعته يقوله ولا تريده أن يفرح برؤية طفلها , فقالت بارتباك
– هكذا فقط .. لا أريد .
قال بأنفعال وقد عاد غضبه للأشتعال
– ربما كنت كاذبة ولست حامل بالمرة وتخططين لخداعي من جديد .. وقد أخترعت هذه الكذبه عندما علمت بأنني سأتركك .
حدقت فى وجهه بذهول فتابع بأحتقار ومرارة فى عينيه
– بالطبع .. فحبيبك فى السجن ووالده قد أكتشف حقيقتك من ابنه فلم يتبقى لك غيرى .. فأمثالك كالعلقة تلتصق بظهر الرجل ولا تخرج الا بدمه .
وقفت عن الأريكة بجسد يرتجف من شدة الغضب وأعصاب معدتها تتشنج وتلتوي
– أخرج من هنا .
وقف بدوره وقال بحدة
– لا تأمريني بالخروج من غرفتي ولا من أي مكان أملكه .. أريد أن أعرف الحقيقة والأن .
صاحت به ودوع الغضب تترقرق فى مقلتيها
– الحقيقة أنني أصبحت أكرهك .. ولا أريد البقاء معك .
أشار الى بطنها
– ليس قبل أن أتأكد من أنك تحملين طفلي حقا .
– فى كلتا الحالتين .. لا أريد الأستمرار معك .
صرخ بشراسه
– أرحلي كما تشائين ولكن من دونه .
سقطت جالسة مرة أخرى على الأريكة وهي تحتضن نفسها فقد ضعفت ركبتاها وهو يتابع بلا رحمة
– لن أسمح أن يربى طفلي على يد شخص مثلك .
مع ذهولها لم تستطع استيعاب كلماته الا ببطئ شديد فعاد يسأل بهدؤ أكثر وبنظرة تهديد
– متى موعدك مع الطبيب ؟
فأجابته بصوت بالكاد سمعه .
****
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غابت شمسها)