روايات

رواية غابت شمسها الفصل الحادي عشر 11 بقلم مايسة ريان

رواية غابت شمسها الفصل الحادي عشر 11 بقلم مايسة ريان

رواية غابت شمسها الجزء الحادي عشر

رواية غابت شمسها البارت الحادي عشر

غابت شمسها
غابت شمسها

رواية غابت شمسها الحلقة الحادية عشر

راح يدور حول نفسه كالوحش الكاسر .. يرغب فى التكسير والتدمير وان استطاع .. القتل .. طوال سنوات عمله فى الجهاز الأمني لم يخترق رصاص مسدسه جسد انسان .. كان دائما يتفادى اراقة الدماء ولكن اليوم ود لو كان يحمل سلاحه ليفرغ طلقاته في قلبيهما معا .. رؤيته لهما معا فى غرفة نومه حتى وان كانا لا يفعلان شيئا كان حارقا لعقله وقلبه .. لم تكن ترتدي أسفل ذلك المئزر شيئا يذكر .. فكم من رجل غيره رآها هكذا ؟ حتى وان أنكرت اتهام صديقها .. ويقينه من كونها كانت عذراء عندما تزوجها .. لكن لا شئ يمكن أن يشفع لها .. لم يعد يثق فيها ولا يأمن جانبها .. فهي مخادعة .. كانت تعيش حياة ماجنة .. تتاجر فى المخدرات .. تسعى وراء الرجال من أجل المال .. لقد كذبت عليه وضحكت من وراء ظهره .. مرام لم تحبه أبدا .. كم كان مغفلا أحمق منساق وراء مشاعره لاغيا عقله .
نظر الى باب الغرفة المغلق بمرارة شديدة وغضب وراح يستعيد بداية غزو الشك لعقله .
كانت بدايته فى ذلك اليوم الذي قضياه فى القاهرة ولكنه سرعان ما عاد وأنب نفسه على سؤ ظنه وأرجع الأمر حينها الى أنه طيش فتيات وأنها صغائر لا يجب أن يقف عندها وبعد أن تم الزواج كان مقتنعا بأن مرام تبادله مشاعره وظن نفسه قد وصل الى قمة سعادته .. عند هذا الحد ابتسم ساخرا من نفسه بمرارة فتلك الحية الجميلة الناعمة عرفت كيف تؤدي دور الحبيبة المدلهة بحبه .
وبعد الرحلة البحرية وذلك اليوم الرائع الذي قضياه معا .. عادا الى الفندق وترك مرام قرب المصعد وذهب ليحجز للعشاء وعندما رجع لم يجدها فى أنتظاره , رجح أنها لابد وقد سبقته الى غرفتهما فوقف ينتظر نزول أحد المصعدين .. هبط أحدهما ليخرج منه شاب بشعر بني فاتح .. لم يكن وجهه بغريب عليه فقد رآه فى مكان ما .. لم ينظر الشاب اليه وخرج من المصعد بسرعة وقد بدا عليه التوتر وخطواته متعجلة وغير ثابته , دلف صالح الى المصعد عاقدا حاجبيه يعصر ذاكرته ليتذكر أين رآه من قبل .. وراح يتابعه بنظراته والباب يغلق ببطئ ومن ظهره تعرف عليه .. أنه ذلك الشاب الذي رآه فى الكاميرات عند المطعم وكان يتشاجر مع ليلي صديقة مرام وعلى الفور عاودته ذكرى اليوم الذى تعرضت فيه مرام للأعتداء.. أنه هو نفسه .. تجمد الدم فى عروقه وكان بين خيارين أن يسرع خلفه ويقبض عليه أو يصعد بسرعة الى الغرفة ليطمئن على مرام .. وبالطبع أختار الخيار الثاني وكان يجري كالمجنون بعد خروجه من المصعد يخشى أن يصل قبل فوات الأوان ويكون هذا الشاب قد أذاها ولكنها كانت بخير وفى غرفة الحمام وبعدها راح عقله يعمل بهدؤ وبروية ليفسر ويحلل تلك الأحداث ومن المهم أن لا يتسرع ويظلمها ويشوه السعادة التى يعيشها الأن مع زوجته .
أتصل بأحد أصدقاءه القدامى فى الجهاز الأمنى وسأله عن من يتولى مكتب الجونة من زملاءهم فأعطاه أسم رفيق لهما فاتصل به صالح على الفور وأخبره عن الشاب وأعطاه مواصفاته والساعة التى خرج فيها من الفندق فوعده زميله بأن يتحرى له عنه ويبلغه بالنتائج .. وبقية اليوم حاول صالح أن يتعامل بطريقة عادية مع مرام وأن لا يستبق الأحداث .. وبعدما عادا الى الفندق فى الثانية صباحا كانت مرام متعبه بسبب الرحلة البحرية والسهر لوقت متأخر فأوت الى الفراش على الفور ونامت بعمق , أخذ صالح هاتفه وهو ممدد بجوارها على الفراش وراح يتفقد الرسائل فوجد رسالة من زميله يخبره فيها عن التحريات المبدئية وقد وقعت على رأسه كدلو ماء بارد
( أسم الشاب فودة عصام النجار .. ابن رجل أعمال سكندري .. شاب فاسد ومدمن وهارب من بيت والديه منذ أكثر من شهرين وقد قاموا بعمل محضر بأختفاءه .. تحوم حوله شبهات لعلاقته بتجار مخدرات وهم يبحثون عنه لسبب غير معلوم حتى الأن .. كانت تربطه علاقة عاطفيه بأحدى الفتيات تدعى مرام أحمد سلام كانت زميلته أثناء الدراسة .. وجاري جمع المزيد من المعلومات )
ترك صالح غرفة النوم وألقى بجسده على الأريكة بتعب .. فحتى ذلك الوقت لم يكن الأمر سيئا جدا ربما أحبها الشاب وأحبته فى مرحلة ما .. وراح يضع لها المبررات ويلتمس لها الأعذار وأرجع أخفاءها الأمر عنه لخوفها وعدم ثقتها به ولكن بعد أن غفت فى أحضانه على الأريكة وجد هاتفها بجواره وكان مغلقا كما أعتادت أن تتركه فحملها ووضعها فى الفراش وعاد الى الهاتف ودون لحظة تردد فتحه وقلبه يدق بسرعة بسبب الخوف مما قد يعثر عليه فيه .. ووجد بسهولة كل الرسائل المتبادلة بينها وبين ذلك المدعو فودة .. لم تكن رسائل حب كما توقع ولكنها رسائل تهديد ووعيد ومطالبته الدائمة لها بشئ يخصه وتحمله معها وربط بسرعة بين رسالة زميله بأن للفتى علاقة بتجار مخدرات يبحثون عنه وبين تلك الأمانة التى مع زوجته والتى وعدته فى رسالة أرسلتها له بتاريخ اليوم أنها سوف تسلمها له غدا .
أسرع صالح من فوره الى غرفة النوم يقوده حدثه ، وبعد ن تأكد من أن مرام غارقة فى سبات عميق جذب حقيبة ملابسها والتى كانت تقوم بفتحها كل ليلة دون سبب برغم أنها فارغة .. ووجد لفافة وضعت في جيب الحقيبة الداخلي .. وبنظرة خبيرة لما فى داخلها عرف على ما تحتوي بالضبط ..وهنا تذكر تلك الليلة التى قرر أخذها فيها الى بيته والحالة الغريبة التى أنتابتها عندما صادفهم كمين الشرطة على الطريق .. بالطبع لقد أنهارت لأنها كانت تحمل معها المخدرات فى حقيبتها .
لم يستطع النوم وقرأ بقية الرسائل وكانت من بينها رسائل والد فودة فتوالت الصدمات على رأسه .. لقد هاله أن تكون زوجته قد وعدت ذلك الرجل بالزواج وهو الى جانب ذلك يكون والد حبيبها !!! وهنا رن فى رأسه قول الشاب ( أنها سافلة لا يهمها ان جمعت بين الأب وابنه ) .
بعد ساعة من قراءته للرسائل ورؤيته للمخدرات كان صالح يجتمع بزميله ذاك فى مشرب الفندق وأطلعه على كل شئ ولكنه كذب فى شئ واحد أن زوجته هي صاحبة البلاغ وأن صديقها ورطها فى الأمر دون معرفتها ويقوم بتهديدها وأكد عليه أنه لا يريد أن يزج أسمها فى القضية حتى ولو على سبيل الشهادة ثم راحا معا يتفقان على خطة للايقاع بفودة والتجار الأخرين على أن تبقى مرام خارج القضية .. لم يكن يحاول تبرئة ذمتها لأنه يخشى عليها ففي تلك اللحظات كان يكرهها ويود بشدة أذيتها ولكنه لن يرتاح ان لم يفعل ذلك بيديه .
وبعد ساعات .. فى الصباح أتصل به زميله وأخبره أن فودة يحوم حول الفندق فخرج صالح من الفندق بعد أن خبئ المخدرات وقصد أن يجعل فودة يراه وهو مغادر حتى يدفعه للصعود لجلب المخدرات بنفسه .. وكان قد خبأ المخدرات لحاجة فى نفسه .. فهو يرغب بشدة فى بث الخوف بقلبيهما عندما يجدا أن المخدرات قد أختفت وتدرك مرام بأنها لم تستطع خداعه كما تمنت .. أراد أن يضبطهما معا ويجعلهما يعانيان بشدة . وكما توقع فور أن رآه فودة يغادر صعد الى الغرفة عند زوجته ولحق به صالح بعد قليل ليحدث ما حدث .
رن جرس الهاتف فرد صالح بتثاقل وكان زميله
– لقد تم الأمر .. ألقينا القبض على فودة وأثنين آخرين ومعهما المال والمخدرات .
هز رأسه وقد شعر بجزء من ناره تبرد ولكن ليس معظمها .. مازال غضبه متقدا وانتقامه الحقيقي لم يبدأ بعد .
****
راحت مرام تتأمل وجهها الشاحب والذى أصبح غريبا عليها .. بل هي كلها قد أصبحت غريبة عن نفسها فما تعيشه لا يمكن تصديقه .. ما هذا الذى حدث ؟.. فى أي كارثة قد أوقعت نفسها ؟.. فقط لو كانت تعرف أنها ستحب صالح بتلك الطريقة .. لوكانت تثق وتؤمن بأنها يمكن أن تجد الحب والأمان مع شخص ما لتوخت الحذر ولما تورطت مع فودة أو مع والده
أنها بحاجة لفرصة .. لقد تغيرت .. تشعر بذلك من داخلها فلم لم يمهلها القدر ويعطيها تلك الفرصة .. فبمجرد أن بدأت تسعد وترتاح ينفجر كل شئ فى وجهها وينسف أي أمل لها فى أن ترتاح .. عادت الدموع تنساب من عينيها وتغرق وجهها الذى قد تشبع بالفعل من كثرة البكاء .
نظرت الى الباب المغلق وتساءلت .. ما الذي ينوي أن يفعله بها ؟ قال أنه لن يسلمها للشرطة وقال أيضا أنه لن يتركها تذهب كي يتثنى له الأنتقام منها .. أرتجفت عندما تذكرت نظراته اليها .. ليست نظراته وحدها .. كل شئ فيه كان ينضح بكراهية شديدة لها .. فهل هذا صالح ؟ لا .. أنه لم يعد صالحا .
****
تقدمت منه بخطوات مرتعشة راغبة فى الشرح فربما يتفهمها .
كان يجلس كعادته على الأريكة مواجها للشرفة .. يجلس كتمثال من الرخام لا تصدر عنه حركة أو صوتا سرت فى جسدها قشعريرة باردة فضمت جسدها بذراعيها وقالت بصوت أبح تحاول فتح نقاش معه
– هل .. هل سنعود الى البيت ؟
مرت لحظات لم تتحرك به شعرة وبعد فترة أجابها بسخرية لاذعة
– هل تريدين أنهاء شهر عسلنا بهذه السرعة ؟
أرتجفت شفتاها بمرارة .. لم يعد شهر عسل .. لقد أصبح شهر مر وعلقم
– هل سنبقى اذن ؟
أدار رأسه قليلا ونظر اليها من طرف عينيه وقال بتشفي
– لقد تم القبض على حبيبك وأصدقاءه .
شهقت بصدمة فقد نسيت أمر فودة تماما
– فودة ؟ .. لا .
هب صالح عن الأريكة وفى ثوان كان قد أصبح أمامها فلم يتثنى لها الوقت كي تهرب .. للمرة الثانية تثيره بخوفها الذى لم تستطع مداراته على حبيبها , قبض على أعلى ذراعيها بقسوة وهو يقول بشراسة
– هذا تحذير أخير .. من الأن فصاعدا لن أسمح لك بنطق أسم ذلك الحقير والا سأجعلك تندمين .
كانت شبه واقفة على الأرض تلامسها بأطراف أصابعها وكان جسدها يرتجف بشدة ووجهها صورة حية للرعب ومع ذلك لم تجد الرأفة بها طريقا الى قلبه وتابع ساخرا باشمئزاز
– الى الأن لم يذكر حبيبك أسمك فى التحقيقات رغم معرفته بأنني أنا من وشى به.. يبدو أنك غالية جدا على قلبه ليتحمل العقاب بمفرده .
ثم تركها بغته فهوت بركبتيها على الأرض
واستطرد
– سيكون هذا مكانك دائما .. تحت قدمي .
توجه الى الباب وقبل أن يخرج استدار اليها قائلا
– لا تفكرى فى الهرب .. فمازلت عند وعدي بأن ألقي بك فى السجن دون لحظة تردد واحدة ان فكرت بذلك .. لن أوصد عليك الأبواب ولن أضع حولك الحراس ولكن فقط .. سأتركك تتخيلين حبل المشنقة وهو يلتف حول رقبتك … أو تفكرين فى ما قد تفعلينه بربع قرن ستقضيه فى زنزانة ضيقة داخل جدران سجن النساء .
ثم خرج وأغلق الباب وظلت مرام كما هي تحدق فى اثره بنظرات زائغة وأى فكرة لديها بأنها قد تجد فيه جانبا من اللين ليستمع لها قد تحطمت .
****
هاجمتها الكوابيس وأمسكت بخناقها .. لليوم الرابع على التوالي وهي على هذه الحال
لا تهنأ فى نومها أبد .. نظرت الى صالح النائم بجوارها بحسرة ومرارة .. لقد أصبحت تخاف منه .. لم يعد آمانها .. أصبح جلادها .. لم تعد لمساته حنونة ..أصبحت خشنة وغير صبورة .. همساته الناعمة تحولت الى زمجرة غاضبة .. أي أعتراض منها يغضبه ويكون حجة له لمعاودة أذلالها .. كان يأخذها معه فى كل مكان يذهب اليه ولكن غير مسموح لها بشئ سوى السير بجواره فقط وغير مسموح لها بالكلام الا لتقول حاضر ونعم حتى الأكل كان يطلبه لها دون سؤالها وفي احدى المرات أخذها الى مطعم لتناول الغداء فطلب حمام مشوي لكلاهما فقالت بعفوية
– أنا لا أحب الحمام المشوي .
فنظر اليها بقسوة وقال
– ومع ذلك ستأكلينه .
عبس النادل الذي كان يقف منتظرا طلباتهما ورمقها بنظرة آسفة فلاحظ صالح نظرته اليها فقال للشاب بحدة وغلظة
– هل بك شئ ؟
أحمر وجه الشاب وقال بتجهم
– لا سيدي .. سأحضر الطلب حالا .
وانصرف النادل ولاحظت مرام أن شاغري المائدة المجاورة نظروا ناحيته بأنزعاج
ثم اليها باشفاق فوددت لو تنشق الأرض وتبتلعها فقال لها صالح ساخرا
– هذا لأنهم لا يعرفون عنك ما أعرفه .. ماذا سيكون ردة فعلهم فى رأيك لو أطلعتهم على سجل حياتك المشين ؟
شحب وجهها وأطرقت برأسها وعندما جاء الطعام أكلت وكل لقمة كانت تعبر حلقها وكأنها تحرقة .
وعلى هذا الحال كانت أيامها أما عن لياليها فكانت المصدر الأساسي لكوابيسها وأرهاق روحها .. فكان بها يلهو .. يجد متعته فى نزع الأستجابة منها ثم يمتنع عن أرضاءها ليستمتع برؤية أحباطها .. وأحتراق الشوق بجسدها .. ودموع الذل وهي تملأ عيونها .
والليلة كانت الأهانة أقوى وأذل ..
خرجت من الحمام بعد عودتهما من الخارج ووجدته كالعادة فى أنتظارها وكانت قد قررت بعزم أن لا تستجيب له هذه الليلة وأن تبقى باردة بين يديه حفاظا على كرامتها فراحت تحث نفسها على التفكير بمعاملته السيئة لها طوال الوقت حتى تظل باردة ولا تعطيه المتعة فى أحباطها .
وقد نجحت فى البداية .. عندما أقترب منها وأخذ يداعبها ويضمها اليه ظل جسدها مسيطيرا على انفعالاته فقد كانت تفكر فى نظراته المهينه .. كلماته الجارحة .
استفز صالح عدم استجابتها له فراح يعبث بجسدها بجرأة أكبر تؤلمها وتمتعها خشونة يديه عليها وهو يهمس لها بكلمات كلها أغواء .. وبرعب وجدت حصونها الهشه تتداعى وكأنها قد صنعت من قش .. واستسلمت .. ضاربة بعرض الحائط كل الخطط التى وضعتها لمحاربة ضعفها وحاجتها اليه .. وفجأة أبتعد عنها تاركا اياها ترتجف شوقا , وقال ببرود ساخر وهو يشيح بنظره بعيدا عنها بلامبالاة
– تبدين متعبة .. سأتركك تنامين وترتاحين هذه الليلة .
قالت بصوت مرتجف وهي تسحب الشرشف على جسدها
– أنا أكرهك .
فضحك بقسوة وسألها
– وهل أحببتني يوما ؟
ثم أولاها ظهره ونام ولم يسأل فى دموعها .
مر وقت طويل حتى غفت مرام ولكنها ها هي تستيقظ مرة أخرى خلال الليل وهي تشعر بالأختناق وكأن أحدا قابضا على عنقها يمنعها عن التنفس .. بحثت بجوار الفراش عن زجاجة ماء فلم تجد .. تحرك صالح فى الفراش منزعجا ولكنه كان مازال نائما فنهضت بخفة وحذر كي لا توقظه وفتحت الثلاجة الصغيرة وأخرجت منها زجاجة ماء وبعد أن شربت لم تجد لديها الرغبة فى العودة الى النوم فخرجت عل أطراف أصابعها وأغلقت الباب بهدؤ شديد من وراءها .
فتحت باب الشرفة وتقدمت الى الداخل غير عابئة للنسمات الباردة التى راحت تخترق مسام ثوب نومها الرقيق وتخز جلدها الساخن .
صفا ذهنها وخلا لبعض الوقت من آلام نفسها فأرادت المزيد من الراحة فتقدمت من سور الشرفة وصعدت بقدميها على الأفريز فأصبح نصف جسدها العلوى فى الخلاء بلا حاجز يحميه وفتحت ذراعيها تستقبل النسمات الباردة لتقتحمها أكثر وأكثر وقد أغمضت عينيها ورفعت وجهها الى السماء وفكرت بمرح ساخر .. ربما تكون هذه احدى حركات اليوجا فما تفعله الأن يعطيها شيئا من السلام الداخلي هي بحاجة اليه …
أحاطت بها ذراعان قويتان أجفلتاها وجذبتاها الى الخلف بغتة جعلتها تصرخ بفزع ولكن صالح لم يمهلها الوقت حتى لكي تتنفس وأدارها بين ذراعيه صارخا بوجهها
– هل تريدين قتل نفسك ؟ .. تعيشين مستهترة وتموتين كافرة ؟
أرادت أن تنفي تهمته وتؤكد له أن فكرة الأنتحار لم تخطر لها على بال أبدا ولكنه راح يصيح ووجهه شاحبا بشدة وجسده يرتجف بشكل ظاهر
– كيف تجرؤين .. كيف تجرؤين على ..
ولم يستطع اكمال جملته وضمها اليه بقوة وكأنما أراد صهرها على صدره فاستمعت بطرب الى طنين قلبه الصاخب ودون كلمة أخرى حملها الى غرفة نومهما فلم تضيع وقتها بالشرح له أو بتحليل معنى تصرفة ونامت بين ذراعيه نوما عميقا لا تتخله الأحلام ولا تنغص سباته الكوابيس .
****
ما الذي فعله بحق الله .. كيف ضعف بتلك الطريقة وأظهر المشاعر التى أقسم أن يوئدها بداخله الى الأبد .. لكن عندما رآها تقف بتلك الطريقة على الشرفة مقدمة على قتل نفسها شعر بأن روحه تنسحب من داخله واسودت الدنيا أمام عينيه وفكرة واحدة سيطرت على رأسه بأنه سيلقي بنفسه وراءها ان فعلت .. لن يعيش فى هذه الدنيا من دونها ولم يفق من سكرته هذه الا وهو يتأملها وهي تنام بوداعة متوسدة صدره وبسمة هادئة تستريح عند زاوية شفتيها فعادت النار لتشتعل فى رأسه نادما على لحظات ضعفه وأقسم ألا يعيدها ورغم ذلك لم يبعدها عنه واحتفظ بها قرب قلبه.
****
– سنرحل اليوم .
جلست على الفراش تفرك عينيها الناعستين ثم نظرت اليه , كان يرتدي ملابس الخروج ويخرج بقية ملابسه من الخزانة ويضعها فى حقيبة سفره , تبقى يومان على أنتهاء الأجازة وقد كان مصرا على البقاء حتى نهاية الحجز فماذا حدث وجعله يغير رأيه فسألته
– هل حدث شئ سيئ فى البيت ؟
رد باقتضاب
– لا .. ولكنني مللت من البقاء هنا .
ثم انشغل بوضع ملابسه فى الحقيبة وعندما أطالت المكوث فى مكانها صاح بها بحدة
– أسرعي والا سوف نتأخر على الطائرة .
خرجت من الفراش وذهبت الى الحمام وهي تتساءل أين ذهبت رقته معها بالأمس ؟
وعندما خرجت من الحمام باشرت فى تحضير حقاءبها وكان هو قد خرج من الغرفة فغلفها الحزن لقد ظنت للحظات بأنه صفح عنها وعاد يحبها من جديد ولكن ما تراه منه الأن يجعلها تظن بأنها كانت فاقدة الحس لتعتقد شيئا كهذا .
تناولا أفطارهما بسرعة وجاء الحمال لأخذ حقائبهم وقبل أن تخرج مرام من الغرفة للمرة الأخيرة نظرت حولها بمرارة .. لا تصدق كمية الأحداث التى حدثت هنا خلال بضعة أيام فقط وها هي ذاهبه الى مكان آخر لا يريدها فيه أحد ولا تعرف كيف ستعامل فيه بعد أن فقدت حماية ودعم أهم ركائزه .. صالح .
****

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غابت شمسها)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى